مؤسسة حرية الفكر والتعبير :
وزارة الدولة للإعلام.. بين الإفصاح عن المعلومات وصراع الهيمنة على الإعلام فى مصر
موقع مؤسسة حرية الفكر والتعبير / تقرير حقوقي صادر بتاريخ الخميس 31 ديسمبر 2020 / مرفق الرابط
منهجية
اعتمدت الورقة على تحليل خطاب وزير الدولة للإعلام من خلال ما أجراه من لقاءات تلفزيونية أو حوارات صحفية، وكذلك من خلال منشورات الوزارة التي تحمل تصريحات الوزير وبيانات الوزارة على صفحة الوزارة على موقع فيسبوك. فضلًا عن رصد ردود الفعل تجاه مواقف وزارة الدولة للإعلام بين أوساط الجماعة الصحفية والإعلامية. كما اعتمدت الورقة على عدد من الدراسات والأبحاث الرسمية وغير الرسمية، وكذلك بعض الإحصاءات التي تتعلق بنسب المشاهدة وتطور استخدام الهواتف الذكية في الولوج إلى الإنترنت ومطالعة الأخبار والمعلومات ومشاركتها.
واستعرضت الورقة قرار مجلس الوزراء المتعلق بتحديد اختصاصات وزير الدولة للإعلام والمنشور في تقارير إعلامية، إضافة إلى قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018.
مقدمة
اتسم واقع المشهد الصحفي والإعلامي في مصر إبَّان ثورة يناير 2011 بالسيولة الشديدة، التي وصلت في بعض الأحيان إلى فوضى إعلامية. حيث عانت الصحافة القومية والتلفزيون الرسمي من حالة ارتباك بعد تنحي الرئيس الأسبق “مبارك”، خصوصًا بعد الدور الكبير الذي لعبته في دعم النظام السياسي _آنذاك_ على حساب معايير المهنية والاحترافية والاستقلال التي يجب أن يتمتع بها إعلام الخدمة العامة.
تعالت الأصوات المنادية بتطهير وسائل الإعلام والصحافة المملوكة للدولة، وإعادة هيكلتها وتطويرها بالشكل الذي يمكِّنها من أداء الخدمة الصحفية والإعلامية باحترافية ومهنية واستقلال عن السلطة السياسية والتنفيذية. ونتيجة لحالة عدم الاستقرار والصراع السياسي الذي أعقب ثورة يناير 2011، وفي ظل غياب أية رؤية إستراتيجية ومنهجية لإعادة هيكلة وتطوير منظومة الصحافة القومية وإعلام الخدمة العامة، استمرت إدارة المشهد الإعلامي بنفس الطريقة المركزية القديمة، وسارعت الأنظمة المتوالية بعد الثورة في استغلاله وتوجيهه لخدمة مصالحها.
أما على مستوى الإعلام الخاص، فعلى الرغم من هامش الحرية الكبير الذي تمتعت به وسائل الإعلام والصحافة الخاصة بعد ثورة يناير 2011، فإن حالة السيولة كما أنتجت نماذج إعلامية إيجابية من ناحية، أدت أيضًا إلى انتشار خطابات الكراهية والتحريض على العنف، وانتُهكت الحياة الشخصية للمواطنين بشكل فجٍّ من ناحية أخرى. وكان لغياب ميثاق الشرف الإعلامي والتأخر الكبير في تعديل القوانين المنظِّمة للشأن الصحفي والإعلامي دور كبير في الحالة، التي أصبح عليها واقع الصحافة والإعلام في مصر.
استجابت لجنة الخمسين لتعديل الدستور (2013–2014) لمطالبات الجماعة الصحفية والإعلامية والحقوقية المنادية بإعادة هيكلة المؤسسات المسؤولة عن إدارة الشأن الصحفي والإعلامي بما يمنحها استقلاليتها عن السلطة السياسية والتنفيذية، فنصَّت على إلغاء وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو).
وقد شكَّل إلغاء وزارة الإعلام فراغًا جديدًا، حاولت لجنة الخمسين للدستور تفاديه مسبقًا عن طريق استحداث ثلاث هيئات جديدة لتنسيق شؤون الإعلام، ولكن افتقرت الدولة إلى من يمثلها ويعمل على إيصال المعلومات إلى مواطنيها وتشجيع مؤسساتها على التعاون مع الإعلام، فصدر قرار جمهوري ينص على استحداث وزارة دولة للإعلام[1] في ديسمبر 2019، وتولَّى مسؤوليتها الرئيس السابق للجنة الإعلام والآثار والثقافة بالبرلمان، أسامة هيكل. وكان من بين الأهداف التي طرحها كُتَّاب مقربون من الرئيس أن وجود وزير دولة للإعلام من شأنه تخفيف الضغط على الرئيس، الذي يضطر إلى الحديث إلى الرأي العام في تفاصيل كثيرة.
