ديكتاتورية الجمهورية الخامسة اشرس الديكتاتوريات..
التقرير السنوي لمؤسسة حرية الفكر والتعبير عن حالة حرية التعبير في مصر عام 2020
الملخص التنفيذي
تمثل رد فعل الحكومة المصرية الأول مع اندلاع ثورة 25 يناير 2011، منذ عشرة أعوام، في الحجب. هناك تظاهرات واسعة، الناس في الشارع، وسيناريو الثورة التونسية التي نجحت في الإطاحة بِبِن علي، على وشك أن يتكرر في مصر. فكان الحل الأمثل من وجهة نظر السلطة آنذاك، هو عزل المواطنين عن العالم في الخارج، وفصلهم بعضهم عن بعض في الداخل، عن طريق حجب مواقع التواصل الاجتماعي، وقطع الإنترنت، وقطع تغطية شبكات المحمول.
فرض نظام مبارك أشكالًا مختلفة من الحجب على مدار الأيام الثمانية عشر التي سبقت الإطاحة به، لم تفلح كلها في تفادي مصيره بالسقوط. ورغم رحيل مبارك، بقي الحجب مستمرًّا عبر الأنظمة المتلاحقة، وإن اختلفت مستوياته، والحجج التي يتم التذرع بها.
شهد عام 2020 اندلاع جائحة عالمية مع تفشي فيروس كوفيد-19 (كورونا المستجد) في جميع دول العالم تقريبًا. مثلت تلك الجائحة العالمية اختبارًا جديدًا للدولة المصرية في عدة مستويات، وكان من أهمها تزايد أهمية الشفافية وإتاحة المعلومات، وبالرغم من الخطوات المبذولة في إتاحة معلومات عن أعداد المصابين وضحايا فيروس كوفيد-19، فإن حجب المعلومات الممنهج استمر وازدادت خطورته مع الجائحة.
بعد مرور عشرة أعوام على الثورة، وعام على الجائحة العالمية، امتد الحجب ليصبح هو القاعدة، ما بين حجب إلكتروني للمواقع، وعدم تداول للمعلومات، وهو ما يتضح بجلاء مع إدارة الدولة لأزمة الجائحة، فقد واصلت السلطات المصرية ممثلة في نيابة أمن الدولة العليا، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة العامة للاستعلامات حظر عمل الصحفيين، وكذلك حبس النشطاء السياسيين، ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، والأطباء، والباحثين، وحجب المواقع الإلكترونية بزعم نشرهم معلومات “كاذبة” عن الجائحة بما في ذلك معدلات الإصابة في مصر أو انتقاد سياسات الحكومة ووزارة الصحة فيما يتعلق بمواجهة الجائحة واحتوائها. كما استمرت السلطات في الاستئثار بالبيانات والإحصاءات الرسمية _إن وجدت_ لنفسها، في غياب واضح للشفافية. وبذلك النهج تتحول الجائحة إلى ذريعة أخرى لانتهاك قائمة طويلة من الحقوق والحريات.
إن مجابهة أزمة مثل تلك، تحتاج أكثر ما تحتاج إلى الشفافية والتواصل باعتبارهما صمام أمان أساسي للمجتمع والدولة في ظل الجائحة. ولا شفافية دون تداول حقيقي وحر للمعلومات من مصادرها الرسمية ودعم دور وسائل الإعلام باعتبارها فاعلًا في إستراتيجية مجابهة الأزمة، وليست طرفًا في الأزمة يجب حصاره وقمعه، وهو ما يحتاج إلى ساحة إعلامية مفتوحة وتنافسية، وفضاء إليكتروني حر غير مقيد أو محجوب، وذلك ضمن إجراءات حوكمة أفضل للمشهد الإعلامي والصحفي.
تستند مؤسسة حرية الفكر والتعبير في موقفها إلى ما تنص عليه المادة 68 من الدستور المصري من الحق في توفير وإتاحة المعلومات للمواطنين، وهو أمر بالغ الأهمية للأفراد والمجتمعات لحماية أنفسهم من الفيروس، ورغم موافقة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام على مشروع قانون تداول المعلومات منذ عام 2017، فإن البرلمان المصري استمر في تأجيل مناقشة وإصدار هذا القانون، مما يؤثر بشكل واضح على الحق في توفير وإتاحة المعلومات الذي يعتبر من الركائز الأساسية للحفاظ على الصحة العامة أثناء الجائحة.
تعرِض مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقريرها السنوي لعام 2020 ما وصلت إليه أوضاع الحقوق الرقمية، وحريات الإعلام، والإبداع، والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية، ضمن الجائحة، مع إبراز ملامح حجب المعلومات وكيف تتحول الجائحة إلى ذريعة أخرى لانتهاك قائمة طويلة من الحقوق والحريات.
يتضمن التقرير قسمين رئيسيين، يركز القسم الأول على تأثيرات فيروس كوفيد-19 على حرية التعبير في مصر، من خلال الوقوف على أوضاع تداول المعلومات، والتعليم العالي، والإبداع، إلى جانب أوضاع المحبوسين في قضايا حرية التعبير، في ظل انتشار الجائحة خلال عام 2020. أما القسم الثاني من التقرير، فيقدم استعراضًا وتحليلًا لأبرز أنماط الانتهاكات الواقعة على الحقوق الرقمية، وحريات الإبداع والإعلام، والحريات الأكاديمية والطلابية، إلى جانب الحق في حرية التجمع السلمي.
ويُختتم التقرير بتوجيه مجموعة توصيات إلى صانع القرار المصري، من أجل التوجه نحو ضمان حرية التعبير وكذا حرية تداول المعلومات، وذلك امتدادًا لتأكيد مؤسسة حرية الفكر والتعبير إيمانها بأن الإفصاح عن المعلومات إضافة إلى كونه حقًّا أصيلًا للمواطنين، فإن أهميته تزداد في الوقت الحالي كونه أداة أساسية لمجابهة جائحة كورونا، حيث يسهم في زيادة وعي المواطنين، وحشد قدرات القطاع الصحي والمجتمع المدني، إضافة إلى تنظيم عمل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص في ظل تدابير مناسبة.
منهجية التقرير
اعتمد التقرير على تحليل السياسات العامة للسلطات المصرية تجاه الحق في حرية التعبير بصوره المختلفة، وعلى وجه التحديد حرية الإعلام، والحق في تداول المعلومات، وحرية الإبداع والتعبير الفني، والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية والحق في التجمع السلمي. وذلك عبر رصد وقراءة التطورات التشريعية فضلًا عن القرارات الإدارية الخاصة بكل ملف من ملفات حرية التعبير السابق ذكرها، وتحليل أثرها المباشر وغير المباشر على حالة حرية التعبير بشكل عام وفي كل ملف بشكل خاص.
كذلك اعتمد التقرير على قواعد البيانات الخاصة بمؤسسة حرية الفكر والتعبير المتعلقة بملفات عمل المؤسسة، فضلًا عن القضايا التي تولتها الوحدة القانونية بالمؤسسة خلال عام 2020. إلى جانب الاعتماد على شهادات محامين خارج المؤسسة، عملوا على قضايا أخرى.
ويقدم التقرير تحليلًا لأنماط الانتهاكات الواقعة خلال العام عن طريق المتابعة المكثفة والتدقيق البحثي واستخلاص الأنماط المستحدثة للانتهاكات في كل ملف من ملفات حرية التعبير مقارنة بأنماط الانتهاكات التقليدية التي رصدتها المؤسسة خلال عملها في السنوات الأخيرة. ومن المهم التعامل مع الأرقام المذكورة والحالات المشار إليها، كأمثلة دالة على ما وصل إليه الوضع، وتعتبر الحد الأدنى لما وقع في كل ملف، وليست كافة الانتهاكات التي وقعت فيه.
القسم الأول: حرية التعبير أثناء الجائحة في مصر
كان تفشي فيروس كورونا هو محور عام 2020، حيث أصبح تقييم الأمور لا يتم إلا من خلال أخذ الوضع الصحي المستجد في الاعتبار، سواء بشكل مباشر، أو غير مباشر. يعرض القسم الأول من هذا التقرير أوضاع ثلاثة أمور رئيسية: أولًا، الوضع القائم لتداول المعلومات في مصر وتأكيد انتشار المرض على ضرورة وجود بنية تشريعية واضحة تدعم الشفافية. وثانيًا، أحوال الثقافة والإبداع والحقوق الرقمية ضمن الجائحة، وأخيرًا، يتتبع التقرير تأثيرات الجائحة على أوضاع المحبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا مرتبطة بحرية الفكر والتعبير.
يحاول القسم الأول من التقرير الوقوف على ما إذا تم التعامل بعدالة وشفافية من جهة الدولة مع ملفات مرتبطة بحرية الفكر والتعبير خلال الجائحة، أم أن الوضع الصحي أعطى فرصة لتقييد عدد من الحريات تذرعًا بالوضع الاستثنائي، وذلك من خلال عرض أبرز وقائع العام، والتي يمكن أن تعطي لمحة عن الأداء الرسمي على الأصعدة التشريعية والقضائية والتنفيذية.
أولًا: تداول المعلومات أثناء الجائحة
أبرزت الجائحة وتداعياتها الحاجة المضاعفة إلى الحق في الوصول إلى المعلومات وتداولها، وأهمية وجود صحافة مهنية تمارس عملها بحرية في تداول المواضيع والقضايا العامة وعرضها لجمهور المواطنين، والرقابة الشعبية لأداء السلطة التنفيذية ومساءلتها، فضلًا عن أهمية الشفافية والتواصل باعتبارهما ضمانة أساسية لتمكين المواطنين من معرفة التحديات الصحية التي يواجهونها وكذلك لتسهيل تعاون الدولة والمجتمع المدني من أجل تعزيز وحشد جهودهم المشتركة لحماية الصحة العامة من جائحة عالمية هددت ولا تزال حياة الملايين من البشر.
وبالرغم من ذلك، فقد استمر التقييد والمنع والتعتيم كنمط سائد في سياسة الدولة في التعامل مع المعلومات، بدلًا من إتاحتها وتداولها بشفافية، وتعزيز الحق في المعرفة للمواطنين. ويمكن التدليل على ذلك بالمؤشرات الأربعة الرئيسية الآتية:
من الناحية التشريعية: انتهى عام 2020 دون إصدار قانون يحمي حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات وتداولها ونشرها، رغم انتهاء المجلس الأعلى للإعلام من إعداد مسودته منذ أكتوبر 2017،[1] وكونه أحد الموضوعات التي تم تسليط الضوء عليها منذ 2011، إذ كانت الدعوة إلى إصدار قانون يتفق مع المعايير الدولية ويتيح تداول معلومات حقيقي لا تقييدًا لها من ضمن التوصيات التي تضمنها تقرير لجنة تقصي الحقائق التابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان في أحداث ثورة يناير في عام 2011.[2] وقد أعطى غياب أي تشريع يحمي حق المواطنين بشكل عام والصحفيين بشكل خاص في الوصول إلى المعلومات من مصادرها الرسمية وتداولها ونقلها، الفرصة للسلطات في القبض على الصحفيين ومعاقبتهم بدعاوى نشر الأخبار الكاذبة وترويج الشائعات والإضرار بالمصلحة العامة، حال تناولهم أيًّا من القضايا أو المعلومات المرتبطة بالجائحة في مصر. وهو ما أثَّر بشكل بالغ على حق المواطنين في الوصول إلى المعلومات.
على مستوى عمل وزير الدولة لشؤون الإعلام: لم يكن تعيين وزير دولة لشؤون الإعلام، كافيًا لأن يكون أداء الدولة الإعلامي خلال الجائحة على قدر الحدث. لا من حيث إتاحة المعلومات اللازمة والكافية والملائمة لجمهور المواطنين حول سياسات مجابهة الجائحة، وبيانات تطور الوضع الوبائي، وكذلك تسهيل عمل الصحافة والإعلام في تقصي تلك البيانات والمعلومات ونقلها للجمهور، وأخيرًا من حيث نجاحها في توعية جمهور المواطنين، بشكل كافٍ، بالأزمة وإستراتيجية مجابهتها. [3]
قصور المعلومات الرسمية الخاصة بالجائحة: شابت عمليات الإفصاح عن المعلومات من قبل الجهات المعنية (مجلس الوزراء، ووزارة الصحة) الكثير من العوار، ظهر ذلك في نقص المعلومات أو عدم إتاحتها بشكل ملائم، ما قيَّد من قدرة الصحفيين والمتخصصين على تحليل تلك الأرقام والبيانات. فضلًا عن تقييد دور الصحف ووسائل الإعلام في كشف الحقائق ومحاسبة المسؤولين ومواجهتهم.
وبالرغم من إطلاق وزارة الصحة موقعًا إلكترونيًّا[4] يحوي إحصائيات يومية عن أعداد الإصابات، والوفيات، والحالات التي تم شفاؤها وخرجت من مستشفيات العزل، وطرق تجنب العدوى، وكيفية التصرف في حال ظهور أعراض الإصابة، فإن المعلومات المتاحة يغيب عنها العدد الفعلي للمسحات التي يتم إجراؤها، فضلًا عن عدم توضيح التوزيع التفصيلي لأعمار الحالات المصابة والمتوفاة، وكذا مناطق انتشار الإصابة جغرافيًّا، والنوع، وغيرها من البيانات المهمة.
