الخميس، 7 مايو 2020

منظمة "هيومن رايتس ووتش": الرئيس السيسي استغل فيروس كورونا لتوسيع استبداد قانون الطوارئ المسيء وتصنيع قانون طوارئ بنيولوك استبدادى جديد بمواد قمعية اشد جهنمية بالمخالفة للدستور المصرى والقانون الدولي


منظمة "هيومن رايتس ووتش": الرئيس السيسي استغل فيروس كورونا لتوسيع استبداد قانون الطوارئ المسيء وتصنيع قانون طوارئ بنيولوك استبدادى جديد بمواد قمعية اشد جهنمية بالمخالفة للدستور المصرى والقانون الدولي

التعديلات الاستبدادية الجديدة تقيّد "الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات والاجتماعات الخاصة وغيرها من أشكال التجمعات ودون وجود آلية مستقلة وشفافة للطعن ودون النص فى التعديلات صراحة بانها فقط لتامين الصحة العامة مما يمكن السيسى من استغلالها للقضاء على خصومة ومعارضية

بموجب القانون الدولي ينبغي أن تكون التدابير التي تُقيّد الحقوق الأساسية أثناء حالات الطوارئ ضرورية ومنصوص عليها في القانون ومحددة من حيث الزمن والمكان بما هو ضروري للغاية ومتناسبة وتوفّر سبل انتصاف فعالة لانتهاكات الحقوق مثل توفير آلية مستقلة وشفافة للطعن

على السلطات المصرية أن تتصدى لمشكلات الصحة العامة الحقيقية دون أن تفرض أدوات قمع جديدة ضد الشعب المصرى

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، فى احدث تقرير صدر عنها، اليوم الخميس 7 مايو 2020، كما هو مبين فى رابط تقرير المنظمة على موقعها المرفق، بإن البرلمان المصري أقرّ سريعا في 22 أبريل 2020 تعديلات استبدادية جديدة اقترحتها الحكومة على "قانون الطوارئ لعام 1958" (قانون الطوارئ)، تمنح الرئيس عبد الفتاح السيسي وأجهزة الأمن سلطات استبدادية قمعية واسعة جديدة.
وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من الرئيس السيسي أن يُعيد التعديلات دون الموافقة عليها إلى البرلمان، وكفاية ما قام بة من استبداد حتى الان، وعلى البرلمان أن يُراجع الكثير من المواد التعسفية الواردة في القانون.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" بان حكومة الرئيس السيسى الرئاسية زعمت بإن التعديلات تتعلق بحالات الطوارئ الصحية مثل تفشي فيروس "كورونا". لكن 5 من التعديلات الاستبدادية الـ 18 الجديدة ترتبط بوضوح بمستجدات الصحة العامة. وتضمينها كجزء اساسى من قانون الطوارئ يعني أن السلطات قادرة على فرض التدابير متى أُعلِنت حالة طوارئ، بغض النظر عما إذا كانت هناك ظروف طوارئ صحية أم لا وبالمخالفة للدستور.

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تستخدم حكومة الرئيس السيسي الوباء كمبرر لتوسيع قانون الطوارئ المصري المسيء، وليس إصلاحه. على السلطات المصرية أن تتصدى لمشكلات الصحة العامة الحقيقية دون أن تفرض أدوات قمع جديدة".

كما زعمت حكومة السيسى بإن تفشي كورونا كشف عن "فراغ" في القوانين الوطنية ينبغي معالجته. وفي 21 أبريل 2020، وافقت لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان بسرعة مارثونية خارقة على التعديلات المقترحة من حكومة السيسى دون حتى تغيير حرف واحد فيها. وفي اليوم التالي، أقرّ البرلمان التعديلات بعد التصويت عليها في جلسة عامة. وأمام الرئيس السيسي 30 يوما لقبول التعديلات الاستبدادية الجديدة والتصديق عليها أو إعادتها إلى البرلمان.

وتخضع مصر لحالة طوارئ في عموم البلاد منذ أبريل 2017. ويمنح قانون الطوارئ (رقم 162 لعام 1958) قوات الأمن سلطات واسعة لاحتجاز المشتبه فيهم إلى أجل غير مسمى واستجوابهم، دون مراجعة قضائية تُذكر. ويسمح القانون أيضا بالمراقبة الجماعية والرقابة على الإعلام، ومصادرة الممتلكات، والإخلاء القسري، وكلّها اجراءات امنية قمعية تتم دون مراجعة قضائية. بالمخالفة للقانون الدولي، الذى يرفض تقييد بعض الحقوق مثل الحق في المحاكمة العادلة والمراجعة القضائية للاحتجاز، حتى في أوقات الطوارئ.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" انها راجعت التعديلات الاستبدادية الجديدة فى قانون الطوارئ بعد نشرها في الصحف الموالية للحكومة عقب موافقة البرلمان عليها. وتبين بكل وضوح بان هذه التعديلات تمنح السيسى، دون إلزامه بالإشارة إلى ظروف تهدد الصحة العامة، سلطات موسعة بإغلاق المدارس، والجامعات، والمحاكم، والمرافق الحكومية، ومؤسسات وشركات القطاعين العام والخاص، بشكل كامل أو جزئي.

