بعد ان حول مصر الى عزبة واستولى على كافة السلطات وجمع بين رئاسة كل المؤسسات فى البلاد ولم يعد هناك أحد يحاسبه ويوقفه عند حده
سر الاجنبى الغامض ''بن إليوت'' الذي ضمّه الجنرال السيسي إلى مجلس أمناء المتحف المصرى؟
في واقعة غريبة، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً جمهورياً في 10 مايو/ أيار الماضي، برقم 180 لسنة 2021، بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير لمدة ثلاث سنوات برئاسته، لكنه عاد وأصدر قراراً جمهورياً في 14 ديسمبر/كانون الأول الحالي برقم 597 لسنة 2021، بشأن استبدال نص المادة الأولى من قراره السابق، فماذا حدث؟
الإجابة عن هذا السؤال جاءت في طيات القرار الثاني، والذي استبدل نص المادة الأولى من القرار الأول بنص جديد طبق الأصل تقريباً، ولكن أضيف إليه فقط اسم شخص واحد على أسماء التشكيل الأول.
أعضاء مجلس أمناء المتحف الكبير
وضم المجلس في عضويته من الأجانب، وفق القرار الأول: تارو آسو نائب رئيس وزراء اليابان، وجوني ساساكي مدير متحف كيوتو الوطني الياباني، والأمير سلطان بن سلمان رئيس مجلس إدارة وكالة الفضاء السعودية، وماكس هولين مدير متحف المتروبوليتان الأميركي، وزوراب بولوليكاشفيلي الأمين العام منظمة السياحة العالمية.
كما ضم المجلس من المصريين بحسب القرار: وزير السياحة والآثار خالد العناني، وزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، وزير المالية محمد معيط، مدير مكتبة الإسكندرية مصطفى الفقي، وزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس، وزير الثقافة الأسبق الدكتور فاروق حسني، رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري هشام عكاشة، محافظ البنك المركزي الأسبق فاروق العقدة، وزير النقل الأسبق رجل الأعمال محمد لطفي منصور، والإعلامي شريف عامر.
القرار الذي أصدره السيسي بتشكيل مجلس أمناء المتحف، احتوى مخالفة قانونية جسيمة
في السياق، قال مصدر قانوني إنّ "القرار الذي أصدره السيسي بتشكيل مجلس أمناء المتحف، احتوى على مخالفة قانونية جسيمة، وهي أن القرار الجمهوري نص في مادته الأولى على أنه "يشكل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير لمدة ثلاث سنوات برئاستنا"، في إشارة للسيسي بشخصه، بينما المعروف أن مثل هذه القرارات تصدر بصيغة مختلفة تماماً وهي "برئاسة رئيس الجمهورية"، بصفته وليس بشخصه.
وأوضح المصدر أن "أي طعن على القرار أمام مجلس الدولة، سيتم قبوله على الفور، وسيتم إلغاء القرار". وأضاف أن "هناك مغالطة أيضاً في قرار رئيس الجمهورية، تتمثل في إسباغ صفة "الدكتور" على وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، وهو لم يحصل أصلاً على درجة الدكتوراه من أي جامعة معروفة".
وتستعد مصر بالتزامن مع مرور 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون، لافتتاح المتحف الكبير في 2022.
إلى ذلك، وبعدما نشرت الجريدة الرسمية مضمون القرار الجمهوري الأول في العدد "18 مكرر (أ)" في 10 مايو الماضي، عادت فنشرت، قرار رئيس الجمهورية رقم 597 لسنة 2021 بتاريخ 14 ديسمبر الحالي، في العدد "49 مكرر (أ)"، واستُبدل فيه نص المادة الأولى من القرار الأول رقم 180 لسنة 2021 بالنص التالي: "ويضم المجلس في عضويته من الأجانب: تارو آسو وجوني ساساكي، والأمير سلطان بن سلمان، وبن إليوت ومدير متحف المتروبوليتان".
ويوضح القرار الجديد الذي أصدره السيسي أنه جاء لإضافة اسم البريطاني بن إليوت إلى مجلس أمناء المتحف المصري الكبير، فمن هو هذا الرجل؟
بن إليوت وزيارة الأمير تشارلز
قالت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، إن بن إليوت كان عراب الزيارة التاريخية التي قام بها ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، وزوجته دوقة كورنوال، كاميلا، إلى مصر، في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
إذ إنه بعد هذه الزيارة بأقل من شهر، أصدر السيسي القرار الجمهوري الخاص بتعديل قراره السابق بتشكيل مجلس أمناء هيئة المتحف المصري الكبير، وإضافة اسم بن إليوت إلى التشكيل.
وبنيامين ويليام إليوت (من مواليد 11 أغسطس/آب 1975) هو رجل أعمال بريطاني، نجل مالك الأراضي سيمون إليوت، وأنابيل إليوت المصممة وتاجرة التحف، وشقيقة كاميلا زوجة ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز.
