الخميس، 22 أغسطس 2024

"الحبس الاحتياطي".. بعد توجيهات السيسي بتقليل زمن حبس الناس وشكوك عارمة بشأن التنفيذ

 

الرابط

بعد ان استخدم السيسى الحبس الاحتياطى بضراوة فى اعتقال النشطاء والمعارضين بالجملة وحبسهم سنوات طويلة بتهم ملفقة

"الحبس الاحتياطي".. بعد توجيهات السيسي بتقليل زمن حبس الناس وشكوك عارمة بشأن التنفيذ


استجابة لتوصيات لما يسمى"الحوار الوطني"، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، والحفاظ على طبيعته كإجراء وقائي تستلزمه ضرورة التحقيق، من دون أن يتحول إلى عقوبة.

وقال المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية، في بيان الأربعاء، إن السيسي وجه بإحالة توصيات "الحوار الوطني" للحكومة، وسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل التوصيات المتوافق عليها.

وبحسب البيان، أكد السيسي أن الاستجابة لتوصيات الحوار الوطني "نابعة من الرغبة الصادقة في تنفيذ أحكام الدستور المصري والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان".

وأشار البيان إلى أن السيسي وجّه بتفعيل تطبيقات بدائل الحبس الاحتياطي المختلفة، وأهمية التعويض المادي والأدبي وجبر الضرر، لمن يتعرض لحبس احتياطي خاطئ.

وقابلت قطاعات سياسية وقانونية مصرية الخطوة بالترحيب، مشيرة إلى أنها تخدم قضية التقاضي والعدالة، في حين شكك فيها آخرون وقللوا من جدواها، مطالبين بمزيد من القرارات في مسألة الحقوق والحريات.

ويرى المحلل السياسي، طارق البرديسي، أن التوجيهات الرئاسية تصب في خدمة المسار العدلي في البلاد، مشيرا إلى أن الخطوة تأتي ضمن الالتزام بالدستور، وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ومخرجات الحوار الوطني.

وقال البرديسي لموقع "الحرة" إن هناك متغيرات كثيرة في الساحة المصرية، ولذلك هدفت التوجيهات والتعديلات القانونية لتحقيق التوزان بين حماية المجتمع وحقوق المواطن.

وأشار المحلل السياسي إلى أن الحبس الاحتياطي مهم كخطوة وقائية واحترازية، ولذلك جاء التوجيه بعدم تحويله إلى عقوبة، أو إلى أي شكل من أشكال العقاب.

وكان "الحوار الوطني" المزعوم قد رفع إلى رئيس الجمهورية 24 توصية تدعو لتخفيض مدد الحبس الاحتياطي إلى 4 أشهر في قضايا الجنح، بدلا عن 6 أشهر، وتخفيضها إلى 12 شهرا في قضايا الجنايات، بدلا عن 18 شهرا، وكذلك تخفيضها إلى 18 شهرا في القضايا التي تصل عقوبتها إلى المؤبد أو الإعدام، بدلا عن 24 شهرا.

وأشارت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، في يوليو الماضي، إلى أن الدائرة الأولى - إرهاب في محكمة الجنايات، جددت حبس 17 متهما لمدة 45 يوما على ذمة قضايا مختلفة، بعضها يعود إلى عام 2020، وذلك بالتزامن مع جلسة "الحوار الوطني".

وذكر تقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن السلطات المصرية تضع عشرات أو حتى مئات من الأشخاص معًا في نفس القضية، ويتم تجديد حبسهم بشكل جماعي، بما في ذلك أكثر من 600 شخص اعتقلوا خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2020.

وفي المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، أن التوجيه الرئاسي "حوى قدرا من الاستخفاف بالعقول، لأن مسألة الحقوق والحريات لا محل لها من الإعراب، في عهد النظام المصري".

وقال عبد الشافي لموقع "الحرة" إن هناك عشرات الآلاف من المحبوسين احتياطيا في سجون النظام المصري، لمدد وصل بعضها إلى 8 سنوات، دون تقديمهم إلى محاكمة عادلة.

وأشار إلى أن السجون والمعتقلات المصرية تحتشد بكثيرين تعرضوا للخطف أو الإخفاء القسري، بما في ذلك سياسيون ونُشطاء بارزون في ثورة 25 يناير التي أطاحت نظام حسني مبارك.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن الدعوة للحوار الوطني جاءت عام 2022، في ظل ضغوط أميركية وانتقادات دولية لسجل حقوق الإنسان في مصر، ومع ذلك تحول الحوار الوطني لـ"أداة للإلهاء السياسي".

