من السيارة للشقة للفواتير المنزلية.. معاناة المصريين في عام الكورونا والضرائب
تنتشر على وسائل الاجتماعي المصري دعابة مكررة تقول: "لن تكون أبدا أكثر بؤسا ممن تزوج سرا من ثانية، في شقة غير مرخصة، بعمارة لم تتم فيها التصالح، وقابله ضابط شرطة في سيارة دون ملصق المرور".
بعيدا عن السخرية من مشروع قانون منظور أمام البرلمان المصري يفرض عقوبة قد تصل للسجن على من يتزوج ثانية دون إخبار زوجته الأولى، فإن باقي النكتة تسخر من كم ضخم من التشريعات التي صدرت في مصر خلال 2020 وحتى العام الحالي، والتي فرضت كما ضخما ومتزايدا من الضرائب والرسوم على مختلف نواحي الحياة اليومية، في وقت تضائل فيه دعم السلع البترولية، وشهدت البلاد أزمة كورونا.
القوانين والرسوم
كان آخر هذه القوانين المثيرة للجدل، هو قانون التوثيق العقاري الذي سيدخل حيز التنفيذ في 6 مارس القادم.
بموجب هذا القانون، لا يمكن إدخال خدمات مرافق (مياه وكهرباء وغاز) إلى الوحدات السكنية التي لم تسجل ملكيتها في الشهر العقاري، والتي تتطلب دفع خمس أنواع من الرسوم، وهي: رسم الشهر العقاري، ونقابة المحامين، ورسم ضريبة تصرفات تصل قيمتها 2.5 بالمئة من قيمة الشقة المالية، ورسم المساحة، ورسم دعوى صحة ونفاذ ورسم الأمانة القضائية.
ومازال التضارب يحيط بالخطوات العملية والتكلفة الفعلية لكل هذه الرسوم، وانتشرت على وسائل التواصل حسابات تشير إلى أن قيمة توثيق شقة مساحتها 100 متر وقيمتها 400 ألف جنيه مصري (25500د ولار) قد تصل إلى نحو 38 ألف جنيه مصري (2428 دولار)، وهو ما أثار غضب الكثير من المصريين، ودفع مجلس النواب إلى مناقشة إجراء تعديلات على هذا القانون للسيطرة على غضب المصريين.
وفي سبتمبر الماضي، قررت الهيئة القومية لسكك حديد مصر، تحصيل رسوم مالية، تتراوح ما بين عشرة جنيهات إلى 140 جنيها، على متعلقات ركاب القطارات بمختلف درجاتها المكيفة والمميزة.
وفي يوليو الماضي، أصدرت وزارة الداخلية قرارا يلزم المواطنين بتعليق ملصق إلكتروني على زجاج السيارة تبلغ قيمته 150 جنية (10 دولارات) قابلة للزيادة على حسب المدة المتبقية في رخصة المواطن، وأكدت أنها ستفرض غرامه على المخالفين أو المتخلفين عن تركيبه بعد انتهاء المدة، تبلغ قيمتها بين 4 آلاف حتى 8 آلاف جنيه.
وفي مايو الماضي، اقتطعت الحكومة واحد في المئة من أجور الموظفين في القطاعين الحكومي أو الخاص ونصف في المئة من رواتب المتقاعدين على المعاش، لمدة عام تحت مسمى "المساهمة التكافلية لمواجهة التداعيات الاقتصادية لكورونا".
كما استحدثت الحكومة رسوما جديدة على أجهزة المحمول ومستلزماتها بواقع خمسة في المئة من قيمتها، بجانب فرض رسوم بنسبة 2.5 في المئة من قيمة فواتير الإنترنت للشركات والمنشآت ورسوم على التبغ الخام والبنزين والسولار.
وفي خضم تفشي وباء كورونا، مضت مصر في خطة الإصلاح الاقتصادي الرامية إلى إلغاء الدعم على الطاقة، فزادت أسعار الكهرباء منذ بداية الشهر الجاري نحو 19 في المئة.