إن إتاحة مثل هذه المعلومات، يسمح بزيادة قابلية البيانات للتحليل الإحصائي وغيره من أشكال تحليل البيانات، وكذلك في تيسير اتخاذ إجراءات ملائمة للتصدي لانتشار الفيروس في أماكن ومحافظات بعينها، بحيث تكون الإجراءات مرنة، وفقًا لحالة الخطر بطريقة لا مركزية، بدلًا من تعميم الإجراءات على عموم الجمهورية، نظرًا إلى الارتفاع الكبير في عدد الحالات، فماذا لو كانت أغلبية تلك الحالات في مدينة أو محافظة واحدة؟ أليس من الأجدى أن يعتمد تصميم السياسات على البيانات التفصيلية، وأن يتم إتاحة هذه البيانات بشفافية حتى يشارك الجمهور بحرية، ويتحمل مزيدًا من المسؤولية في الالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي، لأن التزامه حينها يكون التزامًا عن وعي إيجابي، وبناءً على مشاركة البيانات التفصيلية بشفافية. وبذلك يتم دعم المشاركة الحرة والممارسة الديمقراطية ضمن إجراءات مكافحة تفشي الجائحة، بدلًا من تعزيز ممارسات القمع، باسم الصحة العامة هذه المرة بدلًا من الأمن العام والحرب على الإرهاب.
منع تداول المعلومات المرتبطة بالجائحة: لجأت السلطات المصرية إلى مشاركة أقل قدر من المعلومات مع المواطنين، ليس ذلك فحسب، بل عملت جهات رسمية مثل: النيابة العامة، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ومجلس الوزراء، على تهديد وسائل الإعلام والصحافة بشكل مباشر باللجوء إلى إجراءات تأديبية و بالملاحقة القانونية حال محاولة أي منها تقصي الحقائق أو نشر المعلومات غير تلك التي تصدر عن الجهات الرسمية رغم ندرتها وعدم ملاءمة إتاحتها.
فمع بداية الجائحة، كلف رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الجهات المعنية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية “حيال كل من أذاع أخبارًا، أو بيانات كاذبة، أو شائعات، تتعلق بفيروس كورونا المستجد”. كما أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بيانًا أعلنت فيه سحب اعتماد مراسلة جريدة “الجارديان” في مصر،[5] وإنذار مراسل جريدة “نيويورك تايمز” على إثر نشر “الجارديان” تقريرًا يتناول انتشار الفيروس في مصر،[6] ونشر مراسل “نيويورك تايمز” في مصر عددًا من التدوينات على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تحتوي على بعض الأرقام من نفس الدراسة والتي اعتبرتها الهيئة وفق بيانها بـ”تقديرات غير صحيحة”، وعلى إثر هذه الأزمة اضطرت مراسلة الجارديان روث مايكلسون إلى مغادرة مصر بعد أن كانت مقيمة بها منذ 2014.[7]
وطالت ممارسات منع تداول المعلومات المتعلقة بالجائحة، إصدارات فنية وثقافية لطلاب، فعلى سبيل المثال، في 15 سبتمبر 2020 داهمت قوة من المصنفات الفنية مركز الصورة المعاصر بوسط البلد وتحفظت على اثنتين من العاملات بالمركز، أطلق سراح إحداهن بعد عدة ساعات، بينما أحيلت مسؤولة معمل الصور إلى نيابة قصر النيل، بحسب محاميتها، للتحقيق معها في اتهامات من بينها: توزيع مجلة “القاهرة الكوفيدية”،[8] دون الحصول على تصريح من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وتتناول المجلة محل الاتهام مجموعة من الصور القصصية والموضوعات عن وضع فيروس كوفيد ـ 19 والعزل داخل المنازل المصرية. في اليوم التالي أمرت نيابة أمن الدولة بإخلاء سبيل المسؤولة بالمركز على ذمة التحقيق. وجدير بالذكر أن المجلة هي مشروع تخرج لمجموعة من طلاب كلية الفنون التطبيقية بالجامعة الألمانية.[9]
واستمر حجب المواقع الإلكترونية، إذ تم حجب ثلاثة مواقع صحفية بسبب تناول أمور متعلقة بالجائحة، ليبلغ إجمالي عدد المواقع المحجوبة في مصر منذ مايو 2017 إلى 553 موقعًا، من ضمنها 124 موقعًا صحفيًّا، بزيادة 7 مواقع خلال عام 2020، بحسب رصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
وقد مارس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام دورًا بارزًا في محاصرة الأخبار والبيانات التي يجري تداولها بشأن الجائحة. حيث قرر المجلس “لفت نظر” ١٦ موقعًا إلكترونيًّا وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي نتيجة “نشرهم أخبارًا كاذبة عن اكتشاف حالة إصابة بفيروس كورونا في طنطا”. وتضمن بيان المجلس التوجيه بـ”منع بث أي أخبار إلا من خلال البيانات الرسمية لوزارة الصحة”، بينما وجه المجلس تنبيهًا إلى أحد المواقع وألزم آخر بنشر اعتذارًا.
استهداف الأطباء والصحافيين: رصدت المؤسسة قيام الأجهزة الأمنية بالقبض على 8 من أفراد الطواقم الطبية على الأقل على خلفية تعبيرهم عن آرائهم في السياسات الحكومية لمواجهة خطر انتشار وباء كورونا، واستنكارهم نقص المستلزمات الطبية والوقائية بالمستشفيات.
في 10 إبريل 2020 ألقت قوة من الشرطة القبض على الطبيب هاني بكر علي كحيل من منزله بمركز طوخ، محافظة القليوبية، على خلفية نشره تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي”فيسبوك” ينتقد فيها إرسال الحكومة المصرية مساعدات طبية وقائية إلى إيطاليا، بالرغم من نقص المستلزمات الوقائية في المستشفيات المصرية. اختفى كحيل قسريًّا لمدة 18 يومًا إلى أن ظهر أمام نيابة أمن الدولة متهمًا على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا. ووجهت إليه النيابة اتهامات، منها: الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، واستخدام حساب على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بغرض تنفيذ جريمة. أمرت نيابة أمن الدولة بحبسه احتياطيًّا على ذمة القضية.
كما استمرت السلطات المصرية في استهداف الصحفيين، بل نشطت بشكل أكبر في استهدافهم على خلفية الأعمال الصحفية والإعلامية المرتبطة بوباء كوفيد – 19. فمن بين 62 انتهاكًا وثَّقتهم المؤسسة لانتهاكات حرية الصحافة والإعلام خلال عام 2020 كانت نسبة الانتهاكات ضد الصحفيين على خلفية مواضيع صحفية على علاقة بالجائحة بنسبة 30% تقريبًا.
ويُظهر الرصد ارتفاعًا ملحوظًا للانتهاكات ضد حرية الصحافة خلال شهري إبريل ومايو بالمقارنة بباقي الشهور خلال السنة، وهي الفترة التي بدأت أعداد الإصابة تتزايد فيها بنسبة كبيرة خلال الموجة الأولى. ألقت قوات الأمن القبض على ثلاثة صحفيين على خلفية تغطياتهم الخاصة بأزمة انتشار كوفيد-19، ويوضح الشكل البياني المجمع الآتي، أبرز الإحصائيات التي توصل إليها رصد المؤسسة بخصوص انتهاكات حرية التعبير في عام 2020.
ثانيًا: الثقافة والإبداع بين الرقمنة وتأثيرات الجائحة:
أبقت الجائحة أغلب المواطنين في منازلهم، مما أدى إلى لجوء الكثيرين إلى منصات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ومشاركة مقاطع الفيديو على حساباتهم الخاصة. خاصة مع بدء تطبيق إجراءات الإغلاق وحظر التجول على عموم البلاد في مارس 2020، وأدت هذه الظروف إلى توفير أكبر لأشكال مختلفة من التعبير الرقمي لمنتجات ثقافية وترفيهية، شخصية ومؤسسية، وكذا رسمية وغير رسمية.
وفي الوقت الذي رصدت فيه المؤسسة جهودًا إيجابية من وزارة الثقافة في إتاحة إصدارات متنوعة لها، وكذا زيارات افتراضية إلى متاحف مختلفة، من خلال حملة “خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك”، والذي أطلقته وزارة الثقافة في مارس 2020،[10] إلا أن تعامل الأجهزة الأمنية وكذا النيابة العامة مع المنتجات الترفيهية وأشكال التعبير عن الرأي للعديد من المواطنين كان خطوة في الطريق المعاكس، بتشديد القبضة الأمنية، والقبض على خلفية التعبير عن الرأي، أو تقديم منتجات ترفيهية على الإنترنت، كفيديوهات الرقص على تطبيق التيك توك.
وفيما يلي نستعرض أبرز الأنماط والتأثيرات التي صاحبت الجائحة على الثقافة والإبداع والحقوق الرقمية في مصر خلال عام 2020:
مشاركة الفيديوهات الترفيهية على الإنترنت كجريمة: شهد عام 2020 حملة أمنية قادتها النيابة العامة المصرية ضد مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، وخاصة الفتيات والنساء. وثّقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير محاكمة ومعاقبة تسع نساء بالسجن _ما بين سنتين وست سنوات_ في 2020 في مثل هذه القضايا.
يرتكز هذا الهجوم على حرية التعبير والخصوصية على شبكة الإنترنت، على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018. تجرم المادتان 25 و26 من هذا القانون “الاعتداء” على المصطلحات الغامضة وغير المحددة الممثلة في “مبادئ أو قيم الأسرة في المجتمع المصري” و”الآداب العامة”. إن ممارسة السلطات المصرية في الحالات المذكورة أعلاه مستندة إلى ذلك القانون، تكشف عن فهمها الأبوي والمتسلط للأخلاق وقمع الحريات من هذا المنطلق.
إن القانون رقم 175 لسنة 2018 ليس فقط مخالفًا للدستور، بالنظر إلى المادة 65 من الدستور المصري التي تضمن حرية الفكر والتعبير، ولكن يغلب عليه تناقض واضح مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية الفكر والتعبير، والحق في الخصوصية والحق في عدم التعرض للاعتقال أو الاحتجاز التعسفي. وفي ملاحظة ذات صلة، فإن المادة 178 من قانون العقوبات المصري التي تعاقب على “انتهاك الآداب العامة” تشارك نفس الجوانب الإشكالية للمادتين 25 و26 من القانون رقم 175.
تحول رقمي لإصدارات وزارة الثقافة المصرية: كمواكبة للحدث، برز اهتمام وزارة الثقافة المتزايد بالتواجد على الإنترنت أثناء الجائحة، حيث عملت مع بداية الأزمة على اتخاذ خطوات جادة لمواجهة انتشار الفيروس، عن طريق تدشين حملة “الثقافة أون لاين”، أتاحت من خلالها أشكالًا من الإنتاج الثقافي الرسمي مجانًا عبر منصاتها، وذلك انطلاقًا من دورها في نشر الثقافة بوجه عام، وثقافة مواجهة أزمة وباء عالمي بشكل خاص.
بادرت وزارة الثقافة للمرة الأولى برقمنة وإتاحة أعمالها الفنية من حفلات ومسرحيات ولوحات ومنحوتات للجمهور عبر نوافذها الإلكترونية ومواقعها المختلفة، وذلك في إطار مشروع “خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك”، والذي أطلقته وزارة الثقافة في مارس 2020، لتشجيع المواطنين على الالتزام بإجراءات الحظر للحد من سرعة انتشار الجائحة، وقد نجحت الوزارة في إعادة إحياء قناتها على اليوتيوب، والتي دشنتها في عام 2013، ولم تحدث منذ سنوات، وقد وصلت إحصائيات القناة بسبب تحديث المحتوى منذ مارس إلى 2,357,250 مشاهدة، و110 ألف مشترك، بعد أن كانت لا تتعدى مشاهدتها العشرات فقط.
استمرار أعمال الإنتاج الفني على حساب الصحة العامة: دارت أزمة على خلفية استمرار تصوير المسلسلات والإعلانات لعام 2020، ومطالبات شركات الإنتاج بضرورة استمرار العمل، وهو ما عارضه عاملون بالوسط الفني، مطالبين بضرورة تدخل النقابات لوقف العمل في القطاع الفني أسوة بباقي القطاعات، من أجل ضمان الصحة العامة، وسلامة العاملين.
ويحق للنقابات الفنية في مصر، بموجب القانون المنظِّم لعملها رقم 35 لسنة 1978، النظر في التعاقدات التي يوقعها الأعضاء، كما تهدف النقابات طبقًا للقانون ذاته في مادته رقم 3 إلى رعاية مصالح أعضاء النقابة فيما بينهم وبالنسبة إلى الغير وتقديم الخدمات الاقتصادية والثقافية والمساعدات عند الحاجة وتنظيم معاش الشيخوخة والعجز والوفاة والتأمين الصحي والتأمين ضد أخطار المهنة. وبالنظر إلى موقف النقابات، فقد انحازت التصريحات إلى عملية الإنتاج على حساب حقوق الأعضاء والصحة العامة أثناء فترة ذروة تفشي الجائحة الأولى في مارس 2020. وقال[11] نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي بعد اجتماعه مع صناع الدراما في مصر إنه “حينما تتوقف الحياة تمامًا في مجالات كثيرة، يمكن وقتها أن نقول لجميع الفنانين توقفوا عن العمل”.
