السبت، 9 نوفمبر 2024

أوروبا تستغل الجيش المصري لضمان أمن الاحتلال.. ما القصة؟

 

أوروبا تستغل الجيش المصري لضمان أمن الاحتلال.. ما القصة؟



المغرب يستقبل سفينة تحمل أسلحة للاحتلال

 


المغرب يستقبل سفينة تحمل أسلحة للاحتلال


استقبلت السلطات المغربية سفينة Maersk Denver الأميركية، والتي يشتبه بوجود أسلحة وإمدادات لجيش الاحتلال الإسرائيلي على متنها، بعد رفض إسبانيا استقبالها في موانئها، وفقًا لموقع MarineTraffic المتخصص بتتبع السفن وحركة BDS الدولية لمقاطعة الاحتلال.

وغادرت السفينة ميرسك دنفر محطة نيوارك-إليزابيث البحرية بين نيويورك ونيوجيرسي في 31 أكتوبر، حيث كان من المقرر أن تصل إلى إسبانية كأول محطة لها في رحلتها في الساعات الأولى من يوم السبت.

و رفضت الحكومة الإسبانية السماح له بالتوقف في محطة خوان كارلوس الأول التابعة لـ APM Terminals بعد التحقق من وجود مواد حربية للاحتلال من بين حمولتها .

وثمنت حركة حماس في بيان لها منع الحكومة الإسبانية سفينتين قادمتين من نيويورك، تحملان أسلحة وإمدادات عسكرية إلى تل أبيب، من الرُّسو في موانئها.

وأكدت الحركة أن هذا الموقف يأتي انسجاما مع موقف إسبانيا المشرِّف في رفض عدوان الاحتلال على غزة، ومنع إمداده بالسلاح لمواصلة الإبــادة الجماعية.

وتواجه سفينة ميرسك سيليتار نفس الوضع ، والتي أبحرت من نيويورك في 4 نوفمبر والتي كان من المقرر وصولها إلى رصيف الجزيرة الخضراء في 14 نوفمبر. ولم تبلغ هذه السفينة بعد عن نقطة وجهتها.

وقالت حركةBDS الدولية لمقاطعة الاحتلال:” وتعتبر السفينة “ميرسك دنفر” جزءاً من أسطول شركة “ميرسك” المتورط في نقل الإمدادات العسكرية الأميركية إلى إسرائيل، وبالتالي يشتبه بشكل معقول في أنها تحمل شحنات عسكرية غير قانونية متجهة إلى الاحتلال”.

ويشكل هذا انتهاكا لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وتصريحات العشرات من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ، حيث دعت جميعها إلى فرض حظر عسكري على إسرائيل بسبب احتلالها غير القانوني وارتكابها إبادة جماعية محتملة ضد 2.3 مليون فلسطيني في غزة، كما قررت محكمة العدل الدولية في وقت سابق من هذا العام.

وأضافت: “وإذا سمحت السلطات المغربية للسفينة مايرسك دنفر بالرسو في أي ميناء مغربي، وكما حذرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانسيسكا ألبانيزي العديد من الحكومات في أوروبا وأفريقيا، فإن المغرب قد ينتهك اتفاقية الإبادة الجماعية وأحكام محكمة العدل الدولية ذات الصلة”.

وفي الرابع من نوفمبر، كانت المغرب من بين أكثر من 50 دولة وقعت على رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تطالب باتخاذ “خطوات فورية لوقف توريد الأسلحة والذخائر والمعدات ذات الصلة إلى إسرائيل، القوة المحتلة”. وأكدت الرسالة أن “هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذا المسار الخطير، وإنهاء الإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن جميع الانتهاكات، بما يتماشى مع الالتزامات بموجب القانون الدولي”.

وبناء على كل ما سبق،فإن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) دعت المحامين وقادة المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ومجموعات التضامن مع فلسطين في المغرب وفي كل مكان للضغط على السلطات المغربية للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وخاصة اتفاقية الإبادة الجماعية.

رابط التقرير فى حالة التمكن من تجاوز حجب السلطات المصرية للموقع

https://us.proxyarab.com/index.php?q=m6el1NlukmfUkarZm4-an6BfmGVpmGlokpymoXWdkpWfnJWhr6u8atqamN1-w6ZdjZzIeYjYcmKqoJSFf699c3R1ebWcbKV_u6aHsJ7EiIKLf5yCaamSlaqrc4N3bKeHqoOhp814r62Ximy4mJGsomejtJJ4lIZxyINfm5WYlZ-Sn5CWzmqZo6mnidONyoBzipvGnJ7JmA&fbclid=IwY2xjawGbqJBleHRuA2FlbQIxMAABHdBtXYhFPibql8up82TYFuOFesz0s2bhcWeRh05Z4m0Dq0z4tWRzS_rCSA_aem_5HTN6Wlp0PfZq_ww7Ka-EA

وفاة سجين سياسي مصري بسبب الإهمال الطبي بعد خمس سنوات من السجن دون محاكمة

 


ميدل إيست آي 

وفاة سجين سياسي مصري بسبب الإهمال الطبي بعد خمس سنوات من السجن دون محاكمة


في هذه الأثناء، رفضت محكمة في مصر طلب الإفراج عن الناشط في حركة 6 أبريل شريف الروبي لأسباب طبية.

توفي السجين السياسي المصري إيهاب مسعود جحا هذا الأسبوع بعد أكثر من خمس سنوات من الحبس الاحتياطي، بحسب منظمة حقوقية.

وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية  إن جحا (51 عاما) تعرض لإهمال طبي "يرقى إلى القتل بالتقصير".

وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، النائب العام محمد شوقي، بفتح تحقيق عاجل في تعامل مصلحة السجون مع الملف الطبي لجحا بطريقة أدت إلى وفاته.

"وإذ تشير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن قضية جحا ليست حالة فردية، فإنها تطالب النائب العام بمراجعة أوضاع المحبوسين احتياطياً والإفراج الفوري عن كل من تجاوزت مدة حبسه عامين، ووضع خطة واضحة بإطار زمني محدد للرد على كافة طلبات الرعاية الصحية التي يقدمها المحتجزون إما للنيابة العامة أو مصلحة السجون."

توفي سجينان سياسيان في السجون المصرية خلال أكتوبر/تشرين الأول، بحسب منظمة لجنة العدالة لحقوق الإنسان، التي وثقت 45 حالة وفاة أخرى في الاحتجاز خلال عام 2024.

رفضت محكمة جنايات الإرهاب، الخميس، للمرة الرابعة، طلب محاميي شريف الروبي، المتحدث الرسمي السابق باسم حركة 6 أبريل، بإخلاء سبيله بسبب تدهور حالته الصحية وحاجته للعلاج.

وقررت المحكمة تجديد حبسه 45 يوما على ذمة التحقيقات في القضية رقم 1634 لسنة 2022، وفق ما ذكره موقع "مدى مصر" .

ويتهم الروبي بنشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانضمام إلى منظمة محظورة. وذكر محاميه نبيه الجنيدي عبر صفحته على فيسبوك أن الروبي يعاني منذ أكثر من ثلاثة أشهر من التهاب حاد في العصب السابع في المخ ويحتاج إلى أشعة وعلاج.

الروبي، الذي يقضي عامه السادس في الحبس الاحتياطي المستمر تقريبًا، حصل على أمر من المحكمة باحتجازه لمدة 45 يومًا في يوليو/تموز بعد أن أمضى بالفعل 22 شهرًا في الاحتجاز.

واتهمت جماعات حقوق الإنسان حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي بسجن عشرات الآلاف من المنتقدين السلميين تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

ولا توجد في مصر إحصائية لعدد السجناء السياسيين، لكن بحسب  الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، بلغ إجمالي عدد السجناء في مصر في مارس/آذار 2021 نحو 120 ألف سجين، منهم نحو 65 ألف سجين سياسي، منهم 26 ألفاً على الأقل قيد الحبس الاحتياطي.