وبالرغم من مرور عام كامل على استحداث وزارة الدولة للإعلام، فإن الجدل حول أهمية استعادة منصب وزير للإعلام للمساعدة في ضبط عشوائية وفقر المشهد الصحفي والإعلامي في مصر لا يزال مستمرًّا.[2] وتم حسم الجدل الدستوري بتغليب الرأي القائل إن الدستور لم يمنع إنشاء وزارة دولة للإعلام، طالما أن ذلك لا يشمل عودة وزارة الإعلام باختصاصاتها في تنظيم الإعلام، والتي تم النص على إلغائها.
وبينما ينشغل متابعو المشهد الإعلامي في مصر وأطراف المصالح فيه بالجدل حول أهمية وجود الوزارة من عدمه، وصلاحيات الوزير والمجالس والهيئات المستقلة، تغيب عن الأنظار ماهية السياسات من حيث حوكمة الإعلام، والسياسات الإعلامية وإفصاح مؤسسات الدولة عن المعلومات باعتباره عاملًا رئيسيًّا لعمل وسائل الإعلام.
يكتفي وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل بطرح خطوط إستراتيجية عريضة مع توليه الوزارة. لذلك تحاول الورقة استخلاص سياسات وزارة الدولة للإعلام، من المصدر الوحيد المتاح لها وهو تصريحات وخطابات الوزير نفسه خلال عام كامل من توليه الحقيبة الوزارية المستحدثة. وتستخلص الورقة أبرز التوجهات التي تعبِّر عن الركائز الأساسية للسياسة الإعلامية في ثلاثة محاور:
سوق إعلامي أكثر انفتاحًا وحرية،
الاهتمام بدور الدولة ومؤسساتها المختلفة في توفير وإتاحة المعلومات بدلًا من المنع والحظر،
الاهتمام بمستقبل مهنتي الصحافة والإعلام خصوصًا في ظل التطورات المتلاحقة التي يشهدها سوق تكنولوجيا الاتصالات في العالم.
ويمكن القول في المجمل إنه مع نهاية عام الوزير الأول فإن الملامح الرئيسية للسياسة الإعلامية التي يتبناها هيكل تعبر عن توجهات محمودة، ورغم أنها كانت سببًا في حملة شرسة للهجوم عليه وصلت إلى حد مطالبته بالاستقالة، فإنها توجهات تستحق الدعم والتأييد من كافة الأطراف المدافعة عن حرية الصحافة والإعلام.
القسم الأول: ملامح المشهد الإعلامي بعد إلغاء وزارة الإعلام:
استجابت لجنة الخمسين لتعديل الدستور (2013–2014) لمطالبات الجماعة الصحفية والإعلامية والمنظمات الحقوقية، التي نادت بإعادة هيكلة المؤسسات المسؤولة عن إدارة الشأن الصحفي والإعلامي، بما يمنحها استقلاليتها عن السلطة السياسية والتنفيذية، فنصَّت على إلغاء وزارة الإعلام والمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الإذاعة والتلفزيون (ماسبيرو).
واستحدثت لجنة الخمسين للدستور ثلاث هيئات جديدة لتنسيق شؤون الإعلام، إلا أن هذه الكيانات الوليدة استغرقت في الانشغال بتنظيم أمورها والصراع على الاختصاصات من ناحية، وممارسة أدوار الرقيب المجتمعي على وسائل الإعلام من ناحية أخرى، في الوقت الذي تمددت فيه أجهزة أمنية وسيطرت بشكل احتكاري على وسائل الإعلام في غفلة أو ربما تواطؤ من قِبَل الهيئات الإعلامية الجديدة التي غضَّت الطرف عن تلك الممارسات الاحتكارية.
في هذا القسم من التقرير نحاول تسليط الضوء على اختصاصات الهيئات الجديدة الثلاث، وتضارب وعشوائية القوانين المنظِّمة لها، وكيف شهدت هذه الفترة التالية لإلغاء وزارة الإعلام ظهور محتكرين جدد من خلف الستار.
تنظيم الإعلام: استحداث ثلاث هيئات جديدة:
جرى استحداث ثلاث هيئات جديدة كمحاولة لملء الفراغ الناتج عن وزارة الإعلام، وذلك وفقًا للدستور المعدل في 18 يناير 2014. وتتمتع هذه الهيئات بالاستقلال المالي والإداري والفني، ولكل منها موازنة مستقلة وشخصية اعتبارية قائمة بذاتها. وهي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، الهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، على الترتيب.
