الثلاثاء، 26 يناير 2021

مغردون مصريون للسيسي عن شباب ثورة يناير: "طلّعهم من سجونك أيها المنافق بدلا من التمسح فى دمائهم"


مغردون مصريون للسيسي عن شباب ثورة يناير: "طلّعهم من سجونك أيها المنافق بدلا من التمسح فى دمائهم"


حالة من الغضب والسخرية استقبل بها مغردون مصريون تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء كلمته خلال احتفال وزارة الداخلية بعيد الشرطة، أمس الإثنين، قال فيها إنّ ثورة 25 يناير 2011 "قادها شباب مخلصون متطلعون لمستقبل وواقع أفضل".

وقارن المغردون بين تصريحات سابقة للسيسي، هاجم فيها ثورة يناير وحمّلها المسؤولية عن أزمة سد النهضة، واصفاً من قام بها بأنه "يحمل وعياً زائفاً"، مكررا أكثر من مرة "اللي حصل في 2011 مش هيتكرر".

كما تعجّب المغردون من وصف السيسي لشباب الثورة بالمخلص، في حين يقبع معظمهم في سجونه، ليسخروا "لو عاوز تقابل الشباب المخلصين دول روح زورهم في سجونك".

 وعلق عز الدين فشير على تصريحات السيسي: "وقد أودعتهم جميعا السجن. زياد العليمي حسام مؤنس  علاء عبدالفتاح ماهينور المصري وغيرهم آلاف.

وغرد الفنان رشيد غلام: "‏‎السيسي: ثورة ٢٥ يناير قادها شباب مخلصون ؛ لكن الحمد لله أنا تصرفت واستغليت غباوة بعضهم وعملت انقلاب ٣٠ يونيو وشوية مجازر فقتلت أغلبهم وسجنت الآخرين. 25 يناير".

"أي كلمة قد تلقي بك في السجن".. وقائع تحول ثورة يناير في مصر إلى كابوس



"أي كلمة قد تلقي بك في السجن".. وقائع تحول ثورة يناير في مصر إلى كابوس


لم يكن يتوقع أشد مؤيدي المظاهرات التي خرجت في 25 يناير 2011 أنها تنجح في الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي استمر لمدة 30 عاما، ثم ينتهي الحال بشبابها بعد 10 سنوات إلى السجون.

كان الشعور السائد إذا تمكنت الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان من الإطاحة بحسني مبارك - شعار الاستبداد العربي- فقد تكون هناك فرصة للدول الأخرى للتحرر، وبالفعل انطلقت المظاهرات في اليمن وليبيا والمغرب والبحرين وسوريا عقب سقوط نظام مبارك في 11 فبراير 2011.

لكن بعد عشر سنوات، تم إخماد شرارة الأمل والتغيير هذه إلى حد كبير. فقد انهارت الثورات في سوريا واليمن وليبيا إلى حروب أهلية معقدة، بينما تشهد مصر أشد مستويات القمع في تاريخها.

في مصر، تبددت آمال الثوار الشباب في معركة مريرة بين الإخوان المسلمين والجيش. وبلغت ذروتها باستيلاء قائد الجيش آنذاك عبد الفتاح السيسي على السلطة من الرئيس الإسلامي محمد مرسي في انقلاب، وفي السنوات التي تلت ذلك، قُتل مئات الأشخاص وسُجن عشرات الآلاف، حسب صحيفة الإندبندنت.

كما تم حظر العشرات من وسائل الإعلام المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، ومنع النشطاء من السفر ومصادرة أموالهم، بالإضافة إلى فرار المعارضين إلى الخارج.

أسوأ لحظة

وقالت الناشطة الحقوقية، منى سيف: "أي إجراء بسيط، حتى اتخاذ إجراء قانوني أو إبداء بعض الملاحظات العامة، يمكن أن يؤدي بك إلى السجن، أو قضية أمنية، أو الاختطاف والتعذيب".

وأضاف، مدير المبادرة المصرية لحقوق الإنسان، حسام بهجت: "لا أعتقد أن هناك أي شك في أن هذه هي أسوأ لحظة في تاريخنا الحديث. نحن نعيش في عصر الظلام".

بعد عامين من نجاح الثورة في الإطاحة بنظام مبارك، سرعان ما أصبح الشد والجذب الغاضبين بين الثوار العلمانيين وأجنحة الدولة القمعية بعيدا عن صراع أكبر بين الجيش والإخوان المسلمين. دافعت الجماعات الإسلامية وقيادتها الغامضة عن ميدان التحرير خلال 18 يومًا من الثورة، لكنها بعد صعودها إلى السلطة عندما فازت بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، حاولت السيطرة على السلطة.

وهكذا بدأ عام 2013 بمحمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر، في محاولة لإحكام قبضته على البلد الذي يعاني من الاحتجاجات والمشاكل. وبحلول الربيع، ظهرت حركة تمرد تدعو لإسقاط حكم مرسي في 30 يونيو، حتى أن قادتها بدأوا في المؤتمرات الصحفية في حث الجيش على التدخل.

وهكذا ازداد قلق سيف وبهجت والصحفية هبة عطا الله، الذين كانوا ينتقدون جماعة الإخوان المسلمين، من الدوافع الكامنة وراء بعض أولئك الذين شجعوا الثورة على مرسي، وقالت عطا الله عن تلك الفترة: "لقد شعرت بالخطأ بشكل بديهي".

وأضافت: "شعرت أننا نستعد لتحول سياسي كبير من شأنه أن يغير حياتنا ... ولكن كان هناك شيء غير صحيح في الاعتماد على الجيش لتحقيق الرغبة في الإطاحة بحكم الإخوان". وتابعت: "كان الجو غريبًا. انقلبت وسائل الإعلام الحكومية والخاصة على جماعة الإخوان وأيضًا أي شخص ينتقد الجيش".

