الأحد، 21 أغسطس 2022

أعراس المصريين... الغلاء ضيف دائم "بلا دعوة"

رابط التقرير

أعراس المصريين... الغلاء ضيف دائم "بلا دعوة"

اتجه كثيرون من المقبلين على الزواج إلى إلغاء الاحتفالات الضخمة توفيراً للنفقات


دائماً ما كانت أشهر الصيف في مصر موسماً لحفلات الزفاف، تزامناً مع العطلات والعائدين من الخارج لقضاء إجازاتهم السنوية، لكن الظروف الاقتصادية الأخيرة ألقت بظلالها على طقوس الزواج للطبقة المتوسطة، فأصبح تأجير قاعة بأحد الفنادق أو النوادي الكبرى يتكلف مبالغ طائلة ليس لها وجود عند العروسين وأسرتيهما، خصوصاً أن تجهيزات العرس  أخذت أكثر مما كان مخططاً لها، نتيجة الارتفاع الكبير الذي طال الأسعار.

مثل كل شيء، فإن قاعات الأفراح في مصر تتفاوت مستوياتها، فمن قاعات الفنادق الفاخرة التي تتطلب إقامة الفرح فيها مئات الآلاف من الجنيهات، وغالباً لن تتضرر الطبقة التي تستهدفها كثيراً من الأزمة الأخيرة، إلى القاعات البسيطة الموجودة في المناطق الشعبية، وما بينهما تقع فئة كبيرة من النوادي والفنادق تستهدف الطبقة المتوسطة التي غالباً ما تكون هي الأكثر معاناة من أي إجراء اقتصادي جديد.

الظروف الاقتصادية دفعت كثيراً من المقبلين على الزواج إلى إلغاء فكرة إقامة حفل زفاف كبير والبحث عن بديل أقل في الكلفة مثل عقد القران في واحدة من القاعات الملحقة بالمساجد، حيث يتم حجز القاعة لمدة ساعة واحدة يعقد فيها القران وينتهي الأمر من دون أي نفقات أخرى غير ثمن حجز القاعة وتقديم مشروب أو شوكولاتة للمدعوين أو الاتجاه إلى إقامة احتفال صغير لعدد محدود من المدعوين باعتباره في النهاية سيكون أفضل من لا شيء.

"ميني فرح"

ارتفاع كلفة إقامة حفلات الزفاف في القاعات الكبرى دفعت كثيرين إلى إيجاد حلول غير تقليدية تتماشى مع طبيعة الظرف الراهن، فظهر مصطلح "ميني فرح" الذي اعتمدته أخيراً قاعات أفراح كثيرة إذ يتيح للعروسين إقامة حفل زفاف صغير بكلفة تصل إلى نصف السعر المعتاد، لكن بتقديم خدمات أقل، فلا مجال للبوفيه الذي يضم ما لذ وطاب من الأطعمة، وإنما مجرد ضيافة بسيطة للمدعوين ولا سهر حتى الساعات الأولى من الصباح، إنما كامل الفرح سيستغرق ثلاث ساعات على الأكثر.

كثير من المقبلين على الزواج اختاروا ذلك على اعتبار أنه يمثل حلاً وسطاً بين إقامة حفل زفاف واحتفال يجمع الأهل والأصدقاء وبين ضغط النفقات إلى أقصى درجة في ظل الارتفاع الكبير بالأسعار.

يقول عماد مدير إحدى قاعات الأفراح بالقاهرة "اتجهنا في الأشهر الأخيرة إلى فكرة ميني فرح، وبدأنا الإعلان عنها وبالفعل لاقت قبولاً وانتشاراً بين المقبلين على الزواج، فقاعات الأفراح بشكل عام عانت ركوداً كبيراً في الأعوام الأخيرة بسبب فيروس كورونا ومنع التجمعات لفترة طويلة، ومن بعدها الارتفاع الكبير في الأسعار الذي أرغم كثراً من المقبلين على الزواج على إلغاء الفرح تقليلاً للنفقات، فإقامة حفل زفاف عادي  لنحو 100 فرد أصبحت كلفته تعادل 25 ألف جنيه (نحو 1200 دولار أميركي) ويمكن أن تزيد إلى أضعاف هذا المبلغ بحسب طلبات العروسين، أما في حال ميني فرح فستكون الكلفة في حدود 12 ألف جنيه (650 دولاراً أميركياً) وهو بالطبع فرق كبير".

ويضيف "أشهر الصيف دائماً ما كانت موسماً لقاعات الأفراح في مصر وكان يجب حجزها قبل أشهر لكثافة الطلب خلال هذه الفترة، لكن الأعوام الأخيرة بسبب فيروس كورونا والارتفاع الكبير بسعر الدولار أثرت بدرجة كبيرة في الإقبال على إقامة حفلات الزفاف ولهذا نسعى إلى إيجاد بدائل تمكننا من الاستمرار".

