المكتب السياسي في "لقاء" المعارضة في الجزيرة العربية يصدر ورقة تحليلية بعنوان:
تسويق مبادرة سعودية جديدة للتطبيع: قراءة في الدوافع السعودية لعقد "مؤتمر تنفيذ حل الدولتين"
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
تناقش هذه الورقة التحليلية التغيّرات الأخيرة في الخطاب السياسي السعودي والدوافع المحتملة وراء عقد الرياض لمؤتمر "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين". وتستعرض المواقف السعودية المستجدة تجاه القضايا الإقليمية، وتحلل الأسباب الكامنة وراء هذه التحولات، مع التركيز على السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقات السعودية الإقليمية والدولية.
أولاً: التغيّر في الخطاب السياسي السعودي
1. إدانة الهجوم الإسرائيلي على إيران
من غير المألوف أن تكون الرياض أول عاصمة تندّد بهجوم كيان الاحتلال الإسرائيلي على إيران فجر 26 تشرين الأول/أكتوبر 2024، خاصة وأنها سبقت حتى إيران نفسها في إصدار التنديد. لقد كان من اللافت أن السعودية أصدرت بيانًا يدين الهجوم بمجرد اكتشاف فشله، مما يثير التساؤلات حول دوافع هذا الموقف الجديد.
2. التواصل الدبلوماسي مع إيران
بادرت الرياض بخطوة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث اتصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بنظيره الإيراني عباس عراقتشي. تبع ذلك بيان إيجابي من الخارجية السعودية، قابله تصريح مماثل من الخارجية الإيرانية، حيث شكر عراقتشي السعودية على موقفها المندد.
3. انعقاد مؤتمر "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين"
كان أمرًا مفاجئًا دعوة الرياض إلى عقد مؤتمر دولي في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2024 بعنوان "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين". وعلى الرغم من الإعلان المبدئي عن حضور 150 دولة، إلا أن الحضور الفعلي اقتصر على تسعين مؤسسة ودولة. كما يعد توقيت المؤتمر وما رافقه من تصريحات لوزير الخارجية السعودي مؤشرًا على تحول في الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية.
4. مواقف سعودية جديدة تجاه القضية الفلسطينية ولبنان
ألقى وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خطابًا أكد فيه أن التطبيع مع إسرائيل ليس مطروحًا قبل إيجاد حل لإقامة دولة فلسطينية. واتهم إسرائيل بإفشال وقف إطلاق النار في غزة، وعدّ ما تقوم به شكل من أشكال الإبادة الجماعية. كما صدرت تصريحات إيجابية من مجلس الوزراء السعودي لدعم لبنان، وأكد ابن فرحان أن بلاده لم تفك الارتباط مع لبنان، مشيرًا إلى أن التنديد بممارسات إسرائيل لم يعد مفيدًا. مع الإشارة إلى أن الرياض لم تندد بالهجوم على لبنان ابتداءً، وهي التي كانت تنسق مع الصهاينة وتحفّزهم لضرب حزب الله ضربة قاصمة، وكذلك ضرب إيران ضربة قاصمة، وأنها كانت تطالب بعدم إيقاف الحرب على غزة قبل قطع رأس حماس وإفنائها؛ كل هذا السلوك السعودي يخالف هذا الخطاب الجديد الذي ظهر لنا منذ نحو أسبوع فقط، أي منذ الضربة الصهيونية على مواقع عسكرية إيرانية.
ثانيًا: تحليل الدوافع وراء التحولات السعودية
1. الخشية من التصعيد الإقليمي
قد يكون جزء من التغيير في الموقف السعودي نابعًا من الخشية من رد إيراني محتمل على الهجوم الإسرائيلي، مما قد يجعل الأراضي السعودية وحقول النفط هدفًا. لذا، أعلنت الرياض براءتها من المشاركة في الضربة الأخيرة، رغم استعدادها السابق للمشاركة إلى جانب الولايات المتحدة، وقد كانت قواتها مستنفرة كما الأمريكيون في قواعدهم في الخرج وفي دول الخليج الأخرى.