وقد توفي العديد منهم نتيجة الإهمال الطبي وظروف السجن غير الإنسانية الأخرى، وفقا لتوثيق العديد من جماعات حقوق الإنسان.

رابط التقرير فى حالة التمكن من تجاوز حجب السلطات المصرية لموقع ميدل إيست آي ضمن نحو 700 موقع اخر

https://us.proxyarab.com/index.php?q=m6el1NlukmfZp66UpMqblJ-VyJKp15apyWKgmapmnpeqpmDJza3TrMuRpZOn0KOZp5nGkqKQoaLNp6Gim6ldlpyYpJHTmcehxZGjk6XGnpycl8ifmchekcqol6ZjnZmomGCqycem1mXZmavOptarXaeizJKioqak0ZOlo6upk5dwp6jN2qjIqoilq9OWzpyUnKXQbqnSlJnFoFipqqSPlZSgocXPm9F1tZ-az5jNloSlkcmXn8ZXpdihkZelpaSXoaduxdaT1m_HoprcsZSoqQ&fbclid=IwY2xjawGbqD9leHRuA2FlbQIxMAABHYJOrCqzUHedgFQwpOxutg09DwQpIaUvH8G7ONTko3tbPpW8_l_DIQBycQ_aem_xNiZMSx4JPlP8YOiIfvHQw

الجمعة، 8 نوفمبر 2024

لماذا يواجه أهالي جميمة ضغوطًا من الجيش مقابل مشروعات سياحية؟

زاوية ثالثة

لماذا يواجه أهالي جميمة ضغوطًا من الجيش مقابل مشروعات سياحية؟


كان رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر في الـ29 من فبراير عام 2017، القرار الجمهوري، رقم 101 لسنة 2017، المنشور في الجريدة الرسمية، بإعادة تخصيص مساحة 14596.35 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بجهة غرب وصلة الضبعة بمحور الضبعة بمحافظة مطروح، لصالح القوات المسلحة

فُوجئ أهالي قرية جميمة، الواقعة على بعد 11 كيلومترًا من مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح، بقدوم شاحنات وجرافات، مصحوبة بقوة أمنية من الجيش، إلى أراضيهم ظهر يوم الإثنين الماضي. ومع تجمهر الأهالي لمنع تقدم المعدات، أطلق أحد الضباط طلقات حية، ما أدى إلى إصابة الشاب عبد القادر صافي جاب الله، المعروف بـ”قدوره بوصافي الأبكم”، البالغ من العمر 23 عامًا. نُقل عبد القادر إلى مستشفى الهدايا في الإسكندرية، حيث أُجريت له عمليات جراحية، وتم نقله إلى وحدة العناية المركزة. وفقًا لعمر الأبكم، أحد أقرباء المصاب، فإن شابًا آخر أصيب بجروح سطحية في الساق أثناء الاشتباكات.

يشير عمر إلى أن الأزمة بدأت منذ حوالي عام، عندما طالبت السلطات المحلية الأهالي بإخلاء الأراضي التي ورثوها عن أجدادهم، مقترحةً تعويضات للملكيات السكنية بقيمة تتراوح بين 100 ألف جنيه للمنزل بمساحة 100 متر، و50 ألف جنيه للشقة، دون تعويض على الأراضي الزراعية التي يزرعون فيها التين والزيتون والشعير والقمح. ويضيف أن العديد من الأهالي يعتمدون على هذه الأراضي لتوفير احتياجاتهم الغذائية وتربية الأغنام. كما ذكر أن قوات أمنية مدعومة بقوات من الجيش سبق وأن نفذت حملات في المنطقة، منها حملة في شهر رمضان الماضي، أُطلقت خلالها طلقات تحذيرية، وتم خلالها احتجاز بعض الأهالي حتى عيد الأضحى، حيث قال إن الإفراج عنهم كان مشروطًا بتخلي البعض عن أراضيهم، وهو ما رفضه الأهالي.

كان رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسي، قد أصدر في الـ29 من فبراير عام 2017، القرار الجمهوري، رقم 101 لسنة 2017، المنشور في الجريدة الرسمية، بإعادة تخصيص مساحة 14596.35 فدان من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة بجهة غرب وصلة الضبعة بمحور الضبعة بمحافظة مطروح، لصالح القوات المسلحة. وعقب ذلك بثلاث سنوات أصدر السيسي، القرار الجمهوري رقم 361 لسنة 2020، بإعادة تخصيص قطع الأراضى فيما بعد ناحية الساحل الشمالى الغربى بإجمالى مساحة 707234.50 فدان، لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لاستخدامها فى إقامة مجتمعات عمرانية جديدة، فيما أعلن عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وقتئذٍ، سبتمبر 2020، أنه يتلقى طلبات التصالح فى مخالفات البناء بتلك الأراضي، والتقدم بالمستندات الخاصة بملكيات للأراضي، في المقر المؤقت لجهاز تنمية الساحل الشمالي الغربي.

وفي يناير 2021، تم تشكيل لجنة الحصر والتفاوض، وفقًا للقرار الوزاري رقم 537، بمشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي، وباشرت العمل على إعادة تخطيط المناطق الكائنة داخل حيز القرار الجمهوري رقم 361 لسنة 2020، المتعلق بتخصيص مساحة 707 آلاف فدان بالساحل الشمالي الغربي، التي تضم ممثلين عن كلٍ من: وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والقوات المسلحة، وهيئة الرقابة الإدارية، ومحافظة مطروح، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز تنمية الساحل الشمالي الغربي، والمركز الوطني لتخطيط استخدامات أراضي الدولة، والجهاز المركزي للمحاسبات، ودار المحفوظات العمومية والميكروفيلم بمصلحة الشهر العقاري والتوثيق.

مساومة

يحكي حسن فراج (اسم مستعار)، أحد أهالي قرية جميمة، أنه كان يمتلك 300 فدان أرض زراعية، ورثها عن أجداده الذين يزرعون التين والزيتون منذ مئات السنين، وكان من بين الأرض 70 فدان لها سند ملكية يعود إلى السبعينات من القرن الماضي، أما البقية في أراضي وضع يد، وضمت أراضيه عشرة منازل، وتفاجئ قبل أشهر بقوة مصحوبة بقوات من الجيش وضعت يدها على الـ 300 فدان، وأبلغته أنها أراضي تابعة للقوات المسلحة، وأن هناك لجنة ستأتي لمعاينة الـ70 فدان المملوكة له لتحديد قيمة التعويضات، مبينًا أن السلطات لا تمنحهم تعويضات عادلة عن الزرع والمباني؛ إذ يحصلون على مبلغ ألف جنيه فقط مقابل كل شجرة زيتون أو تين مثمرة، يعود عمرها عادة إلى عشرات السنوات وتعطي الواحدة منها إنتاجًا يقدر بنحو 20 ألف جنيه سنويًا، ويمنحون 300 نظير تجريف الشجرة الصغيرة، في حين يقدرون سعر متر المباني الخرسانية بسبعة آلاف جنيه، ومتر البيوت الخشبية بخمسة آلاف جنيه.

