يوم اعتقال الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة بسبب انتقاداته للالة الاعلامية لنظام حكم العسكر
بسبب استخدامه لحقه الدستوري في “الإبلاغ” جرى أواخر عام 2021 اعتقال الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة حينها، على خلفية سلسلة مقالات كتبها على صفحته بالفيس بوك انتقد فيها بشكل مهني كأستاذ جامعى متخصص فى الإعلام وليس كمعارض ابواق الإعلام للجنرال الاستبدادي الحاكم عبدالفتاح السيسي، من أشهرهم مقال ''رسالة مفتوحة إلى رئيس تحرير مصر''، ومقال "إعلام البغال والحمير".ومنصور حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الرأي العام والإعلام الدولى من جامعة القاهرة، وعلى درجتي الماجستير والدكتوراه فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة جورجيا الأمريكية، ودبلوم فى إدارة المؤسسات الجامعية من سيراكيوز الأمريكية، وله ٧٣ دراسة و١٢ كتاب في الرأي العام والاتصال السياسى.
وعُين منصور في عام 2020 رئيساً لقناة "المحور" الفضائية، ثم أبعد عن منصبه من دون إبداء أسباب، على إثر انتقال ملكية قناة "المحور" الفضائية إلى المخابرات العامة المصرية في مارس/آذار 2021، ما دفعه إلى مهاجمة المشهد الإعلامي في مصر بعد عسكرتة، وتوجيه الانتقادات لرئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، ومدير مكتبه الضابط النافذ أحمد شعبان.
أمرت النيابة حبس الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة 15 يوما على ذمة التحقيقات مع مراعاة تجديد حبسه فى ميعاد التجديد على خلفية سلسلة مقالات نشرها على صفحته بالفيس بوك انتقد فية الالة الاعلامية للجنرال الاستبدادي الحاكم عبدالفتاح السيسي لمحاولة تغييب الناس. وحرصت السلطات المعنية على قيد الدكتور أيمن منصور ندا بالكلابشات واحتجازه خلال فترة العرض على النيابة وغيرها من الجهات فى وضع مزري فى السلالم الخلفية مع متهمين فى سائر الجرائم الجنائية وتسريب صور الدكتور أيمن منصور ندا الى وسائل اعلام الجنرال السيسى التى طالما هاجمها
واحتجز منصور بعد اعتقاله لأكثر من 50 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية، التى تم اتهامة فيها بـ"النشر علانية وبسوء قصد لأخبار كاذبة حول الإعلام المصري"، عانى خلالها من ظروف احتجاز غير إنسانية، على خلفية نشره مقالات رأي ينتقد فيها الأداء الإعلامي لبعض المذيعين والشخصيات العامة، المحسوبة على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحكم تخصصه الأكاديمي.
كما تم تحويله إلى 10 مجالس تأديبية من جانب رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت.
وقضت محكمة جنايات القاهرة، يوم الخميس 31 مارس 2022، بمعاقبة رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام جامعة القاهرة، الأكاديمي الدكتور أيمن منصور ندا، بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وتغريمه مبلغا ماليا مقداره 20 ألف جنيه، بدعوى اتهامه بـ"سب وقذف بعض الإعلاميين المصريين عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك".
وادعت التحقيقات في القضية، رقم 9840 لسنة 2021، نشر منصور "علانية وبسوء قصد" أخباراً "كاذبة" عبر حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك"، عن تضييق مساحة الحرية في الإعلام المصري، في إطار سياسات تكميم أفواه المعارضين؛ وكان من شأن ذلك تكدير السلم العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة في مصر.
كما نسبت إلى منصور تهمة سب إحدى الهيئات المستقلة، ممثلة في "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، علناً بطريق النشر من خلال حسابه الإلكتروني الشخصي المتاح للكافة، بأن نعت المجلس بـ"الاستبداد والانبطاح وتكميم أفواه المعارضين"، ما نال من قدره، وحط من شأنها، فضلاً عن سب "الهيئة الوطنية للصحافة" علناً بطريق النشر، بأن وجه لها الألفاظ المبينة في قرار الاتهام، ما حط من شأن الهيئة أمام الرأي العام.
وتعود تفاصيل القضية إلى الهجوم الحاد الذي قام به رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون، في 7 مقالات. على عدد من الشخصيات الإعلامية بينهم أحمد موسى ونشأت الديهي وغيرهم. باعتبارهم سببا في تردي الأوضاع الإعلامية. حتى وصلت الأزمة إلى منصة القضاء بعدما أعلن المجلس الأعلى للإعلام. تقدمه بشكوى جنائية ضد عضو هيئة تدريس بإعلام القاهرة، للتحقيق في الإهانات التي يكتبها في حق إعلاميي مصر.
وجاء المنشور الثامن، بعد بيان للمجلس الأعلى للإعلام، وحملت جميع المقالات انتقادات موجهة لأداء الإعلام المصري.
