كيف ارتفعت الأسعار في مصر بصورة ماراثونية كبيرة خلال 10 أعوام من حكم السيسى؟
بالتزامن مع قرار الحكومة المصرية زيادة سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة 300 في المئة لأول مرة منذ 30 عاما، بحسب تصريحات لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي جدلا كبيرا بسبب غضب المصريين من استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية بين الحين والآخر.
وخلال السنوات العشر الماضية منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رسميا مهام رئاسة مصر في عام 2014، ارتفع سعر الدولار الأميركي مقابل الجنيه (العملة المحلية) والذي انعكس بدوره على أسعار جميع السلع، لتعلو الأصوات التي تشكو من الغلاء الشديد وصعوبة المعيشة، خاصة ما يتعلق بأسعار الأطعمة الأساسية، لا سيما بعد عزوف الكثيرين عن شراء السلع الترفيهية والمستوردة.
معاناة الأسر مع السلع الغذائية
قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأميركية بالقاهرة، كريم أبو المجد، لموقع "الحرة" إن المصريين اعتادوا مقارنة الأسعار خلال السنوات الماضية بسعر كرتونة البيض أو كيلو "البانيه" أو صدور الدجاج الأبيض المنزوع من العظام أو كيلو اللحم البقري البلدي، وهي السلع التي تستخدمها الأسر بصورة منتظمة في وجباتها الأسبوعية، لكن مع ارتفاع الأسعار بصورة مضاعفة خلال الأعوام العشر الماضية، باتت الأزمة عميقة في المجتمع بسبب زيادة جميع أسعار السلع الأساسية المحلية الأخرى وليس اللحوم فقط.
وأضاف أن "المعاناة من شراء الاحتياجات الأسبوعية والشهرية للأسر المتوسطة في مصر، باتت حالة متجددة كل مرة يقررون فيها الذهاب للسوق أو للسوبر ماركت، حتى أن فكرة الالتزام بقائمة الاحتياجات الأساسية فقط أو وضع ميزانية محددة للمشتريات صار أمرا صعبا مع أسعار تزيد بصورة يومية وأحيانا كل ساعة".
وأعطى الخبير الاقتصادي صورة تلخص الفرق بين أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال الأعوام العشر الماضية، قائلا إن "أسعار السلع في مصر ارتفعت أكثر من 4 مرات خلال عقد، كما تراجعت قيمة الجنيه المصري بنحو 78% خلال 10 سنوات".
وأضاف أنه "وبمقارنة أسعار السلع الغذائية الأساسية خلال الأعوام العشر الماضية، نجد أن أسعار السلع التي كان المصريون يشترونها بـ100 جنيه في عام 2014 وصلت إلى نحو 444 جنيهاً في 2024، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء".
وتابع أبو المجد "ويعني هذا أن أسعار السلع ارتفعت أكثر من 4.4 مرات خلال 10 سنوات، وأن المصريين فقدوا نحو 77% من قدرتهم الشرائية خلال الفترة نفسها".
وأشار إلى أن "السلع الأساسية التي نتحدث عنها لا تتضمن بالطبع الملابس والأدوات المدرسية أو الأجهزة الكهربائية أو مواد البناء وغيرها، والتي تحولت إلى رفاهيات لا يفكر فيها الكثيرون".
وانتقد الخبير الاقتصادي سياسات الحكومة، قائلا إنه "ليس من الطبيعي أن ترفع الدولة الضرائب المفروضة على الشعب وفي الوقت نفسه، تضاعف الأسعار"، محذرا من خطورة ما يحدث اقتصاديا على تركيبة المجتمع وانهيار الطبقة المتوسطة واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء".
وأضاف أن "موازنة العام المقبل 2024/ 2025، كشفت ارتفاعا في الضرائب المحصلّة بنسبة تتجاوز 32%، وذلك على الرغم من زيادة حد الإعفاء الضريبي على ضريبة الدخل إلى 60 ألف جنيه بداية من العام الحالي، بعدما زادت الحصيلة الضريبية من 1.55 تريليون جنيه العام الجاري إلى نحو 2 تريليون جنيه في العام المالي المقبل".
