الاثنين، 23 سبتمبر 2024

حالة وفاة بين مصابي النزلات المعوية مجهولة المصدر في أسوان

 

الرابط

مدى مصر

حالة وفاة بين مصابي النزلات المعوية مجهولة المصدر في أسوان

«خايفين نشرب مايه، وإحنا مش مقتدرين عشان نشرب مايه معدنية»، تقول نادية حماد، إحدى أهالي حي الصداقة الجديدة بمدينة أسوان، بعدما انتشرت حالة ذعر بين الأهالي، منذ 11 سبتمبر الجاري، على خلفية انتشار نزلات معوية حادة لا يُعرف سببها حتى الآن.

واستقبلت مستشفيات أسوان، منذ الأسبوع الماضي، عشرات الحالات المصابة بنزلات معوية، ما تسبب في حالة من القلق بين الأهالي، خصوصًا مع عدم إعلان أسباب إصابة تلك الحالات، التي ربطها الأهالي بشرب مياه ملوثة، فيما اكتفت الحكومة بالتأكيد على أن «الوضع تحت السيطرة»، وأن هناك مبالغة في تناوله، فيما شهدت الأرقام الرسمية المعلنة تضاربًا بين وزير الصحة ورئيس الوزراء، دون أن يعلن أيهما، أو أي مسؤول تنفيذي آخر، عن وجود وفيات بين الحالات المصابة.

وفي حين ظهرت شهادات حول حالات وفاة نتيجة النزلات المعوية في مركز دراو وقرية أبو الريش، ما بين منتصف الأسبوع الماضي وحتى الأمس، لم تعلن وزارة الصحة عن وفيات في أسوان جرّاء النزلات المعوية غير معروفة السبب حتى الآن.

وحصل «مدى مصر» على وثيقة وفاة أحد الأهالي بتاريخ 19 سبتمبر، صادرة من مستشفى أسوان الجامعي، توضح أن سبب الوفاة «توقف تام في الدورة الدموية والتنفسية والقلبية» ناتجة عن «نزلة معوية شديدة أودت إلى جفاف وارتفاع بوظائف الكلى وجلطة بالمخ».

وتواصل «مدى مصر» مع ابن المتوفى، الذي أفاد بأن والده يسكن مدينة أسوان، لكنه يعمل بقرية «أبو الريش»، مضيفًا: «أبويا حس بأعراض قيء وإسهال يوم 16 سبتمبر الصبح، بالليل رُحنا به المستشفى الجامعي، قياس ضغطه كان 40/ 70، حجزوه في العناية، على يوم الخميس الضهر كان اتوفى».

وأوضح المصدر أن «مدير أمن أسوان كان موجود وقت ما رُحنا المستشفى بيتابع الحالات، كان في ولا 200 حالة بنفس الأعراض»، مؤكدًا أن «الدكاترة مش عارفين ده إيه».

وفي إشارة إلى نقص الخدمات في المستشفى، قال المصدر: «مفيش تحاليل في المستشفى الجامعي، بنعمل الأشعة المقطعية والتحاليل برة المستشفى، وحتى الدوا والمحاليل والكلونة [الكانيولا] بنجيبها من برة، وفي ناس كتيرة مش معاها فلوس ومش عارفة تعمل إيه».

كان وزير الصحة خالد عبد الغفار، أعلن أمس، أن رصد حالات «النزلات المعوية الحادّة» بدأ منذ 11 سبتمبر، والتي وصلت إلى أربع مستشفيات بأسوان: «الصداقة التخصصي»، و«المسلة»، و«الجامعة»، و«دراو المركزي»، مُضيفًا: «ممكن تكون نتيجة تلوث في الطعام أو في الشراب، سواء داخليًا، أو تلقوا بعض الأنواع التي يُمكن أن تؤدي إلي هذه الحالات»، مؤكدًا على وجود مبالغة و«شائعات مغرضة» في تناول الموضوع، دون أن يقدم سببًا لحدوث حالات الإصابة، مرجئًا معرفته إلى تقرير نهائي سيصدر غدًا، بعدما لم تصل تحاليل عينات المياه والطعام التي تم جمعها إلى سبب واضح.

«الكوليرا»، أو التسمم المائي الناجم عن تلويث مصنع «كيما» للبتروكيمياويات، كانا التفسيريّن الأكثر شيوعًا من بين ما تداوله المواطنون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين أشارت منصة «متصدقش»، اليوم، إلى احتمالية تسبب اختلاط مياه السيول العكرة بمياه الشرب وعدم قدرة محطات المياه على معالجتها.

من جانبها، نفت شركة كيما في إفصاح للبورصة، اليوم، أي علاقة لمصنعها بـ«الأحداث الجارية بأسوان من تلوث مياه الشرب وحدوث إصابات»، مؤكدة أنها تخضع  للمتابعة الدورية من الجهات الرقابية على البيئة والصحة المهنية، وتتبع البرامج اللازمة للمعالجات للصرف الصناعي والذي يتم توجيهه إلى محطة «العلاقي» للصرف الصحي والتابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحى بأسوان.

كان وزير الصحة أعلن، أمس، أن 128 حالة دخلت المستشفيات منذ بدء الأزمة، بقى منها في المستشفيات 106 حالات، بعضهم بالعناية المُركزة، في مؤتمر بحضور رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، بعد يومين من إعلان مدبولي نفسه أن المستشفيات استقبلت 200 حالة فقط، حُجز 43 منها.

ومنذ بدء ظهور الحالات وحتى مساء أمس يحتجز مستشفى المسلة، الحميات سابقًا، بشكل يومي حالات إصابة بنزلات معوية مصحوبة بجفاف واضطراب في وظائف الكلى بسبب الجفاف، بحسب ما كشفه طبيب بالمستشفى، لـ«مدى مصر»، لافتًا إلى حالة تعتيم شديدة «حتى على مستوى الدكاترة كمان»، إلى حدّ أن «طبيب الطوارئ مش بيعرف تشخيص الحالة اللّي اتحجزت».

وأكد الطبيب، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أن «المستشفى في حالة طوارئ وإجازات الأطباء ممنوعة، والحجز حاليًا للنزلات المعوية بس، مفيش حجز لحالات الحمى ونقل الدم، عشان العناية والمتوسط مفيش فيهم مكان»، منوهًا إلى أن «الناس بتتهجم علينا فاكرين إننا مش عايزين نحجزهم، لأن الناس في حالة هلع».

وأشار الطبيب إلى أن «اللّي مخلي الوضع سئ إن الناس بتجيلنا متأخرة قوي، لحد ما وظايف الكلى تكون تأثرت»، الأمر الذي تسبب في أن «حوالي 30% من الحالات اللي بتوصل المستشفى بتتحول على وحدة الغسيل الكلوي».

وكشف الطبيب عن أن قطاع الطوارئ بالوزارة أرسل بروتوكول مبدأي للتعامل مع الحالات يوم 19 سبتمبر، أي بعد نحو ثمانية أيام من انتشار الإصابات، وحصل «مدى مصر» على نسخة مؤرخة من البروتوكول.

وفي حين قال ثلاثة من أهالي أبو الريش، المنطقة الأكثر إصابة، إن بعضهم لجأ إلي شراء المياه المعدنية، وعدم الوثوق حتى في فلاتر المياه المنزلية، قال مصدران آخران إنهما تلقيا من أصدقائهما وأقاربهما العاملين بشركة المياه بالمحافظة، تحذيرات بالتوقف عن شرب المياه من الحنفية واستخدام مياه مُخزنة من أوقات سابقة على الأزمة، أو شراء المياه المعدنية.

ورغم تركّز الإصابات في قرية أبو الريش والقرى المحيطة بها، أفادت شهادات حصل عليها «مدى مصر»، بوجود إصابات بالنزلات المعوية داخل مدينة أسوان، احتاجت إحداها على الأقل دخول الرعاية الفائقة لتدهور الحالة.

أميمة، صيدلانية يقع مقر عملها بجوار مستشفى الصداقة العام في مدينة أسوان، قالت لـ«مدى مصر»، إنها صرفت أدوية لأربع حالات مصابة بنزلات معوية حادة في أول ثلاث ساعات من بداية فترة عملها، اليوم، «المستشفى مفيهاش أدوية، المصابين بييجوا يشتروا من هنا مطهرات زي الانتينال وفلاجيل ومضاد بكتيري دوكسيكوست ومحلول جفاف، غير الكانيولا»، مؤكدة أن «الحالات دي مش من أبو الريش والقرى اللي بيقولوا عليها مصابة، دول من حي الصداقة».

فيما أكد عدد من أهالي مدينة أسوان أن وزارة الصحة ومسؤولي التموين نفذوا حملات تفتيشية على الأسواق، اليوم، ما دفع محال الجزارة والدجاج والعصائر والبقالة إلى غلق أبوابها مؤقتًا.

وتوالت، اليوم، بيانات رسمية تحاول مُحاصرة الذعر، شملت ظهور محافظ أسوان وهو يشرب المياه من الحنفية مباشرة لطمأنة الأهالي، فيما أقسمت النائبة البرلمانية عن محافظة أسوان، ريهام عبد النبي، أنها والمحافظ والسكرتير العام شربوا من مياه الحنفيات، مُعلقة «ده ماية الحنفية دلوقتي أحسن من قبل كده»، مرجعة التحسن لتنظيف مُرشحات محطات المياه وزيادة كميات الكلور المُضافة للمياه لتنقيتها.

عبد النبي قالت لـ«مدى مصر» إن العينات التي أُخذت من المرضى والحالات المُصابة تم نقلها بالطيران إلى المعامل المركزية بالقاهرة وفي انتظار النتائج التي من المتوقع أن تظهر غدًا، فيما كرّرت ما سبق وأشار له المحافظ من أن السبب وراء حالات الإصابة هو تناول أعداد كبيرة شاركت في احتفالات المولد النبوي لحلوى المولد المُباعة بأسعار «رخيصة جدا»، وكانت مُلوثة.

 الرابط

https://95.214.53.33/2024/09/22/news/%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9/%d8%ad%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d9%88%d9%81%d8%a7%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b5%d8%a7%d8%a8%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b2%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d9%85%d8%ac/?__cpo=aHR0cHM6Ly93d3cubWFkYW1hc3IuY29t

يوم اعتقال الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة بسبب انتقاداته للالة الاعلامية لنظام حكم العسكر

 

يوم اعتقال الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة بسبب انتقاداته للالة الاعلامية لنظام حكم العسكر

بسبب استخدامه لحقه الدستوري في “الإبلاغ” جرى أواخر عام 2021 اعتقال الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة حينها، على خلفية سلسلة مقالات كتبها على صفحته بالفيس بوك انتقد فيها بشكل مهني كأستاذ جامعى متخصص فى الإعلام وليس كمعارض ابواق الإعلام للجنرال الاستبدادي الحاكم عبدالفتاح السيسي، من أشهرهم مقال ''رسالة مفتوحة إلى رئيس تحرير مصر''، ومقال "إعلام البغال والحمير".

ومنصور حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الرأي العام والإعلام الدولى من جامعة القاهرة، وعلى درجتي الماجستير والدكتوراه فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة وجامعة جورجيا الأمريكية، ودبلوم فى إدارة المؤسسات الجامعية من سيراكيوز الأمريكية، وله ٧٣ دراسة و١٢ كتاب في الرأي العام والاتصال السياسى.

