الخميس، 28 أكتوبر 2021

حقوق الإنسان في مصر حاضرة في مناقشات البرلمان الأوروبي


عقدت اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، أمس الأربعاء، اجتماعاً لاستعراض تطورات ملف حقوق الإنسان في مصر وخاصة عدم التعاون مع إيطاليا في قضية جوليو ريجيني، وظروف الاحتجاز ومعاملة النشطاء الحقوقيين والسياسيين مثل علاء عبد الفتاح وباتريك جورج ومحمد الباقر، ومتابعة قرار البرلمان الأوروبي الصادر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والإحاطة بمستجدات قضية أعضاء المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وتضمّن قرار ديسمبر الماضي عشر نقاط تدين أوضاع حقوق الإنسان في مصر والتعامل الحكومي مع الحريات الإعلامية والتنظيمية وتندد بالطريقة التي تعاطت بها السلطات الأمنية والقضائية في قضية ريجيني، وترحب بالإفراج عن نشطاء المبادرة الذين ما زالوا ممنوعين من السفر والتصرف في أموالهم، وتطالب بالإفراج الفوري عن عدد من المعتقلين الآخرين، مع دعوة مصر إلى تدعيم علاقات التعاون الاستراتيجي مع الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب من خلال تحسين أوضاع حقوق الإنسان بالداخل ودعم الحريات الدستورية، وأخيراً الدعوة إلى تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام.
وتعود أهمية الجلسة إلى تزامنها مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلغاء حالة الطوارئ على مستوى الجمهورية، وهو القرار الذي تحاول مصر تسويقه حالياً على نطاق واسع في الأوساط الأميركية والأوروبية كدليل على اتجاه النظام لتخفيف سلطته القمعية وفتح المجال العام.
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي لـ"العربي الجديد"، إن هذه الجلسة كانت محددة سلفاً ولم تعقد بسبب مستجدات حالة الطوارئ، لكن البعثة الدبلوماسية المصرية لدى المجلس الأوروبي تعمل على تعميم الحديث عن هذا التطور خلال محادثاتها المختلفة مع ممثلي الدول الأوروبية، والأمر ذاته بالنسبة للاتصالات الجارية بين وزارة الخارجية والاتحاد الأوروبي مباشرة، لتحاشي إصدار بيان آخر مثل بيان ديسمبر الماضي، والتأكيد على رغبة القاهرة في اكتساب ثقة المجتمع الدولي بشكل أوسع.
وأضاف المصدر أن معظم المسؤولين الأوروبيين في القاهرة ينظرون إلى قرار إلغاء حالة الطوارئ بالترحاب، ويتوقعون أن يساهم بصورة إيجابية في جذب رؤوس الأموال والمستثمرين وكذلك التمويل الحكومي والمستقل للعمل الأهلي والتنمية المدنية، ولكن لا يمكن استبعاد قلقهم من استمرار تمتع النظام بأدوات قمع مختلفة، بعد نقل معظم آليات الطوارئ إلى قوانين أخرى قائمة ويمكن تطبيقها في أي وقت.
واعتبر المصدر أن الشركاء الأوروبيين لمصر لا يسعهم إلا الترحيب بهذه الخطوة بصورة بعيدة عن الاحتفالية التي كان يرجوها النظام المصري، ومن دون المبالغة في عقد آمال عليها لفتح المجال العام، لا سيما أن التضييق على الإعلام والصحافة والمجتمع المدني قائم بالفعل منذ ما قبل إعلان حالة الطوارئ، وهو ما يبرهن على محدودية الأثر الواقعي للقرار.
وذكر المصدر أن الأوروبيين يعتبرون القرار حلقة جديدة في سلسلة من محاولات السيسي لإعادة رسم صورته، من خلال تسليط الضوء بصورة مبالغ فيها على إجراءات ذات عناوين إيجابية من دون التأكد من مطابقة فحواها لهدفها المفترض، وعلى رأسها إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإعلان العام المقبل عاماً للمجتمع المدني، والإفراج عن عدد محدود من المعتقلين البارزين، وإصدار عدد كبير من قرارات العفو الخاصة بالسجناء العاديين. وأشار المصدر إلى التأثير البالغ لرغبة السيسي في التقرب الشديد من الرئيس الأميركي جو بايدن على القرارات المصرية في الآونة الأخيرة.