ثالثًا: تأثيرات الجائحة على أوضاع المحبوسين في قضايا حرية التعبير
نشرت منظمة الصحة العالمية عددًا من الاحتياطات التي على كل فرد اتخاذها لتجنب العدوى، من بين هذه الاحتياطات الحفاظ على نظافة اليدين باستخدام المطهرات، إلى جانب الحفاظ على مسافة متر على الأقل بين الفرد والآخرين.[12] هذه الاحتياطات رغم سهولة تطبيقها، فإن تنفيذها في السجون يصبح أصعب، وذلك وفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر التي صرحت بأن السجون بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية وتفاقمها، مع الأخذ في الاعتبار أن المنظومة الصحية في السجون تكون أكثر تردِّيًا عما هو في خارجها.[13]
بدلًا من اللجوء إلى إطلاق سراح المساجين غير الخطرين والمحبوسين احتياطيًّا تفاديًا لانتشار العدوى كما هو الحال في بلدان مختلفة، وتلبية دعوة مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان،[14] أعلنت وزارة الداخلية تعليق الزيارات بالسجون اعتبارًا من 10 مارس “حرصًا على الصحة العامة وسلامة النزلاء.”[15]
قبل النظر إلى التغيرات التي طرأت على نظام العدالة الجنائية المصري مع انتشار الجائحة خلال عام 2020، وارتفاع أعداد الإصابات والوفيات، تجدر الإشارة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنكر في عام 2019 أي وجود لمعتقلين سياسيين في مصر، وأكد على عدم صحة التقارير الحقوقية التي تُقدِّر أعدادهم بستين ألفًا،[16] وفي نفس الوقت لا تفصح الدولة المصرية عن أعداد المحتجزين بالسجون، في مخالفة لنص المادة 68 من الدستور المصري التي تؤكد على أن الإحصاءات الرسمية ملك للشعب.
ورغم الدعوات المختلفة، لإطلاق سراح المحتجزين تجنبًا لتفشي الجائحة في السجون، زادت أعداد المحبوسين احتياطيًّا على خلفية ممارسة حقهم في التعبير عن الرأي، حيث انضم إلى قائمة المحتجزين خلال العام المنصرم، عدد من الصحفيين، والباحثين، إلى جانب مواطنين آخرين ألقي القبض عليهم على خلفية اشتراكهم في وقفات أو تظاهرات، أو استخدامهم منصات التواصل الاجتماعي.
لم تَلقَ المطالبات الحقوقية العديدة لوزارة الداخلية، استجابة طوال عام 2020. وتمثلت أبرز تلك المطالبات في الالتزام بالشفافية، والإفصاح عن أعداد وأماكن المحتجزين المصابين بفيروس كورونا المستجد، فضلًا عن تمكين المحتجزين من التواصل مع العالم الخارجي، احترامًا لما تنص عليه القوانين المصرية، والدولية. ويظل الوضع حتى الآن مبهمًا، ويستدعي القلق على حياة جميع المحتجزين في مصر.[17] خاصة بعدما استغلت الحكومة انتشار الفيروس، لتُجري تغييرات على آليات تجديد حبس المتهمين، إلى جانب حرمانهم حقهم القانوني في التواصل مع العالم الخارجي، بدعوى تطبيق إجراءات احترازية لمواجهة الجائحة.
قطع التواصل بين الآلاف من المحبوسين وأهاليهم ومحاميهم: ظلت وزارة الداخلية مصرة على الإبقاء على المحتجزين داخل السجون في ظل الأوضاع المعيشية المتردية، ومع تسارع وتيرة انتشار الجائحة، قامت أربع نساء، هن: د. ليلى سويف، وأهداف سويف، ومنى سيف، ود. رباب المهدي بالوقوف أمام مبنى مجلس النواب للتعبير عن خوفهن على ذويهن وغيرهم من السجناء من الإصابة بالعدوى، كان رد وزارة الداخلية على هذا التعبير السلمي عن الرأي، هو إلقاء القبض عليهن، واحتجازهن بدعوى اتهامهن “بالتحريض على التظاهر” ونشر معلومات كاذبة” و”حيازة مواد تنشر معلومات كاذبة”، تم إطلاق سراحهن فيما بعد بكفالة، لكن ذلك كان بعد احتجازهن في أحد أقسام الشرطة، التي لم تعلن وزارة الداخلية عن أخذ أي منها في الاعتبار بوصفها أماكن احتجاز مكتظة، وبؤر انتشار محتملة للمرض. تجدر الإشارة إلى أن د. ليلي سويف لم يتم إطلاق سراحها مباشرة، لكنها نُقلت إلى مقر أمن الدولة بالقاهرة الجديدة للتحقيق معها على ذمة قضية أخرى، قبل إطلاق سراحها بكفالة أخرى.[18]
لم تسمح مصلحة السجون بوجود بديل من الزيارات للحفاظ على حق المحتجزين وذويهم في التواصل، رغم أن المادة 38 من قانون تنظيم السجون تنص على حق التراسل والاتصال التليفوني بمقابل مادي لجميع المحتجزين بغض النظر عن موقفهم القانوني. وبعد ما يزيد على ثلاثة أشهر عن انقطاع أخبار الناشط والمدون علاء عبد الفتاح، أصرت إدارة سجن طرة شديد الحراسة 2، أن تسمح لـ”سويف” بإدخال المستلزمات الطبية أو استلام جواب للاطمئنان على ابنها، ما أدى إلى اتخاذها قرار الاعتصام أمام بوابة السجن وانضمت منى وسناء سيف إلى الاعتصام للمطالبة باستلام جواب للاطمئنان على صحة علاء عبد الفتاح الذي كان مُضربًا عن الطعام اعتراضًا على قرار وزارة الداخلية بعدم حضوره جلسات تجديد حبسه احتياطيًّا بالمخالفة لقانون الإجراءات الجنائية.
انتهى الاعتصام بعدما تعرضت النساء الثلاث للضرب والسحل وسرقة متعلقاتهن الشخصية، على مرأى ومسمع وبتحريض من قوة حراسة السجن. وعندما توجهن إلى مكتب النائب العام لتقديم شكوى بما تعرضن له، تم اختطاف الناشطة سناء سيف، وعرضها فيما بعد على نيابة أمن الدولة للتحقيق معها على ذمة القضية 659 حصر أمن الدولة العليا لسنة 2020.[19]
منذ إعلان وزارة الداخلية عن إجراءاتها الاحترازية لمواجهة تفشي الجائحة في السجون، والتي تلخصت في منع الزيارة بشكل تام، لمدة استمرت خمسة أشهر انقطع خلالها المحتجزون بشكل شبه كامل عن ذويهم ومحاميهم، ليتحول بعد ذلك نظام الزيارة إلى شكل يختلف عن ذلك الذي ينص عليه قانون تنظيم السجون. وفي ظل تعليق الزيارات التي يعتمد عليها أغلب المحبوسين احتياطيًّا للحصول على متعلقاتهم الشخصية، من ملابس وأدوات نظافة، زاد القلق على صحة المحتجزين، خاصة في ظل انتشار أخبار عن إصابات بالفيروس بين العاملين بالسجون، ووجود حالات وفيات بين المحتجزين اضطر بعض المحتجزين إلى اللجوء إلى القضاء لتمكينهم من الحصول على المطهرات والمنظفات.[20]
تمديد الحبس الاحتياطي، وزيادة عدد المحبوسين: من المفترض أن الحبس الاحتياطي إجراء احترازي وليس عقوبة، ووفقًا للمادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية، توجد عدة بدائل له، مثل: إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، أو إلزام المتهم بأن يقدم نفسه إلى مقر الشرطة في أوقات محددة، أو حظر ارتياد المتهم أماكن محددة. رغم ذلك تتمسك السلطة القضائية في مصر بالإبقاء على المحبوسين احتياطيًّا رهن الاحتجاز، ونادرًا ما لجأت إلى إجراءات احترازية بخلافه.
في 4 إبريل 2020، أصدر رئيس محكمة الاستئناف قرارًا رقم 131 لسنة 2020 بتأجيل نظر جلسات الدعاوى المتداولة، بينما استمرت جلسات تجديد حبس المتهمين، دون صدور أي قرارات بشأنها. عمليًّا، تم تمديد حبس المتهمين بخلاف القانون، واعتمدت النيابات على التعذرات الأمنية لنقل المتهمين، التي قدمتها مصلحة السجون، ليظل المحبوسون احتياطيًّا في السجون. وأسبغت السلطة القضائية طابعًا قانونيًّا على تجديد حبس المتهمين دون حضورهم في مايو 2020، حيث صدرت قرارات محاكم الاستئناف بنظر أمر تجديد حبس المتهمين دون حضورهم أو سماع أقوالهم، في مخالفة واضحة للمادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية.
استمرار ظاهرة تدوير المتهمين وإدراجهم على ذمة قضايا جديدة: استمرت وتزايدت ظاهرة تدوير المتهمين وإدراجها على ذمة قضايا جديدة، والتي تقترن غالبًا بتعرض أولئك المتهمين لفترة من الاختفاء القسري، ليظهروا بعد ذلك وتحقق معهم النيابة بسبب نفس الاتهامات الخاصة بالقضية الأولى والتي تم إخلاء السبيل على ذمتها، وهو ما يُظهر إصرارًا على احتجاز أفراد بعينهم، وتوقيع عقوبات استباقية بحقهم، باحتجازهم في ظروف الجائحة التي تشكل خطرًا على الصحة العامة، دون إحالتهم إلى المحاكمة.
يظهر ذلك على سبيل المثال في القضية 855 حصر أمن الدولة لسنة 2020، والتي ضمت كلًّا من المحامين الحقوقيين: محمد الباقر، وماهينور المصري، وعمرو إمام، إلى جانب الصحفيين إسراء عبد الفتاح وسولافة مجدي، ومحمد صلاح حيث تم تدويرهم جميعًا على ذمة هذه القضية في نفس الوقت الذي كانوا محبوسين احتياطيًّا على ذمة قضايا أخرى.
الموت داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي: في صباح يوم 2 مايو 2020، توفي الشاب شادي حبش في محبسه بسجن طرة، نتيجة للإهمال الطبي. كان حبش قد انقطع عن التواصل عن أهله نتيجة قرار تعليق الزيارات بالسجون منذ مارس 2020، فضلًا عن أنه قد قضى 26 شهرًا من الحبس الاحتياطي، بمخالفة القانون وذلك بسبب عدم قيام الدائرة المسؤولة عن النظر في أمر حبسه بإطلاق سراحه بعد انتهاء مدته القانونية. كان سبب حبس شادي احتياطيًّا عندما كان يبلغ من العمر 22 عامًا، هو اتهامه في القضية 480 حصر أمن الدولة لسنة 2018، بسبب اشتراكه في إصدار أغنية مصورة بعنوان: “بلحة” تنتقد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.[21] لم تصر السلطات المصرية على احتجاز المحبوسين احتياطيًّا في ظل انتشار الجائحة فقط، بل أبقت على شادي حبش الذي مات في السجن دون وجود أي مبرر قانوني لتقييد حريته.
تكنولوجيا الاحتجاز التعسفي: في ذروة موجة الجائحة الأولى، ودون حضور المتهمين أو دفاعهم، وفي اختصار مُخلٍّ لعمليات النظر في أمر تجديد الحبس الاحتياطي، قامت دوائر الإرهاب التابعة لمحكمة جنايات القاهرة، بتمديد حبس 1600 متهم على الأقل في الفترة من 4 إلى 6 مايو 2020. معظم أولئك المتهمين تم إلقاء القبض عليهم بسبب انخراطهم في العمل العام، أو بسبب تعبيرهم عن آرائهم بشكل سلمي، وجاء هذا التمديد بأثر رجعي.[22]
في 18 أكتوبر 2020، أعلنت وزارة العدل عن إطلاق نظام لتجديد حبس المتهمين احتياطيًّا عن بعد، لعدة أسباب من بينها: “تقليل فرص انتشار كورونا بين المحبوسين والمواطنين”.[23] البداية كانت بربط محكمة القاهرة الجديدة بكل من سجن طرة العمومي، و15 مايو والنهضة المركزيين، وعلى سبيل التجربة تم اتصال القاضي بالمتهمين داخل محبسهم، وبحضور دفاعهم من خلال شبكات تليفزيونية، على أن يتم تعميم المشروع بين باقي المحاكم والسجون. للوهلة الأولى يبدو المشروع خطوة في اتجاه حماية المحتجزين والمحامين والقضاة من خطر العدوى، وفي نفس الوقت طريقة للحفاظ على سلامة الإجراءات القانونية. إلا أنه بالتمعن أكثر في هذا النظام الجديد، يتضح أن الحكومة المصرية تصر على التوسع في استخدام الحبس الاحتياطي الممتد بدلًا من إطلاق سراح المحتجزين لتخفيف التكدس بالسجون.
بشكل عام، ترحب مؤسسة حرية الفكر والتعبير بالاتجاه نحو رقمنة عمليات التقاضي، والذي بدأ بالإعلان عن رفع الدعاوى ومباشرتها عن بعد، خاصة في حال إذا ساعد هذا التوجه على تسهيل الإجراءات القانونية، واختصار كَمٍّ من الوقت والمجهود في سبيل الوصول إلى العدالة. لكن تظل بعض الأسئلة قائمة عما إذا كان سيتم أخذ بعض الأمور في الاعتبار، مثل سهولة الوصول إلى هذه الخدمة وتحقيق العدالة الجغرافية، وضمان الأرشفة والتوثيق، فضلًا عن إتاحة البيانات، والأمان الرقمي.