كما تناول “ندا” في مقال له. رئيس جامعة القاهرة. واتهمه باستخدام أسماء شخصيات رفيعة في الدولة من بينها رئيس الجمهورية في تمرير قرارات غير قانونية
ومن ضمن سلسلة مقالات منصور هوذا نص مقالين حرفيا تسببا فى اعتقاله بدعوى ما اسموه تعطيل عمل أجهزة الدولة وغيرها من التهم:
مقال ''رسالة مفتوحة إلى رئيس تحرير مصر'' / بقلم د. أيمن منصور ندأ رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة الخميس، 18 مارس 2021
أحياناً يحتاج الإنسان إلى تجاوز أداء "العرائس والدمى" التي تتحرك أمامه على المسرح إلى الاستمتاع بفكر و"دماغ" الفنان الذي يحركها.. نستمتع بأداء الممثلين وبطريقة تقمصهم لأدوارهم، غير أننا نبحث في الوقت ذاته عن الرسالة التي يريد الكاتب والمخرج توصيلها إلى الجمهور من خلالهم .. التفكير في رسالة المؤلف والمخرج يفسد أحياناً عملية المشاهدة والاستمتاع بها، غير أنها ضرورية من آن لأخر لعدم الاستغراق في الخيال ..
كنت قد نشرت عدة مقالات عن بعض العاملين والمسئولين في المجال الإعلامي.. غير أنني وجدت أنه "لا حول لهم ولا قوة" .. وليس لهم من الأمر شيء.. ولا يجب أن نحملهم فوق طاقتهم.. خلف المشهد الإعلامي هناك من يمسك بكل الخيوط.. وهناك من يحرك كل العرائس.. كل الدلائل تشير إلى رجل واحد .. وكل الإشارات تتجه إليه... هو صاحب لقب "رئيس تحرير إعلام مصر" و"الرئيس التنفيذي لمصر" في المجال الإعلامي: المقدم أحمد شعبان.
لا أعرف المقدم أحمد شعبان بشكل شخصي.. والمعلومات التي حاولت جمعها عنه ممن لهم صلة مباشرة به متضاربة وغير متسقة.. هناك من يرفعونه إلى درجة التقديس، وهناك من يرى عكس ذلك تماماً.. وما بين المحبين والكارهين له هناك اتفاق على شيء واحد أنه أقوى رجل في المنظومة الإعلامية (والسياسية) في مصر.. صلاحياته لا حدود لها، وقراراته لا معقب عليها .. بطشه شديد.. وعقابه أليم.. يخافه الوزراء والخفراء؛ يتهامسون باسمه خوفاً من الجهر به.. ويشيرون إليه بالتلميح أكثر منه بالتصريح..
في المجال الإعلامي.. أحمد شعبان لا شريك له.. أحد احد .. يعز من يشاء، ويذل من يشاء.. يهب الملك والنفوذ لمن يشاء، وينزعه ممن يشاء.. وهو على كل شيء قدير!.. بأوامره تدار المنظومة الإعلامية.. وبرؤيته تتم معالجة كل القضايا.. علاقاته ممتدة.. ونفوذه متسع.. وسلطانه قوي.. وله شخصية قائدة تفرض سطوتها على الجميع.. كل المستبعدين من العمل الإعلامي يكرهون الرجل.. ويعرفون أنه وراء ذلك، ولا أحد غيره.. وكل العاملين في المجال يخشون غضبته، ويرقبون إشاراته .. وينفذون حرفياً تعليماته.. وكثير منهم يتطوع، ويُجَوِّد في تنفيذها ويضيف لها، في محاولة لكسب وده، أو على الأقل اتقاء شره.. لا أحد يخرج عن سلطانه ونفوذه.. حتى أقرب المقربين من الرئيس السيسي.. فعلها مع "ياسر رزق" المقرب من الرئيس لسنوات طويلة... وفعلها ويفعلها مع "أسامة هيكل" في الوقت الحالي..
قدرات شعبان الإدارية ومهاراته التنظيمية غير عادية.. أقرب إلى صفوت الشريف في شكله وأدائه: نسخة عصرية ومحدثة منه.. ويجمعهما العمل المخابراتي وإن كانت تنقصه الحنكة السياسية.. كان صفوت الشريف متحدثاً لبقاً وخطيباً مفوهاً، وشعبان كاتب جيد ومتذوق للكلمات.. فهو "ابن الدولة" في كتاباته.. وله ميول فنية، تظهر في لوحات ورسومات يشير بعض المتخصصين إلى أنها على درجة عالية من الإتقان.. بعض الظرفاء يشيرون إلى أنه مثلما كان "نيرون" يستمتع بعزف الموسيقى وروما تحترق.. فإن المقدم شعبان يستمتع بالرسم والمشهد الإعلامي يحترق!!
