الاثنين، 3 مايو 2021

على السلطات المصرية إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين ووقف احتكار أجهزتها ملكية وسائل الإعلام


نص بيان مؤسسة حرية الفكر والتعبير في اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 2021: 

على السلطات المصرية إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين ووقف احتكار أجهزتها ملكية وسائل الإعلام


تتزامن الذكرى السنوية لليوم العالمي لحرية الصحافة، الثالث من مايو هذا العام، مع ذروة انتشار الموجة الثالثة من فيروس كوفيد-19 “كورونا المستجد” في مصر، وبدء حملة لتطعيم المواطنين ضد الإصابة بالفيروس. ورغم التحديات الكبيرة التي فرضتها جائحة كوفيد-19 في العالم، فإن الصحافة ووسائل الإعلام تم حرمانها من ممارسة عملها بحرية في مصر، بسبب الحصار الشديد الذي فرضته السلطات المصرية عبر أجهزتها المختلفة على المعلومات المتعلقة بتطورات الوضع الوبائي وسياسات السلطات الصحية والتنفيذية من أجل مواجهته.

ولم تتمكن الوسائل الصحفية والإعلامية من الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالأخطار الصحية التي تواجه المجتمع ونشرها وتداولها، ولم تتمكن أيضًا من مراقبة سياسات مجابهة الجائحة ومساءلة القائمين على تطبيقها، حيث اعتبرت السلطات المصرية الصحافة والإعلام بشكل عام طرفًا أصيلًا في صنع الأزمة وليس أحد أدوات مواجهتها. ووثقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال عام ٢٠٢٠ ما لا يقل عن عشرين انتهاكًا، تعرض لها الصحفيون ووسائل الإعلام، على خلفية تغطيات صحفية تتعلق بانتشار الجائحة وسياسات مواجهتها، وذلك من أصل ستين انتهاكًا رصدتها المؤسسة بحق حرية الصحافة خلال نفس العام.

ويأتي تعامل السلطات المصرية بمختلف أجهزتها مع دور الصحافة والإعلام في مصر متماشيًا مع سياساتها المناهضة للحق في حرية الصحافة والإعلام، وعدائها الكبير لتداول المعلومات، بهدف تسييد رواية الحكومة الرسمية عن كل ما يحدث في البلاد. وقد تحول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى مرصد كبير، يتلقى شكاوى بشأن ما يصفها بالمخالفات التي ترتكبها وسائل الإعلام، ويصدر قرارات عقابية بشأنها، تحت دعاوى حماية الأمن القومي أو قيم الأسرة المصرية وغيرها.

ويغيب عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئتين الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام ـ الاستقلاليةُ عن السلطة التنفيذية. وكمثال على ذلك، تأكيد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أنه تبنى إستراتيجية للعمل، نابعة من قلب مشروع الرئيس السيسي للتنمية المستدامة ٢٠٣٠، بحسب تقرير المجلس السنوي الثالث الصادر نهاية إبريل الماضي. ورصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ارتكاب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة تسعة عشر انتهاكًا ضد صحفيين ووسائل إعلام من أصل ستين انتهاكًا رصدتهم المؤسسة خلال عام 2020.

ليس ذلك فقط، بل لا يزال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يتقاعس عن مراقبة مصادر تمويل صفقات الاستحواذ على صحف وقنوات تليفزيونية أو شركات مالكة لها، في مخالفة للقانون الذي ينص على دور المجلس في حماية التنافسية والتعددية ومنع الاحتكار. وأعلن الصحفي النافذ مصطفى بكري، في ٤ مارس الماضي، عن صفقة بيع قناة المحور الفضائية المملوكة لرجل الأعمال حسن راتب لصالح ثلاث جهات مقسمة إلى: ٥٠٪‏ من الأسهم لصالح رجل الأعمال وعضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس حزب مستقبل وطن محمد منظور، و٣٨٪‏ لصالح إحدى الجهات الإعلامية الرسمية (غير محددة)، والنسبة المتبقية ١٢٪‏ لصالح مدينة الإنتاج الإعلامي والنايل سات.

