الذين حفروا قبر مصر
جعجع السيسي خلال لقائه مع طلبة الكلية الحربية امس السبت متبجحا قائلا: «كل الشعب يقدر دور وجهد القوات المسلحة في مصر ما عدا الأشرار فقط»
اذن اليك ايها الجنرال العسكري الذى تفتقد الى المصداقية الحقيقة التى تهرب منها وتتطاول بالسب ضد أصحابها من الشعب المصري
ـ مصر الدولة الوحيدة فى العالم التي تُحكم بشكل عسكري متواصل منذ انقلاب 1952 وسقوط الملكية، باستثناء العام الوحيد الذي تولى فيه الرئيس الراحل محمد مرسي السلطة بعد ثورة 25 يناير (2011).
- مصر من بين خمس دول فقط في العالم التي يحكمها العسكر حالياً، مالي وتشاد وغينيا وميانمار.
- مصر معظم وزرائها ومحافظيها ومسئوليها من العسكر رغم ان الأصل أن يكونوا مدنيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والأمن.
ـ مصر الدولة الوحيدة التي ينص دستورها على أن الجيش هو حامي المدنية والديمقراطية حسب المادة 200 من الدستور المصري التي تنص على أن "القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد..". وهو وضع يكرّس الوصاية العسكرية على الحياة المدنية في مصر من خلال الدستور، وهو أمر غير موجود في أي دستور آخر فى العالم، بما في ذلك الأنظمة السلطوية.
ـ مصر هي الدولة الوحيدة التي ينصّ دستورها على أن وزير الدفاع يجب أن يكون شخصية عسكرية، حسب المادة 201 من الدستور المصري التي تنص على أن "وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها". الأصل في الوزراء أن يكونوا مدنيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والأمن، إلا إذا كان هناك استثناءات في ظروف معينة ولفترات محدودة وبضوابط قانونية ودستورية، أما في مصر فإن القاعدة هي العسكرة وليس العكس.
ـ مصر من الدول القليلة جداً التي لا يكون فيها تعيين وزير الدفاع إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حسب نص المادة الـ 234 من الدستور المصري التي تنص على ألا يكون تعيين وزير الدفاع إلا بعد موافقة هذا المجلس. ولنتخيل السيناريو مثلاً بعد وصول شخص مدني إلى السلطة في مصر لن يكون بمقدوره، ولا من سلطاته، اختيار وزير الدفاع، إلا بعد موافقة العسكر عليه، وهو وضعٌ شاذّ وغير موجود في أي بلد باستثناء مصر.
ـ مصر من الدول القليلة جداً التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية حسب نص المادة الـ 204 التي تعطي صلاحيات واسعة جداً للقضاء العسكري غير موجودة في أي بلد آخر. وقد وُسِّعَت هذه الصلاحيات بعد انقلاب 3 يوليو (2013)، بشكل غير مسبوق، وذلك لضم المنشآت المدنية التي تتولّى القوات المسلحة حمايتها، كالمستشفيات والجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية، إلخ تحت الحماية العسكرية. ما يعني أنه لو حدث خلافٌ بين أي مواطن وأحد العاملين في واحدة من هذه المؤسسات سيتعرّض المواطن لمحاكمة عسكرية.
ـ مصر هي الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها كبار القادة العسكريين بحصانة قانونية ودبلوماسية، بحيث لا يمكن محاكمتهم عن أية جرائم تورّطوا بها، خصوصاً ما بين عامي 2013 و2016. وهي الفترة التي شهدت أكبر عدد من المذابح المروّعة في تاريخ مصر المعاصر، مثل مذبحة "الحرس الجمهوري" في يوليو 2013 ومذبحتي ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس من العام نفسه. كذلك يتمتع هؤلاء القادة بحصانة دبلوماسية إذا سافروا خارج البلاد، حسب نص القانون رقم 161 لسنة 2018 في شأن معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذي أصدره عبد الفتاح السيسي من أجل حماية المتورّطين في مذابح وجرائم قتل المتظاهرين خلال الفترة المذكورة.
- مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى اصدر فيها حاكمها قرارة العسكرى ''السرى'' الاخير فى شهر يوليو الماضى 2022 يقضى فية أن يتمتع الضباط والأفراد فيها بحصانة تمنع أي جهة مدنية من مساءلتهم، ومَن يمس بهذه الحصانة يخضع للتحقيق الفوري والمساءلة أيّا مَن كان من المؤسسات المدنية، بما في ذلك أي مؤسسة رقابية أو شرطة مدنية أو أي قضاء مدني؛ إذ يتم القبض على المخالفين عن طريق الشرطة العسكرية، وقد تصل العقوبة للسجن العسكري.
- مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى جرى فيها تعديل 6 قوانين عسكرية فى خمس دقائق من اجل تفعيل مادة عسكرة مصر رقم 200 فى دستور السيسى على أرض الواقع عمليا.
ـ مصر لا يعرف شعبها حجم ميزانية جيشها، ولا من أين تأتي هذه الميزانية، ولا كيف تُنفَق وتُصرَف. ولعل المفارقة هنا أن ميزانية الجيش وبقية مؤسسات الدولة تأتي من جيوب المواطنين من خلال الرسوم والضرائب التي يدفعونها، وتموّل أكثر من 70% من الميزانية العامة في مصر، وبالتالي من حق المواطن الطبيعي معرفة كيف تُنفق هذه الضرائب، وما إيرادات الجيش ومصروفاته، وهذا أضعف الإيمان.
ـ مصر الدولة الوحيدة التي يوجد فيها أكبر عدد من العسكريين السابقين الذين يشغلون وظائف مدنية في كل القطاعات، كالجامعات، والمعاهد القومية، والبحوث، والشركات القابضة، وجمعيات حماية المستهلك، والإذاعة والتلفزيون، إلخ. وأغلب هذه الوظائف تقدّم في شكل رشىً سياسية ومالية من أجل شراء ولاء العسكريين السابقين للنظام وضمانه، بعد حتى خروجهم من الخدمة. كذلك إن تولي هذه الوظائف لا يتم بشكل مهني محترف على أساس الكفاءة أو الخبرة، بل من خلال علاقات شخصية وزبائنية، وهو وضع غير موجود في أي دولة أخرى سوى مصر.
ـ مصر فيها أكبر عدد من المحافظين من القيادات السابقة في الجيش والشرطة (20 لواءً سابقاً من أصل 27 محافظاً، حسب آخر إحصائية عام 2019) معظمهم من الجيش، وذلك في أكبر عملية عسكرة للدولة ومحافظاتها منذ انقلاب 1952.
ـ مصر الدولة الوحيدة التي زادت فيها مرتبات ضباط الجيش والشرطة وعلاواتهم حوالى 15 مرة خلال آخر عشر سنوات. حيث عُدِّل قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 أكثر من مرة، بما يتضمن زيادته سنوياً أول يناير من كل عام بنسبة 15% لمدة سبع سنوات. من أجل استرضاء الضباط وضمان ولائهم.
- الوظيفة الأساسية للجيوش هي الدفاع عن الأمن القومي للبلاد وحماية الحدود، وليس منافسة الشركات المدنية والقطاع الخاص
ـ الجيش المصري هو الجيش الوحيد الذي يمتلك إمبراطورية اقتصادية ومالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات. ويشرف على ما يقرب من 2300 مشروع اقتصادي، بدءاً من إنتاج المواد الغذائية، كالمكرونة والخبز والأسماك، وحتى البنية التحتية كالطرق والكباري (الجسور) وإنتاج الحديد. وهو وضعٌ شاذٌّ وغير موجود في أية دولة أخرى، فالوظيفة الأساسية للجيوش هي الدفاع عن الأمن القومي للبلاد وحماية الحدود، وليس منافسة الشركات المدنية والقطاع الخاص في المجالات والأنشطة الاقتصادية كافة.
ولا يوجد أي نوع من الرقابة والمحاسبة على هذه الإمبراطورية المالية والاقتصادية الضخمة للجيش المصري، سواء رقابة برلمانية أو شعبية أو قضائية. ولا يعلم أحد شيئاً عن هذه الإمبراطورية، ولا توجد أية سلطة رقابية عليها، بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يراقب كل الأنشطة الاقتصادية والمالية في مصر.
الخلاصة أن العسكر في مصر يتحكّمون بشكل كامل في الحياة السياسية (برلمان وانتخابات وأحزاب ومجتمع مدني، إلخ) والإعلام (قنوات فضائية، صحف، وجرائد، ومواقع إلكترونية) الفن (تلفزيون وسينما وإبداع ونشر).
باختصار، يتحكّم العسكر في مصر في كل شيء، ويديرون كل شيء، ويسيطرون على كل شيء. لذلك، لا أمل في حدوث تغيير حقيقي في مصر من دون فهم هذه الحقائق، ومن دون تفكيك "جمهورية الضباط" بشكل حقيقي، يضمن عودتهم إلى ثكناتهم ووظيفتهم الطبيعية في حماية البلاد والحفاظ على مقدّراتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.