يشغل إليوت منصب الرئيس المشارك لحزب المحافظين منذ يوليو/تموز 2019، وهو أيضاً أحد مؤسسي مجموعة Quintessentially Group، للخدمات الفندقية المتنوعة والتي تعمل على توفير نمط حياة فاخرة، مع خدمة كونسيرج (خدمة المساعدة الشخصية ولا سيما الاستقبال والإرشاد لنزلاء الفنادق).
بن إليوت كان عراب زيارة الأمير تشارلز وزوجته إلى مصر في نوفمبر الماضي
اتهامات تلاحق بن إليوت
واتهم الرئيس الشرفي لحزب المحافظين، بن إليوت، الصيف الماضي، بكسب المال عبر تنظيم لقاءات بين رجال أعمال أثرياء والأمير تشارلز، زوج خالته.
وبحسب تقرير لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية في أغسطس/آب الماضي، فإن بن إليوت، قدم عدداً من عملاء شركة Quintessentially الخاصة به، ولا سيما رجال أعمال أثرياء، إلى الملك المستقبلي، بعد أن دفعوا عشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية.
وقال أحد هؤلاء العملاء، وهو من كبار المانحين لحزب المحافظين، للصحيفة، إنه دفع رسوماً سنوية قدرها 15 ألف جنيه إسترليني (20 ألف دولار أميركي) ليكون عضواً متميزاً في شركة إليوت الفاخرة لسنوات عدة.
وأوضح هذا العميل وهو مليونير الاتصالات البريطاني محمد أميرسي، (61 عاماً)، أنه في عام 2013، رتبت له شركة "Quintessentially" السفر لمقابلة الأمير تشارلز خلال "عشاء حميمي" في دومفريز هاوس في اسكتلندا. ومنذ ذلك الحين، تبرع أميرسي، الذي أصبح بعد الاجتماع وصياً على إحدى جمعيات تشارلز الخيرية، بأكثر من 1.2 مليون جنيه إسترليني لقضايا يدعمها الأمير.
وقال أميرسي لـ"صنداي تايمز" إنه "من دون شخص مثل إليوت، ليس من الممكن، وليس من السهل، الوصول إلى شخصيات بارزة مثل تشارلز".
اتُهم إليوت بكسب المال عبر تنظيم لقاءات بين رجال أعمال أثرياء والأمير تشارلز
ووفقاً للصحيفة، فإن مزاعم أميرسي، مدعومة من قبل شخص على علم وثيق بعمليات شركة Quintessentially.
وقال هذا الشخص، إن أميرسي الذي تبرع بمبالغ كبيرة لحزب المحافظين، بما في ذلك 10 آلاف جنيه إسترليني لكل من زعيم المحافظين رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون، ووزير شؤون مجلس الوزراء مايكل غوف، خلال انتخابات زعامة حزب المحافظين عام 2019، إنه "لا يمكن لقاء الأمير تشارلز من دون دفع ثمن عضوية على أعلى المستويات لدى إليوت".
وفي وقت سابق من هذا العام، أظهرت رسائل البريد الإلكتروني المسربة المتعلقة بتجديد شقة بوريس جونسون، أن إليوت قد تم ذكره في رسائل بريدية مهمة تناقش الطرق التي يمكن من خلالها استخدام التبرعات لحزب المحافظين، لتجديد الشقة.
وتم الكشف لاحقاً عن خطة سداد معقدة، بعد أن تم دفع مبلغ التجديد المقدر بـ58 ألف جنيه إسترليني في البداية من قبل الحكومة وحزب المحافظين، قبل أن يتحمل جونسون التكاليف في النهاية بنفسه.
حزب العمال البريطاني يتعقب بن إليوت
وفي أغسطس الماضي، كثّف حزب العمال البريطاني مطالبه بإجراء تحقيق في أنشطة الرئيس المشارك لحزب المحافظين بن إليوت، بعد مزاعم بأنه كان يدير نادياً سرياً لكبار المانحين مع طمس مصالحه التجارية والسياسية.
إذ اتُهم إليوت بإدارة "مجلس استشاري" سري للمانحين، دفع بعضهم 250 ألف جنيه إسترليني، ليتمكنوا من حضور اجتماعات مع رئيس الوزراء بوريس جونسون ووزير الخزانة البريطاني ريشي سوناك.
وكتب حزب "العمال" إلى لجنة المعايير البرلمانية في أغسطس الماضي، يطلب منها فحص ما إذا كان سلوك إليوت يتوافق مع "المعايير الأخلاقية التي يروج لها".
وطالب الحزب بمعرفة ما إذا كان الوزراء يجتمعون مع "المجلس الاستشاري" السري للمانحين وما تمت مناقشته معهم. وردت اللجنة بالقول إنها غير قادرة على فحص الحالات الفردية.