وعُين منصور في عام 2020 رئيساً لقناة "المحور" الفضائية، ثم أبعد عن منصبه من دون إبداء أسباب، على إثر انتقال ملكية قناة "المحور" الفضائية إلى المخابرات العامة المصرية في مارس/آذار 2021، ما دفعه إلى مهاجمة المشهد الإعلامي في مصر بعد عسكرتة، وتوجيه الانتقادات لرئيس جهاز المخابرات اللواء عباس كامل، ومدير مكتبه الضابط النافذ أحمد شعبان.

أمرت النيابة حبس الدكتور أيمن منصور ندا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة 15 يوما على ذمة التحقيقات مع مراعاة تجديد حبسه فى ميعاد التجديد على خلفية سلسلة مقالات نشرها على صفحته بالفيس بوك انتقد فية الالة الاعلامية للجنرال الاستبدادي الحاكم عبدالفتاح السيسي لمحاولة تغييب الناس. وحرصت السلطات المعنية على قيد الدكتور أيمن منصور ندا بالكلابشات واحتجازه خلال فترة العرض على النيابة وغيرها من الجهات فى وضع مزري فى السلالم الخلفية مع متهمين فى سائر الجرائم الجنائية وتسريب صور الدكتور أيمن منصور ندا الى وسائل اعلام الجنرال السيسى التى طالما هاجمها

واحتجز منصور بعد اعتقاله  لأكثر من 50 يوماً على ذمة التحقيقات في القضية،  التى تم اتهامة فيها بـ"النشر علانية وبسوء قصد لأخبار كاذبة حول الإعلام المصري"، عانى خلالها من ظروف احتجاز غير إنسانية، على خلفية نشره مقالات رأي ينتقد فيها الأداء الإعلامي لبعض المذيعين والشخصيات العامة، المحسوبة على نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بحكم تخصصه الأكاديمي.

كما تم تحويله إلى 10 مجالس تأديبية من جانب رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت.

وقضت محكمة جنايات القاهرة، يوم الخميس 31 مارس 2022، بمعاقبة رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام جامعة القاهرة، الأكاديمي الدكتور أيمن منصور ندا، بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وتغريمه مبلغا ماليا مقداره 20 ألف جنيه، بدعوى اتهامه بـ"سب وقذف بعض الإعلاميين المصريين عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك".

وادعت التحقيقات في القضية، رقم 9840 لسنة 2021، نشر منصور "علانية وبسوء قصد" أخباراً "كاذبة" عبر حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك"، عن تضييق مساحة الحرية في الإعلام المصري، في إطار سياسات تكميم أفواه المعارضين؛ وكان من شأن ذلك تكدير السلم العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة في مصر.

كما نسبت إلى منصور تهمة سب إحدى الهيئات المستقلة، ممثلة في "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام"، علناً بطريق النشر من خلال حسابه الإلكتروني الشخصي المتاح للكافة، بأن نعت المجلس بـ"الاستبداد والانبطاح وتكميم أفواه المعارضين"، ما نال من قدره، وحط من شأنها، فضلاً عن سب "الهيئة الوطنية للصحافة" علناً بطريق النشر، بأن وجه لها الألفاظ المبينة في قرار الاتهام، ما حط من شأن الهيئة أمام الرأي العام.

وتعود تفاصيل القضية إلى الهجوم الحاد الذي قام به رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون، في 7 مقالات. على عدد من الشخصيات الإعلامية بينهم أحمد موسى ونشأت الديهي وغيرهم. باعتبارهم سببا في تردي الأوضاع الإعلامية. حتى وصلت الأزمة إلى منصة القضاء بعدما أعلن المجلس الأعلى للإعلام. تقدمه بشكوى جنائية ضد عضو هيئة تدريس بإعلام القاهرة، للتحقيق في الإهانات التي يكتبها في حق إعلاميي مصر.

وجاء المنشور الثامن، بعد بيان للمجلس الأعلى للإعلام، وحملت جميع المقالات انتقادات موجهة لأداء الإعلام المصري.

كما تناول “ندا” في مقال له. رئيس جامعة القاهرة. واتهمه باستخدام أسماء شخصيات رفيعة في الدولة من بينها رئيس الجمهورية في تمرير قرارات غير قانونية

ومن ضمن سلسلة مقالات منصور هوذا نص مقالين حرفيا تسببا فى اعتقاله بدعوى ما اسموه تعطيل عمل أجهزة الدولة وغيرها من التهم:

مقال ''رسالة مفتوحة إلى رئيس تحرير مصر''  / بقلم د. أيمن منصور ندأ رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة الخميس، 18 مارس 2021

أحياناً يحتاج الإنسان إلى تجاوز أداء "العرائس والدمى" التي تتحرك أمامه على المسرح إلى الاستمتاع بفكر و"دماغ" الفنان الذي يحركها.. نستمتع بأداء الممثلين وبطريقة تقمصهم لأدوارهم، غير أننا نبحث في الوقت ذاته عن الرسالة التي يريد الكاتب والمخرج توصيلها إلى الجمهور من خلالهم .. التفكير في رسالة المؤلف والمخرج يفسد أحياناً عملية المشاهدة والاستمتاع بها، غير أنها ضرورية من آن لأخر لعدم الاستغراق في الخيال ..

كنت قد نشرت عدة مقالات عن بعض العاملين والمسئولين في المجال الإعلامي.. غير أنني وجدت أنه "لا حول لهم ولا قوة" .. وليس لهم من الأمر شيء.. ولا يجب أن نحملهم فوق طاقتهم.. خلف المشهد الإعلامي هناك من يمسك بكل الخيوط.. وهناك من يحرك كل العرائس.. كل الدلائل تشير إلى رجل واحد .. وكل الإشارات تتجه إليه... هو صاحب لقب "رئيس تحرير إعلام مصر" و"الرئيس التنفيذي لمصر" في المجال الإعلامي: المقدم أحمد شعبان.

لا أعرف المقدم أحمد شعبان بشكل شخصي.. والمعلومات التي حاولت جمعها عنه ممن لهم صلة مباشرة به متضاربة وغير متسقة.. هناك من يرفعونه إلى درجة التقديس، وهناك من يرى عكس ذلك تماماً.. وما بين المحبين والكارهين له هناك اتفاق على شيء واحد أنه أقوى رجل في المنظومة الإعلامية (والسياسية) في مصر.. صلاحياته لا حدود لها، وقراراته لا معقب عليها .. بطشه شديد.. وعقابه أليم.. يخافه الوزراء والخفراء؛ يتهامسون باسمه خوفاً من الجهر به.. ويشيرون إليه بالتلميح أكثر منه بالتصريح..

في المجال الإعلامي.. أحمد شعبان لا شريك له.. أحد احد .. يعز من يشاء، ويذل من يشاء.. يهب الملك والنفوذ لمن يشاء، وينزعه ممن يشاء.. وهو على كل شيء قدير!.. بأوامره تدار المنظومة الإعلامية.. وبرؤيته تتم معالجة كل القضايا.. علاقاته ممتدة.. ونفوذه متسع.. وسلطانه قوي.. وله شخصية قائدة تفرض سطوتها على الجميع.. كل المستبعدين من العمل الإعلامي يكرهون الرجل.. ويعرفون أنه وراء ذلك، ولا أحد غيره.. وكل العاملين في المجال يخشون غضبته، ويرقبون إشاراته .. وينفذون حرفياً تعليماته.. وكثير منهم يتطوع، ويُجَوِّد في تنفيذها ويضيف لها، في محاولة لكسب وده، أو على الأقل اتقاء شره.. لا أحد يخرج عن سلطانه ونفوذه.. حتى أقرب المقربين من الرئيس السيسي.. فعلها مع "ياسر رزق" المقرب من الرئيس لسنوات طويلة... وفعلها ويفعلها مع "أسامة هيكل" في الوقت الحالي..

قدرات شعبان الإدارية ومهاراته التنظيمية غير عادية.. أقرب إلى صفوت الشريف في شكله وأدائه: نسخة عصرية ومحدثة منه.. ويجمعهما العمل المخابراتي وإن كانت تنقصه الحنكة السياسية.. كان صفوت الشريف متحدثاً لبقاً وخطيباً مفوهاً، وشعبان كاتب جيد ومتذوق للكلمات.. فهو "ابن الدولة" في كتاباته.. وله ميول فنية، تظهر في لوحات ورسومات يشير بعض المتخصصين إلى أنها على درجة عالية من الإتقان.. بعض الظرفاء يشيرون إلى أنه مثلما كان "نيرون" يستمتع بعزف الموسيقى وروما تحترق.. فإن المقدم شعبان يستمتع بالرسم والمشهد الإعلامي يحترق!!

رسائل كثيرة وردت لي تحذرني من الكتابة عن المقدم أحمد شعبان .. رجل جيش ومخابرات من ناحية، ومقرب بشدة من اللواء عباس كامل ومن السيد / محمود السيسي من ناحية أخرى.. و"قرصته والقبر" كما يقولون .. غير أن أسباب التحذير هي نفسها التي شجعتني على الكتابة عنه دون خوف.. فالانتماء إلى الجيش المصري شرف لا يناله إلا المخلصون .. وقرب الرجل من رجلين بهذا الحجم معناه أنه رجل كفء، ولديه إمكانيات وقدرات خاصة.. وثلاثتهم (عباس كامل- محمود السيسي- أحمد شعبان) يجمعهم حب الرئيس السيسي والإخلاص لمصر.. وأنا أشاركهم هذا الحب، وأقاسمهم هذا الإخلاص.. وفوق هذا وذاك، فنحن في دولة قانون، دولة أركانها راسخة.. لا يضيرها لو خرج فرد على إجماع الآراء بوجهة نظر مخالفة.. وما دام الحوار على أرضية وطنية.. وهدفه الصالح العام.. فلتكن المصارحة واضحة وعلنية وشاملة.. لا أخاف عقاباً، ولا انتظر ثواباً.. هي "كلمة أقولها وأمضي في حال سبيلي" على حد تعبير السيد المسيح. .. ولن انحني عند قولها مهما كانت الظروف .. فقد لا تتاح لي الفرصة كي أرفع رأسي مرة أخرى على حد تعبير عمر المختار!

اعتراف لابد منه : التفاوض وقوة المدفع

كان رئيس وزراء بريطانيا الأشهر "ونستون تشرشل" يشير إلى أنه "لا تستطيع أن تتفاوض إلا إلى المدى الذي يصل إليه مدفعك!".. وفي حروب الجيل الرابع.. لا تستطيع أن تتفاوض إلا إلى المدى الذي يصل إليه تأثير مدافعك الإعلامية بأشكالها المختلفة، وأنواعها المتعددة.. ومدافعنا الإعلامية في هذه الأيام "بعافية حبتين": لا تصل ولا تؤثر.. وهو ما اعترف به وزير خارجيتنا هذا الأسبوع في تعقيبه على بيان إدانة 31 دولة لملف حقوق الإنسان في مصر.. إذ أشار إلى أننا ": نحتاج لآلة إعلامية نافذة تستطيع أن تصل للآخرين وتكون مؤثرة وهذا يحتاج لجهد وإمكانات (...) هناك آلة إعلامية قوية من التنظيمات الإرهابية، وبالأخص جماعة الإخوان، تستهدف الاستقرار في مصر"!!

إعلامنا لا يصل إلي أهالينا الطيبين في قرى مصر ونجوعها.. ولا يصل إلي أصدقائنا المقيمين في واشنطن ولندن وبرلين أو حتى في الخرطوم وأديس أبابا وجوهانسبرج.. هو إعلام عاجز وضعيف وغير مقنع.. "بني عبيد" في مقابل بايرن ميونخ ، و"سيراميكا كليوباترا" في مقابل برشلونة .. "هناك فرق سرعات وقدرات"! .. و"الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ" يا سيدي!

