الاثنين، 25 يناير 2021

“نفسك في ايه قبل ما تموت”: تقرير رصدي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2020


“نفسك في ايه قبل ما تموت”:

تقرير رصدي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان عن عقوبة الإعدام في مصر خلال عام 2020


موقع الجبهة المصرية لحقوق الإنسان / مرفق الرابط

ما تزال السلطات المصرية القضائية والتنفيذية مستمرة في تطبيق عقوبة الإعدام بشكل متزايد، وذلك بإصدارها وتأييدها وتنفيذها لعشرات الأحكام بالإعدام، سواء كعقوبة لبعض الجرائم الجنائية، أو جرائم الإرهاب. وتشير بيانات حالة عقوبة الإعدام خلال عام 2020، وفقًا لرصد وتحليل الجبهة المصرية، إلى أن عملية المحاكمة في تلك القضايا المحكوم فيها بالإعدام تشهد إخلال سافر بضمانات المحاكمة العادلة وفقًا للمواثيق الدولية، وإخلال بحقوق المتهمين المكفولة في القانون والدستور المصري.

ويمكن اعتبار الملمح الأبرز فيما يتعلق بحالة عقوبة الإعدام في مصر في عام 2020، هو توسع السلطات المصرية المفاجئ في تنفيذ أحكام الإعدام، خاصة على مدار شهري أكتوبر ونوفمبر، والتي طالت عملية تنفيذ الإعدام فيهما 78 شخصًا على الأقل في قضايا جنائية، وأخرى على خلفية وقائع عنف سياسي، وذلك من أصل 126 شخص تم تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم خلال العام بأكمله. وهو الرقم الذي يبلغ ضعفي العدد خلال العامين السابقين، وثلث عدد المنفذ فيهم أحكام الأحكام منذ عام 2013، والذين بلغوا ما يقرب من 334 شخص. في حين ما يزال 80 شخص حتى تاريخ كتابة هذه السطور في انتظار تنفيذ أحكام إعدامهم في أي لحظة.

رصدت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان خلال عام 2020 تزايد كبير في تنفيذ أحكام الإعدام، حيث تم تنفيذ أحكام إعدام ما لا يقل عن 126 شخصًا على الأقل، في مقابل 46 شخصًا خلال عام 2019. بينما شهدت أحكام الإعدام انخفاضًا ملحوظًا بإصدار 295 حكمًا بالإعدام على الأقل، في مقابل 434 خلال العام السابق، فيما صدرت أحكام واجبة النفاذ بتأييد الإعدام على 55 شخص.

يأتي هذا التصاعد في تنفيذ أحكام الإعدام بالرغم من الإدانات الحقوقية المحلية والدولية لتوسع السلطات المصرية في تطبيق عقوبة الإعدام، وآخرها قرار البرلمان الأوروبي في شهر ديسمبر 2020 والذي أدان، في إطار انتقاده تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، التوسع في إصدار أحكام الإعدام. جاءت هذه الإدانات بعد حوالي عام من تلقي مصر توصيات من 29 دولة أثناء الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان في مصر في نوفمبر 2019، والتي جاءت أغلبها في إطار المطالبات بوقف تنفيذ وتخفيف أحكام الإعدام، والانضمام للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، خاصة في المحاكمات الجماعية، وضمان حق المتهمين في المحاكمة العادلة، وتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، والنظر في إلغائها من التشريعات الوطنية. إضافةً إلى عدم استخدام العقوبة ضد من تقل أعمارهم عن 18 عامًا وقت الجريمة. جدير بالذكر أن الرواية الرسمية تعتبر بأن الدعوات المطالبة بإيقاف عقوبة الإعدام هي دعوات تحاول “إبعاد الإرهابيين عن حبل المشنقة”.

ترى الجبهة المصرية أن هذا التوسع في تنفيذ أحكام الإعدام، خاصة في ظل محاكمات تفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة واحترام حقوق المتهمين المكفولة بالدستور والمواثيق الدولية، يعد استخدامًا تعسفيًا لعقوبة الإعدام، واستهانة بالحق في الحياة. وتطالب الجبهة المصرية السلطات في مصر بالتوقف عن توقيع عقوبة الإعدام وبدء النظر في إلغائها، والعمل على تنقية التشريعات الوطنية التي تعاقب بالإعدام على جرائم متنوعة يصل عددها إلى 105 جريمة، ومراجعة جميع الأحكام الصادرة بها قبل ذلك، والتأكد من حصول المتهمين في هذه القضايا على كافة ضمانات المحاكمة العادلة.

أولاً: تنفيذ أحكام الإعدام

قامت السلطات المصرية بتنفيذ أحكام الإعدام على الأقل بحق 126 شخص في 26 قضية، غالبيتهم كانوا متهمين في قضايا جنائية (101) شخص، في مقابل (25) شخص كانوا متهمين في 6 قضايا على خلفية اتهامهم بارتكاب وقائع عنف سياسي.

كان أول المنفذ بحقهم عقوبة الإعدام في هذا النوع من القضايا، 8 أشخاص أدانتهم المحكمة في القضية رقم 165 لسنة 2017 جنايات عسكرية والمعروفة إعلاميًا باسم قضية “تفجير الكنائس”، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم يوم 25 فبراير 2020. وفي يوم 4 مارس تم تنفيذ حكم الإعدام في “هشام عشماوي” على خلفية الحكم عليه بالإعدام في القضية رقم 4 لسنة 2014 جنايات عسكرية والمعروفة بقضية “كمين الفرافرة”، كما تم تنفيذ الإعدام أيضًا في “عبد الرحيم المسماري” في نهاية شهر يونيو على خلفية الحكم عليه في القضية رقم 160 لسنة 2018 جنايات غرب القاهرة العسكرية والمعروفة إعلاميًا بقضية “الواحات”.

كانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان قد رصدت من واقع تحليل أوراق التحقيقات الرسمية مع المتهمين في كل من قضية  تفجير الكنائس وقضية الواحات تعرض غالبيتهم لانتهاكات واسعة منذ القبض عليهم، على رأسها الإخفاء القسري لفترات مطولة، والتعذيب المادي والمعنوي، والحرمان من حق الدفاع، والاعتماد على تحريات مجهولة المصادر، فضلًا عن إصدار أحكام هذه الأحكام من محاكم استثنائية مثل المحاكم العسكرية.

وفي النصف الثاني من عام 2020، نفذت السلطات في شهر أكتوبر أحكام الإعدام فى كل من “ياسر عبد الصمد عبد الفتاح، وياسر الأباصيري عبد النعيم” على خلفية الحكم عليهما بالإعدام فى القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “مكتبة الإسكندرية”. تلى ذلك تنفيذ السلطات أحكام الإعدام بحق كل من “سمير إبراهيم سعد مصطفى -ياسر محمد أحمد خضير -عبدالله السيد محمد السيد – جمال زكي عبد الرحيم -إسلام شعبان شحاتة -محمد أحمد توفيق -سعد عبد الرؤوف سعد – محمد صابر رمضان نصر – محمود صابر رمضان نصر – سمير إبراهيم سعد مصطفى” في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “ أجناد مصر” وكل من “شحات مصطفى محمد علي الغزلاني عمار – سعيد يوسف عبد السلام صالح عمار- أحمد محمد محمد الشاهد” في القضية المعروفة إعلامياً “اقتحام قسم شرطة كرداسة“، وهي القضايا التي شهدت أيضًا انتهاكات واسعة تعرض لها المتهمين سواء في أثناء عملية الضبط أو التحقيق أو المحاكمة، والتي لم تؤثر على قرار المحاكم في إصدار وتأييد الإعدام عليهم، أو علي السلطات في تنفيذها.