يقول لزاوية ثالثة: “في عام 2022، فوجئنا نحن أهالي قرية جميمة التابعة لمحافظة مركز ومدينة الضبعة بمرسى مطروح بمجيء مجموعة من مهندسي وفنيين المساحة، إلى الأراضي وأخبرونا أنهم تابعين للمحافظة ويريدون القيام بالرفع المساحي، من أجل تخطيط جديد للمنطقة لإنشاء طرق وكهرباء وخدمات لصالح القرية وبعد فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر، تفاجئنا بأن هؤلاء المسّاحين يتبعون الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وأن الأرض تم رفعها وتسليمها لمستثمر خليجي بالمشاركة مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، لإنشاء مشروع سياحي ضخم يعرف باسم “ساوث ميد ايجيبت”؛ فبدأنا التحرك واجتمعنا مع المحافظ وأخبرنا أن الأرض انتقلت تبعيتها إلى القوات المسلحة، وأن هناك مستثمر خليجي سيقيم مشروع سياحي عليها بالمشاركة مع القوات المسلحة وهشام طلعت مصطفى؛ فطالبناهم بحقوقنا وتعويضنا تعويضاً عادلاً.”

ويضيف الساكن المحلي: “أراضي جميمة مساحتها  5540 فدان وبها لا يقل عن 700 منزل، ويعيش بها نحو خمسة آلاف نسمة، توارثوا الأرض عن أجدادهم منذ مئات السنين، وهناك 5٪ فقط من السكان قاموا بتسليم أراضيهم وبيوتهم وحصلوا على تعويضات غير عادلة، بتدخلات من أعضاء مجلس النواب ومشايخ وعُمد موالين للسلطة، والذين حذروهم من مصير الاعتقال حال رفضهم، وبالنسبة لي لم أستطع الوقوف في وجه الجيش وأُخذت الأراضي رغمًا عني، ولم أتلق إلى اليوم تعويضًا عنها، ولا أرغب في أن يتم اعتقالي كما جرى لعدد من أهالي قريتنا يوم الإثنين، أو كما حدث في رمضان الماضي؛ إذ تم احتجاز أربعة شباب في معسكرات داخل قاعدة محمد نجيب العسكرية حتى ثاني أيام عيد الأضحى.”

 تهجير للمرة الثانية

في عام 2003، كانت عائلة عبد الله محمد، واحدة من العائلات التي تم تهجيرها من أراضيها بعد إعادة إحياء فكرة إنشاء محطة الضبعة النووية، التي يعود فكرة إنشاءها إلى عام 1981، بموجب القرار رقم 309 الذي نص على تخصيص نحو 11 ألف فدان لإنشاء المحطة، وحصلت العائلة آنذاك على تعويضات ضئيلة، وانتقلت للعيش في قرية جميمة.

في الفترة بين عامي 2010 و 2011 حصلت العائلة على عقود ملكية الأراضي التي يزرعونها تين وزيتون، وبنوا عليها منازلهم، لكنهم تفاجئوا في العام 2017 بتخصيصها للقوات المسلحة، وصدموا في يونيو 2023 بأخذ مساحات أراضي القرية بالكامل والتي تضم نحو ستة آلاف إلى سبعة آلاف نسمة وتضم مجمعات سكنية ومستشفى وثلاث مدارس وعدد من المساجد وأراضي زراعية وحظائر دواجن وأغنام، يقتات منها أهالي القرية.

“في عام 2013، تلقت عائلتي تعويضات عادلة من الحكومة نظير أراضينا في الضبعة، تقدر بـ 30 ألف جنيه للفدان، أما اليوم تعرض علينا السلطات تعويضات تتراوح بين خمسة آلاف وسبعة آلاف جنيه للمتر المباني، وهي مبالغ هزيلة لا تمكننا من شراء بيوت في منطقة أخرى، كما أنهم وعدونا بإعطاءنا 350 متر مربع لكل أسرة في إحدى القرى بالضبعة، على أن نبني نصف المساحة فقط، وسنفقد أراضينا الزراعية وأشجار التين والزيتون مصدر رزقنا، والتي تريد السلطات دفع ألف جنيه فقط نظير كل واحدة منها”.. يشكو عبدالله.

ويؤكد الساكن المحلي أن أهالي قرية جميمة عُزل يحيون حياة بسيطة على الزراعة والرعي، وكل ما يريدونه تعويضات عادلة، لكنهم تفاجئوا بالتعامل العنيف معهم يوم الإثنين، حين أطلق أحد ضباط الجيش الرصاص الحي على الأهالي الذين رشقوا القوات بالحجارة لمنع تقدمها في أراضيهم، ما أسفر عن إصابة أحد الشباب بطلق ناري في أوتار الكتف ونقل على إثرها إلى مستشفى في الإسكندرية وهناك خضع لإجراء عملية جراحية له استغرقت ساعات وتم وضعه في العناية المركزة، لافتًا إلى أن بعض المسؤولين التقوا بالأهالي لتهدئتهم وأخبروهم أن ما حدث تصرف فردي من الضابط وأنه سيتعرض للمحاكمة العسكرية، على حد قوله.

وفي يوليو الماضي، كشفت مجموعة طلعت مصطفى القابضة، عن تحقيقها مبيعات بـ مشروع “ساوث ميد” فى الساحل الشمالي، تقدر بنحو 200 مليار جنيه، خلال ستة أيام عمل فقط، وأعلن رجل الأعمال، هشام طلعت مصطفى، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمجموعة، أن المشروع يتم تطويره على مساحة 23 مليون متر مربع، باستثمارات تقدر بتريليون جنيه مصري، متوقعًا أن يحقق المشروع مبيعات تقدر بـ 35 مليار دولار، وزاعمًا أن المشروع سيوفر 1.6 مليون فرصة عمل مباشرة.

ووفقًا للموقع الرسمي لمجموعة طلعت مصطفى، فإن مشروع ساوث ميد يقع على ساحل البحر المتوسط بمنطقة سيدي عبد الرحمن بالكيلو 165 على طريق الإسكندرية – مطروح، ويبعد مسافة 18 دقيقة فقط من مطار العلمين الدولي، ويمتد على مساحة 23 مليون متر مربع، ويفترض أن يتضمن شواطئ رملية وحمامات سباحة، مارينا لليخوت وكريستال لاجونز، فنادق ومطاعم فاخرة، ومراكز للتسوق والترفيه، ملاعب جولف وأنشطة رياضية، وخدمات أخرى، وتبدأ أسعار الوحدات في المشروع من 13,200,000 جنيه مصري، ويقدر متوسط سعر الشقة البالغة مساحتها بـ 156 متر مربع، بنحو 28 مليون و850 ألف و130 جنيه مصري، ويصل سعر الفيلات المستقلة بالمشروع، الواقعة على مساحة قدرها 731 متر مربع، بنحو 195 مليون و845 ألف و330 جنيه مصري، ويقدر سعر الشاليه الممتد على مساحة 142 متر مربع، بسعر 17 مليون و541 ألف و220 جنيه مصري.

حماية الملكية في الدستور

يوضح المحامي بالنقض والدستورية العليا ونقيب المحامين السابق في مرسى مطروح، راغب الدربالي، إلى زاوية ثالثة، أن أهالي الساحل الشمالي ومرسى مطروح، من بينهم أهالي قرية جميمة، يعيشون على تلك الأراضي منذ نحو ألف عام، وكان الرعي نشاطهم الأساسي، ومنذ مئة عام مارسوا دور سيادة الدولة في غيابها، وفي الـ20 عامًا الأخيرة أصبح الساحل الشمالي مطمعًا للاستثمار السياحي، وكان من المفترض التعامل مع تلك الأراضي وسكانها ووفقًا للدستور والقانون، الذي نص على أن الملكية في الدستور مصونة لا تمس؛ إذ تنقسم إلى ثلاثة أنواع، هي: الحيازات الكبيرة المستقرة للأراضي لأكثر من 15 عام، والتي تعرف بوضع اليد الطويل المكسب للملكية، والتي يشترط وجود علامات لها كالغرس والآبار، وملكيات وفقًا لشهادات الاعتداد بالملكية، والملكية بعقود زرقاء مسجلة وفقًا للقانون المصري.”