في يوليو 2013، أطاح الجيش بمرسي بعد أن وجهه إنذارًا اشتهر برفضه في خطاب تحدٍ صرخ فيه بكلمة "شرعية" عشرات المرات. وأقام أنصاره عدة اعتصامات تم تطهيرها أخيرًا وبعنف في 14 أغسطس فيما تدعي بعض الجماعات الحقوقية أنه واحد من أكبر عمليات قتل المتظاهرين العزل في التاريخ الحديث.

فقد قُتل ما بين 800 و1000 شخص، وجُرح آلاف آخرون في غضون ساعات قليلة. وقالت السلطات المصرية إن الإخوان مسلحون وخطيرون وأطلقوا النار بلا هوادة على الاعتصام قبل أن يهدموا الخيام بالأرض ويشعلوها.

بصفتها صحفية، قالت عطا الله إن فريقها حاول فهم حجم الكارثة من حولهم، حيث أبلغوا عن سقوط قتلى في وابل الرصاص الذي استمر لساعات.

توسيع نطاق القمع

لكن ما زاد الطين بلة، وفقًا للكثير من الحقوقيين، هو احتفال الناس بالعنف. حتى أن بعض الثوار المؤيدين للديمقراطية الذين شاركوا في انتفاضة 25 يناير أيدوا الطريقة الوحشية التي قامت بها قوات الأمن في القضاء على الإسلاميين.

وبحسب الإندبندنت، ستصبح الحياة السياسية في البلاد أقبح. كانت هناك مظاهرات حاشدة لدعم المشير السيسي عندما تولى الرئاسة في عام 2014 بعد انتخابات قال مراقبون دوليون إنها ليست حرة ونزيهة حقًا. وكان المجال لانتقاد جميع الأطراف يضيق ويصبح خطيرا.

يتذكر بهجت قائلاً: "لم يصمت الناس فحسب، بل كانوا يهتفون للجيش ويواصلون شن المزيد من الحرب علينا نحن منظمات حقوق الإنسان والناشطين"، وتابع: "كانت تلك اللحظة الأكثر حزنًا والأكثر إيلامًا، تقريبًا مؤلمة مثل الموت الجماعي والبؤس نفسه. إنها مسألة بقاء".

على مر السنين مع اندلاع الثورات في ليبيا وسوريا واليمن وتحولها إلى الحرب، وسعت الحكومة المصرية المدعومة من الجيش بقيادة الرئيس السيسي حملتها القمعية. فقد احتجزت أي شخص بسبب صلاته بجماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بالإضافة إلى الصحفيين غير المرتبطين بالجماعة والعاملين في مجال حقوق الإنسان والمعارضين المناهضين للإخوان الذين أيدوا الانقلاب ومؤخرًا أعضاء من مجتمع المثليين للتلويح بأعلام قوس قزح، والأطباء للتعبير عن مخاوفهم من استجابة البلاد للوباء.

ولكن على الرغم من الانتقادات لسجل مصر الحقوقي الكارثي، فقد نمت مكانة الرئيس السيسي دوليًا حيث نصب نفسه كحصن ضروري ضد الفوضى المتزايدة في المنطقة وجماعات مثل داعش.

بعد عشر سنوات على الثورة، ذهبت مطالبها الأساسية من الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية إلى حد كبير دون إجابة. وضاعت أحلام مصر الثورية الجديدة في هذا الواقع الكابوس.

وتقول سيف إنها تشعر بالفعل بالهزيمة. لقد أوقفت دراستها لأن شقيقها علاء وأختها سناء خلف القضبان، وتقضي أيامها في التنقل بين السجنين مع والدتها. للمرة الأولى، تفكر الأسرة، المعروفة باسم قدامى المحاربين، وحتى نجوم حركة حقوق الإنسان في مصر، في مغادرة البلاد.

وأضافت وهي تبكي: "في عهد السيسي، أنا غير قادرة على تخيل أي مستقبل"، وتابعت "في السابق كان الأمر يبدو وكأنه معركة من أجل مستقبل أفضل، لتحقيق أحلامنا، من أجل تأمين شيء لأطفالنا. الآن يبدو الأمر وكأنه معركة من أجل البقاء ".

الحرة

نص بيان احتجاج الاتحاد السلوفيني لكرة اليد الرسمى ضد تسمم 12 من لاعبيه يوم مباراته الحاسمة مع مصر مما ادى الى اقصائه من بطولة العالم

نص بيان احتجاج الاتحاد السلوفيني لكرة اليد الرسمى ضد تسمم 12 من لاعبيه يوم مباراته الحاسمة مع مصر مما ادى الى اقصائه من بطولة العالم

ويؤكد إجراء فحوصات على اللاعبين في سلوفينيا لتحديد اسباب تسمم اللاعبين قبل مباراته مع مصر


استنكر الاتحاد السلوفيني لكرة اليد في بيان رسمي نشره على موقعه الإلكتروني على الإنترنت مساء أمس الاثنين 25 يناير 2021. التنظيم المصري "الجائر" لبطولة العالم، بعد تعرض 12 من لاعبيه لتسمم غذائي يوم المباراة الحاسمة مع المنتخب المضيف.

وكتب الأمين العام للاتحاد السلوفيني لكرة اليد غوران تسفييتش بعد التعادل 25-25 مع مصر و الإقصاء من الدور الرئيس بفارق نقطة عن المضيف: "لسنا راضين عن التنظيم الجائر لبطولة هذه السنة في مصر".