ومع التأكيد على موقف الجبهة المصرية المبدئي والحاسم ضد العمليات الإرهابية، وعدم الجزم ببراءة أو إدانة أيًا من المتهمين من الوقائع المنسوبة إليهم ارتكابها. ترى الجبهة المصرية أنه يتحتم على السلطات التأكد من حصول جميع المتهمين على كافة ضمانات المحاكمة، والتي تتزايد أهميتها بصفة خاصة في القضايا التي تحتوي على وقائع العنف السياسي، لكي لا تتحول هذه الأحكام إلى نوع من تصفية الحسابات والانتقام من خصوم سياسيين.

ثانيًا: تأييد أحكام الإعدام 

أصدرت محاكم النقض أحكام واجبة النفاذ عبر تأييدها أحكام بإعدام 55 شخص في 26 قضية، غالبيتهم متهمين في قضايا جنائية (33) شخصا، إلى جانب 22 شخص آخرين متهمين في قضايا تحتوي على وقائع عنف سياسي.

كانت محكمة النقض قد أيدت إعدام ثلاثة أشخاص متهمين في قضيتين جنائيتين في الربع الأول من العام. كما تم تأييد الحكم على 7 أشخاص في القضية المعروفة إعلاميًا “بقسم شرطة حلوان”، وفي يوليو تم تأييد حكم الإعدام على 9 أشخاص من بينهم 6 أشخاص متهمين في قضيتي “أنصار الشريعة”، و”داعش ليبيا”، وهي القضايا التي كانت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان قد رصدت، من واقع تحليل أوراق التحقيقات الرسمية مع المتهمين، تعرضهم لانتهاكات واسعة أعقبت القبض عليهم، وتخل بأبسط ضمانات المحاكمة العادلة.

أيدت المحاكم المصرية أيضًا في أغسطس حكم الإعدام على 4 أشخاص في قضيتين جنائيتين، وعلى 8 أشخاص في قضيتين منهم 6 أشخاص في قضية عنف سياسي، والمعروفة إعلاميًا ب “لجان المقاومة الشعبية بكرداسة”. وفي الفترة من أكتوبر حتى نهاية شهر ديسمبر أصدرت محكمة النقض أحكام واجبة النفاذ بإعدام 21 شخص في 13 قضية جنائية. جدير بالذكر أن محكمة أمن الدولة العليا طوارئ كانت قد حكمت في يونيو بإعدام 3 متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بقضية “محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية”، وهو حكم غير قابل للنقض وواجب النفاذ بمجرد تصديق الحاكم العسكري عليه.

ثالثًا: أحكام الإعدام 

رصدت الجبهة المصرية إصدار المحاكم المصرية أحكام بإعدام ما لا يقل عن 295 شخصًا في 155 قضية، غالبيتهم في قضايا جنائية (247) شخص، بالإضافة إلى 48 حكم صدر على متهمين في قضايا على خلفية وقائع عنف سياسي.

أبرز هذه الأحكام، ما أصدرته محكمة جنايات القاهرة في مارس من أحكام إعدام 37 شخص في قضية “تنظيم أنصار بيت المقدس“، بعد محاكمة شابها إخلال واسع بضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين، حيث تعرض عدد كبير منهم للإخفاء القسري لفترات طويلة، والإكراه المادي والمعنوي للإدلاء باعترافات، والحرمان من حق الدفاع.

وفي شهر سبتمبر أصدرت محكمة جنايات الزقازيق أحكام بالإعدام على 6 أشخاص في قضية “مقتل عدد من رجال الشرطة في دائرة مركز أبو كبير وفاقوس”، وفي شهر أكتوبر حكمت محكمة جنايات الفيوم على 5 أشخاص في قضية “اقتحام نقطة شرطة مبارك” بمحافظة الفيوم.

نص تقرير منظمة العفو الدولية عن وسائل الانتقام الاجرامية التى تصل الى مرتبة جرائم الحرب ضد النشطاء والمعارضين داخل السجون المصرية الصادر اليوم الاثنين 25 يناير 2021:


نص تقرير منظمة العفو الدولية عن وسائل الانتقام الاجرامية التى تصل الى مرتبة جرائم الحرب ضد النشطاء والمعارضين داخل السجون المصرية الصادر اليوم الاثنين 25 يناير 2021: 

أرواح السجناء في خطر بالسجون المصرية بسبب الانتهاكات والحرمان من الرعاية الصحية

مسؤولي السجون يبدون استخفافاً تاماً بأرواح وسلامة السجناء المكدَّسين في السجون المصرية المكتظَّة، ويتجاهلون احتياجاتهم الصحية إلى حد كبير. 

السلطات المصرية تحرم عمداً رجالاً ونساءً احتُجزوا دونما سبب سوى ممارستهم لحقوقهم الإنسانية وآخرين احتُجزوا لأسباب سياسية من الرعاية الصحية والغذاء الكافي والزيارات العائلية وترهيب وتعذيب مدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيون ونشطاء وغيرهم من المعارضين الفعليين 

يتعيَّن على السلطات المصرية أن تسمح لخبراء مستقلين بإجراء زيارات للسجون دون أي قيود، وأن تعمل بالتعاون معهم لمعالجة ظروف الاحتجاز المزرية وسُبل الحصول على الرعاية الصحية في السجون، وذلك قبل أن يُزهق مزيد من الأرواح بشكل مأساوي. 


موقع منظمة العفو الدولية / الاثنين 25 يناير 2021 / مرفق الرابط

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن مسؤولي السجون في مصر يعرِّضون سجناء الرأي وغيرهم من المحتجزين بدواعٍ سياسية للتعذيب ولظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، ويحرمونهم عمداً من الرعاية الصحية عقاباً على معارضتهم. جاء ذلك في تقرير جديد دامغ يبيِّن أن قسوة السلطات قد تسببت أو أسهمت في وقوع وفيات أثناء الاحتجاز، كما ألحقت أضراراً لا يمكن علاجها بصحة السجناء.

ويحمل التقرير عنوان: "ما تموتوا ولا تولعوا؟ الإهمال والحرمان من الرعاية الصحية في السجون المصرية"، وجاء صدوره متواكباً مع مرور عشر سنوات على اندلاع انتفاضة عام 2011 في مصر، وهو يرسم صورة قاتمة لأزمة حقوق الإنسان في السجون المصرية، التي ملأتها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي برجال ونساء من البواسل الذين كانوا في طليعة صفوف النضال من أجل العدالة الاجتماعية والسياسية. كما يبيِّن التقرير أن سلطات السجون تقاعست عن حماية السجناء من وباء فيروس كوفيد-19، ودأبت على التمييز ضد السجناء المنحدرين من بيئات فقيرة اقتصادياً.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إن مسؤولي السجون يبدون استخفافاً تاماً بأرواح وسلامة السجناء المكدَّسين في السجون المصرية المكتظَّة، ويتجاهلون احتياجاتهم الصحية إلى حد كبير، حيث يلقون على عاتق أهالي السجناء أعباء إمدادهم بالأدوية والأطعمة والنقود اللازمة لشراء أساسيات مثل الصابون، ولا يكتفون بذلك بل يتسببون في معاناة إضافية لهؤلاء السجناء بحرمانهم من تلقي العلاج الطبي الكافي أو من نقلهم إلى المستشفيات في وقت مناسب".

