مغامرات الصحافة الحرة والأربعين شرطى
تفاصيل ٤ ساعات من قمع الصحافة
القصة الكاملة لاقتحام "مدى مصر" واحتجاز صحفييه.. والقبض على ٣ بينهم رئيسة التحرير ثم إطلاق سراحهم
4 ساعات قضاها صحفيي موقع " مدى مصر" داخل مقر عملهم في وجود قوات الأمن ، وسط تساؤولات عن سبب احتجازهم، خاصة وأنهم لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم يمارسون مهنة الصحافة التي أصبح النظام الحالي يقمعها بشتى الطرق.
وكشف موقع "مدى مصر" في بيان له، عن تفاصيل اقتحامه واحتجاز فريق العمل داخل مقر الموقع وذلك من خلال صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، واستجوابهم وفتح هواتف البعض وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.
وغادرت قوات الأمن الموقع، لكنها اعتقلت 3 صحفيين بالموقع هم :"لينا عطا الله رئيسة تحرير الموقع، ومحمد حمامة، ورنا ممدوح"، وتم اقتيادهم لجهة غير معلومة.
إخلاء سبيل
ولم تلبث ساعات على اعتقال الصحفيين الثلاثة حتى نشر الموقع إطلاق سراحهم من قسم شرطة الدقي. وخلال فترة احتجازهم نقل الموقع عن محاميه إطلاق سراح شادي زلط الصحفي بنفس الموقع أيضا دون ذكر أي تفاصيل.
كيف تم الاقتحام
وكان موقع "مدى مصر" حريصا على كشف تفاصيل واقعة الاحتجاز التي استمرت قرابة الأربعة ساعات، من خلال البيانات نشرها بصفة مستمرة على صفحته وقت وقوع الحادثة.
وجاء ملخص الواقعة كالآتي : "في حوالي الواحدة والنصف من ظهر اليوم، اقتحم 9 عناصر من قوات الأمن بملابس مدنية مقرالموقع بالقوة، صادروا فورا كافة هواتف وأجهزة كمبيوتر الموجودة في المكتب. ولدى سؤالهم عن هويتهم رفضوا إخبارنا غاضبين".
جمع هؤلاء بطاقات الهوية الخاصة بالفريق، وجمعوا الزملاء في غرفة الأخبار. كتبوا بيانات كل الموجودين، وطلبوا من بعضهم فتح الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، بحسب مانشره الموقع.
وطلبت الزميلة رنا ممدوح إجراء مكالمة هاتفية للاطمئنان على خروج أطفالها من المدرسة لكن القوات رفضت.
مرت ثلاث ساعات على ذلك، تخللهم استجواب دوري من قبل أشخاص مختلفين لرئيسة التحرير لينا عطالله والصحفي محمد حمامة. كذلك تم استجواب زميلينا في القسم الانجليزي إيان لوي وإيما سكولدنج، وأيضا زميلين آخرين من قناة فرانس 24، كانوا قد وصلوا إلى المكتب لعمل تقرير عن اعتقال زميلنا شادي زلط.
بالاضافة الي ذلك، حاول ممثلان من السفارة الفرنسية الدخول إلي المكتب، للاطمئنان على مراسلي القناة الفرنسية، لمدة ساعة و تم منعهم. و في حوالي الساعة ٤:٣٠ م، ظهر المزيد من رجال الامن وطلبوا من لينا عطاالله ومحمد حمامة ورنا ممدوح الخروج من غرفة الاخبار وجمعوا اغراضهم والتي شملت هواتفهم واجهزة الكمبيوتر الشخصية.
قال أحد أفراد الامن بملابس مدنية لباقي الفريق إن زملائهم تم ترحيلهم علي النيابة ولم يجب على أي أسئلة توضح أية نيابة أو هويته و هوية الجهة التي يتبعها.
وبحسب شهود عيان، تم ترحيل بعض أعضاء فريق عمل مدي مصر في ميكروباصات كانت متوقفة خارج المكتب ووقف احدهم في قسم شرطة الدقي.
وعقب اعتقالهم، حاول محامي "مدى مصر"، وأحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين دخول القسم للاطمئنان عليهم ، وكان قد تم إطلاق سراح باقي الأعضاء.
وأثناء محاولة المحامين معرفة مكان احتجازهم والاطمئنان عليهم، تم إخلاء سبيل الصحفيين الثلاثة.
كردون أمني
وبحسب محامي المفوضية المصرية للحقوق والحريات، الذي انتقل لمقر موقع "مدى مصر" لتقديم الدعم بعد اقتحام الأمن للمقر واحتجاز جميع الصحفيين والعاملين به. فوجئ بوجود كردون أمني في الشارع الذي يقع به المقر، فضلا عن قوات أمن أمام بوابة العمارة تمنع أي شخص من الصعود.
القبض على شادي
وجاء اقتحام الموقع بعد يوم واحد من اختطاف الصحفي بالموقع "شاي زلط"، حيث ألقي القبض عليه فجر أمس السبت، دون علم أسرته بمكان احتجازه.