كما ان أحد التعديلات سيسمح له، حتى في غياب أي غرض متعلق بالصحة العامة، بأن يقيّد "الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات والاحتفالات وغيرها من أشكال التجمعات، كما يجوز تقييد الاجتماعات الخاصة". هناك بنود أخرى تسمح للرئيس بتقييد تداول بعض السلع والمنتجات أو نقلها أو بيعها أو حيازاتها أو حتى تصديرها. تسمح له التعديلات أيضا بتحديد أسعار بعض السلع والخدمات والمنتجات و"تحديد طريقة جمع التبرعات المالية والعينية لمواجهة الحالة الطارئة، وقواعد تخصيص هذه التبرعات والإنفاق منها".

والمادة 3 من قانون الطوارئ، التي أضيفت عليها بنود التعديلات المقترحة، تسمح للرئيس بتنفيذ هذه التدابير الكاسحة "لحفظ الأمن والنظام العام". تسمح المادة 3 أيضا للرئيس بأن يأمر بهذه التدابير شفهيا على أن يقدمها في صيغة مكتوبة في غضون ثمانية أيام.

وخضعت مصر لحالة الطوارئ معظم السنوات الأربعين الماضية، منذ 1981، مع شهور معدودة دون فرض الطوارئ خلال تلك الفترة، لا سيما بعد ثورة 25 يناير 2011  وحتى ابريل 2017. وتجاهلت الحكومات المتعاقبة الدعوات إلى إصلاح القانون واستخدمته في سحق المعارضة السلمية، في ظل تصنيف السلطات لتجمعات أو مظاهرات المعارضة السلمية بأنها تهديد للأمن القومي.

وخلال الشهرين الأخيرين، أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي سلسلة من القرارات التي تفرض تدابير للحد من انتشار فيروس كورونا، مثل تعليق السفر جوا، وتعطيل المدارس والجامعات وإغلاق عديد من المصالح والحدائق والشواطئ. وبناء على مراجعة هيومن رايتس ووتش لأغلب هذه القرارات، يبدو أن حظر التجوال الليلي المفروض في البلاد منذ الأسبوع الأخير من مارس 2020 كان التدبير الأساسي الذي استناد إلى قانون الطوارئ. إذا وُقِّعت التعديلات الجديدة لتصبح قانونا، ستندرج جميع هذه القرارات ضمن السلطات الواسعة لقانون الطوارئ.

بموجب القانون الدولي، ينبغي أن تكون التدابير التي تُقيّد الحقوق الأساسية أثناء حالات الطوارئ ضرورية، ومنصوص عليها في القانون، ومحددة من حيث الزمن والمكان بما هو ضروري للغاية، ومتناسبة، وتوفّر سبل انتصاف فعالة لانتهاكات الحقوق، مثل توفير آلية مستقلة وشفافة للطعن. قالت هيومن رايتس ووتش إن صياغة هذه التعديلات لا تمتثل إلى هذه المتطلبات، ولا ينص قانون الطوارئ المصري على أية آليات للطعن ضد أي من تلك التدابير.

وأي شخص ينتهك التدابير المفروضة أثناء سريان حالة الطوارئ قد يواجه حُكما بالسجن عليه لمدة تصل إلى 15 عاما. تجري المحاكمات في هذه القضايا أمام "محاكم أمن الدولة طوارئ"، وهي محاكم يختار الرئيس قضاتها، ولا يُتاح فيها حق الاستئناف. تاريخيا، استخدمت الحكومة هذه المحاكم بالأساس في ملاحقة المعارضين السياسيين، وبينهم المعارضين السلميين. أعادت الحكومة هذه المحاكم إلى العمل في 2017 لدى إعلان حالة الطوارئ.

وقد تؤدي التعديلات أيضا إلى توسيع اختصاصات المحاكم العسكرية لتشمل محاكمة المدنيين، عبر منح النيابة العسكرية سلطة التحقيق في الوقائع التي يكون فيها ضباط الجيش مُكلَّفين بسلطات تنفيذ القانون، أو عندما يأمر الرئيس بذلك.

بموجب المادة 154 من الدستور المصري لعام 2014، بإمكان الرئيس، بموافقة البرلمان، إعلان حالة الطوارئ بحد أقصى 3 أشهر، مع تمديدها مرة واحدة لثلاثة أشهر بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان. لكن الرئيس السيسي أصدر قرارات وتمديدات جديدة لإبقاء حالة الطوارئ المفروضة منذ أبريل 2017. كان آخرها في 28 أبريل 2020 والتي فوّض بموجبها سلطاته المنصوص عليها في القانون إلى رئيس الوزراء. البرلمان الحالي - المكوّن من 596 نائبا - الذى تسيطر عليه بقوة أجهزة الاستخبارات ويهمين عليه بشكل شبه كامل مؤيدو السيسي، الذين دأبوا على التأييد المستمر لسياسات الرئيس دون ادنى معارضة تُذكر.

وقال جو ستورك: "قد تكون بعض هذه التدابير مطلوبة في حالات طوارئ الصحة العامة، لكن ينبغي ألا تكون قابلة لاستغلالها كجزء من قانون الطوارئ الذي لم يتم إصلاحه. اللجوء إلى خطاب ’حفظ الأمن والنظام العام‘ كذريعة، يعكس العقلية الأمنية التي تحكم مصر في عهد السيسي".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.