وتابع البيان: "نحو 12 لاعبا (!) من منتخبنا تعرضوا لتسمم غذائي في الساعات الـ24 التي سبقت مباراتنا مع مصر". مضيفا أن المنظمين المصريين "لم يكترثوا كثيرا" بالمسألة.

وأوضح الاتحاد الذي بلغ منتخبه نصف نهائي كأس أوروبا 2020: "كان الشبان يصرخون من الألم، يتقيؤون ويهرعون إلى الحمام وكأن حياتهم تعتمد على ذلك".

وجاء نص البيان الرسمى للاتحاد السلوفيني لكرة اليد على الوجه التالي حرفيا كما هو مبين من رابط البيان المرفق على موقع الاتحاد السلوفيني لكرة اليد :

''ركع تنظيم المسابقة في مصرلم نشارك في فريق كرة اليد مطلقًا ولن نبحث عن أعذار. كالعادة ، نتحمل المسؤولية عن كل مشروع. كان بإمكاننا بالتأكيد أن نفعل شيئًا مختلفًا ، بل أفضل ، لكن هذه المرة - بموضوعية فعلاً وبين عشية وضحاها - قبل المباراة الحاسمة ضد مصر ، وجدنا أنفسنا في موقف لم نكن فيه من قبل.

يمكننا تدوين كل ما حدث لنا - ليس من خلال خطأنا - خلال الاستعدادات القصيرة بالفعل ، لكن هذا الجزء سيظل يقع في نطاق وعدنا. لذلك ، لا يمكننا حقًا تفويت الأحداث عشية وليلة ونهار المباراة الحاسمة ضد المضيفين لهذا المستوى من المنافسة في كأس العالم سيئة التنظيم بشكل لا يستحق.

بشكل عام ، إنها توضح فقط التنظيم الغامض للبطولة. في الواقع ، عانينا من عدد هائل من المشاكل الصحية في الليلة الماضية وفي يوم المباراة. إذا كنت تتذكر ، فقد كان لدينا ، مع Tilno Kodrin و Urho Kastelic بشكل مختلف ، حتى من قبل. وقال الأمين العام لاتحاد كرة اليد في سلوفينيا ، جوران شفيجيتش ، في اليوم التالي لانتهاء عروض سلوفينيا في مصر ، "لذلك ، لا يمكننا أن نشعر بالرضا مطلقًا عن تنظيم كأس العالم هذا العام في مصر" . 

ويضيف تشفيجي: "بعد المباراة والتسجيل الرسمي بسبب صحة اللاعبين ، اتصلت بنا وزارة الصحة المصرية ، لكنني لا أتوقع أي تغييرات كبيرة طالما أن الاتحاد الدولي لكرة اليد (IHF) يعمل بالطريقة التي يعمل بها" .

تعرض ما يصل إلى اثني عشر لاعباً (!) من فريقنا الوطني للتسمم بالطعام خلال الـ 24 ساعة التي سبقت مباراتنا الأخيرة في مصر. حسنًا ، لم يكن "فيروسًا". صرخ الأولاد من الألم وتقيأوا واندفعوا إلى المراحيض وكأن حياتهم في خطر. خلال الليل ، حاصر ستاش سكيوب ودراجان جاجيتش ، قبل المباراة مباشرة ، انهار زوجنا الأكبر والأقوى بلاش بلاغوتينسيك في غرفة تبديل الملابس من الألم في (آسف - قيئه) وتم نقله إلى الفندق. قرر ما يصل إلى تسعة فتيان ، على الرغم من شعورهم بالتوعك ، الدفاع عن أنفسهم ، من أجل الفريق ، لتحقيق اختراق في ربع النهائي ، من بين أفضل ثمانية منتخبات وطنية في العالم. لسلوفينيا! بلد واحد موحّد بالرياضة ونحبه جميعًا أكثر في العالم. سوف نعرض نوع الاختبار الذي نجريه في الحملات القادمة ، حيث لا يزال هناك العديد من التحديات أمامنا هذا العام.

لم تكن مشاكلنا مثيرة للاهتمام بشكل مفرط لأولئك المسؤولين. ومع ذلك ، عندما عدنا إلى الفندق بعد المباراة بشأن حالة لاعبينا المرهقين والمرضى ، قمنا بتسجيل رسمي لكل ما حدث في الخدمة الطبية الرسمية للبطولة. ومع ذلك ، لا ينبغي بالتأكيد أن تكون هناك منافسة على هذا المستوى''.

شاهد بالفيديو.. دولة غوازاى السلطة

شاهد بالفيديو.. دولة غوازاى السلطة

دعونا يا ناس نحتكم الى العقل وليس الى غوازي السيسي والسلطة.

و شاهدوا ماذا قالوا عن ثورة يناير قبل تسلق السيسي السلطة.

و ماذا قالوا عن ثورة يناير بعد استبداد السيسى بالسلطة.

ولولا ثورة يناير ما كان الجنرال السيسي قد تسلق السلطة.

لكنه يخشى الشعب بعد أن انحرف مثل مبارك عن السلطة.

وأعادتة العسكرة و التمديد والتوريث و مجالس وبرلمانات السلطة.

والقمع والاستبداد والمعتقلات والجمع بين السلطات ومنع تداول السلطة.

لذا سعى بعباطة الى محاولات تجريم ثورة يناير للتشبث الباطل بالسلطة.

وتكمن العباطة في تمجيد الشعب فى الدستور ثورة يناير فكيف إذن يجرمها لص الوطن والسلطة.

الاثنين، 25 يناير 2021

"مصر منطقة عسكرية: ممنوع الاقتراب... ممنوع التصوير!"


