الجبهة المصرية لحقوق الإنسان: قراءة فى انحدار أوضاع حقوق الإنسان فى مصر الى الحضيض تحت مزاعم الحرب على الإرهاب خلال الفترة من 2014 حتى 2020
الدولة المصرية اعتمدت خلال حربها المزعومة على الإرهاب على القمع وإحكام قبضتها على حياة المواطنين وانتهاك حقوقهم بشكل سافر ومررت سيل من التشريعات التى تقنن تلك الممارسات وقدمت من خلالها مفهوما جديدا للإرهاب يسهل على الدولة عملها في عمليات الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني الذي يستهدف معارضيها بزعم كونهم إرهابيين في مشهد تسيطر فيه المؤسسة العسكرية على الدولة حتى أصبحت المنشآت العامة وفقًا لتلك القوانين منشآت عسكرية على الجيش حمايتها وساهمت مؤسسة القضاء في هذه العسكرة وسهلت استهداف المعارضين من خلال دوائر الإرهاب التي تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة وتوسعت نيابة أمن الدولة العليا بشكل غير مسبوق في التحقيق في القضايا المتعلقة بالأمن القومي وأصبحت أداة في الدولة لقمع الحريات الأساسية واستخدام قانون الارهاب فى اتهام اى معارض او كاتب مقال على مواقع التواصل بانة ارهابى وارتكبت الدولة المصرية انتهاكات لا حصر لها بدعوى حربها على الإرهاب ومنها عمليات القتل خارج إطار القانون، وحملات الاعتقال التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب المنهجي دون رقابة أو محاسبة ودون خوف من العقاب و انتهكت الحريات الاساسية من حرية الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التنقل مستخدمة شعار الحرب على الإرهاب كمظلة لقمع الحريات اكثر من 6 سنوات لم تستطع الدولة أن تعلن بعد قضاءها على الارهاب لانها انشغلت باستئصال المعارضين بدلا من استئصال الارهابيين لكن يمكنها أن تعلن أنها قضت على الاقل على كل شكل من أشكال الحياة الطبيعية للمصريين ولكنها لم تقضى على الارهاب
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان / نشر في يوم الاثنين 28 سبتمبر 2020 / مرفق رابط تقرير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان على موقعها الإلكترونى
نشرت الجبهة المصرية بتاريخ أمس الاثنين 28 سبتمبر 2020 تقريرًا بعنوان: “قراءة لأوضاع حقوق الإنسان في ظل الحرب على الإرهاب في مصر (2014-2020)“، والذي يهدف لتسليط الضوء حول ست سنوات من تقويض السلطات المصرية لحقوق الإنسان في مصر تحت مزاعم حرب الدولة ضد الإرهاب، ويحاول التقرير فهم استراتيجيات مؤسسات الدولة في حربها مع الجماعات المسلحة، وتأثير هذه الحرب المستمرة في انتهاك حقوق المواطنين، بما فيها الحقوق المدنية والسياسية، وحتى الاقتصادية والاجتماعية.
مقدمة
يعود الصراع الراهن في سيناء إلى "حادثة رفح الاولى" في أغسطس 2012 ،حين اقتحم مسلحون نقطة تفتيش تابعة للجيش وقتلو 16 ً جنديا، في أكثر الهجمات دموية على القوات المصرية منذ حرب 1973 .تكررت الهجمات المسلحة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في أغسطس 2013 ،أولها محاولة الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية آنذاك، اللواء محمد إبراهيم، في سبتمبر 2014 ،والتي أعلنت جماعة "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها ً عنها ردا على الفض العنيف لاعتصامي رابعة والنهضة. في ظل الهجمات المتزايدة من جماعات مسلحة اتخذت شمال سيناء بؤرة لها، تصاعد الاضطرابات في المدينة حتى أعلن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي حالة الطوارئ في 24 أكتوبر 2014 ،عقب هجوم شنته جماعة أنصار بيت المقدس على موقعين أمنيين مصريين نتج عنهما مقتل 31 ً جنديا وإصابة 41 على الأقل. وفي 10 نوفمبر 2014 ،بايعت جماعة أنصار بيت المقدس تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق والشام )داعش(، وبدأوا في الإشارة لأنفسهم على مواقع التواصل االجتماعي باسم ”والية سيناء“. تكررت هجمات ولاية سيناء على مواقع تمركز قوات الأمن من جيش وشرطة في سيناء بداية عام 2015 .وفي فبراير من العام نفسه، اتخذت استراتيجية "الحرب على الإرهاب" ً في سيناء وضع ً أكثر هيكلية وتنظيم بتشكيل عبدالفتاح السيسي لقيادة موحدة لمكافحة الإرهاب في منطقة شرق قناة السويس، بقيادة الفريق أسامة عسكر، قائد الجيش الثالث الميداني. تعتمد منهجية التقرير على جمع عدد من المصادر الحقوقية والصحفية الدولية والمحلية، ً ودمجها مع تقارير سابقة نشرتها الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إبراز صورة أكثر شمولا عن استراتيجيات الدولة المصرية في محاربة الإرهاب وما يتبعها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. يعرض هذا التقرير ما نشرته الجبهة المصرية من تقارير سابقة عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يتم ارتكابها بشكل منهجي من قبل قوات األمن ونتاج ما خلفه صراع مستمر منذ أكثر من 6 أعوام على أوضاع المواطنين بسيناء. يهدف هذا التقرير إلى التعمق في استراتيجيات الدولة المصرية في "الحرب على ً الإرهاب"، من الناحية القانونية والعملية، والوصول إلى تقييم أكثر شمول لست سنوات من الصراع مع جماعات مسلحة. ينقسم التقارير إلى أربعة أجزاء، يتناول الجزء األول المعايير الدولية لحقوق الإنسان في إطار الحرب على الإرهاب ويشير إلى موقف المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إطار الحرب على الإرهاب من الصراع الدائر في مصر مع الجماعات المسلحة. وتتناول الأجزاء الثلاثة التالية استراتيجيات الدولة المصرية في الحرب ً على اإلرهاب، قانوني ً ا، ومؤسسي ً ا، وعمليا. ففي الجزء الثاني، نستعرض القوانين المصرية المتعلقة بالإرهاب التي تم تعديلها أو إضافتها منذ 2014 ،بهدف إبراز الإطار التشريعي المقنن استراتيجيات الحرب على الإرهاب. ويتناول الجزء الثالث دور مؤسسات الدولة من جيش وقضاء في الحرب على الإرهاب. بينما يستفيض الجزء الرابع في تفنيد الانتهاكات المنهجية لحقوق المواطنين المدنية والسياسية والحقوق االقتصادية واالجتماعية التي ارتكبتها الدولة المصرية في حربها على الإرهاب منذ بدء حالة الطوارئ في فبراير 2014.
