تزامنا مع مناقشته بالبرلمان.. المركز المصري يذكر باعتراضاته على مشروع “الإجراءات الجنائية”: قانون يقوض العدالة
يستنكر المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية موافقة مجلس النواب في جلسته العامة، اليوم الأحد 29 ديسمبر 2024، على عدد من مواد الإصدار في مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، خلال مناقشة تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأنه.
كان المجلس وافق في جلسته السابقة، من حيث المبدأ على مشروع القانون بعد 12 جلسة تم فيها إدراج مناقشة مشروع القانون سالف الذكر من حيث المبدأ، وذلك حرصا من المجلس على مشاركة أكبر عدد ممكن من النواب في مناقشة مشروع القانون.
ومن هذا المنطلق يعيد المركز المصري التذكير بأوجه اعتراضه والعديد من الجهات المعنية، وعلى رأسها نقابة المحامين ونقابة الصحفيين والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، على مشروع القانون، آملين أن تجد هذه الملاحظات آذانا صاغية تبدد مخاوف الجميع، وتعزز نزاهة سير العدالة.
وجاءت مناقشة مشروع القانون دون إجراء حوار مجتمعي حقيقي يضم كافة الأطراف المعنية، بما يعزز توجهات تشريعية تثير المخاوف بشأن احترام المعايير الدستورية والدولية لحقوق الإنسان، ويمثل تراجعًا عن ضمانات المحاكمة العادلة ومبادئ حقوق المتهمين والمحتجزين، ما يهدد بتقويض ركائز العدالة والنظام القانوني المصري، مشددا على ضرورة سحبه فورا.
ويتساءل المركز بشأن ادعاءات مسؤولين حكوميين وأعضاء بمجلس النواب بأن المشروع جاء استجابة لمخرجات “الحوار الوطني” لعام 2023، على الرغم من أنه يأتي بتعديلات تشريعية تزيد من السلطات الممنوحة للجهات الأمنية، وتقيد حقوق الدفاع، وتكرّس مفهوم الحبس الاحتياطي كأداة للعقاب بدلًا من كونه إجراءً احترازيًا، بدلاً من أن يعكس هذا القانون توجهًا نحو إصلاح الإجراءات الجنائية وضمان حقوق الأفراد أمام القانون.
ويركّز مشروع القانون على جوانب تعزز من صلاحيات الجهات الأمنية والقضائية على حساب حقوق الأفراد، حيث يبقي على الحبس الاحتياطي كإجراء مفتوح يمكن تمديده واستخدامه في قضايا متكررة ومتعددة، بما يسمح باستمرار احتجاز الأفراد لفترات مطولة من دون محاكمة، ما يحيل الحبس الاحتياطي من كونه استثناءً إلى قاعدة وعقوبة في حد ذاته.
إضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع عددا من المواد التي تمنح حصانات للمسؤولين العموميين، خاصة في القضايا المتعلقة بالاعتداء على حقوق المواطنين، ما يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات والإفلات من العقاب.
يتضمن المشروع الجديد بنودًا تهمّش حقوق الضحايا في ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات والتجاوزات، مما يضعف منظومة العدالة ويمنح حصانات غير مبررة لبعض الجهات، كما يضع قيوداً على فرص التفاعل المباشر بين المتهم والقاضي عبر اعتماد جلسات تجديد الحبس والمحاكمة عن بُعد باستخدام “الفيديو كونفرانس”، ما من شأنه انتهاك حقوق المتهم والدفاع في التواصل المؤثر مع هيئة المحكمة، ويضعف آليات وضمانات المحاكمة العادلة.
وبناء على ذلك يوصي المركز بـ:
طرح المشروع للحوار المجتمعي الموسع، بما يشمل منظمات حقوق الإنسان، وخبراء قانونيين، ومحامين، ونقابات مهنية، ومعنيين، لضمان توافق القانون مع احتياجات المجتمع واحترام حقوق المتهمين.
تعديل بنود الحبس الاحتياطي بحيث يتم تقنين استخدامه كإجراء استثنائي لا يتم اللجوء إليه إلا في الحالات القصوى وضمن مدد زمنية محددة، مع إلزام السلطات بالإشراف القضائي على أي تمديد للحبس الاحتياطي ومنع استغلال آلية “التدوير”.
إلغاء النصوص التي توسع من استخدام جلسات المحاكمة عن بعد، وحصرها في الحالات الاستثنائية فقط مع وضع ضوابط صارمة لها، إلى جانب تعزيز حقوق الدفاع واستدعاء الشهود وضمان التفاعل المباشر بين المتهم والدفاع والقاضي لضمان نزاهة المحاكمة.
إلغاء أي نصوص تتيح حصانات للمسؤولين عن الجرائم أو الانتهاكات، وتسهيل إجراءات تقديم الشكاوى ومحاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.
التعويض المالي والمعنوي لأي شخص يتعرض للاحتجاز التعسفي أو الحبس الاحتياطي غير المبرر، بما يتماشى مع حقوق الإنسان وحماية كرامة الأفراد.
ختامًا، يدعو المركز المصري لحقوق الإنسان كافة القوى الحية في المجتمع المصري إلى رفض مشروع القانون بصيغته الحالية، والعمل على صياغة قانون يلبي احتياجات العدالة ويحقق توازنًا بين الحفاظ على النظام العام وضمان حقوق الأفراد.
كما يناشد المركز الحكومة ومجلس النواب فتح باب الحوار المجتمعي حول مشروع القانون، وعدم إقرار أي تعديلات تهدد حقوق الإنسان الأساسية وتزيد من القيود على الحريات المدنية، حفاظًا على مبادئ العدالة وحماية حقوق المواطنين.
الرابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.