فايننشال تايمز فى عددها اليوم
الدول العربية تتطلع إلى السعودية لكبح جماح دونالد ترامب
تعتمد الدول العربية على السعودية لاستغلال علاقتها مع دونالد ترامب وثقلها السياسي في المنطقة لكبح سياسات الرئيس الأمريكي المنتخب في الشرق الأوسط، وسط مخاوف من أنه سيتبع أجندة مؤيدة بقوة لإسرائيل.
بعد أن اختار ترامب عددًا من المرشحين المعروفين بمواقفهم المؤيدة لإسرائيل والمعادين لإيران لشغل مناصب رئيسية، يخشى المسؤولون العرب من أن توافق إدارته المقبلة على أي تحركات إسرائيلية لضم الضفة الغربية المحتلة أو احتلال غزة أو تصعيد التوترات مع طهران.
لكنهم يأملون أن تتمكن الرياض من تخفيف حدة سياسات الإدارة المقبلة في المنطقة من خلال الاستفادة من علاقة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بترامب، واهتمام الرئيس المنتخب بالصفقات المالية، ورغبته المتوقعة في تحقيق “صفقة كبرى” تقود إلى تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
قال دبلوماسي عربي: “اللاعب الرئيسي في المنطقة هو السعودية بسبب علاقتها المعروفة معه، لذا ستكون محور أي تحركات إقليمية قد تقررها الولايات المتحدة”.
وأشار مسؤول عربي آخر إلى أن الأمير محمد سيكون “محوريًا” في التأثير على سياسات ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة وعلى القضايا الفلسطينية بشكل أوسع، باستخدام إمكانية التطبيع مع إسرائيل كورقة ضغط.
وأضاف: “السعودية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على كيفية تعامل ترامب مع غزة وفلسطين”.
سياسات ترامب السابقة مع السعودية
في فترة ترامب الرئاسية الأولى، تبنت السعودية أسلوبه “الصفقاتي” وحملة “الضغط الأقصى” ضد إيران. ووقف ترامب بجانب الأمير محمد عندما قاطعه قادة غربيون بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.
تفاخر ترامب بأنه سيحقق “الصفقة النهائية” لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، لكن تلك الخطط التي أشرف عليها صهره جاريد كوشنر فشلت، حيث اعتبرها الفلسطينيون والدول العربية منحازة بشدة لصالح إسرائيل.
التغيرات في ظل إدارة بايدن
مع تولي الرئيس جو بايدن السلطة، أعادت الرياض تقييم سياساتها الإقليمية. في عام 2023، أعادت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران وواصلت سياسة الانفراج حتى بعد هجوم حماس في أكتوبر.
صرّح وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في أكتوبر أن التطبيع مع إسرائيل “خارج الطاولة” ما لم يتم حل قضية الدولة الفلسطينية.
وفي قمة عربية وإسلامية عقدت في الرياض الأسبوع الماضي، اتهم الأمير محمد إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في غزة، وأدان حربها ضد حزب الله في لبنان وضرباتها ضد إيران.
الدور السعودي المحتمل في عهد ترامب الجديد
أشار دبلوماسي عربي إلى أن ترامب يحتاج السعودية الآن أكثر من أي لاعب آخر في الشرق الأوسط، خاصة في توسيع اتفاقيات إبراهيم. لكن تحقيق ذلك يتطلب من ترامب الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقديم تنازلات بشأن إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة.
وأضاف: “ترامب يحب أن تُقدم له صفقات جاهزة يمكن أن ينسب الفضل لنفسه فيها. إذا قدم له الأمير محمد صفقة، فقد تكون الاحتمال الوحيد”.
يرى محللون أن السعودية نجحت في تقديم نفسها كمهندس إجماع عربي وإسلامي حول القضية الفلسطينية، لكنها تواجه تحديات مع ترامب غير المتوقع ونتنياهو المصر على رفض تقديم أي تنازلات.
قال دبلوماسي عربي آخر: “القضية الوحيدة التي توحد العالم العربي هي القضية الفلسطينية. السؤال هو إلى أي مدى تستطيع السعودية الاستثمار في هذا الملف، وإلى أي مدى يمكن لنتنياهو إفشاله”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.