2. الضغط الدولي والإقليمي
تحت ضغط الرأي العام العربي الغاضب من الموقف السعودي السابق، وجدت الرياض نفسها مضطرة لتطوير خطابها السياسي. المفارقة كانت واضحة بين خط المقاومة والتحرير ودفع التكاليف العالية لتحقيق ذلك، وبين ما تدعو إليه السعودية من حل الدولتين مقابل التطبيع مع الصهاينة كطريق أسلم. ومن هنا قيل للرياض: لستم وحدكم، فمن قال بحل الدولتين؟ أمريكا وأوروبا والصين وروسيا ومعظم دول العالم تطالب بذلك، على الأقل ظاهريًا. فلماذا تكون دعوتكم ناجحة إذا لم تُرفق بضغط (ما) عسكري أو اقتصادي أو سياسي لتحقيق حل الدولتين، على أن يتوجه الضغط على الحليف الأمريكي بالدرجة الأساس.
3. استباق التحولات السياسية الدولية
تزامن عقد المؤتمر مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، حيث دعت الرياض إلى مؤتمر قمة عربي إسلامي في 11 نوفمبر القادم 2024، أي بعد الانتخابات الأمريكية. ويبدو أن السعودية تراهن على نتائج الانتخابات وتأثيرها على السياسات الإقليمية، خصوصًا إذا ما فاز ترامب الذي قد يسعى إلى إيقاف الحروب في المنطقة.
ثالثًا: تقييم مؤتمر "تنفيذ حل الدولتين"
1. الجدوى والتوقيت
توقيت المؤتمر لم يكن مناسبًا، حيث تركز الانتباه العالمي على الميدان والسلاح، لا سيما وأن الرياض مطالبة باتخاذ خطوات فعلية تجاه ما يحدث في غزة وشمالها. اختيار موضوع حل الدولتين، رغم أهميته، لم ينل الاهتمام المتوقع نظرًا للظروف الراهنة، رغم ضخامة الماكينة الإعلامية السعودية.
2. ردود الفعل الدولية
لم يلقَ المؤتمر تفاعلًا كبيرًا من الأطراف الدولية، خاصة في ظل تركيز الصهاينة على مطالبهم بالانصياع والاستسلام من لبنان وغزة. ويبدو أن الدعوة السعودية لحل الدولتين تُعد حلاً حالِمًا لم يهتم به الإسرائيليون ولا الغربيون ولا حتى الأمريكيون.
رابعًا: دوافع تحديد 11 نوفمبر موعدًا لمؤتمر "حل الدولتين"
1. الدعوة إلى قمة عربية إسلامية
الأمر الأكثر أهمية هو دعوة الرياض لعقد قمة عربية إسلامية مشتركة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان. وما يلفت النظر أن أي اجتماع قمة لم يُعقد بشأن غزة إلا متأخرًا قبل نحو عام، وقد حضره الرئيس الإيراني، الشهيد إبراهيم رئيسي. وفي ذلك المؤتمر، أكّد محمد بن سلمان للرئيس الإيراني السابق أنه سيواصل مسار التطبيع، وأن العالم الإسلامي سيسير في نفس القطار التطبيعي. وقد ظهر المؤتمر الذي عُقد في نوفمبر 2023، باهتًا، وخرج بقرارات لم تُنفذ حتى الآن. وها هي تدعو إلى مؤتمر مشابه في أرضها ووفق أجندتها الخاصة.
2. قرار انعقاد المؤتمر
بحسب ما تسرّب للإعلام، فإن الرياض لم تستشر أحدًا في إعلان موعد القمة؛ فإذا ما قررت الوقت والمكان والموضوع، على الآخرين أن يقبلوا بذلك، وهذا ما سيحدث على الأرجح، رغم امتعاض بعض الدول مثل مصر. اختارت السعودية 11 نوفمبر كموعد للمؤتمر، أي بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية. ويرجح السعوديون وربما كثيرون أن يفوز دونالد ترامب. وتقوم الفكرة السعودية على أساس أن ترامب سيكون في السلطة؛ وهو قد صرّح بأنه سيوقف حرب أوكرانيا والحروب في المنطقة (حتى لو كان ذلك مجرد رغبة وليس فعلًا).
