الجمعة، 16 أغسطس 2024

ماذا وراء استقالة رئيس صندوق مصر السيادي؟

 

الرابط

ماذا وراء استقالة رئيس صندوق مصر السيادي؟


جاءت استقالة الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، من منصبه بعد أقل من خمس سنوات من تعيينه، لتثير تساؤلات حول الأسباب والدوافع التي تقف وراء هذه الخطوة، حيث توقع مراقبون أن دوافع الاستقالة مرتبطة بتغير خطط ومسؤوليات بعض الوزارات على خلفية التشكيل الحكومي الذي جرى قبل شهر تقريبا.

ونقلت وكالة رويترز، الخميس، عن 3 مصادر لم تسمها، أن سليمان استقال من منصبه بعد تقدم محدود في برنامج للخصخصة أُعلن عنه في بداية توليه المنصب.

وقال مصدر حكومي لذات الوكالة إن القيادة السياسية في البلاد تريد تقديم وجوه جديدة في مناصب رئيسية.

وأوردت صحيفة "اليوم السابع" المحلية، عن مصادر لم تسمها، أن سليمان تقدم باستقالته قبل التغيير الوزاري منذ شهر يونيو الماضي، وأن آخر يوم له كرئيس تنفيذي لصندوق مصر السيادي سيكون 30 أغسطس الجاري.

"أسباب أخرى"

أدت حكومة جديدة بمصر، في الرابع من يوليو الماضي، اليمين الدستورية، حيث شهدت تغييرات واسعة في الحقائب الوزارية الاقتصادية، بما في ذلك دمج وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، التي كانت تتولاها هالة السعيد التي شغلت أيضا منصب رئيس مجلس إدارة صندوق مصر السيادي، مع وزارة التعاون الدولي، ليتولى إدارتها رانيا المشاط.

ورأى خبراء ومحللون تحدثوا مع موقع "الحرة" أنه بخلاف "التقدم المحدود في برنامج الخصخصة"، هناك أسباب أخرى وراء الاستقالة، وعلى رأسها تغير مسؤوليات وأدوار بعض الوزارات، إذ قال الخبير الاقتصادي، وائل النحاس، إن "التعديلات الوزارية التي شملت دمج بعض الوزارات، أدت إلى حدوث بعض الفوضى في إدارة الملفات وتداخلها بين الوزارات والجهات المختلفة".

وأضاف في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة": "استنادا إلى تصريحات وزير المالية الأخيرة، فإن الوزارة باتت الآن مسؤولة عن ملف بيع الأصول والعقارات التي كانت تتولاها وزارة التخطيط بالإشراف على الصندوق السيادي قبل دمجها مع وزارة التعاون الدولي"، مشيرا إلى أن من المتوقع أن يقتصر دور وزارة التخطيط والتعاون الدولي على متابعة الشراكات والاتفاقات مع مؤسسات التمويل الدولية.

وهذا الشهر، جاء في بيان صادر عن مجلس الوزراء، أن وزير المالية أحمد كوجك، عرض على رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، عددا من نتائج التنسيق الفاعل بين وزارة المالية والبنك المركزي، إلى جانب دور الوزارة "الجوهري" في استكمال برنامج الطروحات الحكومية بما يستهدفه من تعزيز قدرة الدولة على تلبية الاحتياجات التمويلية، ورفع مساهمة القطاع الخاص، والإدارة المُثلى للأصول.

وتساءل النحاس عما إذا كان الصندوق سيُنقل إلى وزارة المالية أو إذا كان وزير المالية سيشرف عليه، قائلا إن "هناك خلطا في المسؤوليات ويحتاج الأمر إلى توضيح حول دور الصندوق وتوافقه مع خطط الحكومة".

وتأسس صندوق مصر السيادي الذي يدير أصولا تصل قيمتها إلى نحو 12 مليار دولار، عام 2018 كصندوق استثمار خاص، بهدف خلق شراكات مع المستثمرين المحليين والأجانب من القطاع الخاص من خلال تصميم منتجات استثمارية عن طريق الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة، وفقا لموقعه الإلكتروني.

وينص قانون إنشاء صندوق مصر رقم 177 لسنة 2018، على أن الوزير المختص بإدارة الصندوق، هو الوزير المعني بشؤون التخطيط.

وعُين سليمان رئيسا تنفيذيا للصندوق في عام 2019 لفترة أولية مدتها ثلاث سنوات جرى تمديدها لاحقا، وقال لرويترز آنذاك إنه يهدف لإطلاق العنان "للقيمة وخلق الثروة" من خلال رؤية طموحة.

وكان حجر الزاوية في هذه الخطة، وفق رويترز، بيع حصص في مشروعات وشركات وبنوك مملوكة للدولة سواء لمستثمر خاص أو عن طريق الطرح في البورصة المصرية.

بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي خالد الشافعي أن "كل ما يتردد حول أن الاستقالة جاءت مدفوعة بالتعديلات الحكومية وتداخل بعض الملفات بين الوزرات أمر غير وارد وغير منطقي، خصوصا أن الصندوق السيادي يمتلك رؤية ونظاما واضحين منذ تأسيسه".

