https://www.dw.com/ar/%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A5%D8%B0%D8%A7%D8%AE%D8%AF%D8%B9%D8%A%D9%86%D9%81%D8%B3%D9%83%D8%B3%D8%AA%D9%83%D9%88%D9%86%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%83%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9/a-52518948
علاء الأسواني للمواطن المصري: إذا خدعت نفسك دفاعا عن الجرائم التي يرتكبها نظام السيسي ستكون مشاركا فيها ولسوف تطالك يد القمع مثل الآخرين إن لم يكن اليوم فغدا
لو كنت جالسا في مطعم وفي المائدة المجاورة زوج يتشاجر مع زوجته لايجوز لك أن تتدخل بينهما لأن المشاجرة شأن عائلي لا يخصك، لكن إذا تطورت المشاجرة فأخرج الزوج سكينا وشرع في طعن زوجته. عندئذ يكون من حقك وواجبك أن تتدخل لتمنع جريمة قتل. الجريمة لا يمكن أن تكون شأنا خاصا بين المجرم والضحية.
هذه الفكرة البديهية لا تعجب أنظمة الاستبداد. الديكتاتور يؤمن بأنه المالك الوحيد للوطن ومن حقه أن يفعل ما يشاء بالمواطنين ولا يحق لهم أن يعترضوا على إرادته. لقد أكد الرئيس السيسي - أكثر من مرة -أمام رؤساء الدول الغربية أن حقوق الإنسان الغربي ليست مثل حقوق الإنسان المصري. وكأن المعاملة الإنسانية المحترمة من حق الغربيين وحدهم أما المصريون فلا يصلح معهم إلا القمع. نظام السيسي يمارس قمعا وحشيا غير مسبوق في تاريخنا. عشرات الآلاف من المعتقلين يتعرضون إلى التعذيب ويموتون كل يوم من الإهمال الطبي.
آخر جرائم نظام السيسي حدثت مع شاب مصري اسمه باتريك جورج يدرس للحصول على الماجستير من جامعة بولونيا في إيطاليا. يبدو أن باتريك كتب نقدا لنظام السيسي على فيس بوك ولم يدر بذهنه أن النقد أصبح جريمة في مصر. عاد باتريك إلى وطنه في أجازة سريعة ليزور أهله فتم القبض عليه في مطار القاهرة وترحيله إلى مقر الأمن الوطنى حيث تم ضربه وصعقه بالكهرباء(وفقا لشكوى تقدم بها محاميه وتجاهلتها النيابة كالعادة)، ثم أُحيل باتريك إلى المحاكمة بباقة التهم المعتادة: نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام ومحاولة قلب نظام الحكم. كان من الطبيعي أن يعترض زملاء باتريك وأساتذته في جامعة بولونيا على كل هذا القمع لمجرد أن باتريك عبر عن رأيه.
عندئذ أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه أن باتريك جورج مواطن مصري وليس إيطالياً. هذا البيان تطبيق عملي لنظرية السيسي عن حقوق الإنسان فلو كان باتريك إيطالياً لكانت الداخلية عاملته باحترام لكنه مصري فلابأس اذن من ضربه وتعذيبه بالكهرباء وحبسه بتهم ملفقة. ولقد أدان الإعلام المصري دفاع أساتذة وزملاء باتريك عنه باعتبار تدخلا في الشأن المصري.
إن تعامل نظام السيسي مع ملف حقوق الإنسان لا يتغير. عشرات التقارير الحقوقية والإعلامية تدين القمع في مصر ومع كل تقرير جديد ينتفض إعلام السيسي (الخاضع تماما للمخابرات) من أجل التغطية على الجرائم التي يقترفها نظام السيسي في مواطنيه. تتم التغطية على القمع بالأساليب التالية:
أولا: إثارة الوطنية الكذابة
يفترض هذا الأسلوب أن الحاكم هو الوطن وبالتالي فإن من ينتقد سياسات السيسي إنما يهاجم مصر. بالطبع عبد الفتاح السيسي ليس مصر وتوجيه النقد للسيسي أو معارضته لا يعكس كراهية لمصر وإنما يعكس غالبا حبا لها. في الأنظمة الديكتاتورية غالبا ما يكون المعارضون أكثر إخلاصا من المؤيدين لأن المؤيدين تتم مكافآتهم مقابل تأييد الطاغية. أما المعارضون فيدفعون ثمنا باهظا لمواقفهم. اضف إلى ذلك أن ضحايا القمع مصريون والدفاع عن حقوق المصريين دفاع عن مصر.
ثانيا: نظرية المؤامرة
يسعى إعلام السيسي لإقناع المصريين بأن دول العالم كلها تتآمر ضدنا وأن الزعماء الغربيين لا ينامون الليل حتى يجدوا طريقة لتدمير مصر واهلاك شعبها. هذا الكلام الفارغ لا يستحق المناقشة أولا لأن مصر تدهورت في كل المجالات منذ أن سقطت في الحكم العسكري عام 1952، وبالتالي لا يوجد سبب لأن يتآمر أحد ضدها وثانيا لأن السيسي يتمتع بعلاقات ممتازة مع الدول الغربية لأنه يعقد معهم الصفقات الضخمة ويشترى منهم الأسلحة مقابل مليارات وهو يتمتع بدعم كامل من الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذي أعلن مرارا ان السيسي أكثر رؤساء مصر صداقة لإسرائيل.