ومضى فيليب لوثر قائلاً: "إن السلطات تتمادى إلى أبعد من ذلك، فتحرم عمداً رجالاً ونساءً احتُجزوا دونما سبب سوى ممارستهم لحقوقهم الإنسانية وآخرين احتُجزوا لأسباب سياسية من الرعاية الصحية والغذاء الكافي والزيارات العائلية. ومن المؤسف أن السلطات المصرية تسعى إلى ترهيب وتعذيب مدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين ونشطاء وغيرهم من المعارضين الفعليين أو المفترضين بحرمانهم من الرعاية الصحية. والمعروف أن مثل هذا الحرمان يُعتبر نوعاً من التعذيب عندما يتسبب في آلام ومعاناة شديدة، وعندما يكون متعمداً على سبيل العقاب".

ويوثِّق التقرير محن احتجاز 67 شخصاً محتجزين في ثلاثة سجون مخصَّصة للنساء و13 سجناً مخصَّصة للرجال في سبع محافظات. وقد تُوفي 10 منهم أثناء الاحتجاز، بينما تُوفي اثنان آخران بعد وقت قصير من الإفراج عنهما في عامي 2029 و2020.

وقد بعثت منظمة العفو الدولية نتائج بحوثها إلى السلطات المصرية، في ديسمبر/كانون الأول 2020، ولكنها لم تتلق أي رد.

ظروف الاحتجاز القاسية وغير الإنسانية

أقدمت السلطات على تعريض السجناء في السجون الستة عشرة التي شملها البحث لظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية، مما يشكل تهديداً لحقهم في الصحة.

ووصف محتجزون سابقون كيف يتم حبسهم في زنازين مكتظَّة تفتقر إلى التهوية، وتتسم بتدني مستوى النظافة والصرف الصحي، بينما يحرمهم الحراس من الأغطية والملابس الكافية، ومن الطعام الكافي، ومن أدوات النظافة الشخصية، بما في ذلك الفوط الصحية، ومن التريُّض والخروج إلى الهواء النقي. وهناك عشرات السجناء محرومون حالياً من الزيارات العائلية.

وأضاف فيليب لوثر قائلاً: "هناك أدلة على أن سلطات السجون، التي تتعلل أحياناً بأن لديها تعليمات من "قطاع الأمن الوطني"، تستهدف بعض السجناء بعينهم لمعاقبتهم على معارضتهم المفترضة للحكومة أو انتقادهم لها".

ومن بين الأعمال الانتقامية ضد هؤلاء السجناء احتجازهم لفترات طويلة ولأجل غير مُسمى رهن الحبس الانفرادي في ظروف مسيئة، حيث يظلون داخل الزنزانة لأكثر من 22 أو 23 ساعة يومياً؛ وحرمانهم من الزيارات العائلية لفترات وصلت أحياناً إلى أربع سنوات؛ وحرمانهم من تلقي الأطعمة، وغيرها من الأساسيات، من الأهالي.

الإهمال الطبي والحرمان من الرعاية الصحية

أظهرت بحوث منظمة العفو الدولية أن مسؤولي السجون عادةً ما يتقاعسون عن توفير الرعاية الصحية الكافية للسجناء، سواء من خلال الإهمال أو المنع المتعمد.

وعادةً ما تتسم عيادات السجون بعدم النظافة وبالافتقار إلى المعدات والمهنيين الطبيين المؤهلين، بينما يكتفي أطباء السجون بإعطاء السجناء مسكنات للآلام بغض النظر عن الأعراض التي يشتكون منها، بل ويوجهون لهم السباب أحياناً، بما في ذلك وصمهم بعبارات من قبيل "الإرهاب" و"الانحلال الأخلاقي". وقد ذكرت اثنتان من المحتجزات السابقات أنهما تعرضتا لإيذاء وتحرش جنسي من العاملين الطبيين في السجن.

كما قال محتجزون سابقون إنه لا توجد آلية واضحة لطلب المساعدة الطبية، بما في ذلك في حالات الطوارئ، وإنهم كانوا يُتركون تماماً تحت رحمة الحراس وغيرهم من مسؤولي السجون، الذين كانوا يتجاهلون شكواهم في كثير من الأحيان.

ولا تُقدم في السجون المصرية أي خدمات تقريباً للصحة النفسية، ولم تُوفر خدمات الصحة النفسية خارج السجون إلا لعدد قليل من السجناء الذين حاولوا الانتحار.

وكثيراً ما ترفض سلطات السجون نقل محتجزين احتجزوا على خلفية سياسية وفي حاجة لرعاية طبية عاجلة إلى مستشفيات خارج السجون لديها الإمكانات المتخصصة اللازمة، بل وتمنع عنهم الأدوية، حتى في الحالات التي كان يمكن أن يتحمل فيها أهاليهم التكاليف.

فلا يزال مسؤولو الأمن يحرمون سجين الرأي زياد العليمي، وهو عضو سابق في مجلس الشعب (مجلس النواب حاليا) وأحد الأشخاص الذين لعبوا دوراً أساسياً في مظاهرات 25 يناير/كانون الثاني 2011، من أن يتلقى بصفة منتظمة الرعاية الدائمة التي يحتاجها لعلاج مشاكله الصحية.

ولا يزال عبد المنعم أبو الفتوح، وهو مرشح رئاسي سابق ومؤسس "حزب مصر القوية" ويبلغ من العمر 69 عاماً، محتجزاً بشكل تعسفي رهن الحبس الانفرادي منذ فبراير/شباط 2018. وبالرغم من أنه يعاني من مرض السُكري ومن ارتفاع ضغط الدم وتضخم البروستاتا، فقد رفضت سلطات السجن مراراً طلباته من أجل نقله لتلقي العلاج خارج السجن، كما أخَّرت بشكل كبير عرضه على أطباء داخل السجن، بينما تجاهلت النيابة الشكاوى التي قدمها.

وقال فيليب لوثر: "من المروِّع أن جميع الأشخاص الذين وُثِّقت حالاتهم في التقرير الحالي وعددهم 67، تعرضوا للحرمان من الرعاية الصحية الكافية في السجون أو من النقل إلى مستشفيات متخصصة خارج السجون، مرة واحدة على الأقل خلال احتجازهم، مما أدى إلى تدهور صحتهم بشكل كبير".

واستطرد فيليب لوثر قائلاً: إن "هذا التقصير الفادح في أداء الواجب من جانب مسؤولي السجون يحدث بعلم محققي النيابة، وأحياناً بتواطؤ منهم، في غياب أي إشراف مستقل".

الوفيات قيد الاحتجاز

تقصَّت منظمة العفو الدولية حالات وفاة 12 شخصاً أثناء احتجازهم أو بعد وقت قصير من الإفراج عنهم، ولدى المنظمة علم بحالات 37 شخصاً آخرين تُوفوا في عام 2020، ولكن المنظمة لم تتمكن من الحصول على موافقة أهاليهم على نشر الحالات نظراً لخشيتهم من الأعمال الانتقامية. وتشير تقديرات جماعات حقوق الإنسان المصرية إلى أن مئات الأشخاص تُوفوا في أماكن الاحتجاز منذ عام 2013، بينما ترفض السلطات الإفصاح عن أية معلومات بخصوص أعداد الوفيات، أو إجراء تحقيقات فعَّالة ووافية ونزيهة ومستقلة بخصوص هذه الوفيات.

ويُحتمل أن تكون الظروف الفظيعة في السجون، بما في ذلك ظروف الحبس الانفرادي المطوَّل، بالإضافة إلى الحرمان المتعمَّد من الرعاية الصحية الكافية، قد تسببت أو أسهمت في وقوع عدة وفيات في عامي 2019 و2020. كما أُزهقت أرواح قبل أوانها من جراء عدم كفاية العلاج أو تأخيره في حالات الطوارئ.

ففي 2 مايو/أيار 2020، على سبيل المثال، تُوفي شادي حبش، وهو مصور ومخرج سينمائي كان يبلغ من العمر 24 عاماً، بعد أن تقاعس أحد موظفي "سجن طرة تحقيق" عن نقله على وجه السرعة إلى مستشفى خارج السجن، رغم علمه بأنه يعاني من تسمم كحولي.

