الجمعة، 3 أبريل 2020

مصر: لماذا لا يخشى النظام على ضباط الداخلية من كورونا


على مدار السنوات الأخيرة تعودنا أن نسمع عن صرخات الاستغاثة المتكررة من داخل الزنازين ومن أهالي المعتقلين، وحملات للتضامن معهم سواء من شخصيات عامة أو ناشطين، وتقارير وبيانات لا حصر لها من العديد من منظمات المجتمع المدني التي تسعى دائما للضغط على الحكومة المصرية لوقف الانتهاكات داخل السجون والتي لم تفرق بين أطياف المعارضة المصرية بشتى أطيافها .

ودأبت الحكومة المصرية على تجاهل المطالبات التي تكشف عن الجحيم الذى يعانيه المعتقلون ، بل وتتصدى الخارجية المصرية لذلك باتهام كل من يتكلم عن حقيقة الأوضاع داخل السجون المصرية، لكن الآن وبعد تفشي فيروس كورونا فى العالم كله، فلابد أن تتوقف الحكومة المصرية فورا عن هذه الممارسات والإفراج الفوري عن المعتقلين، لأن استمرار حبس المعتقلين فى ظل هذه الظروف يعني الحكم عليهم بالإعدام الجماعي، ولن يتوقف هذا الأمر عند هذا الحد فحسب، ولكن فكما أن النظام لا يفرق بين أطياف المعارضة في القمع والقهر، فإن فيروس كورونا أيضا لا يفرق بين المعتقلين وبين من يتعاملون معهم سواء من ضباط الداخلية أو من عناصر الأمن وكل من يحتك بهم داخل السجون ومقرات الاحتجاز .

السجون المصرية بؤر ملائمة لفيروس كورونا
لا يخفى على أحد معاناة عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين وأضعافهم من الجنائيين داخل السجون المصرية، وحسب تقرير للمجلس القومي المصري لحقوق الإنسان نُشر عام 2015 فإن نسبة التكدس في السجون تصل إلى 150 بالمائة وتتجاوز 300 بالمائة في أماكن الاحتجاز الأولية، وذكر المجلس في تقريره السنوي 2015/ 2016 عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أن تقارير وفود المجلس التي زارت السجون أجمعت على ضعف الخدمات المتاحة في السجون نظرا لحالة التكدس وضغطها الشديد على الخدمات.

سبق أن اتهمت منظمة “هيومن رايتس مونيتور” الأجهزة الأمنية في مصر بـ “الإمعان في قتل المعارضين والمعتقلين، من خلال احتجازهم في ظروف غير إنسانية، ومنع الدواء عن المرضى منهم”، مبينة أن السلطات المصرية “لا تريد اتخاذ موقف جاد لمحاولة تحسين أوضاع السجون، وأماكن الاحتجاز، رغم اكتظاظ أعداد المعتقلين داخلها، وانتقال العدوى بسرعة فيما بينهم”.

هناك أيضا حالات وفيات عديدة سابقة بسبب الإهمال الطبي المتعمد للمعتقلين داخل السجون، والامتناع عن توفير أي رعاية طبية لهم، وفشل مطالب تحسين أوضاع السجون، وأماكن الاحتجاز غير اللائقة آدمياً، ويسبب اكتظاظ أعداد المعتقلين داخل الزنازين إلى انتقال العدوى بشكل سريع ومكثف.

دعوات للإفراج عن المعتقلين
أعلنت العديد من المنظمات الحقوقية دعوات للإفراج عن معتقلي الرأي فى مصر بعد تفشي فيروس كورونا، وذلك لأن السجون المصرية تفتقر لأدنى معايير السلامة الصحية والنظافة، وكانت أبرز تلك المنظمات ، مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ، هيومن رايتس واتش ، منظمة العفو الدولية بالإضافة إلى العديد من منظمات المجتمع المدني التى طالبت الحكومة المصرية بالإفراج عن أكبر عدد ممكن من السجناء لتجنب كارثة إذا ما وصل فيروس كورونا إلى هذه السجون ومقرات الاحتجاز .

وتم تسريب رسالة استغاثة عاجلة من بعض المعتقلين فى سجن طرة، تحمل عنوان ” أنقذونا قبل فوات الأوان” طالب فيها المعتقلون بسرعة التدخل لإنقاذهم قبل انتشار وشيك لفيروس كورونا بينهم، خاصة بعد منع الزيارات عنهم وانقطاع أي تواصل لهم بالعالم الخارجي.

وكانت كل من إيران، والولايات المتحدة، وتركيا، وسوريا بالسماح لعدد كبير من السجناء السياسيين بمغادرة السجون، وذلك في إطار إجراءات التصدي لانتشار فيروس كورونا.

إن فيروس كورونا يدق نقوس الخطر في السجون المصرية، ولابد أن تقوم السلطات الأمنية بسرعة الإفراج عن المعتقلين وكبار السن وأصحاب الأوضاع الصحية المتدهورة، بصرف النظر عن خلفية المحبوسين سواء كانوا جنائيين أو سياسيين، فهذه هي الاستراتيجية الأنسب للتعامل مع الأوبئة والحد من انتشارها.

لابد أن تحتذى السلطات المصرية حذو الدول التي أسرعت بإطلاق سراح المعتقلين لديها، حتى وإن كثرت الأعداد، فإيران على سبيل المثال قامت بالإفراج عن 85 ألف سجين، بينهم عدد كبير من سجناء الرأي.

وعلى الحكومة المصرية أن تتوقف عن إخفاء أرقام نزلاء السجون أو قدرة السجون الاستيعابية، وأعداد وأسباب الوفيات داخل هذه السجون، فإن تلك الممارسات من أخطر ما يكون فى تلك المرحلة، فالسجون المصرية غير جاهزة لمواجهة تفشي فيروس كورونا.

وعلى السلطات المصرية أيضاً أن تبطل العمل بتجديد الحبس الاحتياطي وإطلاق سراح المحتجزين دون محاكمة لأشهر بل ولسنوات، دون مراجعة قضائية؛ وأن تكف عن تجاهل الدعوات الحقوقية والمناشدات الدولية للإفراج المشروط عن المعتقلين، ومسجوني الرأي، فالوضع معرض بشكل كبير لانفجار وبائي داخل السجون المصرية.

وإذا كانت السلطات المصرية لا تهتم بالمعتقلين، ولا تأبه للمخاوف والتحذيرات الموجهة إليها، وهذا ما أثبتته ممارساتها خلال السنوات الماضية ، فعليها أن تخاف من تفشى الفيروس داخل السجون، ومن ثم انتقاله إلى السجانين وضباط السجون والمحاكم والنيابات والمحامين وأسرهم، لذا وجب على السلطات المصرية إنقاذ ضباط الداخلية المصرية من هذا الوباء العالمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.