ثالثا: التشكيك في المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الغربي
يتهم نظام السيسي المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الغربي بأنها تختلق قصصا للإساءة إلى سمعة مصر، وهذه مغالطة أخرى لأن سمعة النظام المصري ليست هي سمعة مصر كما أن ضحايا القمع مصريون أضف إلى ذلك أن المنظمات الحقوقية كثيرا ما تفضح الانتهاكات في بلادها بل ان من كشف جرائم الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان وجوانتانامو كانوا صحفيين أميركيين.
رابعا: صناعة الأكاذيب
كلما ازداد النقد في الخارج للقمع في مصر رد المسؤولون المصريون بصناعة الأكاذيب. نذكر هنا خمسة مصريين أبرياء قتلتهم الشرطة خارج القانون وزعمت أنهم قتلة جوليو ريجيني الباحث الايطالي الذي تم تعذيبه حتى الموت في مصر.
الأكاذيب أيضا تشمل مشاهد مسرحية سخيفة تقوم بها وزارة الداخلية مع الإعلاميين المخبرين ليقنعوا الناس أن المعتقلين يأكلون طعاما فاخرا ويعيشون أجمل حياة في السجن. هذا الهراء يتم بثه على شاشات التليفزيون، بينما تؤكد مئات الشهادات والتقارير أن المعتقلين يعيشون في ظروف غير آدمية ويتم تعذيبهم ويمنعون من أبسط حقوقهم الإنسانية مثل الزيارات والبطاطين وتلقي الطعام من الخارج والتريض والرعاية الطبية.
كل هذه الأساليب الساذجة لا يمكن أن تخفي الحقيقة.
عزيزي المواطن المصري
إن القمع في مصر وصل إلى درجة لا يمكن تجاهلها أو انكارها. إن واجبك الإنساني والوطني والديني يحتم عليك إدانة الجرائم التي يرتكبها نظام السيسي في مواطنين مثلك. أما اذا قررت أن تخدع نفسك وتنكر حقيقة القمع فستكون للأسف مشتركا في الجريمة، ولسوف تطالك يد القمع مثل الآخرين إن لم يكن اليوم فغدا.
الديمقراطية هي الحل
علاء الأسواني للمواطن المصري: إذا خدعت نفسك دفاعا عن الجرائم التي يرتكبها نظام السيسي ستكون مشاركا فيها ولسوف تطالك يد القمع مثل الآخرين إن لم يكن اليوم فغدا
لو كنت جالسا في مطعم وفي المائدة المجاورة زوج يتشاجر مع زوجته لايجوز لك أن تتدخل بينهما لأن المشاجرة شأن عائلي لا يخصك، لكن إذا تطورت المشاجرة فأخرج الزوج سكينا وشرع في طعن زوجته. عندئذ يكون من حقك وواجبك أن تتدخل لتمنع جريمة قتل. الجريمة لا يمكن أن تكون شأنا خاصا بين المجرم والضحية.
هذه الفكرة البديهية لا تعجب أنظمة الاستبداد. الديكتاتور يؤمن بأنه المالك الوحيد للوطن ومن حقه أن يفعل ما يشاء بالمواطنين ولا يحق لهم أن يعترضوا على إرادته. لقد أكد الرئيس السيسي - أكثر من مرة -أمام رؤساء الدول الغربية أن حقوق الإنسان الغربي ليست مثل حقوق الإنسان المصري. وكأن المعاملة الإنسانية المحترمة من حق الغربيين وحدهم أما المصريون فلا يصلح معهم إلا القمع. نظام السيسي يمارس قمعا وحشيا غير مسبوق في تاريخنا. عشرات الآلاف من المعتقلين يتعرضون إلى التعذيب ويموتون كل يوم من الإهمال الطبي.
آخر جرائم نظام السيسي حدثت مع شاب مصري اسمه باتريك جورج يدرس للحصول على الماجستير من جامعة بولونيا في إيطاليا. يبدو أن باتريك كتب نقدا لنظام السيسي على فيس بوك ولم يدر بذهنه أن النقد أصبح جريمة في مصر. عاد باتريك إلى وطنه في أجازة سريعة ليزور أهله فتم القبض عليه في مطار القاهرة وترحيله إلى مقر الأمن الوطنى حيث تم ضربه وصعقه بالكهرباء(وفقا لشكوى تقدم بها محاميه وتجاهلتها النيابة كالعادة)، ثم أُحيل باتريك إلى المحاكمة بباقة التهم المعتادة: نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام ومحاولة قلب نظام الحكم. كان من الطبيعي أن يعترض زملاء باتريك وأساتذته في جامعة بولونيا على كل هذا القمع لمجرد أن باتريك عبر عن رأيه.
