الخميس، 14 نوفمبر 2024

صرخة ضد الحكام الطغاة

 

الرابط

صرخة ضد الحكام الطغاة الابالسة المستبدين الانذال

لماذا نحتاج إلى اتفاقية مستقلة بشأن الجرائم ضد الإنسانية؟

ما هي الجريمة ضد الإنسانية؟

تشير الجرائم ضد الإنسانية إلى جرائم معينة تُرتكب كجزء من هجمات واسعة النطاق أو ممنهجة ضد السكان المدنيين، وهي تصدم ضمير البشرية نفسها. عُقدت أول محاكمة استخدمت هذا المصطلح عندما تمت محاكمة القادة النازيين في نورنبيرغ في القرن الماضي.

تشمل هذه الجرائم، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي:

القتل العمد

التعذيب

الاستعباد

الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي

الاضطهاد

الاختفاء القسري

الأبارتهايد

وعلى عكس جرائم الحرب، فإنها يمكن أن تحدث أثناء السلم أو زمن الحرب.تتضمن بعض الأمثلة الحديثة المحتملة ما يلي:

أفغانستان: في عام 2023، أشارت منظمة العفو الدولية إلى القيود الصارمة التي فرضتها حركة طالبان، والقمع غير القانوني لحقوق النساء والفتيات. ودعت المنظمة إلى التحقيق في هذه الإجراءات القمعية، إلى جانب السجن والاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس النوع الاجتماعي.

إثيوبيا: في عام 2023، ارتكب جنود إريتريون جرائم منصوص عليها في القانون الدولي في منطقة تيغراي بإثيوبيا. وشملت هذه الجرائم الاغتصاب، والاستعباد الجنسي للنساء، وإعدام المدنيين خارج نطاق القضاء، وهو ما قد يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.

إيران: في عام 1988، أخفت السلطات الإيرانية قسرًا وأعدمت آلاف المعارضين السياسيين المسجونين سرًا خارج نطاق القضاء، قبل إلقاء جثثهم في مقابر جماعية لا تحمل شواهد. ولم يتم تقديم أي مسؤول إلى ساحة العدالة على الإطلاق. ومنذ ذلك الحين، فإن حالات الاختفاء القسري والتعذيب والمعاملة السيئة لعائلات الضحايا تعني فعليًا استمرار الجرائم ضد الإنسانية.

وهذه مجرد أمثلة قليلة على الجرائم ضد الإنسانية، ولكن هناك أمثلة أخرى كثيرة لا تقل فظاعة. وفي العقد الماضي وحده، وجدت منظمة العفو الدولية حالات لمثل هذه الفظائع في 18 بلدًا، على الأقل، في جميع أنحاء العالم. ولا توجد منطقة في العالم خالية من الجرائم ضد الإنسانية.

ما هي الآليات القانونية القائمة لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية؟

في الوقت الراهن، صُمم عدد من الآليات القانونية خصيصًا للتصدي لهذه الجرائم، مثل نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومؤخرًا، اتفاقية ليوبليانا-لاهاي.

ويهدف نظام روما الأساسي إلى محاكمة الأفراد بسبب مسؤوليتهم الجنائية الشخصية، وقد اعتُمد كوسيلة لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ومع ذلك، في معظم الحالات، لا تتمتع المحكمة بالولاية القضائية إلا عندما تكون الدولة عضوًا في نظام روما الأساسي. وحتى في تلك الحالة، لا يمكن للمحكمة أن تتصرف إلا إذا كانت تلك الدولة غير قادرة أو غير راغبة في التحقيق في القضايا ومقاضاة مرتكبيها بنفسها.

كما قامت بعض الدول بتجريم الجرائم ضد الإنسانية دون أن تكون طرفًا في نظام روما الأساسي، مثل الفلبين وإندونيسيا.

ويمكن للمحاكم الوطنية، بل ويجب عليها في ظروف معينة، محاكمة الأفراد بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أينما وقعت. وذلك لأن مثل هذه الجرائم تهم المجتمع الدولي ككل، وينبغي لكل دولة أن تتحرك لحماية الناس منها.

لماذا نحتاج إلى اتفاقية جديدة إذا كانت لدينا بالفعل آليات قائمة؟

تعتبر الأمثلة المذكورة أعلاه صكوكًا قانونية مهمة، وتشترك في بعض الأمور، لكن توجد اختلافات جوهرية في نطاق كل منها ووظائفها. وخلافاً للجرائم الأخرى التي يشملها القانون الدولي، تفتقر الجرائم ضد الإنسانية إلى اتفاقية محددة ومستقلة.

وتسعى مسودة الاتفاقية الجديدة إلى سد فجوة الإفلات من العقاب هذه والتنسيق بين الأساليب المتبعة. فهي توفر فرصة لعلاج النواقص والثغرات التي تركت في نظام روما منذ أكثر من 25 عامًا. ومن شأنها أيضًا أن تراعي تقدم القانون الدولي منذ ذلك الحين، وبخاصة في قضايا المساواة على أساس النوع الاجتماعي، والحماية من الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي.