الاحتجازات التعسفية الواسعة والاكتظاظ

ترفض السلطات المصرية الإفصاح عن عدد السجناء في البلاد. وتشير تقديرات إلى أن العدد يبلغ حوالي 114 ألف سجين، أي ما يزيد عن ضعف القدرة الاستيعابية للسجون والتي قدّرها الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر/كانون الأول 2020، بـ55 ألف سجين.

وقد تزايد عدد السجناء بشكل كبير عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، مما أدى إلى اكتظاظ شديد في السجون. وفي السجون الستة عشرة التي فحصتها المنظمة، يتكدَّس مئات السجناء في زنازين مكتظَّة، حيث يبلغ متوسط المساحة المتاحة لكل سجين من أرضية الزنزانة حوالي 1,1 متر مربع، وهي تقل كثيراً عن الحد الأدنى الذي أوصى به خبراء، وهو 3,4 متر مربع.

وتواصل السلطات تجاهل الدعوات إلى تقليل عدد المحتجزين في السجون مع انتشار وباء فيروس كوفيد-19، الذي يعرض للخطر حياة مزيد من الأشخاص. والواقع أن عدد السجناء الذين أُفرج عنهم في عام 2020 بموجب عفو رئاسي وقرارات إفراج مشروط يقل بنحو أربعة آلاف عن مثيله في عام 2019.

سوء إدارة أزمة وباء فيروس كوفيد-19 في السجون

 مع انتشار وباء فيروس كوفيد-19، تقاعست إدارات السجون عن توزيع المنتجات الصحية بشكل منتظم على السجناء، وتتبع وفحص القادمين الجدد، وإجراء اختبارات للمشتبه في إصابتهم وعزلهم.

وكان من شأن المشاكل القائمة منذ زمن طويل، مثل الافتقار إلى المياه النظيفة والاكتظاظ وسوء التهوية، أن تجعل من المستحيل تنفيذ إجراءات التباعد البدني والوقاية الصحية.

ولم يتم بشكل منهجي إجراء اختبارات للمحتجزين الذين ظهرت عليهم أعراض الإصابة بفيروس كوفيد-19. ففي بعض السجون، عُزل هؤلاء المحتجزون في زنازين صغيرة ومظلمة تُستخدم للحبس الانفرادي دون أن تُتاح لهم سُبل الحصول على العلاج الكافي. وفي سجون أخرى، تُرك أمثال هؤلاء المحتجزين في زنازينهم، مما شكَّل خطراً على غيرهم.

غياب الإشراف

يمارس مسؤولو السجون عملهم دون أن يخضعوا لإشراف يُذكر من جهات مستقلة، أو لأي إشراف على الإطلاق. وللنيابة سلطة إجراء زيارات غير مُعلن عنها سلفاً إلى أماكن الاحتجاز، ولكنها نادراً ما تقوم بذلك وعادةً ما تتجاهل شكاوى المحتجزين.

وقد نظَّم بعض المحتجزين إضرابات عن الطعام، قُوبلت بالتهديد والضرب. وقُبض على بعض الأهالي الذين احتجوا علناً. كما واجه عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين تهديدات وعقوبات بالسجن.

واختتم فيليب لوثر تصريحه قائلاً: "ينبغي على السلطات أن تبادر على وجه السرعة بالحد من الاكتظاظ في السجون، وذلك بالإفراج فوراً عن جميع المحتجزين تعسفياً، والنظر في الإفراج عن السجناء الذين يتزايد الخطر الذي يشكله فيروس كوفيد-19 عليهم، بسبب أعمارهم أو المشاكل الصحية التي يعانون منها. ويجب على السلطات إمداد جميع المحتجزين لديها بالرعاية الصحية الكافية دون تمييز مجحف، بما في ذلك التطعيم باللقاح المضاد لفيروس كوفيد-19. كما يتعيَّن على السلطات المصرية أن تسمح لخبراء مستقلين بإجراء زيارات للسجون دون أي قيود، وأن تعمل بالتعاون معهم لمعالجة ظروف الاحتجاز المزرية وسُبل الحصول على الرعاية الصحية في السجون، وذلك قبل أن يُزهق مزيد من الأرواح بشكل مأساوي".

"في ظل المخاطر الكبيرة للغاية والمناخ السائد للإفلات من العقاب في مصر، من الضروري أن يستجيب المجتمع الدولي بإصرار وإلحاح، بما في ذلك من خلال آلية لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر ينشئها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".

النص الكامل لتقرير "يناير وما بعده" الذي أصدرته ''الشبكة المصرية لحقوق الإنسان'' اليوم الاثنين 25 يناير 2021 مكون من 26 صفحة يرصد أوضاع الحقوقيين في مصر على مدار 10 سنوات منذ ثورة يناير 2011


النص الكامل لتقرير "يناير وما بعده" الذي أصدرته ''الشبكة المصرية لحقوق الإنسان'' اليوم الاثنين 25 يناير 2021 مكون من 26 صفحة يرصد أوضاع الحقوقيين في مصر على مدار 10 سنوات منذ ثورة يناير 2011


موقع الشبكة المصرية لحقوق الإنسان / 25 يناير 2021 / مرفق الرابط

في رصدها لأوضاع العاملين في مجال الحقوق والحريات في مصر منذ ثورة يناير 2011، والتي تحل ذكراها العاشرة الاثنين، قدمت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تقريرا يرصد أهم الجرائم التي ارتُكبت بحق الحقوقيين المصريين خلال العقد الأخير، والتي من بينها القتل والسجن والتعذيب.

التقرير الذي حمل عنوان "يناير وما بعده"، يتناول فترة ما بعد اندلاع الثورة المصرية في يناير 2011، وما صاحبها من ارتفاع سقف الطموحات المطالبة بالتغيير والحرية والكرامة الإنسانية، إلى أن تقلصت المطالب تدريجيا بعد عام 2013، لتنحصر في إطلاق سراح المعتقلين بالسجون.

تضمن التقرير ألوانا متعددة من البطش والتنكيل بحق المحامين، والصحفيين، والحقوقيين، مارستها السلطات المصرية ضد هذه الفئات لإسكاتها، شملت التصفية الجسدية المباشرة، والقتل بالتعذيب داخل السجون ومقار الاحتجاز، والإهمال الطبي المتعمد، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتدوير على ذمة قضايا مختلفة.

وتناول التقرير دور مجلس حقوق الإنسان في مصر، الذي تحول من مناقشة شكاوى المظلومين وتسليط الضوء على معاناتهم، إلى تجميل وجه النظام في الداخل والخارج.

واستعرض التقرير نماذج مختلفة من ضحايا الحقوق والحريات، مسلطا الضوء على المراكز المتدنية التي احتلتها مصر في التصنيفات الدولية المتعلقة بحرية الصحافة ومؤشر سيادة القانون، خلال العشر سنوات الماضية.

للاطلاع على نص التقرير مكون من عدد 26 صفحة على موقع الشبكة المصرية لحقوق الإنسان اتبع الرابط المرفق ستجده أمامك.

صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: العقد الضائع.. الأعمال غير المكتملة للربيع العربي.. لا تزال القوى التي أطلقت العنان للانتفاضات في جميع أنحاء الشرق الأوسط قوية كما كانت دائمً


صحيفة واشنطن بوست الأمريكية:

العقد الضائع.. الأعمال غير المكتملة للربيع العربي

لا تزال القوى التي أطلقت العنان للانتفاضات في جميع أنحاء الشرق الأوسط قوية كما كانت دائمًا


موقع صحيفة واشنطن بوست الأمريكية / تاريخ نشر التقرير الاحد 24 يناير 2021 / مرفق رابط الصحيفة

ملحوظة: يوجد عبر رابط موقع الصحيفة بعض مقاطع فيديو من ثورة 25 يناير 2011

قبل عشر سنوات ، اندلع الكثير من العالم العربي في ثورة مبتهجة ضد الأنظمة الديكتاتورية التي أغرق فسادها وقسوتها وسوء إدارتها الشرق الأوسط في الفقر والتخلف لعقود.

بعد مرور عشر سنوات ، تلاشت الآمال التي أيقظتها الاحتجاجات - لكن الظروف الأساسية التي أدت إلى الاضطرابات لا تزال حادة كما كانت دائمًا.

يحكم المستبدون بقبضة أكثر إحكامًا. تسببت الحروب التي شنها القادة الذين تم تهديد سيطرتهم في مقتل مئات الآلاف من الأشخاص. أدى صعود الدولة الإسلامية وسط الحطام الناتج عن ذلك إلى تدمير أجزاء كبيرة من سوريا والعراق ودفع الولايات المتحدة إلى حرب أخرى مكلفة في الشرق الأوسط.

تم طرد ملايين الأشخاص من ديارهم ليصبحوا لاجئين ، وتجمع الكثير منهم على شواطئ أوروبا وخارجها. أشعل التدفق موجة من المشاعر الوطنية والمناهضة للمهاجرين أدت إلى وصول القادة الشعبويين إلى السلطة في أوروبا والولايات المتحدة ، حيث طغت المخاوف من الإرهاب على المخاوف بشأن حقوق الإنسان كأولوية غربية.

فقط في تونس ، حيث بدأت الاحتجاجات ، ظهر من الاضطرابات أي شيء يشبه الديمقراطية. على سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بعد شهر من الاحتجاجات في الشوارع في تونس ألهمت المظاهرات في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك احتجاج حاشدة يوم 25 يناير 2011، في ميدان التحرير في القاهرة أن تركز اهتمامها اهتمام العالم على ما كان يسمى قبل الأوان الربيع العربي.

في ظاهر الأمر ، فشل الربيع العربي ، وبشكل مذهل - ليس فقط بالفشل في توفير الحرية السياسية ولكن أيضًا من خلال ترسيخ حكم القادة الفاسدين بشكل أكبر على بقائهم على قيد الحياة بدلاً من تقديم الإصلاحات.

قال طارق يوسف ، مدير مركز بروكنجز الدوحة ، "لقد كان عقدًا ضائعًا" ، متذكّرًا النشوة التي شعر بها في البداية عندما مكّنه سقوط معمر القذافي في أغسطس 2011 من العودة إلى الوطن لأول مرة منذ سنوات. "الآن ، لدينا عودة الخوف والترهيب. شهدت المنطقة نكسات في كل منعطف."

بالنسبة للعديد ممن شاركوا في الانتفاضات ، كانت التكاليف لا تُحصى. وأصيبت إسراء الطويل ، البالغة من العمر 28 عامًا ، بشلل جزئي إثر رصاصة أطلقتها قوات الأمن اخترقت بطنها وشق عمودها الفقري خلال مظاهرة في القاهرة عام 2014. وقتل بعض صديقاتها. وسُجن آخرون ، بمن فيهم زوجها ، الذي لا يزال مسجونًا. الطويل ، الذي أمضى سبعة أشهر رهن الاحتجاز ، كافح للعثور على عمل بسبب وصمة العار التي تلحق بالسجناء السياسيين.

"لم نحقق أي شيء كنا نهدف إليه. قالت: "ساءت الأمور". "كنا نعتقد أنه يمكننا تغيير النظام. لكنها فاسدة للغاية بحيث لا يمكن تغييرها ".

لكن المحللين يقولون إنه طالما استمرت الظروف التي أدت إلى اندلاع الانتفاضات الأصلية ، فلا يمكن استبعاد احتمال حدوث مزيد من الاضطرابات.

بالنسبة للكثيرين في المنطقة ، يُنظر إلى الربيع العربي على أنه فشل أقل من كونه عملية مستمرة. تم الترحيب بالمظاهرات التي أطاحت بالرئيسين القدامى للجزائر والسودان في عام 2019 وما تلاها من حركات احتجاجية في العراق ولبنان باعتبارها الربيع العربي الثاني ، وهو تذكير بأن الزخم الذي قاد الثورات التي حدثت قبل عقد من الزمن لم يختف. حتى في تونس ، أدى الإحباط من البطالة وركود الاقتصاد إلى سلسلة من المظاهرات العنيفة في كثير من الأحيان في الأيام الأخيرة ، مع اشتباكات بين المتظاهرين الشباب وقوات الأمن في المدن في جميع أنحاء البلاد.

وقالت لينا الخطيب ، التي ترأس برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس ومقرها لندن ، "لقد انتصر الديكتاتوريون ، بشكل أساسي من خلال الإكراه". "ومع ذلك ، فإن الإكراه ينذر بمزيد من المظالم التي ستجبر المواطنين في النهاية على السعي للتغيير السياسي".

ويخشى آخرون تفاقم حالة عدم الاستقرار والعنف مع انهيار أسعار النفط - الدعامة الأساسية للاقتصادات في جميع أنحاء المنطقة لعقود - وتداعيات عمليات الإغلاق بسبب فيروس كورونا 

"لدينا دول فاشلة في جميع أنحاء المنطقة. لدينا تحد اقتصادي ضخم مصحوب بجيل شاب ينهض ويطالب بدور. قال بشار الحلبي ، المحلل السياسي والناشط اللبناني الذي انتقل إلى تركيا العام الماضي بسبب تهديدات مجهولة على سلامته ، "هذا يضعنا على طريق الانفجار". المنطقة في وضع أسوأ من أي وقت مضى.

صحيفة الجارديان البريطانية: "إطلاق ستة عقود من الخوف": ثورة مصر الضائعة.. 10 سنوات على ثورة الحرية المصرية والخوف مستمر


صحيفة الجارديان البريطانية:

"إطلاق ستة عقود من الخوف": ثورة مصر الضائعة

10 سنوات على ثورة الحرية المصرية والخوف مستمر


شهد يوم 25 يناير 2011 بداية سقوط حسني مبارك ولكن أيضًا تحركات من قبل الجيش لتولي السلطة


موقع صحيفة الجارديان البريطانية / تاريخ النشر الاحد 24 يناير 2021 / مرفق الرابط.


أنا في وسط المكان الذي بدأ فيه كل شيء ، كان منصور محمد يدير كشكًا مغطى بالقماش المشمع على العشب الأخضر الوحيد بين أميال من الخرسانة والأسفلت. لمدة 10 أيام ، كان يأكل وينام مع غرباء مرتبطين معًا بغضب متزايد وثورة في كل مكان. تجمعت حشود هائلة واندفعت - هتفت مطالبها بالتغيير في دعوة ترددت في ميدان التحرير في القاهرة. قال: "لن أنسى هذا الصوت أبدًا". "كانت أقوى ضوضاء سمعتها في حياتي. كان أعلى من 10 طائرات جامبو. لقد كان إطلاق سراح ستة عقود من الخوف ".