أولًا : المعايير الدولية لحقوق الإنسان في إطار الحرب على الإرهاب
تنظم الاتفاقيات الدولية وآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أطر قانونية ووسائل لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في إطار الحرب على الإرهاب. في هذا الجزء، نستعرض المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تحدد الحقوق األساسية خالل محاربة اإلرهاب، والتي ال يجوز مخالفتها تحت أية ظروف، كما ناقش نتائج زيارة المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات األساسية في سياق مكافحة الإرهاب األخيرة لمصر في 2009 والتوصيات التي وردت بتقريره. حقوق الإنسان أثناء الحرب على الإرهاب في القانون الدولي هناك بعض الحقوق األساسية التي ال يجوز الانتقاص منها أو تقييدها تحت أي ظرف حتى في حالات الطوارئ. وينص العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه من الواجب حماية الإنسان من التعرض للقتل التعسفي، أو التعرض للتعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهينة، أو العبودية أو االسترقاق، أو السجن نتيجة العجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي، أو عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي، أو تقييد حرية الفكر والوجدان والدين. بالإضافة إلى تلك الحقوق التي يمنع القانون الدولي الانتقاص منها، هناك حقوق ً أخرى اتفق عليها ضمنيا تعمل إجراءات وقائية ضرورية للحفاظ على الحقوق األساسية غير المسموح بالانتقاص منها. في هذا الصدد، تنص لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة على منع الانتقاص أو تقييد ضمانات المحاكمة العادلة وعدم التعرض للاعتقال التعسفي، حتى في حالات الطوارئ و الحروب. ً أما باقي الحقوق غير المنصوص عليها صراحة أو ضمنيا فيسمح بتقييدها وفقً ا لشروط، لكن ال يسمح بالحرمان منها. و تسمح المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان بتقييد الحقوق السياسية و االجتماعية بموجب الضرورة في حالة الحرب على الإرهاب. وفي اجتماع لمجموعة العمل على "حماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب" عن "تأثير الإرهاب وإجراءات مكافحة الإرهاب على الحقوق االقتصادية واالجتماعية"، اتفق المشاركون على وجود التزامات جوهرية أساسية لكل حق، بدونها يفقد الحق قيمته، وبغيابه تعتبر وتعدد لجنة الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية الدولة مخالفة التزاماتها الدولية. تلك الالتزامات الجوهرية، بحيث تشمل حرمان جزء كبير من الأفراد من المنتجات الغذائية األساسية، والحرمان من الرعاية الطبية األساسية، والحرمان من الحق في السكن والمأوى، والحرمان من أشكال التعليم األساسية، و تعتبر الدول التي تفشل في تأمين تلك الحقوق مخالفة التزاماتها الدولية. المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات األساسية في سياق مكافحة الإرهاب ً منذ أحد عشرة عاما، قام المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات األساسية في سياق مكافحة اإلرهاب، مارتن شاينين، بزيارة إلى مصر في الفترة من ١٧ إلى ٢١ أبريـل ٢٠٠٩ ً بناء على دعوة من الحكومة المصرية، وكانت هذه آخر زيارة لهذا المقرر إلى مصر حتى وقت كتابة هذه السطور. وفي تقريره عقب الزيارة، فحص المقرر الخاص قانون الطوارئ وأحكام القانون الجنائي المتعلقة بجرائم الإرهاب وحلل بعض القضايا والتحديات ُ الأساسية التي ينتظـر أن يعالجها التشريع الجديد لمكافحة الإرهاب الذي كان يجري إعداده آنذاك، و الذي تعهدت الحكومـة بإصداره إلغاء حالة الطوارئ القائمة بصورة شبه مستمرة منذ ما يزيد عن خمسين سـنة. وناقش المقرر الخاص أهمية وضع تعريف دقيق لمفهوم الإرهاب بحيث ال ً يكـون نطاقا واسعا بصورة مفرطة. وأعرب عن قلقه إزاء عدة ممارسات ً للدولة المصرية في سياق الحرب على اإلرهاب، منهيا تقريره بعدة توصيات أهمها: 1 -إنهاء حالة الطوارئ وإلغاء قانون الطوارئ 2 -صياغة النصوص التي تجرم النشاط اإلرهابي في عبارات واضحة ودقيقة تمكِّن الفرد من تنظـيم سلوكه. وينبغي، بوجه خاص، أن تقتصر تعريفات الجرائم الإرهابية على الأنشطة التي تنطوي على استخدام العنف القاتـل أو الخطيـر ضـد المدنيين أو تتصل اتصالا ً مباشرا باستخدامه. 3 -أن يستند حظر المنظمات اإلرهابية، بما في ذلك تطبيق المسؤولية الجنائيـة على أعضائها، إلى أدلة واقعية على ضلوعها في أنشطة ذات طبيعة إرهابية خالصة، وإلى المشاركة الفعلية للأفراد المعنيين في هذه الأنشطة. وحذر المقرر الخاص من ً التجريم استنادا إلى الأهداف أو الغايات، الأمر الذي يهدد الرابطات المشروعة، بما فيها منظمات حقوق الإنسان وجماعات المعارضة التي ال ينبغي أن تقع في نطاق أي قانون مكافحة الإرهاب 4 ً -وضع ضمانات قانونية صريحة ضد إساءة المعاملة، وتطبيقها تطبيقا ً متسقا، من ً أجل منع أي استخدام متعمد لتدابير مكافحة الإرهاب في التأثير سلبيا علـى الحوار المفتوح والنقد، بما في ذلك المعارض للحكومة. 5 -إلغاء الحكومة المصرية إلى أحكـام قانونيـة تسمح باعتقال اإلداري، وعلى اتخاذ ً تدابير فعالة للإفراج عن جميع المعتقلين حاليا بموجب هذا النظام أو محاكمتهم. 6 -اعتماد آلية تتضمن القيام الإجباري بتفتيش مستقل وغير مقيد وغير معلن لجميع أماكن االعتقال، بما في ذلك مواقـع مباحث أمـن الدولـة والمؤسسات العسكرية ُ المشاركة في مكافحة اإلرهاب، التي يشار إليها بصورة مستمرة على أنها معتقلات غير قانونية. 7 -ضمان إجراء تحقيقات عاجلة ومستقلة في شكاوى التعذيب على أساس دائم، بغرض تقديم جميع المتورطين في هذه الجرائم للعدالة. 8 -ضمان محاكمة جميع الحالات التي تنطوي على إرهاب، سواء جرت إجراءات التقاضي ً في محكمة جنائية عادية أو في محكمة متخصصة، بما يتفق تمامـا مـع الضمانات المنصوص عليها في المادة ١٤ من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
ثانيا: القوانين المصرية المتعلقة بمكافحة الإرهاب
منذ بداية الحرب على الإرهاب في مصر، أوائل 2014 ،قامت السلطات التشريعية والتنفيذية بتعديلات جذرية، قانونية ودستورية، أثرت بشكل واضح على ما يشمله مفهوم الإرهاب ّ والعقوبات الناتجة عن ممارسة أعمال إرهابية. وكان ما فعلته تلك التعديلات هي أن وسعت مفهوم الإرهاب ليحاسب القائمين بعدد كبير من الأفعال التي لم تندرج سابقً ا تحت مظلة الإرهاب بعقوبات صارمة. بل وكانت تلك التعديلات محاكمة مدنيين أمام محاكم عسكرية في حال كان الهجوم على منشآت ينص القانون على كونها كذلك، وأصبح تعريف المنشآت ً العسكرية فضفاضً ا بشكل يجعلها عمليا تشمل أية منشآت عامة. نستعرض في الجزء التالي التعديلات التشريعية والقرارات التنفيذية التي مست قضايا الإرهاب والعقوبات الواجب تنفيذها على الجرائم الإرهابية.
1 .تعديلات قانون العقوبات في أبريل 2014 ّ عدلت الحكومة 22 مادة من قانون العقوبات المتعلقة بمكافحة اإلرهاب، وأضافت 7 مواد جديدة. وتنبع خطورة هذه التعديلات من كونها تهدف إلى التوسع في تعريف ما يعد عمًل ً إرهابيا، والذي أصبح بعد تعديل المادة 86 من الممكن إطلاقه على فئة واسعة من الأفعال. بالإضافة لذلك، تم تغليظ عقوبات هذه الأفعال والتوسع في استخدام عقوبتي الإعدام والسجن المؤبد. إلى جانب الحكم بخمس إلى عشر سنوات سجن ألي شخص تثبت عليه تهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية. وإضافة عقوبة السجن المشدد لمدة ال تقل عن 5 ً سنوات لكل من أنشأ موقعا على الإنترنت للترويج لأفكار الداعية ارتكاب أعمال إرهابية. ويكشف التوسع في تعريف الفعل اإلرهابي، فضًل عن تغليظ عقوبته، عن ً نزعة المشرع لتجريم أكبر قدر من الأنشطة المعارضة باعتبارها أفعال تستهدف استقرار النظام، وما يستتبعه من توسيع دائرة المستهدفين من المعارضين لنظام السيسي.