ونشر الموقع عقب ساعات من اختطافه، بيانا يدين فيه القبض على الصحفي "شادي زلط"، وأوضحت فيه واقعه القبض: "ألقي القبض على زميلنا شادي زلط من منزله اليوم، السبت، 23 نوفمبر. في الساعات اﻷولى من فجر اليوم، طرق أربعة ضباط أمن في ملابس مدنية باب منزل شادي حيث يعيش مع زوجته وبنته. وقال الضباط أنهم حضروا من أجل شادي دون أن يفصحوا عن هوياتهم أو يظهروا أمر ضبط وإحضار. بينما بقي عدد آخر من عناصر اﻷمن المسلحة خارج منزله".
وتابع بيان موقع "مدى": "صادرت الشرطة لابتوب شادي إلى جانب لابتوب زوجته قبل رحيلهم مع شادي. بعدها بدقائق، عادوا مرة أخرى غاضبين وطلبوا تليفونه. قبل رحيلهم، أخبروا زوجته أنه في طريقه إلى مديرية أمن الجيزة، لكننا لم نتمكن من التأكد من حقيقة احتجازه هناك أو في مكان آخر".
وبحسب الموقع، فإن شادي يعمل بمهنة الصحافة منذ 37 عاما، ويعمل كمحرر في مدى منذ ستة سنوات.
ورأى الموقع أن القبض على شادي ماهو إلا تصعيد جديد في الحملة التي تشنها الحكومة ضد الصحافة في مصر، خاصة وأنه لم يُذنب شادي في شيء سوى استخدام الكلمات لنقل اﻷخبار.
وحمل الموقع السلطات المصرية مسؤولية أمان شادي ونطالب باﻹطلاق الفوري غير المشروط لسراحه.
حجب الموقع
وفي مايو 2017، تعرض موقع "مدى مصر" للحجب دون قرار أو توضيح لأسباب الحجب، لينضم إلى قائمة المواقع المحجوبة والتي بلغت أكثر من 500 موقع محجوب داخل مصر.
ففي الرابع والعشرين من مايو العام الماضي، تم حجب حوالي 21 موقعا بزعم تتضمنهم محتوى يدعم الإرهاب ويتعمد نشر الأكاذيب- وفقا لمصادر أمنية- لتبدأ أعداد المواقع المحجوبة في الازدياد دون معرفة الجهة المسوؤلة.
وبلغ عدد المواقع المحجوبة حوالي 500 موقع ما بين مواقع إخبارية ومواقع خاصة بالمنظمات الحقوقية، حيث شملت الدفعة الأولى المواقع الآتية: “مصر العربية والمصريون والبورصة والديلي نيوز إيجيبت”.
وعقب موجة الحجب الأولى، انضمت مواقع أخرى للقائمة بينها: “مدى مصر، البديل، البداية، محيط، كورابيا، المنصة، بوابة يناير، موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومنظمة مراسلون بلا حدود وموقع منظمة هيومن رايتس ووتش، وكاتب”، وآخرين.
دعوى قضائية
ونتيجة لحجب الموقع، قررت شركة «مدى مصر ميديا» ناشرة الموقع، في يونيو 2017 ، إقامة دعوى قضائية أمام القضاء الإداري لتقديم توضيح رسمي ﻷسباب الحجب.
وطالبت الدعوى بإلزام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتقديم صورة رسمية من قرار حجب الموقع حال صدور قرار بذلك. وتوضيح الأسباب الإدارية والفنية التي أدت إلى حجبه، وإلزام مقدمي خدمة الاتصالات بإزالة العقبات التقنية لتمكين المستخدمين والشركة المالكة من الوصول إلى الموقع.
وخلال انعقاد الجلسات، دفع محامي الجهاز ، في أكتوبر 2017، بأن حجب المواقع الإلكترونية لا يقع من ضمن اختصاصاته، وأن الحجب قد يكون مسؤولية أحد أجهزة اﻷمن القومي، أو المجلس اﻷعلى للإعلام، وهو الدفع ذاته الذي تمسك به محامي هيئة قضايا الدولة الممثل لوزارة الاتصالات.
وفي 30 سبتمبر 2018، حكمت الدائرة الثانية في محكمة القضاء الإداري، حكمًا تمهيديًا بإحالة دعوى حجب موقع «مدى مصر» إلى مصلحة الخبراء في وزارة العدل لدراسة الجوانب التقنية المتعلقة بحجب الموقع.
ورأى محامي "مدى مصر" آنذاك، أن المحكمة تهربت من الفصل في القضية بسبب حساسيتها، وذلك على الرغم من أن قرار المحكمة برئاسة المستشار سامي عبد الحميد، نائب رئيس مجلس الدولة، يمثل اعترافًا بمنطقية الدعوى.
ويعني الحكم تعليق رحلة التقاضي فيما يخص ملف حجب «مدى مصر» إلى أجل غير مسمى دون انتصار واضح أو هزيمة واضحة، ﻷن مصلحة الخبراء قد تستغرق سنوات قبل الانتهاء من فحص الدعوى، وذلك بحسب مانشره الموقع نقلا عن محاميه.