بعد عقد من الزمان ، أصبحت نقطة انطلاق الثورة المصرية - وهي جزء أساسي من الانتفاضات التي أصبحت تُعرف باسم الربيع العربي - مكانًا مختلفًا تمامًا ، كما هو الحال في البلاد. تم صب قطعة من العشب فوقها ووضعت عليها مسلة جديدة ، تشير إلى السماء في تذكير صارخ بأوقات اليقين الراسخ. تتحرك حركة المرور بهدوء حول دوار الآن خالية من المتظاهرين أو محاولات التحدي. الشرطة السرية متمركزة في مكان قريب ، ليس في السر. هناك القليل من الحديث عن الثورة ، ومحاولات إثارة أشباح ميدان التحرير تقابل باليد الثقيلة للدولة العسكرية المنتعشة التي رسخت نفسها في أعقاب الثورة.


لقد بدأ الأمر بشكل مختلف تمامًا بالنسبة لمعاذ عبد الكريم. في 25 يناير 2011 ، اجتمع هو ومجموعة من الشباب المصريين في شقق على الجانب الآخر من النيل وشقوا طريقهم إلى متجر الحلويات ، حيث استعدوا لتغيير التاريخ.


كان الموقع بعيدًا عن متناول شاحنات الشرطة وخارج الشبكة بالنسبة لقادة الأمن الذين كانوا يمسحون المدينة بحثًا عن المخربين الذين نشطتهم الانتفاضة في تونس التي أجبرت الديكتاتور زين العابدين بن علي إلى المنفى قبل أسابيع.


أعطتهم الممرات الضيقة في الحي وقتًا لتنظيم وبناء الأرقام قبل أن تقتحمهم شرطة مكافحة الشغب. وقد قفزوا على من يلاحقونهم بطريقة أخرى - أكثر أهمية -: من خلال حشد المؤيدين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي ، والتي من شأنها أن تحطم قريبًا الوهم بأن قوات الرئيس حسني مبارك كانت أقوى من أن تواجهها.


في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم ، اجتمعت المجموعة في معجنات الحايس وشرعت في تنفيذ خطتها. قال عبد الكريم ، الذي يعيش الآن في المنفى في أوروبا ، "كان الاجتماع في المخبز مجرد خطوة واحدة من الخطة". كان هناك العديد من المجموعات المختلفة [للتنسيق معها] وكانت مهمة مجموعتنا هي البقاء في المخبز في ساحة مصطفى محمود. شاهدنا الشرطة لنرى ما إذا كانوا سيهاجمون المتظاهرين.


كنا نفكر إذا استطعنا النجاح ، فسنحصل على مصر أفضل وإذا فشلنا فسنموت أو نقضي حياتنا كلها في السجن. في حياتي ، كان مبارك وحده هو الرئيس ، لذلك كنت أحلم دائمًا برؤية رئيس آخر من عائلة أخرى.


كانت مهمتنا هي جمع كل المتظاهرين معًا حتى لا تتمكن الشرطة من السيطرة عليهم. إذا كان هناك عدد قليل من المتظاهرين ، يمكن للشرطة ببساطة أن تعتقلهم وهذا سيفشل. وسرعان ما كان هناك حوالي 2000 شخص ولم تستطع الشرطة السيطرة على الوضع. في تلك اللحظة أدركت أننا نجحنا ، لأنني رأيت الناس من جميع الأنواع ؛ مستويات اقتصادية مختلفة ، غني وفقير ، كبار وصغار ، كلهم ​​يقفون بصوت واحد


بحلول ذلك الوقت ، كانت الدعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحشود للتجمع في مناطق القاهرة ، والتجمع في الأماكن العامة قد أدت إلى خلق زخم لا يمكن إيقافه. قال عبد الكريم: "كانت وسائل التواصل الاجتماعي أهم أداة في الثورة". "يمكن للناس التواصل بسهولة والتعبير عن أنفسهم دون أي رقابة." لقد طغى المنشقون على دولة مبارك البوليسية بحساباتهم الذكية والفيسبوك.


بحلول 28 يناير ، أصبح التحرير - أو ميدان التحرير - بوتقة مطالب لا هوادة فيها لمصر جديدة. وفي غضون أسبوعين ، كانت قد وضعت بذور زوال مبارك. سحب الرئيس الأمريكي آنذاك ، باراك أوباما ، دعم واشنطن الطويل للرئيس المصري ، الذي حكم لمدة 30 عامًا ، وأيد ثوار مصر. قال أوباما: "لقد أوضح المصريون أن ما من شيء أقل من الديمقراطية الحقيقية هو الذي سيظل قائما".


ثم جاء التحدي للجيش المصري الذي وقف مع الثوار فيما تصاعدت مطالبهم. قال أوباما: "لقد خدم الجيش على نحو وطني ومسؤول بصفته راعيًا للدولة". وسيتعين الآن ضمان انتقال ذي مصداقية في نظر الشعب المصري ".


قالت سلوى جمال ، وهي من مؤيدي الثورة التي أُجبرت على الفرار من مصر في عام 2014: "لم يكن يعرف ذلك في ذلك الوقت ، لكن كلماته كانت بمثابة ضريح. منذ تلك اللحظة ، كان الجيش يخطط لتولي السلطة. "


قالت نانسي عقيل ، الناشطة والباحثة المصرية ، إن يوم استقالة مبارك ، 11 فبراير ، كشف أن الأشهر المقبلة لن تكون سوى انتقال سلس إلى الديمقراطية. قالت: "كانت أسوأ لحظة بالنسبة لي". رأيت الدبابات وعلمت أن الجيش يتولى زمام الأمور. رأيت أشخاصًا يوزعون الزهور العسكرية وينظفون الشوارع ويمسحون الكتابة على الجدران. كانت بداية محو آثار الثورة.


"طوال كل ذلك ، كان الناس يقولون لا ، لا الجيش إلى جانبنا. لكننا عرفناهم وعرفنا كيف يديرون الأشياء ".


في عام 2012 ، أجريت انتخابات ديمقراطية وتولى أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر ، محمد مرسي ، وهو عضو في جماعة الإخوان المسلمين القوية ، منصبه. سرعان ما أدلى بتصريحات لمنح نفسه المزيد من القوة ، وتزايد الاستياء بسرعة من حكومته.


بعد أقل من عام ، تمت الإطاحة بمرسي في انقلاب قاده وزير الدفاع آنذاك ، اللواء عبد الفتاح السيسي ، الذي حل البرلمان وحظر جماعة الإخوان المسلمين. انطلقت حملة قمع ضد المعارضة ، مستمرة حتى اليوم ، وانتخب السيسي رئيساً في جلستين انتخابيتين.


منذ ذلك الحين ، حاول الزعيم المصري الجديد مسح جميع بقايا الثورة باستخدام القمع الساحق لسحق الدعوات للتغيير. لقد تم القضاء على المجتمع المدني في مصر ، وأجبر الفنانون والمفكرون والصحفيون والأكاديميون على الصمت أو النفي - أو السجن. كما تم إعاقة المعارضة السياسية أو استقطابها ، وتم إسكات الإدانة الدولية منذ فترة طويلة. في مطلع ديسمبر / كانون الأول ، قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسيسي وسام جوقة الشرف ، أعلى وسام مدني في فرنسا ، متجاوزًا سجل حقوق الإنسان الذي وصفته المنظمات غير الحكومية العالمية بأنه شيطاني.


حظيت مزاعم السيسي بالمساعدة في وقف الهجرة إلى أوروبا وكونه حصنًا ضد التهديدات الأمنية بدعم ضمني ، كما أدى قمعه الروتيني للمعارضة والتعبير إلى الحد الأدنى من العواقب والإفلات من العقاب. قالت هيومن رايتس ووتش إن هناك 60 ألف سجين سياسي في مصر في 2019.


على الرغم من القمع ، قال خالد منصور ، المدير التنفيذي السابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، إن العديد من الذين دعموا الثورة سيفعلون ذلك مرة أخرى. وقال "لقد كانت بالتأكيد نقطة تحول. "لكننا لا نتجه دائمًا نحو وضع مريح ، أو في اتجاه جيد."