رسائل كثيرة وردت لي تحذرني من الكتابة عن المقدم أحمد شعبان .. رجل جيش ومخابرات من ناحية، ومقرب بشدة من اللواء عباس كامل ومن السيد / محمود السيسي من ناحية أخرى.. و"قرصته والقبر" كما يقولون .. غير أن أسباب التحذير هي نفسها التي شجعتني على الكتابة عنه دون خوف.. فالانتماء إلى الجيش المصري شرف لا يناله إلا المخلصون .. وقرب الرجل من رجلين بهذا الحجم معناه أنه رجل كفء، ولديه إمكانيات وقدرات خاصة.. وثلاثتهم (عباس كامل- محمود السيسي- أحمد شعبان) يجمعهم حب الرئيس السيسي والإخلاص لمصر.. وأنا أشاركهم هذا الحب، وأقاسمهم هذا الإخلاص.. وفوق هذا وذاك، فنحن في دولة قانون، دولة أركانها راسخة.. لا يضيرها لو خرج فرد على إجماع الآراء بوجهة نظر مخالفة.. وما دام الحوار على أرضية وطنية.. وهدفه الصالح العام.. فلتكن المصارحة واضحة وعلنية وشاملة.. لا أخاف عقاباً، ولا انتظر ثواباً.. هي "كلمة أقولها وأمضي في حال سبيلي" على حد تعبير السيد المسيح. .. ولن انحني عند قولها مهما كانت الظروف .. فقد لا تتاح لي الفرصة كي أرفع رأسي مرة أخرى على حد تعبير عمر المختار!
اعتراف لابد منه : التفاوض وقوة المدفع
كان رئيس وزراء بريطانيا الأشهر "ونستون تشرشل" يشير إلى أنه "لا تستطيع أن تتفاوض إلا إلى المدى الذي يصل إليه مدفعك!".. وفي حروب الجيل الرابع.. لا تستطيع أن تتفاوض إلا إلى المدى الذي يصل إليه تأثير مدافعك الإعلامية بأشكالها المختلفة، وأنواعها المتعددة.. ومدافعنا الإعلامية في هذه الأيام "بعافية حبتين": لا تصل ولا تؤثر.. وهو ما اعترف به وزير خارجيتنا هذا الأسبوع في تعقيبه على بيان إدانة 31 دولة لملف حقوق الإنسان في مصر.. إذ أشار إلى أننا ": نحتاج لآلة إعلامية نافذة تستطيع أن تصل للآخرين وتكون مؤثرة وهذا يحتاج لجهد وإمكانات (...) هناك آلة إعلامية قوية من التنظيمات الإرهابية، وبالأخص جماعة الإخوان، تستهدف الاستقرار في مصر"!!
إعلامنا لا يصل إلي أهالينا الطيبين في قرى مصر ونجوعها.. ولا يصل إلي أصدقائنا المقيمين في واشنطن ولندن وبرلين أو حتى في الخرطوم وأديس أبابا وجوهانسبرج.. هو إعلام عاجز وضعيف وغير مقنع.. "بني عبيد" في مقابل بايرن ميونخ ، و"سيراميكا كليوباترا" في مقابل برشلونة .. "هناك فرق سرعات وقدرات"! .. و"الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ" يا سيدي!
قل ما تشاء على قنوات الجزيرة وأخواتها.. المؤكد أنها قنوات إحترافية لديها أساتذة إعلام وأسطوات صنعة.. وهي قنوات قادرة على الوصول والتأثير.. قل ما تشاء على قنوات الشرق وأخواتها .. المؤكد أن لها تأثيراً في الشارع وتواجداً لدى المواطنين أكبر من تأثير قنواتنا الوطنية.. على الورق: إمكانياتنا البشرية والمهارية أكبر، ومدافعنا الإعلامية أحدث، وقدراتنا الهجومية أقوى.. غير أنه وفي الميدان، أسلحتنا يتم دكها على الأرض بدون حرب.. تماماً مثلما حدث في 1967..
إعلام عبد الناصر (النموذج الذي نحاول استنساخه في زمن غير زمانه) كان يصل ويؤثر.. مصداقية إعلام عبد الناصر كانت كبيرة، والثقة في وسائل إعلامه كانت عالية.. إعلامنا الحالي لا يصل.. ولا يؤثر.. .. الرئيس عبد الناصر كان ديكتاتوراً ولكنه كان يؤمن بالكفاءات والخبرات وأسطوات الصنعة.. ويعطي العيش لخبازه.. في أيامنا .. وضعنا "الواد بلية" مكان الأسطى .. والصبي مكان المعلم.. وخسرنا للأسف الوظيفتين! .. (أنا عتريس .. أنا بلوة سودة!)