ومع ذلك، قالت السياسية في حزب العمال أنيليس دودز، إن إليوت يجب ألا "يتجنب التدقيق في أنشطته كرئيس مشارك لحزب المحافظين". وأضافت: "بوريس جونسون هو الذي عينه في هذا المنصب، لذا فإن المسؤولية عن تصرفات إليوت تقع في النهاية على عاتق رئيس الوزراء".
وكانت هناك مزاعم أيضاً بأن إليوت، يحتفظ بروابط مع شركة علاقات عامة شارك في تأسيسها، وضغطت على الحكومة نيابة عن شركة إقراض الرهن العقاري الثانوي في المملكة المتحدة "أميغو"، وشركة الاتصالات الصينية "هواوي".
من جهتها، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، في وقت سابق، إن بن إليوت البالغ من العمر 46 عاماً "جنى ثروة من مساعدة فاحشي الثراء على إقامة علاقات وإصلاح كل ما يرغبون فيه -سواء كان ذلك بإغلاق تايمز سكوير لحضور حفل زفاف، أو الاعتماد على المعارف لتأمين مكان في مدرسة للنخبة- وهو الآن متهم من داخل صفوف حزب المحافظين نفسه بطمس الخط الفاصل بين الأعمال والسياسة".
إليوت متهم داخل صفوف حزب المحافظين بطمس الخط الفاصل بين الأعمال والسياسة
وأضافت الصحيفة أن الأسبوع الثاني من شهر أغسطس الماضي كان "غير مريح بالنسبة لإليوت -وهو شخص يُزعم أنه مقيت ومتسلط- بعد أن قيل إنه أنشأ مجلساً استشارياً للمتبرعين الأثرياء من المحافظين الذين تمكنوا بانتظام من الوصول إلى رئيس الوزراء وريشي سوناك".
واعتبرت أنه "ربما الأمر الأكثر حرجاً هو أن الأمير تشارلز نفسه يشعر بالقلق من أن يصيبه ضرر جانبي، في خضم نزاع يقسم حزب المحافظين، بعد أن ادعى المتبرع المحافظ محمد أميرسي أن إليوت قدمه إلى وريث العرش لأنه كان عضواً في النخبة ضمن شركته".
وقال متحدث باسم حزب المحافظين رداً على مزاعم حول "المجلس الاستشاري" للصحيفة: "سيتم الإعلان عن التبرعات بشكل شفاف للجنة الانتخابات، لتقوم هي بنشرها، مع الامتثال الكامل للقانون".
ولفتت "الغارديان" إلى أن "مثل هذه الممارسات المزعومة لا تؤدي شيئاً يذكر لجعل بن إليوت محبوباً من أعضاء البرلمان المحافظين".
وقد أخبر شخص مطلع الصحيفة بأن "إليوت لم يكن محبوباً داخل الحزب، لأنه كان يميل إلى التحرك في الدوائر الأكثر تخلخلاً، ويبدو أنه لم يكن لديه سوى القليل من الوقت للقاعدة الشعبية".
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك "علاقة قوية بين إليوت، وزوجة رئيس الوزراء كاري سيموندز، وصديقهما المشترك زاك غولد سميث، الذي ساعده إليوت في تمويل حملته عندما ترشح عن حزب المحافظين لمنصب عمدة لندن عام 2016".
وقال غولد سميث لموقع "Conservative Home" في وقت سابق إن صديق طفولته "كان بلا شك الشخص الأكثر فاعلية الذي أعرفه في ما يتعلق بإنجاز الأمور، إنه الشخص المناسب، ولديه قدرة مذهلة على جذب الناس إلى جانبه، وقد مهّد ذلك لتعيينه بواسطة بوريس جونسون، كرئيس مشارك لحزب المحافظين".
وبشأن شركة Quintessentially، التي تصف نفسها بأنها "إمبراطورية تحقيق الرغبات"، بيّنت صحيفة "الغارديان" أنها أُنشئت في عام 2000.
ولفتت إلى أن "حجم الشركة نما اليوم بشكل كبير وأصبح لديها بحسب موقعها الإلكتروني، 60 مكتباً في جميع أنحاء العالم، وذلك على الرغم من أن نتائجها في الفترة الأخيرة تميّزت بالخسائر، وكان على الشركة أن تتجنب الادعاءات المتعلقة بعملها، إذ ورد أنه تم دفع الملايين في عام 2019، لتسوية دعوى بحقها خارج المحكمة من قبل اثنين من كبار المديرين التنفيذيين.
ويطرح كل ذلك علامات استفهام كبيرة حول إصدار السيسي قراراً جمهورياً خاصاً بتعيين إليوت في مجلس أمناء المتحف المصري الكبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.