عندئذ أصدرت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه أن باتريك جورج مواطن مصري وليس إيطالياً. هذا البيان تطبيق عملي لنظرية السيسي عن حقوق الإنسان فلو كان باتريك إيطالياً لكانت الداخلية عاملته باحترام لكنه مصري فلابأس اذن من ضربه وتعذيبه بالكهرباء وحبسه بتهم ملفقة. ولقد أدان الإعلام المصري دفاع أساتذة وزملاء باتريك عنه باعتبار تدخلا في الشأن المصري.
إن تعامل نظام السيسي مع ملف حقوق الإنسان لا يتغير. عشرات التقارير الحقوقية والإعلامية تدين القمع في مصر ومع كل تقرير جديد ينتفض إعلام السيسي (الخاضع تماما للمخابرات) من أجل التغطية على الجرائم التي يقترفها نظام السيسي في مواطنيه. تتم التغطية على القمع بالأساليب التالية:
أولا: إثارة الوطنية الكذابة
يفترض هذا الأسلوب أن الحاكم هو الوطن وبالتالي فإن من ينتقد سياسات السيسي إنما يهاجم مصر. بالطبع عبد الفتاح السيسي ليس مصر وتوجيه النقد للسيسي أو معارضته لا يعكس كراهية لمصر وإنما يعكس غالبا حبا لها. في الأنظمة الديكتاتورية غالبا ما يكون المعارضون أكثر إخلاصا من المؤيدين لأن المؤيدين تتم مكافآتهم مقابل تأييد الطاغية. أما المعارضون فيدفعون ثمنا باهظا لمواقفهم. اضف إلى ذلك أن ضحايا القمع مصريون والدفاع عن حقوق المصريين دفاع عن مصر.
ثانيا: نظرية المؤامرة
يسعى إعلام السيسي لإقناع المصريين بأن دول العالم كلها تتآمر ضدنا وأن الزعماء الغربيين لا ينامون الليل حتى يجدوا طريقة لتدمير مصر واهلاك شعبها. هذا الكلام الفارغ لا يستحق المناقشة أولا لأن مصر تدهورت في كل المجالات منذ أن سقطت في الحكم العسكري عام 1952، وبالتالي لا يوجد سبب لأن يتآمر أحد ضدها وثانيا لأن السيسي يتمتع بعلاقات ممتازة مع الدول الغربية لأنه يعقد معهم الصفقات الضخمة ويشترى منهم الأسلحة مقابل مليارات وهو يتمتع بدعم كامل من الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو الذي أعلن مرارا ان السيسي أكثر رؤساء مصر صداقة لإسرائيل.
ثالثا: التشكيك في المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الغربي
يتهم نظام السيسي المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الغربي بأنها تختلق قصصا للإساءة إلى سمعة مصر، وهذه مغالطة أخرى لأن سمعة النظام المصري ليست هي سمعة مصر كما أن ضحايا القمع مصريون أضف إلى ذلك أن المنظمات الحقوقية كثيرا ما تفضح الانتهاكات في بلادها بل ان من كشف جرائم الجيش الأميركي في العراق وأفغانستان وجوانتانامو كانوا صحفيين أميركيين.
رابعا: صناعة الأكاذيب
كلما ازداد النقد في الخارج للقمع في مصر رد المسؤولون المصريون بصناعة الأكاذيب. نذكر هنا خمسة مصريين أبرياء قتلتهم الشرطة خارج القانون وزعمت أنهم قتلة جوليو ريجيني الباحث الايطالي الذي تم تعذيبه حتى الموت في مصر.
الأكاذيب أيضا تشمل مشاهد مسرحية سخيفة تقوم بها وزارة الداخلية مع الإعلاميين المخبرين ليقنعوا الناس أن المعتقلين يأكلون طعاما فاخرا ويعيشون أجمل حياة في السجن. هذا الهراء يتم بثه على شاشات التليفزيون، بينما تؤكد مئات الشهادات والتقارير أن المعتقلين يعيشون في ظروف غير آدمية ويتم تعذيبهم ويمنعون من أبسط حقوقهم الإنسانية مثل الزيارات والبطاطين وتلقي الطعام من الخارج والتريض والرعاية الطبية.
كل هذه الأساليب الساذجة لا يمكن أن تخفي الحقيقة.
عزيزي المواطن المصري
إن القمع في مصر وصل إلى درجة لا يمكن تجاهلها أو انكارها. إن واجبك الإنساني والوطني والديني يحتم عليك إدانة الجرائم التي يرتكبها نظام السيسي في مواطنين مثلك. أما اذا قررت أن تخدع نفسك وتنكر حقيقة القمع فستكون للأسف مشتركا في الجريمة، ولسوف تطالك يد القمع مثل الآخرين إن لم يكن اليوم فغدا.
الديمقراطية هي الحل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.