وفاة الاقتصادي أيمن هدهود في الحجز المصري بعد إخفائه من قبل الحكومة
(واشنطن العاصمة)- قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) أن الإخفاء القسري والوفاة الغامضة لأيمن هدهود يُظهران الغياب شبه التام لمحاسبة مسؤولي الشرطة والأمن المصريين، حتى عندما تؤدي أفعالهم إلى قتل المصريين.
يجب على الحكومة الأمريكية، الداعم العسكري والسياسي الرئيسي لمصر، إنهاء دعمها العسكري لمصر نظرًا لانتهاكات الحكومة الواسعة النطاق والممنهجة لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان تجاه مواطنيها.
قال جون هيرش، مدير البرامج في منظمة (DAWN): "يُظهر الإخفاء القسري المقلق للغاية والوفاة الغامضة لأيمن هدهود مدى الرعب الذي يعيشه العديد من المصريين ومدى قلة اهتمام حكومة السيسي بحياة الشعب المصري." وأضاف: "إلى أن يتم مساءلة مرتكبي هذه الجرائم، سيستمر المصريون في العيش في خوف من أن يكونوا هم أو أحد أصدقائهم أو أحد أفراد أسرتهم الضحية التالية."
أخفى مسؤولون مصريون قسرًا أيمن هدهود في 5 فبراير/شباط، في وقت سابق من هذا العام. توفي هدهود في مستشفى للصحة العقلية تديره الدولة في شرق القاهرة بالقرب من مدينة نصر في 5 مارس/آذار، لكن المسؤولين الحكوميين لم يُخطروا عائلة هدهود بوفاة أيمن إلا في 9 أبريل/نيسان. تواصلت منظمة (DAWN) مع صديق لعائلة هدهود لجمع والتحقق من معلومات حول اعتقاله ووفاته في حجز الدولة المصرية. على الرغم من قيام عائلة هدهود بمحاولات عديدة للتحقق من مكان أيمن وزيارته، إلا أنهم لم يعلموا أنه توفي منذ أكثر من شهر حتى ذهبوا لاستعادة جثته من المستشفى يوم السبت 9 أبريل/نيسان. لم يسمعوا أي شيء من أيمن أو يروه منذ اختفائه.
كان أيمن هدهود باحثًا اقتصاديًا مرموقًا وخريجًا من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. عمل مستشارًا ماليًا للجامعة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث ساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في مقاومة الفساد. على الرغم من أنه كان عضوًا مؤسسًا في حزب الإصلاح والتنمية، إلا أنه لم يكن ناشطًا سياسيًا، ولا يزال من غير الواضح سبب استهداف المسؤولين المصريين له وإخفائه، وسبب وفاته في حجز الدولة.
قال محمد كمال، الباحث في الشؤون المصرية في منظمة (DAWN): "الإخفاء الغامض والقتل غير المبرر لأيمن هدهود يُظهران أنه لا يوجد أحد بأمان في مصر السيسي." وأضاف: "هدهود كان باحثًا اقتصاديًا محترمًا، ولم يكن ناشطًا سياسيًا ولا تربطه صلات بمنظمات سياسية تنتقد الحكومة، والتي كثيرًا ما يستخدمها السيسي كذريعة للاعتقال والانتهاكات."
بعد إخفائه في 5 فبراير/شباط، استفسرت أسرة هدهود عدة مرات عن مكان تواجده، لكن الشرطة المصرية نفت اعتقاله أو احتجازه. وفي 8 فبراير/شباط، قال ضابط شرطة مجهول الهوية للأسرة أن مسؤولي جهاز أمن الدولة كانوا يحتجزون أيمن في مركز للشرطة في العامرية، في ضواحي القاهرة حيث كان يعيش أيمن. زار أفراد عائلة هدهود مركز الشرطة، لكن المسؤولين الحكوميين لم يؤكدوا القبض على هدهود ونفوا اعتقاله.
بعد حوالي أسبوع من اختفائه، علمت عائلة هدهود أن المسؤولين الحكوميين نقلوا أيمن إلى مستشفى العباسية للصحة العقلية لمدة 45 يومًا بسبب مرض انفصام الشخصية المفترض. ولا توجد سجلات تشير إلى إصابة هدهود بهذا المرض، ونفى عمر شقيق أيمن وعائلته بشدة إصابته بهذا المرض أو إصابته بمشكلات نفسية.
وطبقًا لما ذكره أحد أصدقاء العائلة، فقد أكد مسؤولو المستشفى وجود هدهود في المستشفى، لكنهم لم يسمحوا لأسرته بزيارته إلا بعد الحصول على إذن من النائب العام، حيث وضعه المسؤولون الحكوميون في قسم خاص في منشأة يشرف عليه وزارة الداخلية. يتطلب هذا القسم موافقة خاصة للزيارات العائلية، لكن النيابة رفضت هذا الطلب لعدم وجود سجل باعتقال هدهود أو أي ذكر له في القضايا الجنائية الجارية. بالطبع، بما أن المسؤولين الأمنيين أخفوا هدهود قسرًا في انتهاك لحقه في الإجراءات القانونية وبدون توقيفه، لم يكن هناك أي سجل لاعتقاله.