قل ما تشاء على قنوات الجزيرة وأخواتها.. المؤكد أنها قنوات إحترافية لديها أساتذة إعلام وأسطوات صنعة.. وهي قنوات قادرة على الوصول والتأثير.. قل ما تشاء على قنوات الشرق وأخواتها .. المؤكد أن لها تأثيراً في الشارع وتواجداً لدى المواطنين أكبر من تأثير قنواتنا الوطنية.. على الورق: إمكانياتنا البشرية والمهارية أكبر، ومدافعنا الإعلامية أحدث، وقدراتنا الهجومية أقوى.. غير أنه وفي الميدان، أسلحتنا يتم دكها على الأرض بدون حرب.. تماماً مثلما حدث في 1967..

إعلام عبد الناصر (النموذج الذي نحاول استنساخه في زمن غير زمانه) كان يصل ويؤثر.. مصداقية إعلام عبد الناصر كانت كبيرة، والثقة في وسائل إعلامه كانت عالية.. إعلامنا الحالي لا يصل.. ولا يؤثر.. .. الرئيس عبد الناصر كان ديكتاتوراً ولكنه كان يؤمن بالكفاءات والخبرات وأسطوات الصنعة.. ويعطي العيش لخبازه.. في أيامنا .. وضعنا "الواد بلية" مكان الأسطى .. والصبي مكان المعلم.. وخسرنا للأسف الوظيفتين! .. (أنا عتريس .. أنا بلوة سودة!)

سيدي.. الرئيس عبد الناصر كان له إعلاميوه والمؤمنون به .. والرئيس السادات كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. والرئيس مبارك كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. حتى الرئيس مرسي كان له إعلاميوه والمؤمنون به.. كل رئيس صنع إعلامييه على عينه وساندهم.. الوحيد الذي ليس له إعلاميون هو الرئيس السيسي .. إعلاميوه أكلوا على كل الموائد السابقة ويفتخرون بذلك.. والملتفون حول مشروعه الإصلاحي ماضيهم الإعلامي غير مشرف.. ومن كان منهم صاحب رأي أو رؤية تم تحديد إقامته في البيت أو نفيه من البلاد.. ليس للرئيس السيسي ظهير إعلامي خاص به.. كثير من المتحدثين عن الرئيس السيسي يسحبون من رصيد شعبيته لدى الناس حتى كاد ينفد.. ويخصمون من مخزون محبته لدى الناس حتى بدأ الناس في التململ والتوجع.. الإعلاميون هم وحدهم المستفيدون.. والخاسر هو الرئيس السيسي.. والخاسر هو الوطن.. كثيرون حول مصالحهم .. قليلون حول الوطن!

سيدي .. لا يوجد من نقرأ له مقالاً في صحافتنا المصرية في هذه الأيام.. هي بيانات ومنشورات وحسب.. ولا يوجد برنامج تليفزيوني واحد مقنع نلتف حوله ونتابعه.. هي كلها نسخ كربونية في المقدمات وطرق الإقناع وأساليب التقديم.. إعلامنا يا سيدي لا يتحدث إلا لك، ولا يعنيه سوى رضاك.. ولذلك فقد كل شيء.. لقد وصلنا إلى الحد الذي كتب فيه الأستاذ ممتاز القط (صاحب مقال طشة الملوخية الشهير) يترحم على الإعلام في أيامنا!!.. ووصلنا إلى الحد الذي استعنا فيه بالأستاذ سمير رجب لكي يرجعنا إلى زمن "التطبيل الوسطي الجميل"!!.. ووصلنا إلى الحد الذي نشتاق فيه إلى "صور أسامة سرايا التعبيرية".. رأينا ما هو أسوأ فترحمنا على ما كنا نعتبره سيئاً(عتبتُ على عمرو فلما فقدتُه .. وجربتُ أقواماً بكيتُ على عمرو...... رب يوم بكيتُ منه فلما صرتُ في غيره بكيتُ عليه)! قوتك يا سيدي من قوة الإعلام الذي خلقته وصنعته.. ونحن نستحق إعلاماً أفضل يليق بنا، ويليق بمصرنا العزيزة. في ميزان التاريخ: مهنة في خطر

سيدي .. التاريخ لن ينصف الإعلام في عهد الرئيس السيسي.. ولن يكون الحكم في صالحكم وقد كان الملف تحت إياديكم.. ما حدث خلال السبع سنوات الماضية في ملف الإعلام لو تم تكليف أحد عامداً متعمداً بتخريب البيئة وتجريف الأرض الإعلامية ما قام بأكثر مما تم .. وسوف نظل نعاني سنوات عديدة قادمة من جراء ما حدث.. تم ترسيخ ممارسات غير مهنية، وتصعيد إعلاميين غير محترفين.. والتخلص من كفاءات حقيقية.. واختيار قيادات غير مناسبة في المواقع المختلفة.. وسادت أخلاقيات ممارسة ما كان لها أن تسود.. وكله بالقانون، وكله تحت عين وسمع الدولة وبمباركتها..

وتم في هذه المرحلة اتباع سياسات أدت إلى تحقيق انتكاسات في علاقة المواطنين بالنظام السياسي، وفي شعبية الرئيس، وفي صورته في الخارج.. وفي صورة الدولة ككل وهي جزء أصيل من مقومات قوتها.. إن أخطر ما فقدناه خلال السنوات السبعة الماضية: الثقة والمصداقية في الداخل، والفعالية والتأثير في الخارج.. وبذلك، أصبح الإعلام مغيباً وفاقداً للوعي في الداخل، ومشلولاً وفاقدا للحركة الإيجابية في الخارج.. الهزائم الإعلامية المتتالية داخلياً وخارجياً أفقدت الدولة المصرية كثيراً من عناصر قوتها وفعاليتها الداخلية والخارجية!

سيدي.. لقد هُزمِنا خارجياً في عشرات القضايا.. فشلنا في تغيير صورة الثورة المصرية (30 يونيو) لدى الرأي العام في كثير من دول العالم، ولا زال الرأي العام العالمي يعتبرها انقلاباً عسكرياً.... وفشلنا في تسويق ملف حقوق الإنسان، ومفهوم الدولة المدنية، وعلاقة الدولة بمعارضيها.. وفشلنا في كسب تعاطف الشعوب الإفريقية وغيرها فيما يتعلق بحقوقنا التاريخية وحصتنا المشروعة في مياه النيل.. وغيرها من القضايا مثل قضية روجيني ، وملف الأقباط في مصر... نحن نخاطب الداخل في تسويق قضايانا الخارجية.. إعلامنا أشبه بالشيخ حسنى في "الكيت كات" وهو يقود صاحبه الكفيف الشيخ عبيد فسقطا معاً في الماء.. (أعمى يقود سفيهاً لا أباً لكموا .. قد ضل من كانت العميان تهديه)

وداخلياً.. فشلنا في تسويق مشروع الإصلاح الاقتصادي للجمهور.. وفشلنا في إقناعهم بجدوى المشروعات القومية الكبرى.. وفي أهمية العاصمة الإدارية الجديدة، وفي أولويات الإنفاق الحكومي.. وفشلنا في خلق علاقة إيجابية بين المواطنين والحكومة.. إلى الحد الذي استشعر فيه الرئيس السيسي خطورة الموقف، وبدأ في القيام بدور الإعلاميين أنفسهم.. وبدأ يقوم بكل الأدوار من أجل إنجاح وتسويق مشروعات الدولة.. خذل الإعلاميون وخذلت وسائل الإعلام المصرية الرئيس السيسي في جهوده.. وكانت عليه لا له.. وكأنها "المستعمر السري" على حد تعبير شاعر اليمن الشهير عبد الله البردوني (فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري.... وهل تدرين يا صنعا من المستعمر السري؟ .... غــزاة لا أشـاهـدهـم وسيف الغزو في صـدري)

ومن ناحية السياسات الإعلامية.. فقد تم اتباع سياسات أقرب إلى التجزئة (إدارة الإعلام باليومية/ بالقطعة).. وتم تضييق المجال العام وخنقه تماماً.. وتكريس احتكار الدولة لوسائل الإعلام من خلال شركات تابعة لها أو لبعض أجهزتها .. وعدم وجود تنسيق بين المجالين السياسي والإعلامي وهو ما أدى إلى الارتباك في معالجة عديد من القضايا (عودة العلاقات مع قطر نموذجاً).. والصراع المعلن بين أجهزة الدولة في الملف الإعلامي ( مثال: الهجوم على وزير الدولة للإعلام على شاشات التليفزيون المصري وإذاعة تسريبات له في سابقة تاريخية!).. وعدم وجود سياسة إعلامية واضحة المعالم يمكن الاسترشاد بها في معالجة القضايا المختلفة.. إضافة إلى اختلال المعايير التي يعمل بها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وعدم قيامه بالدور المنوط به، واعتباره مجرد استكمال لشكل دستوري مفرغ من كل مهامه الأساسية!!

أسالك الرحيلا

سيدي.. المراجعة مطلوبة.. وإعادة التفكير في أمور إعلامية كثيرة مهم.. ولا يقلل من شأنك الاعتراف بأنه كانت هناك أخطاء .. المهم أن تكون هناك نية حقيقية للإصلاح.. وقد حان أوانها.. ولابد أن تتم اليوم اليوم وليس غداً..

سيدي .. مهنة الإعلام في خطر.. ليس هناك وقت يمكن أن نضيعه في خلافات حول السبب.. المؤكد أن كل يوم يمر بدون إجراءات تصحيحية فاعلة وناجزة، هو أمر يصعب من مهمة الإعلام في الفترة القادمة ..

سيدي .. هل أنبئك بالأخسرين أعمالاً؟ الذين صنعوا إعلاماً ضعيفاً، واستعانوا بوجوه كريهة، واعتمدوا على أسلحة قديمة، وهم يعتقدون أنهم يحسنون صنعاً!.. الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا.. فلا تحسبنهم بمفازة من المساءلة أمام التاريخ.. وهي مساءلة لو تعلمون صعبة.. وتحسبونه هيناً وهو عظيم لو تعلمون!

سيدي.. إن مصر أعز علينا من أنفسنا، ومصلحتها أهم من مصالحنا.. وأثق تماما في وطنيتكم.. وأثق تماما في رغبتكم الصادقة ونيتكم السليمة في صنع مستقبل إعلامي مشرق لها.. كفاكم ما قمت به .. دعوا الفرصة لآخرين..

سيدي.. بحق مصر التي هي آخر ما نعتصم به من مخاطر المستقبل.. وبحق هذا البلد الذي نحرص عليه وعلى مستقبله.. وبحق شرفك العسكري الذي تعتز به وننحني له إجلالاً وتقديراً .. اسألك الرحيلا!

مقال / "إعلام البغال والحمير" !! / بقلم د.أيمن منصور ندأ رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة الخميس، 25 مارس 2021

مما يُروى عن شاعر العرب الأعظم أبي الطيب المتنبي أنَّ رجلا قال له: لقد رأيتك من بعيد فحسبتك امرأة! فقال له المتنبي: وأنا رأيتك من بعيد فظننتك رجلاً!..  كثيراً ما تختلط الأمور لدينا .. وكثيراً ما يتشابه البقر علينا.. فنرى الأشياء على غير حقيقتها.. إعلامنا من بعيد نراه شيئاً.. وعندما نقترب من تفاصيله نكتشف شيئاً آخر..