تختص الهيئة الوطنية للصحافة بإدارة وتنظيم شؤون الصحافة القومية. بما يشمل وضع السياسات الخاصة بتطوير وهيكلة مؤسسات الصحافة القومية، وكذلك الإشراف والرقابة على عملية اختيار رؤساء وأعضاء مجالس إدارات تلك المؤسسات ورؤساء تحرير الإصدارات المختلفة. فضلًا عن دور الهيئة في إيجاد آليات فعالة للتعامل مع أزمات الصحافة القومية من تراجع الانتشار والتوزيع والعمالة الزائدة والديون والخسائر المتراكمة. كما تختص الهيئة الوطنية للإعلام بنفس الأدوار ولكن فيما يتعلق بإدارة وتنظيم شؤون الإعلام المرئي والمسموع المملوك للدولة (التلفزيون والإذاعة الرسميين).
بينما يختص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإدارة وتنظيم شؤون الصحافة والإعلام بشقيه الخاص والمملوك للدولة، وأيَا كان وسيطه (مقروء/ مرئي/ مسموع/ رقمي). حيث يختص بإصدار التراخيص الخاصة بالصحف ووسائل الإعلام الخاصة، ويضع اللوائح والضوابط اللازمة لتنظيم الساحة الصحفية والإعلامية، ويراقب ويشرف على تنفيذها. كما يقر اللوائح الخاصة بالعقوبات على المؤسسات الصحفية والإعلامية حال مخالفتها أيًّا من الضوابط، سواء المتعلقة بالترخيص أو ميثاق الشرف الإعلامي إلخ. فضلًا عن تنسيق العلاقة والإشراف على عمل الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام.
بعد تأخر دام عامين منذ إقرار الدستور الجديد في 2014، خرجت أول نسخة من قانون تنظيم الصحافة والإعلام الموحَّد في 2016. وجرى تشكيل الهيئات الإعلامية المنصوص عليها دستوريًّا، إلا أن الهيئات المستحدثة عانت في بداية عملها تخبطًا كبيرًا على مستوى القوانين الحاكمة لعملها، حيث جرى إقرار ثلاثة قوانين جديدة لتنظيم الصحافة والإعلام في 2018، ما أدى إلى تغيير كافة اللوائح التي كانت قد أقرت بعد صدور القانون الأول. كذلك جرى تشكيل الهيئات الإعلامية من جديد وفق القوانين الأخيرة، ما معناه أن هناك قانونين وخمسة لوائح جرى العمل بها في ثلاثة أعوام فضلًا عن تشكيلين مختلفين لعضوية مجالس تلك الهيئات.
تسببت حالة الارتباك وعدم الاستقرار التي شابت المرحلة التأسيسية من عمر الهيئات الإعلامية في تخبط أدائها بدرجة كبيرة، ما جعلها غير قادرة على أداء مهامها المنوطة بها قانونيًّا في إدارة وتنظيم الشأن الصحفي والإعلامي. أدى ذلك إلى عودة الجدل مرة أخرى حول أهمية استعادة منصب وزير الإعلام، باعتباره أحد أشكال العودة إلى القديم، الطريقة المضمونة والمجربة في السيطرة على الإعلام بشكل مركزي، بينما كان هناك رأي آخر يدعو إلى عودة وزارة الإعلام باعتبارها أداة مهمة لشرح سياسات الدولة وتمثيلها أمام وسائل الإعلام بهدف تخفيف الضغوط عن الرئيس الذي يضطر إلى الحديث عن كل تفاصيل عمل مؤسسات الدولة.
وأسهم وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل في صدور هذه القوانين المنظمة للإعلام، أثناء توليه سابقًا منصب رئيس لجنة الإعلام والثقافة والآثار بالبرلمان طوال أربع سنوات، حيث أُقِرت من خلاله وعبر إشرافه وتدخله كافة التشريعات، التي تنظم الشأن الصحفي والإعلامي في مصر.
سوق الإعلام: احتكار مسكوت عنه:
جرت عمليات واسعة من انتقال الملكية في سوق الإعلام خلال الأعوام الأخيرة، والتي نجم عنها سيطرة عدد محدود من الكيانات على كافة الشاشات الصغيرة في مصر، يمتلك تلك الكيانات بشكل مباشر أو غير مباشر أجهزة أمنية واستخباراتية. أدت هذه العمليات إلى مشهد إعلامي فقير موجه وفاقد الانتشار والتأثير، ما دفع الكثير من المشاهدين إلى العزوف عن متابعة الإعلام الخاص المصري ومتابعة القنوات الخارجية كمصدر للمعلومة والتعرُّف على الرأي الآخر وتقصي الحقيقة[3].