من ناحية أخرى، تظهر أسئلة حول دوافع الاتجاه إلى استخدام التكنولوجيا في إطار العدالة الجنائية، وخاصة في أمرٍ مثل تجديد الحبس الاحتياطي، حيث يظهر عدد من العقبات في تطبيق التجديد الإلكتروني للحبس الاحتياطي، أولها هو فصل المتهم عن محاميه، حيث يتحول التواصل بينهما ليصبح افتراضيًّا، مما يضر بتمثيل الدفاع، وجدية التواصل. فضلًا عن أن الإبقاء على المتهم داخل السجن دون تواصله مع أي شخص سوى موظفي وزارة الداخلية من ضباط يبقون معه بعد إدلائه بأقواله أمام الكاميرا يطرح سؤالًا ملحًّا: ما الذي يضمن أن المتهم الماثل أمام الكاميرا لا يتعرض لضغط أو إكراه يتحكمان فيما يقوله في التحقيقات؟ رغم أن النظام الإلكتروني الجديد ظاهره هو التطور، فإن خطوة مثل هذه لا بد أن لا تأتي إلا بعد دراسة حقيقية، واستخدامها لتعزيز حقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة، لا تكريس الظلم.
القسم الثاني: عرض وتحليل أبرز أنماط انتهاكات حرية الفكر والتعبير
جاءت الذكرى العاشرة لثورة 25 يناير عقب انتهاء عام 2020 الذي شهد ظروفًا استثنائية كان لها تأثير واضح، حيث ظهر تأثير الجائحة على معظم الملفات التي تتابعها مؤسسة حرية الفكر والتعبير. يهدف القسم الثاني من التقرير إلى تقديم عرض إحصائي لما أجرته المؤسسة من رصد في ملفات الحقوق الرقمية، وحرية الإعلام وحرية الإبداع، والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية، إلى جانب حرية التجمع السلمي، أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، في محاولة لتقديم مدخل يمكن الاعتماد عليه لتتبع ما آلت إليه أوضاع حرية الفكر والتعبير في مصر بعد عشر سنوات من الثورة، ومدى تأثير الجائحة وما صاحبه من استثناءات على الأصعدة التشريعية والتنفيذية والقضائية.
اعتمدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير خلال العمل على هذا الجزء من تقريرها السنوي، على ما اشتبكت معه من قضايا بشكل مباشر، فضلًا عن متابعة رصد الأوضاع في الملفات المختلفة اعتمادًا على متابعة البيانات الرسمية والأخبار المحلية والدولية.
أولًا: الحقوق الرقمية
توسعت الحكومة المصرية في تقييد حرية التعبير الرقمي، وذلك بإدراج المواطنين على ذمة قضايا بسبب تعبيرهم عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وإلى جانب الصحفيين والحقوقيين وغيرهم ممن اعتادت الدولة استهدافهم، انضمت فئات جديدة إلى قائمة المتعرضين لذلك الانتهاك خلال 2020، مثل الأطباء. واستمر حجب المواقع الإلكترونية إما لأجل غير مسمى دون الإعلان بشكل واضح عن الجهة التي تقوم بالحجب أو دوافعها، وإما الحجب لفترات محددة وبشكل رسمي.
على صعيد آخر، كان استهداف مستخدمي التطبيقات تحت دعاوى حماية القيم والأخلاق، هو النمط الأحدث والأبرز خلال عام 2020، حيث أخذت النيابة العامة المصرية على عاتقها تحريك دعاوى قضائية ضد مواطنات ومواطنين بدعوى نشرهم محتوًى ترفيهيًّا يهدد “قيم الأسرة المصرية”.
حرية التعبير الرقمي
وثَّقت مؤسسة حرية الفكر والتعبير 67 حالة انتهاك تعرض لها مستخدمو الإنترنت خلال عام 2020، منها 22 بسب نشر آراء أو معلومات حول انتشار الجائحة.
تم القبض على 14 شخصًا بسبب تعبيرهم عن آرائهم حول سياسات الحكومة في التعامل مع ازمة كوفيد 19″، بينما تعرض طبيبان لإجراءات تأديبية إدارية على خلفية نفس السبب. وهو ما دعا نقابة الأطباء المصريين إلى مخاطبة النائب العام[24] للمطالبة بالإفراج عن ستة أطباء ألقي القبض عليهم في محافظات مختلفة على خلفية منشورات شخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” عبروا فيها عن آرائهم، كما طالبت بحضور ممثل عن النقابة التحقيقات، وذلك عملًا بنص المادة 54 من قانون نقابة الأطباء رقم 45 لسنة 1969.
وقعت أغلب الانتهاكات المرصودة في القاهرة بواقع 30 حالة، ثم الجيزة بواقع 10 حالات، بينما كانت شهور الموجة الأولى من الجائحة مارس وأبريل هما الأكثر وقوعا لانتهاكات. كما يتضح من الأشكال البيانية الآتية:
حسب رصد مؤسسة حرية الفكر والتعبير يتم التحقيق مع أغلب المقبوض عليهم على خلفية التعبير الإلكتروني عن الرأي، وانتقاد سياسات الحكومة في التعامل مع الجائحة، والمطالبة بالإفراج عن المحتجزين خوفًا من تفشي العدوى بالسجون، على ذمة القضيتين: 558، و535 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا. حيث يواجه جميع المدرجين على هاتين القضيتين، اتهامات، مثل: الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشرالأخبار الكاذبة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، واستمر أغلب المتهمين في تلك القضايا محبوسين احتياطيًّا طوال عام 2020، حيث تم تجديد حبسهم بشكل صوري دون الاستماع إليهم أو إلى دفاعهم بسبب تعذر حضورهم من محبسهم.
تجدر الإشارة إلى أن النيابة عند توجيه الاتهامات إلى الأفراد على خلفية استخدامهم مواقع التواصل الاجتماعي، أحيانًا ما تعتمد على مواد قانون جرائم تقنية المعلومات الذي صدر في 2018 بهدف تنظيم الجرائم التي تقع من الأفراد أو الجماعات عبر الفضاء السيبراني. إذ دعت النيابة العامة إلى التوسع في التشريعات المتعلقة بالفضاء السيبراني، ووجهت مستخدمي مواقع التواصل من الشباب إلى الإسهام بدور فعال في معاونة السلطات المصرية لحراسة ما أسمته “الحدود المستحدثة”، وهي، حسب النيابة، حدود جديدة سيبرانية مجالها المواقع الإلكترونية. [25]
كما رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير القبض على 14 -معظمهم نساء- مستخدمًا للتطبيقات، أبرزها تطبيق “تيك توك” في 9 وقائع مختلفة، وصدرت بحق 8 منهم أحكام بالسجن ما بين سنتين إلى 6 سنوات. وذلك ضمن 43 حالة قبض، في حين تم الحكم على 12 حالة، كما هو موضح بالشكل البياني الآتي:
بدأت الحملة الأمنية في 21 إبريل 2020 حيث ألقت قوة من الشرطة القبض على الطالبة بجامعة القاهرة، حنين حسام، على خلفية نشرها فيديو تدعو من خلاله إلى استخدام تطبيق لايكي بمقابل مالي، اتهمت النيابة العامة[26] حنين بالاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري، والاتجار بالبشر واستخدام فتيات في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع للحصول على مكاسب مادية، أو استغلال حالة الضعف الاقتصادي وحاجة الفتيات إلى المال وذلك على ذمة القضية رقم 4971 لسنة 2020 جنح الساحل. وفي بيان لها[27]، أكدت جامعة القاهرة على تحويل حنين إلى التحقيق داخل الجامعة لارتكابها سلوكيات تتنافى مع الآداب العامة والقيم والتقاليد الجامعية.وفي 11 يونيو أحالت النيابة العامة[28] حنين حسام ومودة الأدهم إلى المحكمة الاقتصادية. وشمل قرار الإحالة إلى جانب الفتاتين 3 أشخاص آخرين: محمد عبد الحميد زكي، محمد علاء الدين أحمد، وأحمد سامح عطية. واتهمت النيابة زكي وعلاء الدين بالاتفاق مع مودة الأدهم ومساعدتها على نشر مقطع الفيديو الذي تضمن الدعوة إلى عقد لقاءات مخلة بالآداب وساعداها في ذلك بأن قاما بتلقينها محتوى الفيديو. بينما وجهت النيابة إلى عطية اتهامات، من بينها: إدارة حساب حنين حسام على شبكة المعلومات ومساعدتها في نشر مقاطع فيديو مخلة وخادشة للحياء العام، وحيازة برامج مصممة بدون تصريح من جهاز تنظيم الاتصالات، بغرض استخدامه في تسهيل ارتكاب حنين الجريمة. وفي 27 يوليو الماضي قضت محكمة جنح القاهرة الاقتصادية بحبس حنين ومودة الأدهم و3 آخرين سنتين وغرامة 300 ألف جنيه.[29]حجب المواقع:في إطار حملتها للسيطرة على المعلومات تشن السلطات المصرية حملة لحجب المواقع الإخبارية المستقلة، بدأتها في مايو 2017 حيث رصدت المؤسسة حتى الآن حجب ما لا يقل عن 124 موقعًا صحفيًّا من قبل جهة غير معلومة وذلك من إجمالي 553 موقعًا، من بينها: منصات إعلامية، سياسية، وحقوقية.يعيق حجب المواقع الإخبارية وصول المستخدمين إليها، وهو ما يجعل المعلومات المتاحة أمام المواطنين هي تلك التي تفصح عنها الحكومة بلا أي إمكانية للتفاعل معها أو التساؤل فيها. وخلال عام 2020 وبالرغم من تزايد أهمية تداول المعلومات المتعلقة بالجائحة، فإن ممارسة الحجب استمرت، حيث رصدت المؤسسة 7 حالات حجب، منها 4 حالات حجب نهائي من قبل جهة غير معلومة، و3 حالات حجب لمدد مختلفة صادرة عن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وعادة ما تكون قرارات المجلس الأعلى للإعلام بالحجب قرارات مؤقتة وليست حجبًا نهائيًّا. بحسب السلطة التي خولها لها قانون تنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018.في 8 إبريل 2020 قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حجب[30] الموقع الإلكتروني لجريدة الشورى لمدة 6 أشهر، بعد نشره تصريحات منسوبة إلى وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد. وأضاف القرار أن الموقع نشر تصريحات للوزيرة تسيء إلى الصيادلة، ما أثار القلق بين القراء، وشكك في المنظومة الصحية وسياستها في مواجهة أزمة كورونا. وأضاف القرار أن تلك العقوبات تأتي في ضوء توجه المجلس إلى ضبط المشهد الإعلامي ومنع بث الشائعات والأكاذيب عن الوضع الصحي.وجاء حجب جهة غير معلومة موقع “درب” بعد شهر واحد من إطلاقه[31] كواحد من أبرز وقائع الحجب خلال 2020. وكان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، قد أطلق الموقع برئاسة تحرير خالد البلشي عضو مجلس نقابة الصحفيين في 8 مارس 2020. ويعد موقع درب هو الموقع الثالث الذي يرأس تحريره البلشي ويتعرض للحجب بعد موقعي البداية وكاتب.ثانيًا: حرية الإعلاماستمرت السلطات المصرية في استهداف الصحفيين، ونشطت بشكل أكبر في استهدافهم على خلفية أعمالهم المرتبطة بوباء كوفيد 19. فمن بين 62 انتهاكًا وثقتهم المؤسسة لانتهاكات حرية الصحافة والإعلام خلال عام 2020 ارتكبت السلطات المصرية 20 انتهاكًا ضد الصحفيين بسبب مواضيع صحفية عن أزمة انتشار وباء كوفيد 19. ويظهر الرصد ارتفاعًا ملحوظًا لانتهاك حرية الصحافة خلال شهري إبريل ومايو بالمقارنة بباقي الشهور خلال السنة، وهي الفترة التي شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الإصابات خلال الموجة الأولى.وجاءت وقائع القبض على الصحفيين خلال 2020 على رأس قائمة الانتهاكات ضد حرية الصحافة، كما هو موضح بالشكل البياني الآتي، حيث رصدت المؤسسة 16 واقعة قبض ضد صحفيين على خلفية عملهم الصحفي كما احتُجز 3 صحفيين بشكل غير قانوني قبل إطلاق سراحهم دون تحرير أي محاضر أو توجيه أية اتهامات.
وتصدرت الجهات الأمنية قائمة مرتكبي الانتهاكات بحق الصحفيين بواقع 26 انتهاكًا، تليها الهيئات والمجالس الصحفية والإعلامية، المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة العامة للاستعلامات.
أبرز أنماط الانتهاكات ضد الصحفيين والإعلاميين:
تختلف أنواع الانتهاك الموجهة إلى قطاع الصحافة والإعلام، حسب الشخص أو الجهة التي تتعرض له، وحسب المُعتدي وصلاحياته. فعلى صعيد الصحافة الأجنبية، شنت الحكومة المصرية حملات أمنية ضد عدد من الصحف ووكالات الأنباء، تمثلت في مداهمة المقرات وسحب تراخيص العمل فضلًا عن الترحيل من البلاد. بينما يتطور الوضع فيما يخص الصحافة المحلية، حيث يتصدر الحبس التعسفي قائمة الانتهاكات التي تطال الصحفيين المصريين، فيبدأ الأمر بالتحقيق معهم على ذمة قضايا متصلة بالإرهاب، بدعوى اتهامهم بعدد من الاتهامات، أبرزها نشر أخبار كاذبة، وهو الأمر الذي إن صح، فإنه يخالف صراحة المبدأ الذي تنص عليه المادة 71 من الدستور المصري، والتي تؤكد على عدم توقيع عقوبات سالبة للحرية في “الجرائم التي ترتكب بطريق النشر والعلانية”.