من جهة أخرى، رأت السعودية محدودية القوة الصهيونية، وأنه ليس في الأفق نصر حاسم لإسرائيل وأمريكا في لبنان وفلسطين. إذا كان هناك من مآل للحرب، فإن مؤشرات ما يسمى بـ"الحل السياسي" باتت واضحة الآن، نظرًا للانسداد العسكري أمام الصهاينة، وعدم قدرتهم على المواصلة، الآن أو بعد أسابيع.
خامسًا: السعودية والتطبيع مع كيان الاحتلال
1. مساعي التطبيع والمواقف المتغيّرة
السعودية لا تريد أن تتخلى عن مسار التطبيع مع الصهاينة. قبل بضعة أشهر، وأمام انسداد الأفق في غزة، وافقت على مقترح أمريكي مفاده: "أوقف يا نتنياهو الحرب، وسنقوم بالتطبيع كثمن لذلك"، بحيث تقول الرياض إنها طبّعت من أجل إنقاذ غزة. وبذلك يكون نتنياهو قد حقق انتقامًا وأخذ ثمنًا من السعودية (التطبيع)، إلا أن الحقد الصهيوني كان أكبر من إغراء التطبيع السعودي، بالإضافة إلى الخشية من نهاية كيان الاحتلال، وهذا ما جعل العرض غير كافٍ لنتنياهو. تطور الموقف السعودي بعدها، وأعلنت الرياض أنها لن تُطبّع قبل قيام دولة فلسطينية. وإذا التزمت الرياض بذلك، فهذا يعني أن لا تطبيع في المستقبل المنظور، لأن قيام دولة فلسطينية مستبعد ولم يقبل به أحد من جميع أجنحة السياسة في كيان الاحتلال.
تنازلت الرياض قليلًا، وقالت: لا ضرورة لقيام دولة فلسطينية، وإنما "إيجاد خطوات ملموسة في هذا الطريق"، بما يعني أنه يمكن إقامة علاقات مع كيان الاحتلال قبل الاتفاق على قيام دولة فلسطينية أيًّا كان شكلها وحدودها. ومع ذلك، لم يقبل كيان الاحتلال بذلك. كما أن الرياض لا تتوقع موافقة جميع الدول العربية والإسلامية على التطبيع مقابل وقف الحرب في غزة ولبنان، حتى لو تضمن هذا الاتفاق حلاً على أساس الدولتين. فعلى صعيد الدول العربية، من غير المرجح أن تنضم دول مثل تونس، الجزائر، سوريا، أو حتى اليمن (الحكومة المعترف بها من الرياض)، العراق، والكويت إلى هذا المسار. وكما هو معلوم فإن الدول التي اختارت التطبيع سابقاً لم تتراجع عن هذا القرار ولن تتراجع، كما يتضح الآن وبعد أكثر من عام على أحداث طوفان الأقصى. ومع ذلك، حتى بين الدول التي طبّعت بالفعل، هناك شكوك ومواقف متباينة حول توسيع دائرة التطبيع وفقاً للرؤية السعودية. فربما تتردد بعض هذه الدول، رغم صعوبة تقديم حجج قوية ضد التطبيع بشكل أوسع. على سبيل المثال، قد تشعر تركيا بالقلق تجاه المبادرة السعودية، ومن المستبعد أن تقبل دول مثل إيران، باكستان، ماليزيا، إندونيسيا، والعديد من الدول الإسلامية في أفريقيا بالمشروع السعودي بسهولة.
