الجمعة، 29 نوفمبر 2024

"القوات المسلحة" بديلًا لـ"السلع التموينية" في استيراد الحبوب

تصاعد تغول إمبراطورية الجيش الاقتصادية فى الهيمنة على كل ما هو مدنى


"القوات المسلحة" بديلًا لـ"السلع التموينية" في استيراد الحبوب


تولى جهاز مستقبل مصر التابع للقوات المسلحة، بقرار رئاسي، عمليات استيراد الحبوب والسلع عبر آليات الشراء المباشر والمناقصات من الجهات والمناشئ المعتمدة للاستيراد في مصر، بدلًا من هيئة السلع التموينية، حسب مصدر رفيع بوزارة التموين مطلع على ملف استيراد الحبوب، لـ المنصة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن القرار ينقل بعض اختصاصات هيئة السلع التموينية إلى هيئة الشراء الموحد، الممثلة في جهاز مستقبل مصر، على أن تحدد الوزارات والهيئات المعنية حاجتها من الحبوب، وتسندها للجهاز.
وأضاف المصدر أن هيئة السلع التموينية ستعرض الخطة الاستيرادية لها من قمح أو زيت أو سكر، وسيتولى جهاز مستقبل مصر عملية الاستيراد، سواء من خلال ممارسات أو بالأمر المباشر، على أن تتولى الهيئة عملية فتح الاعتمادات والاستلام فقط.
وحسب رويترز، تأسس جهاز مستقبل مصر في 2022 بموجب مرسوم رئاسي، وله جذور في مشروعات لاستصلاح الأراضي ترجع إلى عام 2017.
وظهر اسم جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لأول مرة في مايو/أيار 2022 عندما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع مستقبل مصر للزراعة المستدامة على امتداد طريق محور روض الفرج - الضبعة على بعد نصف ساعة من أكتوبر، كنواة لمشروع استصلاح 800 ألف فدان بالدلتا الجديدة.
وصدر في ذلك الوقت قرار رئيس الجمهورية رقم 591 لسنة 2022، لم يُنشر في الجريدة الرسمية لكن تمت الإشارة إليه في قرارات لاحقة، بإنشاء جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، كجهاز تابع للقوات الجوية ويعمل تحت إشرافها، وفي الفترة التالية برز اسم العقيد الدكتور بهاء الغنام الذي تولى منصب المدير التنفيذي للجهاز، وهو ينتمي للقوات الجوية، حسب الشروق.
رفض روسي
وأحدث دخول جهاز مستقبل مصر كمستورد للسلع التموينية ضجةً في الأسواق الخارجية، حسب مدير شركة "ميدترنين ستار" للتجارة واستيراد الحبوب هشام سليمان، الذي قال لـ المنصة "فجأة تبدلت الأحوال، وفوجئ الجميع بوقف التعامل مع الهيئة التي تعمل بمجال استيراد الحبوب منذ أكثر من 40 عامًا ليتعاملوا مع جهة جديدة لا يعلمون عنها شيئًا".
وأضاف أن "اتحاد مصدري الأقماح في روسيا اعترض على هذا القرار المفاجئ، ورفض المشاركة في أي صفقات لبيع القمح من خلال جهاز مستقبل مصر، لعدم توافر المعلومات الكافية عنه وعن وضعه المالي"، موضحًا أن "الرفض قد يكون مؤقتًا حتى تصل إليهم المعلومات التي تجعلهم يطمئنون في التعامل مع الجهاز".
ونقلت رويترز عن مُصدرين روس قولهم إنهم "لن يبيعوا القمح لجهاز مستقبل مصر ما لم تخطرهم مصر بأنه يعمل نيابة عن الحكومة"، وأوضح تاجران للوكالة أن "مندوبين للجهاز حضروا في آخر ممارسة لشراء القمح طرحتها هيئة السلع التموينية في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني لمتابعة العملية".
وقال أحد التاجرين "كانوا موجودين في آخر مناقصة، مش بيدوا أوامر يعني، لكن بيشرفوا وقاعدين يراقبوا كل حاجة بتحصل، واضح إنهم كانوا بيتعلموا العملية بتمشي إزاي".