تجدر الإشارة هنا إلى أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير سبق وأن خاطبت نقابة الصحفيين عام 2018 للبت في أمر الصحفيين المحبوسين الذين يتعرضون لاستهداف مباشر، بالزج بهم في قضايا أغلبها يحبسون احتياطيًّا على ذمتها لسنوات دون إدانة.[32]جددت المؤسسة خطابها للنقابة في 2020 بقائمة جديدة من الصحفيين الذين أصبحوا يتعرضون لمستوًى أعلى من التنكيل، وهو التدوير، حيث يصبح واردًا استمرار الحبس الاحتياطي بشكل مفتوح، مع إعادة التحقيق مع الصحفيين المحتجزين على ذمة قضايا جديدة بنفس الاتهامات التي لا يوجد لها دليل ملموس.[33]
مداهمة المقرات الإعلامية والطرد من البلاد: وثقت المؤسسة 11 انتهاكًا ضمن مداهمة المقرات وسحب التراخيص، بحق إعلاميين ضمن مكاتب الصحافة الأجنبية في مصر. كانت البداية عندما اقتحمت قوة من الشرطة مقر وكالة الأنباء التركية “الأناضول” في 15 يناير 2020 واحتجزت القوة الأمنية المدير المالي والذي يحمل الجنسية التركية، حلمي مؤمن بلجي، وحسين محمد محمود رجب القباني، وعبد السلام محمد حسن، وحسين عبد الفتاح محمد عباس، بينما سمحت للصحفية فيولا فهمي بالانصراف بعد ساعتين من مداهمة مقر الوكالة.
وأصدرت وزارة الداخلية بيانًا[34] في اليوم التالي أعلن فيه قيام قطاع الأمن الوطني برصد اضطلاع إحدى اللجان الإلكترونية الإعلامية التركية باتخاذ إحدى الشقق بمنطقة وسط القاهرة مركزًا لنشاطها المناوئ لمصر. وبحسب بيان وزارة الداخلية فقد عملت تلك اللجان على إعداد تقارير سلبية تتضمن معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والحقوقية وإرسالها إلى مقر الوكالة في تركيا بهدف تشويه سمعة مصر. وأضاف البيان أن تلك اللجان تعمل تحت غطاء شركة “سيتا” للدراسات والتي أسستها جماعة الإخوان المسلمين.
انتقدت الخارجية التركية مداهمة مقر وكالتها الرسمية بالقاهرة واصفًة إياه “بالتضييق والترهيب ضد الصحافة التركية” مؤكدة على أنها تنتظر من السلطات المصرية إخلاء سبيل موظفي المكتب على الفور. وذكرت وكالة أنباء الأناضول بأن الخارجية التركية استدعت القائم بالأعمال المصري لديها في 17 يناير وأبلغته احتجاجها الرسمي مطالبة إياه بـ”توضيحات”. أمر النائب العام بإخلاء سبيل المقبوض عليهم خلال عملية الاقتحام[35]، وترحيل الحاملين للجنسية التركية إلى بلادهم.
بعد تلك الواقعة نشطت الهيئة العامة للاستعلامات تحت قيادة نقيب الصحفيين الحالي، ضياء رشوان، في استهداف مراسلي الصحف الأجنبية في مصر، ووثقت المؤسسة 4 انتهاكات قامت بها الهيئة العامة للاستعلامات ضد صحف أجنبية، تنوعت ما بين سحب ترخيص مزاولة المهنة والإنذار.
أصدرت الهيئة العامة للاستعلامات بيانًا في مارس 2020[36] أعلنت فيه سحب اعتماد مراسلة جريدة “الجارديان” في مصر، وإنذار مراسل جريدة “نيويورك تايمز” على إثر نشر “الجارديان” تقريرًا يتناول انتشار فيروس كورونا المستجد في مصر. [37] تضمن التقرير إشارة إلى دراسة إحصائية لباحث كندي تتوقع وصول عدد الإصابات في مصر إلى نحو 19310 حالة.
وقام مراسل “نيويورك تايمز” في مصر بنشر عدد من التدوينات على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تحتوي على بعض الأرقام من نفس الدراسة والتي اعتبرتها الهيئة وفق بيانها بـ”تقديرات غير صحيحة”، وطالبت الهيئة صحيفة “الجارديان” بنشر اعتذار عن هذا التقرير. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة نشرت مفاد بيانها في مجموعة تدوينات قصيرة على حسابها بموقع “تويتر” في 17 مارس 2020، لكن تم حذف التدوينات بعد وقت قصير.
وعلى إثر هذه الأزمة اضطرت روث مايكلسون إلى مغادرة مصر في 20 مارس 2020، بعد أن كانت مقيمة بها منذ 2014، لترحل بذلك آخر المراسلين الصحفيين البريطانيين المقيمين بمصر. بعد تلقيها، بحسب الجارديان،[38] عبر دبلوماسيين بريطانيين ما يفيد رغبة الجهات الأمنية في مصر في مغادرتها البلاد بعد سحب رخصة مزاولة المهنة. وأضافت الجريدة بأن مايكلسون طلب منها الحضور إلى هيئة الجوازات والهجرة بالعباسية إلا أن دبلوماسيين من السفارة الألمانية بالقاهرة طلبوا منها عدم حضور الاجتماع تحت أي ظرف.
القبض والحبس الاحتياطي: رصدت المؤسسة 16 واقعة قبض على صحفيين خلال 2020، ومن بينهم مصطفى صقر الصحفي الاقتصادي، ورئيس تحرير صحيفة البورصة السابق، بعد مداهمة منزله في 12 إبريل، واقتياده إلى أحد مقرات الأمن الوطني قبل أن يتم ترحيله في نفس اليوم إلى نيابة أمن الدولة متهمًا على ذمة القضية رقم 1530 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا، بحسب محاميه، وجهت النيابة اتهامات إلى صقر، منها: الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة.
في 25 إبريل 2020، ألقت قوات الشرطة القبض على الصحفي والمعد التلفزيوني أحمد علام من منزل أسرته، وظل مختفيًا قسريًّا لمدة يومين قبل ظهوره أمام نيابة أمن الدولة التي حققت معه على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة واتهمته بعدد من الاتهامات من بينها بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، بينما يرجح أن القبض على علام كان نتيجة لاشتراكه في إعداد فيلم تقريري عن وضع فيروس كورونا في مصر لصالح إحدى القنوات.
باتهامات مشابهة وعلى ذمة القضية ذاتها تم التحقيق مع الصحفي بموقع درب، إسلام محمد عزت، والشهير بـ”إسلام الكلحي”، وذلك في اليوم التالي للقبض عليه في 9 سبتمبر 2020 أثناء تغطيته وفاة المواطن “إسلام الأسترالي” جراء التعذيب داخل قسم شرطة المنيب.
وكان الصحفي عامر عبد المنعم أحمد آخر الصحفيين المقبوض عليهم، حسب رصد المؤسسة، في 2020، حيث داهمت قوات الأمن منزله يوم 18 ديسمبر، ليختفي قسريًّا بعد ذلك لمدة يومين قبل ظهوره أمام نيابة أمن الدولة العليا التي حققت معه على ذمة القضية 1017 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا، وذلك لاتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، واستخدام حساب على إحدى مواقع التواصل الاجتماعي لارتكاب جريمة لم تحدد النيابة ماهيتها. وتجدر الإشارة إلى أن الصحفي سبق وشغل منصب مدير تحرير جريدة الشعب التي كانت تصدر عن حزب العمل.[39]
التدوير: يتعرض للتدوير من يتم حبسه على ذمة قضية جديدة بعد إخلاء سبيله لضمان استمرار الاحتجاز بغطاء قانوني ظاهريًّا. وتلجأ السلطات الأمنية إلى التدوير بالتواطؤ مع نيابة أمن الدولة لتحويل الحبس الاحتياطي إلى أداة تنكيل بالمواطنين على خلفية معارضتهم سياسات الحكومة في مجالات شتى.
خلال 2020 تعرض 4 صحفيين لهذا الانتهاك، حيث أعيد حبس الصحفي والمدون محمد إبراهيم الشهير بـ”محمد أكسجين” على ذمة قضية جديدة بعد إخلاء سبيله في 3 نوفمبر 2020 على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2018 حصر نيابة أمن الدولة والمحبوس على ذمتها منذ 21 نوفمبر 2019. وفوجئ محامو أكسجين أثناء إنهاء إجراءات إخلاء سبيله بعرض الصحفي على نيابة أمن الدولة مجددًا في 11 نوفمبر 2020 متهمًا على ذمة القضية رقم 855 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة. ووجهت إليه نيابة أمن الدولة، بحسب محاميه، نفس الاتهامات في القضية المخلي سبيله على ذمتها.
وتعرضت الصحفية سلافة مجدي للحبس على ذمة القضية نفسها في 30 أغسطس 2020، بحسب محاميها، ووجهت إليها نيابة أمن الدولة نفس الاتهامات في القضية المحبوسة على ذمتها منذ 26 نوفمبر 2020 والتي حملت رقم 488 لسنة 2019 حصر نيابة أمن الدولة، والمتهمة فيها بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. واعتمدت نيابة أمن الدولة في إضافة وحبس سولافة على ذمة القضية الجديدة إلى تحريات الأمن الوطني فقط، والتي زعمت أن هناك عناصر بالخارج تنشر إشاعات كاذبة وتتواصل مع عناصر بالداخل، وهذه “العناصر” تتواصل مع المتهمين باعتبار أن لديهم القدرة على التأثير في العناصر الإثارية، وأن هذا التواصل يتم عبر زيارات الأهالي وخلال الخروج من السجن لحضور جلسات النيابة والمحكمة وخلال أوقات التريض داخل السجن. ولا تقدم التحريات ولا نيابة أمن الدولة أية أدلة أو أحراز تثبت صحة تلك الدعوى، وتجدر الإشارة إلى أن الفترة محل التحريات المزعومة قد منعت فيها الزيارات وأوقات التريض بالإضافة إلى خروج المتهمين لجلسات النيابة أو المحكمة ضمن الإجراءات الاحترازية المعلنة التي اتخذتها وزارة الداخلية للحد من انتشار وباء كوفيد 19 داخل السجون.
ثالثًا: الحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية
أوقف الرئيس عبد الفتاح السيسي الدراسة في المدارس والجامعات في عموم جمهورية مصر العربية لمدة تقترب من ستة أشهر من عام 2020، وذلك ضمن إجراءات مجابهة تفشي فيروس كوفيد-19. [40]ويأتي هذا الانقطاع عن الدراسة ضمن انقطاع عالمي هو الأكبر في نظم التعليم في التاريخ، وفقًا للأمم المتحدة.[41]
كان هذا قرارًا منطقيًّا، لكنه لم يكن كافيًا. فبعد انتظام الدراسة في ظل عدم اتباع سياسات تتسم بالشفافية وتداول المعلومات للمساعدة في توفير بيانات ومعلومات صحيحة لمواجهة خطر الجائحة خصوصًا في قطاع التعليم العالي الذي يضم أكثر من ثلاثة ملايين طالب قد يواجهون خطر الإصابة بكورونا نتيجة الخوف من انتقاد الإجراءات الاحترازية والوقائية داخل المنشآت الجامعية.
وبالرغم من إيقاف الدراسة أغلب الوقت المخصص لها في عام 2020، فإن وتيرة انتهاكات الحرية الأكاديمية لم تتراجع، مع استمرار الحبس الاحتياطي المطول لأساتذة جامعات على خليفة تعبيرهم عن آرائهم، ومنع باحثين من السفر وحبس آخرين عائدين، بالإضافة إلى الانتهاكات الإدارية التي قامت بها إدارات الجامعات فقد هدفت إلى التضييق على حرية الفكر والتعبير للطلاب وأساتذة الجامعات لمواجهة أي انتقادات توجه إلى الإجراءات الاحترازية التي تطبقها الجامعات للتصدي لانتشار الجائحة وسياسة التعتيم على المعلومات والإصابات داخل المنشآت التعليمية.
محاكمة الأساتذة الجامعيين على الأفكار ونقاشات التدريس: في نوفمبر 2020، تم إيقاف الأستاذ بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بالإسكندرية محمد مهدلي[42] عن العمل، بعد إحالته إلى التحقيق على خلفية انتشار مقطع مصور، يُظهر نقاشًا بينه وبين طلابه في إحدى المحاضرات، اتهم بسببه بالإساءة إلى الإسلام. بينما قالت وزارة التعليم العالي أنها تلقت شكوى من طلاب بالمعهد، قررت بعدها إيقاف الأستاذ محمد مهدلي إلى حين الانتهاء من التحقيق في الواقعة.
وبحسب تصريحات لمهدلي، فإن المقطع المنتشر تم اجتزاؤه من سياقه وأنه لم يقصد أي إساءة. وكان قد انتشر مقطع مصور من إحدى محاضرات مهدلي يتحدث فيه عن مهر الزواج في الإسلام، واعترض أحد الطلاب على طرح الأستاذ، مستشهدًا بآية قرانية، لينفعل مهدلي ويطرد الطلاب المعترضين خارج القاعة.