سيدي.. الرئيس عبد الناصر كان له إعلاميوه والمؤمنون به .. والرئيس السادات كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. والرئيس مبارك كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. حتى الرئيس مرسي كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. كل رئيس صنع إعلامييه على عينه وساندهم.. الوحيد الذي ليس له إعلاميون هو الرئيس السيسي .. إعلاميوه أكلوا على كل الموائد السابقة ويفتخرون بذلك.. والملتفون حول مشروعه الإصلاحي ماضيهم الإعلامي غير مشرف.. ومن كان منهم صاحب رأي أو رؤية تم تحديد إقامته في البيت أو نفيه من البلاد.. ليس للرئيس السيسي ظهير إعلامي خاص به.. كثير من المتحدثين عن الرئيس السيسي يسحبون من رصيد شعبيته لدى الناس حتى كاد ينفد.. ويخصمون من مخزون محبته لدى الناس حتى بدأ الناس في التململ والتوجع.. الإعلاميون هم وحدهم المستفيدون.. والخاسر هو الرئيس السيسي.. والخاسر هو الوطن.. كثيرون حول مصالحهم .. قليلون حول الوطن!
سيدي .. لا يوجد من نقرأ له مقالاً في صحافتنا المصرية في هذه الأيام.. هي بيانات ومنشورات وحسب.. ولا يوجد برنامج تليفزيوني واحد مقنع نلتف حوله ونتابعه.. هي كلها نسخ كربونية في المقدمات وطرق الإقناع وأساليب التقديم.. إعلامنا يا سيدي لا يتحدث إلا لك، ولا يعنيه سوى رضاك.. ولذلك فقد كل شيء.. لقد وصلنا إلى الحد الذي كتب فيه الأستاذ ممتاز القط (صاحب مقال طشة الملوخية الشهير) يترحم على الإعلام في أيامنا!!.. ووصلنا إلى الحد الذي استعنا فيه بالأستاذ سمير رجب لكي يرجعنا إلى زمن "التطبيل الوسطي الجميل"!!.. ووصلنا إلى الحد الذي نشتاق فيه إلى "صور أسامة سرايا التعبيرية".. رأينا ما هو أسوأ فترحمنا على ما كنا نعتبره سيئاً(عتبتُ على عمرو فلما فقدتُه .. وجربتُ أقواماً بكيتُ على عمرو...... رب يوم بكيتُ منه فلما صرتُ في غيره بكيتُ عليه)! قوتك يا سيدي من قوة الإعلام الذي خلقته وصنعته.. ونحن نستحق إعلاماً أفضل يليق بنا، ويليق بمصرنا العزيزة. في ميزان التاريخ: مهنة في خطر
سيدي .. التاريخ لن ينصف الإعلام في عهد الرئيس السيسي.. ولن يكون الحكم في صالحكم وقد كان الملف تحت إياديكم.. ما حدث خلال السبع سنوات الماضية في ملف الإعلام لو تم تكليف أحد عامداً متعمداً بتخريب البيئة وتجريف الأرض الإعلامية ما قام بأكثر مما تم .. وسوف نظل نعاني سنوات عديدة قادمة من جراء ما حدث.. تم ترسيخ ممارسات غير مهنية، وتصعيد إعلاميين غير محترفين.. والتخلص من كفاءات حقيقية.. واختيار قيادات غير مناسبة في المواقع المختلفة.. وسادت أخلاقيات ممارسة ما كان لها أن تسود.. وكله بالقانون، وكله تحت عين وسمع الدولة وبمباركتها..
وتم في هذه المرحلة اتباع سياسات أدت إلى تحقيق انتكاسات في علاقة المواطنين بالنظام السياسي، وفي شعبية الرئيس، وفي صورته في الخارج.. وفي صورة الدولة ككل وهي جزء أصيل من مقومات قوتها.. إن أخطر ما فقدناه خلال السنوات السبعة الماضية: الثقة والمصداقية في الداخل، والفعالية والتأثير في الخارج.. وبذلك، أصبح الإعلام مغيباً وفاقداً للوعي في الداخل، ومشلولاً وفاقدا للحركة الإيجابية في الخارج.. الهزائم الإعلامية المتتالية داخلياً وخارجياً أفقدت الدولة المصرية كثيراً من عناصر قوتها وفعاليتها الداخلية والخارجية!