مركز مالكوم كير– كارنيجي الأمريكي للشرق الأوسط:

التضييق غير المبرَّر

"مصر منطقة عسكرية: ممنوع الاقتراب... ممنوع التصوير!"


موقع مركز مالكوم كير– كارنيجي الأمريكي للشرق الأوسط / تاريخ نشر الدراسة اليوم الاثنين 25 يناير 2021 / مرفق الرابط

مع أن محيط المناطق العسكرية في القاهرة ومدن وادي النيل يعجّ بمثل هذه التحذيرات، باتت أغلب المناطق المتاخمة لحدود الدولة أيضًا مناطق عسكرية بموجب القرار الرئاسي رقم 444 للعام 2014. وأدّى هذا القرار إلى مزيد من التقييد على حركة الباحثين العاملين في مصر، وخصوصًا حول القضايا الحدودية، فأصبح إجراء الأبحاث السياسية أو الثقافية مهمة شبه مستحيلة.

وليست هذه القيود المفروضة سوى جزءٍ من توجّه أوسع تبديه الدولة المصرية للتحكم بتدفّق المعلومات. فمع أن مصر تمتلك كنزًا من البيانات والأرشيفات من شأنه مساعدة صنّاع القرار على تبنّي سياسات تصبّ في خير المجتمع، تسعى الدولة إلى منع المواطنين العاديين كما الباحثين من الحصول على هذه المعلومات.

يُضاف إلى ذلك أن الدولة اتّخذت إجراءات تعيق بشكلٍ كبير قدرة المعنيين على إجراء الأبحاث الميدانية. فبات هذا الأمر في غاية الصعوبة مثلًا في المناطق الحدودية المصرية التي تعتبرها السلطات مواضيع حساسة للغاية. وتشير هذه القيود بالدرجة الأولى إلى عجز الدولة عن فهم إيجابيات إعداد مثل هذه الأبحاث. وهذا مستغربٌ جدًّا نظرًا إلى أن مصر تضم مراكز أبحاث عريقة مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، ومركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية التابع لمركز الأهرام الإقليمي للصحافة، والمجلس القومي للسكان، وهو معهد يُعنى بإجراء أبحاث متعلقة بسكان مصر ويرفع التوصيات إلى الهيئات التنفيذية.

نتيجةً لإجراءات التأميم التي شهدتها مصر عقب ثورة العام 1952، أصبحت الأبحاث، كما الفنون والصحافة، واقعة ضمن صلاحيات الدولة حصرًا. ففيما يواجه الباحثون المرتبطون بالدولة عراقيل بيروقراطية تقيّد نطاق أبحاثهم، يواجه الباحثون المستقلون تحديات أكبر، أبرزها عدم الحصول على الاعتراف من الحكومة.

يؤدي عجز الباحثين المستقلين عن نيل الاعتراف اللازم، إضافةً إلى عدم فهم قيمة الأعمال البحثية، إلى إدامة الشكوك المُحيطة بالباحثين ومشاريعهم. وغالبًا ما تعامل السلطات الباحثين كالصحافيين، ما يدفع الشرطة أو القوى الأمنية إلى اعتقالهم وسجنهم فيما هم يجمعون المعلومات الضرورية. وهذا تحديدًا ما حصل مع الصحافية بسمة مصطفى، التي ألقي القبض عليها أثناء تغطيتها احتجاجات الأقصر في تشرين الأول/أكتوبر 2020، واحتُجزت لأيام عدّة.

كذلك، أُلقي القبض على صحافي آخر هو إسماعيل الإسكندراني، على خلفية أبحاث أجراها حول الوضع السياسي في منطقة حدودية مهمة هي سيناء. واحتُجز لمدة خمس سنوات وحوكِم أمام محكمة عسكرية اتُّهم خلالها بنشر أخبار كاذبة ومغلوطة. والجدير ذكره أن هذا الاتهام وُجّه إلى الكثير من المواطنين من دون وجود أدلة تثبته. وفي نهاية المطاف، حُكم على الإسكندراني بالسجن عشر سنوات.

وفي حالات أخرى، كانت الشبهات وحدها كفيلة بأن تودي بحياة باحثين، كحال الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي كان يجري أبحاثًا حول محاولات الباعة المتجولين في القاهرة لتأسيس نقابة، عندما اختُطف في كانون الثاني/يناير 2016، وتوفي على ما يبدو إثر تعرّضه للتعذيب.

لا بدّ من الإشارة إلى أن القيود الأمنية التي تفرضها الدولة غير محدّدة بدقة وتشمل مجموعة كبيرة من المسائل. وتنطبق القيود نفسها على التوثيق الفوتوغرافي، المتاح للجميع تقريبًا بفضل الهواتف الذكية. لكنه بات خطيرًا اليوم، لأن الشرطة قد تحقّق مع المصوّر، ما قد يؤدّي أحيانًا إلى تداعيات أشدّ خطورة.

لذا، من الضروري أن يحصل الباحثون على الاعتراف والاعتبار اللازمين، كي تأخذ الأبحاث المكانة التي تستحقها كوسيلة لتطوير المعارف المتعلقة بمصر وتعزيزها. ويُعتبر هذا الأمر ملحًّا، إذ إن المناطق الحدودية المصرية على وجه الخصوص تعاني عوامل عدة مُزعزِعة للاستقرار، بدءًا من النزاع المسلح ضد الجماعات الإرهابية في سيناء ووصولًا إلى الخلافات مع السودان حول مثلث حلايب وشلاتين. إن الحكومة، إذ تستمر في عرقلة الأبحاث، تمنع بذلك الباحثين من التعمّق في فهم القضايا المجتمعية، وبالتالي تحول دون إنتاج المعارف الضرورية لتخفيف حدّة الأزمات والصراعات التي تشهدها المناطق الحدودية المصرية.

