الجمعة، 14 أغسطس 2020

سد النهضة الإثيوبي لن يلتهم قثط مياه الشرب والرى من مصر بل سوف يلتهم أيضا الثروة السمكية لمصر


سد النهضة الإثيوبي لن يلتهم فقط مياه الشرب والرى من مصر بل سوف يلتهم أيضا الثروة السمكية لمصر


تسود حالة من القلق في مصر جراء إخفاق إديس أبابا والقاهرة في التوصل لاتفاق حول تشغيل سد النهضة الإثيوبي.


فإلى جانب خطر شح المياه الذي يهدد القطاع الزراعي وحصة الفرد من المياه العذبة، بدأت قطاع حيوية واسعة في مصر تتهيأ لسيناريوهات مؤلمة حال تشغيل إثيوبيا سد النهضة بكامل طاقته الاستيعابية.


معهد التخطيط القومي المصري، قال في دراسة جديدة إن 12 نوعا من الأسماك المستوطنة في نهر النيل والبحيرات والمزارع السمكية في مصر معرضة إما للنقص الشديد أو الاختفاء نهائيا، جراء إنشاء سد النهضة.


وحملت  الدراسة التي أصدرها المعهد التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية عنوان"تداعيات سد النهضة المحتملة على إنتاج الأسماك في مصر ووسائل التخفيف من آثاره.


وتمثل الأسماك التي تعيش في المياه العذبة نسبة 75% من إجمالي إنتاج مصر من الأسماك، أي ما تبلغ أكثر من 1.7 مليار دولار.


وبحسب الدراسة، سيزيد بناء سد النهضة من نسبة ملوحة مياه النيل التي ستكون سببا في النقض الشديد في الإنتاج السمكي، ولاسيما سمكة البلطي "الأكثر شيوعا واستهلاكا في مصر والتي يتراوح سعر الكيلو غرام منها بين 1.5 و2 دولار" والتي تسهم بنحو 60% من إجمالي الإنتاج.


ورغم ذلك يقول مدير عام المزارع في هيئة الثروة السمكية، أحمد سني، للحرة إن مصر تملك 300 ألف فدان من المزارع السمكية تنتج ما يمثل 81% من إنتاج مصر السمكي، بما يوازي 1.9 مليون طن سنويا.


ويضيف سني إن هيئة الثروة السمكية تعمل على تكثيف إنتاج المزارع الموجودة حاليا لتعمل على مدار السنوات الـ 10 المقبلة، كما إن هناك اتفاقا بين وزارتي الزراعة والري على البدء في إصدار تراخيص بشكل موسع لإنشاء ما يسمى "الاستزراع التكاملي" الذي يعتمد على المياه الجوفية في المناطق الصحراوية.


ويعني الاستزراع التكاملي إنشاء مزارع سمكية تعتمد على المياه الجوفية، ثم تستخدم المياه المسمدة بفضلات الأسماك في زراعة النباتات.


لكن خبراء تحدثوا مع موقع الحرة، أكدوا أن من الصعب إن لم يكن مستحيلا زيادة مساحات المزارع السمكية نظرا للشح المائي الحالي والمتوقع تفاقمه بعد استكمال سد النهضة.


وتقول الخبيرة الاقتصادية، يارا الكحكي، للحرة، إن هناك تأثيرا سيحدثه نقص الإنتاج السمكي المتوقع على أسعار البروتين الأخرى سواء اللحوم أو الدواجن، ولكن هذا التأثير لن تظهر نتائجه إلا بعد 5 سنوات من الآن، لأن أرقام التضخم تستند إلى أسعار شراء المستهلك لهذه السلع في إطار الإدارة الحكومية لها.


ويرى محلل الاقتصاد الكلي، محمود أمين، إن قلة المياه المتوقع وصولها إلى مصر في ظل بناء سد النهضة، ستؤثر على إنتاج الأسماك سواء من نهر النيل أو المزارع السمكية بنسبة تتراوح ما بين 30 إلى 50% في ظل عدم اعتماد المزارع السمكية على استخدام مياه الصرف الزراعي من المحاصيل غير المستهلكة للمياه.


ويضيف أمين إن حلولا عدة لابد أن تتخذها الحكومة تجاه الأزمة المحتملة، من بينها توفير بدائل من الأسماك بالاستيراد ولاسيما من آسيا، تتناسب مع ذوق المستهلك المحلي، أو زيادة المعروض من البروتين الحيواني "كبديل عن الأسماك"، والذي لا يمثل توفيره أزمة بالنسبة للحكومة المصرية التي تحقق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الدواجن.


ووفقا لدراسة معهد التخطيط القومي، فإن تناقص أو توقف إنتاج أسماك المياه العذبة من المصادر المختلفة، سيكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة، تتضمن خروج استثمارات كبيرة وأيدي عاملة من النشاط، إضافة إلى تأثر ما يسمى بالصناعات الوسيطة مثل"مصانع الأعلاف والثلج والعبوات والنقل والخدمات التسويقية.


ويرى المحلل الاقتصادي محمود أمين إن هناك ضررا كبيرا سيصيب هذه الصناعات، ولكن نسبة الضرر يصعب تحديدها بناء على عدم وضوح رؤية المشهد السياسي والتعامل مع أزمة سد النهضة.


وتتوقع دراسة المعهد القومي إن مصايد الأسماك من بحيرة ناصر ستكون الأكثر تضررا من تداعيات سد النهضة، إذ قدر إنتاجها في 2019 بحوالي 25 ألف طن، كما يقدر إجمالي أنشطة الصيد والخدمات المعاونة بحوالي 45 مليون دولار وفرص عمل تقدر بحوالي 30 ألف فرصة عمل.


وتنتج مصر مما يسمى باستاكوزا المياه العذبة، ما يوازي 7616 طنًا، ويتم تجهييزها والعمل عليها في 5 مصانع بإجمالي استثمارات تزيد على 31 مليون دولار، كما توفر فرص عمل لحوالي 700 عامل أساسي، بالإضافة إلى حوالي 5 آلاف عامل في القطاعات المساعدة.


وتقدر قيمة صادرات الاستاكوزا، إلى كل من الولايات المتحدة وأوروبا والصين بحوالي 32 مليون دولار، بحسب الدراسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.