سيدي.. لقد هُزمِنا خارجياً في عشرات القضايا.. فشلنا في تغيير صورة الثورة المصرية (30 يونيو) لدى الرأي العام في كثير من دول العالم، ولا زال الرأي العام العالمي يعتبرها انقلاباً عسكرياً.... وفشلنا في تسويق ملف حقوق الإنسان، ومفهوم الدولة المدنية، وعلاقة الدولة بمعارضيها.. وفشلنا في كسب تعاطف الشعوب الإفريقية وغيرها فيما يتعلق بحقوقنا التاريخية وحصتنا المشروعة في مياه النيل.. وغيرها من القضايا مثل قضية روجيني ، وملف الأقباط في مصر... نحن نخاطب الداخل في تسويق قضايانا الخارجية.. إعلامنا أشبه بالشيخ حسنى في "الكيت كات" وهو يقود صاحبه الكفيف الشيخ عبيد فسقطا معاً في الماء.. (أعمى يقود سفيهاً لا أباً لكموا .. قد ضل من كانت العميان تهديه)
وداخلياً.. فشلنا في تسويق مشروع الإصلاح الاقتصادي للجمهور.. وفشلنا في إقناعهم بجدوى المشروعات القومية الكبرى.. وفي أهمية العاصمة الإدارية الجديدة، وفي أولويات الإنفاق الحكومي.. وفشلنا في خلق علاقة إيجابية بين المواطنين والحكومة.. إلى الحد الذي استشعر فيه الرئيس السيسي خطورة الموقف، وبدأ في القيام بدور الإعلاميين أنفسهم.. وبدأ يقوم بكل الأدوار من أجل إنجاح وتسويق مشروعات الدولة.. خذل الإعلاميون وخذلت وسائل الإعلام المصرية الرئيس السيسي في جهوده.. وكانت عليه لا له.. وكأنها "المستعمر السري" على حد تعبير شاعر اليمن الشهير عبد الله البردوني (فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري.... وهل تدرين يا صنعا من المستعمر السري؟ .... غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري)
ومن ناحية السياسات الإعلامية.. فقد تم اتباع سياسات أقرب إلى التجزئة (إدارة الإعلام باليومية/ بالقطعة).. وتم تضييق المجال العام وخنقه تماماً.. وتكريس احتكار الدولة لوسائل الإعلام من خلال شركات تابعة لها أو لبعض أجهزتها .. وعدم وجود تنسيق بين المجالين السياسي والإعلامي وهو ما أدى إلى الارتباك في معالجة عديد من القضايا (عودة العلاقات مع قطر نموذجاً).. والصراع المعلن بين أجهزة الدولة في الملف الإعلامي ( مثال: الهجوم على وزير الدولة للإعلام على شاشات التليفزيون المصري وإذاعة تسريبات له في سابقة تاريخية!).. وعدم وجود سياسة إعلامية واضحة المعالم يمكن الاسترشاد بها في معالجة القضايا المختلفة.. إضافة إلى اختلال المعايير التي يعمل بها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وعدم قيامه بالدور المنوط به، واعتباره مجرد استكمال لشكل دستوري مفرغ من كل مهامه الأساسية!!
أسالك الرحيلا
سيدي.. المراجعة مطلوبة.. وإعادة التفكير في أمور إعلامية كثيرة مهم.. ولا يقلل من شأنك الاعتراف بأنه كانت هناك أخطاء .. المهم أن تكون هناك نية حقيقية للإصلاح.. وقد حان أوانها.. ولابد أن تتم اليوم اليوم وليس غداً..
سيدي .. مهنة الإعلام في خطر.. ليس هناك وقت يمكن أن نضيعه في خلافات حول السبب.. المؤكد أن كل يوم يمر بدون إجراءات تصحيحية فاعلة وناجزة، هو أمر يصعب من مهمة الإعلام في الفترة القادمة ..
سيدي .. هل أنبئك بالأخسرين أعمالاً؟ الذين صنعوا إعلاماً ضعيفاً، واستعانوا بوجوه كريهة، واعتمدوا على أسلحة قديمة، وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً!.. الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.. فلا تحسبنهم بمفازة من المساءلة أمام التاريخ.. وهي مساءلة لو تعلمون صعبة.. وتحسبونه هيناً وهو عظيم لو تعلمون!
سيدي.. إن مصر أعز علينا من أنفسنا، ومصلحتها أهم من مصالحنا.. وأثق تماما في وطنيتكم.. وأثق تماما في رغبتكم الصادقة ونيتكم السليمة في صنع مستقبل إعلامي مشرق لها.. كفاكم ما قمت به .. دعوا الفرصة لآخرين..
سيدي.. بحق مصر التي هي آخر ما نعتصم به من مخاطر المستقبل.. وبحق هذا البلد الذي نحرص عليه وعلى مستقبله.. وبحق شرفك العسكري الذي تعتز به وننحني له إجلالاً وتقديراً .. اسألك الرحيلا!
مقال / "إعلام البغال والحمير" !! / بقلم د.أيمن منصور ندأ رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة الخميس، 25 مارس 2021
مما يُروى عن شاعر العرب الأعظم أبي الطيب المتنبي أنَّ رجلا قال له: لقد رأيتك من بعيد فحسبتك امرأة! فقال له المتنبي: وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلاً!.. كثيراً ما تختلط الأمور لدينا .. وكثيراً ما يتشابه البقر علينا.. فنرى الأشياء على غير حقيقتها.. إعلامنا من بعيد نراه شيئاً.. وعندما نقترب من تفاصيله نكتشف شيئاً آخر..