2 .قانون تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية رقم 136 لسنة 2014 بموجب القانون 136 لسنة 2014 الخاص بتأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، تمنح القوات المسلحة، بالتعاون والتنسيق مع أجهزة الشرطة، مسئولية المشاركة فى تأمين المنشآت العامة والحيوية. وتعتبر هذه المنشآت فى حكم المنشآت العسكرية طوال فترة التأمين والحماية التي كانت تمتد لعامين وقت إصدار القانون، كما تحال القضايا المتعلقة بالتعدي على تلك المنشآت للقضاء العسكري، مما نتج عنه توسع هائل اختصاصات القضاء العسكري، وهو ما يهدد بالخلل بالعديد من ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين المدنيين فى هذه القضايا. حيث أن جميع القضاة وأفراد النيابة العسكرية خاضعون لسلطة وزير الدفاع الذي يقوم بتعيينهم، فضًل عن أنهم يحملون رتب عسكرية، ويخضعون لكافة لوائح الضبط المبينة فى قوانين الخدمة العسكرية.
3 .قانون الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 2015 أصدر عبدالفتاح السيسي في فبراير 2015 القانون رقم 8 لسنة 2015 الخاص بقوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين. وتعرف المادة األولى من القانون الكيانات الإرهابية تعريفً ا فضفاضً ا للغاية، من شأنه أن يعتبر أي مجموعة تقوم بـ"الإخلال بالأمن العام"، من بين ً عدة أفعال غير واضحة التعريف، كيانً الإرهابي ً. كما يأتي تعريفها لمن هو الإرهابي واسعا ً بشكل قد يعرض أفرادا عاديين لمواجهة تهمة الإرهاب. وتنص المادة 2 من القانون على أن تعد النيابة العامة "قائمة بالكيانات الإرهابية" و "قائمة الإرهابيين"، وهما القائمتان التي أدرجت عليهما جماعة الإخوان المسلمين والكثير من قياداتها. وتعتبر تلك القائمتان تقنينً ا لعمليات اعتقال موسعة ضد أفراد معارضين للنظام، من المنتمين وغير المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، تحت دعوى انتمائهم لـ كيان إرهابي.
4 .قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 أصدر رئيس الجمهورية في أغسطس 2015 ً قرارا بالقانون رقم 94 لسنة 2015 المعروف ُ بقانون الإرهاب الجديد، والذي يعتبر في شكله الحالي تفعيل مقنن لحالة الطوارئ. فمن خالل هذا القانون تم التوسع في تعريف الجريمة الإرهابية والعمل الإرهابي ومن هو ً الإرهابي، وأصبح من السهل جدا أن ينطبق تعريف الإرهابي على أي شخص قام بإبداء رأي معارض للنظام على مواقع التواصل االجتماعي وغيرها. كما قام القانون بالتوسع في ً استخدام عقوبة الاعدام، حيث بلغ عدد الجرائم التي يمكن أن يعاقب عليها بالإعدام بناء 412 علاوة على ذلك، ينطوى القانون على تقنين للاعتقال التعسفي مادة في هذا القانون. تحت مسمى "التحفظ" من خالل المادة 40 التي تعطي لمأمور الضبطية القضائية الحق في التحفظ على الفرد في حالة الضرورة لمدة تصل إلى 28 يوم، دون تحديد لمعنى حالة الضرورة، ما يعني أنها خاضعة لتقدير شخصي.
يعرف المقرر الخاص لحقوق الإنسان أثناء الحرب على الإرهاب "الفعل الإرهابي" كالتالي:أي فعل، بالإضافة إلى الأفعال المحددة سلفً ا في الاتفاقات الحالية بشأن الإرهاب، واتفاقيات جنيف، وقرار مجلس األمن رقم 1566( 2004 )يقصد به التسبب بالموت أو إلحاق أذى بدني خطير بالمدنيين وغير المقاتلين، عندما يكون الغرض من مثل هذا الفعل، بحكم طبيعته وسياقه،هو تخويف السكان أو إجبار حكومة أو منظمة دولية للقيام بأي عمل أو الامتناع عنه. "كل استخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع فى الداخل أو الخارج، بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر، أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر، أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدات الوطنية أو السلم االجتماعي أو األمن القومى، أو إلحاق الضرر بالبيئة، أو بالموارد الطبيعية أو بالآثار أو بالأموال أو بالمبانى أو الممتلكات العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم، أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية فى مصر، من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها، أو مقاومتها، أو تعطيل تطبيق أى من أحكام الدستور أو القوانين أو اللوائح. وكذلك كل سلوك يرتكب بقصد تحقيق أحد الأغراض المبينة بالفقرة األولى من هذه المادة، أو الإعداد لها أو التحريض عليها، إذا كان من شأنه الإضرار بالاتصالات أو بالنظم المعلوماتية أو بالنظم المالية أو البنكية، أو بالاقتصاد الوطنى أو بمخزون الطاقة أو بالمخزون الأمني من السلع والمواد الغذائية والمياه، أو بسلامتها أو بالخدمات الطبية فى الكوارث والأزمات".
المادة 2 من قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015 ُ
يقتصر تعريف المقرر الخاص للإرهاب على الأفعال التي تهدف إلى القتل أو الإيذاء الجسدي على شرط أن يكون غرض هذا القتل أو الإيذاء هو تخويف السكان أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على فعل ما. ويبدو أن هذا التعريف واضح ومحدد. وبمقارنة هذا التعريف بما جاء في القانون المصري، نجد أن التعريف المصري الإرهاب فضفاض وغير محدد، ويشمل مجموعة واسعة من الأفعال التي يمكن أن تعد كعمل إرهابي، إال أن هذه الافعال ًالتى تعتبر إرهابا وفقً التعريف المقرر الخاص، فضًل عن أن أفعال مثل "الإخلال بالنظام العام " أو "الإضرار بالأمن القومي" هي أمور واسعة وغير محددة وغير منصوص عليها بشكل واضح في القانون.
5 .تعديل المادة 204 من الدستور
في أبريل 2019 ،تم تعديل 12 مادة من الدستور وإضافة 8 مواد جديدة. كانت المادة 204 من المواد المعدلة، وقد نصت على أنه: "لا يجوز محاكمة مدنى أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء ً مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، ً أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم". جاء هذا التعديل ليضيف الاعتداء على "المنشآت التي تتولى القوات المسلحة حمايتها" ً ضمن مسوغات محاكمة المدنيين عسكريا. ويمثل هذا التعديل خطورة واضحة، حيث يقنن محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية جراء تهم بالاعتداء على منشآت عامة، والتي هي بطبيعتها غير عسكرية، ولا تستدعى محاكمة الجناة أمام محاكم عسكرية لا تراعي معايير المحاكمة العادلة.
