رئيس الوزراء الإثيوبي: ''قرار بدء ملء بحيرة سد النهضة فى يوليو الشهر القادم دون التوصل لاتفاق مع مصر لا رجعة عنه"
وزارة الموارد المائية المصرية فى بيان اليوم الاربعاء: اثيوبيا طلبت خلال مفاوضات امس الثلاثاء اعادة بدء المفاوضات من نقطة الصفر
تطرح أزمة سد النهضة أسئلة حول جدوى التفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في ظل إصرار الأخيرة على الإبقاء على موعد ملء السد المقرر في يوليو القادم ما يهدد أمن مصر المائي.
الأطراف الثلاثة اتفقت على مواصلة المفاوضات للوصول إلى حل للأزمة التي تهدد استقرار المنطقة، بعد توقف دام لنحو أربعة أشهر، لكن الاجتماع الأول باء بالفشل، بحسب ما أعلنت مصر الأربعاء، فيما يخشى خبراء من استخدام إثيوبيا لهذه المفاوضات لتضييع الوقت.
فبعد مرور ثلاثة أسابيع منذ إطلاق السودان مبادرته بشأن عودة السودان ومصر وإثيوبيا إلى مائدة المفاوضات حول سد النهضة، انعقد مساء الثلاثاء اجتماع وزراء الرى فى الدول الثلاث بحضور المراقبين الدوليين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبى وجنوب أفريقيا الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقي، عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".
وقالت وزارة الموارد المائية والري المصرية في بيان الأربعاء "من الصعب وصف الاجتماع بأنه كان إيجابيا أو وصل ألى أي نتيجة تذكر، حيث ركز على مسائل اجرائية ذات صلة بجدول الاجتماعات ومرجعية النقاش ودور المراقبين وعددهم".
وأضافت الوزارة أن المناقشات "عكست وجود توجه لدى إثيوبيا لفتح النقاش من جديد حول كافة القضايا، بما فى ذلك المقترحات التى قدمتها إثيوبيا فى المفاوضات باعتبارها محل نظر من الجانب الاثيوبي، وكذلك كافة الجداول والأرقام التي تم التفاوض حولها فى مسار واشنطن، فضلا عن التمسك ببدء الملء فى يوليو ٢٠٢٠".
وأوضح مدير مركز البحوث الأفريقية بجامعة القاهرة الدكتور أيمن شبانة لـ"موقع الحرة" أن إثيوبيا تريد بدء التفاوض من نقطة الصفر وليس من حيث انتهينا، حيث كان آخر اجتماع في 12 و13 فبراير الماضي قبل أن يتم الاتفاق على موعد للتوقيع على اتفاق رعته واشنطن ووقعت عليه كل من مصر والسودان بالأحرف الأولى وغابت عنه إثيوبيا في 29 فبراير".
وطالبت مصر خلال الاجتماع الذي أجري الثلاثاء بالإعلان بأنها لن تتخذ أى إجراء أحادي بالملء لحين التفاوض والتوصل لاتفاق، وهو ما تنصلت منه إثيوبيا.
كما أكدت مصر على أن مرجعية النقاش هي وثيقة 21 فبراير 2020 التي أعدتها الولايات المتحدة والبنك الدولى بناء على مناقشات الدول الثلاث خلال الأشهر الماضية لذلك الموعد.
وطالبت مصر أن تكون فترة المفاوضات من التاسع من الشهر الجاري وحتى السبت المقبل للتوصل إلى الاتفاق الكامل للملء والتشغيل.
"لن تسفر عن شيء"
من المقرر أن يجرى اجتماع ثان للدول الثلاث الأربعاء بحضور المراقبين الدوليين، لكن شبانة يرى في حديثه مع "موقع الحرة" أن هذه الاجتماعات "لن تسفر عن أي شيء جديد، وأن إثيوبيا لن تعود للمفاوضات إلا لاستنزاف الوقت، وإثيوبيا كانت تدير المفاوضات منذ انطلاقها بنوع من سوء النية، وأنها تخطط لفرض السد كأمر واقع على مصر".
ويرى شبانة أنه "يجب أولا منع البدء في ملء السد أولا وقبل كل شيء ثم نتوصل إلى صيغة اتفاقية تقوم على مبدأ الطاقة مقابل المياه".
