السبت، 15 يناير 2022

د. محمد البرادعي : المنطقة من سيّئ إلى أسوأ.. ومن هنا نبدأ مواجهة الأخطار! جامعة الدول العربية هيكل هش خالٍ من المضمون.. ولا بد من فتح حوار شامل مع تركيا وإيران

رابط المقال فى حالة تجاوز حجب السلطات

د. محمد البرادعي : المنطقة من سيّئ إلى أسوأ.. ومن هنا نبدأ مواجهة الأخطار!

جامعة الدول العربية هيكل هش خالٍ من المضمون.. ولا بد من فتح حوار شامل مع تركيا وإيران


لعل من أكثر المفارقات حزنًا وإحباطًا في الشرق الأوسط منذ زمن ليس بالقصير، أنه على الرغم من إمكانات المنطقة البشرية والاقتصادية الهائلة فإن أهم ما “تتميز” به اليوم ويُشار إليه بالبنان، هو حجم الحروب والصراعات والمآسي التي استشرت فيها كالوباء، وما يصاحبها من غياب أي رؤية متوافق عليها لما يجب أن يكون عليه شكل المنطقة أو المقومات الأساسية لأيّ منها. فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية واستقلال بلدانها -شكليًّا على الأقل- لم تنعم المنطقة يومًا باستقرار أو تخلو في أي وقت من قلاقل وصراعات، سواء أكانت حروبًا بين دول عربية والدولة العبرية أو بين العراق وإيران، أم حروبًا أهلية كما رأينا في اليمن ولبنان، أم انقلابات عسكرية بتدبير من الخارج كما في إيران، أم نتيجة تنافس على السلطة كما في العراق وتركيا وسوريا.

أيًّا كان الأمر، فقد استمرت المنطقة تسير من سيّئ إلى أسوأ، مثل كرة الجليد التي تتدحرج وتزداد حجمًا بمرور الوقت، بداية بالغزو الأمريكي للعراق في أوائل هذا القرن، وصولًا إلى الإرهاب الغاشم الذي تلفّح بالدين، ووجد في التدخلات الخارجية بالمنطقة وفي الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الشعب الفلسطيني خير ذريعة ومبرر.

وعندما انتفضت بعض الشعوب العربية بعفوية، لتنفض عن نفسها الشعور الجمعي بالإهانة وغياب المساواة، وتستخلص -مثل غيرها- حقها في الحرية والكرامة، كان نصيبها الانقضاض عليها بقوة ووحشية من جانب الأنظمة القمعية التي تحكمها، وانتهى الأمر إما بحروب مشتعلة، أو بانهيار اقتصادي، أو بالمزيد من القمع، وبسرعة تحولت أجزاء كثيرة من المنطقة إلى ساحة قتال تسيطر عليها قوى من داخل الإقليم وخارجه، لتحقيق أهداف جيوسياسية لا صلة لها بتطلعات شعوب المنطقة وآمالها.

هذا ما نراه في أجزاء من المنطقة اليوم: حروب مروعة، كوارث إنسانية بشعة، أنظمة استبدادية بدرجات متفاوتة، صدامات إثنية وطائفية وعقائدية من كل نوع، وغياب أي منظومة للأمن الإقليمي. باختصار، وضع مأساوي يدفع ثمنه الشعوب.

البكاء على اللبن المسكوب

ومع ذلك، لا أعتقد أن هناك فائدة تُرجى من البكاء على اللبن المسكوب أو تبادل الاتهامات أو توزيع اللوم، وإنما نقطة الانطلاق يجب أن تكون التفكير في كيفية إخراج المنطقة من هذا الوضع البائس الذي أوصلنا أنفسنا إليه. ولا أتناول هنا الأوضاع الداخلية لكل دولة ومتطلبات الحكم الرشيد وغيرها، التي أشرت إليها في كتابات سابقة، وإنما حديثي هنا عن مصيرنا المشترك كدول عربية، وكيفية حمايتها من التفكك والانهيار.