في نفس السياق، كتبت الصحفية مي عزام منشورًا على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تؤكد فيه بيع جريدة المصري اليوم المملوكة لرجل الأعمال صلاح دياب لجهة سيادية، ولم يتسنَ للمؤسسة التأكد من إتمام الصفقة. وبذلك، تستمر عمليات الاستحواذ المتتالية التي قامت بها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، خلال السنوات الخمس الماضية، ما أدى إلى مشهد إعلامي أحادي التوجه يفتقر إلى التنوع والتعددية.

وعلى مستوى الصحافة الرقمية، لم تتلقَ مواقع صحفية مستقلة ردًّا من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حول طلبات الترخيص التي تقدمت بها، رغم تنظيم المجلس الأعلى للإعلام احتفاليتين، نهاية إبريل الماضي، لتسليم شهادات اكتمال الترخيص إلى أغلب المواقع الصحفية القومية، وعدد من االمواقع الصحفية الخاصة. ولا زالت مواقع، مثل: مدى مصر، المنصة، درب ومصر العربية، في انتظار رد رسمي على طلباتها، رغم استيفائها كافة الشروط المطلوبة للحصول على الترخيص. وقد تعرضت هذه المواقع للحجب، في إطار حملة واسعة لحجب المواقع الصحفية بدأت منذ عام 2017، وقادتها جهة رسمية غير معلومة. ويبلغ عدد المواقع الصحفية التي تعرضت للحجب من قِبَل جهة رسمية غير معلومة أو الصادر بحقها قرار حجب مؤقت من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام 124 موقعًا على الأقل.

من جانب آخر، ورغم استمرار جهود نقيب الصحفيين ضياء رشوان في التوسط من أجل إخلاء سبيل الصحفيين المحبوسين، والتي أسفرت عن إخلاء سبيل ما لا يقل عن 9 صحفيين/ات في أقل من عام، استمرت الهجمات الأمنية على الصحفيين على خلفية ممارسة مهام عملهم، حيث شهدت نفس الفترة تقريبًا القبض على أكثر من خمسة صحفيين، وحبسهم احتياطيًّا على ذمة قضايا مختلفة. وهو ما يجعل عدد الصحفيين القابعين خلف القضبان 13 صحفيًّا، وفق آخر رصد لمؤسسة حرية الفكر والتعبير. كما استمرت نيابة أمن الدولة في إصدار قرارات حبس الصحفيين بعد إخلاء سبيلهم، فيما يعرف بتدوير المحبوسين.

أدت هذه الانتهاكات إلى استمرار تراجع تصنيف مصر وفقًا لمؤشر حرية الصحافة الصادر عن مؤسسة مراسلون بلا حدود، حيث جاءت مصر في المرتبة ١٦٦ عالميًّا، كما حمل بيان صادر عن 31 دولة من الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، انتقادات شديدة بشأن وضع حرية الصحافة في مصر ومدى تمتع الصحفيين بحقهم في ممارسة عملهم بحرية.

وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، توجه مؤسسة حرية الفكر والتعبير التوصيات التالية:

على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فتح تحقيق موسع حول عمليات انتقال الملكية في سوق الإعلام خلال سنوات عمل المجلس منذ عام ٢٠١٧، بهدف الوقوف على مصادر تمويل صفقات الاستحواذ على وسائل الإعلام، وشبهات الاحتكار.

على المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام البت في طلبات الحصول على تراخيص لعمل المواقع الصحفية المستقلة، وبناءً على الاشتراطات المحددة قانونيًّا.

يجب أن يوقف المجلس الأعلى للإعلام إجراءاته العقابية تجاه وسائل الإعلام، والتي تأتي بحجة مخالفة الأكواد والمعايير الصحفية.

 على مجلس نقابة الصحفيين مخاطبة النيابة العامة لضمان إخلاء سبيل جميع الصحفيين المحبوسين احتياطيًّا، ووقف قرارات تدوير الصحفيين المخلي سبيلهم على ذمة قضايا جديدة.

 يجب على مجلس النواب مناقشة وإقرار قانون حرية تداول المعلومات، تلبيةً للاستحقاق الدستوري، وتسهيلًا لعمل الصحفيين.

 يجب على السلطات المصرية التوقف فورًا عن حجب المواقع الصحفية، ورفع الحجب عن المواقع المحجوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.