إعلامنا في معظمه ينطبق عليه الوصف القرآني "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً".. البغل هو كائن هجين من الخيل والحمير.. فلا يملك جمال الخيل وشممها وشيمها، ولا يملك طاعة الحمير واستكانتها وخضوعها.. هو كائن "مسخ" مثل كثير من الأشياء في حياتنا.. إعلام البغال هو إعلام أقرب إلى "لوسي ابن طنط فكيهة".. لا يمكن الإشادة به كرجل، ولا يمكن الاعجاب به كسيدة.. هو إعلام بلا نخوة، ولا شهامة، ولا قوة، ولا فعالية.. و تصدق عليه مقولة الفنان "يوسف وهبي": "بالذمة مش حرام يتحسب علينا راجل؟"..!! لماذا يتم تسويق البغال لنا على أنها خيول عربية أصيلة؟ لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية؟ لماذا ندفع ثمن الخيل ونرضى بالبغال؟!
وظيفة البغال كما حددها النص القرآني: الركوب والزينة.. ولا شيء آخر.. وهو ما يقوم به إعلامنا حرفياً.. إعلامنا مطية "يركبها" من يملك المال أو من يتولى الحكم أو هما معاً، ولا عزاء للمواطنين .. وإعلامنا زينة وديكور لزوم القعدة في كل الأحوال.. مثل "النيش" في معظم بيوتنا؛ نحرص على وجوده، دون أن يكون مستخدماً.. ومثل "طقم الصيني" الذي لا يتم الاقتراب منه وتتوارثه الأجيال!! إعلامنا لا يمثلنا، ولا يعكس هويتنا الثقافية، ولا يلبي احتياجاتنا المجتمعية، وغير قادر على التعبير عن أحلامنا وطموحاتنا.. وسائل إعلامنا لها "أجسام البغال وأحلام العصافير".. والعصافير في وسائل إعلامنا على كل شكل ولون.. وأكثرهم موجودون على الشاشات، ولهم رتب معلومة، وأقدار محفوظة، وحسابات بنكية عامرة!!
إعلامنا ليس إعلاماً قوياً ومحترفاً مثل الخيول العربية .. وليس ضعيفاً مستكيناً راضياً بحاله مثل الحمير .. ولكنه أقرب إلى إعلام البغال؛ إعلام الحنجلة.. تتنازعه أحياناً صفات الخيول فيكون جامحاً ولكن على الشعب وضد الشعب (أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ).. وأحيانا كثيرة صفات الحمير فيبدو مستكيناً لصاحبه ولمن يقوده.. وفي غالبية الأحيان، لا يكف عن "الرفس" العشوائي لكل المحيطين به.. هو إعلام لا لون له ولا طعم ولا رائحة أشبه بتعريف الماء في الكتب قديماً، قبل أن يتغير ويختلط بماء الصرف الصحي ومخلفات المصانع في مصرنا الحبيبة فيصبح له طعم ولون ورائحة!..
إعلام البغال يمثل أحياناً دور "الحمار الطموح" الذي يبغي تحقيق أهداف لا يقدر عليها، فيرجع في الغالب مهزوماً جريحاً .. هزائمنا الإعلامية الداخلية كثيرة.. ونكساتنا الخارجية متعددة.. شباكنا الإعلامية بها ثقب أكبر من ثقب الأوزون، وأكبر من حجم الوهم الذي نعيش بداخله.. في المثل العربي يقولون: "ذهب الحمار يطلب قرنين ( لكي ينطح بهما ويزداد قوة) فعاد مصلوم الأذنين (فقد قوته وشكله)" .. وإعلامنا الحالي فقد أذنيه وعينيه ومن قبلُ فقد كرامته وارتهنها راضياً مرضياً، وشروه بثمن بخس.. مصالح شخصية معدودة.. وكانوا فيه من الزاهدين!
إعلام البغال هو إعلام هجين بين الإعلام القمعي والإعلام الحر .. هو إعلام "توفيقي" على حد تعبير البعض، و"تلفيقي" كما أفضل أن أطلق عليه.. التلفيق صناعة مصرية أصيلة في مشوار البحث عن هوية.. إعلامنا الحالي يشبه حياتنا المختلطة بكثير من الزيف والادعاء وقليل من الصدق.. ليس "أرابيسك" كما أراده "أسامة أنور عكاشة"، ولكن "بزرميط" كما يشير إليه المعنى الحرفي للكلمة الشعبية!..
تاريخ الإعلام هو تاريخ البحث عن مساحة حرية.. وعن متنفس للتعبير عن هموم الناس وأحلامهم.. في كل عصر كان هناك صراع حول مساحة الحرية التي تستطيع وسائل الإعلام اقتناصها واللعب فيها والتمتع بها.. الأسماء التي حفظها لنا تاريخ الإعلام هي تلك الأسماء التي عملت على توسيع هذه المساحة وعلى حسن استغلالها.. في أيامنا هذه.. الإعلاميون يتطوعون لتضييق هذه المساحة.. ويتسابقون في تخفيض السقف المسموح به.. و يتبارون في تكميم أفواه المعارضين لهم.. "مكارثية" على الطريقة المصرية.. "مكارثية البغال"! .. "نقباء المهنة" هم أكثر الناس حرصاً على تكميمها.. ورؤساء الهيئات المسئولة عن المهنة هم أكثرنا انبطاحاً ودفاعاً عن الاستبداد!!