إعلامنا في معظمه ينطبق عليه الوصف القرآني "وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً".. البغل هو كائن هجين من الخيل والحمير.. فلا يملك جمال الخيل وشممها وشيمها، ولا يملك طاعة الحمير واستكانتها وخضوعها.. هو كائن "مسخ" مثل كثير من الأشياء في حياتنا.. إعلام البغال هو إعلام أقرب إلى "لوسي ابن طنط فكيهة".. لا يمكن الإشادة به كرجل، ولا يمكن الاعجاب به كسيدة.. هو إعلام بلا نخوة، ولا شهامة، ولا قوة، ولا فعالية.. و تصدق عليه مقولة الفنان "يوسف وهبي": "بالذمة مش حرام يتحسب علينا راجل؟"..!! لماذا يتم تسويق البغال لنا على أنها خيول عربية أصيلة؟ لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية؟ لماذا ندفع ثمن الخيل ونرضى بالبغال؟!

وظيفة البغال كما حددها النص القرآني: الركوب والزينة.. ولا شيء آخر.. وهو ما يقوم به إعلامنا حرفياً.. إعلامنا مطية "يركبها" من يملك المال أو من يتولى الحكم أو هما معاً، ولا عزاء للمواطنين .. وإعلامنا زينة وديكور لزوم القعدة في كل الأحوال.. مثل "النيش" في معظم بيوتنا؛ نحرص على وجوده، دون أن يكون مستخدماً.. ومثل "طقم الصيني" الذي لا يتم الاقتراب منه وتتوارثه الأجيال!! إعلامنا لا يمثلنا، ولا يعكس هويتنا الثقافية، ولا يلبي احتياجاتنا المجتمعية، وغير قادر على التعبير عن أحلامنا وطموحاتنا.. وسائل إعلامنا لها "أجسام البغال وأحلام العصافير".. والعصافير في وسائل إعلامنا على كل شكل ولون.. وأكثرهم موجودون على الشاشات، ولهم رتب معلومة، وأقدار محفوظة، وحسابات بنكية عامرة!!

إعلامنا ليس إعلاماً قوياً ومحترفاً مثل الخيول العربية .. وليس ضعيفاً مستكيناً راضياً بحاله مثل الحمير .. ولكنه أقرب إلى إعلام البغال؛ إعلام الحنجلة.. تتنازعه أحياناً صفات الخيول فيكون جامحاً  ولكن على الشعب وضد الشعب (أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامةٌ).. وأحيانا كثيرة صفات الحمير فيبدو مستكيناً لصاحبه ولمن يقوده..  وفي غالبية الأحيان، لا يكف عن "الرفس" العشوائي لكل المحيطين به.. هو إعلام لا لون له ولا طعم ولا رائحة أشبه بتعريف الماء في الكتب قديماً، قبل أن يتغير ويختلط بماء الصرف الصحي ومخلفات المصانع في مصرنا الحبيبة فيصبح له طعم ولون ورائحة!..

إعلام البغال يمثل أحياناً دور "الحمار الطموح" الذي يبغي تحقيق أهداف لا يقدر عليها، فيرجع في الغالب مهزوماً جريحاً .. هزائمنا الإعلامية الداخلية كثيرة.. ونكساتنا الخارجية متعددة.. شباكنا الإعلامية بها ثقب أكبر من ثقب الأوزون، وأكبر من حجم الوهم الذي نعيش بداخله.. في المثل العربي يقولون: "ذهب الحمار يطلب قرنين ( لكي ينطح بهما ويزداد قوة) فعاد مصلوم الأذنين (فقد قوته وشكله)" .. وإعلامنا الحالي فقد أذنيه وعينيه ومن قبلُ فقد كرامته وارتهنها راضياً مرضياً، وشروه بثمن بخس.. مصالح شخصية معدودة.. وكانوا فيه من الزاهدين!

إعلام البغال هو إعلام هجين بين الإعلام القمعي والإعلام الحر .. هو إعلام "توفيقي" على حد تعبير البعض، و"تلفيقي" كما أفضل أن أطلق عليه.. التلفيق صناعة مصرية أصيلة في مشوار البحث عن هوية.. إعلامنا الحالي يشبه حياتنا المختلطة بكثير من الزيف والادعاء وقليل من الصدق.. ليس "أرابيسك" كما أراده "أسامة أنور عكاشة"، ولكن "بزرميط" كما يشير إليه المعنى الحرفي للكلمة الشعبية!..

تاريخ الإعلام هو تاريخ البحث عن مساحة حرية.. وعن متنفس للتعبير عن هموم الناس وأحلامهم.. في كل عصر كان هناك صراع حول مساحة الحرية التي تستطيع وسائل الإعلام اقتناصها واللعب فيها والتمتع بها..  الأسماء التي حفظها لنا تاريخ الإعلام هي تلك الأسماء التي عملت على توسيع هذه المساحة وعلى حسن استغلالها.. في أيامنا هذه.. الإعلاميون يتطوعون لتضييق هذه المساحة.. ويتسابقون في تخفيض السقف المسموح به.. و يتبارون في تكميم أفواه المعارضين لهم.. "مكارثية" على الطريقة المصرية.. "مكارثية البغال"! .. "نقباء المهنة" هم أكثر الناس حرصاً على تكميمها.. ورؤساء الهيئات المسئولة عن المهنة هم أكثرنا انبطاحاً ودفاعاً عن الاستبداد!!

كان المفكر الجزائري "مالك بن نبي" يرى أن مشكلة الأمة العربية ليست في الاستعمار ولكن في القابلية للاستعمار.. قابليتنا للاختراق و"للاستحمار" عالية جداً، أعلى من نسب السكر والضغط عند معظم المصريين.. وتزداد هذه النسب لدى القيادات الإعلامية، وترتفع لديهم بشدة.. "القابلية للانقياد" صفة أساسية لكل من يتولى منصباً إعلامياً في هذه الأيام، دون الشعور بغُصةٍ في الحلق أو وجع في الخلق: أن تقف "انتباه" وتستمع إلي الأوامر وتنفذها دون نقاش؛ وأن تكون مستعداً للتضحية بالآخرين من أجل تنفيذها.. تماماً مثلما كان العرب مستعدين للحرب مع إسرائيل حتى آخر جندي مصري!

                               كرم جبر .. رئيس إعلام البغال

"كرم جبر" نموذج مكتمل لمسئولي إعلام البغال.. طريقة قيامه بوظيفته وأداؤه يؤكدان ذلك.. الرجل أسد حين يتكلم ونعامة حين يتخذ القرار.. لا حول له ولا قوة .. تتنازعه رغبات متضاربة لإرضاء أطراف متفرقين أو مجتمعين.. أداء الاستاذ كرم جبر الإعلامي وكرجل مسئول هو أقرب إلي أداء البغال والحمير أيضاً: تبلد الإدارة، وبطء القرارات، وضخامة الخسائر الناجمة عن "الرفس" وعن بعض القرارات الخاطئة.. أداء كرم جبر أقرب إلي شخصية زكي قدرة .. وشعاره الدائم في كل المواقع التي تولاها: "ادبح يا زكي قدرة.. يدبح زكي قدرة.. اسلخ يا زكي قدرة.. يسلخ زكي قدرة".. لا يكلف "كرم جبر" نفسه ما لا يطيقه.. وليس عليه حرج في أفعاله.. هو رجل "متواضع الإمكانيات" و"قليل القدرات"، و"معدوم الخبرات"، ولكنه كبير الحظ في الرضا النفسي بالانقياد وتنفيذ الأوامر الصادرة إليه حتى ممن يعملون تحته..

كان "عبد الله كمال" له كلمته العليا عندما كانا معاً في روز اليوسف.. كان عبد الله كمال يمشي في طريقه ويتبعه "كرم جبر" .. بنفس الطريقة التي جسدها "ألفريد فرج" في مسرحية "على جناح التبريزي وتابعه قفة"!.. واليوم حلت "رانيا هاشم" (سيدة المجلس وصاحبة النفوذ والعصمة وكلمة السر لكرم جبر).. مع اختلاف الإمكانيات والقدرات بين "عبد الله كمال" الصنايعي المحترف والسياسي المخضرم، و"رانيا هاشم" صاحبة شبكة العلاقات العامة المتنامية الأطراف و المتغلغلة في كافة مفاصل الدولة ..  وكأنَّها استنساخ لقصة "لوسي أرتين" جديدة !!

كرم جبر يحب أن يحتمي بغيره.. وأن يكون أداة تنفيذية لآخرين .. ولا خاب من استشار.. الرجل يستشير أصحاب الأمر الإعلامي في كل صغيرة وكبيرة.. ومستعد للموت في سبيل الدفاع عن هذه الأوامر وفي الدفاع عن أصحابها.. الرجل متدين وينفذ التعاليم "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"!

"كرم جبر" نموذج بارز جداً للفشل الإعلامي.. لا تستطيع أن تقرأ له مقالاً إلى آخره.. ليس لديه الفكر الذي يبهرك، أو موهبة الكتابة التي تجذبك.. هو رجل بالمفهوم الإنجليزي "مديوكر" mediocre.. صحفي بالعافية وإعلامي بالزق .. واللي مش عاجبة يشرب من البحر.. وإدارياً لم يتم ضبطه متلبساً بالنجاح في أي موقع شغله.. سجله القياسي في الفشل في المواقع السابقة يجعل من تعيينه في موقعه الحالي نكتة بايخة.. والاستمرار في شغله هذا المنصب رغم إخفاقاته نكتة "أبوخ" .. حاول كرم جبر وجرب أن يكون مذيعاً وفشل.. وحاول وجرب أن يكون صحفياً وصاحب كلمة مقروءة وفشل.. وحاول وجرب مرات عديدة القيادة وفشل.. هو رجل "مزاجه جاي على الفشل" وهو سعيد به وفخور بنفسه!! بس بصفة عامة، هو "ابن حلال وبيعرف يجيب المصلحة من فم الأسد"!

                         أحمد موسى .. مذيع إعلام البغال

أداء الأستاذ أحمد موسى الإعلامي الأبرز في المنظومة الحالية، وخليفة الأستاذ هيكل والفائز بجائزته كما يردد،  هو أقرب إلى أداء البغال المضطربة .. جرب معي أن تغلق الصوت وترى تعبيراته وحركات يده وطريقة إدارته لجسده على الشاشة.. هي نفسها حركات البغال والحمير.. لا فيها شمم الخيول وجمالها..  ولا فيها وداعة الحمير وسكونها.. هناك اضطرابات في الخلايا الوظيفية الإعلامية لديه.. يرفع الحاجب، ويتشنج، ويضحك، ويبكي، ويكلم نفسه، ثم يوجه حديثه إلى الجمهور في نفس الوقت.. هو كما يطلق عليه البعض "كاركتر".. وفي مجال الفن يقولون : "خليك كاركتر.. تشتغل أكتر".. والرجل قبل النصيحة!

 جرب معي عكس ذلك؛ أن تستمع إليه دون أن ترى طلته الكريمة على الشاشة، فستكون أمام صوت غير مريح إعلامياً، ووقعه على الأذن غير مستحب ومزعج.. والصوت لا يختلف عن الأداء الحركي في دلالاته وإشاراته عن الشخصية الإعلامية.. مؤكد أنه لو خضع لأي اختبار صوت أو كاميرا قبل التحاقه بالعمل الإعلامي كان سيرسب بجدارة!

لا أحدثك عن مهاراته الإقناعية، وقدراته التأثيرية.. الرجل قادر على جعلك تكره ما يقول، وأن تتبنى أي موقف معاكس له.. هو مثل أسلحة 1948.. تصيب من يستخدمها، وتقتل من يدافع عنهم.. غير أن أهم ما يميزه هو اعتقاده في مصداقيته، و"فتحة الصدر" التي يتحدث بها.. أداؤه نموذج مثالي للتدليل على "جرأة الجاهل"؛ "يهرف بما لا يعرف"، ويفتي ويهبد في كل ما لا يحيط به علماً..