وأضاف في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" أن "الصندوق لديه صلاحيات كاملة وحرية تامة في التعاون مع الشركات والمستثمرين لتحقيق أهدافه"، مرجعا استقالة سليمان إلى "ظروف شخصية وخاصة وليست نتيجة لتدخلات أو تغييرات وزارية".

وتابع الشافعي: "منصب رئيس الصندوق لا يتأثر بتغير الوزراء، لأن عمل الصندوق محدد بقانون ولا يمكن لأي وزير التدخل في نشاطاته. واستقالة رئيس الصندوق، قد تكون بسبب ظروف شخصية تؤثر على قدرته على أداء العمل، وليس بسبب عوامل خارجية".

ولم يتسن لموقع "الحرة" الحصول على تعليق من سليمان حول دوافع الاستقالة أو ما أثاره الخبراء، إذ لم يستجب للاتصالات عبر الهاتف.

"إعادة هيكلة الصندوق"

وخلال الأسابيع الماضية التي أعقب التشكيل الحكومي الجديد، لم يصدر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، أو صندوق مصر السيادي أي بيانات صحفية فيما يتعلق بملف إدارة الأصول المستغلة وغير المستغلة.

لكن قبل ذلك بأسابيع، قالت وزيرة التخطيط السابقة، هالة السعيد، إن صندوق مصر السيادي يخطط للقيام بجولة تتضمن لقاءات مع الصناديق السيادية المماثلة والمؤسسات المالية والمستثمرين في السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان، لاستعراض الفرص الاستثمارية.

واعتبر النحاس أن "أداء الصندوق السيادي الذي كان ضعيفا، ويُتوقع أن يكون أسوأ بعد رحيل هالة السعيد، من الأسباب التي تقف أيضا وراء الاستقالة التي قد يكون دُفع إليها سليمان".

وأضاف: "الصندوق لم يترك بصمة واضحة في الملفات التي يتولاها، كما أن الوزيرة رانيا المشاط، تركز حاليا على المشاريع الخاصة بالأمونيا الخضراء والطاقة النظيفة وتوقيع اتفاقيات مع مؤسسات دولية، بعيدا عن مجال العقارات والأصول".

ووافق مجلس الوزراء المصري، في مايو الماضي، على مشروع قانون "تنظيم ملكية الدولة في الشركات المملوكة لها أو التي تساهم فيها"، والذي ينص على إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة الشركات المملوكة للدولة، بهدف تحديد آليات التخارج من هذه الشركات.

وتهدف الحكومة وفق وثيقة سياسة "ملكية الدولة"، إلى التخارج من شركات وقطاعات بهدف زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، لتصبح 65 بالمئة، بما في ذلك من خلال دور يلعبه صندوق مصر السيادي في تنفيذ سياسة ملكية الدولة للأصول من خلال جذب الاستثمارات إلى الاقتصاد.

وقالت الحكومة وفق تصريحات نقلتها وسائل إعلام إنها تمكنت خلال العامين الماضيين، من بيع حصص في الشركات التي تمتلكها، ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بنسب تتراوح بين 9 إلى 100 بالمئة في 14 شركة، بقيمة إجمالية 5.6 مليارات دولار.

من جانبه، قال الشافعي خلال حديثه إن "صندوق مصر السيادي لم يخفق في الملفات الموكلة إليه، خصوصا أنه يمتلك القدرة على تحقيق النجاح من خلال عقد المزيد من الشراكات الاستثمارية واسعة النطاق مع مؤسسات القطاع الخاص المحلية أو الأجنبية".

ومع ذلك، أضاف الشافعي أن "الصندوق في حاجة إلى تسريع العمل لتحقيق النتائج المرجوة بما يسهم ويتناسب مع خطط الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي".

لكن النحاس أشار إلى ضرورة إعادة هيكلة الصندوق، خصوصا في ظل اعتماده بشكل أساسي على إدارة الأصول العقارية فقط دون جذب استثمارات أجنبية كبيرة إلى المشروعات أو الأصول التي انتقلت ملكيتها إليه.

وقال: "منذ البداية كنت اعترض على تأسيس هذا الصندوق لأنه ليس كانت هناك حاجة إليه"، لافتا إلى أن "إدارة الأصول العقارية من قبل الحكومة كانت ستكون أفضل حالا من حيث الإيرادات التي تذهب مباشرة إلى الخزانة العامة للدولة، من أن يقوم بذلك الصندوق السيادي الذي يوفر 25 أو 30 بالمئة فقط من الأرباح للحكومة".

وأضاف في ختام حديثه: "بكل تأكيد هناك حاجة إلى إعادة نظر في استراتيجية الصندوق السيادي لضمان تحقيق الأهداف المرجوة وتحسين العوائد، وأن استقالة الرئيس التنفيذي وتعيين بديل لا تعني بالضرورة تحولا في الأداء بشكل سريع".

الحرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.