ثالثا: دور مؤسسات الدولة ً في الحرب على الإرهاب
لعب كل من الجيش والقضاء المصري الدور الأبرز في الحرب على الإرهاب، وخدمت المؤسستين أجندة واضحة ال تكترث لحقوق الإنسان وتعتدي بشكل سافر على حقوق المدنيين. فمن ناحية، يمارس الجيش عمليات قتل خارج إطار القانون واعتقالات تعسفية ً وإخفاء قسري للمدنيين، فضًل عن انتهاكات لحقوق المواطنين االقتصادية واالجتماعية، وعلى الجانب الآخر استخدم القضاء مظلة الحرب على الإرهاب للتنكيل بالمعارضة وقمع حرية الرأي، وقنن ممارسات تنتهك ضمانات المحاكمة العادلة بشكل صريح. انتهك الجيش خالل حربه على الإرهاب، معايير حقوق الإنسان، وفقً ا لمنظمات حقوقية محلية ودولية، حيث استدرج المواطنين إلى حرب ليسوا طرفًا فيها. وقالت هيومن رايتس ووتش أن سياسية الجيش في الحرب على الإرهاب اعتمدت على تجاهل وانتهاك حقوق المدنيين في سيناء، والذي يرقى في بعض الأحيان لجرائم حرب. ووجدت رايتس ووتش أن األعمال العدائية في شمال سيناء، مع استدامة القتال بين قوات ذات هياكل منظمة، وصلت إلى مستوى النزاع المسلح غير الدولي، وأن الأطراف المتحاربة انتهكت قوانين الحرب الدولية وكذلك قوانين حقوق الإنسان المحلية والدولية. حيث أن استهداف وإساءة معاملة المدنيين، وعدم تمييز المدنيين عن ّ المقاتلين من قبل الجانبين، أدى إلى سحق الحقوق األساسية للمدنيين وتدمير أي حيز ممكن للنشاط السياسي السلمي أو المعارض. كما ساهمت تلك الانتهاكات في تصعيد عسكرة الصراع، وتهجير السكان. وقد ارتكب الجيش جرائم أخرى تشمل الاعتقالات الجماعية التعسفية، والاختفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، وهجمات جوية وبرية قد تكون غير قانونية ضد المدنيين. على صعيد آخر، ووفقً ا للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ارتكب الجيش، انتهاكات واسعة لحقوق سكان سيناء الاقتصادية والاجتماعية. فقد أدت العملية الشاملة "سيناء 2018 " منذ انطلاقها في فبراير 2018 إلى نقص المواد الغذائية، وانقطاع المياه ونقص مياه الشرب، وانقطاع شبكات الإنترنت والاتصالات بشكل مستمر، بالإضافة إلى انقطاع شبكات الكهرباء، وتوقف المدارس والجامعات عن العمل، وتردي الخدمات الصحية، وقلة وسائل النقل، فضًل عن حرق وتدمير منازل وعشش لأهالي، ناهيك عما تسبب فيه حظر التجوال ومنع الخروج أو الدخول إلى سيناء من عوائق على حرية الأهالي في التنقل، إلى جانب تهديد كل ما سبق لحياة الأطفال وصحتهم البدنية والنفسية. على جانب آخر، تلعب منظومة العدالة المصرية دورها في الحرب على الإرهاب. فى ديسمبر 2013 قررت محكمة استئناف القاهرة تشكيل 6 دوائر إرهاب من محاكم جنايات القاهرة الكبرى - 4 دوائر فى محافظة القاهرة ودائرتين فى محافظة الجيزة- للفصل فى القضايا المتعلقة بجرائم الإرهاب. قبل ذلك كانت قضايا الإرهاب تحال إلى محاكم الجنايات العادية أو إلى القضاء العسكري. وقد أدانت الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، فضًل عن أجهزة الأمم المتحدة، تسارع وتيرة أحكام الإعدام التي صدرت في القضايا التي تولتها دوائر الإرهاب، بدعوى أن هذه األحكام صدرت فى إطار خصومة سياسية مع بعض المتهمين، وهو ما تأكد عند عدم تأثر عقيدة محكمة الموضوع من تجاهل التدقيق فى الكثير من الانتهاكات التي حدثت خالل وقائع القضايا، والتي تخل بضمانات المحاكمة العادلة الواجب توافرها ألي متهم. على صعيد آخر، توسع القضاء العسكري في محاكمة المدنيين المتهمين في قضايا متعلقة بالإرهاب، وأدى ذلك التوسع إلى طفرة في تنفيذ أحكام الإعدام ضد مدنيين، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 136 لسنة 2014 ، تحت دعوى تعديهم على منشآت حيوية للقضاء العسكري. فمن أصل 10 قضايا ذات خلفية سياسية تم تنفيذ حكم أحكامها بالإعدام في 8 قضايا منهم، مما أسفر عن تنفيذ حكم الإعدام على 33 ً شخصا. بين يوليو 2013 وسبتمبر 2018 ، وتضطلع نيابة أمن الدولة العليا بدور آخذ في الاتساع في النظام القضائي المصري؛ وهي نيابة مختصة في النيابة العامة تتولى التحقيق فيما يقع من الجرائم المتعلقة بـ"أمن الدولة". وتبرر السلطات هذا الاتساع المطرد بأنه جاء في إطار التصدي للهجمات العنيفة التي تشنها الجماعات المسلحة. غير أنه حسب منظمة العفو الدولية، تتخذ السلطات نيابة أمن الدولة العليا أداة للقمع من خلال إساءة تطبيق قانون مكافحة الإرهاب . وتبين منظمة العفو الدولية أن نيابة أمن الدولة العليا مارست الاعتقال ُ التعسفي على نطاق واسع، حيث حرم المشتبه بهم حرمانا ً ممنهجا من حقهم في التمثيل القانوني الفعال. كما رصدت منظمة العفو تعرض 60 ً متهما أساليب قسرية لدى نيابة امن الدولة من بينها عصب أعينهم الى حين مثولهم امام النيابة وتوجيه الإهانات اللفظية والتعليقات المهينة إليهم، مما يعد من قبيل سوء المعاملة.
رابعا: أنماط الانتهاكات ً
ارتكبت الدولة المصرية عددا من الانتهاكات الممنهجة في سيناء ومحافظات أخرى بدعوى الحرب على الإرهاب، انتهاكات جسيمة ترقى لأن تكون جرائم حرب، وفقً الوصف هيومن رايتس ووتش. في الجزء التالي من التقرير، نستعرض ما ارتكبته الدولة المصرية من انتهاكات تخص الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال حربها على الإرهاب. فمن جانب الحقوق المدنية والسياسية، تقوم الدولة المصرية بعمليات قتل خارج إطار القانون بحق مدنيي سيناء، إلى جانب حملات اعتقال تعسفية، وإخفاء قسري، وتعذيب، وانتهاك للحق في المحاكمة العادلة، والحق في حرية التعبير، وحق التجمع وتكوين الجمعيات، والحق في الحصول على المعلومات، وحرية التنقل، تحت مظلة الحرب على الإرهاب. كما تنتهك بالاعتبار الحقوق االقتصادية واالجتماعية لمواطني سيناء من حيث الحق في السكن، والحق في التعليم، والحق في مستوى معيشي مناسب.
أ/ الحقوق المدنية والسياسية
1 -القتل خارج إطار القانون ُ ترتكب قوات الأمن في سيناء عمليات قتل خارج إطار القانون ضد مسلحين ومدنيين عزّ ل على السواء. فيما يخص الإرهابيين، تتم عمليات القتل إما أثناء تبادل إطلاق النار أو في ضربات استباقية ضد ما يطلق عليه الجيش جماعات مسلحة. منذ بدء العملية الشاملة في فبراير 2018 وحتى نهاية ديسمبر 2018 ،رصدت الجبهة المصرية قيام القوات المسلحة بقتل 463 ً إرهابيا، وفقًا لما صرح به المتحدث العسكري في بياناته، قُتل بعضهم في تبادل إطلاق النار مع القوات النظامية أو في عمليات نوعية يستهدف بها الجيش والشرطة الجماعات الإرهابية. ويشترك في تنفيذ تلك العمليات كل الداخلية من القوات الجوية، والجيش الثاني والثالث الميداني، وعناصر من الأمن الوطني ووزارة الداخلية. ووفقً التقرير للجبهة المصرية، تم قتل هؤلاء الأفراد دائما في مجموعات كبيرة العدد، وصلت إلى 52 ً شخصا قتلوا دفعة واحدة حسب البيان الصادر في 5 أغسطس 2018 ، والبيان الصادر في 8 أكتوبر 2018 . وبينما تتم بعض عمليات القتل أثناء تبادل إطلاق النيران مع أفراد الجماعات الإرهابية، حسب رواية المتحدث العسكري، تكون هناك عمليات نوعية أخرى للجيش تمثل "ضربات استباقية" يحدث خلالها تبادل إطلاق النار. ويمثل القتل الجماعي عمليات هجوم غير تمييزية، حيث لا تميز قوات الأمن بين المسلحين وغير المسلحين، وتعتبر الهجمات الاستباقية ضربا من ضروب القتل خارج إطار القانون، حيث أنها تتم رغم عدم تمثيل الأفراد المزعوم انتمائهم إلى جماعات إرهابية أي نوع من الخطورة المباشرة على حياة أفراد الأمن، وهو ما يعني عدم وجود ضرورة عسكرية لقتلهم، ما يجعل احتجازهم ومن ثم محاكمتهم بديًل ً منطقيا لقتلهم دون تمييز. وتتخطي عمليات القتل الجماعي والضربات أما فيما يخص قتل المدنيين خارج إطار القانون، لم يعلن المتحدث العسكري سوى عن حالتين فقط منذ بدء العملية الشاملة، حيث لقيا مصرعهم نتيجة انفجار عبوة ناسفة بتاريخ 3 يوليو 2018 .