السيسي يأمر بهدم مخالفات نهر النيل.. وماذا يا مولانا الشيخ متقمص شخصية قاهر البحار عن نوادي الجيش الذي يحتل أكبر وأهم المساحات الشاطئية بطول محافظات الجمهورية؟
السيسي خصص مساحات شاطئية شاسعة للجيش والحكام العرب بمحافظات الجمهورية ومنها السويس ويهدد الآن باستخدام الجيش لهدم اى مخالفات شاطئية مدنية بدلا من تقنين أوضاع أصحابها
طالب رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، الاثنين، الحكومة المصرية بإزالة كافة التعديات على حرم نهر النيل خلال 6 أشهر.
السيسي خلال افتتاحه مشروع محطة معالجة مياه "بحر البقر" شمال شرق القاهرة، هدد بنزول الجيش للمشاركة في هدم المخالفات، قائلا: آخد تمام بإزالة التعديات على المجاري والمنشآت المائية خلال 6 أشهر ولو تطلب الأمر نزول الجيش".
وأكد على حرمان المخالفين من المقررات التموينية، معلنا أنه سيتم وقف كل الدعم المقدم للحكومة من خبز أو دعم تموينى أو غيره لمن يخالف أو يتعدى على الأراضى الزراعية أو الترع والمصارف.
وقال إنه لن يتهاون مع المخالفين وإنه لن يترك مخالفة في مصر طالما أنه فوق كرسي الحكم في مصر، مشددا: "هتتشال (تزال) كل حاجة غلط فيكي يا مصر طول ما أنا في مكاني".
وفور صدور تكليفات السيسي، نسقت الأجهزة الأمنية لتنفيذ تلك التكليفات واستمرار حملاتها الأمنية لإزالة التعديات المقامة على نهر النيل وكذلك الترع والمصارف والأراضي الزراعية، وفق موقع "القاهرة 24" المحلي.
ويأتي حديث السيسي، بعد مرور نحو 7 أيام على الذكرى الثالثة والثانية لتظاهرات 20 سبتمبر/ أيلول 2019 و2020، والتي انطلقت ضد النظام العسكري الحاكم بدعوة المقاول والفنان المعارض من الخارج محمد علي.
المثير في الأمر أن حديث السيسي شديد اللهجة المهدد المتوعد بالهدم وباستخدام قوة الجيش يأتي بعد إطلاقه مبادرة تطوير الريف المصري، ويأتي بعد أيام من إطلاقه الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
تهديد وتفريط
تهديد السيسي، دعا للتساؤل عن موقفه من نوادي الجيش والشرطة والقضاء المقامة على نهر النيل في منطقة العجوزة والبحر الأعظم بالجيزة، وهل سيقوم بهدمها هي الأخرى أم أن الهدم لن يطال منشآت الجهات السيادية.
وفي الوقت الذي يطالب فيه السيسي بهدم مخالفات البناء على أراضي الدولة بدلا من تقنينها يستحوذ رجال أعمال على مساحات واسعة من أجود الأراضي الصالحة للزراعة وأفضل المواقع الصناعية والحيوية والاستراتيجية منذ عهد حسني مبارك، دون أن يفتح السيسي هذا الملف.
السيسي، أعلن أنه سيسترد الأراضي المنهوبة من أملاك الدولة مرارا، وأمر بالفعل بتشكيل لجنة لاسترداد الأراضي المنهوبة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب، 11 شباط/ فبراير 2016، إلا أنه وحتى الآن لم يبت في أعمال تلك اللجنة التي رفعت تقاريرها له مباشرة.
بل إن قائد الانقلاب تمادى في منح الأمراء العرب أراضي بمناطق هامة، إذ منح ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، أراضي و3 فيلات في خليج نعمة بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء.
وهو الإجراء الذي عامل به أمير الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، بمنحه 164 فدانا في أب/ أغسطس 2017، إحداها قرب منطقة أثرية بمحافظة الشرقية بعدما أصدر قانونا بمعاملته كالمصريين.
سيطرة الجيش
وعقب الانقلاب العسكري منتصف 2013، زادت سيطرة القوات المسلحة على أراضي الدولة، إذ أكد تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني في آذار/ مارس 2016، أن الجيش يستحوذ على ما بين (80 – 90) بالمئة من أراضي مصر.
وفي 12 تموز/ يوليو 2016، خصص السيسي مساحة 6 آلاف و174 فدانا للجيش، كما خصص الأراضي الصحراوية بعمق 2 كيلومتر على جانبي 21 طريقا جديدا بمناطق استراتيجية ذات أهمية عسكرية، للجيش، وفق تقرير لـ"المعهد المصري للدراسات" كانون الثاني/ يناير 2018.
وفي 15 حزيران/ يونيو 2016، خصص السيسي مساحة 3.17 كيلو مترا مربعا للجيش، ومليون و284 ألف و638 مترا مربعا بالعين السخنة بمحافظة السويس للقوات المسلحة، ونحو 244 فدانا بطريق (القاهرة- الفيوم) الصحراوي، لصالح وزارة الداخلية.