وبانتهاء التحقيق بإقرار مهدلي بصحة الوقائع الموجودة في مقطع الفيديو المنتشر، قررت وزارة التعليم العالي إحالة الواقعة إلى النائب العام للتحقيق في ارتكاب الدكتور مهدلي جرائم ازدراء الأديان، وإهانة ثوابت الشريعة الإسلامية، وسب الطلاب _كما ورد في نص التحقيق_ كما أحال وزير التعليم العالي مهدلي إلى مجلس تأديب المعاهد العليا الخاصة مع استمرار وقفه عن العمل. ومن جهة تحقيقات النيابة فقد تقرر حبس الدكتور محمد مهدلي 4 أيام على ذمة التحقيقات في اتهامه بازدراء الأديان وتحليل زواج المحارم. توفي مهدلي، في 24 ديسمبر 2020، إثر تدهور حالته الصحية.
حبس الأساتذة الجامعيين: ألقي القبض على الدكتور أحمد التهامي[43] أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والسياسية بجامعة الإسكندرية، في 3 يونيو 2020، وظل قيد الاختفاء القسري في مقر الأمن الوطني بالقاهرة لمدة 17 يومًا، إلى أن تم عرضه على النيابة في 20 يونيو، وقررت حبسه على ذمة القضية رقم 649 لسنة 2020 أمن دولة عليا. وجهت إليه النيابة اتهامات: الانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وركز تحقيق النيابة مع التهامي على اتهامه بالتعاون مع الناشط المصري المقيم في الولايات المتحدة محمد سلطان في الدعوى التي أقامها ضد رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي، بينما نفى مقربون منه حدوث ذلك. وعانى التهامي من ظروف احتجاز سيئة منذ القبض عليه، حيث يقيم في غرفة احتجاز بها 30 شخصًا، فضلًا عن حرمانه التريض، ومنع أسرته من زيارته حتى شهر أكتوبر 2020.
ويستمر حبس الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم حملة الفريق سامي عنان للترشح لرئاسة الجمهورية، للعام الثاني بعد القبض عليه في 25 سبتمبر 2019 حيث قضى سنة وأربعة أشهر حتى الآن قيد الحبس الاحتياطي بعدما وجهت إليه نيابة أمن الدولة العليا تهم مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، وبث ونشر إشاعات كاذبة تحض على تكدير الأمن العام، وإساءة استخدام إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، ببث ونشر إشاعات كاذبة. في القضية رقم 488 حصر أمن دولة لسنة 2019. ولم تراعِ النيابة طوال مدة حبس حسني الظروف الصحية الحرجة التي يمر بها، حيث تقدم المحامي خالد علي ببلاغ إلى النائب العام[44] حمل رقم 23537 عرائض نائب عام بتاريخ ٢ يونيو ٢٠٢٠، أوضح فيه التاريخ المرضي لموكله، وأشار إلى سقوطه مغشيًّا عليه فى محبسه بسبب تطور هذه الحالة الصحية، وطلب إيداعه أيًّا من المستشفيات الخاصة لتلقي العلاج على نفقته الخاصة، ورغم ذلك لم تُخلِ النيابة سبيل الدكتور حازم حسني رغم عدم استكمال التحقيقات أو إحالته إلى المحاكمة إلى أكثر من عام دون وجود ما يثبت إدانته بالتهم الموجهة إليه.
ويقضي نفس مدة الحبس الاحتياطي الدكتور مجدي قرقر، أستاذ ورئيس قسم التخطيط البيئي والبنية الأساسية بكلية التخطيط العمراني بجامعة القاهرة، والأمين العام لحزب الاستقلال، حيث ألقي القبض عليه من منزله فجر يوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2019. وبعد أن ظل مختفيًا لمدة 12 يومًا، ظهر يوم 5 أكتوبر أمام نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه على ذمة القضية 1350 لسنة 2019 حصر أمن دولة بتهمة الانضمام إلى جماعة إرهابية.
التوقيف والمنع من السفر: تم منع باحث الدكتوراه بجامعة واشنطن وليد سالم من السفر وسحب جواز سفره من قبل سلطات مطار القاهرة في 8 مايو 2020. [45]جاء ذلك بعدما أوقفه جهاز الأمن الوطني بالمطار وفتش حقائبه وسحب جواز سفره ومنعه من السفر دون إبداء أسباب واضحة أو أمر قضائي بالمنع. وأبلغ الأمن سالم أنه سيتم التواصل معه لاحقًا ليستعيد جواز سفره، غير أن هذا لم يحدث إلى الآن رغم محاولاته المتكررة طبقًا لشهادته لمؤسسة حرية الفكر والتعبير.
أُلقي القبض على سالم في 23 مايو 2018، عقب لقائه أستاذًا جامعيًّا، في إطار العمل على بحث الدكتوراه الخاص به. ثم ظهر في نيابة أمن الدولة، كمتهم في القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، حيث اتهم بنشر أخبار كاذبة، والانتماء إلى جماعة إرهابية، وعليه تم حبسه احتياطيًّا في سجن طرة تحقيق لمدة ستة أشهر ونصف حتى صدر قرار إخلاء سبيله على ذمة التحقيقات في 3 ديسمبر 2018 بتدابير احترازية، وتم إخلاء سبيله فعليًّا في 11 ديسمبر 2018. وفي 22 فبراير 2020، ألغت نيابة أمن الدولة العليا التدابير الاحترازية المفروضة عليه وأخلت سبيله بضمان محل إقامته.
قضى سالم قرابة عامين بين الحبس الاحتياطي والتدابير الاحترازية، لم يتمكن خلالهما من العودة إلى دراسته في جامعة واشنطن، أو رؤية ابنته التي تقيم مع والدتها في أوروبا، وهو ما يجعل المنع من مغادرة مصر بمثابة عقوبة أخرى على الباحث غير المُدان. جدير بالذكر أنه قبل زيارته إلى القاهرة، والتي ألقي خلالها القبض عليه، كان الباحث مُقيمًا خارج مصر بصورة مستمرة لفترة تزيد على 12 عامًا.
وفي سياق مماثل، قضى باتريك جورج زكي[46] الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق والحريات الشخصية، قرابة عام بالحبس الاحتياطي، بعد توقيفه في مطار القاهرة في أثناء عودته من إيطاليا حيث يدرس الماجستير بجامعة بولونيا بإيطاليا، وإلقاء القبض عليه صباح الجمعة 7 فبراير 2020.
واحتجز جورج إلى ما يزيد على 24 ساعة في أحد مقرات الأمن الوطني بالقاهرة، حيث حقق معه ضباط بالجهاز بالمخالفة للقانون، ومنع من التواصل مع أسرته ومحاميه، قبل أن يتم نقله إلى نيابة المنصورة الكلية، في 8 فبراير، ووجهت النيابة إلى باتريك جورج عدة اتهامات، منها: إشاعة أخبار وبيانات كاذبة، والتحريض على التظاهر دون تصريح، والترويج لارتكاب جريمة إرهابية، ووفقًا لأقوال جورج في التحقيق فقد تعرض للضرب والصعق بالكهرباء خلال التحقيق معه في مقر الأمن الوطني. وكان القبض على باحث المبادرة المصرية استنادًا إلى أمر ضبط وإحضار صدر في ديسمبر 2019، ما يعني أن قرار الضبط والإحضار تم بعد قرابه ثلاثة أشهر من انتظام جورج في الدراسة بجامعة بولونيا التي التحق بها في سبتمبر 2019.
رابعًا: حرية الإبداع
رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير ارتفاعًا ملحوظًا في انتهاكات ملف حرية الإبداع خلال عام 2020، وذلك بالمقارنة مع العام الماضي 2019، حيث ارتفع الرصد من 11 انتهاكًا إلى 36 عامَ 2020، مارست نقابة المهن الموسيقية أغلب هذه الانتهاكات بإصدارها قرارًا بمنع 23 مطربًا من الغناء، وذلك على إثر أزمة النقابة مع المهرجانات ومؤديها.
برزت سلطة النقابات الفنية خلال العام 2020، حيث رصدت المؤسسة ارتفاعًا ملحوظًا في انتهاكات النقابات الفنية ضد المبدعين وتحديدًا الموسيقيين، وذلك بواقع 24 انتهاكًا، في مقابل انتهاك واحد للتمثيليين، في 3 وقائع مختلفة، وذلك من بين 36 انتهاكًا رصدتها المؤسسة خلال العام. بينما امتنعت النقابة ذاتها عن استخدام سلطتها تلك في حماية جماعة المبدعين في ظل أزمة تفشي الجائحة.
يأتي هذا في سياق عام تستخدم فيه النقابات ذاتها سلطات واسعة، ذات طابع أخلاقي محافظ، للسيطرة على عملية الإبداع الفني، ركزت خلالها سلطتها في منع أشكال مغايرة من الفنون والإبداع، واستخدام عقوبات الوقف عن العمل والشطب والإحالة إلى التحقيق لفرض أكواد أخلاقية ليس على الفن وحسب بل امتد أيضًا إلى التدخل في حياة الأعضاء الخاصة، وآرائهم فيما يتقاطع مع حياتهم الشخصية. حيث خاضت نقابة المهن الموسيقية معركة شرسة ضد مطربي المهرجانات، أجرت خلالها تنسيقات واسعة مع جهات أمنية، لمنع ومطاردة 23 من مطربي المهرجانات، حسب رصد المؤسسة، تحت دعوى حماية الذوق العام والأخلاق.
كما أصدرت النقابة 3 بيانات تحذيرية خلال العام، حذرت الموسيقيين خلال الأول[47] منتقديها على وسائل التواصل الاجتماعي من الأعضاء وغير الأعضاء بملاحقات قضائية، ضد ما وصفته بـ”النيل من سمعة النقابة” وذلك خلال تعاملها مع الجائحة والانتقادات الموجهة إليها، بينما حذرت في بيانها الثاني[48] المنشآت السياحية والملاهي الليلية بمنع التعامل واتخاذ إجراءات قانونية ضدهم في حال تعاملهم مع مطربي المهرجانات، والثالث[49] جاء على خلفية تعبير عاملين عن آرائهم، وتوجيههم انتقادات تتعلق بأداء الفنان عبد الرحمن أبو زهرة، وهو ما رفضته النقابة في بيانها، وصرحت بمحاسبة المنتقدين.
خامسًا: الحق في حرية التجمع السلمي
خلال عام 2020 أثار القانون 17 لسنة 2019 في شأن التصالح في بعض مخالفات البناء، ودخوله حيز التنفيذ ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي[50] ونشوب عدد من التظاهرات المحدودة بعدة محافظات وفقًا لمحامين حضروا التحقيقات مع عدد من المقبوض عليهم على خلفية تلك الاحتجاجات. ويفرض القانون الجديد غرامات مالية على عدد كبير من المباني غير المرخصة. وفي تصريحات لرئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي[51]، قدر حجم البناء العشوائي والغير مخطط بـ50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية.
وبالتزامن مع احتجاجات المواطنين على قانون التصالح في مخالفات البناء جدد المقاول المصري المقيم بالخارج، محمد علي دعوته إلى التظاهر للعام الثاني على التوالي في 20 سبتمبر للمطالبة برحيل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي والذي يتهمه وبعض مؤسسات الدولة بـ”الفساد”.
وعلى إثر تلك الدعوات انطلقت احتجاجات محدودة، في عدد من القرى والأحياء الفقيرة بعدة محافظات أبرزها: الجيزة، والقاهرة، والأقصر، والمنيا، والإسكندرية. وتكرر نمط الانتهاكات التي صاحبت احتجاجات المواطنين في 20 سبتمبر 2019 خلال هذا العام أيضًا، وهو ما يشير إلى تصميم السلطات المصرية على منع كل منافذ التعبير أمام المصريين.
رصدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير عرض ما لا يقل عن 1920 شخصًا على نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس، للتحقيق على ذمة القضيتين 960 لسنة 2020 و880 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا، منذ 10 سبتمبر 2020 ولمدة لا تقل عن الشهر.[52] وتعددت أسباب القبض ما بين التظاهر احتجاجًا على قانون مخالفات البناء، والتظاهر طلبًا في رحيل الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ذلك بخلاف القبض بسبب التعبير عن الرأي على الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجهت نيابة أمن الدولة إلى المقبوض عليهم اتهامات: الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، والمشاركة في تظاهرات والتحريض عليها ونشر أخبار كاذبة، والاشتراك في جريمة من جرائم الإرهاب، وأخيرًا استخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بغرض نشر أخبار كاذبة. ولم توضح نيابة أمن الدولة اسم الجماعة الإرهابية المذكورة في الاتهامات، ولم تحدد الأخبار الكاذبة التي تم نشرها. ولم تقدم النيابة أي دليل على صحة الاتهامات محل التحقيق، لكنها اعتمدت فقط على تحريات الأمن الوطني والتي تفيد بقيام المقبوض عليهم بالتظاهر في 20 سبتمبر 2020 وهو ما يشير إلى تواطؤ نيابة أمن الدولة مع الأجهزة الأمنية لغرض حبس المقبوض عليهم لتعبيرهم عن آرائهم.
تراوحت أعمار المقبوض عليهم خلال التظاهرات من 11 إلى 65 عامًا، بينما كان كل المقبوض عليهم من الذكور عدا 10 سيدات. واستخدمت السلطات الأمنية القوة المميتة في تفريق التظاهرات المحدودة التي انطلقت بعدة محافظات.