وعندما ترجع إلى أرشيف أحمد موسى الصحفى لا تجد له شيئاً ذا بال .. أسلوب كتابته ركيك.. وتعبيراته ساذجة.. وأخطاؤه عديدة..  ولكنه "شطور" يجيد تربيط العلاقات مع مصادره الأمنية.. هو مندوب الأهرام في وزارة الداخلية، أو مندوب وزارة الداخلية في الأهرام كما يطلق عليه بعض الظرفاء وأهل الشر.. وهو يعرف كيف يحصل على الخبر من فم لواء الشرطة، أو من نقيب الصحفيين.. لا فرق بينهما.. وهي مهارة "عصفورية" خاطفة تحسب له.. وعندما تشاهد برامجه التليفزيونية فإننا إزاء ملهاة هزلية ساخرة .. لا تملك أمامها إلا الإبتسام وضرب كف بكف وتقول "عجبت لك يا زمن"! .. وأحمد موسى بالمفهوم الإعلامي ليس صحفياً إلا ببطاقة العضوية، وليس مذيعاً إلا بتواجده على الشاشة.. هو "مسخ" بين هذا وذاك..

في اتصال ولقاء بيني وبين ممثل عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام خلال هذا الأسبوع، قيل لي ما طلباتك؟ قلت لهم: تطبيق القانون وميثاق الشرف والأكواد الإعلامية التي يتم تطبيقها على جميع الإعلاميين على برنامجيّ "أحمد موسى" و"نشأت الديهي".. لا أريد سوى تطبيق القانون والميثاق الإعلامي على الرجلين، وإتاحة حق الرد لي كما ينص عليه القانون في نفس البرامج وبنفس المدة الزمنية التي تم سبي فيها.. أجابني الرجل: لقد طلبت أمراً إدَّاً، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً.. إقالة المجلس أسهل من الاقتراب من أحمد موسى ونشأت الديهي.. والاقتراب من "أجمد وزير" أهون وأيسر من الاقتراب من هذين الرجلين.. وأخبرني أن أحمد موسى ونشأت الديهي خطان أحمران في النظام الإعلامي..  شكرت  الرجل صادقاً.. وأوصيته أن يبلغ السيد كرم جبر نصيحة "سعد زغلول" الخالدة "مفيش فايدة"!!

المبدع الأستاذ "جمال بخيت" له قصيدة مشهورة عنوانها "دين ابوهم اسمه ايه؟".. وهي قصيدة تنطبق كلماتها حرفياً على إعلاميّ هذه الأيام أكثر مما تنطبق على من كُتِبت لهم وعنهم.. لا نعرف لهؤلاء الإعلاميين ملَّة، ولا نكاد نتبين لهم ديناً، ولا نفهم لهم عقيدة.. هم أقرب إلي السؤال الذي طرحه الفنان أحمد زكي في فيلم معالي الوزير : "عمرك شفت سفالة أكتر من كدة؟".. والحقيقة المؤكدة يا سادة: "مفيش أكتر من كدة"!!

الأحد، 22 سبتمبر 2024

يوم إطلاق سراح رئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية الأسبق عبد الناصر سلامة بعد عام من اعتقاله بزعم انه ارهابى وسجنه بلا محاكمة بعد ان كتب مقال طالب فيه السيسي بعد فشله واستبداده بالتنحي

 


يوم إطلاق سراح رئيس تحرير صحيفة الأهرام الحكومية الأسبق عبد الناصر سلامة بعد عام من اعتقاله بزعم انه ارهابى وسجنه بلا محاكمة بعد ان كتب مقال طالب فيه السيسي بعد فشله واستبداده بالتنحي 

 نص مقال الكاتب الصحفى عبد الناصر سلامة الذى تسبب فى القبض عليه بزعم انة ارهابى


يوم السبت 16 يوليو 2022 اطلق زبانية السيسى سراح الكاتب الصحفى عبد الناصر سلامة رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية الأسبق بعد عام من اعتقاله وسجنه بلا محاكمة بعد ان كتب مقال طالب فيه السيسي بعد فشله واستبداده بالتنحي. وجاء اطلاق سراح سلامة من بين حوالى 65 ألف معتقل على ذمة قضايا ملفقة تستند إلى أقوال مرسلة للبوليس ودون وجود أدنى أدلة.

وكان الكاتب الصحفى عبد الناصر سلامة  قد قام يوم الاحد 11 يوايو 2021، بنشر مقال على صفحتة بالفيسبوك تحت عنوان: ''افعلها وتنحى يا سيادة الرئيس'' انتقد فية قمع واستبداد السيسى للناس وإشاعة حالة من الرعب والخوف بين المصريين بتهديدهم بنشر الجيش خلال ٦ ساعات وعسكرة البلاد وتكديس السجون بالمعتقلين الأبرياء وسجن واعتقال عشرات الآلاف بمبرر ودون مبرر وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفياً وفئوياً. وطالب برحيل السيسي استجابة للإرادة والمطالب الشعبية ومحاكمته بتهمة الخيانة العظمى بعد أن تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وحقول الغاز في البحر المتوسط الى إسرائيل واليونان وقبرص ومياه نهر النيل الى إثيوبيا وتوقيعه على وثيقة استسلام لاثيوبيا فى اتفاقية إعلان المبادئ وجبن عن ضرب سد النهضة وعجز عن حشد التأييد الدولي لدعم مصر ضد سد النهضة في مجلس الأمن. ومؤكدا أن عمليات التغييب والخداع لم تصمد أبداً في كل الديكتاتوريات

وبعد نشر المقال قامت دنيا السيسي، خاصة بعد تداول وسائل الإعلام الحرة ومواقع التواصل الاجتماعى المقال وانتشاره دوليا واقليميا ومحليا بصورة رهيبة، وبعد بضع ساعات ألقت قوات الأمن القبض على الكاتب الصحفى عبد الناصر سلامة يوم الأحد 18 يوليو 2021. بزعم انه ارهابى ضليع فى أعمال الإرهاب. وعرض على النيابة يوم الاثنين 19 يوليو 2021. وقررت النيابة حبسة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وتكرر تجديد حبسه على مدار فترة اعتقالة، بتهم مختلفة منها ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، ومشاركة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار كاذبة.  

وجاء نص مقال الكاتب الصحفى عبد الناصر سلامة، رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية السابق الذى تسبب فى القبض عليه بزعم انة ارهابى وحبسه سنة بلا محاكمة على الوجه التالي حرفيا:

 ''لماذا لا تكون لدى الرئيس عبدالفتاح السيسي الشجاعة الأدبية والأخلاقية، ويعلن مسئوليته المباشرة عن الهزيمة الثقيلة أمام إثيوبيا، وإضاعة حق مصر التاريخي في النيل، عندما منح الشرعية للسد موضوع الأزمة بالتوقيع على اتفاقية ٢٠١٥ المشئومة، (وكان يدرك عواقب ما يفعل)، ثم عندما منحه الشرعية مرة أخرى باللجوء لمجلس الأمن دون إعداد جيد، وقبل ذلك عندما تغاضى عن بدء البناء، ثم عندما عجز عن اتخاذ قرار عسكري يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها، وأيضاً عندما فشل في حشد التأييد الدولي لقضية عادلة، على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات بشراء السلاح وغير السلاح من الدول المؤثرة.  الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج الرئيس إلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، عن كل ما اقترفته يداه، من تنازل عن جزيرتي البحر الأحمر، وحقلي غاز البحر المتوسط، ومياه النيل، وإهدار ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبداً سدادها، وإشاعة حالة من الرعب والخوف بين المصريين بتهديدهم بنشر الجيش خلال ٦ ساعات، وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفياً وفئوياً بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف بمبرر ودون مبرر، وتحويل سيناء إلى مقبرة لجنودنا وضباطنا نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون، ناهيك عن عشرات الاتهامات التي سوف تتكشف في أوانها.  ليتك ياسيادة الرئيس اقتنعت مبكراً بالحقيقة المؤلمة التي كشفت عنها جلسة مجلس الأمن، وهي ألاّ نصير لك في العالم، وما هذه أبداً بمصر على امتداد تاريخها القديم والحديث معاً، والأسباب تعلمها جيداً.  افعلها وتنحى يا سيادة الرئيس من أجل إنقاذ مصر إذا كنت بالفعل مصرياً، هي الحسنة الوحيدة التي سيذكرها لك العالم وتمحو من ذاكرتهم تهمة الانقلاب التي تؤرقك والتي كانت سبباً في معظم التنازلات الخارجية، افعلها حتى يكون لدى القوات المسلحة حرية التصرف قبل فوات الأوان، وسوف تجد هذه القوات دعماً غير مسبوق من كل فئات الشعب إن هي فعلت ما يجب، مع الوضع في الاعتبار ألّا شرعية لأحد لم يدافع عن النيل.  يكفي أن الأُمَّة المصرية قد شاهدت، كما شاهد العالم أجمع، أن رئيس مصر كان يمتطي دراجة هوائية للتنزه في مدينة العلمين الجديدة بالتزامن مع جلسة مجلس الأمن التي كانت تناقش قضية مصر الوجودية، في استخفاف بالغ بشعب، كان يتابع الأحداث على الهواء مباشرة عبر شاشات التليفزيون، بمشاعر من الغضب والحزن على ما سيؤول إليه مصير أبنائهم وذرياتهم، من التعامل مع مخلفات الصرف الصحي في الطعام والشراب، وحتى الوضوء.  سوف نستبعد نظرية المؤامرة، والخيانة، والعمالة، وكل ما هو مطروح في الشارع حالياً، نأمل فقط أن تستطيع إثبات أن الموضوع كان مجرد خطأ في التقدير نتيجة حُكم الفرد والانفراد بالقرار، حين ذلك لن تكون هناك العقوبة القصوى، رغم إنني شخصياً أشك في ذلك.  افعلها وتنحى فو.راً دون إضاعة مزيد من الوقت، وإذا لم يكن من أجل مصر، فمن أجلك أنت، أُكرر: من أجلك أنت، ذلك أن عمليات التغييب والخداع لم تصمد أبداً في كل الديكتاتوريات التي مر بها العالم، لابد لها أن تتآكل شيئاً فشيئاً، حتى وإن دامت طويلاً بكتائب ولجان إلكترونية فاشلة، وهيمنة على إعلام بائس''.