ولعل البداية على المستوى الإقليمي، هى بناء نظام أمن جديد للمنطقة، نستطيع من خلاله إيقاف نزيف التدهور المستمر. وتأتي اتفاقية الدفاع المشترك بين الدول العربية في مقدمه التدابير التي يجب النظر فيها، وهي الاتفاقية التي أصبحت لا تساوي الورق الذي كُتبت عليه، نتيجة واقع أليم انعكست فيه الآية، فأصبحنا بدلًا من التصدي سويًّا للاعتداءات الخارجية، نقوم باستدعاء قوى خارجية للاستقواء بها ضد بعضنا، زد على ذلك الانتشار المتنامي للقواعد العسكرية في المنطقة. يتطلب هذا بالضرورة أن ننخرط في حوار شامل وصادق بشأن كثير من الأساسيات التي تاهت عنا: ما الروابط والقيم المشتركة التي تجمعنا؟ ما أوجه تعدديتنا التي تعزز قوتنا وتثري تكاملنا؟ ما مصالحنا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يمكن تعظيمها وحمايتها بالعمل الجماعي؟ وما الآليات المطلوبة لتحقيق ذلك؟

ولا يمكن الحديث عن اتفاقية الدفاع المشترك دون التعرض للمنظمة الحاضنة لها، وهي جامعة الدول العربية، التي أصبحت -مثل “قرية بوتومكين” في الفلكلور الروسى- هيكلًا هشًّا خاليًا من المضمون، بدلًا من أن تكون إطارًا للتجمع الإقليمي، يوثق أوجه التعاون بين دوله الأعضاء ويوسع آفاقه، ويسهم في حل خلافاتها وحماية مصالحها.

حوار مع تركيا وإيران

هناك ثلاث دول محورية غير عربية في المنطقة، تشكل جزءًا لايتجزأ من أمنها إيجابًا أو سلبًا، وقد ناديت كثيرًا -في السابق- بضرورة فتح حوار شامل مع تركيا وإيران، الدولتين اللتين تربطنا بهما كثير من الروابط التاريخية والمعاصرة، لمحاولة تصفية المشكلات العالقة، وإزالة التخوفات القائمة التي ليست بالهيّنة، خاصة ما تستشعره بعض الدول العربية من أطماع إقليمية من جانبهما، وتدخلات في شؤونها الداخلية. ولدىّ بعض الارتياح أن هناك شيئًا من التقدم في هذا الاتجاه.

هناك كذلك تخوف ملموس من برنامج إيران النووي، وقد كان رأيي منذ بداية المفاوضات بشأن هذا البرنامج، التي انتهت بالاتفاق النووي الإيراني عام 2015، أنه من الضروري أن تكون دول المنطقة طرفًا في تلك المفاوضات، نظرًا لما لها من تأثير مباشر على الأمن الإقليمي، كما كان الوضع في المفاوضات بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي، التي ضمت دولتي الجوار -اليابان وكوريا الجنوبية- بالإضافة إلى الدول الكبرى. وللأسف لم يحدث ذلك، سواء في المفاوضات السابقة أو الحالية.

على كل حال، فإني آمل أن تسفر مفاوضات فيينا عن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، بعد قرار الرئيس الأمريكي السابق غير المبرر بالانسحاب منه، الذي خلق تصعيدًا وتوترات في المنطقة كان يمكن تجنبها. وما زلت أرى -بناءً على دروس كثيرة من التاريخ- أن الحوار القائم على مبدأ المساواة وتوفير الضمانات وبناء الثقة والاحترام المتبادل، هو أفضل السبل للتغلب على العقبات وإيجاد الحلول. فالاتفاق يوفر عند تطبيق كل بنوده كثيرًا من الضمانات، للتأكد من الطبيعة السلمية للبرنامج الإيراني، من خلال قيود عديدة على طبيعة المواد النووية المنتجة وكمياتها، وعلى الأبحاث ذات الصلة بالتطبيقات العسكرية، بالإضافة إلى عمليات التفتيش المكثفة وغير المسبوقة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأيًّا كانت نتيجة مفاوضات فيينا، فإن البرنامج النووي الإيراني يبقى جزءًا أساسيًّا من مخاوف بعض الدول العربية تجاه برنامج التسلح الإيراني، وهو الأمر الذي يجب تناوله مباشرة بين الدول العربية وإيران، جزءًا من النقاش بشأن برامج التسلح في المنطقة، من أجل الاتفاق على تدابير ضرورية وإجراءات لازمة لبناء الثقة المتبادلة.