اكتفى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، منذ إنشائه، بدور “شرطة السلوك والأخلاق” داخل المجتمع الصحفي والإعلامي، حيث اقتصر اهتمام المجلس على ممارسة أدوار رقابية وعقابية[4]، وانشغل بفرض سيطرته، عبر رئيسه السابق مكرم محمد أحمد، على الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، بينما أهمل المجلس الأعلى للإعلام أدواره التنظيمية والسياسية، المتعلقة بإدارة المشهد الصحفي والإعلامي المصري.
على سبيل المثال، لم يحرك المجلس أو رئيسه ساكنًا إزاء عمليات الاحتكار وانتقال الملكية الواسعة التي جرت خلال السنوات الأخيرة في سوق الإعلام[5] المرئي (التلفزيون) رغم أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام ينص في أكثر من موضع على دور المجلس في حماية التنافسية ومراقبة عمليات انتقال رؤوس الأموال ومنع الاحتكارات وحماية التنوع والتعددية ودعمهم. وأيضًا، يرى الكثير من الصحفيين والإعلاميين المؤيدين للسلطة أن الهيئات والمجالس المنوط بها إدارة وتنظيم شؤون الصحافة والإعلام لم تتمكن من مواجهة انتشار وتأثير ما يسمى “الإعلام المضاد للدولة أو إعلام الإخوان”.
القسم الثاني: حدود أدوار وزارة الدولة للإعلام:
يركز التقرير في هذا القسم على دراسة أدوار وزارة الدولة للإعلام وتأثيراتها على الإعلام، بعد سبع سنوات من إلغاء وزارة الإعلام. ومع استحداث هذه الوزارة في ظل وجود المجالس الإعلامية الثلاث، ازداد التداخل في الاختصاصات بين وزارة الدولة للإعلام والتي هي جزء من السلطة التنفيذية ومجالس الإعلام المستقلة بنص الدستور. وبات هناك صراع بين مؤسسات الدولة حول التحكم في الإعلام والسيطرة على تنظيم وإدارة أموره.
من يتحكم في الإعلام: الصراع بين مؤسسات الدولة:
رغم النص الدستوري القاضي بإلغاء وزارة الإعلام واستحداث عدد من المجالس والهيئات المستقلة، جاء مسمى “وزارة دولة”[6] بمثابة مخرج آمن يمكن من خلاله التحايل على النص الدستوري، وفي نفس الوقت تعيين وزير بدون حقيبة يعمل على تمثيل الدولة وشرح سياساتها بالأساس، إلى جانب وجود أجندة ومهام سياسية، تتعلق بوضع سياسة إعلامية وتنسيق العلاقة بين المجالس والهيئات الإعلامية.
ويبدو أن استقدام هيكل وزيرًا للدولة للإعلام قد نبه مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام آنذاك إلى أن هذه الخطوة قد تعني فشل مهمته. ولذا، لم تنتهِ حرب التصريحات بين مكرم وهيكل إلا بعد إعلان التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية بقرار رئيس الجمهورية[7]. حيث تم استبعاد مكرم محمد أحمد وبات كرم جبر رئيسًا للمجلس الأعلى للإعلام.
واعتبر كثير من المراقبين أن ذلك القرار، الذي تأخر صدوره أكثر من عامين، بمثابة تمهيد لطريق الوزير الجديد من أجل رسم سياساته الإعلامية وبسط واستعادة سيطرة الدولة بشكل مركزي على الإعلام من جديد منذ إلغاء وزارة الإعلام في دستور 2014.
أما عن الاختصاصات وتضارب الأدوار، كما سنوضح لاحقًا، أصدر مجلس الوزراء قرارًا باختصاصات وزير الدولة للإعلام بالفعل، إلا أن القرار لم يوقف الجدل باعتباره جاء فضفاضًا يميل إلى التعميم ويغيب عنه الوضوح والتحديد الكافي.
وزارة الدولة للإعلام: اختصاصات غير واضحة:
لعل الأزمة الحقيقية التي يواجهها وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل منذ مجيئه، لم تكن في أيٍ من الجماعتين الإعلامية والصحافية ولا المعارك والحملات التي يروجونها ضده، بل مع “المَخرج الآمن” الذي سهَّل وصوله إلى المنصب، وهو مسمى “وزراة دولة”، حيث جاء إقرارها على اﻷرجح للتحايل على النص الدستوري القاضي بإلغاء وزارة الإعلام. بينما لم يحظَ هذا الطرح بالدراسة والتحضير الكافيين، فجاءت اختصاصات الوزير فضفاضة وغير واضحة، تتسم بالتعميم ولا تشتمل على صلاحيات وسلطات تمكنه من تنفيذ ملامح سياسته الإعلامية التي جاءت هي الأخرى إنشائية.