ووفقًا للمحامين فإن أغلبية المقبوض عليهم خلال تلك الأحداث لم يكن لهم أي نشاط سياسي مسبق، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى المادة 57 من الدستور المصري، والتي تنص على أن للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس، وأكدت المادة على أن للمراسلات الإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها، أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي. ومع مقارنة المادة الدستورية بنمط التوقيف وتفتيش المواطنين في الشارع من قبل موظفي وزارة الداخلية دون وقوع ما يمكن اعتباره حالة تلبس. يتأكد أن ممارسات وزارة الداخلية في هذا السياق غير مشروعة ويشوبها غياب الدستورية.[53]
ورصد فريق عمل المؤسسة تعرض أغلبية المقبوض عليهم على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 و960 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة للاختفاء القسري لأيام متفاوتة من يومين إلى 17 يومًا لم يتمكن خلالها ذووهم من التواصل معهم أو معرفة الاتهامات التي يواجهونها.
ولم تصدر أي جهة رسمية بيانًا أو تعليقًا على الاحتجاجات أو نتائج الحملة الأمنية والتي استهدفت قمع التظاهرات غير أن النيابة العامة أصدرت بيانًا[54] مقتضبًا في 27 سبتمبر أعلنت فيه قرار النائب العام حمادة الصاوي، إخلاء سبيل 68 طفلًا من بينهم من هم أقل من 15 عامًا لا يتحملون المسؤولية الجنائية الكاملة، وتم التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة العليا بمخالفة قانون رقم 12 لسنة 1996.
لاحقًا وخلال شهري نوفمبر وديسمبر أخلت نيابة أمن الدولة سبيل 372 شخصًا من المقبوض عليهم على خلفية احتجاجات 20 سبتمبر والمحبوسين على ذمة التحقيقات في القضيتين رقمي: 880، و960 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا، ليرتفع عدد المخلي سبيلهم على ذمة التحقيق في القضيتين إلى 440 شخصًا.
سادسًا: استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان
استمرت الحكومة المصرية خلال 2020 في التضييق والاستهداف المباشر للمدافعين عن حقوق الإنسان، وفي هجمة أمنية هي الأعنف على المنظمات الحقوقية خلال العام، ألقت قوات الأمن، في نوفمبر، القبض على ثلاثة من العاملين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: محمد بشير المسؤول الإداري، وكريم عنارة مدير وحدة العدالة الجنائية، وجاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة، للتحقيق معهم على ذمة قضايا متصلة بالإرهاب.
تمحورت أسئلة الأجهزة الأمنية في استجواباتها الرسمية، ومن بعدها نيابة أمن الدولة في التحقيق عن نشاط المبادرة، وما تصدره من تقارير وحملات مناصرة لقضايا حقوق الإنسان، فضلًا عن سؤال قادة المبادرة عن اللقاء المعلن الذي تم بمقر المبادرة المصرية في بداية نوفمبر 2020 والذي ضم عددًا من الدبلوماسيين الأوروبيين المعتمدين لدى مصر إلى جانب دبلوماسي كندي وممثل الاتحاد الأوروبي.
أخبر جاسر عبد الرازق، محاميه عن تعرضه لمعاملة مهينة وغير إنسانية، حيث عرَّض مسؤولو السجن حياته للخطر، بسبب منعه من الخروج من زنزانته مطلقًا بسجن ليمان طرة، فضلًا عن إجباره على النوم على سرير معدني وحرمانه من الفرش والأغطية، باستثناء غطاء خفيف. كما تم تجريده من كل ما بحوزته من أموال، وبخلاف ما تنص عليه لائحة السجون، حرم من شراء الطعام أو المواد الأساسية من “كانتين” السجن.[55].
انتهت جلسة التحقيق الرسمية الأولى مع موظفي المبادرة، في نيابة أمن الدولة العليا التي أمرت بحبسهم 15 يومًا على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا، وهي القضية نفسها التي تضم عددًا من الصحفيين والحقوقيين، مثل: ماهينور المصري، ومحمد باقر، وسلافة مجدي، وعمرو إمام، والذين تم تدويرهم على ذمة هذه القضية. يواجه معظم المدرجين على ذمة القضية اتهامات، مثل: الانضمام إلى جماعة إرهابية، واستخدام حساب خاص على الإنترنت لنشر أخبار كاذبة، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
واجهت الحكومة المصرية استنكارًا محليًّا ودوليًّا بعد هجمتها الأمنية ضد المؤسسة القائمة في مصر منذ 18 عامًا، حيث نددت عدة دول أوروبية، إلى جانب الأمم المتحدة بالهجمة الأمنية “الانتقامية” التي شنتها الحكومة المصرية على فريق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مطالبة بالإفراج الفوري عنهم،[56] بينما رأت وزارة الخارجية المصرية أن دعوات حكومات أوروبية، مثل فرنسا بوقف الحملة القائمة ضد المنظمة العاملة في مصر بشكل قانوني منذ ما يقرب من 18 عامًا، “تدخل غير مقبول”.[57] وفي سياق التحقيقات عقدت الدائرة الثالثة إرهاب بمأمورية استئناف طرة، جلسة في 1 ديسمبر لنظر أمر صادر عن النائب العام منذ 28 نوفمبر بتجميد حسابات المبادرة.[58]
في 3 ديسمبر 2020 تم إخلاء سبيل كل من جاسر عبد الرازق، وكريم عنارة، ومحمد بشير بكفالة مالية، وهو الأمر الذي رحب به المجتمع الدولي.[59] على صعيد آخر ما زال باتريك زكي جورج، الباحث بالمبادرة المصرية والطالب بجامعة بولونيا، رهن الحبس الاحتياطي بعد القبض عليه في فبراير 2020، باتهامات مشابهة.[60]
على صعيد آخر حكمت محكمة جنايات القاهرة غيابيًّا، في 25 أغسطس 2020 على بهي الدين حسن مؤسس ومدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالسجن 15 عامًا بتهمة “بث ونشر أخبار كاذبة والتحريض على العنف وإهانة السلطة القضائية”.[61] سبق هذا الحكم حفظ البلاغات المقدمة من حسن بعد تحريض أحد الإعلاميين على قتله في برنامجه التليفزيوني، بينما تم السماح بتحريك دعوى قضائية ضد حسن، حسب بلاغ من مجهول بسبب استخدام حسن موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في انتقاد النائب العام وانحيازه إلى الأجهزة الأمنية على حساب المواطنين في 2018، وذلك تضامنًا مع الأديب علاء الأسواني لما تعرض له من تعدٍّ بمطار القاهرة آنذاك. وهو ما كان سببًا في الحكم عليه غيابيًّا بالحبس 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه.
خاتمة وتوصيات
انطلقت ثورة 25 يناير، منذ عشرة أعوام، بمسيرات وتظاهرات، بالتزامن مع تحول وسائل التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت إلى أدوات فعالة للتعبير عن الرأي، وكما استخدمها المواطنون، بدأت الحكومة والأجهزة الرسمية في اللجوء إلى هذه المنصات باعتبارها منابر رسمية لنشر خطابها بالمقابل.
حاولت مؤسسة حرية الفكر والتعبير من خلال تقريرها السنوي لعام 2020 الوقوف على وضع حرية الفكر والتعبير مع نهاية عقد بدا مبشرًا في بدايته، حيث كان التظاهر والتعبير عن الرأي، وتداول المعلومات والبيانات بوضوح وشفافية ضمن ما طمحت الثورة المصرية إلى ترسيخه.
تزامن انتشار فيروس كورونا في مصر مع مطلع عام 2020، ما أعطى منظورًا مختلفًا عند تقييم أوضاع ملفات، مثل: حرية التعبير والإبداع والحرية الأكاديمية والحقوق الطلابية، إلى جانب الحقوق الرقمية وحق التظاهر والتجمع السلمي. وفي وقت يتسم بالاستثنائية، يمكن القول إن الوضع يتشابه مع لحظة اندلاع الثورة ويختلف في آن واحد. حيث غابت مطالبات الثورة ولم يعد ممكنًا الدعوة إلى التظاهر أو استخدام الإنترنت كمنصة خطاب حر دون التفكير في العقبات والتوابع الناتجة عن مثل تلك الأفعال، بينما تضيف الجائحة عبئًا وتحديًا جديدًا عند التفكير في أمور مرتبطة بالشفافية وحرية تداول المعلومات.
أوضح القسم الأول من التقرير التغيرات التي طرأت على أوضاع الحقوق الرقمية، وحريات الإعلام والإبداع، والتي غلب الحل الأمني في التعامل معها كما ظهر في التوجه إلى حجب المواقع الإلكترونية، واستهداف أطياف مختلفة من مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وتحريك دعاوى قضائية ضدهم. ذلك إلى جانب أوضاع المحتجزين على خلفية قضايا متصلة بالرأي والتعبير، والذين تعتبر المؤسسة حياتهم في خطر في ظل أوضاع الاحتجاز المتردية التي تؤدي إلى الوفاة نتيجة الإهمال.
بينما تشجع المؤسسة محاولات الدولة في الاتجاه نحو الرقمنة، والذي ظهر في إتاحة وزارة الثقافة لأعمالها الفنية والثقافية عبر منصاتها على الإنترنت، فضلًا عن إعلان وزارة العدل شروعها في التوجه إلى التقاضي الإلكتروني، الأمر الذي يجب دراسته بتأنٍّ، ومراعاة الحفاظ على حقوق وحريات المتقاضين، خاصة أولئك الذين يتعاملون في إطار التقاضي الجنائي، حتى لا تتحول هذه الرقمنة إلى أداة جديدة للانتهاك.
كما أظهر الرصد في القسم الثاني من التقرير نماذج من الانتهاكات الواقعة على مستخدمي الإنترنت، والصحفيين، والأكاديميين من أساتذة وطلبة، إضافة إلى ما طرأ على ملف التظاهر والتجمع السلمي، والمدافعين عن حقوق الإنسان، حيث يسمح الرصد المعروض بالمقارنة مع الأوضاع منذ 10 سنوات، وهو الأمر الذي سيساعد على تحديد ما إذا كان الوضع في تقدم أم في تراجع.
ترى مؤسسة حرية الفكر والتعبير في تقييمها لعام 2020، أن وضع الحقوق والحريات المرتبطة بالفكر والتعبير في تراجع وتهديد مقلق، وتؤكد المؤسسة على أن الوضع يستلزم التفاتًا جادًّا من مؤسسات الدولة للتأكيد على التزامها، خصوصًا في ظل جائحة عالمية أدت إلى إصابة الملايين من البشر حول العالم، وعليه تتوجه المؤسسة بطرح التوصيات التالية:
أولًا: على السلطة القضائية ممثلة في النيابة العامة ومحاكم الجنايات ودوائر الإرهاب، العمل على الإفراج الفوري عن جميع المحبوسين احتياطيًّا من الصحفيين والنشطاء السياسيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والأطباء والطلبة والأكاديميين في القضايا المتعلقة بنشر معلومات كاذبة عن جائحة كورونا، والمتهمين بالاعتداء على “مبادئ أو قيم الأسرة في المجتمع المصري” أو “الآداب العامة”. فضلًا عن حفظ القضايا الجارية، والتي لا تتضمن أحرازًا أو أدلة حقيقية، من شأنها إدانة المتهمين.
ثانيًا: على مجلس النواب المصري إصدار قانون حرية تداول المعلومات، وسرعة النظر فيه تمهيدًا لإصداره وتفعيله في أقرب وقت ممكن.
ثالثًا: على مجلس الوزراء المصري، ممثلًا في وزارة الصحة، الإفصاح عن جميع البيانات المرتبطة بالوضع الصحي في مصر في ظل انتشار فيروس كورونا، بما في ذلك البيانات المرتبطة بأعداد الإصابات والوفيات والمسحات التي تم إجراؤها، والإعلان بشكل واضح عن تفاصيل اللقاح وخطوات الحصول عليه.
رابعًا: على السلطة التنفيذية ممثلة في كل من الهيئات التنظيمية لوسائل الإعلام، أو جهات غير معلنة بالوكالة من أجهزة حكومية، أن تتوقف عن ممارسات حجب المواقع الإلكترونية.
خامسًا: على وزارة الداخلية، الإفصاح عن سياسات مجابهة الجائحة في أماكن الاحتجاز، وتمكين السجناء والأشخاص المقيدة حريتهم من التواصل مع ذويهم ومحاميهم.
الهوامش
[1] مشروع قانون حرية تداول المعلومات، الموقع الرسمي للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، رابط: https://bit.ly/2z64Hnk
[2] تقرير عن نتائج أعمال لجنة تقصي الحقائق بشأن الجرائم والتجاوزات التي ارتكبت خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011. المجلس القومي لحقوق الإنسان، 2011. ص 22.
[3] مصطفى شوقي، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وزارة الدولة للإعلام.. بين الإفصاح عن المعلومات وصراع الهيمنة على الإعلام، 3 يناير 2021، رابط: https://bit.ly/2M7SaGa
[4] موقع Egypt Care رابط:
https://www.care.gov.eg/EgyptCare/index.aspx
[5] الهيئة العامة للاستعلامات، سحب اعتماد مراسلة "الجارديان" في مصر وتوجيه إنذار لمراسل "نيويورك تايمز" 17 مارس 2020، آخر زيارة 30/12/2020، رابط: https://bit.ly/3p04zKW.