على الجانب الآخر، أعلنت الصفحات المحلية مقتل 52 ً فردا مدنيا على الأقل منذ انطلاق “العملية الشاملة سيناء 2018 ،”منهم 23 قتلوا على يد قوات الجيش والشرطة، و29 قتلوا في عمليات إرهابية للجماعات المسلحة، و2 قتلوا في أحداث متفرقة على أيدي مجهولين. وقد تمكنت الجبهة المصرية، من خلال متابعتها ورصدها للصفحات المحلية لأهالي سيناء، من التوصل ألاسماء 5 أشخاص تم قتلهم على أيدي قوات الأمن، منهم وهم: محمد نبيل عطوة، ومدحت صالح نوارة، وأحمد الشتلة، وأحمد التيتي. ومحمد إبراهيم جبر شاهين، الذي قتل على يد قوات الداخلية، وأربعة قتلتهم قوات الجيش ورصدت هيومن رايتس ووتش 14 عملية إعدام خارج إطار القانون بحق معتقلين في شمال سيناء في الفترة من 2016 وحتى 2018 .ووفقًا الى مقابلات هيومن رايتس ووتش مع 6 من ً سكان سيناء، قامت قوات الأمن باعتقال وإخفاء الضحايا قسرا ثم أعدمتهم، وبعد ذلك ً أعلنت كذبا أنهم قتلوا في "اشتباكات" أو "مداهمات" أمنية. وقالت "هيومن رايتس ووتش" في أبريل 2017 أن قوات الجيش المصري في سيناء أعدمت ما ال يقل عن 2 ولا يزيد عن 8 محتجزين عزل، وفقًا لما ظهر في مقطع فيديو مصور، ثم غطت على عملية القتل لجعلها تبدو وكأن الضحايا "إرهابيين" مسلحين تم إطلاق النار عليهم أثناء مداهمة هجومية. ويظهر في مقطع الفيديو رجل يرتدي زيا مموها يعدم المعتقلين واحدا تلو الآخر، ببندقية ترتكب قوات الأمن في سيناء عمليات قتل خارج إطار القانون عند نقاط التفتيش. حيث قالت هيومن رايتس ووتش أن الجنود المتمركزين عند نقاط التفتيش يطلقون النار أحيانًا على الأشخاص أو العربات المدنية التي تقترب منهم، دون سبب واضح، ويرجح أن هؤلاء ً الأشخاص يشكلون خطرا أمنيا. ووثقت هيومن رايتس ووتش 3 حالات يرجح أنها عمليات قتل غير قانونية في نقاط تفتيش.
2 -الاعتقال التعسفي
بلغ إجمالي عدد المعتقلين منذ بدء العملية الشاملة في سيناء في فبراير 2018 وحتى نهاية ديسمبر 2018 ،نحو 5309 معتقًل من المطلوبين ً جنائيا والمشتبه بهم. وتم القبض عليهم في حملات اعتقال جماعية، ما يثير عدة أسئلة عن كيفية ضبط و إلقاء القبض على هذا العدد الضخم من الأفراد دون وقوع حالات قبض عشوائي. ومع القبض على عدد يزيد عن 5000 ً فردا على مدار عام واحد و المئات خلال أيام من "المطلوبين والمشتبه بهم"، يعرض القبض على هذا العدد الحرية بدون سند قانوني، خاصة ومع غياب أي أمر قبض رسمي.18 الضخم من الأشخاص لمجرد الاشتباه المواطنين لخطر الاحتجاز التعسفي والحرمان من على الجانب الآخر، تنشر الصفحات المحلية على مواقع التواصل الاجتماعي عن قيام قوات الأمن بحملات اعتقال عشوائية لشباب وأهالي سيناء. فمثًل، تم اعتقال أكثر من 200 مواطن من مدينة العريش خالل حملة أمنية موسعة على منطقة ميدان العتلاوي وشارع أسيوط وأجزاء من حي الفواخرية في 24 فبراير 2018 .و تتكرر تلك الحملات بين الحين والآخر حيث تقوم قوات الأمن بالقبض على أعداد كبيرة من الأهالى خاصة عقب حدوث أحداث تفجيرية.19 وفي الفترة من أبريل 2014 و 2018 ووثقت هيومن رايتس ووتش 50 حالة خلال حملات اعتقال جماعية.20 اعتقال تعسفي في شمال سيناء، وألقت الشرطة القبض على معظمهم من منازلهم وانتشر الاعتقال التعسفي خارج شمال سيناء أيضًا بدعوى"الانضمام إلى جماعة إرهابية" وهي التهمة التي اتخذتها السلطات المصرية ذريعة للقبض على المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وغيرهم. وأظهر تقرير الجبهة المصرية القبض على 144 ً متهما قبض عليهم في النصف الأول من عام 2018 على ذمة 7 ً قضايا، ووجهت للمتهمين تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية . وكان من بين ال144 ً متهما 9 صحفيين، و9 مدونين و5 مصورين، و 13 ناشط سياسي، و2 سينمائيين، و2 محامين، وباحث، و5 طالب، و3 أفراد قاموا بتصوير لجان الانتخابات الرئاسية، هذا بالإضافة إلى 4 أشخاص قاموا بالانضمام إلى مظاهرات ”القدس“ فى ديسمبر 2017 و23 ً شخصا تظاهروا احتجاجا على ارتفاع أسعار تذاكر المترو فى مايو 2018.21 كما رصدت الجبهة المصرية خالل عام 2019 فقط بأنه قد تم إلقاء القبض وحبس ما اليقل عن 457 شخص في 7 قضايا أمن دولة، من بينهم نشطاء وسياسيين ومدافعين عن حقوق الإنسان، هذا بالإضافة أكثر من 2000 شخص تم إلقاء القبض عليهم في قضية واحدة هي 1338 لسنة 2019 أمن دولة على خلفية احتجاجات 20 سبتمبر.
٣ -الاختفاء القسري
في الفترة ما بين 2014 و2018 ،وثقت هيومن رايتس ووتش 39 حالة اختفاء قسري في شمال سيناء، من بينهم طفلين على الأقل. وفي بعض الحالات لم يتمكن الأقارب من التعرف على مكان احتجاز المختطفين إلا بعد عامين من إلقاء القبض عليهم وذلك عندما قامت نيابة أمن الدولة أخيرا بالتحقيق معهم فيما هو منسوب إليهم من اتهامات، ونقلتهم إلى سجون رسمية وقال أغلب الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش أن خوفهم الشديد من السلطات منعهم من تقديم شكوى إلى النيابة العامة بشأن اعتقال أقاربهم تعسفًا أو ً اختفائهم قسرا. وقال البعض أنهم قدموا رشاوى لعسكريين، أو عناصر ميليشيات موالية للجيش في سيناء، أو وسطاء آخرين للحصول على معلومات عن أماكن احتجاز أقاربهم، حيث لم يتلق الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش ممن تقدموا بشكاوى إلى النيابة العامة أي رد من السلطات. أما خارج سيناء، يصبح الاختفاء القسري نمطا ممنهجا يتعرض له النشطاء الذين يتم اعتقالهم بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية. ففي 7 قضايا أمن دولة في النصف الأول من عام 2018 ،وثقت الجبهة المصرية الاختفاء القسري لعدد 27 ً متهما بـ"االنضمام إلى جماعة إرهابية"، وذلك لفترات تزيد عن الشهر، وفي عام 2019 رصدت الجبهة أيضًا اختفاء ما لا يقل عن 83 ً شخصا لمدة وصلت إلى شهر، على ذمة قضايا أمن دولة والمتهمين فيها باتهامات تتعلق بالإرهاب. ووثقت المفوضية المصرية للحقوق والحريات وقوع 2811 حالة وقوع 1840 حالة اختفاء قسري في 2015 ،و 1751 حالة في 2016 ،و 1477 حالة في 2017.26 اختفاء قسري في الفترة من يوليو 2013 وحتى يونيو 2016 بينما رصدت التنسيقية المصرية على الأقل في الفترة من أغسطس 2017 حتى أغسطس 2018. 27 وتتزايد الاختفاءات القسرية، فحسب كوميتي فور جاستس، وقعت 1989 حالة اختفاء قسري.