كان المفكر الجزائري "مالك بن نبي" يرى أن مشكلة الأمة العربية ليست في الاستعمار ولكن في القابلية للاستعمار.. قابليتنا للاختراق و"للاستحمار" عالية جداً، أعلى من نسب السكر والضغط عند معظم المصريين.. وتزداد هذه النسب لدى القيادات الإعلامية، وترتفع لديهم بشدة.. "القابلية للانقياد" صفة أساسية لكل من يتولى منصباً إعلامياً في هذه الأيام، دون الشعور بغُصةٍ في الحلق أو وجع في الخلق: أن تقف "انتباه" وتستمع إلي الأوامر وتنفذها دون نقاش؛ وأن تكون مستعداً للتضحية بالآخرين من أجل تنفيذها.. تماماً مثلما كان العرب مستعدين للحرب مع إسرائيل حتى آخر جندي مصري!
كرم جبر .. رئيس إعلام البغال
"كرم جبر" نموذج مكتمل لمسئولي إعلام البغال.. طريقة قيامه بوظيفته وأداؤه يؤكدان ذلك.. الرجل أسد حين يتكلم ونعامة حين يتخذ القرار.. لا حول له ولا قوة .. تتنازعه رغبات متضاربة لإرضاء أطراف متفرقين أو مجتمعين.. أداء الاستاذ كرم جبر الإعلامي وكرجل مسئول هو أقرب إلي أداء البغال والحمير أيضاً: تبلد الإدارة، وبطء القرارات، وضخامة الخسائر الناجمة عن "الرفس" وعن بعض القرارات الخاطئة.. أداء كرم جبر أقرب إلي شخصية زكي قدرة .. وشعاره الدائم في كل المواقع التي تولاها: "ادبح يا زكي قدرة.. يدبح زكي قدرة.. اسلخ يا زكي قدرة.. يسلخ زكي قدرة".. لا يكلف "كرم جبر" نفسه ما لا يطيقه.. وليس عليه حرج في أفعاله.. هو رجل "متواضع الإمكانيات" و"قليل القدرات"، و"معدوم الخبرات"، ولكنه كبير الحظ في الرضا النفسي بالانقياد وتنفيذ الأوامر الصادرة إليه حتى ممن يعملون تحته..
كان "عبد الله كمال" له كلمته العليا عندما كانا معاً في روز اليوسف.. كان عبد الله كمال يمشي في طريقه ويتبعه "كرم جبر" .. بنفس الطريقة التي جسدها "ألفريد فرج" في مسرحية "على جناح التبريزي وتابعه قفة"!.. واليوم حلت "رانيا هاشم" (سيدة المجلس وصاحبة النفوذ والعصمة وكلمة السر لكرم جبر).. مع اختلاف الإمكانيات والقدرات بين "عبد الله كمال" الصنايعي المحترف والسياسي المخضرم، و"رانيا هاشم" صاحبة شبكة العلاقات العامة المتنامية الأطراف و المتغلغلة في كافة مفاصل الدولة .. وكأنَّها استنساخ لقصة "لوسي أرتين" جديدة !!
كرم جبر يحب أن يحتمي بغيره.. وأن يكون أداة تنفيذية لآخرين .. ولا خاب من استشار.. الرجل يستشير أصحاب الأمر الإعلامي في كل صغيرة وكبيرة.. ومستعد للموت في سبيل الدفاع عن هذه الأوامر وفي الدفاع عن أصحابها.. الرجل متدين وينفذ التعاليم "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"!
"كرم جبر" نموذج بارز جداً للفشل الإعلامي.. لا تستطيع أن تقرأ له مقالاً إلى آخره.. ليس لديه الفكر الذي يبهرك، أو موهبة الكتابة التي تجذبك.. هو رجل بالمفهوم الإنجليزي "مديوكر" mediocre.. صحفي بالعافية وإعلامي بالزق .. واللي مش عاجبة يشرب من البحر.. وإدارياً لم يتم ضبطه متلبساً بالنجاح في أي موقع شغله.. سجله القياسي في الفشل في المواقع السابقة يجعل من تعيينه في موقعه الحالي نكتة بايخة.. والاستمرار في شغله هذا المنصب رغم إخفاقاته نكتة "أبوخ" .. حاول كرم جبر وجرب أن يكون مذيعاً وفشل.. وحاول وجرب أن يكون صحفياً وصاحب كلمة مقروءة وفشل.. وحاول وجرب مرات عديدة القيادة وفشل.. هو رجل "مزاجه جاي على الفشل" وهو سعيد به وفخور بنفسه!! بس بصفة عامة، هو "ابن حلال وبيعرف يجيب المصلحة من فم الأسد"!