العلاقة مع إسرائيل

أما بالنسبة للعلاقات مع إسرائيل، فالوضع أكثر تعقيدًا، نتيجة المحاولات المستمرة من جانبها لتصفية قضية الشعب الفلسطيني، واستمرار التعامل معه من منطلق عنصري بغيض. وليس لديّ أدنى شك أن الإقليم لن ينعم بالأمن والاستقرار، في غياب التوصل إلى حل عادل يتمتع فيه الشعب الفلسطيني بحقه في الحرية والكرامة والمساواة، مهما استمرت الجهود المختلفة لطمس قضيته.

وفي إطار منظومة الأمن التي يجب أن تحكم العلاقات مع إسرائيل، فإنه لا يمكن بأي حال التغاضي عن سلاحها النووي، وما يترتب عليه من إخلال بالأمن في الإقليم، إذ لا يمكنني أن أتصور سلامًا مستدامًا بالمنطقة في وجود مثل هذا الخلل البيّن في منظومة الأمن، كما لا أعتقد أن دول الجوار سوف تقبل به على المدى القصير أو البعيد.

خطأ الدول العربية

وإذا كان هناك قلق مشروع من حصول إيران على السلاح النووي، فمن المنطقي والطبيعي أن يكون هناك تخوف من احتفاظ إسرائيل بترسانتها النووية، ذلك أن السلاح النووي يشكّل تهديدًا وجوديًّا أيًّا كان مالكه، واحتمال استعماله، عمدًا أو عن طريق الخطأ، فهو تهديد وخطر دائم لا يمكن إغفاله. وقد ارتكبت الدول العربية خطأ جسيمًا عندما انضمت إلى اتفاقية منع انتشار السلاح النووي دون أن تشترط انضمام إسرائيل إليها. وقناعتي أنه قد حان الوقت وأكثر، للبدء في مفاوضات جدية بين كل دول المنطقة وإسرائيل، تتعدى البيانات والقرارات التقليدية، للتوصل إلى اتفاقية ملزمة لإخلاء الشرق الأوسط من السلاح النووي وجميع أسلحة الدمار الشامل، في إطار المفاوضات الخاصة بالتوصل إلى سلام عادل ومستدام وبالتوازي معها. هناك كثير من التفاصيل التقنية والفنية التي يجب حسمها قبل التوصل إلى تلك الاتفاقية، ومن الضروري البدء في التفاوض بشأنها في أقرب وقت ممكن.

وفي ضوء التطورات الأخيرة بالمنطقة، وتطبيع العلاقات رسميًّا أو فعليًّا بين إسرائيل وعدد من دول المنطقة -في مشهد يشوبه التخبط- لم يعد مقبولًا أن ترفض إسرائيل حتى مجرد الحديث في الموضوع.

يعلّمنا التاريخ أن السلام المستدام والأمن الحقيقي، يقومان على التزامات متبادلة ومتكافئة، وليس على اتفاقيات إذعان، وليس من المعقول أن يستمر الوضع الحالي، الذي تتمتع فيه إسرائيل بكل ثمار الأمن والسلام مع دول عربية عدة، في حين يستمر أصحاب القضية الأصلية يرزحون تحت وطأة الاحتلال، وتستمر الدول التي عقدت اتفاقيات سلام، تعيش في ظل منظومة “أمنية” تهدد أمنها.

وعلى الرغم من كل هذا، فما زال يراودني بصيص من الأمل -بعد عقود من الإخفاقات المريرة محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا- أن نتمكن من تغيير الوضع الجائر الحالي، من أجل الوصول إلى سلام قائم على العدالة والمساواة، يفتح الطريق أمام شعوب المنطقة كافة، للعيش في أمن وسلام، والإسهام بصورة أكثر إيجابية في ركب الحضارة. يقيني أننا نستطيع، إذا راجعنا سياساتنا الداخلية والخارجية ومكّنا شعوبنا ووحّدنا صفوفنا وأخذنا زمام المبادرة.

