الاثنين، 22 يوليو 2024

هل تصمد وعود الحكومة المصرية بعدم قطع الكهرباء؟

 

رابط تقرير موقع الحرة


هل تصمد وعود الحكومة المصرية بعدم قطع الكهرباء؟


دخلت وعود قطعتها الحكومة المصرية، بوقف خطة تخفيف أحمال الكهرباء، حيز التنفيذ فعليا الأحد، إذ أفاد مواطنون في مناطق مصرية مختلفة باستقرار التيار الكهربائي، في حين رهن خبراء استمرار الخدمة بلا انقطاع، بقدرة الحكومة على توفير الوقود.

وقال المتحدث الرسمي لوزارة الكهرباء، أيمن حمزة، إنه لن يكون هناك تخفيف للأحمال حتى منتصف سبتمبر المقبل، وذلك بناء على وعد قطعه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي.

وتعاني مصر منذ الصيف الماضي من أزمة في إنتاج الكهرباء، دفعت وزارة البترول والثروة المعدنية إلى اتخاذ قرار بوقف صادرات الغاز الطبيعي المسال اعتبارا من مايو 2024.

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، أن استمرار التيار الكهربائي خلال أشهر الصيف دون انقطاع، رهن بقدرة الحكومة المصرية على توفير التمويل لاستيراد الغاز والمازوت.

وقال الولي لموقع "الحرة" إن "الشحنات البالغة 21 شحنة التي أعلنت الحكومة أنها تعاقدت على شرائها، جرى الحصول عليها بعقود آجلة، مما يعني أن تلتزم الحكومة المصرية بالانتظام في السداد، وإلا فإن ذلك يعني العودة لتخفيف الأحمال مجددا".

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن إنتاج مصر من الغاز تراجع في مايو الماضي إلى 4.3 مليار قدم مكعب، وهو أقل معدل خلال السنوات الست الماضية، لافتا إلى أن هذا المعدل من الإنتاج ليس مملوكا كله لمصر، منوها إلى نصفه مملوك لمستثمرين أجانب، "مما يؤكد وجود مشكلة حادة".

وأشار الولي إلى أن مدبولي كان وعد بزيادة حصة المازوت إلى 30 ألف طن في الشهر، مع تقليل نسبة الغاز إلى 90 مليون متر مكعب في الشهر، للمزواجة بين المازوت والغاز في عمليات توليد الكهرباء.

وأضاف قائلا "المشكلة الحقيقية أن مصر في حاجة إلى استيراد المازوت والغاز، مما يدلل على أن التمويل يعد العنصر الأهم لتوفير الوقود، وبالتالي ضمان تيار كهربائي مستمر".

وخلال الشهر الجاري أعلنت الشركة القابضة للغاز الطبيعي، إيجاس، عن التعاقد على 21 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، لتوفير احتياجات محطات الكهرباء من الوقود، مشيرة إلى وصول 5 شحنات بكمية حوالي 155 ألف متر مكعب.

وأضافت الشركة أن باقي الشحنات المتعاقد عليها من الغاز الطبيعي المسال ستصل تباعا وفق الجدول الزمني المتفق عليه لاستلام الشحنات، بحسب قولها.

من جانبه، أرجع الخبير الاقتصادي المصري، عبد النبي عبد المطلب، أزمة تخفيف الأحمال العام الماضي إلى قيام الحكومة بتسييل جزء من الغاز المصري، بهدف تصديره، للحصول على النقد الأجنبي، بعد ارتفاع الطلب الأوروبي عليه.

وقال عبد المطلب لموقع "الحرة" إن "أزمة تخفيف الأحمال في العام الحالي ناتجة عن عدم الانتظام في ضخ الغاز بالشبكة القومية للغاز، إذ لم تحصل محطات توليد الكهرباء على الغاز المطلوب للتوليد".

وأكد المتحدث ذاته قدرة الحكومة على الإيفاء بوعدها بعدم العودة إلى تخفيف الأحمال خلال فترة الصيف، منوها إلى أن توفير الغاز سيقود تلقائيا إلى حل المشكلة. 

وأضاف "إذا أوقفت مصر تسييل الغاز المنتج محليا، واستوردت ما نسبته حوالي 20 في المئة من كمية الغاز المطلوبة لتوليد الكهرباء، فإن ذلك يعني عمليا حل مشكلة الغاز، وبالتالي يتوفر التيار الكهربائي".