[6] Ruth Michaelson, The Guardian, Egypt: rate of coronavirus cases 'likely to be higher than figures suggest', 15 March 2020, Last visit, 12 February 2021, Link: https://cutt.ly/VkLUazK
[7] Michael Safi, The Guardian, Egypt forces Guardian journalist to leave after coronavirus story, 26 March 2020, last visit 12 February 2021, Link: https://cutt.ly/TkLUO2r
[8] مجلة القاهرة الكوفيدية، إصدار غير دوري، العدد الأول مايو – يونيو 2020، آخر زيارة 9 فبراير 2021، رابط: https://drive.google.com/file/d/1ugzFsU5O-pYF6YGH2KBcNfvuQCSpFBu_/view
[9] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إخلاء سبيل جيلان حفني مسؤولة معمل الصور بمركز الصورة المعاصرة، 16 سبتمبر 2020، رابط:
https://afteegypt.org/law_unit/law_unit_news/2020/09/16/19983-afteegypt.html
[10] وزير الثقافة تطلق المبادرة الإليكترونية: "خليك في البيت.. الثقافة بين إيديك" على شبكة الإنترنت، موقع وزارة الثقافة، 22 مارس 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021، رابط:https://bit.ly/2Y6la46
[11] أحمد حمدي، المال، دراما رمضان تتحدي "كورونا" والتصوير مستمر.. وأشرف زكي: الفن صناعة هامة، 31 مارس 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021، رابط:
[12] منظمة الصحة العالمية، مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): سؤال وجواب، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://cutt.ly/yjC3Cvn
[13] ICRC, COVID-19: Protecting prison populations from infectious coronavirus disease,last visit March 11 2020, link: https://www.icrc.org/en/document/protecting-prison-populations-infectious-disease?utm_source=twitter
[14] أخبار الأمم المتحدة، مفوضية حقوق الإنسان لرؤساء حكومات العالم: لا تنسوا القابعين خلف القضبان خلال جهود التصدي لفيروس كورونا، 25 مارس 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://news.un.org/ar/story/2020/03/1052032
[15] محمود عبد الراضي، اليوم السابع، تعليق الزيارات بالسجون 10 أيام حرصًا على الصحة العامة وسلامة النزلاء، 9 مارس 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://cutt.ly/AjC7Xos
[16] علي جمال الدين، بي بي سي، خلاف بين العفو الدولية والسلطات المصرية حول "سجناء الرأي"، 25 يناير 2019، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-47003929
[17] بيان مشترك، منظمات حقوقية تطالب النائب العام ووزير الداخلية بالإفصاح عن حقيقة أعداد وأماكن المصابين بكوفيد-19 في أماكن الاحتجاز، 11 يونيو 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://cutt.ly/qjC5bp4
[18] منظمة العفو الدولية، مصر: أطلقوا سراح سجناء الرأي والسجناء الآخرين المعرضين للخطر وسط تفشي فيروس كورونا، 20 مارس 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://cutt.ly/ZjC5tV4
[19] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، بيان حقائق وخط زمني: "ابعتلي جواب".. رحلة التنكيل بأسرة علاء عبد الفتاح مستمرة، 24 يونيو 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://afteegypt.org/press_releases/2020/06/23/19510-afteegypt.html
[20] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حجز دعوى محمود شحاتة للسماح بإدخال مستلزمات طبية وقائية من "كوڤيد-19" للسجن للحكم في جلسة 15 أغسطس، 5 يوليو 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط:https://afteegypt.org/law_unit/2020/07/05/19653-afteegypt.html
[21] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وَفاةٌ مُعلنةٌ وانتهاكات مسكوت عنها.. تقرير عن وقائع وفاة شادي حبش، 13 سبتمبر 2020، رابط: https://afteegypt.org/publications_org/2020/09/13/19941-afteegypt.html
[22] منظمة العفو الدولية، مصر: المحكمة تمدد الحبس الاحتياطي تعسفيًّا لما يزيد عن 1600 متهم، 17 مايو 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط: https://cutt.ly/yjC4rKe
[23] الهيئة العامة للاستعلامات، وزارة العدل تطلق نظام تجديد الحبس الإلكتروني عن بعد، 18 أكتوبر 2020، آخر زيارة 23 يناير 2021، رابط : https://cutt.ly/WjC4beR
[24] خاص البوصلة: نقابة الأطباء تخاطب النائب العام للإفراج عن أعضائها المقبوض عليهم بسبب آرائهم. موقع جريدة البوصلة، 16 يونيو 2020، اخر زياره 8 فبراير 2021.رابط: https://bit.ly/3oZTUPB
[25] صفحة النيابة العامة المصرية على "فيسبوك" 27 إبريل 2020، آخر زيارة 30 يونيو 2020،رابط: https://bit.ly/3rCBQgc
[26] بيان النيابة العامة في القضية رقم 4971 لسنة 2020 جنح الساحل، صفحة النيابة العامة المصرية على "فيسبوك"، 23 إبريل 2020، آخر زيارة: 30 يونيو 2020، رابط: https://bit.ly/3gVwdVb.
[27] محمد صبحي، اليوم السابع، جامعة القاهرة: سنواصل التحقيق مع الطالبة حنين بعد انتهاء تحقيقات النيابة، 21 إبريل 2020، آخر زيارة: 30 يونيو، رابط: 2020،https://bit.ly/2Ofuiyb
[28] حسام عبد الله، مبتدأ، بالمستندات.. ننشر أمر إحالة حنين حسام ومودة أدهم إلى المحكمة الاقتصادية 15 يونيو 2020، آخر زيارة: 10 فبراير 2020، رابط: https://bit.ly/2ZlTE43
[29] قضت الدائرة الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية في 12 يناير 2021 ببراءة حنين حسام واثنين آخرين من اتهامهم بتهديد قيم الأسرة المصرية، وألغت حبس مودة الأدهم وأحمد سامح، مع تأييد تغريم كل منهما 300 ألف جنيه عن تهمة نشر فيديوهات فاضحة بالقضية ذاتها، للتفاصيل، انظر/ي: الشروق، تفاصيل حكم براءة حنين حسام ومودة الأدهم في قضية التعدي على قيم المجتمع، 21 يناير 2021، آخر زيارة 14 فبراير 2021، رابط https://cutt.ly/BkVVYRu
[30] عفاف حمدي، الأعلى للإعلام يقرر حجب موقع "الشورى" 6 أشهر، البوابة نيوز، 8 إبريل 2020، آخر زيارة: 30 ديسمبر 2020، رابط: https://bit.ly/3c5s9CH.
[31] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حجب موقع "درب" لخالد البلشي بعد شهر واحد من إطلاقه، 9 إبريل 2020، آخر زيارة 8 فبراير 2021، رابط: https://afteegypt.org/digital_freedoms/2020/04/09/18596-afteegypt.html
[32] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، خطاب مجلس نقابة الصحفيين، 15 يناير 2018، آخر تحديث 15 ديسمبر 2020، رابط: https://afteegypt.org/journalists/2018/01/14/14297-afteegypt.html
[33] حرية الفكر والتعبير، تخاطب نقابة الصحفيين للعمل على الإفراج عن الصحفيين المحبوسين، 15 ديسمبر 2020، رابط: https://afteegypt.org/breaking_news/2020/12/07/20356-afteegypt.html
[34] سي إن إن عربي، الداخلية تكشف أسباب اعتقال 4 من موظفي الأناضول، 15 يناير 2020، آخر زيارة، 30 ديسمبر 2020، رابط: https://cnn.it/2LYEKMN.
[35] شهادة من محامٍ حضر التحقيقات مع موظفي الأناضول.
[36] مرجع سابق.
[37] مرجع سابق.
[38] مرجع سابق.
[39] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قاعدة بيانات الصحفيين المحبوسين، آخر تحديث 4 يناير 2021، رابط: https://afteegypt.org/profiles#1587588268638-62252524-e00e
[40] سي إن إن عربية، مصر.. السيسي يوجه بتعليق الدراسة في الجامعات والمدراس لأسبوعين بسبب فيروس كورنا، 14 مارس 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021 رابط: https://cnn.it/39dzOg1
[41] الأمم المتحدة، موجز سياساتي التعليم أثناء الجائحة كوفيد-19 وما بعدها، أغسطس 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021، رابط: https://bit.ly/3a09FRl
[42] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، ازدراء الأديان.. ذريعة لقمع الحرية الأكاديمية، 31 ديسمبر 2020، رابط: https://bit.ly/3sMiZAV
[43] مؤسسة حرية الفكر والتعبير تطالب بإخلاء سبيل أستاذ مساعد العلوم السياسية أحمد التهامي ووقف التدخلات في العمل الأكاديمي، 2 نوفمبر 2020، رابط : https://bit.ly/3c3yEph
[44] خالد علي، حساب خاص على موقع فيسبوك، بخصوص البلاغ المقدم بشأن الحالة الصحية للدكتور حازم حسني، 4 يونيو 2020، رابط : https://bit.ly/3ca4qRM
[45] مؤسسة حرية الفكر والتعبير تطالب الحكومة المصرية بتمكين الباحث وليد سالم من السفر بعد سحب جواز سفره، 28 يوليو 2020، رابط : https://bit.ly/3iRRHEJ
[46] مؤسسة حرية الفكر والتعبير تطالب النيابة العامة بالإفراج عن الباحث باتريك جورج والتحقيق في تعرضه للإخفاء والتعذيب، 9 فبراير 2020، رابط : https://bit.ly/39bVMAb
[47] علي الكشوطي، اليوم السابع، قرارات مهمة من نقابة المهن الموسيقية تجاه أعضائها، 21 مارس 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021
[48] المال، "المهن الموسيقية" تحذر المنشآت السياحية والملاهي الليلية من استضافة مطربي المهرجانات، 16 فبراير 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021 https://bit.ly/3iGYtNb
[49] روسيا اليوم، بيان تحذيري من نقابة المهن التمثيلية المصرية، 19 يوليو 2020، آخر زيارة 10 فبراير 2021
[50] بي بي سي عربي، قانون التصالح في مخالفات البناء يغضب كثيرين في مصر وجدل حول من يتحمل قيمة المخالفات 20 يوليو 2020، آخر زيارة، 20 ديسمبر 2020، رابط https://bit.ly/3h1bCA0.
[51] صفية حمدي، المال، منها تخفيض القيم المحددة من 10-55%.. تفاصيل كلمة رئيس الوزراء بشأن مخالفات البناء، وتسهيلات التصالح الجديدة، 9 سبتمبر 2020، آخر زيارة: 20 ديسمبر 2020، رابط: https://bit.ly/2WuxuKH
[52] مؤسسة حرية الفكر والتعبير، احتجاجات الهامش.. تقرير عن وقائع القبض على المواطنين في تظاهرات 20 سبتمبر، 29 ديسمبر 2020، رابط
[53] د. أشرف توفيق شمس الدين، منشورات قانونية، مدى دستورية تفتيش الهاتف المحمول كأثر للقبض - دراسة مقارنة، منشورات قانونية، 8 فبراير 2021، آخر زيارة 10 فبراير 2021، رابط https://manshurat.org/node/71097
[54] "النائب العام" يأمر بإخلاء سبيل ثمانية وستين طفلًا متهمًا بالمشاركة في أحداث الشغب الأخيرة، حساب النيابة العامة المصرية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، 27 سبتمبر 2020، تاريخ آخر زيارة: 20 ديسمبر 2020، رابط: https://bit.ly/38BieRZ.
[55] بيان مشترك 55 منظمة حقوقية تطالب بالتحرك الفوري لإطلاق سراح قادة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وحماية المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان، 2 ديسمبر 2020، آخر زيارة 9 فبراير 2021، رابط:
[56] الأمم المتحدة، مفوضية حقوق الإنسان تعرب عن قلقها بشأن اعتقال ثلاثة نشطاء في مصر، 20 نوفمبر 2020، آخر زيارة: 11 فبراير 2021، رابط
[57] جمعة حمد الله، ويوسف العومي، المصري اليوم، "تدخل غير مقبول".. مصر ترفض بيان الخارجية الفرنسية بشأن القبض على مسؤول حقوقي، 18 نوفمبر 2020، آخر زيارة 11 فبراير 2021، رابط:
https://www.almasryalyoum.com/news/details/2090975
[58] تجميد حسابات المبادرة المصرية ومخالفات قانونية بالجملة في جلسة نظر أمر التجميد، 1 ديسمبر 2020، آخر زيارة 12 فبراير 2021، رابط:
[59] الأمم المتحدة، خبراء أمميون: الإفراج بكفالة عن مدافعين عن حقوق الإنسان في مصر خطوة أولى مشجعة، 7 ديسمبر 2020، آخر زيارة، 11 فبراير 2021، رابط: https://cutt.ly/jkSx1Lo
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إخفاء وتعذيب مدافع مصري عن حقوق الإنسان: القبض على باتريك جورج زكي الباحث في النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان بالمبادرة المصرية في مطار القاهرة أثناء عودته في إجازة من دراسته بإيطاليا، واحتجازه وتعذيبه لأكثر من 24 ساعة قبل عرضه على النيابة وحبسه 15 يومًا، 8 فبراير 2020، آخر زيارة 11 فبراير 2021، رابط https://rb.gy/8tgq8p
[60] بيان مشترك، الحكم على الحقوقي المخضرم بهي الدين حسن بالسجن 15 عامًا.. يأتي الحكم عقابًا له على تغريداته الانتقادية، 28 أغسطس 2020، آخر زيارة 9 فبراير 2021، رابط:
https://egyptianfront.org/ar/2020/08/behey-js/
[61] مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، بعد حفظ بلاغه ضد المحرضين على قتله.. الحكم على الحقوقي بهي الدين حسن بالحبس لتضامنه مع الأديب علاء الأسواني وانتقاده أداء النيابة، 14 مارس 2020، آخر زيارة 9 فبراير 2021، رابط: