صحيفة المانيفستو الإيطالية:
منير ساتوري عضو البرلمان الأوروبي: "ماكرون مخطئ وأوروبا ليست متواطئة في ديكتاتورية السيسي"
موقع صحيفة المانيفستو الإيطالية / تاريخ النشر الاحد 24 يناير 2021 / مرفق الرابط
مقابلة صحفية أجرتها الصحفية آنا ماريا ميرلو مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي
أجرت الصحفية آنا ماريا ميرلو مقابلة مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الفرنسي ومهندس القرار الذي صوّت عليه البرلمان الأوروبي بشأن مصر في ديسمبر الماضي، وذلك في ذكرى اختفاء ريجيني في مصر، وجاء فيها:
ميرلو: يدعو قرار البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر وعقوبات على مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المصريين. وهو موجه إلى المؤسسات الأوروبية وكذلك إلى الدول الأعضاء. ما هو برأيك تأثيره على الموقف الأوروبي الضعيف حتى الآن تجاه مصر رغم الانتهاكات الواضحة التي ارتكبت؟
ساتوري: الغرض من هذا القرار هو الاستمرار في إبقاء النظام المصري تحت الضغط، وللضغط أيضاً على الدول التي ترفض جعل احترام حقوق الإنسان شرطاً أساسياً للتبادلات المالية – مثل فرنسا أو ألمانيا. ومن ناحية أخرى، أستنكر بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي، الذي رفض علانية جعل حقوق الإنسان شرطاً لعقد الصفقات التجارية. هذا الاعتراف الذي يتم إعلانه أمام التلفزيون خطير. حيث يحول حقوق الإنسان إلى موضوع ثانوي، ويكون بمثابة ضوء أخضر لانتهاكها. لسوء الحظ، نعلم أن حقوق الإنسان دائماً ما تحظى باهتمام ضئيل في مواجهة بعض العمليات الاقتصادية المربحة، ويثبت قبول إيمانويل ماكرون للديكتاتور السيسي ذلك، خاصة في مواجهة مبيعات السلاح، حيث بدأ يتضح أن الحكومة الفرنسية وقّعت اتفاقا لبيع أسلحة بقيمة 700 مليون يورو بمناسبة زيارة السيسي لفرنسا. وقرر البرلمان الأوروبي اعتماد هذا القرار لإعادة تسليط الضوء على العنف في مصر وإدانة الموقف الفرنسي بشكل غير مباشر في رأيي. لأن هذا يضر بسياسة أوروبية متماسكة بالكامل تجاه مصر.
ميرلو: بالفعل، تتمتع العديد من الدول بعلاقات مستقرة مع القاهرة، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة، ولا يبدو أنها مستعدة لتقليصها. وحتى بعد وفاة المواطن الفرنسي إريك لانج أثناء احتجازه في مصر، لم تمارس فرنسا ضغوطاً خاصة على القاهرة.. ما هي الأسباب؟ هل الحرب ضد الإرهاب تدخل في ذلك؟
ساتوري: مصر دولة قوية ومستقرة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط. الدول التي تتاجر مع القاهرة، وأوروبا نفسها، تحتاج هذا البلد الذي يستغل الوضع ويستخدمه لمصلحته، بل ويسيء استخدامه. وفي هذا الخصوص، تهيمن العمليات التجارية، بينما تُعتبر مكافحة الإرهاب أحد الموضوعات، مثل مكافحة الهجرة التي شرعت أوروبا في قيادتها. لكن كل هذه الأسباب لا يمكن اعتبارها أسباباً وجيهة، وأوروبا مخطئة إذا سمحت لنفسها بالتخلي عن مبادئها. وبذلك، تتخلى عن الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم ذاتها التي تأسست عليها وجعلتها عظيمة. فعلى المدى الطويل، يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية تماماً، ويمكننا أن نرى ذلك فيما يحدث في ليبيا، على سبيل المثال، حيث أصبحت فرنسا متواطئة مع العنف الذي يمارسه حفتر، وأوروبا أيضاً متواطئة في المعاملة اللاإنسانية للمهاجرين. وإذا حوصرت حكومات مثل الحكومة المصرية، فإنها يمكن أن تحاول التوقف عن التصرف بشكل سيء. لكنهم لا يتصرفون بلا قيد أو شرط إذا قيل لهم إن لديهم كل الحق. وتتحمل أوروبا مسؤولية كبيرة وهي مذنبة بدعم الدكتاتورية، حتى ولو بشكل غير مباشر، خاصة وأن الدول الأعضاء تمول تلك الأسلحة التي تُستخدم لقمع الحشود من الجماهير. وفي الواقع، ينتهي الأمر بالعديد من الأسلحة المباعة للقوات المسلحة المصرية إلى وصولها إلى أيدي قوى الأمن الداخلي. لا يمكننا أن نغلق أعيننا أو نتظاهر بأننا لا نعرف.
ميرلو: استنكرت الحكومة الإيطالية بشكل غير رسمي عدم تضامن الدول الأوروبية بعد قضية ريجيني. في الوقت نفسه، تخشى إيطاليا من انقطاع العلاقات مع القاهرة، حيث يمكن لدول أخرى أن تحل محل روما في مجالات اقتصادية مهمة، مثل الطاقة. هل هذا من أسباب غياب الضغط الأوروبي على مصر؟
ساتوري: بالتأكيد هذا هو الموضوع. يبلغ عدد سكان مصر ما يقرب من 100 مليون نسمة. لذلك فهي سوق اقتصادية مهمة لأوروبا. هذا القرار مثير للاهتمام، لكنه يهدف أيضاً إلى إحراج هذه الدول لعدم وجود ضغط حقيقي على مصر. فقد أيقظت حالة جوليو ريجيني الدراماتيكية الضمائر في إيطاليا، لكن البلدان الأخرى لم تتوقف. وإيطاليا لا تستطيع أن تقف وحدها ولا يجب أن تكون وحدها في الدفاع عن حقوقها. نأمل أن يساعد في ذلك رفع مستوى الوعي في جميع أنحاء أوروبا، ولكن من المؤكد أننا يجب ألا نتخلى عن حذرنا، ويجب أن ندعم الصحفيين المصريين والمحامين والمدافعين عن الحقوق قدر الإمكان.
ميرلو: في السياق الأوروبي، هل ترى استعداداً أكبر من جانب بعض الجماعات السياسية لعدم إضفاء الشرعية على النظام المصري؟
ساتوري: هناك مجموعات سياسية تدافع بشكل منهجي عن حقوق الإنسان، بالطبع، وأخرى أقل انتباهاً للانتهاكات عندما يتعلق الأمر بالمصالح. وصوتت مجموعة الهوية والديمقراطية (أقصى اليمين، التي يلتزم بها التجمع الوطني في فرنسا و حزب ليجا في إيطاليا) ضد القرار، في دعم كامل للديكتاتورية، بدون خجل. كان للسجادة الحمراء التي بسطها ماكرون لرأس النظام المصري ميزة أن تجعل المجموعة المحافظة تتماشى مع بعض انتقاداتنا، لا سيما تلك المتعلقة بمنح وسام جوقة الشرف للسيسي. إن هذا التصرف يعني إهانة كل من حصل على هذه الميدالية بحق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.