وأضاف أن "النظام المصري لن يسمح بحرية الرأي ولا حرية التعبير ولا حرية التنظيم، وهي الثلاثية التي تخيفه، مما يشكك في صدقيته تجاه مسألة حقوق الإنسان والعدالة".

وكان المحامي الحقوقي، نبيه الجنادي، أشار إلى أن السلطات المصرية تتخذ الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال الذي كان يتم في عهد مبارك، تحت مظلة قانون الطوارئ.

ولفت الجنادي في حديث سابق مع موقع "الحرة" إلى أن الاعتقال الذي كان يحدث في عهد مبارك، جرى إلغاؤه عقب ثورة 25 يناير.

وأضاف "الآن حل الحبس الاحتياطي بديلا للاعتقال، إذ يقوم قطاع الأمن الوطني بعمل تحريات ويعرضها على النيابة العامة لتصدر إذن الضبط والإحضار للشخص المُتحرى عليه".

وفي حين عبر ناشطون مصريون في مواقع التواصل الاجتماعي، عن تفاؤلهم بشأن التوجيه الرئاسي، شكك آخرون في إمكانية تنفيذه، مشيرين إلى وجود "تجاوزات كثيرة في مسألة تطبيق القوانين".

وقريبا من هذا المسار، يرى عبد الشافي أن صدقية القرار وجدية النظام مرهونتان بقرارات سريعة بالإفراج عن المحبوسين احتياطيا، الذين تجاوز حبسهم المدد المنصوص عليها في القانون، وكذلك الإعلان عن أعداد المحبوسين احتياطيا، وتمكينهم من الحصول على محاكمات عادلة، أو إطلاق سراحهم.

واستبعد المتحدث ذاته تنفيذ التوجيهات المتعلقة بمسألة التعويضات لمن تجاوز حبسهم احتياطيا المدد المنصوص عليها، مضيفا "لا أتوقع أن يتلزم النظام بأي شيء في هذا المسار، لأنه لا يعترف أصلا بحدوث اعتقالات أو إخفاء قسري".

وأضاف "الآن في مصر، هناك ما يُعرف بالكعب الدائر، وهو ممارسة قانونية مذلة ينتهجها النظام، بفتح بلاغات متعددة في محاكم متعددة ضد الشخص الواحد، لجعله يتنقل بين تلك المحاكم أثناء فترة حبسه، ولذلك سيستمر تسلُّط الحبس الاحتياطي".

وتابع عبد الشافي أن "الإشكالية ليست في النصوص، وإنما في احترام القانون وتنفيذه، ولذلك ليس من المنطقي أن ننتظر من نظام انتهك الدستور، وهو أبو القوانين، أن يحترم القوانين، أو الإجراءات الإدراية".

وشهدت السنوات العشر الماضية من حكم السيسي حملة قمع واسعة النطاق للمعارضة من مختلف ألوان الطيف السياسي، وفق منظمات حقوقية دولية، بينما يقول المسؤولون إن القضاء يتصرف بشكل مستقل، وإن السلطات تتخذ خطوات بشأن تعزيز حقوق الإنسان.

وبحسب وسائل إعلام مصرية، عُقدت جلسات الحوار الوطني في الـ 23 من يوليو، بمشاركة شخصيات سياسية وحقوقية وعامة، ونواب، وممثلي أحزاب. ورفع المشاركون 24 توصية، حصلت 20 منها على اجماع كامل، في حين تضمنت 4 توصيات أكثر من رأى بشأن آلية التنفيذ.

ويشير البرديسي إلى أن التوجيه الذي أصدره السيسي اليوم، صادر من أعلى سلطة في الدولة، وهذا أهمّ ضامن لتنفيذ توصيات الحوار الوطني المتعلقة بمدد الحبس الاحتياطي، بحسب قوله.

ولفت إلى أنه لا يوجد ما يدفع رئيس الجمهورية لاتخاذ مثل هكذا قرارات، "إلا إذا كان مقتنعا بذلك، وإلا إذا حقق نجاحات في مجابهة التطرف والإرهاب"، مضيفا "من درج على التشكيك في النوايا سيظل متشككا، مهما اتضحت الرؤية".

وأطلق السيسي، منذ استئنافه "الحوار الوطني" عام 2022، سراح مئات السجناء السياسيين، لكنّ مدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إنّ عدد الأشخاص الذين تمّ اعتقالهم في نفس الفترة يناهز على الأقل ثلاثة أضعاف عدد الذين أفرج عنهم، وفقا لفرانس برس.

الحرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.