الاثنين، 21 يونيو 2021

"السكوت ليس علامة الرضا".. حملات حقوقية في مصر لتجريم الاغتصاب الزوجي


"السكوت ليس علامة الرضا".. حملات حقوقية في مصر لتجريم الاغتصاب الزوجي


"أنا كنت متجوزة عن حب بس جوزي كان وقت ما بيحتاج علاقة كان لازم تحصل حتى لو كنت بموت من التعب، كان بيكتفني ويجبرني عليها وكنت حرفيا ببقى مش طايقة نفسي ولا طايقة أبص في وشه"، بهذه الكلمات وصفت سيدة مصرية وقائع الاعتداء عليها لصفحة "speak up"، التي تقود حملة للتوعية بمشكلات الاغتصاب الزوجي في مصر. 

ونشرت الصفحة النشطة في فضح المتحرشين جنسيا شهادات أخرى تبين مدى عمق مشكلة الاغتصاب الزوجي وانتشار الظاهرة في مصر. 

وفي حين يثار الحديث حول الاغتصاب الزوجي من حين لآخر ضمن النقاشات حول قضايا العنف ضد المرأة، جذبت القضية اهتماما خاصا في مصر خلال الأشهر الماضية، بدأت بنقاشات في رمضان الماضي بعد أن ناقش المسلسل الرائج "لعبة نيوتن" المشكلة، ثم حديث مصممة الأزياء المصرية ندى عادل عن تعرضها للاغتصاب الزوجي. 

وقالت ندى في فيديو نشرته عبر حسابها على "إنستغرام" إنها تعرضت للاعتداء قائلة: "أنا اتحطيت في الموقف ده وأخدت سنة عشان أعرف أتكلم في الموضوع وأواجه الإنسان ده، ويوم ما واجهته هو نفسه قالي آسف، طيب اضربيني، عايزك تضربيني أو تعملي أي حاجة عشان تحسي إنك أحسن". 

وكثير ما تثير قضية الاغتصاب الزوجي في مصر جدلا كبيرا خاصة في عدم وجود قوانين تعاقب على هذه الجريمة.

وتعرف المؤسسات الحقوقية الاغتصاب الزوجي بأنه "الجماع الذي يتم بدون موافقة أحد الزوجين، ونقص الموافقة كاف ليتم اعتباره اغتصابا حتى لو لم يتم استخدام العنف الجسدي". 

قضية مسكوت عنها

الاغتصاب الزوجي "من القضايا المسكوت عليها حتى بدا الإعلام يهتم بها، وينشر الضحايا شهاداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي"، بحسب ما قالت رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبو القمصان.

وذكرت أبو القمصان في تصريحات لموقع "الحرة" أنه لا توجد دراسة موثقة توضح حجم هذه المشكلة في مصر، لكن الدراسات التي أجرتها الجهات الرسمية أثبتت تصاعد العنف المنزلي ومنها الاغتصاب الزوجي.

وأشارت إلى أن القانون المصري لا يوجد به ذكر لمصطلح الاغتصاب الزوجي، لكنه يوجد به قوانين تجرم الاغتصاب والعنف والإهانة بشكل عام.

ومنذ منتصف القرن الثامن عشر، بدأت قضايا العنف الجنسي في إطار الزواج تحصل على اهتمام دولي متزايد. وتقدر الأمم المتحدة، في أحد تقاريرها، أنّ 35 في المئة من النساء تتعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي.

وبالرغم من ذلك، لا توجد قوانين في الدول العربية تعاقب على هذه الجريمة، كما لا توجد أرقام تحدد حجم هذه المأساة. لكن في مصر، فإن المادة 269 من قانون العقوبات تنص على معاقبة الزوج حال إجبار زوجته على ممارسة الجنس معه من الدبر فقط، لتحريم ذلك في الدين الإسلامي.

جدل ديني

ويستند المعارضون لسن هذه القوانين في مصر بأنها تتعارض مع الدين الإسلامي، ويستندون إلى حديث منسوب للنبي محمد يقول نصه: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبانا عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح".

وقال الداعية عبدالله رشدي في منشور له على فيسبوك تعليقا له على هذه القضية: "‏الامتناع عن الزوج دون عذر  حرام.. وفاعلةُ ذلك ملعونة، ولزوجِها تأديبها على ذلك بالضرب غير المُبرح بعد وعظها وهجرِها، فإن استقامت بالمعروف فأهلاً وإن أبت أعادتْ له مهره وطلقها طلقةً بائنة".

لكن أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد كريمة، أكد أن إكراه الزوجة على المعاشرة، وإجبارها على ذلك مرفوض دينيا؛ لأن المعاشرة الجنسية والحميمية لابد أن تتم بكامل الرضا والتواصل الوجداني، بحسب صحيفة "المصري اليوم".

وأضاف: "أما أن يأتي نطع ويفترش امرأة بداعي أنها يجب أن تلبي رغبته بناء على أحاديث ضعيفة لأنها زوجته فهذا محرم دينيا". وأشار إلى أن إجبار الزوجة على العلاقة يتنافى مع أداب الإسلام، وقال: "يجب أن يكون هناك رضا وإقناع تام حتى تتم".

كما يقول أستاذ الفقة المقارن في جامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، إن هذا الحديث لا يدعو إلى الاغتصاب الزوجي، لأنه لا يخاطب الرجل بالأساس بل يخاطب المرأة.

ولفت الهلالي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" إلى أن هذه العلاقة تشترط الرغبة المشتركية من الطرفين، وأن محاولة أي طرف استخدم قدرته وقوته لفرضها على الآخر يعتبر اعتداء وهو ما يتعارض مع الدين الإسلامي الذي يقول "لاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين".

أفكار داعشية

وتطالب المنظمات الحقوقية الحكومة المصرية والبرلمان بضرورة سن قانون يعاقب على جريمة الاغتصاب الزوجي.

لكن أبو القمصان ترى أنه من الصعب سن هذه القوانين في مصر والمجتمع العربي يجرم هذه القضية، لعدم وجود أليات معتمدة من كشف الطب الشرعي واختبارات نفسية تثبت هذه الجريمة.

وذكر الهلالي أنه لا يعارض سن قانون يخرج من الشعب المصري يجرم الاغتصاب الزوجي ويعاقب عليه.

وأوضح أن الدين الإسلامي لا يدعو إلى سن القانون ولكنه في حالة وجد الشعب حاجته إلى قانون يجرم هذه القضية ويخدم مصلحة الشعب، فالدين لا يمنع ذلك، مشيرا إلى أن مفهوم الاغتصاب الزوجي مصطلح إنساني ومحاولة البعض يصفه بالمصلطح الغربي لوضع حاجز نفسي بين الناس والقضية.

كما سخر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي من الدعاوى المطالبة بسن قانون يجرم الاغتصاب الجنسي، وتداولوا إقرارا تخيليا يحمل عنوان "طلب علاقة زوجية"، يروج إلى أن سن قوانين تجرم الاغتصاب الزوجي معناه ضرورة وجود موافقة مكتوبة من الزوجة لضمان عدم مقاضاة زوجها مستقبلا.

وردت أبو القمصان على هذه الدعوات بأنها محاولات لنشر ثقافة التوحش والأفكار الداعشية، مؤكدة أن الجنس علاقة تقوم على المودة والاحترام وليس علاقة تملك أو شراء جارية.

الحرة / خاص -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.