كما عدلت الحكومة المصرية قانون التصالح في مخالفات البناء، وحددت غرامات التصالح لتتراوح من 50 إلى 2000 جنيه للمتر المسطح الواحد، وذلك حسب المستوى العمراني والحضاري وتوافر الخدمات في المناطق المختلفة، وهو ما زاد من الأعباء المالية على المصريين في ظل كورونا.
وفي مطلع الشهر الجاري، كشف اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية عن تقدم 2.7 مليون مواطن بطلب للتصالح في مخالفات البناء، مضيفًا أن المتحصلات بلغت 17 مليار جنيه، منها 1.5 مليار رسوم فحص، و15.5 مليار رسوم جدية تصالح، بحسب صحيفة المال.
جيوب الشعب
ويتهم الناشط السياسي ياسر الهواري إن الحكومة المصرية تنفذ أجندة اقتصادية قاسية على الطبقات الأكثر فقرا، وتؤدي إلى فناء الطبقة المتوسطة.
وأضاف الهواري في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن الحكومة تستهدف زيادة مواردها من جيوب المواطنين وزيادة الأعباء عليهم، وليست من مشروعات تدر أرباح أو من خلال الاستثمار في القطاعات المواطنين.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات لو كان لها منطق في ظل الظروف العادية بسبب رغبة الحكومة في التنمية، فإن هذه القوانين ليس لها مبرر في ظل ظروف الوباء، مضيفا إلى أن الكثير من الناس فقدت وظائفها، أو وراتبهم لا تكفي.شراء أسلحة
بينما يرى الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن مصر نجحت في التعامل مع وباء كورونا ولم تتضرر بشكل كبير مثل باقي دول العالم باستثناء قطاع السياحة، وبالتالي لا يوجد مانع في توقيتات إصدار مثل هذه القوانين.
وأضاف الشافعي في حديثه مع موقع قناة "الحرة" أن "نجاح مصر في التعامل مع الوباء أعطها مرونة في استكمال مسيرتها التنموية، فقد شهدت نمو اقتصادي بمعدل 3،6 في المئة، كما لم يعاني اقتصادها من أي انكماش.
وأكد الشافعي أن القوانين التي أصدرتها الحكومة تأتي في إطار خطتها لإعادة الهيكلة والتحول الرقمي لتنمية الدولة والقضاء على العشوائيات والحفاظ على الأراض الزراعية، والقضاء على آثارها السلبية التي ستحقق المنفعة للاقتصاد المصري.
كان معهد التخطيط القومي، التابع للحكومة المصرية، توقع في مايو الماضي، أن يرتفع عدد الفقراء في مصر إلى 12.5 مليون مواطن خلال العام المالي 2020-2021، بسبب تداعيات فيروس كورونا.
لكن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن في ديسمبر الماضي، انخفاض نسبة الفقر في مصر لأول مرة منذ نحو 21 عاما، حيث وصل إلى 29.7% من عدد السكان، مقابل 32.5% في عام 2017-2018.
وطالب الهواري الحكومة بالإعلان عن أوجه صرف هذه الإيرادات، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يؤكد أنه يتم استخدام هذه الإيرادات في بناء العاصمة الإدارية، كما أنه لا ينفي ذلك بسبب قلة المعلومات المتوفرة حول أوجه الصرف.
وأشار الشافعي إلى أن قوانين التصالح في مخالفات البناء جاء للحفاظ على رقعة الأرض الزراعية، وتوفير المحاصيل الغذائية للمواطنين، وحتى لا تحدث أزمة في هذه السلع، لأن هذه المنطقة تعتبر سلة الغذاء لمصر.لا تنظر لأعباء الشعب
وأكد الهواري أن "الحكومة المصرية لا تنظر بعين الاعتبار إلى أي أضرار أو أزمات يعاني منها الشعب بسبب وباء كورونا، ومستمرة في تنفيذ أجندتها الاقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.