أخيرًا، يتعيّن على الدولة اتّخاذ الإجراءات الضرورية وحماية الباحثين العاملين في ظروف محفوفة بالمخاطر، وغالبًا ما يقعون بين مطرقة الجماعات الإرهابية التي تعتقد أنهم يعملون لحساب المخابرات المصرية من جهة، وسندان الدولة من جهة أخرى. وإذا ما قرّرت الدولة حماية الباحثين، فهذا يعني أنها تعترف بفوائد إجراء الأبحاث، وهو ما فعلته السلطات للمفارقة مرارًا في السابق مع بعض الأبحاث المستقلة، ودعوة الوزراء للباحثين والخبراء المستقلين للاستفادة من أبحاثهم. لهذا السبب، يُعتبر تحسين ظروف إجراء الأبحاث في مصر جزءًا لا يتجزأ من عملية التصدّي إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية الكثيرة التي تواجهها البلاد.

مؤسسة كارنيغي الأمريكية للسلام الدولي: قمع السيسي الذي لا هوادة فيه.. منهج نظام حكم السيسي الطاغوتى فى القمع الجماعي لمنع التغيير


مؤسسة كارنيغي الأمريكية للسلام الدولي:

قمع السيسي الذي لا هوادة فيه

منهج نظام حكم السيسي الطاغوتى فى القمع الجماعي لمنع التغيير


موقع مؤسسة كارنيغي الأمريكية للسلام الدولي / تاريخ صدور التقرير اليوم الاثنين 25 يناير 2021 / مرفق الرابط

أفرجت النيابة المصرية عن ثلاثة من أعضاء المبادرة المصرية لحقوق الإنسان في 4 ديسمبر 2020. واعتقل الثلاثي المدافعين عن حقوق الإنسان في 15 نوفمبر بتهم ملفقة بالانضمام إلى جماعة إرهابية. الإفراج ، وهو حدث نادر لنظام السيسي ، جاء بعد ضجة دولية. جزء من الحملة الدولية التي أعقبت شملت غير ملزم قرار من البرلمان الأوروبي، داعيا الدول الأعضاء إلى فرض "إجراءات تقييدية" على أعضاء رفيعي المستوى من النظام المصري. وبالمثل ، في 23 ديسمبر / كانون الأول ، علق كونغرس الولايات المتحدة 300 مليون دولار ، من 1.3 مليار دولار من المساعدات السنوية المقدمة للنظام. كان الإفراج عن الأموال متوقفاً على تحسين حقوق الإنسان.

إن حملة الضغط الدولية الجديدة هذه ، والإفراج الأخير عن موظفي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، وتوقع أن تكون الإدارة الأمريكية الجديدة أكثر صراحةً بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم ، قد ولدت الأمل في أن نظام السيسي قد يقلل من حملة القمع الجماعي. ومع ذلك ، فإن هذا يتجاهل الظروف الهيكلية التي تجعل النظام غير مناسب للتعامل مع الاضطرابات الاجتماعية ، مما يجعل القمع - تقريبًا - أمرًا لا مفر منه. وبالفعل ، فإن القمع العنيف الذي يمارسه النظام للمعارضة ، ورفضه تقاسم السلطة مع المدنيين في شكل حزب حاكم أو جهة سياسية ذات مصداقية ، قد تركه عرضة للغضب الشعبي الذي لا يمكنه الرد عليه إلا بالقمع.  

منذ انقلاب 2013 ، شرع الجيش في سعي أحادي الأفق لتوطيد سلطته ، وعسكرة النظام السياسي المصري. وتنطوي هذه الاستراتيجية على استنزاف مستمر للمعارضة سواء على شكل أحزاب سياسية أو فاعلين في المجتمع المدني أو أفراد ، من خلال القمع والمشاركة في الاختيار. كان لهذا الأثر غير المقصود المتمثل في ترك النظام غير مجهز ومعرضًا للاضطرابات الاجتماعية ، في الواقع ، أقل استقرارًا بكثير مما يبدو. الأمثلة كثيرة على مدى السنوات القليلة الماضية. في 15 فبراير 2018 ، تم اعتقال عبد المنعم أبو الفتوح ، رئيس حزب مصر القوية - وهو حزب معارض ذو ميول إسلامية - بتهم إرهابية ملفقة. كما تم اعتقال نائب رئيس الحزب محمد قصاص، في 8 فبراير 2018 بتهم مماثلة. ومن الأمثلة الأخرى اعتقال 25 يونيو / حزيران 2018 لعدد من الشخصيات العامة المعروفة ، مثل زياد العليمي ، وحسام مؤنس ، وهشام فؤاد ، وعمر الشنيطي. لقد كانوا جزءًا من " تحالف الأمل " ، وهو تحالف سياسي خطط لخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2020.

جاءت لحظة حاسمة في حملة القمع هذه في موجة الاعتقال التي استمرت أسبوعين في سبتمبر 2019. وبلغت ذروتها في 25 سبتمبر ، حيث اعتقل النظام ما يقدر بـ 2300 شخص ، بمن فيهم خالد داود ، الرئيس السابق لحزب الدستور الليبرالي والمتحدث باسمه في وقت اعتقاله. واليوم ، لا تزال كل هذه الشخصيات السياسية رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة. ثم تم استقطاب كتل كبيرة من المعارضة من قبل النظام ، قبل الانتخابات البرلمانية لعام 2020 ، عندما كان "من أجل مصر"القائمة الانتخابية. وخصصت حصة الأسد من مقاعد القائمة لحزب "مستقبل وطن" ، الذي تردد أن له صلة وثيقة بالأجهزة الأمنية. ووزعت المقاعد المتبقية على أحد عشر حزبا بينهم عدد من أحزاب المعارضة. ومع ذلك ، فإن القائمة الانتخابية المنسقة تهيمن على البرلمان الجديد.