يقول: “السلطة حاولت الاستيلاء على تلك الأراضي، وفقًا للقرار الرئاسي 177 لسنة 2004، سيء السمعة المتعارض مع الدستور، الذي نص على إخلاء 455 كيلو متر من الساحل الشمالي كله ونقل المواطنين المقيمين به إلى الظهير الصحراوي، جنوب الطريق الدولي، وعرضه للاستثمار العربي والأجنبي. انتفضنا جميعًا كمحامين ومثقفين ضد هذا القانون الذي يمس الأمن القومي المصري، لأنه يخلي الساحل الشمالي لمصر، الممتد لنحو ألف كيلومتر، من سكانه المصريين الذين هم درع الدفاع عنه، ولهم تاريخ في الدفاع عنه منذ الاحتلال البريطاني.”

يمتد نطاق الساحل الشمالي الغربي لمصر من العلمين وحتى السلوم لمسافة نحو 500 كيلومتر، بنطاق وظهير صحراوي يمتد في العمق لأكثر من 280 كيلومتر، ليشغل مسطح نحو 160 ألف كيلومتر مربع تقريبًا، بحسب موقع رئاسة الجمهورية.

وحول أزمة قرية جميمة، يقول الدربالي، إنه تردد أن تلك الأراضي اشترتها شركة إماراتية بشراكة مع مصر، في الوقت الذي يقيم فيه السكان على تلك الأراضي ولم يتم أخذ رأيهم أو التعامل معهم وفقًا للقانون والدستور المصري والقوانين الدولية، ولا يتم إجبارهم على ترك الأراضي مقابل تعويضات؛ إذ أن التعويضات يتم صرفها في حالات نزع الملكية للمنفعة العامة في حالات المشروعات القومية أو انتقال ملكيتها إلى القوات المسلحة، وليس للاستثمار السياحي.

ويعتبر أنه يجب في تلك الحالة محاسبة أصحاب الأراضي بالأسعار الحقيقية لها، لا أن يعطى صاحب الأرض الأصلي 300 ألف جنيه مصري للفدان، في حين يباع الفدان إلى المستثمر العربي بمبالغ تقدر بملايين الدولارات، وإلا تكون توقيعات الأهالى على التنازل عن الأراضي غير قانونية وغير شرعية، وتصبح السلطة متهمة بالاعتداء للحقوق الدستورية للمواطنين وارتكاب جريمة التهجير القسري باستخدام القوة الغاشمة، وهي جريمة دولية وفقًا للمحكمة الجنائية الدولية وميثاق روما، الذي وصفها بأنها ترقى إلى جرائم الحرب، إضافة إلى تورطها في التمييز العنصري وجرائم القتل خارج القانون والتي راح ضحيتها أكثر من ألفي شخص في الصحراء الغربية خلال السنوات الأخيرة، مستغربًا إقحام قوات من الجيش في الصراع على أراضي جميمة والذي قد يؤدي لحالة من العداء مع الأهالي، لافتًا إلى كونه ومحاميون آخرون يستعدون لدعوى قضائية ضد الحكومة بشأن تهجير سكان رأس الحكمة وجميمة في مرسى مطروح.

وتنص المادة 33 من الدستور المصري الصادر في عام 2014، على أن تحمى الدولة الملكية بأنواعها الثلاثة، الملكية العامة، والملكية الخاصة، والملكية التعاونية، فيما نصت تعديلات المادة 35 من الدستور، على أن الملكية الخاصة مصونة، تؤدى وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد الوطنى، دون انحراف، أو استغلال، وحق الإرث فيها مكفول، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل، لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام، وبقانون، ومقابل تعويض عادل، وتحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف، لعام 1949، النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراضٍ أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

ليست الجميمة وحدها

يحكي سعيد الحفيان – أمين مجلس شؤون القبائل العربية وعضو المجلس المحلي السابق بمطروح-، إلى زاوية ثالثة، أن أهالي قرية جميمة تفاجئوا يوم الاثنين، بقوة من حرس الحدود إلى قريتهم مصحوبة بالجرافات والمعدات، وأن ضابطًا بالجيش أمر أحد الجنود بإطلاق الرصاص الحي على الأهالي المتجمهرين لتخويفهم، إلا أنه رفض تنفيذ الأمر، فانتزع منه الضابط سلاحه وسدد طلقة نارية نحو صدر الشاب عبد القادر صافي جاب الله، اخترقت الجانب الأيمن من جسده مرورًا بالكبد ومزقت شريانًا بالكتف الأيمن، ونقل إثر إصابته إلى إحدى المستشفيات في الإسكندرية، لتجرى له ثلاث عمليات جراحية، ويتم إيداعه بوحدة العناية المركزة قبل أن تستقر حالته ويسمح بدخول الزيارات إلى غرفته يوم الثلاثاء، في حين انسحبت شاحنات ومعدات الشركات العاملة في المشروع من أراضي القرية ولا يزال مقبوضًا على إثنان من أهالي القرية ولم يخل سبيلهم حتى الآن.

يوضح أن هناك من ينقلون للقيادة السياسية صورة خاطئة عن الأوضاع في جميمة والأراضي المعروضة للاستثمار في الساحل الشمالي بـ مرسى مطروح، ويزعمون أن الأهالي موافقون على ترك بيوتهم وأراضيهم مقابل التعويضات الضعيفة المعروضة عليهم، في حين أن الأهالي يريدون محاسبتهم بسعر السوق الحالي والذي لا يتعدى في مجمله نسبة 10% من قيمة صفقة مشروع “ساوث ميد” السياحي، الذي استطاع جمع 60 مليار جنيه خلال 12 ساعة، لافتًا إلى أن بعض الأهالي رضخوا للأمر الواقع وقبلوا بالتعويضات الهزيلة مقابل المباني ولم يسمح لهم إلى اليوم بالحصول على أراضي بديلة والبناء عليها، مستشهدًا بحالة أحد أهالي القرية والذي مات كمدًا بعدما ترك البيت والأرض للسلطات وحصل على مبلغ مليون جنيه فقط، كتعويض عن منزله البالغ سعره الحقيقي 10 مليون جنيه، ورفضت السلطات تعويضه عن الأرض، زاعمة أنها أرض الدولة، مقترحًا أن يتم تخصيص خمسة آلاف فدان فقط لمشروع ساوث ميد بدلًا من 5555 فدان ونقل أهالي قرية جميمة للسكن في الـ 555 فدان المتبقية، وتوظيفهم للعمل كـ أمن للقرية السياحية وفي وظائف أخرى داخل المشروع، لتعويضهم عن فقدانهم لمصدر رزقهم المتمثل في الزراعة الموسمية والرعي.

ويرى أمين مجلس شؤون القبائل العربية أن هناك تقصير وغياب واضح عن المشهد، لمحافظ مرسى مطروح والنواب البرلمانيين عن دوائر المحافظة، في حين يتوقع أن تحدث أزمة مشابهة مع أهالي منطقة الجنينة الذين تخطط السلطات لنقلهم من أراضيهم، كما لا زال أهالي منطقة أرض مطار الضبعة الذين تركوا أراضيهم لبناء المطار يستغيثون للحصول على تعويضات عادلة، مستغربًا إقحام قوات الجيش في المشهد لكون الأراضي مملوكة للأهالي وتابعة لهيئة المجتمعات العمرانية وتم تخصيصها للاستثمار السياحي لصالح مستثمر خليجي ورجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، وليست مملوكة للقوات المسلحة، مبديًا تخوفاته من إحتمالية حدوث احتقان بين الأهالي نتيجة لذلك.

وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادرنا أن حالة المصاب عبد القادر صافي، قد استقرت، إلا أن أهالي قرية جميمة لا يزالون يشعرون بالخطر تجاه مشروع “ساوث ميد” السياحي، الذي يهددهم بفقدان بيوتهم وأراضيهم الزراعية التي يقتاتون منها، وتساور المخاوف نفسها كثير من السكان الأصليين للساحل الشمالي وسواحل مرسى مطروح، تجاه مشروعات الاستثمار السياحي، آملين أن تقوم السلطات المعنية في مصر بمنحهم تعويضات عادلة تتناسب مع أسعار سوق العقارات والأراضي، وتضمن لهم حياة كريمة من ناحية أخرى.

رابط التقرير

https://zawia3.com/jumeima/

بعد تمزيق مشجعين إسرائيليين أعلامًا فلسطينية.. صدامات بين مشجعي فريق مكابي تل أبيب ومتضامنين مع فلسطين في هولندا

 

بعد تمزيق مشجعين إسرائيليين أعلامًا فلسطينية.. صدامات بين مشجعي فريق مكابي تل أبيب ومتضامنين مع فلسطين في هولندا



بعد احداث الشغب من الجماهير الاسرائيلية مساء امس الخميس فى هولندا

 

بعد احداث الشغب من الجماهير الاسرائيلية مساء امس الخميس فى هولندا 

الملك ويليم ألكسندر ملك هولندا للرئيس الإسرائيلي هرتسوج اليوم الجمعة:

"لقد خذلنا الجالية اليهودية في هولندا خلال الحرب العالمية الثانية، وأمس فشلنا مرة أخرى"

قل «برنامج مكافحة الجوع» ولا تقل «برنامج الدعم»

 

مدى مصر

قل «برنامج مكافحة الجوع» ولا تقل «برنامج الدعم»


كل الحديث الآن في مصر، فيما يخص الدعم، يدور حول التحول إلى الدعم النقدي. وكعادة هذه الأيام، يبدأ النقاش في «الحوار الوطني» حول التحول للدعم النقدي كبديل عن الدعم الغذائي، بناءً على دعوة من الحكومة. طبقًا للخطاب الحكومي، سيساعد التحول للدعم النقدي على حل جميع مشاكل الدعم الغذائي، على الرغم من أن الحكومة نفسها لم تطرح تصورها حتى الآن.  

لم تطرح الحكومة أي معلومات عن تكلفته المحتملة، وآليات الاستهداف، ومدى ارتباطها بمعدلات تضخم الغذاء في الاقتصاد المصري. وبالتالي يطرح خطاب التحول للدعم النقدي أسئلة أكثر مما يقدم من إجابات، حيث تغيب الرؤية والهدف من البرنامج المنشود التحول إليه.

وعلى الرغم من الإصرار الحكومي على أن تكلفة برنامج الدعم باهظة، إلا أن هذا الإصرار لا تدعمه أي من الأرقام المتاحة. ليست هناك شكوك أن الإنفاق على الدعم لم يكن السبب في عجز الموازنة في مصر، وإنما بسبب مدفوعات فوائد الدين المرتفعة. على سبيل المثال، سوف تدفع مصر هذا العام فوائد تقدر بـ1.83 تريليون جنيه.

يمثل الدعم الغذائي حاليًا 134.1 مليار جنيه، أي ما يوازي 3.5% تقريبًا من إجمالي المصروفات الحكومية البالغة 3.8 تريليون في الموازنة الحالية. ويمثل دعم المواد التموينية (كل الدعم الغذائي باستثناء الخبز) أقل من 1% من إجمالي المصروفات، ما يعني أن مجمل دعم الغذاء يمثل 7% فقط من مدفوعات الفوائد السنوية.

يعني هذا أن دعم الغذاء ككل لا يمثل حاليًا سوى أقل من 1% من الناتج المحلي. خلال السنوات العشر الأخيرة، انخفضت نسبة دعم الغذاء من 1.4% إلى أقل من 0.9% من الناتج المحلي، مع توقعات لصندوق النقد الدولي أن تستمر في الانكماش خلال السنوات الخمس القادمة لتشكل 0.6%.

كما خفّضت الحكومة، خلال السنوات العشر الماضية، أعداد المستفيدين رغم زيادة السكان. في 2014، كان عدد المستفيدين من برنامج دعم الخبز حوالي 82.2 مليون نسمة، ما يقارب 86% تقريبًا من عدد السكان، لكن هذا العدد انخفض إلى 70 مليون، بحسب الموازنة الأخيرة، أي ما يقارب 63% من السكان. على الرغم من هذا الانخفاض، إلّا أن البرنامج لا يزال يغطي نسبة كبيرة تجعل أي برنامج دعم، سلعيًا كان أو نقديًا، برنامج استهداف واسع، بكل ما تحمله برامج الاستهداف الواسعة من تحديات وصعوبات.

أحد هذه الصعوبات تتعلق بالطبع بأبواب الفساد التي يسمح بها برنامج بهذا الحجم. يحمل سؤال الفساد تصورات سابقة عن تلك البرامج: عن طوابير الخبز، وصور سرقة أكياس الدقيق المدعم وبيعها في السوق السوداء، وهي ممارسات لا تزال موجودة لكنها تقلصت بشكل كبير بسبب الإصلاحات التي أُدخلت على منظومة الدعم خلال السنوات العشر الأخيرة.

يرتبط سؤال الفساد بحوكمة المنظومة بشكل حقيقي داخليًا. إذا كانت عمليات التوريد تشهد فسادًا بالتواطؤ بين مسؤولي وزارة التموين وبين الموردين، فإن هذا يمكن حله ببساطة بحوكمة المنظومة وتفعيل رقابة الأجهزة الرقابية المختلفة عليها، وليس إنهاء كامل المنظومة التي ظلت لعقود في مكانها حتى مع الفساد.

بدأت الإصلاحات المتعلقة بالحوكمة بالفعل في 2013 مع إدخال الكارت الذكي لصرف الخبز، واستمرت التحسينات على تلك المنظومة من أجل تقليل التلاعبات من قبل المستهلكين، وعلى امتداد سلسلة الإمداد. اليوم، تحوّل الدعم العيني إلى دعم شبه نقدي بالفعل، فكل فرد له 50 جنيهًا في بطاقة التموين بالإضافة إلى خمسة أرغفة يوميًا، في كارت ذكي. الحلقة الوحيدة في التلاعب تتمثل في عدم حصول المستحق للدعم على السلع، بمعنى أنها يتم صرفها من على الكارت ولا تذهب إليه. يحدث هذا مثلًا إذا قرر صاحب الكارت أن يتركه لصاحب المخبز أو منفذ التموين ليقوم بتسجيل السلع على أنها تم صرفها دون أن يتم ذلك على أرض الواقع. لكن ليس هناك أي أرقام حكومية عن حجم هذه الظاهرة.

التحدي الأهم فيما يخص برنامج الدعم يتعلق في الحقيقة بسؤال الكفاءة.

النقاشات حول كفاءة منظومة الدعم العيني في مصر قديمة قدم برامج التقشف الحكومية المدفوعة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي منذ التسعينيات، ولكنها تظهر للعلن بشكل كبير مع أزمات عجز الموازنة المتتالية، والتي تتطلب التقشف على حساب الإنفاق الاجتماعي، بما فيها الدعم.

على العكس من الخدمات الاجتماعية الأخرى المهمة مثل التعليم والصحة، والتي لا يحضر فيها سؤال الكفاءة بشكل كبير، يظل هذا السؤال مطروحًا بقوة فيما يخص برنامج الدعم، وهو برنامج شديد الأهمية بالنظر إلى طبيعته كبرنامج لمكافحة الجوع واسع النطاق في مصر. هذه النقطة لا بد أن تظل مركزية بالنسبة لأي نقاش حول البرنامج أو أي اقتراحات لتعديله.