وأشار تاجر ثالث لرويترز إلى أن "جهاز مستقبل مصر يبدو أنه يهمش هيئة السلع التموينية، لكنه لا يملك ما لديها من خبرة طويلة وعلاقات مع السوق".
وقال جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، في بيان صدر في وقت متأخر مساء أمس، إن مصر تسعى لشراء قمح وزيوت نباتية من خلال صفقات شراء مباشرة. وعدت رويترز ذلك "تحولًا في استراتيجية المشتريات، بعيدًا عن نظام الممارسات الذي تستخدمه الهيئة العامة للسلع التموينية".
ونقل تاجر أوروبي قوله إن "هذه الخطوة قد تكون للتحايل على الحد الأدنى غير الرسمي لسعر تصدير القمح الروسي".
بدوره، أوضح سليمان أن "أبرز أسباب سحب هذا الملف المهم من هيئة السلع التموينية، وإسنادها إلى جهاز مستقبل مصر، هو إخفاق الهيئة في إتمام عدة صفقات لاستيراد القمح بسبب الاختلاف على السعر، أبرزها صفقة الـ3.8 مليون طن التي عقدت مناقصة بشأنها منتصف أغسطس/آب الماضي.
وفي أغسطس الماضي، اكتفت الهيئة العامة للسلع التموينية، المشتري الحكومي للحبوب، بالتعاقد على شراء 280 ألف طن قمح فقط خلال مناقصة دولية كانت تستهدف منها استيراد 3.8 مليون طن قمح، بما يمثل 8% فقط من مستهدفها؛ بسبب ارتفاع الأسعار.
 وسجلت واردات مصر من القمح 13.5 مليون طن خلال الفترة من يناير/كانون الثاني الماضي وحتى منتصف نوفمبر الحالي، لتحقق أعلى معدل استيراد منذ 10 سنوات، وتسجل 35% معدل نمو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسب وثيقة رسمية حصلت عليها المنصة.
وحصلت المنصة على نسخة من كراسة شروط مناقصة طرحها جهاز مستقبل مصر لاستيراد 50 إلى 60 ألف طن قمح، محددًا 24 منشأ لتقديم العروض والأسعار بحلول اليوم الخميس، على أن يتم الدفع بتسهيلات موردين تصل إلى 270 يومًا، إلا أن الجهاز قرر تأجيلها لعدم تلقي عروض، حسب مدير شركة ميدترنين ستار للتجارة واستيراد الحبوب.
وحددت كراسة الشروط التي حصلت عليها المنصة المستندات التي يجب توفيرها من قبل الموردين، وتضمنت فاتورة تجارية من أصل وخمس صور موقعًا عليها من البائعين موضحًا بها اسم الباخرة ورقم الاعتماد والكمية المشحونة والمواصفات الفعلية، والسعر ومعدلات الخصم للمواصفة والقيمة الإجمالية والقيمة الصافية بعد الخصومات.
كما تضمنت شهادة منشأ من أصل وخمس صور موضحًا بها بلد المنشأ على وجه الدقة صادرة من الغرفة التجارية، وبالنسبة للقمح الأوكراني يجوز من الغرفة التجارية فى بلد الشحن، بجانب شهادة من أصل وصورتين تنص على أن القمح المشحون من آخر محصول، وموضح بها تاريخ الإنتاج صادرة من المصدر أو شركة التفتيش والمراجعة.
ونقلت رويترز عن مصادر لم تسمها قولها إن "جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة لم ينفذ أي عمليات شراء في استيضاح يتعلق بمشتريات قمح وزيوت نباتية اليوم الخميس"، وأشارت الوكالة إلى "مشاركة عدد من الشركات التجارية في اجتماع عُقد بمقر الجهاز  اليوم، لكن لا يُعرف ما إذا كانت هناك عروض أسعار قد قُدمت أم لا، حيث تسعى الشركات للحصول على مزيد من المعلومات عن شروط الشراء والدفع من الجهاز".
المنصة
الرابط
https://manassa.news/news/20854

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.