وتابع "وترجع الأسباب الرئيسية في زيادة معدلات الضرائب المُحصلّة إلى زيادة حصيلة الضريبة على القيمة المضافة على السلع بنسب تزيد عن 30%، فضلاً عن زيادة حصيلة الضرائب المقتطعة من رواتب الموظفين الحكوميين بنسب 26.5%، وزيادة قيمة الضرائب المحصلة من قناة السويس بسبب زيادة سعر الصرف بعد وصول الدولار لأكثر من 47 جنيهًا".
تضاعف الأسعار
وبمقارنة أسعار أبرز السلع الغذائية الأساسية، في مارس ٢٠2٤، مقابل مثيلاتها في مارس ٢٠1٤، بالاعتماد على بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نجد مضاعفة الأسعار أكثر من مرة خلال السنوات العشر الماضية.
وبلغ متوسط سعر كيلو اللحم البقري والجاموسي، في مارس 2024، إلى ٤٠٣ جنيه، مقابل ٧٦ جنيه، في مارس 2014.
ووصل سعر الدجاجة، في مارس 2014، ٢٥ جنيه، مقابل متوسط سعر بیع كیلو لحم دجاج مزارع بقيمة 108 جنيهات.
وبالنسبة للبيض، وصل سعر الواحدة ٥.٦ جنيه، في مارس ٢٠٢٤، مقابل ١.١٠ جنيه، في مارس 2014.
ووصل متوسط سعر كيلو السمك البلطي، في مارس ٢٠٢٤، ٩٠ جنيه، مقابل ٢٣ جنيه، في مارس 2014.
وبلغ متوسط سعر كيلو الجبن الأبيض، في مارس ٢٠٢٤، ١٥٧ جنيه، مقابل ٣٨ جنيه، في مارس 2014.
وبالنسبة للخضروات في مارس ٢٠٢٤، وصل سعر كيلو الثوم ٦٥ جنيه، والبصل ٣٠ جنيه، والطماطم ١٦ جنيه، مقابل الأسعار في مارس ٢٠١٤ والتي بلغت ٦ جنيه للثوم، و٥ جنيه للبصل، و٤ جنيه للطماطم.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، في مارس الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن قفز إلى 35.7 بالمئة في فبراير من 29.8 بالمئة في يناير، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.
وتأتي الزيادة نتيجة لخفض قيمة العملة المحلية، حيث سمح البنك المركزي، للجنيه المصري بالانخفاض إلى نحو 50 جنيها للدولار من 30.85 جنيه، وهو المستوى الذي كان ثابتا عنده على مدى الاثنى عشر شهرا الماضية.
قرار جريء
لكن الخبير الاقتصادي، سليم كامل، قال لموقع "الحرة" إنه "بالنظر لعجز الميزان التجاري وانخفاض التصدير والأزمات العالمية، ليس من الطبيعي أن تكون الأسعار ثابتة خلال العشر أعوام الماضية".
وأيد قرار الحكومة برفع سعر رغيف العيش وغيرها ورفع الدعم، قائلا إن "عدد المستفيدين من الدعم السلعي ورغيف الخبز يصل نحو 70 مليون مواطن، ولذلك ظل الدعم عبئا على الموازنة المصرية منذ عشرينيات القرن الماضي وكان مصدرا لقلق الحكومات المتتالية لصعوبة التعامل معه".
وأضاف أن "أرقام الدعم تطورت على مدار سنوات ليرتفع من نحو مليار جنيه في بداية الثمانينات ليسجل في موازنة العام المقبل 2024/2025 نحو 636 مليار جنيه".
وتابع أنه "لا شك سيشعر المواطن بارتفاع الأسعار وزيادة معدلات التضخم".
لكنه يرى أن "قرار الحكومة المصرية جريء، خاصة أن الحكومات السابقة كانت تتجنب الاقتراب من هذا الملف، لكنه لم يعد خطٍا أحمر، إذ بدأت الدولة المصرية التحرك بشكل فاعل للتخلص منه والتخفيف عن الموازنة مع خطة للتحول للدعم النقدي واستهداف الفئات الأكثر احتياجا".
الحرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.