تعرضت المنظومة لسنوات وسنوات من التحسين في مستويات الاستهداف. غالبًا ما يشار لذلك الاستهداف الواسع على أنه مشكلة تُضعف الكفاءة، وذلك على اعتبار أن الكفاءة هي استهداف الفقراء وفقط، أي 29.7% من السكان بحسب خط الفقر الوطني، وهو تصور لا يراعي الأبعاد المختلفة للفقر في مصر. تشير تقديرات البنك الدولي للفقر في مصر، أبريل الماضي، إلى أن 68% من السكان «فقراء» أو «معرضين للفقر».

وبالتالي لا يمكن أن تكتفي برامج الدعم العيني باستهداف الفقراء تحت خط الفقر الوطني، وهو 29.7% فحسب. بعيدًا عن قدم تلك الأرقام الزمني، وعدم معرفتنا بالبيانات الجديدة لنسب الفقر بسبب تأخر نشر بحث الدخل والإنفاق، فإن برامج الدعم الغذائي تحديدًا يجب أن تستهدف الفقراء ومن هم على حافة الفقر، حتى تكون قادرة على الاستجابة في أوقات الأزمات لصدمات التسعير السريعة، والتي تسارع بهبوط المزيد من المواطنين إلى تحت خط الفقر. مصر، على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة، لديها تاريخ طويل مع ذلك. فخلال ثماني سنوات من 2016-2024، خفضت مصر سعر عملتها في خمس مناسبات مختلفة، وارتفع متوسط معدلات التضخم خلال تلك السنوات، وبالأخص تضخم الغذاء، بشكل هائل.

لهذا فإن معادلة تكلفة الدعم، والتي تقدر بـ134 مليار في الموازنة الحالية، يجب أن يكون في القلب منها سؤال عما نشتريه بتلك التكلفة. ببساطة، نشتري كمًا ضخمًا من السعرات الحرارية الموجهة للفقراء. يعتمد المصريون على الخبز مثلًا في توفير ثلث السعرات الحرارية اليومية، وحوالي ثلث احتياجات البروتين لما يقارب من 60 مليون مصري. هذا رقم شديد الكفاءة بالمناسبة، إذا ما قورن بمستويات إنفاق المصريين على الطعام سنويًا، والتي تقارب، بحسب تقديرات «فيتش سولوشينز»، أربعة تريليونات جنيه في 2024. يعني هذا أن كامل الدعم الغذائي في مصر لا يمثل سوى أقل من 3% من الإنفاق الكلي على الغذاء سنويًا في مصر. هذه الـ3% توفر سعرات حرارية كثيفة للفقراء تعتمد حياتهم عليها.

إذا قررنا حساب متوسط التكلفة لكل فرد، فإن الدعم العيني في مصر شديد الانخفاض. فبحسب ما تدفعه الحكومة حاليًا لمنظومة الدعم الغذائي (الخبز والسلع التموينية)، فإن متوسط الدعم المقدم للمواطن سنويًا سوف يصبح حوالي 600 جنيه من دعم السلع التموينية، وما يقارب 1800 سنويًا من الخبز، أي ما يقارب 2400 جنيه سنويًا أو 200 جنيه شهريًا (أربعة دولارات تقريبًا)، وهي تكلفة شديدة الانخفاض قياسًا بقدر الفوائد المتحصلة من التغطية الواسعة للبرنامج، والتي تتمثل في منع الجوع واسع النطاق. تلك التكلفة القليلة (134 مليار جنيه، أي حوالي 2.7 مليار دولار) تسمح لملايين الفقراء سنويًا بالاستمرار في سوق العمل، والمساهمة في عمليات إنتاج القيمة في الاقتصاد. يعد ذلك بالأساس الهدف الأساسي لبرامج الدعم والمساعدات الاجتماعية سواء كانت عينية أو نقدية: توفير ما يكفي من الطعام كي يستمر الناس في العمل.

يحيلنا ذلك لسؤال حول ما يتطلبه التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، بحجة أنه يمكن الوصول لصيغ أفضل عبر الدعم النقدي، وهي حجة غير صحيحة.

الدعم النقدي، حتى يتمكن من تحقيق النتائج المرجوة منه سواء على مستوى التغذية أو مستوى التغطية لهذا الكم من السكان لحمايتهم من الجوع، يتطلب الكثير من الإنفاق والتكاليف الإدارية لتحديد الاستهداف الصحيح، وزيادة الإنفاق وكيفية قياس تلك المؤشرات، وزيادة التحويلات الموجهة للغذاء بأسعار السوق وربطها بالتضخم، وهي كلها تكاليف كبيرة جدًا، على الأرجح تتجاوز حتى تكلفة منظومة الدعم العيني الحالية.

علي سبيل المثال، من أجل توفير سلة دعم جيدة للأكثر فقرًا في مصر، فإن ذلك يتطلب بحث حالات ما يقرب من 30 مليون مواطن على أقل التقديرات، وتصميم برامج دعم نقدي تصاعدية بحسب أسعار السلع في كل منطقة، وهي متفاوتة، وتحفيز هؤلاء لاستهلاك تلك الأنواع من الأغذية التي يُراد لبرامج الدعم النقدي أن تحول نمط الاستهلاك إليها.

كما يتطلب الدعم النقدي كذلك أن يُصمَم البرنامج تبعًا للاحتياجات المحلية، وأشكال وأنواع الفقر المختلفة. يتطلب مثلًا خبراء تغذية وموظفين لتقييم الحالات المستحقة في البداية، وكلها تمثل تكاليف إدارية كبيرة خاصة أن البرنامج كبير وليس بحجم برامج التحويلات المشروطة مثل «تكافل» و«كرامة»، وهي النماذج الوحيدة المطبقة بالفعل لبرنامج دعم نقدي واسع (وإن كان أقل حجمًا بكثير من دعم الغذاء).

ليس لدينا أرقام أو تقييم موضوعي لبرنامجي «تكافل» و«كرامة»، رغم مرور ما يقرب من تسع سنوات على بدايتهما. لم تقدم الحكومة تقييمًا ولم تدعُ أيًا من المؤسسات التنموية الدولية للقيام بتقييم شامل للبرنامجين وتأثيرهما على الفئات المستهدفة منها، ومن ثم من الصعوبة بمكان معرفة التكاليف الإدارية لهما.

لذلك، فإن السؤال الذي ينبغي أن ينطلق منه النقاش ليس ما إذا كان التحول للدعم نقدي هو الحل، بل هو كيف يمكن تطوير مستويات الكفاءة في الدعم العيني. لأنه، وبمعايير كثيرة، تعبر منظومة الدعم العيني عن مستويات جيدة جدًا من الكفاءة. بل يمكن القول أن تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية تعبر عن أفضل طريقة يمكن بها صرف الإيرادات الحكومية، بمعنى أن كل جنيه في الدعم العيني له تأثير جيد جدًا على مستويات التغذية، وعدم الشعور بالجوع، وبالتالي الإنتاجية الاقتصادية.

هناك عدد من الأساطير حول الدعم السلعي في مصر.

أول تلك الأساطير، حين يتم الحديث عن الدعم السلعي في مصر، هي أن نسب التسرب مرتفعة. لا تقدم الحكومة أرقامًا عن نسب تسرب رغيف الخبز، أو نسب التسرب السلع التموينية. المرجح أن نظام النقاط المعتمد في البطاقات التموينية خلال السنوات الأخيرة  قلّص التسرب بنسب كبيرة، إذ سُمح باستبدال الخبز بسلع أخرى. وعلى المستوى الكلي، انخفض عدد الأرغفة من 137 مليار رغيف منتج في المنظومة عام 2014 إلي ما يقارب 96 مليار رغيف، بحسب الموازنة العامة الحالية، أي ما يقارب انخفاضًا بنسبة حوالي 30٪. وإذا قررنا احتساب متوسط الانخفاض في وزن الرغيف من 130 إلى 90 جرامًا في الوقت الحالي، فإن الانخفاض الكلي في الإنتاج يصبح أكبر بكثير.