ولفت إلى أن استمرار وصول شحنات الغاز البالغة 21 شحنة، التي جرى الاتفاق عليها مؤخرا، من شأنه أن يجعل الحكومة تفي بوعدها، بعدم قطع التيار خلال فترة الصيف.

وتلجأ الحكومة المصرية إلى قطع الكهرباء بانتظام منذ نحو عام بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشح في العملات الأجنبية، أدى إلى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.

وتضاءلت إمدادات الغاز الطبيعي الذي يساعد مصر في توليد الكهرباء، في وقت أدى فيه تزايد عدد السكان والتنمية الحضرية إلى زيادة الطلب على الكهرباء.

ويبلغ إنتاج مصر من الغاز الطبيعي حاليا نحو 5.7 مليار قدم مكعبة يوميا، حسب ما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في الأول من يوليو.

في المقابل، شكك الأستاذ الجامعي المصري، عصام عبد الشافي، في قدرة الحكومة على الإيفاء بوعودها بإمداد كهربائي مستمر حتى سبتمبر، مشيرا إلى أن "أسباب المشكلة لا تزال قائمة".

وقال عبد الشافع لموقع "الحرة" إن "الحكومة بررت تخفيف الأحمال بتراجع إنتاج الغاز محليا، وبمشكلة في الغاز الوارد إليها من إسرائيل، ولا أعتقد أن تلك المشكلات حُلّت بهذه السرعة، مما يشكك في وعود الحكومة".

وأشار إلى أن "الحكومة كانت تتحدث عن شركات سعودية لتأهيل وتطوير عدد من محطات توليد الكهرباء، وإذا تمكنت هذه الصفقة من إعادة تلك المحطات إلى الخدمة، فمن الممكن أن يعزز ذلك من فرص حل المشكلة".

وتطرح الحكومة المصرية حزمة من الحلول، بينها حث المواطنين على ترشيد استهلاك التيار الكهربائي، كما ألزمت أصحاب المحال التجارية بالإغلاق عند الساعة العاشرة مساء، في حين لوّحت الحكومة بزيادة أسعار الكهرباء.

ويرى الولي أن إلزام المحال التجارية بالإغلاق في الساعة العاشرة مساء ليس خيارا فعالا، مشيرا إلى أن المحال التجارية تستهلك حوالي 6 في المئة فقط من الإمداد الكهربائي.

وأشار إلى أن المحال التجارية تأتي في مرتبة تالية من حيث الاستهلاك بعد القطاع الصناعي والزراعي والمنزلي.

وأضاف قائلا أن "إغلاق المحال التجارية ليلا قد يؤثر على تسويق منتجات القطاع الصناعي الذي يعاني أصلا من الركود، كما أنه سيؤثر على العمالة في القطاع الصناعي الذي يوفر ثاني أعلى نسبة عمالة بعد القطاع الزراعي". 

ويشير عبد المطلب إلى أن خيار زيادة الأسعار لضمان استمرار التيار الكهربائي كان مطروحا لكنه تأثر بتراجع سعر النفط عالميا.

وأضاف "إذا ارتفع سعر النفط عالميا، فإن الحكومة يمكن أن تجد مبررا لرفع الأسعار، إذ أنها لن تتمكن من زيادتها في ظل استقرار أسعار النفط عالميا".

ولفت إلى أن الحكومة لها التزام مع صندوق النقد الدولي الذي يشترط رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية لضمان الحصول على القروض، مما يعني إمكانية رفع أسعار الكهرباء.

ونوّه المتحدث ذاته إلى أن مصر تملك كميات كبيرة من الغاز، لكن عمليات الإنتاج بحاجة إلى شركات عالمية.

وأضاف أن "المشكلة تكمن في أن الشركات العالمية الناشطة في استخراج النفط لها حسابات اقتصادية وحسابات تجارية، ولذلك على مصر أن تبحث عن شركات عالمية لا تخضع للضغوط الدولية".

بدوره، توقع عبد الشافي أن تلجأ الحكومة إلى زيارة أسعار الكهرباء للإيفاء بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن الصندوق حجب مؤخرا عن مصر مبلغ 850 مليون دولار بسبب ملاحظاته على عدم التزام الحكومة بشروط القرض.

وأضاف "الأنظمة المصرية ظلت تنتهج سياسة تجفيف السلعة لإجبار المواطنين على قبول زيارة سعرها، وبالتالي أتوقع أن تنفذ الحكومة زيادة على أسعار الكهرباء، ولو بعد حين".

الحرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.