ملك الأردن يتهم رافضى دستور يوسع صلاحيات الملك بمحاولة إفشال مسيرة التحديث
اتهم الملك عبد الله الثاني، مساء الاثنين، أطرافا لم يسمها بأنها "تريد لمسيرة التحديث أن تفشل".
حديث الملك جاء خلال لقائه رئيس مجلس الأعيان ورؤساء اللجان بالمجلس.
التصريحات الملكية سبقها عراك داخل البرلمان وجدل في الشارع الأردني حول تعديلات دستورية وسعت من صلاحيات الملك، وأخرى أثارت تساؤلات حول شكل الدولة الأردنية بعد إجراء 30 تعديلا على الدستور الأردني، منها 23 تعديلا اقترحته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية و 7 تعديلات أضافتها الحكومة تسببت في جدل كبير من بينها إضافة كلمة "أردنيات" إلى الدستور.
وشكل العاهل الأردني اللجنة الملكية في حزيران/ يونيو الماضي، على أمل إحداث تغييرات مفترضة في شكل الحياة السياسية للمملكة من خلال مراجعة قوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية، واقتراح تعديلات دستورية على أمل الوصول الى حكومات برلمانية بعد 10 سنوات.
الملك شدد في لقائه مع الأعيان على أن "السير بالتحديث السياسي يتطلب تعاون جميع الأردنيين، ومواصلة الحوار البناء، وإعادة الثقة بين المواطن والمسؤول، والتصدي لمحاولات البعض كسب الشعبوية والتحريض على الجهوية والعصبية".
وسبق هذه التصريحات الملكية، عراك بالأيدي بين أعضاء في مجلس النواب على خلفية تعديل المادة السادسة من الدستور وإضافة كلمة الأردنيات، بينما لم تخل شبكات التواصل الاجتماعي من الأصوات المحبطة و المشككة في جدوى التعديلات بعد سحب صلاحيات كبيرة من السلطة التنفيذية لصالح مجلس الأمن القومي، الذي رفض مجلس النواب أن يترأسه الملك.
هذه الجلبة حول التعديلات الأخيرة دفعت بعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، زيد النابلسي، إلى الحديث عن "تشتيت وحرف البوصلة عن الأهداف الرئيسية للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية".
وعلق عبر صفحته على "فيسبوك": "جلالة الملك تحدث بالأمس عن أطراف تريد لمسيرة الإصلاح أن تفشل.. وأنا أقول إنه لم يكن هنالك أي داع لاقتراح أي تعديلات دستورية غير "متصلة حكماً" بقانوني الانتخاب والأحزاب الجديدين كما نصت الرسالة الملكية لتعيين اللجنة بكل وضوح، أي فقط تلك التعديلات الضرورية لتفعيل مخرجات اللجنة الملكية والتي بغيرها لا تستقيم تلك المخرجات، ولا شيء غير ذلك".
المعارضون للتعديلات الدستورية ليسوا لونا واحدا، إذ احتج إسلاميون، ومحافظون وعشائر، وأحزاب يسارية على التعديلات الدستورية الأخيرة برمتها، إذ اعتبر حزب الوحدة الشعبية في بيان صحفي، الثلاثاء، أن "التعديلات الدستورية الجديدة تشكل تجاوزاً على دستور 1952.. وضرباً للمبدأ الدستوري ’الشعب مصدر السلطات‘".
أمين عام الحزب الوطني الدستوري، عضو اللجنة الملكية، أحمد الشناق، يقول لـ"عربي21"، إن "بعض قوى الشد العكسي تقف كالعصي في دواليب الإصلاح والذهاب نحو الدولة الوطنية الديمقراطية والحكومات البرلمانية الحزبية.. تصريحات الملك كانت رسائل الى الداخل والخارج لمن يقف حجر عثرة ويحاول التشكيك في قضية الإصلاح السياسي في البلاد.. كان الرد الملكي أن الأردن ماضٍ في عملية التحديث السياسي دون خوف، كلنا سمعنا ما أثير حول الهوية الجامعة التي فسرت على غير ما ذهبت إليه لجنة التحديث".
وحول الإضافات التي قامت بها الحكومة وأثارت الجدل يعلق الشناق: "صحيح أن اقتراح مجلس الأمن القومي جاء من الحكومة، لكن علينا الاعتراف بأن الأردن بالجوستراتيجا في المنطقة محاط ونعيش منطقة غير مستقرة على المستوى الأنظمة من انقلابات وتفتيت، والأردن يتعامل مع دول شقيقة بغض النظر عن طبيعة الحكومة، هنالك قوى لها موقف من النظام العراقي أو السوري، أو المصري، ودليل على ذلك انقسام أحزاب المعارضة على خلفية الموقف من الأنظمة العربية، لم نصل حتى الآن إلى مفهوم أحزاب الدولة، التعديل ضرورة، حتى تصبح الأحزاب لإدارة شؤون الدولة نحن بحاجة إلى مرحلة انتقالية".