قد يؤدي إضعاف المعارضة المتعمد من خلال القمع والمشاركة في الخيار إلى إحكام قبضة النظام على السلطة. ومع ذلك ، فهو يضعف قدرته على توسيع قاعدة دعمه ، وفي النهاية ، امتصاص السخط الشعبي. إذا كانت الأحزاب الإصلاحية غير قادرة على بناء قاعدة شعبية للدعم وكانت مشتتة باستمرار ، فلن تكون قادرة على التعبير عن المطالب الشعبية التي يمكن للنظام بعد ذلك التفاوض عليها. بعبارة أخرى ، في حالة الاضطرابات الاجتماعية واسعة النطاق ، لن تكون هناك قوة سياسية منظمة للتفاوض معها أو كبش فداء - مما يجعل القمع هو الرد الوحيد الممكن. ويعزز القمع الشديد لجماعة الإخوان المسلمين ، وتصنيفها منظمة إرهابية ، هذا الاتجاه. لعبت المعارضة الإصلاحية دورًا مهمًا في إدارة الاضطرابات الاجتماعية في السنوات الأخيرة. أول، الدور الحاسم الذي لعبته جماعة الإخوان في استقرار النظام بعد الاحتجاجات الجماهيرية عام 2011 ، من خلال مشاركتها في العملية الانتخابية ، وموقفها المحافظ خلال الفترة الانتقالية الأولى. مثال آخر هو الدور المهم الذي لعبته الجماعات الدينية ، مثل حزب النور السلفي ، وعلى الأخص الجماعات العلمانية ، في إضفاء الشرعية على انقلاب 2013 وإدارة الاضطرابات اللاحقة. وشمل ذلك مشاركة شخصيات يسارية وشعبية بارزة مثل النشطاء العماليين في أول حكومة بعد الانقلاب والأهم من ذلك - الجماعات العلمانية - لعبت في إضفاء الشرعية على انقلاب 2013 وإدارة الاضطرابات اللاحقة. وشمل ذلك مشاركة شخصيات يسارية وشعبية بارزة مثل النشطاء العماليين في أول حكومة بعد الانقلاب والأهم من ذلك - الجماعات العلمانية - لعبت في إضفاء الشرعية على انقلاب 2013 وإدارة الاضطرابات اللاحقة. وشمل ذلك مشاركة شخصيات يسارية وشعبية بارزة مثل النشطاء العماليين في أول حكومة بعد الانقلاب كمال أبو عيطة ، والشخصية الليبرالية زياد بهاء الدين. 

أدى تحييد هؤلاء القادة وتركيز السلطة في أيدي المؤسسة الأمنية إلى القضاء على أي فاعلين مدنيين قويين ، دينيين أو غير ذلك. على الرغم من أن مجلس النواب يسكنه حلفاء مدنيون للنظام ، لا سيما من خلال حزب / قائمة "مستقبل وطن" ، إلا أن القليل منهم له دور نشط في الحكم. هذا يحرم المؤسسة الأمنية من أداة مدنية لتوسيع نطاق دعمها واختيار الحلفاء المعادين المحتملين ، من خلال عرض إمكانية تقاسم السلطة مع المدنيين. بالإضافة إلى ذلك ، فإن عدم وجود حزب مدني حاكم يعني أن السخط الشعبي المحتمل سيكون موجهًا بشكل مباشر نحو السيسي والأجهزة الأمنية ، وليس ضد حزب مدني حاكم ، مما يترك مجالًا محدودًا للمناورة للنظام. على سبيل المثال ، في أعقاب ما كشف عنه المقاول المنفي محمد علي في عام 2019 ، الذي كشف عن فساد واسع النطاق في مشاريع البناء التي يقودها الجيش ، اندلعت احتجاجات حاشدة في 23 سبتمبر 2019 - دعت إلى عزل السيسي وإسقاط النظام. أظهرت هذه الاحتجاجات ، التي قوبلت بقمع كاسح ، مدى تقلص قاعدة دعم النظام فعليًا إلى الأجهزة الأمنية والجيش.      

كما أصبح القمع أكثر صلة بالموضوع من خلال التوسع الاقتصادي للجيش - الذي قام بقمع الاضطرابات الاجتماعية والمقاومة المحلية لهذا التوسع. أدت هذه الحملة القمعية إلى قمع غير مسبوق للنشاط العمالي ، وزيادة استخدام المحاكم العسكرية ضد العمال. في 27 كانون أول 2020 صدر بحق 35 من سكان جزيرة الوراق أحكام قاسية بالسجن تتراوح بين خمسة وخمسة وعشرين عاما. وكانت الجزيرة موقع اشتباكات ، في عام 2017 ، بين الأهالي وقوات الأمن ، إثر محاولات القوات الأمنية إجلاء السكان ، في إطار خطة تطوير الجزيرة. يتم تنفيذ هذا المشروع الحكومي بالتعاون مع الجيش. مثال آخر هو وزير العدل عمر مروان.قرار أواخر عام 2020 بمنح ضباط الجيش سلطة اعتقال العمال في حالة الاضطرابات أو الاحتجاج. ويعمل هؤلاء الضباط في الشركة القومية لتطوير الطرق والشركة المصرية للتعدين والشركة القومية للثروة السمكية.

