الخميس، 10 أكتوبر 2024

وهكذا انتهت ظاهرة الصحف الإقليمية الورقية التى كانت الانظمة الاستبدادية تستغل معظمها ودخولها مزبلة التاريخ

وهكذا انتهت ظاهرة الصحف الإقليمية الورقية التى كانت الانظمة الاستبدادية تستغل معظمها ودخولها مزبلة التاريخ


فوجئ المعلم صاحب المقهى الشعبى بحى الأربعين بمدينة السويس عام 2008. بافتعال القهوجى العامل لديه فى تقديم طلبات المشاريب والشيشة وخدمة الزبائن مشاجرة معه وخلع مريلة الشغل وتسليمها إليه مع ماركات الطلبات والحساب وترك العمل فى المقهى واختفائه تماما من عالم المقاهي. فتعجب صاحب المقهى من الاختفاء الغامض للقهوجى. خاصة وأنه قام بتربيته فى المقهى وتعليمه أصول اداء عمال المقاهي منذ ان كان صبيا صغيرا حتى كبر وتزوج وانجب ابناء كبروا وترعرعوا. وبرغم قيام القهوجى الهارب بترك العمل لديه في مقهاه أكثر من مرة وذهابه للعمل في مقاهي عديدة بمناطق مدينة السويس المختلفة. إلا أنه كان يعود دائما ذليلا كسيرا خاضعا إليه فى كل مرة نتيجة شعوره بالراحة فى العمل بالمقهى الذي تعلم وتربى فيه. واصر المعلم صاحب المقهى على معرفة الى أين فر صبى مقهاة. وكانت المفاجأة للمعلم صاحب المقهى مذهلة. حيث تبين قيام القهوجى الهارب باعتزال العمل فى المقاهي نهائيا. وذهابه الى منطقة سوق الفجالة بالقاهرة بجوار منطقة كلوت بك وشراء رخصة صحيفة محلية بترخيص أجنبي بمبلغ 500 جنيه وإصدارها بعد استعانته بعدد من المشبوهين وأرباب السوابق من مدعى حملة الأقلام فى اصدارها ووضع اسمه على صدر الصفحة الأولى من جريدته المحلية كرئيس مجلس إدارتها. رغم انه لا يعرف القراءة والكتابة إلا بصعوبة هجائية مؤلمة. ولا تختلف خطوط كتاباته عن خطوط ''نبش الفراخ'' فى التراب. وعجز عن الحصول على شهادة محو امية اثناء محاولة صاحب المقهى التأمين عليه. ولا يجيد سوى أسلوب السب والشتم والردح باحط العبارات بحكم بيئته وتربيته التي مكنته من التعامل مع المشاغبين من زبائن المقاهي الشعبية الذين يرفضون سداد ثمن مشروباتهم وعودته الى منزله فى معظم الأيام مصاب. وكانت الخطوة الثانية للقهوجى قيامه بنشر خبر فى الصفحة الاولى من جريدته مع صورة كبيرة لرئيس الجمهورية حينها حسنى مبارك ونجله جمال مبارك وأمين عام الحزب الوطنى الحاكم وقتها عن انضمام القهوجى مع مساعديه الى عضوية الحزب الوطنى الحاكم يومها. ونشر عدة موضوعات يؤيد فيها تمديد وتوريث الحكم الى حسني مبارك وتوريث الحكم من بعده الى نجله جمال مبارك. وانفتحت طاقة السعد على القهوجى واتباعه. وانهالت اعلانات شركات البترول ورجال الأعمال والمقاولين وأصحاب الشركات على القهوجى بتوجيه من محافظة السويس والحزب الوطنى الحاكم. ووصل الأمر الى حد اتخاذ وزير البترول فى نظام مبارك بتوصية من محافظ السويس حينها من جريدة القهوجى نبراسا فى الطبل والزمر و العسكرة و التمديد والتوريث ونظام مبارك والحزب الوطنى ومحافظ السويس وشركات وزارة البترول, واعتبر جهاز مباحث أمن الدولة القهوجى مع مساعديه من أخلص أتباع الحزب الوطنى ونظام مبارك وسارع بتجنيده