طريق الحب والحرية

 


طريق الحب والحرية


شاهدها لاول مرة وسط سيل من طلقات الرصاص الحى والمطاطى والخرطوش وسحابات القنابل المسيلة للدموع التي كانت تنهمر عليهم ضمن الاف المتظاهرين، فى محيط حديقة جيزى التى تقع فى ساحة تقسيم وسط إسطنبول، خلال مطاردة قوات شرطة الحاكم التركى رجب طيب أردوغان، لهما مع باقى المتظاهرين ضد ظلمه وجوره واستبداده، وتناسى مطاردات قوات الشرطة والرصاص المنهمر حوله وتقدم منها وتعارف بها وتحابا مع اولى كلماته لها بعد ان نسجت طلقات الرصاص و قنابل الغاز بينهما قصة حب عارمة قررا تكليلها بالزواج، وحددا مكان حفل زفافهما مساءيوم السبت 20 يوليو 2013 فى حديقة جيزى، بعد ان شهدت حديقة جيزى إحدى فصول كفاحهم ضد الطغيان من اجل نيل اسمى امانى البشر فى الحرية والديمقراطية، وتعارفهما وتحابا داخلها، وربط كيوبيد حبهما الغالى وسط اشجارها، في خطوة اعتبرها الرأى العام التركى بمثابة: "قصة حب ناجمة عن حركة الاحتجاج"، وأقيم حفل الزفاف في حديقة جيزى واحتشد آلاف الناس فى حفل الزفاف بدون دعوة بعد أن وجدوا احقيتهم فى حضور حفل زفاف العروسين بصفتهم كانوا مشاركين فى الاحتجاجات التي أسفرت عن تعارفهما و حبهما وزواجهما، وفوجئ العريس اثناء جلوسه مع عروسه فى الكوشة داخل حديقة جيزى وسط الاف الحاضرين، بهجوم قوات أردوغان مجددا عليهم، بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي والخرطوش والحى وخراطيم المياه وتقويض حفل الزفاف وتحطيم اركانة وتفريق المدعويين الى الشوارع المحيطة بالحديقة واعتقال العروسين ووضع القيود الحديدية فى أيديهما حتى قبل أن يضع العريس الشبكة وخاتم الزواج فى يد عروسة داخل الكوشة، واقتيادهم مكبلين بالسلاسل والأصفاد الى السجن لقضاء شهر العسل فيه داخل زنازين انفرادية تمهيدا لتقديمهما الى محاكمة عاجلة، بدعوى معاودة تجمعهما مع الاف اخرين من نفس المتظاهرين فى ذات المكان الذى شهد احتجاجاتهم الواسعة ضد الدكتاتورية والطغيان، رغم حظر الاحتشاد في جيزي لمنع تجدد الاحتجاجات ضد نظام حكم الحديد والنار، كما أمر أردوغان بإزالة حديقة جيزي نهائيا بالبلدوزرات وتحويلها الى ركام و خرائب واطلال بعد أن كانت تضم ستمائة شجرة وتحويلها الى خرائب واطلال، لإقامة مبنى حكومى مكان أنقاضها على شكل ثكنة عسكرية قديمة على الطراز العثماني ترمز الى سطوة حكم العسكر والحديد والنار.

الماركسي ديساناياكي رئيسا لسريلانكا

 


الماركسي ديساناياكي رئيسا لسريلانكا


فاز النائب الماركسي أنورا كومارا ديساناياكي بالانتخابات الرئاسية في سريلانكا، وفقا للبيانات التي أصدرتها لجنة الانتخابات يوم الأحد، حيث رفض الناخبون الحرس السياسي القديم الذي اتُهم على نطاق واسع بدفع الدولة الواقعة في جنوب آسيا نحو الخراب الاقتصادي.

وبعد انتهاء فرز الأصوات، حصد المرشح الماركسي ديساناياكي 42,3% من الأصوات، حسبما أعلنت اللجنة الانتخابية على موقعها الإلكتروني.

وحل زعيم المعارضة ساجيث بريماداسا في المركز الثاني بحصوله على 32,76 بالمئة من الأصوات، فيما حل الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريميسينغه (75 عاما) في المركز الثالث بحصوله على 17,27 بالمئة.

وأظهرت بيانات مفوضية الانتخابات أن ديساناياكي حصل على 5 ملايين و740 ألف و179 صوتا، يليه بريماداسا بـ4 ملايين و530 ألف و902 صوتا.

وكانت الانتخابات التي عقدت يوم السبت حاسمة حيث تسعى البلاد إلى التعافي من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها والاضطرابات السياسية الناتجة عنها.

وقال ديساناياكي في منشور على إكس: "هذا الإنجاز ليس نتيجة عمل شخصي، بل هو نتيجة جهد جماعي لمئات الآلاف منكم. لقد أوصلنا التزامكم إلى هذا الحد، ولهذا، أنا ممتن للغاية. هذا النصر ملك لنا جميعًا".

ويقود ديساناياكي، 55 عامًا، التحالف اليساري "قوة الشعب الوطني"، وهو مظلة لمجموعات المجتمع المدني والمهنيين ورجال الدين البوذيين والطلاب.

وكانت الانتخابات بمثابة استفتاء افتراضي على قيادة ويكرمسينغه للتعافي الهش، بما في ذلك إعادة هيكلة ديون سريلانكا بموجب برنامج إنقاذ صندوق النقد الدولي، بعد تخلفها عن السداد في عام 2022.

قال ديساناياكي إنه سيعيد التفاوض على صفقة صندوق النقد الدولي لجعل تدابير التقشف أكثر احتمالًا.

ولم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50 بالمائة من الأصوات.

يسمح نظام الانتخابات في سريلانكا للناخبين باختيار ثلاثة مرشحين على بطاقات الاقتراع الخاصة بهم حسب ترتيب تفضيلاتهم. إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، فسيتم الاحتفاظ بالمرشحين الأولين وسيتم التحقق من بطاقات اقتراع المرشحين المستبعدين لمعرفة التفضيلات الممنوحة لأي من المرشحين الأولين، وستتم إضافة هذه الأصوات إلى إجمالي الأصوات الخاصة بهم. وسيتم إعلان المرشح الذي حصل على أعلى عدد من الأصوات بعد ذلك فائزا.

وكان هذا أداءً قويًا لديساناياكي، الذي فاز بأكثر من 3% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2019، ويشير إلى أن الناخبين سئموا من الحرس السياسي القديم.

وهنأ وزير خارجية علي صبري ديساناياكي على المنصة الاجتماعية إكس وقال إنه يأمل أن "يقود بالتزام بالشفافية والنزاهة".

وأضاف صبري: "أتمنى للسيد ديساناياكي وفريقه كل النجاح في جهودهم لقيادة سريلانكا إلى الأمام".

وأعلنت الحكومة، الخميس، أنها تجاوزت العقبة الأخيرة في إعادة هيكلة الديون من خلال التوصل إلى اتفاق مبدئي مع حاملي السندات الخاصة.

في وقت تخلفها عن السداد، بلغ إجمالي ديون سريلانكا المحلية والأجنبية 83 مليار دولار. وتقول الحكومة إنها أعادت هيكلة أكثر من 17 مليار دولار الآن.

على الرغم من التحسن الكبير في الأرقام الاقتصادية الرئيسية، فإن السريلانكيين يعانون من الضرائب المرتفعة وتكاليف المعيشة.

ونتجت الأزمة الاقتصادية في سريلانكا إلى حد كبير عن الاقتراض المفرط على مشروعات لم تدر إيرادات. وساهم تأثير جائحة كوفيد-19 وإصرار الحكومة على استخدام الاحتياطيات الأجنبية النادرة لدعم العملة، الروبية، في السقوط الحر للاقتصاد.

منظمة العفو الدولية: يجب إجراء تحقيق دولي في الهجمات المميتة باستخدام أجهزة محمولة متفجرة فى لبنان

الرابط

منظمة العفو الدولية فى تقرير اصدرتة مساء اليوم الأحد, ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٤: 

يجب إجراء تحقيق دولي في الهجمات المميتة باستخدام أجهزة محمولة متفجرة فى لبنان


قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب إجراء تحقيق دولي لمحاسبة مرتكبي التفجيرات الجماعية المتزامنة التي استهدفت أجهزة إلكترونية في لبنان وسوريا، والتي أسفرت عن إصابة أكثر من 2,931 شخصًا ومقتل ما لا يقل عن 37، من بينهم أربعة مدنيين على الأقل، قبيل اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم لمناقشة التفجيرات.

وأضافت أنه إذا ثبتت مسؤولية إسرائيل، فإن هذه الهجمات تكون قد وقعت في سياق نزاع مسلح قائم. تُشير الأدلة إلى أن أولئك الذين خططوا لهذه الهجمات ونفّذوها لم يتمكنوا من التحقق من هوية الأشخاص الآخرين المتواجدين في محيط تفجير الأجهزة والذين سيتضررون وقت حدوث الانفجار، أو حتى ما إذا كان المقاتلون فقط قد حصلوا على “أجهزة البيجر” واللاسلكي. بالتالي، نُفّذت هذه الهجمات بشكل عشوائي، ما يجعلها غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، وينبغي التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب. كما انتهكت الهجمات أقلّه الحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الساري في حالات النزاع المسلح، والأرجح حقوقًا أخرى من حقوق الإنسان، بحسب الآثار المختلفة للهجوم على اللبنانيين وحياتهم اليومية. 

وعلى الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلّق رسميًا على الهجمات، فقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في 18 سبتمبر/أيلول أن “مرحلة جديدة” من الحرب مع لبنان قد بدأت، وأشاد بـ “الإنجازات الممتازة” للأمن والاستخبارات الإسرائيلية، وهو تصريح فُسر على أنه اعتراف ضمني بدور إسرائيل في الهجمات. كما أشارت السلطات اللبنانية والمسؤولون الأمريكيون إلى أنهم يعتقدون أن إسرائيل دبّرت الهجمات.

تحمل التفجيرات الجماعية التي وقعت في مختلف أنحاء لبنان وسوريا في الأيام الأخيرة دمغة كابوس مرير وشرير. إن استخدام أجهزة متفجرة مخبأة داخل أجهزة اتصالات تُستعمل يوميًا لشن هجمات مميتة على هذا النطاق أمر غير مسبوق

آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت

وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “تحمل التفجيرات الجماعية التي وقعت في مختلف أنحاء لبنان وسوريا في الأيام الأخيرة دمغة كابوس مرير وشرير. إن استخدام أجهزة متفجرة مخبأة داخل أجهزة اتصالات تُستعمل يوميًا لشن هجمات مميتة على هذا النطاق أمر غير مسبوق. حتى ولو كانت الهجمات تنوي استهداف أهداف عسكرية، فإن تفجير آلاف الأجهزة في اللحظة نفسها من دون القدرة على تحديد موقعها الدقيق أو هوية حمَلَتِها وقت الهجوم يدل على تجاهل صارخ للحق في الحياة ولقوانين النزاع المسلح.

“يحظر القانون الدولي الإنساني الاستهداف العشوائي للمدنيين، أي الهجمات التي لا تميّز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية. كما يحظر استخدام نوع الأفخاخ المتفجرة التي يبدو أنها استُخدمت في هذه الهجمات.

“وينبغي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يتخذ جميع التدابير المتاحة له لضمان حماية المدنيين وتجنب المزيد من المعاناة التي لا داعي لها. ويجب إجراء تحقيق دولي على وجه السرعة لإظهار الحقائق وتقديم الجناة إلى العدالة”.

وقعت التفجيرات في محلات السوبر ماركت والسيارات والشوارع السكنية وغيرها من المناطق الشعبية المزدحمة، ما تسبب في إصابات صادمة، ونشر الرعب والذعر على نطاق واسع في جميع أنحاء لبنان، وأربك قطاع الرعاية الصحية الذي يعاني أصلًا من جرّاء الأزمة الاقتصادية الحادة.

وتحدثت منظمة العفو الدولية إلى ثمانية شهود، ووزير الصحة اللبناني، وطبيبَيْن، وأخصائيَيْن نفسيَيْن، ومصدر أمني. وقام مختبر أدلة الأزمات التابع للمنظمة بتحليل 19 صورة ومقطع فيديو للتفجيرات وعواقبها. وقد كتبت الأمانة العامة لمنظمة العفو الدولية إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزارة الخارجية تطلب ردَيْهما على المزاعم بأن إسرائيل مسؤولة عن الهجمات.