2. المؤتمر كوسيلة لتحقيق التطبيع
في المؤتمر القادم، ترى السعودية أن إسرائيل قد توقف الحرب لأسباب ميدانية، وفي الجانب الآخر، هناك ترامب الذي يبحث عن مكسب لكيان الاحتلال من حربه. وعليه، تحاول السعودية في مؤتمرها القادم في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 إحياء مشروع إيقاف الحرب مقابل التطبيع، مع زعم بأن هناك وعودًا ملموسة لقيام دولة فلسطينية في المستقبل. ولكن هنا تبرز التساؤلات حول ما تورط به محمد بن سلمان: كيف ستوفق السعودية بين تصريحاتها السابقة وبين التحركات الجديدة؟ محمد بن سلمان يشعر بعبء الذهاب وحيدًا باتجاه التطبيع، وكأنه يقدم مكافأة لنتنياهو. ومن هنا، قد يكون المؤتمر وسيلة لتحقيق هذا الهدف، حتى وإن رفض كيان الاحتلال مشروع الدولتين، كما حدث فعلًا بقرار من الكنيست، ما يعني أن الموضوع ليس حتى صالحًا للنقاش بشأنه.
بحسب التسريبات، فإن السعودية ستعرض في المؤتمر القادم على الدول العربية والإسلامية أن يكون هناك تطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي مقابل إيقاف الحرب على غزة ولبنان، مع إضافة حديث عام بشأن الدولة الفلسطينية. وهكذا، تعود السعودية للتطبيع مع مجموعة من الدول، إذ ليس بإمكانها إقناع الدول العربية والإسلامية كلها بهذا، ولا حتى بنصفها.
يُعد تأييد المقترح السعودي المتوقع مكلفاً لكل نظام يوافق عليه، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهد تصاعد المشاعر العربية والإسلامية بسبب المجازر وسياسة الإبادة الصهيونية. فأي نظام سياسي عربي أو إسلامي لا بد أن يأخذ في الاعتبار ردود فعل الجمهور على مشروع التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي في هذا التوقيت، أو على منحه مكاسب مقابل العدوان الذي يرتكبه. هذا يشكل أيضاً أحد العوائق أمام نجاح مشروع قمة محمد بن سلمان المرتقبة في 11 نوفمبر 2024. وسيواجه المشروع السعودي رفضاً من المحور المناهض للتطبيع، ويُعدّ "الطرف الفلسطيني" من أهم مكونات هذا المحور. فمن غير المرجح أن يقبل الفلسطينيون، سواء قوى المقاومة أو الشعب، بالمشروع السعودي تحت أي ظرف، حتى لو قيل لهم إن العالم العربي والإسلامي قد وافق عليه، وهو أمر غير مرجح في الأساس. سيشكل الرفض الفلسطيني الداخلي وقوى المقاومة إحدى أبرز أدوات إفشال المشروع السعودي.
3. الهدف من المؤتمر والاحتمالات المستقبلية
يُرجّح أن يكون هدف مؤتمر القمة العربية والإسلامية القادم في السعودية يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 هو التطبيع تحت يافطة إيقاف الحرب، أو ثمنًا يُقدم لإسرائيل لإيقاف الحرب. قد يوافق ترامب على ذلك في حال كان رئيسًا لأمريكا، ولكن من المحتمل أن يرفض كيان الاحتلال الإسرائيلي الأمر إلا إذا كان وضعه العسكري سيئًا، وهذا أيضًا وارد خلال الأيام المقبلة. ومن هنا، نفهم أسباب التودد السعودي لإيران، وكلام وزير الخارجية السعودي الإيجابي عن لبنان، ورفع نبرة الصوت السعودية ضد ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي. حيث تسعى السعودية إلى تسويق مبادرة قادمة للتطبيع، وقد يكون ذلك التفافًا جديدًا على المواقف السابقة.
سادسًا: السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول: تعزيز الدور السعودي في عملية السلام
المسار: تستمر السعودية في جهودها الدبلوماسية لعقد مؤتمرات ومبادرات تدعم حل الدولتين.
التحديات: يحتاج إلى قبول دولي وإقليمي، وتعاون من الأطراف المعنية، مع مواجهة رفض إسرائيلي متوقع.