المصدر : الجزيرة مباشر

المعهد المصري للدراسات : تحليل الأكاديمي روبرت سبرنجبورج : الدولة المصرية المُتسْوِلَة ـ حقيقة جمهورية السيسي التي أغرقها في الديون وحولها الى خرائب دولة متسولة

رابط التحليل فى حالة تجاوز حجب السلطات

المعهد المصري للدراسات :

تحليل الأكاديمي روبرت سبرنجبورج : الدولة المصرية المُتسْوِلَة ـ حقيقة جمهورية السيسي التي أغرقها في الديون وحولها الى خرائب دولة متسولة


يقول بهى الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان اللاجئ السياسي هربا من بطش الجنرال السيسى فى المنفى بالخارج وصدر ضده فى مصر العام الماضي من محكمة استثنائية حكما بالسجن 15 سنة بدعوى انه ارهابى. على صفحته بتويتر أن: تحليل الأكاديمي روبرت سبرنجبورج هام لكل مصري بما في ذلك العسكريون. يرصد فيه النتائج الكارثية للامتزاج بين ديكتاتورية فرد  لايخضع للمحاسبة من شعبه أو من مؤسسات الدولة، وبين جنوحه الجنوني للتسول بلا حساب بحيث أغرق مصر فى قروض غير مسبوقة تحتاج الى مائة سنة لسدادها بشرط عدم الاقتراض خلالها. وانفاق السيسى بشراهة علي مشاريع ذات تكلفة طائلة، لم تجر دراسة لجدواها، ولا تلبي إلا الاحتياج للفشخرة، بينما يتعاظم فقر المصريين، الذين يتعرضون لمزيد من الاعتصار بسبب رفع الدعم وزيادة الضرائب.ة ويقارن روبرت سبرنجبورج مصر بلبنان المفلسة، لكنه يعتقد أن السيسي يراهن علي أن الغرب لن يتركه يغرق! ''.


تحليل الأكاديمي روبرت سبرنجبورج :

''نشر موقع مؤسسة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط (بوميد) في 7 يناير 2022 دراسة لروبرت سبرينجبورج، أستاذ الدراسات الدولية المرموق في جامعة سيمون فريزر والباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية بعنوان “تتبع مسار المال لتعرف حقيقة مصر السيسي”، حيث يتناول فيها الحال الذي وصل إليه الاقتصاد المصري، الذي “أصبح يعتمد على الدعم الخارجي والقروض أكثر من أي وقت مضى”.

وقد عمل روبرت سبرينجبورج حتى 2013 أستاذاً لشؤون الأمن القومي في كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية ومديراً لبرنامج الشرق الأوسط بمركز العلاقات المدنية العسكرية. وعمل كذلك مديراً لمركز الأبحاث الأمريكي في مصر، حيث يُعتبر سبرينجبورج أحد اهم الخبراء العالميين البارزين في الشأن المصري وله العديد من المؤلفات عن مصر. وبالإضافة إلى ذلك، فقد عمل سبرينجبورج كمستشار في إدارة وسياسة الشرق الأوسط لصالح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ووزارة الخارجية الأمريكية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والعديد من الإدارات الحكومية في المملكة المتحدة.

 يقول سبرينجبورج في دراسته المركزة بلغة قوية وعبارات مركزة شديدة الدلالة، إن سياسة السيسي الاقتصادية تعتمد على محاولة تحقيق حالة “إبهار” مُلفتة من “خلال المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة لتعزيز شرعيته، حيث جاء إلى السلطة عبر انقلاب” على الحكومة الشرعية. وفي سبيل تحقيق ذلك، تضغط الحكومة على المواطنين من خلال التخفيض المستمر للدعم وفرض المزيد من الضرائب وزيادة رسوم الخدمات العامة، بالرغم من الدعم الأجنبي الهائل الذي تلقاه السيسي والاقتراض الكثيف لنظامه من الداخل والخارج، حيث “يبلغ إجمالي حجم الدين القومي الآن 370 مليار دولار” ، بحيث أصبحت مصر حسب تعبيره “دولة متسولة”؛ وتضغط الحكومة أيضاً على القطاع الخاص بطرق شتى ليس أقلها “استحواذ الجيش على العديد من المؤسسات الخاصة المربحة”. والأخطر فيما توصلت إليه دراسة سبرينجبورج هو أن “هناك أوجه تشابه بشكل ملحوظ بين الفشل المريع الذي شهده الاقتصاد اللبناني والواقع الحالي للاقتصاد المصري المتعثر”، مما يُنذر بعواقب وخيمة على مصر والمنطقة إذا لم يتم تدارك الأمر واتخاذ الدول الصديقة خطوات تصحيحية لإنقاذ مصر من هذا المصير، “بدلاً من الاستمرار في الانغماس في دعم نظام السيسي”. وقد قام المعهد المصري للدراسات بترجمة هذه الدراسة الهامة على النحو التالي.

