السبت، 13 نوفمبر 2021

ساويرس

 


ساويرس


عجز نجيب ساويرس. برغم كل ثرائه المالى والاقتصادى. ان يعلم ''سياسيا'' وليس ''اقتصاديا''. بأن الوقت لم يحن بعد فى مصر لكي يخوض ملياردير او مليونير غمار السياسة بعيدا عن الحكومة وفى طليعة حزبا معارضا للحكومة. فى ظل النظام الشمولي الموجود. التى قد تهدد فيها مصالحه الاقتصادية مع الحكومة إذا كان معارضا واشتد فى معارضة انحرافات الحكومة. لأنه حينها سيكون خطرا على النظام الاستبدادى الموجود القائم على الحكومة ولابد أن يسعى لإخماد صوتة والقضاء عليه. لاننا لم نصل بعد الى ثقافة الديمقراطية فى ايطاليا التى لم تتصادم فيها مصالح الملياردير بيرلسكونى مع الحكومة الايطالية رغم كونه معارضا للحكومة الايطالية. ولم نصل بعد إلى ثقافة الديمقراطية فى أمريكا التى لم تتصادم مصالح الملياردير ترامب مع الإدارة الامريكية رغم كونه معارضا للادارة الامريكية. ولعل ساويرس كان معذورا حين قرر خوض غمار السياسة بفاعلية لأول مرة فى حياته في أجواء من الحريات العامة والديمقراطية كانت موجودة بعد ثورة 25 يناير 2011. إلا أن ساويرس ارتكب خطأ فادحا كشف عن نقاط ضعفه عندما فر هاربا مع أسرته وال ساويرس من مصر خلال حكم الإخوان خشية القبض عليه نتيجة رفض الإخوان مواقف وانتقادات وتغريدات ساويرس الدائمة المعارضة ضد استبداد نظام حكم الإخوان. و تهديد الاخوان لساويرس فى المنفى بمصادرة العديد من اموال واصول واراضي ال ساويرس فى مصر وفاء لضرائب قدروها عليه. وفى النهاية خضع ساويرس وارتضى بحل وسط يتمثل في دفع مبلغ ضرائب تصالح قدرها الاخوان عليه كحل وسط عن المبالغ التي كانت مقدرة من قبل. وعاد ساويرس مع اسرتة الى مصر وسط استقبال رسمي حافل من مندوب عن الرئيس الراحل محمد مرسى على باب الطائرة وصالة كبار الزوار. وانكتم ساويرس سياسيا ولم يستطيع طوال ما بقى من زمن نظام حكم الاخوان ان يفتح بقه بكلمة واحدة بعد عودته إلى مصر وتصالحه مع الإخوان. إلى ان قامت ثورة 30 يونيو 2013 وسقط الاخوان. التي حولها الجنرال السيسي لاحقا بأفعاله الى انقلاب ضد الشعب. وعاد ساويرس يدلي بتصريحاته السياسية ومطالبة الديمقراطية. وهرول وانشئ حزب ''المصريين الأحرار''. ورغم نجاح حزبه في الانتخابات البرلمانية 2015 وجاء ترتيبه فيها الثاني بعد ائتلاف ''دعم مصر'' الذي انبثق عنه حزب ''مستقبل وطن''. إلا أن ساويرس ارتكب خطأ سياسيا فادحا عندما ملأ الدنيا ضجيجا وصراخا على مدار أسبوعين مطالبا بحقه فى تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية 2015. بعد أن تنازل ائتلاف ''دعم مصر'' صاحب المركز الاول فى مقاعد انتخابات برلمان 2015 عن تشكيل الحكومة لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى لكى يشكل حكومة رئاسية معينة بمرسوم جمهوري. وكان ساويرس محقا كصاحب المركز الثاني فى الانتخابات البرلمانية 2015 لان تنازل صاحب المركز الاول يجب ان يكون لصالح الشعب والديمقراطية والحريات العامة والحكومات المنتخبة وليس لصالح الحاكم الطاغوتى الاستبدادى للشعب لكى يجمع بين سلطات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالإضافة الى سلطات باقى المؤسسات التى أسندها السيسي الى نفسه بالمخالفة للدستور الذي يمنع رئيس الجمهورية من الجمع بين سلطات المؤسسات والتغول بسلطاته على سلطات باقى المؤسسات. إلا أنه كان يجب علي ساويرس التدبر بعناية وحكمة لتقوية حزبه ومنع اختراقة تمهيدا للتصدي لبزوغ استبداد السيسي ومنع قوانين وتعديلات وقرارات استبداد وعسكرة وتمديد وتوريث يسعى السيسي لإصدارها لنفسة من خلال استحواذه على الحكومة وبعدها البرلمان. الا ان جعجعة ساويرس على مدار أسبوعين بمطالبة في تشكيل الحكومة بدلا من السيسى. عجل بنهاية ساويرس سياسيا. وجاء الرد سريعا عبر انقلاب وقع داخل حزب ''المصريين الأحرار'' قام فيه قادة الانقلاب بإقالة نجيب ساويرس من رئاسة حزب ''المصريين الأحرار'' مع بعض كبار مساعدية وإعلان تشكيل جديد للحزب أعلن فورا تأييده للجنرال السيسي وتحول فى غمضة عين من حزب كان الناس يتطلعون اليه لكى يكون حزب سياسي معارض جديد صاعد فى طريقه عاجلا إلى السلطة. الى مطبلاتى للسيسي وسط جيش من أحزاب المطبلين. ومنها أحزاب كانت معارضة منذ عقود وتحولت الى مطبلاتية للسيسى. ووجد نجيب ساويرس ان مصالحة في ظل هذا الوضع الموجود تقتضي منه ان يعود الى قوقعته الاقتصادية. وقد يطل منها بين حين وآخر بتغريد سياسة حانقة تنبئ خفية عن ضيقة من الوضع الذي وجد نفسه فيه مطرودا من عالم السياسة بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من تشكيل أول حكومة برلمانية معارضة منتخبة بعد ثورة 25 يناير 2011. إذا استثنينا حكومة برلمان 2012 للإخوان نتيجة حل البرلمان بسبب بطلان قوانين الانتخابات التى انتخب على أساسها. ولا يستطيع ساويرس أن يتجاوز فى تصريحاته وتغريداته حاليا الخط الذى وجدة خلال نظام حكم الاخوان وخلال نظام حكم السيسي مرسوما امامة. وقد يكون وفق تناقل وسائل الإعلام خلال الساعات الماضية خبرا عن شكوى اهالي احدى المدن من ازعاج صواريخ الالعاب النارية للمدن الترفيهية لساويرس لهم. وقبلها بأيام تناقل وسائل الإعلام ضجيج مهرجان الجونة السينمائى لساويرس. وغيرها من فعاليات الثروة والجاه والنفوذ والسلطان والأضواء التجارية والفنية والرياضية لساويرس. أن ساويرس اصبح غارقا فى حفلاته ومهرجاناته وليس لديه وقت للسياسة. لكنه فى الحقيقة هو شقيا سياسيا منذ طرده من الحزب الذي أسسه وأبعاده قسرا عن السياسة و اجبارة على الرضوخ لمطالب الحكام السياسية الاستبدادية. وبالتالي منع عودته تماما للسياسة. على الأقل ليس بنفس القوة التى كان عليها قبل إقالته. خاصة مع استسلامه لاستبداد السيسى وقبلة لاستبداد الاخوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.