ما يدعم التصور بأن التسرب الحادث في المنظومة منخفض، نقصُ الطلب على استبدال الخبز مع زيادة أسعار السلع الأخرى، ما يشير إلى أن استهلاك الخبز في المنظومة إلي حد كبير مرتبط بمستويات التضخم في السلع الأخرى، وشديد الحساسية لتلك التغيرات. بمعنى ما، لا يوجد فائض كبير داخل المنظومة بالكامل، وبالتالي يزيد الطلب على الخبز وقت التضخم لأنه أكثر إشباعًا من بقية السلع، وكمية السعرات المتاحة فيه أكبر بكثير ومن ثم مُشبعة.

أحد الأساطير الأخرى عن تسرب الخبز مثلًا هو أن الناس تستهلكه في تغذية «البط والفراخ»، وهي ممارسة منتشرة، لكن لا يوجد أرقام رسمية تدعم الادعاء بأنها كبيرة إلى درجة تنتج التسرب الكبير في المنظومة. كما أن إعادة إستهلاك الخبز في الطعام أمر جيد في الحقيقة، لأن الخبز لا يُفقَد تمامًا وإنما يدخل في تكوين بروتين من لحوم تلك الطيور.

لا يوجد منطق من الأساس في فكرة تسرب الدعم إذا كان فلسفة الدعم الغذائي في مصر وغيرها من دول العالم هي فلسفة عمومية universalism، لأنه من المفترض بالعمومية أن تحمل في طياتها نسب تسرب. وطالما لا يوجد تقدير دقيق لنسبها، ومحاولات مختلفة على امتداد سلسلة توريد السلع لتقليل التكلفة، فإنه من المرجح أن تكون نسب التسرب قليلة. وبالمقارنة مع فوائد تلك العمومية، وهي حماية الشعب من الجوع، فإن الحديث عن التسرب لا يبدو كافيًا للقول بأن المنظومة بالكامل غير كفؤة ويجب استبدالها.

علي صعيد الفساد، فهو شيء مرتبط بحوكمة المنظومة بشكل حقيقي داخليًا. فإذا كانت عمليات التوريد تشهد الكثير من الفساد بالتواطؤ بين مسؤولي وزارة التموين وبين الموردين، فإن ذلك يمكن حله ببساطة بحوكمة المنظومة وتفعيل رقابة الأجهزة الرقابية المختلفة عليها، وليس إنهاء كامل المنظومة التي ظلت لعقود تلعب دورًا محوريًا حتى مع وجود الفساد.

أحد الانتقادات التي توجه دائمًا إلى برامج الدعم السلعي هي أنها تضع سعرين للسلعة في السوق. ومن ثم، فإن تلك التشوهات السعرية تساهم في ظهور التلاعبات والأسواق السوداء لتلك السلع، وهي حالة تزداد صعوبة في الوقت الحالي نتيجة سنوات من تحسين منظومة الاستهداف في الدعم الغذائي.

كما يتم انتقاد التشوهات السعرية غالبًا بمنطق أنها تعيق عملية استغلال الموارد بالشكل الأمثل، لأن الطلب الحكومي على المحاصيل والسلع المطلوبة لبرامج الدعم الغذائي إلى جانب الاستهلاك التجاري العادي يدفع التركيب المحصولي للميل دائمًا تجاه المزيد من إنتاجها.

على سبيل المثال، وخلال العقود الأربعة الماضية، زاد إنتاج السلع الغذائية المدعومة وخاصة الحبوب، وانخفضت أسعارها مقارنة بالمجموعات السلعية الأخيرة. لكن، وبغض النظر عن أي تشوهات سعرية محتملة، كان لذلك أثر إيجابي في تحسين الأمن الغذائي في معظم دول الجنوب العالمي التي تطبق برامج لدعم السلع الأساسية، وبالأخص الحبوب.

لكن، على الرغم من الأمان الغذائي الذي حققته سياسات الدعم الغذائي، تسبب الميل إلى زراعة الحبوب بشكل أكبر من زراعة الخضروات والبقوليات وغيرها من المحاصيل المتنوعة في تبعات صحية.

هذه هي الأزمة الحقيقية في برنامج الدعم الغذائي القائم حاليًا. تعاني مصر من مشكلة زيادة استهلاك الخبز بشكل كبير، وما يترتب على ذلك من آثار صحية طويلة المدى. يعتبر البعض أن الدعم الغذائي يثبط بقدر كبير التحول لنمط غذائي أكثر تنوعًا ويشجع الفقراء بشكل كبير على الالتزام بنمط غذائي يعتمد بشكل أساسي على الحبوب والزيوت المهدرجة ضئيلة التكلفة بدلًا من النمط المتنوع للتغذية.

يبدو هذا التفسير صحيحًا إلى حد كبير في مصر. لكنه ينفي الظروف الاقتصادية الكلية وصدمات التسعير في أسعار المواد الغذائية، والتي تدفع الفقراء موضوعيًا لاستهلاك المزيد من الحبوب والزيوت والأغذية منخفضة التكلفة بشكل عام، وحتى من السوق الحر وليس فقط من برامج الدعم. في النهاية، لا تقدم برامج الدعم الغذائي كامل الاحتياجات الغذائية للفرد طوال الشهر، لكنها تساهم في جزء من الاحتياجات الغذائية، ويتبقى على هؤلاء سد حاجاتهم الغذائية الأخرى من خلال السوق. ومن ثم، فإن تخفيض الدعم التمويني مثلًا لن يقلل استهلاك الحبوب وبالأخص الخبز، لأن الطلب على تلك السلع يظل مدفوعًا بغياب البدائل الرخيصة لها وترسخها كطعام مشبع كثيف السعرات ورخيص بالنسبة لأغلب الفقراء.

يؤثر أيضًا نمط العمل والتشغيل على نوعية الغذاء التي يجبر الفقراء على استهلاكها. ففي ظل مساحة كبيرة من الاقتصاد والعمل غير الرسمي في الاقتصاد، فإن الحصول على وجبات ساخنة متنوعة غذائيًا يبدو مستحيلًا في كثير من الحالات في مصر. ومن ثم، فإن شراء السندويتشات يوميًا من على عربات الفول صباحًا، واستمرار تلك العربات في العمل ليلًا في المناطق الفقيرة وغيرها يؤشر على تلك الثقافة بشكل كبير. فلا يمكن للعمال غير الرسميين سوى استهلاك أغذية سريعة مثل الساندوتشات أو علب الكشري أثناء العمل لساعات مطولة.

يُعد هذا هو النقد الأهم والأكثر موضوعية لمنظومة الدعم السلعي في مصر. فالدعم السلعي في مصر يركز على سلة غذاء تعتمد على الكربوهيدرات الرخيصة والزيوت المهدرجة بالإضافة للسكر، وكلها سلع تؤدي كثافة استهلاكها، كما في حالة مصر، إلى مشكلات صحية طويلة المدى، ومن ثم فإن هناك حاجة فعلية لإعادة تصميم سلة الدعم الغذائي في مصر. لكن إعادة تصميم سلة الدعم الغذائي يبدو أمرًا شديد الصعوبة في سياق مصر الحالي، ليس لندرة في المحاصيل المتنوعة التي تُزرع في مصر، ولكن لأن تصميم سلة دعم متنوعة يعني أن تدفع الحكومة أموالًا أكثر في الدعم.