يخضع هذا الاعتماد الشديد على القمع أيضًا إلى رواية أيديولوجية ، ضرورية للحفاظ على روح العمل الجماعي للمؤسسة الأمنية وإلى حد ما الدعم بين قاعدتها المدنية. ومع ذلك ، فقد ثبت أن هذا السرد يصعب السيطرة عليه بشكل متزايد. هذه الرواية روج لها مختلف مسؤولي الدولة ومن بينهم السيسي، يزعم أن مصر تخضع لجهد دولي - بالتعاون مع المعارضة والإخوان المسلمين - لتدمير الدولة. ومن هنا ، فإن المبرر الرئيسي للحكم العسكري هو حماية الدولة من الانهيار ، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بالقمع. إذا توقف القمع ، فهذا يعني أن أعداء الدولة قد هُزِموا - أو ما هو أسوأ - أن الرواية كانت خاطئة ، ولن تكون هناك حاجة للحكم العسكري.

وبالتالي ، فإن القمع ليس فقط نهجًا عمليًا ، بل هو ضرورة إيديولوجية تقيد مسار عمل النظام. على الرغم من نجاح هذه الرواية في تبرير استخدام القمع الجماعي ، فقد ثبت أنه من الصعب السيطرة عليها. ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك مقتل جوليو ريجيني ، طالب الدكتوراه الإيطالي الذي اعتقلته قوات الأمن المصرية في 25 يناير / كانون الثاني 2016 وزُعم أنه تعرض للتعذيب حتى الموت في الحجز. من بين الأدلة التي استخدمتها الادعاء الإيطالي لاتهام أربعة مسؤولين أمنيين مصريين محادثة سمعها شاهد. وأثناء المحادثة اعترف مسؤول أمني مصري بالاختطاف والتعذيب ، على حد زعمه أن ريجيني ربما كان جاسوساً لوكالة المخابرات المركزية أو الموساد. توضح هذه الحالة تغلغل السرد في المؤسسة الأمنية. ومن ثم ، يمكن أن تقاوم المستويات المختلفة للأجهزة الأمنية - القاعدة الرئيسية للنظام - خفض مستوى القمع.

القمع الجماعي منتشر في التجسد الحالي للنظام المصري. لن يكون الحد من القمع ممكنًا إلا من خلال إعادة هيكلة جذرية للنظام السياسي ، الأمر الذي يستلزم مشاركة مدنية متزايدة في السلطة ، سواء في الحكومة أو في المعارضة. على الرغم من أن سيطرة النظام على السلطة ورافعات الدولة لا جدال فيها ، إلا أن مجال المناورة لديه محدود في مواجهة الاضطرابات الاجتماعية. في الواقع ، الخيار الوحيد الممكن للنظام هو استخدام القمع الجماعي في حالة الاضطرابات المدنية ، والتي لن تزعزع استقرار مصر فحسب ، بل المنطقة بأكملها

"أوراق بنما" تكشف تهريب أبناء مبارك أموال المصريين للخارج.. القائمة تضم نجليه علاء وجمال وزوجتيهما ووزراء


تسريب جديد من بنما يكشف سر التمديد والتوريث

"أوراق بنما" تكشف تهريب أبناء مبارك أموال المصريين للخارج

القائمة تضم نجليه علاء وجمال وزوجتيهما ووزراء


أطاحت ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، بحكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وقضت على أحلام نجله الأصغر جمال في وراثة الحكم، وشكلت الاستبداد والقمع ثم الفساد أخطر الأسباب المباشرة وراء اندلاع الثورة الشعبية.

ورغم أن هناك بعض الدوائر السياسية والإعلامية في مصر تدافع بشراسة عن مبارك، وتصف ثورة يناير بـ"المؤامرة"، إلا أن الأيام تكشف أن المصريين كانوا على حق عندما ثاروا ضده، وأنه وأسرته ورموز نظام حكمه، ارتكبوا الكثير من وقائع الفساد ونهب قوت المصريين.

وكشفت وثائق مسربة من شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية، التي تتخذ من بنما مقرًا لها عمليات الفساد وغسيل الأموال والتهرب من الضرائب للعديد من الشخصيات السياسية والأسر الحاكمة في مختلف أنحاء العالم، ومنها مصر بالطبع.

وجاء في الوثائق التي كشف عنها النقاب أمس الأحد، وتعرف باسم «أوراق بنما"، أن علاء مبارك النجل الأكبر للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، يمتلك شركة "بان وورلد انفستمنتس" وتديرها "كريدي سويس" من فيرجين آيلاندس.

ووفقاً لـ"وثائق بنما"، فإن شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" الوكيلة لشركة "بان وورلد" لمالكها علاء مبارك، طلبت من شركة "موساك فونسيكا" تجميد كافة أصول وحسابات ومعاملات شركة علاء مبارك فى عام 2011 بعد الإطاحة بوالده من الحكم في العام 2011، وذلك بموجب قرار أصدره الاتحاد الأوروبي بتجميد حسابات وأصول عائلة "مبارك" خارج مصر.

وبسبب تقاعس "بان وورلد" المملوكة لنجل مبارك الأكبر، تم تغريمها في العام 2013 مبلغا قدر بـ 37500 دولار أي ما يعادل 332 ألف جنيه مصري، من قبل شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" لإهمالها التعاطي مع شركة لـ"عميل فائق الخطورة" على حد وصف الوثائق.

وحسب الوثائق، فإن شركة الخدمات المالية "كريدي سويس" التي تدير أعمال "بان وورلد" أرسلت خطاباً إلى شركة "موساك فونسيكا" تعلمها فيه بأن أنشطة شركة "بان وورلد" لديها حساب جارٍ في أحد البنوك واستثمار مع شركة "H.I.G"، وأن أنشطتها لا تتعارض مع قرار سويسرا بتجميد حسابات عائلة مبارك.