وفيما يتعلق بالاختصاصات، فقد انقسمت إلى اختصاصات متعلقة بالمهام السياسية للوزير الجديد، وأخرى تتعلق بالإشراف والتنظيم بما يسمح للوزير بالمساهمة في ضبط المشهد الصحفي والإعلامي. تضمنت الاختصاصات السياسية، أن يقوم الوزير بالتنسيق مع مختلف الوزارات لطرح وإبراز مجهودات الدولة ومشروعاتها القومية، يقوم بتمثيل الدولة بالمؤتمرات والمحافل الدولية التي تتطلب وجود ممثل عن الدولة في الإعلام، يعمل على إعداد خطط التعامل الإعلامي مع المواقف السياسية المختلفة محليًّا ودوليًّا بالتعاون مع الوزارات والأجهزة المختلفة، والتحضير لمؤتمرات رئيس الجمهورية محليًّا ودوليًّا ومراجعة البيانات التي تَصدُر عن الحكومة والرئاسة قبل نشرها.
أما الاختصاصات التنفيذية فتتعلق باقتراح السياسة الإعلامية للدولة بالتنسيق مع السيد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وتنفيذها بالتنسيق مع الهيئات المنظمة، الإشراف على خطط تطوير أداء وسائل الإعلام المرئية العامة والخاصة بالتعاون مع الهيئات المختصة، العمل بالتعاون مع الجهات المختصة على تدعيم الإعلام الرسمي للدولة وإعادته إلى المنافسة، تدعيم حرية الإعلام الخاص، العمل بالتعاون مع الجهات المختصة على تدعيم وسائل الإعلام الإلكترونية بشكل مهني بما يتماشى مع التطور العالمي في مجال الإعلام، والإشراف على مركز التدريب والدراسات الإعلامية للأفارقة ونقل تبعيته إلى وزارة الدولة للإعلام.
أما بخصوص سياسته الإعلامية، فقد عرض الوزير الجديد خمسة محاور تحكم إستراتيجية عمله، جاءت شديدة العمومية ولم تعبر عن أية تغييرات جوهرية في سياسة الدولة الإعلامية، وهي كالآتي: الحفاظ على منظومة القيم المصرية وتماسك الجبهة الداخلية، تنمية الشخصية المصرية على أسس منطقية وموضوعية، الحفاظ على وسطية الدولة بما يكفل البعد عن التطرف والمغالاة، إبراز جهود الدولة في المشروعات القومية وأثرها على مستقبل المواطنين، تقوية الإعلام المصري محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، وزيادة قدرته على التعامل مع الأزمات المختلفة، ترسيخ وعي المواطنين بأحكام الدستور والقانون، ورفع حالة الوعي المجتمعي ذات التأثير.
ويبدو أن غياب ذلك القدر من التحديد والوضوح على مستوى الاختصاصات والسياسات كان أكبر المعوقات التي واجهت عمل الوزير. حيث ظلت الصلاحيات في أغلبها بيد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والذي بدوره ما زال متقاعسًا عن أداء مهامه السياسية والتنظيمية، رغم التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية. وأدى غياب الاختصاصات الواضحة إلى جعل أغلب معارك الوزير إعلامية وكلامية، تفتقر إلى آليات التنفيذ، كما أنها لم ترقَ إلى استخدام أدوات سياسية معتبرة مثل إجراء النقاشات المجتمعية مع الفئات المستهدفة، ومحاولة خلق توافق حول السياسات العامة.
وزير الدولة للإعلام: انتقادات تثير حفيظة مؤيدي السلطة:
“الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلون حوالي 60 أو 65 في المئة من المجتمع، لا يقرءون الصحف ولا يشاهدون التلفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات”.