وعلي الرغم من أن نسب الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضار والفاكهة في مصر مرتفعة، إلا أن هذا الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضار والفاكهة لا يعني حصول المواطنين عليها بقدرٍ كافٍ. فتلك المحاصيل بالأخص ترتبط بالتسعير العالمي في ظل توافر البديل المتمثل في تصدير السلع، ومن ثم فإن أسعارها المحلية أكثر تقلبًا من مكونات الغذاء الأخرى، والنفاذ إليها يصبح أكثر صعوبة في أوقات الأزمات. ومع انخفاض الإنتاجية، يقل نصيب الفرد سنويًا من الخضروات وبالأخص مع الزيادة السكانية والاتجاه لتصدير بعض أصناف الخضروات والفواكه.

يعاني أغلب سكان الحضر من الفقراء من صعوبة كبيرة في الحصول على الغذاء الصحي والمتنوع بسبب قلة دخولهم، لاسيما مع تخفيضات العملة المتتالية. تفاقُم هذا الوضع بسبب محدودية توافر الأغذية الطازجة، بسبب ظروف سوء التخزين والنقل والتسويق. في المُجمل أيضًا، وبسبب التغيرات المستمرة في طبيعة الاقتصاد في الحضر والوقت الأقل المتاح يوميًا خارج ساعات العمل، فإن سكان الحضر أكثر اعتمادًا على الأطعمة السريعة، وذلك استجابة لضغوطات مختلفة في النسق الاقتصادي، والتي تشمل العمل والوقت المحدود للطهي، ومن ثم فهم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وأمراض سوء التغذية الأخرى.

تظهر بيانات النشرة السنوية لحركة الإنتاج والتجارة الداخلية والخارجية لأهم السلع الزراعية انخفاضًا واضحًا في نصيب المواطن من الخضروات، إذ انخفض من 93.1 كيلو جرام سنويًا في 2016، إلى 72.5 كيلو جرام سنويًا في 2021

يدفعنا هذا للاعتقاد بأن الانتقال للدعم النقدي لن يساهم في زيادة الطلب على تنويع الغذاء، بل على العكس سوف يرفع من أسعار الحبوب والسلع الأساسية، ومن ثم تحديد النفاذ لها بشكل أكبر وبالأخص في الشرائح الأفقر من السكان. وحتى إذا كانت الحكومة تريد تصميم برامج دعم نقدي تصاعدي يعطي للأفقر دعمًا ماليًا أفضل، فإن الطلب سوف يظل متركزًا على الأغذية الرخيصة طالما ظلت رخيصة في السوق، وذلك لأن الفقراء سيستمرون في الاعتماد على الغذاء الرخيص كثيف السعرات الحرارية، لتوجيه جزءًا من أموال هذا الدعم النقدي لاستهلاك خدمات وسلع أخرى.

بدلًا من التفكير في استبدال البرنامج القائم بآخر نقدي غير واضح المعالم، هناك حاجة على المدى الطويل لتصميم سلات دعم غذائية أكثر تنوعًا، تراعي الاعتبارات الغذائية الصحية والمتطلبات المحلية للسكان في كل منطقة من مناطق مصر. يمكن أن تكون تلك السلة أكثر تكلفة في دعمها، لكن مع تقليل معدلات التغطية التي تقوم بها الحكومة في السنوات الأخيرة، يمكن أن تقل التكلفة كرقم مطلق وكنسبة من الناتج المحلي.

لا يمكن أن يتم ذلك بشكل جيد سوى بإشراك تلك المجتمعات المحلية في تصميم السلة الغذائية المدعومة، وتقليل القدر الكبير من المركزية في تصميم السلة، وعمليات التوريد والمناقصات المرتبطة بشراء تلك السلع، وما يمكن أن يتطلبه ذلك من نزع مركزية منظومة الدعم الغذائي في مصر. لن تساهم التحويلات النقدية في تنويع سلة الغذاء كما يتصور عنها، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وصدمات التسعير المستمرة فيه، والتي سوف تزيح الفقراء شيئًا فشيئًا ناحية السلع الأرخص من الحبوب والنشويات والزيوت المهدرجة الرخيصة، ومن ثم لن يساهم الدعم النقدي في حل مشكلة سلة الدعم السيئة في مصر.

إذا كانت الحكومة مشغولة فعلًا بالتأثيرات الصحية لبرنامج الدعم الغذائي، فعليها أن تعيد تصميم سلة الدعم، حتى ولو بشكل جزئي موجه للسكان في المناطق الأكثر فقرًا، والنساء والأطفال في تلك المناطق. يمكن البدء من خلال تطبيق وجبة مدرسية ساخنة في المناطق الأفقر في مصر، وتعميم ذلك البرنامج لاحقًا على مناطق أخرى. سوف توفر تلك الوجبة قيمة غذائية جيدة للأطفال في سن صغيرة، ويمكنها أن تقلل من التكلفة المالية والصحية للأمراض المرتبطة بسوء التغذية بالنسبة للأطفال في مصر، والتي تؤثر أيضًا على المدى الطويل في مستويات الإنتاجية.

لا يمكن أن يتم هذا التنويع لسلة غذاء المصريين الفقراء من خلال التحويلات النقدية، بل يجب أن يبدأ إصلاح منظومة الدعم الحالية بنزع مركزيتها، وبناء سلاسل توريد محلية للأغذية المزروعة في كل منطقة في الريف. يمكن مثلًا في الدلتا أن يضاف الخضار بسهولة إلى منظومة الدعم، لأن إنتاجه كثيف ويمكن نقله بسهولة داخل حدود المحافظات المختلفة بدون الحاجة لمنشآت تخزين أو تبريد مكلفة. كما يمكن أن تصمم السلة حسب الاحتياجات الغذائية المطلوبة لكل أسرة، فإذا كان هناك أطفال دون السادسة، ينبغي زيادة البروتين عبر البقوليات مثلًا. ويمكن الانتقال بجزء من هذا الدعم الغذائي لوجبات مدرسية ساخنة تتم بشكل محلي في كل قرية، وتتضمن تشغيل مجموعة من الأسر في عمليات إعداد الطعام وتقديمها للأطفال حتى نهاية المرحلة الابتدائية، وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تتم بالتنسيق بين السياسات الغذائية والسياسات الصحية في مصر.

خلال السنوات الماضية، شهدت مصر وغيرها من دول الجنوب العالمي تبعات العديد من العوامل التي ستساهم في زيادة صدمات تسعير الغذاء في المستقبل، على رأسها التغير المناخي، والذي يؤثر على مستويات الإنتاجية ويجعلها أكثر تقلبًا في المحاصيل الرئيسية، إلى جانب الحروب والنزاعات والتوترات الجيوسياسية، والتي ظهرت بشكل جلي في الحرب الروسية الأوكرانية، والحروب التجارية والسياسات الحمائية في مجال السلع الزراعية. ومن ثم، فإن وجود الحكومة وهيئة السلع التموينية كمستورد وموفر للسلع الأساسية يعد ضروريًا لتحقيق الأمن الغذائي على المستوى الجماعي والفردي في مصر. دور الهيئة في توفير تلك السلع عبر الاستيراد لا يمكن الاستغناء عنه في الأوقات العادية ناهيك في أوقات الأزمات، ومن ثم فإن الإبقاء علي منظومة الدعم العيني، والبحث عن سبل لتطويرها وتحسين كفاءة الاستهداف فيها هو ما يجب أن يشغلنا، وليس كيف يمكن للحكومة أن تنفض عن يدها عبء توفير السلع الأساسية لما يقارب من 70 مليون مواطن مصري في ظل أزمة اقتصادية وغذائية يمكن أن نقول أنها الأعنف في تاريخ هذا البلد.

رابط التقرير

https://mada38.appspot.com/www.madamasr.com/2024/11/07/opinion/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%82%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%B9-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7/?fbclid=IwY2xjawGbFHVleHRuA2FlbQIxMAABHXIVZ8Y0GDv-s3zddgmuG5S2FaUbQOEzbvRkW5aCRRlO3tdsUwBlUbGuxQ_aem_jlKn9K9GVLzigcW4Wyy0Og