كما كشفت الوثائق أن شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" العملاقة شكلت في العام 2014 فريقًا للتحقيق في الأعمال التي تربط بين شركتي "بان وورلد" وشركة الخدمات القانونية "موساك فونسيكا"، وتبع هذا التحقيق اعتراف من قبل شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" باحتمالية وجود مزيد من الخروقات والمخالفات في التعاملات بين "بان وورلد" وشركة "موساك فونسيكا"، وأعلنت استقالتها من العمل وكيل لشركة "بان وورلد" المملوكة لـ"علاء مبارك" في أبريل/ نيسان 2015.

ونشرت "وثائق بنما" خطابا مرسلا من شركة "موساك فونسيكا" فى مايو/ آيار 2013 إلى لجنة التحقيقات المالية المشكلة من قبل شركة "بريتيش فيرجين أيلاند"، أخبرتها فيه أنها لا تدري بشكل كامل حجم أعمال وأنشطة شركة "بان وورلد"، وأرفقت مع الخطاب صورة ضوئية من جواز سفر "علاء مبارك"، ويظهر فيه عنوان اقامته في 28 شارع "ويلتون بليس" في العاصمة البريطانية لندن.

وحسب الوثائق المسربة، فإن الفساد وتهريب الأموال طال شخصيات أخرى، من رموز نظام مبارك، وليس نجله الأكبر فقط، وأصدرت شركة "بريتيش فيرجين أيلاند" قائمة بالأسماء في أكتوبر/ تشرين الثاني 2011 بعد تفعيل قرار التجميد في يوليو من العام نفسه، مرفقة بقرار الاتحاد الأوروبي.

وتشير الوثائق إلى أن أسباب تجميد أصول حسابات الشخصيات هذه، ترجع إلى اتهامهم بقضايا فساد واختلاس من الميزانية العامة للدولة المصرية، ما عرقل مسيرة الديمقراطية وجرّد الشعب المصري من فوائد التنمية.

وضمّت الوثائق أسماء أخرى غير "علاء مبارك"، ومنهم سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وهايدي راسخ زوجة علاء مبارك، ونجله الأصغر جمال وزوجته خديجة الجمّال، بالإضافة إلى رجل الأعمال أحمد عز، وزوجاته عبلة محمد فوزي، وخديجة أحمد أحمد، وشاهيناز النجار، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وزوجته إلهام سيد سالم شرشر، وأحمد المغربي، وزير الإسكان في عهد مبارك، وزوجته نجلاء الجزايرلي، ووزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد وزوجته هانيا محمود عبد الرحمن، ووزير السياحة محمد زهير جرانة وزوجته جايلان شوكت حسنى، ونجله أمير محمد زهير جرانة، وجميعهم وزراء في عهد مبارك، واندلعت الثورة أثناء وجودهم في الحكومة.

وكان تحقيق صحافي ضخم نشره الأحد "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" على موقعه الإلكتروني، قد كشف أن 140 زعيما سياسيا عبر العالم، إضافة إلى أسماء بارزة في كرة القدم بينها ليونيل ميسي، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.

وكشف التحقيق الذي شاركت فيه أكثر من مئة صحيفة حول العالم ضمن "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" أن من بين الشخصيات المتورطة في الفساد 12 رئيس حكومة حاليا أو سابقا، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.

وضمت الوثائق أسماء شخصيات مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأوضحت الوثائق، أن الأشخاص المرتبطين به هربوا أموالا تزيد عن ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية. وكتب الاتحاد على موقعه الإلكتروني أن "شركاء لبوتين زوّروا مدفوعات وغيّروا تواريخ وثائق وحصلوا على نفوذ لدى وسائل إعلام وشركات صناعة سيارات في روسيا".

ونسبت الوثائق للاعبي كرة القدم ميشيل بلاتيني وليونيل ميسي، تهريب الأموال، وكشفت أن "ميسي" شريك مع والده في ملكية شركة مقرها في بنما. وورد اسم "ميسي" ووالده للمرة الأولى في وثائق مكتب المحاماة في 13 حزيران/يونيو 2013 بعد توجيه الاتهام إليهما بالتهرب الضريبي في إسبانيا.

كما نسبت الوثائق الاتهام نفسه إلى شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو.

وتعود جميع الوثائق إلى مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاماً. وتشمل الوثائق معاملات جرت على مدى أكثر من أربعة عقود (1977-2005) لشركات تولى تسجيلها مكتب المحاماة البنمي، ومن بينها معاملات أجراها يان دونالد كاميرون والد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذي توفي في 2010، وأخرى أجراها موظفون مقربون من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.

وقال "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين"، ومقره واشنطن، إن الوثائق يقدر عددها بنحو 11.5 مليون وثيقة، تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار (offshore) في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.

وأضاف الاتحاد أن هذه الوثائق حصلت عليها أولا صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية قبل أن يتولى هو توزيعها على 370 صحافيا من أكثر من 70 بلدا من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر حوالى عام كامل.

وأطلق على الوثائق المسربة اسم "أوراق بنما" نسبة إلى شركة المحاماة البنمية التي تم تسريبها منها. وأعلنت الحكومة البنمية الأحد أنها "ستتعاون بشكل وثيق" مع القضاء إذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادا إلى الوثائق المسربة.

بالمقابل، ندد مكتب المحاماة بعملية التسريب التي طالته، معتبرا إياها "جريمة" و"هجوما" يستهدف بنما.