قرار رئيس وزراء فرنسا بوقف إجراءات فرض مشروع قانون ''الأمن الشامل'' وتشكيل لجنة مستقلة لمراجعتة .. مناورة سياسية أم استجابة للشعب
فى ظل اختلاف الناس مع الحكومة الفرنسية فى أمور عديدة، واحتدام مظاهرات الفرنسيين في أنحاء البلاد ضد مشروع قانون "الأمن الشامل" الاستبدادى، وإطلاق الشرطة القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين ووقوع اشتباكات وأعمال شغب، ظهر رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس فى التلفزيون الفرنسى، عصر اليوم السبت 28 نوفمبر، فى وقت صعب أثناء عنفوان المظاهرات و المعارك والاشتباكات وحرائق السيارات بين الشرطة والمتظاهرين فى أنحاء البلاد.
لم يعلن فرض حالة الطوارئ الامنية فى أنحاء البلاد، ولم يعدل قانون الطوارئ بمرسوم استثنائي لتمكين الجيش من القبض على المدنيين والتحقيق معهم فى القضايا والمخالفات المدنية، ولم يعلن عن مشروع قانون استثنائى لمحاكمة المدنيين الذين يتم القبض عليهم أمام مبنى حكومى يحراسة عسكرى جيش أمام محاكمة عسكرية، ولم يهدد امام التلفزيون الشعب الفرنسي بانة لا يعرف سوى الابادة والتدمير، ولم يصدر قوانين الانترنت والارهاب والكيانات الإرهابية التى يعتبر فيها كل معارض إرهابي، وآرائه المفروض ان يصونها الدستور أكاذيب، ولم يعلن تنصيب نفسه القائم على أخلاق الشعب الفرنسى وتحديد الصالح من الطالح للمجتمع، ولم يتهم تنظيمات إرهابية ودول أجنبية وطابور خامس، ولم يعلن اعتقال ستين الف فرنسى بتهم ارهابية، ولم يختطف النشطاء ويخفيهم قسرا الى الابد وينفي علمه بمصيرهم، ولم بفرض ''قانون الأمن الشامل'' بدعوى محاربة الإرهاب و دواعى الأمن القومى، واللى مش عاجبه يخبط دماغه فى الحيط، ولم يعلن تمديد وتوريث الحكم لنفسة ومنع التداول السلمى للسلطة وانتهاك استقلال المؤسسات والجمع بين السلطات وعسكرة البلاد بدعوى التصدي للإرهاب، ولكنه أعلن وقف الشروع فى إجراءات تمرير مشروع قانون "الأمن الشامل"، استجابة لوجود معارضة من الشعب الفرنسي ضد بعض مواده، وتشكيل لجنة مستقلة لإعادة صياغة المادة 24 من مشروع القانون المثيرة للجدل التى تسببت فى المظاهرات العارمة.
وقالت وسائل الإعلام الفرنسية بأن مظاهرات الفرنسيين اندلعت على أساس أن المادة 24 تنتهك حرية الصحافة والإعلام والاستعلام والتعبير، وتتعلق المادة بحظر نشر صور ومقاطع فيديو لعناصر الشرطة أثناء أداء عملهم، واستخدام قوات الأمن للطائرات المسيَّرة وكاميرات المراقبة ضد الناس من مارة و قائدى سيارات فى الشوارع.
وقال رئيس الوزراء إنه سيتم تعيين جان مارك بورغوبورو، رئيس اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان، رئيساً للجنة المستقلة، على أن يقدم تقريراً له نهاية ديسمبر المقبل.
وتناقلت وسائل الاعلام بان مشروع القانون المثير للجدل قد تقدمت به كتلة حزب "الجمهورية إلى الأمام"، ويركز على توسيع صلاحيات الشرطة المحلية (البلدية)، وتنظيم الأمن الخاص، ولكن المادة 24 منه تتعرض لانتقادات من المدافعين عن الحريات. وجاء حادث اعتداء الشرطة على رجل أسود، وهو منتج موسيقي، بالضرب بوحشية لكى يشعل اكثر موجة الاحتجاجات على مشروع قانون "الأمن الشامل" الذي يمنع الصحافة وكافة أفراد المجتمع الفرنسى من توثيق انتهاكات الشرطة فى حينه مثل واقعة اعتداء الشرطة التي وثقتها الصور والفيديوهات على الرجل أسود فى دموية ووحشية بالمخالفة للقانون والدستور.
وأكدت وسائل الإعلام أنه في وقت سابق من الأسبوع الجاري، مررت الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة السفلى من البرلمان)، مشروع القانون المذكور. ومن المنتظر أن يقدم مشروع القانون في يناير المقبل، لمجلس الشيوخ (الغرفة العليا) للتصويت عليه، وفي حال تمريره، من المنتظر أن يطرح ثانية للتصويت أمام البرلمان.
وحتى مساء اليوم السبت 28 نوفمبر لم تتوقف الاحتجاجات الفرنسية، وربما يرى البعض ان تظل الاحتجاجات بصورة او باخرى بصورة سلمية بحتة لاستمرار الضغط من أجل الصالح العام حتى انتهاء اللجنة المستقلة من مراجعه ليس المادة 24 فقط من مشروع قانون "الأمن الشامل" بل القانون بأكمله حتى يحظى باستجابة الرأي العام ويحمي حرية الصحافة والرأي والتعبير ولا يقضى عليها، وحتى لا تكون أعمال اللجنة المستقلة المزعومة مجرد مناورة من رئيس الوزراء الفرنسى لكسب الوقت لفرض القانون بمواده المعيبة قبل موعد إقراره بساعات، الحرص واجب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.