وأضاف: "الشيء الوحيد الذي لديهم والذي يسمح لهم بالبقاء في السلطة هو القوة. التماسك الاجتماعي ، كونه المنقذ الاقتصادي ، الإرهاب ، تهديدات الأمن القومي ؛ كلها تمكن هذه الوكالات من قول "نحن آخر معقل" وتأجيل أي حديث عن التغيير.


"ما نحتاجه ليس مصر موحدة ، بل مكانًا يمكن للفصائل المختلفة أن تتحدث فيه مع بعضها البعض وتنخرط في حوار سياسي دون مخاوف وجودية تطغى على الأمور. هل يمكننا الشفاء؟ سيستغرق الأمر فترة طويلة من النقد الذاتي والتأمل ، وهذا أمر صعب للغاية الآن ".

صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية: “مصر: مكالمات وشيكات ومقاطع فيديو. الضباط المصريون كذبوا على ريجيني”


صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية:

“مصر: مكالمات وشيكات ومقاطع فيديو. الضباط المصريون كذبوا على ريجيني”


موقع صحيفة كوريري ديلا سيرا الايطالية / تاريخ النشر الخميس 21 يناير 2021 / مرفق الرابط.

المدعون العامون في روما يطلبون توجيه الاتهام إلى أربعة منهم. تم الكشف عن فخ الموت الذي وقع فيه جوليو ريجيني – جزئياً على الأقل – من خلال تصريحات نفس الرجال المتهمين بتنظيمه. في الاستجوابات التي أجراها أحد الضباط المصريين الأربعة المتهمين الآن باختطاف وقتل الباحث الإيطالي، على سبيل المثال، كانت هناك تصريحات متحفظة وغير موثوقة ومتناقضة في بعض الأحيان، ويعتبرها مكتب المدعي العام في روما دلائل على مسؤوليته المباشرة.

حيث ساهم ذلك في الطلب الذي وقّعه مؤخراً المدعي العام ميشيل برستيبينو ونائبه سيرجيو كولايوكو لمحاكمة اللواء طارق صابر الذي كان سابقاً أحد قيادات جهاز الأمن الوطني وتم نقله مؤخراً إلى أحد المناصب الإدارية؛ العقيد آسر كامل، الرئيس السابق لجهاز البحث القضائي بالقاهرة؛ العقيد حسام حلمي، ضابط أمن وطني؛ والرائد مجدي شريف.

الرائد شريف – إلى جانب اتهامه باختطاف ريجيني، مثله مثل الآخرين، فهو متهم أيضاً بتعذيب جوليو وقتله – تم استجوابه خمس مرات من قبل النائب العام المصري، بين عامي 2016 و 2018. ويبدو أن روايته للأحداث مصمّمة خصيصاً لتقليص دوره، حيث يجادل بأن الأمن الوطني أجرى فقط تحقيقات منتظمة وطبيعية ضد طالب إيطالي تصرف بشكل غريب، ثم تم تبرئته من أي اشتباه، وهي نفس الحجة التي يطرحها القضاء في القاهرة، والتي تحفظت علانية على استنتاجات المدعين العامين في روما.

لكن تلك المحاضر بالتحديد، المرسلة إلى إيطاليا والمرفقة بالإجراءات، تُظهر شكوكاً جدية بشأن إعادة نسج القضية التي قدمتها مصر. ويقول شريف إن النقابي محمد عبد الله هو الذي استنكر أن “أجنبيا يجري تحقيقا مع الباعة الجائلين، ويخشى أن يستغله للحصول على معلومات ضارة بالدولة. هذا الشخص هو جوليو ريجيني”.

وقرر اللواء صابر التحقيق في القضية، وقال شريف: “تعاونت مع عبد الله للوصول إلى حقيقة الأمر”. لكن النقابي، “بمبادرة منه”، هو الذي سرق معلومات عن مناقصة القرض البالغ 10 آلاف جنيه إسترليني من شركة أنتيبود البريطانية، حتى إنه “تظاهر بأن ظروفه المالية كانت صعبة وأنه بحاجة إلى المال لعلاج زوجته وابنته”. يقول شريف إن تسجيل لقطات الفيديو للمقابلة التي جرت بين عبد الله وريجيني في 7 يناير 2016، عندما رد الباحث الإيطالي بحدة على طلبات الحصول على المال، كان بمبادرة من النقابي الذي: “اقترح تسجيل الاجتماعات عبر هاتفه المحمول وإحضار تسجيلات للتأكد من صدقه “. بينما يقول عبد الله عكس ذلك، ويأتي التأكيد من مكالمته الهاتفية بمكتب الأمن الوطني حيث – بعد المقابلة مع جوليو – طلب من عملاء الأمن الوطني الذهاب وخلع الكاميرا الدقيقة والميكروفون اللذين قاموا بتثبيته على ملابسه.

ولكن يصر شريف بقوله: “لا أعرف شيئاً عن هذا ولم يقابلني في ذلك اليوم”. وفي مواجهة الخلافات بشأن المكالمات الهاتفية التي أجراها عبد الله مع مكتب الأمن الوطني، أجاب: “لا أتذكر الاتصال بعبد الله ولا أتذكر من اتصلت به هاتفياً في ذلك اليوم”.

وأخبر محمد عبدالله، عضو نقابة الباعة الجائلين القضاة أنه بعد وفاة ريجيني، نصحه شريف بعدم التحدث إلى المحققين بشأن تقاريرهم، لكن الرائد شريف رد بالقول: “هذا ليس صحيحاً. أخبرني عبد الله أنه قد تمت دعوته للاستجواب، وأجبته بضرورة ذهابه إلى هناك؛ ولم نناقش تفاصيل الاستجواب الذي قد يخضع له.”

لا أتذكر الكثيرين الذين وصلوا عندما سُئل شريف عن مكالماته الهاتفية مع وكيل السفر رامي عماد، الذي اتصل به بعد كل محادثة مع نورا، صديقة جوليو؛ مرة واحدة الساعة 3.31 صباحاً يوم 20 يناير، قبل خمسة أيام من اختطاف ريجيني: “لا أتذكر الموضوع، ربما كان لرحلتي السياحية إلى اليونان، أو مجرد محادثة عادية بسبب الصداقة”. يكرر الضابط أنه بعد التحقق من عدم صحة شكوك عبد الله بشأن الباحث الإيطالي، فإنه لم ينشغل به بعد ذلك، ولم يعلم باختفائه إلا بعد اكتشاف الجثة، في 3 فبراير 2016.

وفي تصريحاته، فشل شريف في زرع بعض الآثار للدوافع الجنسية المفترضة لقتل جوليو: حيث قال عبد الله إن ريجيني أُعجب بإحدى الفتيات البائعات الجائلات، وأقامت علاقة جنسية معه رغم صعوبة ممارسة الجنس في مصر”.

وبالتالي، فإن التوجيهات الخاطئة التي كشف عنها مكتب المدعي العام في روما تجد آثاراً حتى في الاستجوابات التي أجراها القضاة المصريون. الذين وصفوا الاستنتاجات التي توصل إليها زملاؤهم الإيطاليون بأنها “غير صحيحة وغير منطقية وغير متوافقة مع المعايير الجنائية الدولية”. وجاء الرد الدبلوماسي-القضائي مؤخراً، على طلب محاكمة المتهمين الأربعة الذين تريد النيابة محاكمتهم ولو حتى غيابياً، موضحاً، كما ورد في القانون، أنهم “على علم بالإجراءات أو اطلعوا عليها طواعية”.