4 -التعذيب وسوء المعاملة
يحتجز الجيش أغلب المقبوض عليهم في شمال سيناء في ثلاثة مواقع رئيسية، هي: الكتيبة 101 ومقرها العريش، ومعسكر الزهور في الشيخ زويد، أو العزولي، وهو سجن في مقر قطاع الأمن الوطني بالعريش داخل "قاعدة الجلاء العسكرية". أما الذين يقبض عليهم عناصر الشرطة فعادة ما يحتجزون فى مقر قطاع الأمن الوطنى بالعريش. ووفقًا لهيومن رايتس ووتش، تعرض 10 أشخاص من أهالى شمال سيناء للتعذيب وسوء ً المعاملة أثناء اختفائهم قسريا، مما أدى للوفاة في بعض الأحيان. وانطوى التعذيب على َ الجلد والصعق بالكهرباء. وقال شهود لـ هيومن رايتس ووتش أن أغلب الذين يمارسون التعذيب هم ضباط بالجيش يرتدون بزات عسكرية. وحكى أحد المختفين السابقين لهيومن رايتس ووتش ما حدث معه في معسكر الزهور، بعد أن أخذه ضابط إلى "غرفة الكهرباء" وربطه بكرسي وأخذ في استجوابه، يقول: ً "فجأة، وأنا أتحدث، وجدت نفسي أصرخ. كان شعورا أجربه أول مرة في حياتي. بدأت أو 4 ثوان، ثم يتوقف، ثم يعيد ذلك. أحد أعمامي توفي تحت التعذيب، فتذكرته وأنا أتلو الشهادة. استمر في السؤال واستمريت في الإنكار. كان يصعقني مجددا يموت الكثير من المحتجزين في سجون وأماكن احتجاز شمال سيناء نتيجة التعذيب أو ظروف الاحتجاز السيئة. قال محتجز سابق آخر لهيومن رايتس ووتش إنه شاهد 3 محتجزين يموتون في 2015 ،إما تحت التعذيب أو بسبب الإهمال وانعدام الرعاية الصحية. كما قالت رايتس ووتش ان التعذيب يتم استخدامه بشكل ممنهج ضد الأشخاص المقبوض عليهم في قضايا بتهم "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، خاصة أثناء إخفائهم ً قسريا. أفادت التنسيقية المصرية بأنه في الفترة من أغسطس 2013 وحتى ديسمبر 2015 ،مات 30 ً شخصا تحت التعذيب أثناء احتجازهم في مراكز الشرطة وأماكن الاحتجاز الاخرى التابعة لوزارة الداخلية. و في 2016،31 مات 14 ً شخصا أخرين جراء تعرضهم للتعذيب في أماكن الاحتجاز. كما قالت التنسيقية أن محاميها استقبلوا 830 شكوى بالتعذيب في 2016 فقط، بينما وثقت 28 حالة تعذيب حتى الموت في مركز شرطة قصر النيل، وذلك في 13 سبتمبر 2013 وفي 2017 .تعرض المواطن الفرنسي إيريك النغ للضرب حتى وكان طالب الدراسات العليا الإيطالي، جوليو ريجيني، أحد ضحايا التعذيب على يد قوات الأمن، والذي أفضى تعذيبه إلى الموت في يناير 2016 ُ يذكر أنه لم يعاقب المسؤولون عن تعذيب وقتل ريجيني والنغ وغيرهم، ولم تتخذ السلطات المصرية أية إجراءات جدية لتنفيذ العدالة، مع استمرارها في إنكار اللجوء لتعذيب المحتجزين، وفي محاولة لطمس معالم قضية ريجيني، قامت السلطات المصرية بتصفية 5 أشخاص في ميكروباص في مارس 2016 بدعوى أنهم من قتلوه، وتبين بعد مدة أنهم أبرياء، مما يعد قتًل خارج إطار القانون وتغافًل عن آليات جدير بالذكر أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أعرب عن قلقه من حالات الاختفاء القسري المتزايدة في مصر، وخلال الفترة من مايو 2017 حتى مايو 2018 ، أحيلت 173 حالة اختفاء قسري جديدة بموجب الإجراءات العاجلة، وأشار الفريق هذا الصدد أن الاختفاء القسري هو مشكلة منهجية في مصر ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراء عاجل
5-انتهاك الحق في محاكمة عادلة
بالتوازي مع الحرب على الإرهاب، أصبحت محاكمات المتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب تعج بالانتهاكات التي تؤثر على سالمة ضمانات المحاكمة العادلة. بداية من اتهام الأشخاص في هذه القضايا عادة بتُ هم تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية أو مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وتمتنع النيابة عن الإفصاح عن اسم هذه الجماعة المزعومة، ولا تسمح للمحامين بالاطلاع على أوراق القضية. ومنذ لحظة القبض وحتى الظهور أمام النيابة للتحقيق، يتعرض المتهمين في مثل هذه القضايا للاحتجاز التعسفي، نتيجة القبض عليهم دون إذن نيابة، والإخفاء القسري والتعذيب بهدف الإكراه المادي والمعنوي للإدلاء باعترافات، والمماطلة في الحالة للطب الشرعي للتأكد من ادعاءات التعذيب، وتعمد النيابة بدء جلسات التحقيقات الاولى في غياب المحامين مع بعض المتهمين، الأمر الذي يخل بعدد من حقوقهم وعلى رأسها حقهم في الدفاع القانوني وحقهم في محاسبة المتورطين في انتهاكات تعرضوا لها، عبر التحقيق في دعاوى التعذيب والإخفاء القسري على سبيل المثال. هذا فضًلا عن ما يتعرضون له من أوضاع احتجاز غير آدمية ما يؤدي في بعض الأحيان لتدهور الحالة الصحية للسجناء، وفي بعض الحالات إلى الوفاة. تعد قضايا الإرهاب المحكوم فيها بالإعدام في الفترة بعد يوليو 2013 ً مثالا على ما وصلت إليه انتهاكات ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين. في تقرير مشترك لست منظمات حقوقية تناول بالتحليل أوراق 8 قضايا أمام القضاء العسكري تم الحكم على متهمين فيها بالإعدام في الفترة بين يوليو 2013 وحتى ديسمبر 2018 ،اتضح أن المحاكمات العسكرية تفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة التي تقرها المواثيق الدولية، بداية من محاكمة المتهمين ً المدنيين أمام القضاء العسكري، مرورا بما شهدته عمليات القبض والاحتجاز من ممارسات تعسفية مثل الإخفاء القسري والإكراه المادي والمعنوي على االعتراف، فضًل عن استناد األحكام في هذه القضايا في الأساس على تحريات الأجهزة األمنية، ناهيك عن انتهاك وعدم السماح له بالاطلاع على أحكام محكمة النقض الصادرة من القضاء العسكري وعدم التفاعل مع طلباته بالتحقيق في وقائع التعذيب للمتهمين.
6 -حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات
وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 546 ً موقعا على الأقل. كما تم تقليص حرية تكوين الجمعيات من خلال تعديلات قانون الجمعيات الأهلية في 2016 وما تبعه من محاكمة لعدة جمعيات أهلية بتهم التمويل الأجنبي. لكن مثل اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية أقصى صور تقليص الحق في تكوين الجمعيات، فقد أصبح أي شخص مخالف للنظام معرض لخطر الاحتجاز التعسفي بسبب الاتهام بالانتماء لجماعة إرهابية. وبدعوى الحرب على اإلرهاب، يقبع في سجون مصر ما ال يقل عن 60000 معتقل سياسي، وفقًا لهيومن رايتس ووتش. تقلصت حرية التجمع بعد صدور القانون رقم 107 لسنة 2013 ،المعروف بقانون التظاهر، الذي صدر في نوفمبر 2013 ،األمر الذي جعل من التظاهر السلمي ضد النظام جريمة يعاقب عليها القانون. مثال على ذلك ما حدث مع المدافع عن حقوق الإنسان علاء عبدالفتاح، حيث صدر ضده حكم بالحبس 5 سنوات والمراقبة 5 سنوات أخرى بتهمة إهانة القضاء في فبراير 2015 ، وذلك عقب تظاهرات مجلس الشورى الشهيرة. هذا بالإضافة إلى المئات الذين يقبعون في السجون تحت تهم متعلقة بالتظاهر غير القانوني.
