الرابط
مونت كارلو الدولية
الرئيس السنغالي يريد السلطة التشريعية أيضا عبر انتخابات مبكرة
لأول مرة منذ وصول السلطة السنغالية الجديدة إلى سدة الحكم، ترتفع الدعوات لإعادة تشكيل السلطة في البلاد، فالرهانات كبيرة امام الأحزاب السياسية، وهي من سيحدد نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا لها الرئيس الجديد باسيـرو ديومـاي فاي في سبتمبر الماضي، بعد حله للبرلمان المنبثق عن انتخابات 2022 والذي كان ولا يزال يهيمن عليه معسكر الرئيس السابق ماكي صال.
السلطة في داكار تعتبر هذه الانتخابات بمثابة اختبار حقيقي لها، فقد اختير الرئيس عثمان سونكو كرأس للقائمة الانتخابية، ساعيًا للاستفادة من شعبية رئيس الوزراء لحشد الدعم الانتخابي واستغلال الأمل الذي أثارته نتائج الانتخابات الرئاسية في 24 مارس عبر الحصول على الأغلبية المطلقة، ما سيمكن الرئيس من تنفيذ أجندته السياسية وبرنامجه الإصلاحي الذي وعد به خلال الحملة الانتخابية للرئاسة.
حيث ان البرلمان السنيغالي لا يزال لحد الان يحتفظ بالأغلبية النسبية الداعمة للرئيس السابق ماكي صال، مما أتاح للمعارضة عرقلة العديد من المشاريع القوانين والإصلاحات الحكومية.
فقد رفض البرلمان، على سبيل المثال، مشروع مراجعة الدستور الذي اقترحه الرئيس لإلغاء مؤسستين حكوميتين اعتُبرتا مكلفتين.
توقعات السنغاليين كبيرة، حيث ما تزال الوعود التي أطلقها الرئيس مثل مكافحة البطالة والهجرة غير الشرعية معلقة، فيما تتهم الحكومة أنصار الرئيس السابق ماكي صال بعرقلة جهودها لتنفيذ هذه الإجراءات. فقد صاحبت هذه الانتخابات التشريعية حالة من التوتر السياسي والأمني حيث نسجل منذ بداية الحملة عدة حوادث، مثل مهاجمة موكب رئيس الوزراء في مدينة كونغويل، وحرق مقر أحد التحالفات في داكار.
تتقدم الى هذه الانتخابات التشريعية قائمة من الأحزاب والتحالفات السياسية تميزت بالتنوع والاختلاف بين مكوناتها، جمعت أحيانًا بين أطراف كانت متخاصمة في الماضي.
وفيما يتعارف تقليديًا ان على الناخبين إعطاء الأغلبية للسلطة الحاكمة خلال الانتخابات التشريعية لتمكينها من تطبيق برنامجها الانتخابي، تسعى المعارضة إلى فرض التعايش السياسي ومنع حزب "باسيف" من الحصول على الأغلبية المطلقة، مما سيمنحه حرية واسعة في تمرير مشاريعه التشريعية.
كما تُعد هذه الانتخابات فرصة لتعزيز كل الاحزاب السياسية السنغالية لوجودها في المشهد السياسي وضمان مستقبلها، خاصة بالنسبة لأولئك الذين حققوا نتائج ضعيفة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
فيما يبقى السؤال الأهم هل سيتمكن الحزب الحاكم السنغالي «باسيف" من حصد الأغلبية المطلقة لتطبيق برنامجه الإصلاحي؟ أم ستفرض المعارضة واقعًا جديدًا من التعايش السياسي.
العالم الغربي يتابع هذه الانتخابات بعين المراقب حيث يأتي تغلغل النفوذ الروسي في إفريقيا في سياق مُنافسة شرسة مع الغرب والولايات المُتحدة الأمريكيَّة، الذين فقدوا مواقعهما العسكرية مع سقوط أنظمة الافريقية الداعمة لهم وصعود كفاءات شابة تريد الاستفادة من كل الاطماع لإعلاء شان بلدانهم.
فتوقيع موسكو لعدد من اتفاقيات التعاون في المجال الأمني والعسكري مع حكومات دول منطقة الساحل، والذي تزامن مع انسحاب القوات العسكريَّة الفرنسيَّة وحتى الامريكية من السنيغال ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجر هو أكبر إشارة على انتهاء سياسة التبعية الكاملة وتفعيل لسياسة المنافسة.
فمن جهة تعمل الصين على توسيع نفوذها في غرب إفريقيا خصوصا في السنيغال التي تعتمد بوابة افريقيا من خلال سياسة براغماتية والتي تركز أساسا على الاتفاقات الاقتصادية وسياسة الإقراض.
على صعيد اخر لم تعد فرنسا الفاعل الدوليّ الوحيد والمؤثر في القارة الإفريقيَّة، بسبب الإغراءات الروسية والصينية، التي تمتد بين النفوذ والاغراءات الاقتصاديَّة قزمت التواجد الفرنسي وصنفت موسكو وبكين شريكين موثوقين لدول غرب افريقيا.
هذا التغيير اجبر الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى الى الإبقاء على مصالحها الجيوسياسيّة والاقتصادية في دول غرب افريقيا تقدم استثمارات في مجال الطاقة بقيمة 550 مليون دولار، مع قرض بقيمة 81 مليون دولار لقطاع الضيافة الفندقية، بالإضافة إلى مناقشة حلول تكنولوجيا المعلومات والتحديات البيئية خصوصا بعد إنشاء الدول الثلاث: النيجر، ومالي، وبوركينا فاسو لما يسمى بكونفدرالية دول الساحل.
كما اقترحت الولايات المتحدة الأميركية الخطّة لتعزيز الاستقرار ومنع الصراع في غرب أفريقيا من 2022م-2032م في ظلّ تزايد النشاط الإرهابي عبر الحدود في المناطق الساحلية، وأبدت التزاما لتوسيع الشراكات الأمنية مع السنغال لإدارة المعلومات الداخلية عن طريق دعم التكنولوجيا الرقمية.
إدراك الغرب لخطورة التهديد الروسي للمصالح الأميركية والأوروبية في المنطقة أصبح عنصرا إيجابيا ومحفزا لخدمة الدول الافريقية وعلى رأسها السنغال التي باتت تتعامل مع المعطيات الجديدة بقانون الآليات المالية والمصالح الاستراتيجية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.