يُصَدِّر روبرت سبرينجبورج ورقته بعرض ملخص لأهم ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، وذلك على النحو التالي:

– أصبحت مصر في عهد عبد الفتاح السيسي دولة متسوّلة، حيث يعتمد اقتصادها أكثر من أي وقت مضى على تلقي الدعم من الخارج، وخاصة القروض.

– يدير السيسي السياسة الاقتصادية لمصر كما لو كانت البلاد واحدة من الدول الريعية الغنية بالنفط، على غرار المملكة العربية السعودية؛ أو دولة تجارية ناجحة تحت حكم أوتوقراطي، على غرار الصين، على الرغم من أن مصر ليست هذه ولا تلك.

– شراهة نظام السيسي لإنفاق المال كبيرة، لكن الكماليات، وليست الضروريات الأساسية، هي التي تلتهم الجزء الأكبر من إيرادات الدولة، بالرغم من تزايد عدد السكان. حيث يعتمد السيسي، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب، على عامل “الإبهار” من خلال المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة بهدف تعزيز شرعيته.

– وحتى تتمكن من سداد تكاليف هذا السَّرَف في الإنفاق (على تلك المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة)، تضغط الحكومة على المواطنين من خلال خفض الدعم، والضرائب التنازلية ( حيث تمثل الضريبة التنازلية عبئاً أكبر على الفقراء، بالنظر إلى مواردهم مقارنة بالأثرياء)، وزيادة رسوم الخدمات “العامة”. حيث يعاني المصريون من ركود الأجور وارتفاع الأسعار وارتفاع معدل البطالة، حيث يبلغ دخل حوالي 30 مليون مواطن أقل من 3.20 دولار في اليوم.

– ولتوفير الإيرادات اللازمة، يضغط النظام أيضاً على القطاع الخاص، من خلال أوجه عديدة، بما في ذلك استحواذ الجيش على العديد من المؤسسات الخاصة المربحة.

– ولذلك، فمن أجل حماية الاقتصاد من الانهيار، فإن مصر السيسي مضطرة إلى الاعتماد بشكل متزايد على الائتمان الأجنبي. حيث تضاعف إجمالي الدين القومي لمصر، الذي يبلغ الآن 370 مليار دولار، أي أربع مرات منذ عام 2010. ويلتهم سداد فوائد الدين المحلي والأجنبي أكثر من ثلث ميزانية مصر، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي كان يستهلكه في عام 2009.

– هناك أوجه تشابه ملحوظة بين الفشل الذريع الذي آل إليه الاقتصاد اللبناني والوضع المتعثر للاقتصاد المصري حالياً. لكن العواقب الوخيمة لانهيار الاقتصاد اللبناني ستكون أسوأ بكثير إذا تكررت حالة الفشل الاقتصادي تلك في مصر. لذلك، فَحَريّ بالدول “الصديقة” لمصر أن تتخذ خطوات تصحيحية لهذا الوضع قبل حدوث ما لا تُحمد عقباه، بدلاً من الاستمرار في تكريس دعمها لنظام السيسي.

