أسس الحرب الحقيقية والحرب الوهمية
شن حرب حقيقية مدمرة ضد دولة عدائية. يكون الإعداد لها حتى تنفيذها فى سرية تامة. تسبقها مفاوضات عبثية حول السلام. بعد مفاوضات مضنية من أجل السلام. وخطب دولية استهلاكية حول السلام. وخطب محلية انشائية عن معاني السلام. ونبذ الحرب والدعوة للحب والسلام. هكذا هي أسس الحرب الحقيقية. ولولا ذلك ما كان انتصار حرب اكتوبر المجيدة عام 1973 على العدو الاسرائيلى. بعد ان سبقها من الرئيس السادات. العديد من الخدع السياسية والعسكرية وسيل من مبادرات ودعوات السلام. ولولا عكس ذلك أيضا ما كان هزيمة حرب يونيو عام 1967. بعد ان سبقها من الرئيس ناصر. العديد من الخطب العنترية والإجراءات التهديدية العسكرية للاستهلاك الغوغائى المحلى على الفاضى. من عينة ''ح نحارب إسرائيل وما وراء إسرائيل''. و ''إذا كان امريكا مش عجبها تشرب من البحر الابيض والبحر الاحمر''. وإغلاق ناصر مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية. وطرد ناصر قوات مراقبة الأمم المتحدة من أماكنها بين القوات المصرية والإسرائيلية فى سيناء والمجاهرة بإعلان حالة التعبئة العامة والتأهب القصوى والاستعراضات العسكرية وصور فى الجرائد وفيديوهات فى التلفزيون للجيوش المصرية وهي تتوجه إلى سيناء. وخروج الناس إلى الشوارع فى مظاهرات عارمة بعد كل خطاب تهديد عسكري من ناصر ضد امريكا واسرائيل تهتف بشعارات منها ''هنحارب هنحارب اسرائيل الارانب''. و ''يا حبيب يا حبيب بكرة هندخل تل أبيب''. و ''موشى ديان الغول الغول ضرب مراته بطبق الفول''. و ''موشى ديان الهش الهش ضرب مراته بطبق المش''. حتى أفاق الشعب المصرى على هزيمة 1967. ولوحظ كثيرا على مدار الشهور والأسابيع الماضية آخرها اليوم السبت 20 يونيو 2020. في ظل تهديدات الأمن القومي لمصر فى البحر الأبيض وليبيا من جهة. والبحر الأحمر ونهر النيل من جهة أخرى. اتباع الرئيس الحالي السيسي استراتيجية ناصر الدعائية للاستهلاك الغوغائى. فى حين الناس تريد نتائج ملموسة على ارض الواقع الأليم مثلما حدث فى حرب أكتوبر المجيدة. وعندما وقعت الحرب العالمية الثانية. كان يوم غزو هتلر لبولندا محدد لإقامة احتفالية رياضية تحت اسم ''مهرجان السلام''. وأعلن هتلر إلقاء خطاب في ''مهرجان السلام'' داخل استاد برلين تحت مسمى ''خطاب السلام''. وبالطبع لم يقام مهرجان السلام ولم يلقى هتلر خطابة المزعوم عن السلام. نتيجة هجوم هتلر على بولندا فجر هذا اليوم التاريخى. ويمكن فى حالة عدم وجود تهديدات حقيقية للأمن القومي لدولة ما أن تشن حرب وهمية ضد دولة عدائية. بأمل تحقيق بالوعيد والتهديد بالحرب ما لا يمكن تحقيقه إلا بالحرب. عبر زفة حربية وإعلامية. وهو ما نجح فيه هتلر قبل هجومه على بولندا. واحتلاله بالفبركة وحرب الميكرفونات الدعائية النمسا وبعدها سلوفاكيا وبعدها التشيك وبعدها ميناء استراتيجي في بحر قزوين. وقبل كل هذا استعادة حوض اللورين الألماني الذي كان تحت سيادة فرنسا منذ الحرب العالمية الأولى. وفى كل تلك الحروب الخمسة لم يطلق هتلر رصاصة واحدة. ولكن حرب الميكرفونات لا يعمل بها فى حالة وجود تهديدات حقيقية للأمن القومي لدولة ما. بل استراتيجيات خداع لحرب حقيقية لأخذ العدو على غرة وتحقيق أكبر نسبة مكاسب عسكرية وتقليل الى حد ما اى نسبة خسائر مفترضة. وكثير من كبار القادة العسكريين والمدارس العسكرية فى العالم استفادوا من استراتيجيات و تكتيكات ومناورات ودراسات المدرسة العسكرية الألمانية. بما فيه الإعلام الحربي لغوبلز وزير الإعلام الألمانى النازى. حتى المنصب المسمى القائد العام للقوات المسلحة. ومنصب هيئة القيادة العامة. اخترعهم هتلر. ولم يكن العالم يعرف عن المنصبين شئ قبله. من اجل منح منصب القائد العام للقوات المسلحة الى كبير قواده بدلا من منصب وزير الدفاع الذى ضمه هتلر إلى صلاحياته. وضمان تركيز كل فروع الجيش. عبر هيئة القيادة العامة. بين يدي هتلر. وشملت مناصب هتلر بعد ضم صلاحيات منصب وزير الدفاع الى نفسه القائد الأعلى للجيش الألماني ورئيس هيئة القيادة العامة ومستشار المانيا ورئيس الجمهورية وأطلق على نفسه لقب موحد يشغل كل تلك المناصب وهو الفوهرر. وجعل ضباط وأفراد الجيش يقسمون يمين الولاء الى الفوهرر هتلر زعيم ألمانيا. وليس لألمانيا. والتحية العسكرية هي تحية إلى الفوهرر هتلر زعيم ألمانيا. وليس لألمانيا. وهو ما جعل ضباط الجيش الألمانى يتخذون القسم لهتلر حجة دفاعية لهم بعد الحرب أمام محاكمات نورمبرج لتبرير سبب إخلاصهم إلى هتلر حتى الموت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.