تسبب هذا التصريح الذي صدر عن وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل في سيل من الانتقادات من إعلاميين مصريين ورؤساء تحرير صحف قومية وخاصة، طالبوا باستقالته، واتهموه بالانتماء إلى جماعة الإخوان الإرهابية، حسب وصفهم، فضلًا عن نعته بالفشل والتنظير والتقصير في أداء واجبات عمله[8]. وتصاعد الهجوم على “هيكل” إلى درجة أن التلفزيون الرسمي أذاع مكالمة هاتفية شخصية مسجلة[9]، جمعت وزير الدولة للإعلام مع رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السابق السيد البدوي، تناولت أمورًا تتعلق بتنسيق العمل مع جماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية. يبدو أن تاريخ المكالمة المسربة تعود إلى عام 2011 إبَّان ثورة يناير، إلا أن تسريب تلك المكالمة وعبر التلفزيون الرسمي يعبر عن حجم التحفز والغضب ضد وزير الدولة للإعلام من مختلف الأطراف.
تفاعل الوزير مع الحملة الإعلامية الشرسة ضده من خلال رسالة مصورة[10] بثتها الصفحة الرسمية لوزارة الدولة للإعلام على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، دعا فيها هيكل عددًا من الإعلاميين، ممن تصدروا حملة الهجوم عليه، إلى لقاء مفتوح في مقر الوزارة لمناقشة سياسة الوزارة الإعلامية وأدوارها خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن حديثه المسرب تم اجتزاؤه وطرحه خارج سياقه، وأن هناك حملة مُدارة ومدبرة ضده. انعقد الاجتماع بالفعل وحضره عدد كبير من الإعلاميين ورؤساء تحرير بعض الصحف من المدعوين وغير المدعوين في مقر الوزارة[11].
اللافت للنظر هو أن مضمون التصريح في حد ذاته هو الأقرب لواقع معترف به من أوساط الإعلاميين والمهتمين بالشأن الاعلامى، ودعمته أخيرًا العديد من الإحصاءات والدراسات. وبالرغم من أن التلفزيون ما زال المصدر الأول وبفارق كبير عن أي وسيط آخر للحصول على الأخبار والمعلومات في مصر[12] فإن ذلك الفارق في تناقص ملحوظ. فقد كان التلفزيون يتصدر الوسائط الأخرى بنسبة 84٪ في 2013 وتراجع إلى 74٪ في 2017.
وإذا ما أخذنا فى الاعتبار عزوف الشباب من الفئة العمرية، التي أشار إليها الوزير في تصريحه، عن متابعة الإعلام المصري، سواء كان الخاص أو الحكومي، بسبب فقدانه المصداقية وغياب التنوع والتعددية، فإن تصريح الوزير لم يكن سوى ذريعة لشن حملة الهجوم عليه. ويبدو أن جذور الخلاف أبعد وأعمق من ذلك، ترتبط بما كانت تأمله نخبة الإعلاميين والصحفيين المؤيدين للسلطة من الوزير الجديد في مقابل الأجندة التي فاجأهم بها هيكل منذ توليه الوزارة، إذ تبنت تلك النخبة حملة الضغط من أجل عودة منصب وزير الإعلام ودافعت بشدة عن هذا التوجه بعد إقرار التعديل الوزاري بالبرلمان، آملين أن يتولى ثلاث مهام رئيسية وعاجلة: تحسين أداء الحكومة ومؤسسة الرئاسة الإعلامي، مواجهة التأثير المتزايد للإعلام المضاد للدولة والذي يُبَث من الخارج، وتنسيق العلاقة بين مجالس وهيئات الإعلام الثلاث، المجلس الأعلى و الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام.
بينما كانت أجندة أولويات الوزير مختلفة نسبيًّا، حيث اهتم بنقد الواقع السيئ الذي تعانيه مهنتا الصحافة والإعلام وتراجع دورهما وتأثيرهما وانتشارهما، إلى جانب أولويات تتعلق بوضع سياسة إعلامية وتحسين العلاقة بالإعلام الأجنبي وغيرها. وبناءً عليه، اصطدمت أولويات الوزير بالمكانة والاستحقاقات التي يوفرها المناخ الحالي لنجوم النخبة من الإعلاميين والصحفيين.
مستقبل الإعلام: سوق حيوي ومفتوح أم إعادة توزيع مصالح
في أحد لقاءاته التلفزيونية،[13] قال هيكل إنه يرى “الإعلام صناعة وتجارة”. ويبدو للوهلة الأولى أنه تصريح بديهي وتقليدي جدًّا، إلا أن له وقعًا مختلفًا في الشأن المصري بعد عمليات الاحتكار والسيطرة التي جرت منذ عام 2016 لصالح أجهزة أمنية واستخباراتية. وبالرغم من أنه، في حواره مع قناة (فرانس 24)، لم ينكر أو يستنكر ملكية أجهزة أمنية عددًا من وسائل الإعلام، مؤكدًا أن هذا الأمر ليس “بدعة” وأن هناك العديد من الدول تمتلك أجهزتها الأمنية والاستخباراتية وسائل صحفية وإعلامية، فإن الوزير عاد وأكد ضرورة أن يكون السوق مفتوحًا، وأن الانغلاق سوف يؤدي إلى هروب المشاهد من أمام القنوات المصرية في عالم مفتوح، المنع فيه أصبح مستحيلًا.