مع عصابته للتجسس على الناس تحت دعاوى جمع المعلومات للجريدة. و ابتدعت عقلية القهوجى وظيفة السكرتيرة الجوالة. وقام بإحضار فتاة تسير خلفه فى الشوارع وأماكن العمل الميدانى وهى تحمل عنه أجندة وعدد من الأقلام وكاميرا تصوير وتقوم بتسجيل حواراته السطحية التافهة مع ''زبائنه'' من المسئولين. وقام بشراء بدلة صار يرتديها مع كرافته عند ذهابه الى لقاء محافظ السويس ومدير أمن السويس وباقي المسئولين والوزراء الضيوف. واستغل القهوجى امتلاكه موهبة إطلاق الشتائم القبيحة البذيئة خلال تعامله مع الزبائن المشاغبين المفلسين فى المقاهي. فى ارهاب العاملين فى الصحافة بالسويس لعدم التعرض لة وكشف مسيرة حياته الشيطانية وارهاب ضحاياه من رجال الأعمال لابتزازهم ماليا واجبارهم على دفع إتاوات لة تحت ستار اعلانات هي غير مرغوبة من الضحايا اصلا. واستخدم القهوجى جريدته في إطلاق الشتائم القبيحة والألفاظ البذيئة ضد كل من يحاول الإشارة الى مهنته الاصلية الهارب منها. ورغم القبض خلال هذة الفترة على نجله الأكبر فى قضية اتجار فى المخدرات. الا انه بدلا من أن يستحى ازدادت بجاحته. وعم الرعب والهلع العديد من الأشخاص خشية الأقلام المسنونة للقهوجى وعصابته. وصار مسمى ''عصابة القهوجى'' نار على علم فى مدينة السويس. ودانت له رقاب الجبناء والمنحرفين. وارتفع مستوى معيشته مما مكنه من استئجار محل جعله مقر للجريدة. وظل القهوجى هكذا حتى أفاق ومن على شاكلته من المرتزقة من أصحاب صحف الهوان التى كانت تصدر بتراخيص أجنبية فى محافظات الجمهورية وكان جهاز مباحث أمن الدولة يستغل أنها فى حكم المطبوعات الأجنبية ويفرض شروطه عليها استنادا على قانون المطبوعات حتى لا يمنع صدورها ويصادر اعدادها وفق اى  حجة على قيام وانتصار ثورة 25 يناير المجيدة عام 2011. حيث بدأت بعدها بفترة قصيرة من الزمن ترجع نسب توزيع الصحف والمجلات الورقية عموما اليومية والاسبوعية الحكومية والمخابراتية الى الحضيض وأصبحت كبرى وصغرى الصحف لا تجد من يشتريها بسبب اتجاه الناس ومعهم المعلنين الى وسائل الاعلام الالكترونية على الانترنت بالتزامن مع ارتفاع تكلفة إعداد وطبع وتوزيع الصحف الورقية وعجزت المسكنات التى حاولت إدارات الصحف اتباعها ومنها تخفيض قيمة الاعلانات الى ربع القيمة والمماطلة فى دفع رواتب ومستحقات العاملين وتخفيض اعدادهم بشتى الحيل وقصر التعيينات الجديدة على الضرورة القصوى عن وقف هذا الغول الجديد الذى ضرب الصحف الورقية فى مقتل وتراكمت الديون عليها وخفضت اعدادها الى التراب فى حين توقفت جميع الصحف اليومية المسائية وصارت معظم الصحف تعيش على الإعانات والدعم الحكومي و المخابراتى. وبالتالي جاء الأمر على الصحف المحلية والاقليمية التى كانت تباع تراخيصها الاجنبية على الأرصفة فى سوق الفجالة بالقاهرة بمثابة كارثة مزلزلة وتوقفت معظمها فى طول محافظات الجمهورية عن الصدور لأنها من أين تأتي بالأموال الطائلة حتى تصدر لكى تباع بالكيلو للمحلات التجارية ودخولها مزبلة التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.