وفي أب/ أغسطس 2016، خصص السيسي مساحة 107.55 فدانا للجيش غرب بورسعيد، و14 ألفا و596 فدانا غرب وصلة الضبعة، وفي 2 آذار/ مارس 2017 خصص 1351 فدانا بجهة شرق النيل، ومليون و141 ألف و254 فدانا بشرق العوينات.
كما خصص السيسي جميع أراضي العاصمة اﻹدارية الجديدة بين مدينتي القاهرة والسويس، ومشروع مدينة محمد بن زايد السكنية، لصالح وزارة الدفاع، فيما خصص في 27 تموز/ يوليو 2017، 360 فدانا بمحافظة مطروح للقوات المسلحة.
أصحاب مصر
وفي تعليقه على حديث السيسي، يقول رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل: "بالتأكيد حلم كل الشعب المصري أن يتوقف السطو على ثرواته وحقوقه، وأن تبقى الشواطئ وحرم النيل حق لكل الشعب وليس لفئة معينة".
ويضيف في حديثه لـ"عربي21": "لقد حُجب الجمال في مصر بفعل سلطة سياسية لم تتوان في تحطيم كل شيء جميل".
"هل النظام الذي أدار الفساد عبر 70 عاما أثناء الحكم العسكري لمصر، والذي لا يتوقف عن التدمير المتعمد لها، ولا يتوقف عن بناء مصر جديدة للطبقة الحاكمة بعيدا عن الوادي القديم ومصر الحقيقية؛ قادر على الإصلاح حتى لو أراد ذلك؟"، يتساءل عادل.
ويعتقد أن "كل ماحدث خلال الـ70 عاما الأخيرة، وخاصة العقد السابق منذ انقلاب الجيش عام 2013؛ يؤكد أن كل ما يحدث وما قد يبدو جيدا فهو لصالح مصر الجديدة التي يتحدث عنها النظام، وليست لـ90 بالمئة من المصريين".
ويجزم بأن مصر الجديدة "فقط لـ5 بالمئة من أصحاب مصر الجدد، لذلك سيكون من المستحيل كما أرى إزالة أي تعدي ممن ينتمي إلى هذه النسبة، فهم من وجهة نظرهم أصحاب مصر".
ويؤكد ضابط الجيش السابق، بأن "القوات المسلحة تسيطر رسميا على كل مصر، فلم تعد حتى الملكية تحمي المالك من نزعها لصالح الجيش أو لصالح مصر".
ليست لهؤلاء
ويعتقد المحامي والحقوقي المصري المعارض عمرو عبدالهادي، في حديثه لـ"عربي21"، ألا تشمل قرارات السيسي بهدم مخالفات حرم نهر النيل نوادي الجيش والشرطة والقضاة.
ويوضح أن "نوادي الجيش الشرطة والقضاة لا تخضع من الأساس إلى أية رقابة، وقد نرى السيسي يهدم نوادي المحامين والتجاريين والأندية لكن لا ولن يستطيع التحرك نحو استثمارات الجيش والشرطة".
ويؤكد أن سيطرة الجيش على الأراضي والمناطق الاستراتيجية نحو٩٠ بالمئة من مصر، ولا يمكن حفر ماسورة بأي أرض إلا بعد موافقة الجيش، التي تأتي بعد أن يتسلم نسبته أو رسومه من أي مشروع، والتي تقدر وفق المستثمر وقدرته وحجم المشروع والأرباح المتوقعة".
وفي توقعاته لاحتمالات أن يقود قرار السيسي إلى مواجهات مع الأهالي وتفجير ثورة غضب كما حدث في أيلول/ سبتمبر 2019 و2020، يقول عبدالهادي، إن "السيسي يتعامل بمبدأ أنه راحل لا محالة، ويعلم أن الشعب لا يطيقه؛ وبالتالي يتعامل بمبدأ (إما طابت أو الاثنين عور)".
ويشير إلى أنه "محاصر اقتصاديا الآن، ورحيله لن يكون بالتجزئة ولكن الرحيل يطبق فوري؛ لذلك أصبح يغامر في كل قرار يأخذه، وكأنها مقامرة غير محسوبة، وخطابه الاثنين، تستشعر بأنه قرار ما قبل النهاية".
معايير مزدوجة
وفي السياق قالت الكاتبة مي عزام، عبر "فيسبوك": "على الدولة أن تستعيد هيبتها مع جميع المؤسسات ولا تظل تتعامل بمعايير مزدوجة حتى يثق الشعب في قرارات وسياسات النظام".
وتساءلت: "هل النادي النهري الموجود في العجوزة والخاص بالقضاة على رأسه ريشة؟، وهل يحق له دون غيره أن يحجب رؤية النهر الخالد بسور أسمنتي؟، هل الرسالة أننا رجال القانون فوق القانون؟".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.