وحول هذه النقطة، وحتى قبل تقديم الأدلة ضدهم، سيتعين على أي قاضٍ في جلسة الاستماع التمهيدية الآن أن يصدر حكمه، كما هو متوقع في الصيف.

صحيفة المانيفستو الإيطالية: منير ساتوري عضو البرلمان الأوروبي: "ماكرون مخطئ وأوروبا ليست متواطئة في ديكتاتورية السيسي"


صحيفة المانيفستو الإيطالية:

منير ساتوري عضو البرلمان الأوروبي: "ماكرون مخطئ وأوروبا ليست متواطئة في ديكتاتورية السيسي"


موقع صحيفة المانيفستو الإيطالية / تاريخ النشر الاحد 24 يناير 2021 / مرفق الرابط

 مقابلة صحفية أجرتها الصحفية آنا ماريا ميرلو مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي

أجرت الصحفية آنا ماريا ميرلو مقابلة مع منير ساتوري، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الخضر الفرنسي ومهندس القرار الذي صوّت عليه البرلمان الأوروبي بشأن مصر في ديسمبر الماضي، وذلك في ذكرى اختفاء ريجيني في مصر، وجاء فيها:

ميرلو: يدعو قرار البرلمان الأوروبي إلى فرض حظر وعقوبات على مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان المصريين. وهو موجه إلى المؤسسات الأوروبية وكذلك إلى الدول الأعضاء. ما هو برأيك تأثيره على الموقف الأوروبي الضعيف حتى الآن تجاه مصر رغم الانتهاكات الواضحة التي ارتكبت؟

ساتوري: الغرض من هذا القرار هو الاستمرار في إبقاء النظام المصري تحت الضغط، وللضغط أيضاً على الدول التي ترفض جعل احترام حقوق الإنسان شرطاً أساسياً للتبادلات المالية – مثل فرنسا أو ألمانيا. ومن ناحية أخرى، أستنكر بشدة تصريحات الرئيس الفرنسي، الذي رفض علانية جعل حقوق الإنسان شرطاً لعقد الصفقات التجارية. هذا الاعتراف الذي يتم إعلانه أمام التلفزيون خطير. حيث يحول حقوق الإنسان إلى موضوع ثانوي، ويكون بمثابة ضوء أخضر لانتهاكها. لسوء الحظ، نعلم أن حقوق الإنسان دائماً ما تحظى باهتمام ضئيل في مواجهة بعض العمليات الاقتصادية المربحة، ويثبت قبول إيمانويل ماكرون للديكتاتور السيسي ذلك، خاصة في مواجهة مبيعات السلاح، حيث بدأ يتضح أن الحكومة الفرنسية وقّعت اتفاقا لبيع أسلحة بقيمة 700 مليون يورو بمناسبة زيارة السيسي لفرنسا. وقرر البرلمان الأوروبي اعتماد هذا القرار لإعادة تسليط الضوء على العنف في مصر وإدانة الموقف الفرنسي بشكل غير مباشر في رأيي. لأن هذا يضر بسياسة أوروبية متماسكة بالكامل تجاه مصر.

ميرلو: بالفعل، تتمتع العديد من الدول بعلاقات مستقرة مع القاهرة، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة، ولا يبدو أنها مستعدة لتقليصها. وحتى بعد وفاة المواطن الفرنسي إريك لانج أثناء احتجازه في مصر، لم تمارس فرنسا ضغوطاً خاصة على القاهرة.. ما هي الأسباب؟ هل الحرب ضد الإرهاب تدخل في ذلك؟

ساتوري: مصر دولة قوية ومستقرة مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط. الدول التي تتاجر مع القاهرة، وأوروبا نفسها، تحتاج هذا البلد الذي يستغل الوضع ويستخدمه لمصلحته، بل ويسيء استخدامه. وفي هذا الخصوص، تهيمن العمليات التجارية، بينما تُعتبر مكافحة الإرهاب أحد الموضوعات، مثل مكافحة الهجرة التي شرعت أوروبا في قيادتها. لكن كل هذه الأسباب لا يمكن اعتبارها أسباباً وجيهة، وأوروبا مخطئة إذا سمحت لنفسها بالتخلي عن مبادئها. وبذلك، تتخلى عن الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم ذاتها التي تأسست عليها وجعلتها عظيمة. فعلى المدى الطويل، يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية تماماً، ويمكننا أن نرى ذلك فيما يحدث في ليبيا، على سبيل المثال، حيث أصبحت فرنسا متواطئة مع العنف الذي يمارسه حفتر، وأوروبا أيضاً متواطئة في المعاملة اللاإنسانية للمهاجرين. وإذا حوصرت حكومات مثل الحكومة المصرية، فإنها يمكن أن تحاول التوقف عن التصرف بشكل سيء. لكنهم لا يتصرفون بلا قيد أو شرط إذا قيل لهم إن لديهم كل الحق. وتتحمل أوروبا مسؤولية كبيرة وهي مذنبة بدعم الدكتاتورية، حتى ولو بشكل غير مباشر، خاصة وأن الدول الأعضاء تمول تلك الأسلحة التي تُستخدم لقمع الحشود من الجماهير. وفي الواقع، ينتهي الأمر بالعديد من الأسلحة المباعة للقوات المسلحة المصرية إلى وصولها إلى أيدي قوى الأمن الداخلي. لا يمكننا أن نغلق أعيننا أو نتظاهر بأننا لا نعرف.

ميرلو: استنكرت الحكومة الإيطالية بشكل غير رسمي عدم تضامن الدول الأوروبية بعد قضية ريجيني. في الوقت نفسه، تخشى إيطاليا من انقطاع العلاقات مع القاهرة، حيث يمكن لدول أخرى أن تحل محل روما في مجالات اقتصادية مهمة، مثل الطاقة. هل هذا من أسباب غياب الضغط الأوروبي على مصر؟

ساتوري: بالتأكيد هذا هو الموضوع. يبلغ عدد سكان مصر ما يقرب من 100 مليون نسمة. لذلك فهي سوق اقتصادية مهمة لأوروبا. هذا القرار مثير للاهتمام، لكنه يهدف أيضاً إلى إحراج هذه الدول لعدم وجود ضغط حقيقي على مصر. فقد أيقظت حالة جوليو ريجيني الدراماتيكية الضمائر في إيطاليا، لكن البلدان الأخرى لم تتوقف. وإيطاليا لا تستطيع أن تقف وحدها ولا يجب أن تكون وحدها في الدفاع عن حقوقها. نأمل أن يساعد في ذلك رفع مستوى الوعي في جميع أنحاء أوروبا، ولكن من المؤكد أننا يجب ألا نتخلى عن حذرنا، ويجب أن ندعم الصحفيين المصريين والمحامين والمدافعين عن الحقوق قدر الإمكان.

ميرلو: في السياق الأوروبي، هل ترى استعداداً أكبر من جانب بعض الجماعات السياسية لعدم إضفاء الشرعية على النظام المصري؟

ساتوري: هناك مجموعات سياسية تدافع بشكل منهجي عن حقوق الإنسان، بالطبع، وأخرى أقل انتباهاً للانتهاكات عندما يتعلق الأمر بالمصالح. وصوتت مجموعة الهوية والديمقراطية (أقصى اليمين، التي يلتزم بها التجمع الوطني في فرنسا و حزب ليجا في إيطاليا) ضد القرار، في دعم كامل للديكتاتورية، بدون خجل. كان للسجادة الحمراء التي بسطها ماكرون لرأس النظام المصري ميزة أن تجعل المجموعة المحافظة تتماشى مع بعض انتقاداتنا، لا سيما تلك المتعلقة بمنح وسام جوقة الشرف للسيسي. إن هذا التصرف يعني إهانة كل من حصل على هذه الميدالية بحق.