الفرص: تحسين صورة السعودية كداعم للسلام والاستقرار، وتعزيز مكانتها الإقليمية.
السيناريو الثاني: التطبيع المشروط مع كيان الاحتلال
المسار: تقدم السعودية على خطوات نحو التطبيع مقابل تحقيق تقدم ملموس في القضية الفلسطينية.
التحديات: مواجهة رفض داخلي وإقليمي، وعدم استعداد كيان الاحتلال لتقديم تنازلات حقيقية.
الفرص: تعزيز العلاقات مع القوى الدولية، والاستفادة من التعاون الاقتصادي والتكنولوجي.
السيناريو الثالث: التركيز على التحالفات الإقليمية
المسار: تعزيز العلاقات مع الدول الإقليمية مثل إيران ولبنان، والابتعاد عن التصعيد.
التحديات: تجاوز الخلافات التاريخية والمذهبية، وبناء الثقة المتبادلة.
الفرص: تحقيق استقرار إقليمي، وتقليل التوترات التي تؤثر على الأمن القومي.
ومع هذه السيناريوهات المحتملة، قد تشهد الأيام القادمة قبل المؤتمر تحولات غير متوقعة: ماذا لو شنت إسرائيل هجوماً جديداً على إيران؟ أو بالعكس، ماذا لو ردّت إيران بمهاجمة الكيان الصهيوني، سواء قبل الانتخابات الأمريكية أو بعدها بقليل، أي قبل انعقاد المؤتمر في 11 نوفمبر 2024؟ كيف ستكون ردود الفعل المتوقعة حينها؟ وما أهمية المؤتمر السعودي في ظل هذه التطورات، سواء عُقد أو لم يُعقد؟
هذا إذا افترضنا أن الرياض لن تكون لها علاقة مباشرة بالهجوم أو برد الفعل عليه. أما إذا أصبحت جزءاً من التحالف العسكري الأمريكي-الإسرائيلي في عمل هجومي مباشر، فسيؤدي ذلك إلى اندلاع حرب مفتوحة تُفقد المؤتمر أي جدوى. ففي هذه الحالة، لا صوت سيعلو على صوت السلاح.
الخلاصة
تشير التحولات الأخيرة في الخطاب السياسي السعودي إلى رغبتها في إعادة التموضع إقليميًا ودوليًا، وأن تغيّر الخطاب السياسي السعودي، وكأنه انفصل عن مساره المألوف، هو مجرد تكتيك مرحلي، وستستعيد السعودية خطابها السابق بعد أن يقضي وطره ويحقق هدفه. وبينما تواجه الرياض تحديات متعددة في تحقيق توازن بين مصالحها الاستراتيجية وضغوط المجتمع الدولي، يبقى المستقبل مفتوحًا على عدة احتمالات. وربما يكمن جزء من الجواب عن أسباب تلك التحولات، في دعوة الرياض لمؤتمر قمة عربي إسلامي في 11 نوفمبر القادم، أي بعد الانتخابات الأمريكية. لقد أرادت السعودية أن تقول في مؤتمر (تنفيذ حل الدولتين) إنها لا تكتفي بالكلام حول حل الدولتين، وإنما تريد أن تشكل ضغطًا سياسيًا على (إسرائيل) لتنفيذه، إلا أن هذا المؤتمر لم يعبأ به أحد.
منذ أن اتسمت السياسة الخارجية السعودية بنزعة أكثر عدوانية، وفتحت جبهات صراع مع العديد من الدول العربية وغير العربية، وتخلّت عن استخدام "المساعدات" كأداة من أدوات نفوذها، لم تعد الرياض تمتلك وسائل الضغط الكافية لدفع هذه الدول إلى قبول مبادراتها السياسية. اليوم، أصبحت السياسة الخارجية السعودية أقل فاعلية بكثير مما كانت عليه قبل عقد أو عقدين، مما يعكس تراجع قدرتها على التأثير في المشهد الإقليمي والدولي.
الرابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.