وفقًا لما أورده موقع مدى مصر وأكدته منظمة (DAWN)، اتصلت الأسرة بعد ذلك بأنور السادات، المؤسس المشارك لحزب الإصلاح والتنمية وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان. رفع السادات بلاغًا بشأن اختفاء هدهود إلى النائب العام ووزير الداخلية ومشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان. وبحسب ما ورد التقى بالنائب العام بشأن القضية في 8 أبريل/نيسان. وعلى الرغم من هذه الجهود، لم تزود الحكومة السادات أو عائلة هدهود بأي معلومات بخصوص أيمن.
بعد فترة الملاحظة التي استمرت 45 يومًا، قال عمر شقيق أيمن أن الأسرة عادت إلى جهاز الأمن القومي في مارس/آذار فقط لتعلم أن النيابة وجهت اتهامات إلى هدهود في مجمع نيابة زينهم. لم يؤكد المدعون مرة أخرى هذه المعلومات، ولم يناقشوا قضية هدهود.
خلال الأسبوع الأخير من شهر مارس/آذار، أبلغ مسؤولو مستشفى العباسية عائلة هدهود بوفاة أيمن. في يوم السبت، 9 أبريل/نيسان، اتصل مسؤولون مصريون بالعائلة من قسم 2 في مدينة نصر وأخبروهم أن بإمكانهم نقل جثة هدهود من المستشفى. في نفس اليوم، ذهب أفراد عائلة هدهود إلى المستشفى للتعرف على الجثة، وأخبروهم مسؤولو المستشفى أن أيمن توفي منذ أكثر من شهر، في 5 مارس. ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في وقت لاحق أنه تم إصدار شهادة وفاة بتاريخ 11 أبريل/نيسان تذكر نفس التاريخ أعلاه.
قدمت الحكومة المصرية منذ ذلك الحين روايات متضاربة متعددة عن اعتقال واحتجاز هدهود، مما يؤكد الإفلات من العقاب الذي يتصرف به جهاز الأمن والشرطة والمدعين العامين في مصر. وقالت وزارة الداخلية أن المسؤولين أرسلوا هدهود إلى مستشفى العباسية في فبراير/شباط بعد محاولته اقتحام شقة بحي الزمالك وسط القاهرة وإبداء "سلوك غير مسؤول." في المقابل، تُظهر سجلات المستشفى الذي مكث فيه هدهود، حسب بعض التقارير، أن المسؤولين الحكوميين اعتقلوه به بعد محاولته المزعومة سرقة سيارة في السنبلاوين بالدقهلية، خارج القاهرة. كررت النيابة، بعد أن أنكرت في البداية اعتقال هدهود أو وجود أي معلومات عنه لأسابيع، هذا التفسير عندما تحدثوا مع العائلة في قسم شرطة مدينة نصر الثاني في 9 أبريل/نيسان. لم يوضح المدعون سبب وجود هدهود في السنبلاوين التي تبعد أكثر من 100 كيلومتر من المكان الذي كان يعيش فيه.
قال هيرش: "إن قيام النائب العام فجأة بتكرار قصة غريبة وغير منطقية من المفترض أن تكون ضمن سجلات مستشفى أيمن لتبرير اعتقاله واختفائه بعد شهور من إنكار اعتقاله أو احتجازه، يساعد في توضيح سبب افتقار مكتب المدعي العام لأي مصداقية في مصر." وأضاف: "لا يمكن تصديق التفسير الذي قدمته الحكومة بشأن اختفاء أيمن واحتجازه، خاصة بعد أن نفى المسؤولون المصريون لأشهر علمهم بمكان أيمن أو وضعه."
أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان في 11 أبريل/نيسان بيانًا أعرب فيه عن قلقه من "الإخفاء القسري المزعوم للمتوفى"، وأنه ينتظر نتائج تحقيق النيابة العامة، بما في ذلك تشريح الجثة، بشأن سبب وفاة هدهود وإذا ما إذا كان قد تعرض للتعذيب أثناء وجوده في حجز الدولة. ذكر أفراد عائلة أيمن أن جثته ظهرت عليها آثار التعذيب وأنهم التقطوا صورًا لتوثيق هذا الانتهاك، لكن العاملين بالمستشفى هددوا بعدم الإفراج عن جثمان أيمن لدفنه ما لم تحذف الأسرة هذه الصور. امتثلت الأسرة ودُفن أيمن في وقت لاحق من ذلك المساء.