7 -حرية الوصول إلى المعلومات ً
أصبحت سيناء خارج التغطية تماما منذ بدء حالة الطوارئ المستمرة منذ 2013 .ومع فرض حظر التجوال وغلق مخارج ومداخل المدينة، منعت أيضًا السلطات دخول أي صحفيين وإعلاميين. ولا ً يوجد حاليا أي مصدر لنقل ما يحدث داخل سيناء سوى الرواية الرسمية للدولة، ما يجعل مهمة الصحفيين والإعلاميين والحقوقيين في متابعة ما ترتكبه قوات الامن من ً انتهاكات أمرا في غاية الصعوبة. كما أصبحت محاولة الحصول على معلومات عن الأحداث الجارية في سيناء خاصة عن الحرب على الإرهاب جريمة في حد ذاتها، ً بعد أن اعتبرت الدولة تلك المعلومات "أسرارا عسكرية"، ومحاولة الحصول عليها هو انتهاك أسرار الدولة، كما جاء في تحقيقات النيابة مع الصحفي إسماعيل الإسكندراني.38 كان الاستناد الرئيسي لضابط األمن الوطني في تحرياته عن الإسكندراني هو اتهامه بإدارة صفحات على موقع فيسبوك تقوم بتغطية ما يحدث في سيناء من أحداث وانتقاد العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش والشرطة. كما تضمن المحضر اتهام الإسكندراني بنشر صور بعض المنازل الخاصة بالعناصر الجهادية التي تم تدميرها واعتبرته النيابة "ترويج لاخبار كاذبة". بأنها منازل أهالي سيناء الرافضين لسياسات القوات المسلحة، ما يظهر هذا الاتهام تعاظم رغبة النظام الحالي في السيطرة على منابر الصحافة واإلعالم، عبر سعيها لأن تكون المصدر الوحيد للمعلومات، واعتبار أي رواية مخالفة لرواية الدولة جريمة ومحاولة “إلثارة الفتن والتحريض على مؤسسات الدولة”، كما يصفها محضر التحريات، ً الأمر الذي يجعل عددا كبيرا من الصحفيين والإعلاميين خاصة المهتمين بملف سيناء، عرضة للمحاكمة، ويجردهم من حقهم المهني في تغطية ما يحدث في سيناء وعرض الحقائق من وجهة نظر مغايرة.
8 -حرية التنقل ُ
غلق معبر رفح البري بشكل مفاجئ مع بدء العملية الشاملة سيناء 2018 في فبراير 2018 ، ولأجل غير مسمى . وتم إغلاق جميع الكمائن الأمنية الثابتة على الطريق الدولي القنطرة مدينة على من بداخلها ومنع مرور المواطنين من مدينة لأخرى. ومنع المواطنين من الدخول أو الخروج إلى محافظة شمال سيناء قال شهود عيان من المناطق المتضررة، قابلتهم هيومن رايتس ووتش، إن العملية شملت إغلاق الطرق وعزل المدن عن بعضها البعض، وعزل محافظة شمال سيناء عن البر المصري، والشيخ زويد الشرقيتين، حيث تم إغلاق الطرق أكثر صرامة. ما يؤثر بشدة على تدفق البضائع من القاهرة والوادي. الأزمة أكثر خطورة في مدينتي رفح أشار تحليل هيومن رايتس ووتش لصور الأقمار الصناعية الملتقطة بعد بدء عملية "سيناء 2018 "بين 22 فبراير و14 أبريل 2018 ،إلى أن حركة المرور على الطرق المدنية المحلية انخفضت بشكل كبير نتيجة للعملية العسكرية في المنطقة. ويتفق هذا مع شهادات الأهالي. مدينة الشيخ زويد بشكل خاص محاطة بالكامل بشبكة من القواعد والنقاط ُ العسكرية، ويبدو الوصول الفعلي إليها ما ًقيدا للغاية، جميع الطرق الرئيسية الداخلة إلى المدينة والخارجة منها إما مغلقة أو تسيطر عليها نقاط تفتيش عسكرية منذ أن ظهرت القيود، لم يتمكن الأشخاص الذين كانوا خارج سيناء من العودة إلى منازلهم ّ عبر الطرق العادية، حيث يسيطر الجيش على جسر السالم والعبارة القريبة، وهي وسائل النقل الرئيسية الرابطة بين شمال سيناء والبر المصري. وتشتت بعض العائلات ألكثر من ُ شهرين، وسمح لعدد قليل بالعودة على متن حافلة مقدمة من قبل الحكومة في محافظة الإسماعيلية. في 9 مارس، بعد شهر من بداية العملية الشاملة، نشرت إدارة محافظة شمال ملء استمارة وانتظار اتصال اإلدارة بهم.42 ً سيناء رابطا على صفحتها على فيسبوك تدعو فيه السكان "العالقين" خارج المحافظة إلى ملء استمارة وانتظار اتصال اإلدارة بهم.
ب/ الحقوق المدنية والسياسية
1 -الحق في السكن
نفذ الجيش أعمال هدم في شمال سيناء ضمن عملياته العسكرية الجارية منذ 2013 ،لكن في 2014 أعلنت الحكومة عن خطة إخلاء السكان من شريط أمني عازل مساحته 79 كيلومترمربع، يشمل مدينة رفح بالكامل، على الحدود مع غزة. وقال الجيش إن الإخلاء مطلوب لإنهاء تهريب المقاتلين والأسلحة عبر الأنفاق من غزة. وفي أواخر 2017 استأنفت الحكومة هذه اإلخالءات القسرية. دمرت السلطات ما ال يقل عن 540 مبنى بطول الحدود في الشهور الـ16 التي توسطت عزل مرسي وقرار أكتوبر 2014 ،يقع 50 منها على مسافة تزيد على كيلومتر واحد من الحدود. وفقدت نحو 3200 عائلة منازلها ومع ذلك زعم عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، أن 43 منزًال فقط تعرضت للتدمير. وبعد القرار هدم الجيش المصري ما لا يقل عن 2715 مبنى آخر، بين يوليو 2014 وأغسطس 2015 ،قامت السلطات المصرية بهدم ما لا يقل عن 3225 من المباني السكنية والتجارية والإدارية والمجتمعية في شبه جزيرة سيناء بطول الحدود ّ مع قطاع غزة. كما جرفت السلطات المصرية نحو 685 هكتارا من الأراضي الزراعية، فحرمت والنخيل وبساتين الموالح التقليدية فيها العائلات من الطعام ومصدر الرزق، وجردت معظم المنطقة الحدودية من أشجار الزيتون وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن التدمير واسع النطاق للمنازل وغيرها من المباني في رفح لم يلب اشتراط قوانين الحرب، في ألا يقوم الجيش المصري باستهداف ً كما كان يمكن لوسائل أقل تدميرا أن تعمل على الحد من التهريب عبر الأنفاق. ولم تميز عمليات التهديم بين الإنفاق والمنازل.