إن المبادرات الأحدث عهدًا، التي تسعى إلى تعزيز نظام العدالة الدولية إلى جانب الآليات القائمة، ليست في تنافس مع بعضها، بل إنها متكاملة. وسوف تساعدنا في السعي لتحقيق العدالة، والكشف عن الحقيقة، وتعويض الضحايا والناجين من الجرائم التي يشملها القانون الدولي.

كيف يمكن لاتفاقية جديدة بشأن الجرائم ضد الإنسانية أن تساعد؟

من شأن الاتفاقية الجديدة أن تلزم الدول بضمان التحقيق في مثل هذه الجرائم ومحاكمة مرتكبيها، حتى لو كان ذلك يعني التحقيق في أفعالها. علاوة على ذلك، فإنه من شأنها أن تجبر الدول ليس فقط على معاقبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية، بل وأيضًا على منعها (كما هو مطلوب بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية). ومن شأنها أيضًا أن تعزز التعاون مع الدول الأخرى، على سبيل المثال من خلال المساعدة القانونية المتبادلة. 

وستوفر الاتفاقية مسارات جديدة لضحايا الجرائم ضد الإنسانية، وتوفر إطارًا شاملاً للبلدان لدمج هذه الجرائم في أنظمتها القانونية الوطنية. ومن شأن هذه الخطوة وحدها أن تقلل بشكل كبير من قدرة الجناة على الإفلات من العدالة.

وسيكون الضحايا والناجون هم المستفيدون النهائيون. إن البشرية بحاجة إلى أن تكون قادرة على السعي إلى تحقيق العدالة والمساءلة عندما ترتكب جرائم ضد الإنسانية، ومن الممكن أن تساعدنا اتفاقية جديدة في تحقيق هذه الغاية.

دراسة حالة: فنزويلا

منذ عام 2017، واجه الفنزويليون عمليات إعدام جماعية خارج نطاق القضاء، واعتقالات تعسفية، فضلاً عن الاستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة أثناء المظاهرات. هناك سياسة قمع ممنهجة ضد المعارضين السياسيين والأشخاص الذين قد يُنظر إليهم على أنهم كذلك. وقد تشكل هذه الانتهاكات جرائم ضد الإنسانية، وينبغي تقديم مرتكبيها إلى العدالة الدولية.

ودعت العديد من المنظمات، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، الأمم المتحدة إلى التحرك من خلال تجديد ولاية بعثتها الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن فنزويلا. في عام 2021، اعترفت المحكمة الجنائية الدولية أخيرًا أيضًا بالحاجة إلى التحقيق في الجرائم المحتملة الموثقة في فنزويلا.

ولكن الدول الأخرى يمكن أن تساعد كذلك. وتنظر إحدى المحاكم في الأرجنتين حاليًا في دعوى قضائية رفعها ضحايا جرائم ضد الإنسانية في فنزويلا. وتؤكد منظمة العفو الدولية أن المحاكم الأرجنتينية تتمتع بكامل الاختصاص بالتحقيق مع مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة خارج الأرجنتين، ومحاكمتهم ومعاقبتهم جنائيًا. عندما تكون السلطات في الدولة، التي تقع فيها مثل هذه الجرائم، غير قادرة أو غير راغبة في إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية حقيقية، يمكن لدولة أخرى أن تُمكّن من السعي لتحقيق العدالة.

ولن تحل الاتفاقية محل إجراءات الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية الدولية، ولكنها تعمل بالتوازي معها. إن الجرائم ضد الإنسانية تثير قلق الجميع، وهناك حاجة إلى جهود متضافرة لمكافحتها بفعالية. ومن شأن الاتفاقية الجديدة أن تمنح الدول إطارًا عالميًا مشتركًا للتصدي للجرائم ضد الإنسانية، مما يمكنها من إجراء التحقيقات والملاحقات القضائية، وتعزيز التعاون المتبادل، والحفاظ على إجراءات المحاكمة العادلة. ومن شأنها أيضًا أن تحافظ على الحقوق الأساسية للضحايا والشهود. 

ما الذي تفعله منظمة العفو الدولية؟

لقد كان مشروع الاتفاقية قيد الإعداد لأكثر من 10 سنوات. وفي أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، ستناقش اللجنة السادسة للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الموضوع مرة أخرى. وهذا يمثل فرصة فريدة للدول لكي تطلب من الأمم المتحدة أن تبدأ العملية الرسمية لاعتماد هذه الاتفاقية.

وتطلب منظمة العفو الدولية من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة دعم تبني قرار من شأنه أن يبدأ المفاوضات بشأن اتفاقية منع الجرائم ضد الإنسانية والمعاقبة عليها. ونحثّ الحكومات على تأييد مشروع القرار الذي يجري توزيعه حاليًا قبل دورة أكتوبر/تشرين الأول.

وفي العامين الماضيين، أعربت أغلبية الدول حول العالم عن دعمها العام للمشروع. وإذا لم تنقل الأمم المتحدة مسودة النص إلى المفاوضات الرسمية، فقد لا يتم طرحها للمناقشة مرة أخرى لسنوات عديدة. وكما هو واضح، فإن الحاجة إلى معاهدة دولية توفر إمكانيات جديدة لمنع الجرائم ضد الإنسانية، وضمان تحقيق العدالة، والكشف عن الحقيقة، والتعويض لا تزال ملحة أكثر من أي وقت مضى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.