انطباق القانون الدولي

إذا ثبت أن إسرائيل هي المسؤولة، فإن هذه الهجمات تكون قد وقعت في سياق نزاع مسلح قائم. وعلى هذا النحو، يجب تقييم مشروعيتها على أساس القانون الدولي الإنساني، فضلًا عن القانون الدولي لحقوق الإنسان، اللذان يُطبّقان في حالات النزاع المسلح. وينطبق هذا بشكل خاص على الحق في الحياة، كما أكدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

تشير عوامل مثل الاعتماد على الأدوات المستخدمة بشكل روتيني في حياة المدنيين اليومية لغايات التفجير، واستحالة معرفة الجناة لهوية جميع الذين تلقوا الأجهزة، ومَن سيستخدمها ومَن سيكون قريبًا منها، إلى أن الهجمات كانت عشوائية وبالتالي غير قانونية. بالتالي، يجب التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب.

كما يحظر القانون الدولي الإنساني استخدام الأفخاخ المتفجرة أو غيرها من الأجهزة التي تستخدم جهازًا “على شكل أشياء محمولة تبدو غير ضارة ومصممة ومصنوعة خصيصًا لاحتواء مواد متفجرة”، وفقًا للبروتوكول الثاني المعدل لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن أسلحة تقليدية معينة.

كما يحظر القانون الدولي العرفي أعمال العنف التي تهدف في المقام الأول إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين.

وقد أكدت كل من محكمة العدل الدولية، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ولجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الالتزامات بمعاهدة حقوق الإنسان تنطبق من حيث المبدأ على سلوك أي دولة خارج أراضيها. 

الهجمات

بين الساعة 3:30 مساءً والساعة 4:30 مساءً من يوم 17 سبتمبر/أيلول 2024، انفجرت أجهزة متفجّرة مخبأة داخل آلاف أجهزة البيجر في جميع أنحاء لبنان، ما أسفر عن مقتل 12 شخصًا على الأقل، من بينهم فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات وصبي يبلغ من العمر 11 عامًا ومسعفان، وإصابة ما لا يقل عن 2,323 آخرين. وفي اليوم التالي، وقبيل الساعة 5 مساءً من يوم 18 سبتمبر/أيلول، انفجرت أجهزة متفجّرة مماثلة في عشرات من أجهزة الاتصال اللاسلكي (الووكي توكي) المحمولة باليد في مختلف أنحاء لبنان، ما أسفر عن مقتل 25 شخصًا على الأقل وإصابة 608 آخرين على الأقل.

وقعت هذه الهجمات وسط تصعيد في أعمال العنف بين إسرائيل وحزب الله على مدى الأشهر الـ11 الأخيرة.

وحتى 9 سبتمبر/أيلول 2024، وصلت حصيلة المدنيين الذين قتلتهم الهجمات الإسرائيلية في جنوب لبنان والبقاع إلى 137 شخصًا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية والأمم المتحدة. وقد هُجّر أكثر من 113 ألف شخص من جنوب لبنان بسبب أعمال العنف المستمرّة. وبحسب السلطات الإسرائيلية، أطلق حزب الله ومجموعات مسلّحة أخرى مقذوفات على شمال إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 14 مدنيًا. وقد قُتل 12 طفلًا في هجوم 27 يوليو/تموز على مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتل، والذي اتهمت إسرائيل حزب الله بتنفيذه، غير أنّ الحزب نكر أيّ مسؤولية. وقد تمّ إخلاء 60 ألف شخص منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول. تُعتبر الهجمات التي لا تميّز بين المدنيين والأهداف العسكرية عشوائية. وعندما تصيب أو تقتل مدنيين، تشكّل جرائم حرب.

انفجارات البيجر، 17 سبتمبر/أيلول:

وصف شهود عيان لمنظمة العفو الدولية كيف تسببت الهجمات في حالة من الارتباك والذعر بين السكان المدنيين. وقالت إحدى سكان مدينة صور الجنوبية إنها رأت الناس يركضون والدماء تسيل في الشارع. كان لدى كل من تحدثت إليهم تفسير مختلف للأحداث. أخبرها نادل أنّ رجلًا طلب قهوة ثم أطلق النار على نفسه في سيارته. وأخبرها شخص آخر أن بطارية سيارة شخص ما قد انفجرت. وقال ثالث إن شيئًا ما قد انفجر في يدَيْ أحد الرجال. وبعد مرور بضع دقائق، أخبرها رجل آخر أن أجهزة البيجر تنفجر. “حالة هلع بكلّ معنى الكلمة، ما عم إستوعب. كأنو عم نحضر حلقة من مسلسل “بلاك ميرور” Black Mirror (مسلسل تلفزيوني بريطاني مخيف). هالأشياء ما لازم تصير”.

ووصفت شاهدة عيان أخرى كانت تتسوق في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية في بيروت عندما رأت نساءً وأطفالًا يصرخون ويركضون، المشاهد بأنها مروعة. قالت: “الناس كانت عم تركض حواليي، بس أنا ما كان فيني حرّك إجرايي”. ورأت فيما بعد شبانًا ممددين على الأرض فيما توافدت عشرات سيارات الإسعاف.

وحلّل مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية 12 مقطع فيديو يظهر أجهزة البيجر وهي تنفجر في مناطق مدنية مزدحمة، مثل الشوارع السكنية ومحلات البقالة، وكذلك في منازل الناس. ويظهر مقطع فيديو تم التحقق منه لأفق سماء بيروت سحبًا دخانية كبيرة فوق 10 مواقع على الأقل في مناطق سكنية.

ووصف وزير الصحة اللبناني، الدكتور فراس الأبيض، الهجمات بأنها “تجسيد واضح للهجمات العشوائية”، مضيفًا أن العديد منها تسبب في “إصابات مغيّرة للحياة”.

وأكّد أحد الشهود لمنظمة العفو الدولية صحة تقارير إعلامية أفادت بأنّ أجهزة البيجر كانت تصدر صوتًا قبل أن تنفجر، ما دفع بعض الأشخاص إلى رفعها إلى وجوههم للتحقق من الشاشات.

ووصف ميكانيكي في صور كيف بدأ جهاز البيجر الخاص بأحد أصدقائه يرنّ: “بلّش الجهاز يطنطن مع صاحبي، واقف حدّي، فحملو بإيدو، جيت أنا عم بتفرّج عليه للجهاز، قمت لقيت مكتوب علي ERROR. رحت من حدّو تا جيب علبة الدخان، قامت فقعت، راحت إيدو وعيونو الإثنين”.

وتشير الأدلة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية إلى أن أجهزة البيجر لم توزع على مقاتلي حزب الله فحسب، بل من المرجح أنها وُزعت أيضًا على موظفي مؤسسات الحزب الذين يعملون بصفات مدنية. وقال حزب الله في بيان صدر في 17 سبتمبر/أيلول إن أجهزة البيجر تخص “عددًا من العاملين في وحدات ومؤسسات حزب الله”. وقال وزير الصحة اللبناني للمنظمة إن ما لا يقل عن أربعة من العاملين في مجال الرعاية الصحية أصيبوا بجروح خطيرة في الهجمات. وتوفي اثنان منهم، الممرضة عطاء الديراني، ومسعف في مستشفى الرسول الأعظم، كما توفي الطفل محمد بلال كنج، متأثرين بجراحهم.

تحدثت منظمة العفو الدولية إلى موظف في منظمة غير ربحية قال إن اثنين من العاملين فيها، المسؤولين عن تنظيم برامج التوعية المجتمعية في ضاحية بيروت الجنوبية وفي الجنوب، يحملان أجهزة البيجر هذه، وقد أصيبا عندما انفجرت. 

وقال الدكتور جورج غانم، المدير الطبي في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأمريكية، إن المستشفى قد غصَّ بالمرضى المصابين الذين يحتاجون إلى نفس العناية والخبرة الطبية: “أصيب الجميع بجروح في أيديهم، وبرزت حالات بتر كثيرة، وإصابات في العينين لا يمكن معالجتها… وكان أحد الذين لقوا حتفهم صبيًا يبلغ من العمر 11 عامًا، وكانت إصاباته في الرأس بليغة. كان مع والده، الذي كان يحمل جهاز البيجر”. 

وقال الدكتور صلاح زين الدين، المدير الطبي في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، إن جميع المرضى الذين تم إدخالهم أصيبوا بجروح متعددة بما في ذلك إصابات في الوجه واليدين وأسفل البطن ومنطقة الخاصرة.

وقال طبيب عيون في مستشفى جبل لبنان الجامعي في بيروت إن ما بين 60 إلى 70٪ من المرضى الذين عالجهم اضطُروا للخضوع لإزالة عين واحدة على الأقل. “ولبعض المرضى، اضطُررنا إلى إزالة كلتا العينَيْن، وهذا يقتلني. خلال الأعوام الـ25 من مسيرتي المهنية، لم أُضطرّ يومًا إلى إزالة هذا العدد الكبير من العيون كما فعلت بالأمس [في إشارة إلى يوم 17 سبتمبر/أيلول]”.

وحلّل مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية صور أجهزة البيجر المدمرة، وقال إنها مطابقة لطراز “إيه آر-924” من أجهزة البايجر التالفة من إنتاج شركة “غولد آبولو”. وأبلغ مصدر أمني منظمة العفو الدولية أن حزب الله طلب حوالي 5000 من أجهزة البيجر هذه في وقت سابق من هذا العام.

ومن المحتمل أن يكون الهجوم قد نُفّذ باستخدام جهاز متفجر صغير يتم التحكم فيه عن بُعد، مخبّأ في مجموعة معدّلة من أجهزة البيجر. تتفق الانفجارات في مقاطع الفيديو مع تفجير كمية صغيرة من المتفجرات التي يمكن احتواؤها داخل هذه الأجهزة الإلكترونية الصغيرة.

الناس كانت عم تركض حواليي، بس أنا ما كان فيني حرّك إجرايي

شاهدة عيان على انفجار جهاز بيجر في بيروت

تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية (ووكي-توكي)، 18 سبتمبر/أيلول:

في 18 سبتمبر/أيلول، قبل الساعة 5 مساءً بقليل، انفجرت المزيد من الأجهزة الإلكترونية بالتزامن في جميع أنحاء البلاد، مع تقارير عن انفجارات في ضاحية بيروت الجنوبية، ومدن وبلدات في جنوب لبنان، وفي منطقة البقاع.

ويظهر مقطع فيديو تحقق منه مختبر الأدلة التابع لمنظمة العفو الدولية سحب دخان كبيرة، ما يشير إلى أن الانفجارات الناجمة عن تلك الأجهزة كانت أكبر من تلك التي تسببت بها أجهزة البيجر المتفجرة، ما أدى إلى احتراق شقق سكنية ومتاجر بأكملها. وأفادت وزارة الاتصالات اللبنانية أنّ الأجهزة التي انفجرت هي أجهزة راديو محمولة من طراز IC-V82، أو أجهزة اتصال ووكي توكي، من صنع شركة يابانية، وأنّ إنتاج هذا الطراز توقّف ولم تكُن تلك الأجهزة مرخّصة رسميًا. وكانت صور الأجهزة المتفجرة التي راجعها مختبر الأدلة متسقة مع أجهزة الاتصال اللاسلكي IC-V82. وقال مصدر أمني لرويترز إن حزب الله اشترى أجهزة الراديو المحمولة هذه قبل خمسة أشهر، في نفس الوقت تقريبًا الذي اشترى فيه أجهزة البيجر.

تركت تلفوني بالبيت، وما فتحت اللابتوب، صار معي بارانويا. أي شي بيوصلني بالإنترنت ما بدي إدقرو.

