رئيس الحكومة المدنية الانتقالية يؤكد بأن 18 في المئة فقط من الموارد الاقتصادية للبلاد تحت سيطرة الحكومة والباقى أصبح تحت سيطرة الجيش ويطالب باخضاع تبعية شركات الجيش لوزارة المالية والشعب السودانى
أثارت الازمة الاقتصادية المستفحلة في السودان خلافات حادة بين المدنيين والعسكريين داخل الحكومة الانتقالية السودانية، التي تتولى السلطة منذ أكثر من سنة منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، نتيجة تزايد شركات الجيش التي يتهمها الشعب السودانى والحكومة الانتقالية المدنية بأنها تتحمل الجانب الأكبر من الأزمة الاقتصادية المستفحلة في السودان وضرب الاقتصاد السودانى الحر والموجة من خلال استحواذها بالأمر المباشر والمنافسة غير المتكافئة والإعفاء الضريبي الكبير على اهم المشروعات والصناعات والاستثمارات الاقتصادية العامة والخاصة فى البلاد وتحول الجيش بشركاته الى دولة صناعية استثمارية كبرى داخل الدولة السودانية على حساب الاستثمار المدنى الحر والموجه فى السودان.
وأطاح الجيش السوداني بالبشير خضوعا لإرادة ثورة شعبية بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية ضده. وفي أغسطس 2019، توصل "تحالف الحرية والتغيير" الذي قاد الاحتجاجات والمجلس العسكري الذي تولى السلطة آنذاك، إلى اتفاق تاريخي حول مرحلة انتقالية تستمر ثلاثة أعوام، نص على تشكيل مجلس سيادة وحكومة من عسكريين ومدنيين.
ويرأس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ويرأس الحكومة، عبدالله حمدوك. لكن، وفي مواجهة الاستياء الشعبي المتزايد إزاء عدم إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية في السودان، يتبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك.
وقال البرهان، امس الاثنين، متحدثا إلى جنود في منطقة عسكرية في مدينة أم درمان المجاورة للخرطوم، والواقعة على الضفة الغربية لنهر النيل، مدافعا عن تزايد شركات الجيش فى البلاد على حساب شركات الاقتصاد الحر والموجه "هناك حملة لتفكيك القوات المسلحة من خلال الدعوى الى تحجيم تضخم أعداد شركات القوات المسلحة".
وأضاف مدافعا عن تعاظم اعداد شركات الجيش "عندما جئنا إلى السلطة، وجدنا أن هناك 421 شركة حكومية فقط، 200 منها تعمل تحت إدارة الحكومة و221 منها تعمل خارج النظام الحكومي. طرحنا الأمر على مجلس الوزراء لزيادة اعدادها وتشجيع الاستثمار الخاص، ولكنهم لم يتخذوا أي خطوة" على حد وصفة.
وجاء كلامه ردا على تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة المدنية الانتقالية عبدالله حمدوك، يومى الجمعة والسبت الماضيين، واعتبر فيها مع تفاقم الأزمة الاقتصادية فى السودان فى ظل استفحال أعداد شركات الجيش بأن غالبية موارد البلاد الاقتصادية لم تعد تحت سيطرة الحكومة بل تحت سيطرة الجيش. وقال في مقابلة مع الإذاعة الرسمية (راديو أم درمان) " بأن 18 في المئة فقط من الموارد الاقتصادية للبلاد تحت سيطرة الحكومة والباقى أصبح تحت سيطرة الجيش".
وتعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة بلغ فيها معدل التضخم في يوليو الماضي نحو في المئة، وفق إحصاءات حكومية. وتراجعت قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي الى 187 جنيها في السوق السوداء، في حين أن السعر الرسمي، وفق البنك المركزي، هو 55 جنيها للدولار الواحد.
وزعم البرهان فى خطابة بأن شركات الجيش لا تحتكر شيئا على حساب الاقتصاد الحر والموجة للدولة السودانية، وقال "شركات القوات المسلحة لم تحتكر تصدير المواشي أو الذهب، ولم تحجر على أحد للاستفادة من موارد البلاد. الفاشلون هم من يريدون أن يجدوا شماعة ليعلقوا عليها الفشل ولا أحد يمكنه تعليق فشله على تزايد شركات القوات المسلحة".
ويتألف مجلس السيادة من 11 عضوا ستة منهم مدنيون وخمسة عسكريون.
وتعمل الشركات المتعاظمة المملوكة للجيش في الزراعة وتصنيع وتجارة الأدوية وإدارة مستشفيات خاصة وتصدير اللحوم، إضافة الى مجمعات للتصنيع العسكري.
وزعم البرهان ان هذه الشركات تدفع الضرائب للحكومة. دون ان يوضح بالضبط نسبة الضرائب التي تدفعها والتى تقل كثيرا عن نسبة الضرائب التي تدفعها شركات الاقتصاد الحر والموجه.
استعادة الشركات
فى حين قال حمدوك خلال كلمته بمناسبة مرور عام على توليه منصبه "هناك قضية ذات أولوية تحظى باهتمام متزايد وشوشت عليها أكثر المعلومات الخاطئة بالإضافة الى وجود تساؤلات جادة بخصوصها في المجال العام".
وأوضح أنها "قضية استعادة الشركات الاقتصادية التابعة للقطاعين الأمني والعسكري وتوجيهها للقطاعين العام والخاص بدلا من احتكار الجيش لها. هى القضية الوطنية الاساسية محط اهتمام الحكومة لان الجيش فى النهاية أنشئ للدفاع عن البلاد وليس للاستحواذ على اقتصاديات البلاد وقد بدأت الحكومة المدنية الانتقالية فيها خطوات عملية لمعالجتها بحسب الاتفاق بين هياكل السلطة الانتقالية على مبدأ ولاية وزارة المالية على المال العام".
وعرض البرهان خل اعتبرة وسط أمام الحكومة من خلال بعض شركات الجيش فقط إلى "شركات مساهمة عامة" ووضع بعضها "تحت إشراف وزارة المالية''، وأضاف مدافعا عن اقتراح الجيش ''بان أحدا لم يستجب لذلك".