وبالتالى أصبح السوق طاردًا للاستثمار بشكل كبير، ما انعكس على أدائه وجعله أكثر افتقارًا إلى التعددية. وقد عبَّر الوزير بوضوح في تصريحاته أكثر من مرة، عن أن سوق صناعة الإعلام في مصر يعاني بشدة على عدة مستويات تسببت في تراجع انتشاره وتأثيره.
لم تكشف تصريحات الوزير الستار عن حقيقة جديدة، حيث أظهرت نتائج تقارير بحوث نسب مشاهدة الفضائيات المصرية[14] التي أجرتها شركة (إبسوس) للأبحاث التسويقية تراجعًا ملحوظًا للقنوات المصرية في مقابل انتشار أوسع لشبكة قنوات (mbc مصر) السعودية. حيث رصدت تقارير الشركة منذ 2014 وحتى 2017 تطور انتشار قنوات mbc السعودية وقناة الشرق، المملوكة لرجل الأعمال المعارض بالخارج أيمن نور والتي تبث من دولة تركيا، وتحديدًا برنامج التوك شو الذي يقدمه الإعلامي معتز مطر، المحكوم عليه بعدة أحكام غيابية بتهم إرهاب، وتحقيقها نسب مشاهدة أعلى من القنوات المصرية، مثل: أون تي في، سي بي سي، ودي إم سي، رغم كل تلك الاستثمارات التي جرى ضخها من أجل الاستحواذ عليها.
كذلك أظهرت نتائج بحوث المشاهدة تراجع مشاهدة القنوات الإخبارية وتلك ذات المحتوى السياسي في مقابل نظيراتها من القنوات الاجتماعية والترفيهية. وجاءت قناة سكاي نيوز عربية الإماراتية الأعلى مشاهدة (في تقرير 2017) بفارق معتبر عن القنوات الإخبارية المصرية، مثل: سي بي سي إكسترا وغيرها من القنوات الإخبارية. بينما ارتفع تصنيف مشاهدة قناة الجزيرة الإخبارية المملوكة لدولة قطر[15].
ولم يكن من ملاك المؤسسات الإعلامية الخاصة والمؤسسات الرسمية آنذاك إلا أن يهاجموا بشدة شركة إبسوس، حيث تقدمت عدة قنوات ببلاغات رسمية ضد الشركة، وقررت حينها الجمعية التأسيسية لغرفة صناعة الإعلام بالإجماع فسخ تعاقدها مع شركة إبسوس. وأصدرت الجمعية بيانًا قالت فيه: “قررت الجمعية التأسيسية لغرفة صناعة الإعلام المرئي والمسموع[16] بالإجماع عدم تجديد تعاقدها مع إبسوس وفسخ التعاقدات التى كان بعض الأعضاء قد قام بتجديدها معها[17]. كما أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قرارًا[18] في 21 يونيو 2017 بوقف استطلاعات الرأي التي تجريها الشركات أو الهيئات الخاصة لأبحاث التحقق من الانتشار والمشاهدة والاستماع. وأهاب المجلس بالشركات العاملة في هذا المجال مراجعة المجلس لتوفيق أوضاعها وكذا عدم إعلان أي نتائج لاستطلاعات تمت إلا بعد اعتمادها من المجلس. ومنذ ذلك الحين توقفت شركة إبسوس[19] عن العمل في مصر.
وكما هاجم مجتمع الإعلاميين إبسوس، فقد هاجموا هيكل بمزاعم أن تصريحاته ما هي إلا محاولة لدعم بعض رجال الأعمال وأصحاب المصلحة في العودة إلى سوق الإعلام بعد أن تواروا عن المشهد تحت ضغوط الاحتكار والسيطرة التي يديرها عدد من الأجهزة الأمنية والسيادية منذ 2016. حيث تمتلك اليوم الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية[20] النسبة الأعظم من سوق الإعلام المرئي بعد استحواذها عبر شركة “إعلام المصريين” على شبكة قنوات ON TV المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس والاستحواذ على النسبة الأكبر من شبكة قنوات CBC المملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين وآخرين، فضلًا عن الاستحواذ على شبكة قنوات الحياة التي كانت ملك رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السابق السيد البدوي، وغيرها من المؤسسات الإعلامية والصحفية. أثَّر خروج كل هؤلاء المستثمرين من سوق الإعلام على تنوع وتعددية السوق الإعلامي إلى حد كبير.