أحمد موسى .. مذيع إعلام البغال
أداء الأستاذ أحمد موسى الإعلامي الأبرز في المنظومة الحالية، وخليفة الأستاذ هيكل والفائز بجائزته كما يردد، هو أقرب إلى أداء البغال المضطربة .. جرب معي أن تغلق الصوت وترى تعبيراته وحركات يده وطريقة إدارته لجسده على الشاشة.. هي نفسها حركات البغال والحمير.. لا فيها شمم الخيول وجمالها.. ولا فيها وداعة الحمير وسكونها.. هناك اضطرابات في الخلايا الوظيفية الإعلامية لديه.. يرفع الحاجب، ويتشنج، ويضحك، ويبكي، ويكلم نفسه، ثم يوجه حديثه إلى الجمهور في نفس الوقت.. هو كما يطلق عليه البعض "كاركتر".. وفي مجال الفن يقولون : "خليك كاركتر.. تشتغل أكتر".. والرجل قبل النصيحة!
جرب معي عكس ذلك؛ أن تستمع إليه دون أن ترى طلته الكريمة على الشاشة، فستكون أمام صوت غير مريح إعلامياً، ووقعه على الأذن غير مستحب ومزعج.. والصوت لا يختلف عن الأداء الحركي في دلالاته وإشاراته عن الشخصية الإعلامية.. مؤكد أنه لو خضع لأي اختبار صوت أو كاميرا قبل التحاقه بالعمل الإعلامي كان سيرسب بجدارة!
لا أحدثك عن مهاراته الإقناعية، وقدراته التأثيرية.. الرجل قادر على جعلك تكره ما يقول، وأن تتبنى أي موقف معاكس له.. هو مثل أسلحة 1948.. تصيب من يستخدمها، وتقتل من يدافع عنهم.. غير أن أهم ما يميزه هو اعتقاده في مصداقيته، و"فتحة الصدر" التي يتحدث بها.. أداؤه نموذج مثالي للتدليل على "جرأة الجاهل"؛ "يهرف بما لا يعرف"، ويفتي ويهبد في كل ما لا يحيط به علماً..
وعندما ترجع إلى أرشيف أحمد موسى الصحفى لا تجد له شيئاً ذا بال .. أسلوب كتابته ركيك.. وتعبيراته ساذجة.. وأخطاؤه عديدة.. ولكنه "شطور" يجيد تربيط العلاقات مع مصادره الأمنية.. هو مندوب الأهرام في وزارة الداخلية، أو مندوب وزارة الداخلية في الأهرام كما يطلق عليه بعض الظرفاء وأهل الشر.. وهو يعرف كيف يحصل على الخبر من فم لواء الشرطة، أو من نقيب الصحفيين.. لا فرق بينهما.. وهي مهارة "عصفورية" خاطفة تحسب له.. وعندما تشاهد برامجه التليفزيونية فإننا إزاء ملهاة هزلية ساخرة .. لا تملك أمامها إلا الإبتسام وضرب كف بكف وتقول "عجبت لك يا زمن"! .. وأحمد موسى بالمفهوم الإعلامي ليس صحفياً إلا ببطاقة العضوية، وليس مذيعاً إلا بتواجده على الشاشة.. هو "مسخ" بين هذا وذاك..
في اتصال ولقاء بيني وبين ممثل عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام خلال هذا الأسبوع، قيل لي ما طلباتك؟ قلت لهم: تطبيق القانون وميثاق الشرف والأكواد الإعلامية التي يتم تطبيقها على جميع الإعلاميين على برنامجيّ "أحمد موسى" و"نشأت الديهي".. لا أريد سوى تطبيق القانون والميثاق الإعلامي على الرجلين، وإتاحة حق الرد لي كما ينص عليه القانون في نفس البرامج وبنفس المدة الزمنية التي تم سبي فيها.. أجابني الرجل: لقد طلبت أمراً إدَّاً، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً.. إقالة المجلس أسهل من الاقتراب من أحمد موسى ونشأت الديهي.. والاقتراب من "أجمد وزير" أهون وأيسر من الاقتراب من هذين الرجلين.. وأخبرني أن أحمد موسى ونشأت الديهي خطان أحمران في النظام الإعلامي.. شكرت الرجل صادقاً.. وأوصيته أن يبلغ السيد كرم جبر نصيحة "سعد زغلول" الخالدة "مفيش فايدة"!!
المبدع الأستاذ "جمال بخيت" له قصيدة مشهورة عنوانها "دين ابوهم اسمه ايه؟".. وهي قصيدة تنطبق كلماتها حرفياً على إعلاميّ هذه الأيام أكثر مما تنطبق على من كُتِبت لهم وعنهم.. لا نعرف لهؤلاء الإعلاميين ملَّة، ولا نكاد نتبين لهم ديناً، ولا نفهم لهم عقيدة.. هم أقرب إلي السؤال الذي طرحه الفنان أحمد زكي في فيلم معالي الوزير : "عمرك شفت سفالة أكتر من كدة؟".. والحقيقة المؤكدة يا سادة: "مفيش أكتر من كدة"!!