2 -الحق في التعليم
أعلن عبد الفتاح حرحور، محافظ شمال سيناء، في 9 فبراير 2018 ، إغلاق المدارس والجامعات في شمال سيناء "حتى إشعار آخر". تزامنًا مع بدء العملية الشاملة "سيناء 2018 "في جميع المراحل التعليمية وبالأخص طلاب التعليم الجامعي، بأوقات متخبطة فبعد أن قررت جامعة سيناء إرجاء الدراسة وتقرر وقف الدراسة في جميع المراحل التعليمية، وأعلن وزير التربية والتعليم أن القوات المسلحة هي الجهة المعنية بتحديد موعد عودة الدراسة. وقررت وزارة التربية والتعليم في 18 فبراير نقل امتحانات طلاب الثانوية العامة والشهادات العامة بسيناء إلى مدن القناة. وعانى الطلبة من سوء الأوضاع الدراسية بشكل خاص، فمع خطر الهجوم على المدارس وعدم استقرار الأوضاع كمكان تعليمي تعرضت بعض المدارس لعمليات القصف والتفجير و أصبحت غير مناسبة وغير آمنة وقررت وزارة التعليم العالي نقل طلاب بعض المعاهد العليا بسيناء إلى محافظات السويس و الإسماعيلية و بورسعيد. وزاد نقل الطالب إلى محافظات أخرى من صعوبة استخدام وسائل النقل، إلى جانب ازدحامها و ارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ. وبسبب التضييق على حرية الحركة، قلة المواصلات، ما اضطر المواطنين في بعض الأحيان إلى ً التنقل سيرا على الأقدام. و مثلت صعوبة التنقل عائقً ا خاصا بالنسبة للطلبة، الذين تعطلت دراستهم لفترات مطولة. حيث زادت حمولة السيارات التي تحمل 14 ً راكبا إلى 18 راكب، و بلغت تكلفة نقل المواطنين في سيارة تحمل 7 ركاب إلى 2500 جنيه، أي أكثر من 350 ً جنيها يجدوا وسيلة نقل، و في أوقات يضطرون إلى العودة لعدم توافرها.51 للفرد، عالوة على أن الأفراد يضطرون للانتظار لفترات طويلة تصل إلى 8 ساعات لكي يجدوا وسيلة نقل، و في أوقات يضطرون إلى العودة لعدم توافرها.
3-الحق في مستوى معيشي مناسب
ًفرضت الحملة العسكرية ضد داعش في شمال سيناء قيودا صارمة على ً حركة الأشخاص والسلع في جميع أنحاء المحافظة تقريبا. يقول السكان ً إنهم شهدوا انخفاضً ا حادا في الإمدادات المتاحة من المواد الغذائية، واألدوية، والغاز، وغيرها من السلع التجارية األساسية. كما حظرت السلطات بيع أو استخدام البنزين للمركبات في المنطقة، وقطعت خدمات الاتصالات لعدة أيام متواصلة في بعض الأحيان. وقطعت السلطات أيضً ا المياه والكهرباء بشكل شبه كامل في معظم المناطق الشرقية من شمال سيناء، بما في ذلك رفح والشيخ زويد. شهدت الأيام التالية النطاق العملية الشاملة نفاذ الخضراوات والمواد الغذائية من أسواق العريش والشيخ زويد و معظم مناطق محافظة سيناء، و بدأت أزمة غذائية غير مسبوقة في جميع مدن سيناء استمرت ما يقارب الشهرين. كما انقطع الغاز عن جميع مدن سيناء، مما أدى إلى صعوبة طهي الطعام و تحول أكثر من 400 ألف مواطن إلى الطهي باستخدام الحطب. في ظل هذا الوضع، احتكرت القوات المسلحة توفير المواد الغذائية للمواطنين، وأصبح الجيش هو المصدر الوحيد الطعام الأهالي وأطفالهم. كانت الأزمة الغذائية تستمر في بعض الأحيان إلى 20 ً يوما في مدينة العريش. بينما عانت مدينتي رفح و الشيخ زويد بشكل خاص، حيث استمر الحصار الغذائي على المدينتين لمدة 40 ً يوما. و في 11 مارس 2018 ،تجمع أكثر من 1300 مواطن للحصول على حصة من الدقيق لأول مرة منذ 32 ً يوما، بدون ماء أو على صعيد آخر، إثر انقطاع المياه بشكل خاص على مدينة رفح ، وامتلأت المدينة بطوابير الأهالي الذين يبحثون عن مياه للشرب. واجهت العريش أيضً ا فترات طويلة من انقطاع المياه، فمثُل، انقطعت المياه عن حي السمران بالعريش ألكثر من أسبوع في شهر مايو ولجأ العديد من السكان إلى جمع مياه الأمطار لتلبية الاحتياجات الأساسية. وفي العريش، يعتمد السكان بشكل كبير على الآبار التي تعمل بالكهرباء والوقود. وتدهورت الرعاية الصحية في مدينة سيناء بشكل خاص بعد بدء العملية الشاملة سيناء 2018 ،وبسبب تدهور حال وسائل النقل وارتفاع أسعار الوقود بشكل حال دون وصول المواطنين إلى المستشفيات و أماكن الرعاية الصحية. واضطر مراقبو الصحة التابعين لوزارة الصحة والسكان المصرية في العريش إلى استخدام "عربة كارو" أثناء حملة التطعيم ضد مرض شلل األطفال، الأمر الذي يمكنه زيادة نسب انتقال العدوى لحالات أخرى. وعلى سبيل القاهرة، بينما لم تتمكن من العودة لسيناء إلى أسرتها بسبب منع دخول المواطنين.54 المثال، كان هناك سيدة من أهالي شمال سيناء مصابة بمرض السرطان، عالقة بمحافظة تسبب أيضً ا فقدان الأب أو الابن أو الزوج لعائلات شمال سيناء في صعوبات اقتصادية، ً إذ أن الرجال فقط هم من يعملون خارج المنزل. نظرا ألن السلطات لم تصدر أي اعتراف رسمي بأي من حالات الاعتقال الخمسين التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، لم تتمكن ً سبيل المثال، لم تتمكن امرأة من الحصول على معاش زوجها المختفي قسريا.
خاتمة
تعتمد الدولة المصرية في حربها على الإرهاب، في المقام الأول، على القمع الداخلى، وإحكام قبضتها على حياة المواطنين وانتهاك حقوقهم بشكل سافر، متحججة بالحرب على الإرهاب لتقنين ممارساتها. مررت الدولة المصرية تشريعات تقنن تلك الممارسات، ومن ً خلالها، تقدم مفهوما لإرهاب يسهل على الدولة عملها في عمليات الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني الذي يستهدف معارضيها، بزعم كونهم إرهابيين، في مشهد تسيطر فيه المؤسسة العسكرية على الدولة حتى أصبحت المنشآت العامة، وفقًا لتلك القوانين، منشآت عسكرية على الجيش حمايتها. وساهمت مؤسسة القضاء في هذه العسكرة وسهلت استهداف المعارضين من خلال دوائر الإرهاب التي تفتقر إلى أدنى معايير المحاكمة العادلة. علاوة على ذلك توسعت نيابة أمن الدولة العليا بشكل غير مسبوق في التحقيق في القضايا المتعلقة بالأمن القومي وأصبحت أداة في الدولة لقمع الحريات األساسية. في ظل التعديلات التشريعية و المساندة المؤسسية من الجيش والقضاء، ترتكب الدولة المصرية انتهاكات لا حصر لها بدعوى حربها على الإرهاب، حيث ترتكب عمليات قتل خارج إطار القانون، وحملات اعتقال تعسفية في سيناء ومحافظات أخرى، ناهيك عن الإخفاء القسري، والتعذيب المنهجي، دون رقابة أو محاسبة ودون خوف من العقاب. رمت الدولة المصرية بعرض الحائط معايير المحاكمة العادلة و انتهكت الحريات الأساسية من حرية الرأي والتعبير وحرية تكوين الجمعيات وحرية التنقل، مستخدمة شعار الحرب على الإرهاب كمظلة لقمع الحريات. تعيش سيناء في حالة طوارئ ممتدة منذ ما يزيد عن ست سنوات، تحكم خلالها الجيش بجميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. وقامت قوات الجيش والشرطة بهدم آلاف المنازل وتهجير آلاف المدنيين منذ بدء الحرب على الإرهاب، تدهور التعليم بكافة مراحله بشكل يؤثر على حياة الطالب وعلى جودة العملية التعليمية، وأدى الحصار المفروض على سيناء إلى تدهور مستوى معيشة المواطنين خاصة في منطقة شمال سيناء، والتي ً شهدت أزمة غذائية حادة ونقص في المواد الغذائية،والمياه، والغاز، وجميع المنتجات،علاوة على الانقطاع المستمر في شبكات الكهرباء والانترنت والاتصالات، والتدهور في الرعاية الصحية ووسائل النقل. سبع سنوات لم تستطع الدولة أن تعلن بعدها قضاءها على الإرهاب، لكن يمكنها أن تعلن أنها قضت على أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية للمصريين داخل وخارج سيناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.