امرأة من سكان بيروت

وسُمع دوي انفجارَيْن على الأقل بينما تجمّع مئات الرجال والنساء والأطفال وكبار السن لحضور جنازة أربعة أشخاص، من بينهم طفل ومسعف، قتلوا في تفجيرات البيجر في اليوم السابق. وتحدثت منظمة العفو الدولية مع ثلاثة شهود كانوا في الجنازة في الغبيري، في الضاحية الجنوبية لبيروت، رووا كيف كان الناس يركضون ويصرخون. وأبلغ أحد الشهود منظمة العفو الدولية أن شخصًا ما في الحشد كان يصرخ: “انفجرت بإيده!”

وقال الدفاع المدني اللبناني إن عناصره عملوا على إخماد الحرائق التي اندلعت في 60 منزلًا ومحلًا تجاريًا و15 سيارة وعشرات الدراجات النارية بعد انفجار أجهزة الاتصال اللاسلكي الووكي-توكي.

وقد ضاعفت هذه الهجمات من خوف وصدمة السكان اللبنانيين الذين يعيشون أصلًا خطرًا محدقًا لتصعيد للحرب مع إسرائيل.

وقال جوزيف الخوري، طبيب استشاري في الطب النفسي، إن هذه الهجمات يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد: “هذه الهجمات أرهبت المدينة… وهي استمرار لتحليق [الطائرات الإسرائيلية] وخرقها المتكرر لجدار الصوت … لم يكترث مَن ارتكب هذه الأفعال للصحة العقلية لشعب بأكمله”.

وقالت إحدى السكان لمنظمة العفو الدولية: “تركت تلفوني بالبيت، وما فتحت اللابتوب، صار معي بارانويا. أي شي بيوصلني بالإنترنت ما بدي إدقرو. ما بدي موتو يمرق من حدي، ما بدي حدا قريب مني، لأنو إذا معو جهاز وانفجر، رحت فيها معن”.

تونس: اعتقال ما لا يقل عن 97 شخصًا مع تصعيد السلطات لحملة القمع قبيل الانتخابات

 

الرابط

تونس: اعتقال ما لا يقل عن 97 شخصًا مع تصعيد السلطات لحملة القمع قبيل الانتخابات

قالت منظمة العفو الدولية إنَّ السلطات التونسية صعَّدت من حملتها القمعية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها قبيل الانتخابات الرئاسية في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024، وصعَّدت من مضايقاتها للمعارضين السياسيين، وقيدت عمل الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، واتخذت خطوات تعيق استقلال القضاء.

فقد قُبض على ما لا يقل عن 97 عضوًا من حزب النهضة المعارض في التصعيد الأخير، في الفترة من 12 إلى 13 سبتمبر/أيلول. وحُرم المعتقلون من الاتصال بمحاميهم لمدة 48 ساعة، ومثلوا أمام الفوج الوطني لمجابهة الإرهاب لاستجوابهم. ويجري التحقيق معهم بتهم التآمر وغيرها من التهم بموجب قانون مكافحة الإرهاب. 

وواصلت السلطات الاحتجاز التعسفي للمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتهميش المرشحين الرئاسيين، وتجاهل قرارات المحاكم الإدارية بإعادة إدراج مرشحين رئاسيين، في حين استُخدم نظام العدالة الجنائية كسلاح لإسكات المعارضة السلمية.

وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “تشن السلطات التونسية هجومًا واضحًا قبيل الانتخابات على ركائز حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتتقاعس عن الوفاء بالتزامات البلاد الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتقوض المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. ويجب عليها وضع حد لهذا التراجع الفظيع في مجال حقوق الإنسان، وضمان احترام حقوق الجميع في البلاد قبل الانتخابات المقبلة وأثناءها وبعدها”.

وكخطوة أولى، يجب على السلطات التونسية الإفراج فورًا ودون قيد أو شرط عن المحتجزين لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية بشكل سلمي، بمن فيهم المسجونون من أعضاء حزب النهضة والمدافعون عن حقوق الإنسان. ويجب عليها السماح لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بالقيام بحرية بأنشطتها المشروعة دون خوف من الانتقام، ووضع حد لجميع التدخلات في القضاء”.

تقويض القضاء وسيادة القانون

وافقت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وهي المؤسسة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات منذ 2011، والتي رشح الرئيس قيس سعيّد أعضاءها مباشرة منذ 2022، على ثلاثة مرشحين فقط للانتخابات الرئاسية، بمن فيهم الرئيس الحالي قيس سعيّد. وطعن العديد من المرشحين الذين لم تتم الموافقة عليهم في القرار أمام المحكمة الإدارية، صاحبة الاختصاص الحصري في النظر بالنزاعات المتعلقة بالترشح للانتخابات. وكسب ثلاثة منهم، وجميعهم من مرشحي المعارضة، وهم عماد الدايمي والمنذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي، الاستئناف وقضت المحكمة بإعادة إدراجهم كمرشحين. ومع ذلك، رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في 1 سبتمبر/أيلول حكم المحكمة الملزم ورفضت تنفيذه.

وقد انتُقد قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتجاهل حكم المحكمة على نطاق واسع من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمجتمع القانوني لتقويضه استقلالية القضاء وسيادة القانون.

مضايقة المعارضين السياسين

في 1 سبتمبر/أيلول، اعتقلت السلطات التونسية العياشي زمال، أحد المرشحين الذين وافقت عليهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في البداية، واتهمته بـ “تقديم تبرعات للتأثير على الناخبين” بموجب المادة 161 من قانون الانتخابات بعد مزاعم بأنه دفع ثمن تزكيات لترشحه. وفي 5 سبتمبر/أيلول، أمرت المحكمة بالإفراج المؤقت عنه، ولكن أعيد اعتقاله بعد أن كان على وشك مغادرة السجن في وقت لاحق من ذلك اليوم. ونُقل إلى جندوبة، وهي منطقة في شمال غرب تونس، حيث جرى التحقيق معه وإصدار مذكرة اعتقال جديدة بحقه قبل إعادة اعتقاله بموجب اتهامات مماثلة. ومنذ ذلك الحين، قُدِّم المزيد من الشكاوى ضده، وهو محتجز الآن بموجب خمسة أوامر إيقاف تحفظي تتعلق جميعها بنفس الاتهامات.

ولا يزال السياسيون الآخرون الذين قدموا ترشيحاتهم للسباق الرئاسي ولم توافق عليهم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يواجهون مضايقات قضائية، وفي بعض الحالات محاكمات تؤدي إلى إدانتهم. ففي 5 أوت/آب، حكمت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة على خمسة مرشحين محتملين للرئاسة بالسجن ثمانية أشهر، وبحظر الترشح للمنصب مدى الحياة بتهمة “تقديم تبرعات للتأثير على الناخبين”. وفي 8 سبتمبر/أيلول، أيّدت محكمة الاستئناف بتونس إدانة اثنين منهم والحكم الصادر بحقهما، وهما عبد اللطيف المكي ونزار الشعري.

خنق النقد وحرية الإعلام

تحاول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقييد التغطية الإعلامية المستقلة للانتخابات. ووفقًا للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، تلقت أربع محطات إذاعية خاصة تنبيهات خطية من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول التقارير والتعليقات التي بثتها محطاتها فيما يتعلق بالعملية الانتخابية منذ نهاية جويلية/تموز. وكان آخرها تنبيهًا تلقته “إكسبراس أف أم” في 6 سبتمبر/أيلول حول ما قاله أحد الضيوف في برنامج عن الانتخابات.

كما تلقى راديو موزاييك أف أم تنبيهين من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. ففي 31 جويلية/تموز 2024، أرسلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنبيهًا، اطلعت عليه منظمة العفو الدولية، مدعية أن التعليقات التي أدلى بها الصحفيتان كوثر زنطور وآسيا العتروس في برنامج “ميدي شو” في 24 جويلية/تموز تشكل “إهانة وسخرية” من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والعملية الانتخابية. ووفقًا للمحطة، وُجِّه بالفعل أول تنبيه لها في 26 جويلية/تموز حول نفس الموضوع.

وفي 20 أوت/آب 2024، شاركت الصحفية المستقلة خولة بوكريم، مؤسسة موقع الوسائط الإلكترونية توميديا، بريدًا إلكترونيًا تلقته من خلية اعتماد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. وأبلغتها بأن اعتمادها قد ألغي، مما يشكل سابقة جديدة. وكانت ذريعة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لسحب بطاقة اعتماد بوكريم هي أنها انتهكت “واجبها في ضمان تغطية إعلامية موضوعية ومتوازنة ومحايدة للمسار الانتخابي” وأنها لم تحترم مدونة السلوك في هذا الصدد.

وقالت أنياس كالامار: “ليس دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مراقبة عمل وسائل الإعلام. فالاعتمادات الممنوحة للصحفيين والمراقبين تهدف إلى تسهيل الوصول خلال المراحل المختلفة للانتخابات، وليس ممارسة السيطرة على تغطية الانتخابات وتقييد حرية الإعلام”.

كما قدمت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدة شكاوى جنائية ضد أعضاء من المعارضة السياسية والمنتقدين مما أدى إلى إدانات وأحكام بموجب المرسوم 54 بتهمة “نشر معلومات كاذبة”. ويشمل ذلك رئيسة حزب المعارضة عبير موسي، التي حكم عليها بالسجن لمدة عامين في قضية، وتواجه تهمًا في قضيتين أخريين رفعتهما ضدها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وفي تطور منفصل، قالت مجلة جون أفريك في 4 سبتمبر/أيلول إن السلطات التونسية منعت توزيع عدد شهر سبتمبر/أيلول في تونس، على ما يبدو بسبب مقال ينتقد الرئيس قيس سعيّد، بعنوان “الرئيس الفائق”.

تقييد عمل مجموعات المراقبة والرصد

رفضت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات طلبات الاعتماد التي قدمتها المنظمة غير الحكومية لمكافحة الفساد “أنا يقظ”- IWatch ومنظمة مراقبون غير الحكومية للمراقبة، وهما منظمتان تونسيتان تراقبان الانتخابات منذ 2014.

وفقًا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فقد تلقت إشعارات من “السلطات” بأن المنظمتين غير الحكوميتين تتلقيان “تمويلًا أجنبيًا مشبوهًا”، مضيفةً في وقت لاحق أنهما تلقيتا تمويلًا من “دول لا تقيم تونس علاقات دبلوماسية معها”، وأحالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هاتين المنظمتين غير الحكوميتين إلى النيابة العمومية للتحري. 

ووفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، يجب أن تتمتع الجمعيات بحرية التماس وتلقي التمويل من مصادر مختلفة، محلية ودولية على حد سواء، دون قيود لا مبرر لها.

واختتمت أنياس كالامار حديثها بالقول: “إنها لمهزلة أن نشهد تآكل مؤسسات الدولة التي بنيت منذ 2011. يجب على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وجميع مؤسسات الدولة التمسك بسيادة القانون واحترامها، وألا تصبح أدوات لفرض قيود على عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة”.

خلفية

منذ عام 2022، شنت السلطات موجات متعاقبة من الاعتقالات استهدفت الخصوم السياسيين والمنتقدين المتصوَّرين للرئيس قيس سعيّد. وتعرّض أكثر من 70 شخصًا، من بينهم معارضون سياسيون، ومحامون، وصحفيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان ونشطاء للاحتجاز التعسفي أو الملاحقات القضائية أو كليهما منذ نهاية 2022. ولا يزال العشرات رهن الاحتجاز التعسفي على خلفية ممارسة حقوقهم المكفولة دوليًا، مثل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات والانضمام إليها