في لقاء تلفزيوني سابق على تولي مهام منصبه في مارس 9102[21]، كان هيكل حينها رئيسًا للجنة الإعلام والآثار والثقافة بالبرلمان، أكد هيكل عدم رضاه عن أداء الإعلام المصري، وتراجع نسب مشاهدة القنوات المصرية وانخفاض تأثيرها خلال السنوات الأخيرة. وفي لقاء آخر[22] في نهاية مايو 2020 أكد على ضرورة فتح سوق الإعلام أمام الجميع وإعادة الحيوية إليه وتصحيح صورته، باعتبارها أولويات السياسة الإعلامية للوزارة الجديدة. وفي هذا السياق، عقَّب هيكل على غياب أبحاث التحقق من نسب المشاهدة والمتابعة والاستماع منذ خروج شركة إبسوس من مصر في 2017، بالقول إن “ما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته”.
ومنح قانون تنظيم الصحافة والإعلام المجلس الأعلى للإعلام سلطة الترخيص لشركات إجراء أبحاث التحقق من المشاهدة، كما يمتلك المجلس وفقًا للقانون صلاحية إنشاء شركة وطنية لممارسة هذا الدور. كما أن الأعلى للإعلام قد أعلن نيته أكثر من مرة إنشاء شركة وطنية لإجراء تلك الأبحاث. وأعلنت كذلك غرفة صناعة الإعلام رغبتها التعاون مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في هذا السياق. ولم تتخذ أية خطوات عملية حتى اللحظة دون مبررات رسمية معلنة مطروحة.
التحول الرقمي: لا مستقبل للصحافة الورقية:
وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل هو أحد أبرز المؤمنين بأنه لا مستقبل للصحافة الورقية في العالم، وليس في مصر فقط، في ظل التنامي الواسع في استخدام مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصات بديلة مجانية للوصول إلى الأخبار والبيانات والمعلومات ونشرها وتداولها بشكل لحظي ومن قلب الحدث وأحيان كثيرة دون وسيط أو رقيب، عن طريق المواطنين كأحد أشكال صحافة المواطن. أضف إلى ذلك الارتفاع الكبير في أسعار الورق ومستلزمات الطباعة وتكلفة التوزيع، كل ذلك أدى إلى تراجع شديد في معدلات توزيع الصحف المصرية خلال السنوات الأخيرة[23]، ما أدى بدوره إلى هجرة المعلنين إما إلى التلفزيون وإما إلى الإنترنت لما يوفره كلا البديلين من مزايا أكبر في الوصول إلى الجمهور المستهدف.
بحسب هيكل فإن الصحف المصرية مجتمعة توزع اليوم متوسط 300 ألف نسخة يوميًّا، بينما كانت توزع جريدة الأهرام وحدها عام 1980 قرابة مليون نسخة يوميًّا[24]، حينما كان عدد المواطنين 40 مليون فقط. وهو ما أكده نقيب الصحفيين ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان أن “توزيع الصحف المصرية انخفض بنسبة 90% منذ 2010”. وأوضح أن الصحافة المصرية كانت توزع مليون و100 ألف نسخة ورقية خلال عام 2010، مشيرًا إلى أن نسبة توزيع الصحف الورقية حاليًّا بلغت 300 ألف نسخة يوميًّا[25].
وبحسب تقرير[26] أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة “إن الصحف الورقية المصرية لم تتأثر بقوة بسبب الصحافة الرقمية، فقد بلغ معدل التوزيع اليومى 1.4 مليون نسخة عام 2018.”. وأضاف التقرير أن “عدد النسـخ الموزعة للصحف العامة محليًّا وخارجيًّا بلغ 547.2 مليـــون نسخة عـام 2018، مقابل 510.2 مليون نسخة عام 2017، بزيادة 7.2٪. وأن عدد الصحف العامة التي صدرت 70 صحيفة عامة، منها 3 صحف حزبية عـام 2018، مقابل 76 صحيفة عامة عام 2017، بانخفاض نسبته 7.9٪.
الحقيقة أن تلك الأرقام لا تعبر عن أي تناقض، لأن المنحنى البياني الخاص بمعدل توزيع الصحف يوميًّا في مصر يعاني انخفاضًا حادًّا وملحوظًا منذ العام 2013. ويوضح الجدولان التاليان عدد الصحف التي صدرت سنويًّا في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة بالإضافة إلى المتوسط اليومي لتوزيع الصحف عن نفس الفترة، على الترتيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.