وفي اليوم نفسه، أصدرت النيابة العامة بيانًا بشأن وفاة هدهود عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك. هذا البيان كرر رواية وزارة الداخلية—وليس التفسير الذي أصر عليه الادعاء قبل يومين فقط عندما تحدثوا إلى العائلة—حول محاولة هدهود دخول شقة في حي الزمالك. لكن البيان حدد يوم 6 فبراير/شباط بأنه تاريخ الاعتقال، وليس 5 فبراير/شباط. كما زعم البيان أن الذي اتصل بالشرطة للإبلاغ عن الحادثة كان حارسًا وليس بوابًا، كما تم ذكره سابقًا.
وزعم البيان أن هدهود كان "غير مفهوم" يوم اعتقاله، ونتيجة لذلك، طلب المدعي العام أمرًا من المحكمة باحتجازه في مستشفى حكومي لتقييم حالته العقلية. تدعي النيابة العامة أن الأمر قد تم إيداعه في مكتبها وأنها أعطت مسؤولي الطب النفسي في مستشفى العباسية سلطة إعداد تقرير عن حالة هدهود العقلية ومدى مسؤوليته عن أفعاله في الحادثة المزعومة في الزمالك.
وتابع البيان أن النيابة العامة أُبلغت بوفاة هدهود في 5 مارس/آذار وأن هدهود توفي في مستشفى العباسية بسبب هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى توقف قلبه. وبحسب البيان، فإن جثة هدهود كانت خالية من أي إصابات وأكد مفتش صحي عدم وجود اشتباه جنائي في وفاته، وشهد اثنان من أشقاء هدهود، عادل وأبو بكر—وكلاهما مذكورين في البيان الآن للمرة الأولى—بأنهما لا يشتبهان في وجود عمل جنائي في وفاته. وزعم البيان أن عادل وأبو بكر قالا أيضًا أن هدهود أظهر أفعالًا مماثلة لتلك التي وقعت في يوم الحادثة المزعومة في الزمالك وكررا ادعاء الحكومة بأن هدهود يعاني من مرض انفصام الشخصية.
قال كمال أن "تقرير النيابة يتعارض مع روايتها الخاصة بوفاة هدهود التي قدمتها لعائلته قبل يومين فقط، وتتناقض أيضًا مع أقوال الأسرة حول صحة أيمن العقلية والإصابات التي رأوها على جسده في المستشفى بتاريخ 9 أبريل/نيسان." وأضاف: "هذه التناقضات الكبيرة والحقائق الملائمة للغاية تجعل من الصعب للغاية تصديق هذا البيان أو الوثوق بهذه الرواية للأحداث."
الاعتقالات التعسفية وعمليات الإخفاء القسري شائعة في مصر، والتعذيب الذي ترعاه الدولة منتشر ومنهجي للغاية لدرجة أنه قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية. هناك ما لا يقل عن 60 ألف سجين سياسي داخل مصر. كما ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها الخاص بحقوق الإنسان حول مصر والذي نُشر في 12 أبريل/نيسان، فإن ظروف السجون المصرية غالبًا ما تكون "قاسية أو تهدد الحياة"، وهناك تقارير موثوقة عن قيام قوات الأمن بتعذيب الأشخاص حتى الموت في السجون ومراكز الاحتجاز المصرية.
الإهمال الطبي والحرمان المتعمد من الرعاية الصحية للسجناء أمر شائع. ومما لا يثير الدهشة، وفاة العديد من السجناء والمعتقلين في السجون المصرية في عهد الرئيس السيسي. العدد الحقيقي للوفيات غير معروف بسبب تضليل الحكومة وغياب الشفافية، لكن لجنة العدل وثقت 958 حالة وفاة بين المحتجزين، بينهم 9 قاصرين، بين 30 يونيو/حزيران 2013 و 1 ديسمبر/كانون الأول 2019 فقط. وتوفي بالفعل عدد من السجناء في السجون المصرية هذا العام.
على الرغم من هذه الانتهاكات الموثقة جيدًا، تقدم الحكومة الأمريكية عادةً 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية سنويًا لمصر، وهي مساعدات تتدفق إلى مؤيدي السيسي العسكريين والمسؤولين الأمنيين، ما يمكّن السيسي ويساهم في هذه الانتهاكات. في العام الماضي، حجبت وزارة الخارجية 130 مليون دولار من هذا المبلغ، متجاوزة جهود الكونغرس لحجب 300 مليون دولار إلى أن تكمل الحكومة المصرية عددًا قليلًا من الخطوات الأساسية لإظهار تقدم ضئيل على الأقل في إصلاح وضع حقوق الإنسان. قبل أيام قليلة فقط من قرار حجب هذا المبلغ الضئيل من المساعدات، وافقت الحكومة الأمريكية على صفقة أسلحة ضخمة بقيمة 2.5 مليار دولار مع مصر على الرغم من المخاوف الواضحة بشأن حقوق الإنسان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.