العودة إلى البساطة

لفترات زمنية طويلة، كانت حفلات الزفاف لا تتم بمثل هذه الضخامة التي اعتاد الناس عليها أخيراً، وقدم كثير من الأفلام المصرية القديمة مشاهد لحفلات زفاف الطبقة المتوسطة التي كانت تقام في المنازل، حيث يجلس العروسين داخل "الكوشة" ويحيط بهما الأهل والأصدقاء مع فقرات بسيطة وينتهي الأمر، والمثال  على ذلك هو الفيلم الشهير "أم العروسة" الذي أنتج عام 1963 وقدم توصيفاً دقيقاً لشكل الزواج وتفاصيله عند الطبقة المتوسطة في مصر.

 لكن العقود الأخيرة شهدت تصاعداً كبيراً في نفقات الأفراح ومبالغات بالتفاصيل، فانتقلت الحفلات من المنازل إلى قاعات الأفراح في النوادي والفنادق الكبرى مع كثير من التفاصيل مثل الديكورات الضخمة والفقرات الفنية والبوفيه الفاخر الذي يضم أصناف مختلفة من الطعام، بالتالي نفقات كبيرة أصبحت حالياً فوق قدرة كثير من المنتمين لما يسمى الطبقة المتوسطة، فأصبحت العودة إلى البساطة أمراً لا مفر منه.

يقول ياسر وهو متزوج منذ ثلاثة أشهر، "عند بداية الخطبة منذ عامين كنا نعاني من ظروف كورونا وإلغاء التجمعات، لذلك أقمنا تجمعاً عائلياً بسيطاً في المنزل اقتصر على الأسرتين فقط، وبعد مرور عامين عندما حان وقت الزفاف فوجئنا بالأسعار المبالغ فيها جداً، فوجدنا أن إقامة حفل زفاف بقاعة متوسطة وليست فاخرة ستصل كلفته إلى نحو 35 ألف جنيه (نحو 2000 دولار أميركي) وهو رقم كبير، خصوصاً في ظل الكلفة العالية لكل مستلزمات الزواج وتجهيزات المنزل التي قمنا بشرائها أخيراً مع الارتفاع الكبير في الأسعار".

ويضيف "الظروف السابقة دفعتنا إلى إلغاء الفكرة وإقامة عقد قران في قاعة ملحقة بأحد المساجد حتى نتمكن من السفر لقضاء أيام عدة كشهر عسل. كلفة القاعة بكل مشتملاتها لم تتعد 10 آلاف جنيه (نحو 550 دولاراً) لم نتردد أنا والعروس في الأمر، خصوصاً أن كلاً منا لا يحب الاحتفالات الصاخبة ويفضل البساطة".

بينما تقول آلاء، وهي عروس حفل زفافها الشهر المقبل، "كنت دائماً أتمنى أن أقيم حفل زفافي في واحدة من قاعات الفنادق الكبرى المطلة على النيل، لكن الارتفاع الكبير في الأسعار جعل هذا الأمر يبدو مستحيلاً، وفي الوقت ذاته فكرة إلغاء حفل الزفاف من الأساس محبطة للغاية، فكان البديل فكرة ’ميني فرح‘ التي بدأت بالانتشار أخيراً، وبالفعل سنقيم حفل زفاف صغيراً في واحدة من قاعات النوادي على النيل بما يعادل ربع الكلفة في الفنادق الكبيرة، فالظروف الاقتصادية أصبحت تحتم علينا التكيف معها ومحاولة إيجاد بدائل مناسبة".

ثلاثة في واحد

اتجه بعض العرسان إلى إلغاء إقامة أكثر من احتفال، فسابقاً كان هناك حفل للخطبة وآخر للزفاف وأحياناً حفل منفصل لعقد القران، وبالطبع كل حفل يتكلف نفقات كثيرة ما بين إيجار المكان وفستان العروس والديكورات وضيافة المدعوين وفقرات الحفل، فاتجه كثير من الناس حالياً إلى إقامة تجمع عائلي صغير للخطبة يقتصر على أسرتي العروسين في منزل العروس، ومن ثم إقامة حفل الزفاف الذي غالباً أصبح هو الآخر بسيطاً وغير مبالغ فيه ضغطاً للنفقات.

وتقول ريم، وهي عروس متزوجة حديثاً، "كان الشائع في عائلتي عند الزواج إقامة حفل كبير للخطبة وآخر عند الزفاف وقد يتم عقد القران في حفل ثالث أو تجمع كبير بالمنزل، لكن في الظروف الحالية أصبح هذا شبه مستحيل بسبب الكلفة العالية جداً لكل احتفال منها، بالتالي أصبحت الاحتفالات الثلاثة تقام في حفل واحد هو حفل الزفاف، فترتدي فيه العروس الشبكة (الذهب) ويعقد القران فيقلل هذا كثيراً من النفقات"، وتضيف "كل ما يتعلق بحفلات الزفاف أصبح مكلفاً جداً حتى بعيداً من أسعار القاعات، ففساتين الزفاف ومراكز التجميل والمصورون أصبحوا يطلبون مبالغ كبيرة وبات حفل الزفاف يحتاج موازنة ضخمة يسعى الناس حالياً إلى تقنينها في ظل هذه الظروف".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.