ورغم التوصل للعودة إلى المفاوضات، نقلت تقارير صحفية عن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قوله إن قرار بدء ملء بحيرة السد "لا رجعة عنه"، وأن الهدف من وراء تطوير سد النهضة هو تنمية إثيوبيا، وهو ما رآه شبانة "نسف للمفاوضات لكنه يعتقد في الوقت ذاته أن إثيوبيا لن تبدأ في ملء السد، وأن أبي أحمد يستخدم ورقة السد في محاولة سياسية داخلية للغض عن فشله الداخلي.
"كل البدائل مفتوحة"
إذا بدأت إثيوبيا في ملء السد فيؤكد شبانة أنها ستكون حينها مسألة مصيرية بالنسبة لمصر، وسيكون بمثابة إعلان الحرب على مصر بسبب تهديد حياة المصريين.
ويقول "كل البدائل حينها ستكون مفتوحة أمام مصر بدءا من البدائل السلمية حتى البدائل القسرية الإكراهية".
ويشكل مشروع سد النهضة الضخم على النيل الأزرق الذي أطلقته إثيوبيا عام 2011، مصدرا لتوتر إقليمي خصوصا مع مصر التي يمدها النيل بنسبة 90 في المئة من احتياجاتها المائية.
وكثيرا ما اقترح سياسيون في مصر شن ضربة عسكرية لسد النهضة الإثيوبي الذي يعتبره المصريون "مسألة حياة أو موت" خاصة أن البلاد تعاني أساسا من نقص في الموارد المائية، كما اقترح البعض ممارسة ضغوط عسكرية على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاق بشأن السد.
وتقدم النائب في البرلمان المصري هيثم الحريري ببيان عاجل الثلاثاء يسأل فيه السلطات المصرية عن كيفية ردها على الخطوات الإثيوبية.
وأكد النائب المعروف بمعارضته لسياسات النظام المصري أن "المصريين لن يقفوا عاجزين عن الدفاع عن حقوقهم التاريخية والقانونية والإنسانية، وسيكونوا داعمين لأي إجراء يحافظ على حق الأجيال القادمة في الحياة، وأن كل الخيارات يجب أن تكون متاحة في سبيل الدفاع عن هذا الحق المشروع".
وكان رئيس الأركان الإثيوبي الفريق أول آدم محمد قد قال في 12 مارس الماضي بعد توقف المفاوضات وتصعيد مصر وتصريحا بأن إثيوبيا لن تستطيع بدء ملء سد النهضة، بان جيش بلاده مستعد للتصدي لأي هجوم عسكري يستهدف السد والرد على مصدر الهجمات بالمثل، خلال زيارته للسد بصحبة قادة الجيش الإثيوبي.
وفي 6 مايو الماضي، تقدمت مصر رسميا بخطاب لمجلس الأمن الدولي، لبحث "تطورات" سد النهضة الإثيوبي، لكن رد إثيوبيا حينها بخطاب آخر لمجلس الأمن تقول إنها منفتحة على المفاوضات، وفي الثاني من يونيو الماضي، أرسل السودان خطابا أيضا لمجلس الأمن مؤكدا تشجيع أطراف "سد النهضة" الإثيوبي على تجنب القيام بأي إجراءات أحادية قد تؤثر سلبا على السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وبعد تسع سنوات من المفاوضات، لم يتم التوصل إلى اتفاق بين الدول المتنازعة.
وصرحت كل من وزيرة الخارجية السودانية ووزير الري والموارد المائية في السودان الأحد أنه حتى انقطاع المفاوضات في 13 فبراير وامتناع إثيوبيا عن توقيع اتفاق واشنطن في 29 فبراير الماضي، كان هناك اتفاق بشأن 90 في المئة من المسائل الفنية والسياسية العالقة، وأنه يمكن التوصل لاتفاق بشأن النقاط القليلة المتبقية.
وترى مدير البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أماني الطويل في حديثه مع "موقع الحرة" أن مصر تحسن موقفها مع الإدراك الجديد لعمق المشكلة من جانب السودان، خاصة وانهما توجها إلي مجلس الأمن وتوافقا على أن مسار واشنطن هو الأهم في مسار المفاوضات، وبذلك يكون الأداء الإثيوبي معزولا ولن يجد التأييد الذي كانت ترجوه إثيوبيا".