ويتابع: "الإسلاميون وافقوا على كل مخرجات اللجنة الملكية، لكن أثيرت قضية الأردنيين والأردنيات، هنالك مقترح في التعديلات الدستورية أرسلناه للحكومة هو أن بعض القوانين بحاجة إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب للموافقة على تعديلها كي لا يتحكم حزب الأغلبية مستقبلا، منها قانون الانتخاب، أنا أرى الحل لتبديد المخاوف أن نضيف قانوني الأحوال الشخصية وقانون الجنسية لتلك القوانين لإرسال رسائل طمأنة".
أما الرافضون لتعديل المادة السادسة فانقسموا بين تيار ديني وآخر محافظ يعتبر أن إضافة كلمة الأردنيات للدستور يترتب عليه مأخذ قانوني، ينسحب على كامل البنية القانونية للدستور والتشريعات غير المتوائمة مع هذا التعديل، وقد يمس قوانين مثل الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية.
بينما يتخوف أنصار التيار المحافظ -الذين اعتصموا أمام مجلس النواب أيضا- من أن إضافة كلمة "الأردنيات" ستفتح بوابة تجنيس أبناء الأردنيات، اللائي يمنع قانون الجنسية منح أبنائهن الجنسية.
سهم العبادي صحفي من تيار "الوصفيون الجدد" (نسبة لرئيس الوزراء الراحل وصفي التل)، يتخوف أيضا من هذا التعديل، ويقول لـ"عربي21": "نرفض التعديلات برمتها، هذا عبث بالدستور ويتم تفصيله على مزاج سفارات ومنظمات مجتمع مدني، فهل أصبح السفير الأمريكي في عمان ناطقا باسم الحكومة الأردنية؟"، موضحا بأن "التعديلات الدستورية مرفوضة، يجب أن يكون هناك استفتاء شعبي وليس عرضها على مجلس نواب قراره خاضع لضغوط".
بدوره يقول، عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، قيس زيادين إن "الأطراف التي تحدث عنها الملك هي من الأشخاص المستفيدين من الوضع القائم، هناك شخصيات سياسية وغير سياسية لا تريد التغيير لأنها تضر بشبكة مصالحهم، رأينا رؤساء وزراء سابقين بدأوا فجأة يعربون عن قلقهم".
ويضيف لـ"عربي21": "هنالك تيارات أيضا انقلبت على التعديلات الدستورية مثل التيار الإسلامي الذي شارك بأربع شخصيات داخل اللجنة، حتى الآن لم يناقش جوهر مخرجات اللجنة المتمثلة بقانوني الأحزاب والانتخابات، الطريق لن تكون سهلة، هناك شخصيات لا تريد التقدم والإصلاح، اليوم انحرفنا إلى معارك دونكوشوتية مثل الهجمة على الهوية الجامعة، وهي هجمة مبرمجة لتخويف الناس من الإصلاح".
وأثارت توصيات اللجنة الملكية، لتحديث المنظومة السياسية حول ما أسمته "الهوية الوطنية الجامعة"، جدلا واسعا، في مجتمع يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين ولاجئين من دول أخرى.
اللجنة، قالت في توصياتها إنها تهدف للوصول إلى "سيناريو" توافقي حول تحديث المنظومة الانتخابية، وأبرزها: "تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وحماية وحدة المجتمع الأردني وتماسكه، والتمثيل العادل لفئات المجتمع الأردني ومناطقه كافة".
وأثارت التوصية ردود فعل واتهامات بمحاولة "تكريس فكرة الوطن البديل" الأمر الذي نفته اللجنة، التي أوضحت على لسان نائب رئيسها ووزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة، أن "الهوية الوطنية الجامعة أساسها سيادة القانون ومساواة الجميع أمام القانون".
من ناحية أخرى استغربت النائبة السابقة، وعضوة حزب جبهة العمل الإسلامي، الدكتورة حياة المسيمي، "الزج باسم الإسلاميين كمعارضين لعملية الإصلاح"، وتقول لـ"عربي21": "الإسلاميون مستفيدون من الإصلاح السياسي، وخصوصا إصلاح قوانين الأحزاب والانتخاب، لذلك فهم لن يقفوا ضد ذلك، والدليل مشاركتهم باللجنة، العديد انتقد مشاركة الإسلاميين باللجنة ومع ذلك استمررنا وقدمنا الاقتراحات والمشاركات.. من يطرح أن الإسلاميين هم المقصودون بكلام الملك رأيه غير منطقي وغير صحيح".
وكان الملك عبد الله الثاني، تعهد في رسالة لرئيس اللجنة سمير الرفاعي، بضمان مخرجات اللجنة في مواجهة أي تدخلات قائلا: "أضمن أمام الأردنيين والأردنيات كافة، أن نتائج عملكم ستتبناها حكومتي، وتقدمها إلى مجلس الأمة فورا ودون أي تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.