وبعيداً عن ملف الطوارئ وأهدافه، شهدت جلسة اللجنة أمس عدة إشارات إلى خطورة الوضع في قضية ريجيني، إذ أكد عدد من المتحدثين على ضرورة وقوف البرلمان الأوروبي إلى جانب أسرة المجني عليه في مطالبتها بكشف الحقيقة، والضغط لتقديم الجناة إلى المحاكمة في إيطاليا.
وفي هذا السياق، كشف مصدر دبلوماسي مصري أن روما بصدد إرسال طلب مساعدة قضائية جديد إلى القاهرة يركز على طلب إرسال عناوين المتهمين الأربعة المطلوبين، بهدف إعلامهم رسمياً بتحريك الدعوى ضدهم، مع الإشارة إلى حصول روما أخيراً على عدد من البيانات الخاصة بهم من "مصادر خاصة" كصورهم وتواريخ ميلادهم.
ونظراً لعدم امتلاك ادعاء روما أي معلومات شخصية في السابق عن الضباط الأربعة المتهمين، عدا أسماء غير كاملة ووظائف بعضها قديمة، تم توجيه طلبات المثول السابقة ومذكرة الادعاء إلى النيابة العامة المصرية وكذلك السفارة المصرية في روما، باعتبارها القائمة على المصالح المصرية في إيطاليا وفقاً للاتفاقات الدبلوماسية بين البلدين والقانون الدولي الجنائي، في ظل عدم وجود اتفاقية تعاون قضائي تنظم مثل هذه الحالة بين البلدين.
وستكون هذه المطالبة القضائية رقم 68 إلى النيابة العامة المصرية لمساعدتها في إبلاغ المتهمين، إذ سبق أن أعلن المدعي أنه وجّه 67 مطالبة قضائية من دون جدوى بشأن أمور مختلفة منذ بدء التعاون القضائي المأزوم بين البلدين عقب مقتل ريجيني.
وفي السياق ذاته، دعا عدد من النواب الإيطاليين المواطنين وشركات السياحة إلى عدم السفر إلى مصر، بمناسبة صدور قرار من وزارة الصحة الإيطالية برفع اسم مصر من قائمة الدول المحظور السفر إليها خلال جائحة كورونا، بدءاً من نهاية الشهر الحالي، وذلك بعد أكثر من عام من التوقف، لتشمل الرحلات القاهرة وشرم الشيخ والغردقة ومرسى علم. وانتشرت هذه الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، احتجاجاً على عدم تعاون القاهرة قضائياً مع روما، وما يصفه النواب بتهاون الحكومة الإيطالية واستمرارها في إقامة علاقات طبيعية مع مصر، بما فيها المضي قدماً في التعاون العسكري.
وتتعدد الاتهامات الموجهة للضباط الأربعة لتشمل تشكيل مجموعة لخطف الأشخاص، والمشاركة في التعذيب، والمشاركة في إيقاع إصابات خطيرة بجسد ريجيني بواسطة السوائل الساخنة والأسلحة الحادة والضرب متعدد الصور، والتواطؤ على قتله، علماً أن الادعاء تراجع سابقاً عن تحريك الدعوى ضد مشتبه به خامس، هو أمين الشرطة محمود نجم، بسبب نقص في الأدلة. وبحسب القانون الإيطالي يمكن للمتهمين جميعاً مخاطبة الادعاء العام لنفي الوقائع، كما يمكنهم المطالبة بالمثول أمام الادعاء للإدلاء بأقوالهم، لكن مجرد تسلم تلك الإعلانات بأي صورة يعني العلم المحقق بالقضية، وبالتالي عدم إمكانية إلغائها وضرورة استمرار المحاكمة، وهو ما تتحاشى مصر حدوثه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.