المقدمة

من الطبيعي أن تبحث جميع الحكومات عن موارد لتسيير شؤونها، حيث تتمايز هذه الحكومات بطبيعة الحال حسب حجم هذه الموارد ومصادرها وأنواعها. ولكن الأوضاع في مصر في ظل حكم عبد الفتاح السيسي غير عادية، إن لم تكن فريدة من نوعها، حيث يتطلب نموذج الاقتصاد السياسي الذي تتبناه الحكومة موارد لا تتناسب البتة مع قدرة الاقتصاد على توفيرها. فحكومة السيسي تتصرف كما لو كانت تدير دولة ريعية تمولها صادرات الهيدروكربونات (النفط والغاز) مثل المملكة العربية السعودية، أو دولة تجارية استبدادية تستفيد من ميزان تجاري مُواتٍ ومستدام يُغذّيه توسعها في الصادرات المصنعة، مثل الصين الشعبية.

وهذا بالرغم من أن مصر ليست دولة ريعية (كالسعودية) ولا دولة استبدادية تجارية ناجحة (كالصين)، حيث تعاني بشكل مزمن من عدم قدرة صادراتها من جميع السلع والخدمات على تحقيق فائض في الميزان التجاري. وعلى مدى العقد الماضي، قفز العجز التجاري السنوي ليصل إلى ما بين 28 و 44 مليار دولار[1]. وجاءت مصر في المرتبة الـ 135 من بين 213 دولة[2] بالنسبة لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي – والذي يتراوح ما بين الـ 3,000 إلى 4,000 دولار في العام. وقد استغرق الأمر 20 عاماً حتى يتضاعف نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر، وهو معدل نمو أبطأ من مثيله في المغرب التي يبلغ الناتج المحلي الإجمالي فيها حوالي الثلث من الناتج المحلي الإجمالي المصري البالغ 360 مليار دولار.

الشهية الفرعونية

لكن في ظل حكم السيسي، أصبحت شراهة الحكومة المصرية لإنفاق المال (على المشروعات الضخمة وشراء الأسلحة) هائلة. وفي المقابل، فإنها تنفق جزءا صغيرا نسبيا من مواردها المالية على الاحتياجات الأساسية للسكان الذين يتزايدون باستمرار ويعيشون على رُقعة محدودة من الأرض تشح فيها المياه. ولا تستطيع الحكومة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، حيث تنتج البلاد حوالي ثلث الغذاء الذي تستهلكه فقط، ولذلك فهي تستورد القمح بكميات تفوق أي دولة أخرى في العالم.

والحقيقة أن الكماليات، وليست الضروريات الأساسية، هي التي تلتهم الجزء الأكبر من الإيرادات المتاحة في البلاد. فقائمة الاستحواذات التي تتسم بالبذخ منذ استيلاء السيسي والجيش على السلطة في 2013 تتعاظم بشكل مذهل، على الرغم من أن قيمة معظمها تُعتبر رمزية ولا تمثل قيمة اقتصادية كبيرة. ومن الأمثلة على ذلك:

1- إنفاق 58 مليار دولار على العاصمة الإدارية الجديدة التي يجري إنشاؤها في الصحراء خارج حدود القاهرة؛

2- عمليات شراء للأسلحة لا يعرف أحد ثمنها الحقيقي، حيث تُعتبر مصر السيسي من بين أكبر خمسة دول في معدلات شراء الأسلحة في العالم؛

3- الاتفاق على إنشاء مفاعل النووي بقيمة 25 مليار دولار لإنتاج الطاقة، في دولة بها فائض في إنتاج الكهرباء؛

4- توسيع القدرة الاستيعابية لقناة السويس بقيمة 8 مليارات دولار، والتي لم تحقق بعد أي زيادة ملحوظة في رسوم عبور القناة، حيث ارتفعت من 5.6 مليار دولار في عام 2017 إلى 5.8 مليار دولار فقط في عام 2020؛

5- إنشاء العديد من “أكبر” المشروعات في إفريقيا أو حتى في العالم، بدءاً من “أطول” مبنى في القارة و”أكبر” كنيسة في القارة إلى “أكبر” مزرعة سمكية في العالم – على الرغم من أن مثل هذه المزرعة (التي يديرها الجيش) حلّت محل مزارع على غرارها كانت موجودة بالفعل ويديرها مالكوها من الأفراد[3].

ويُثير هذه الإسراف سؤالين وجيهين في هذا الخصوص، هما:

السؤال الأول: لماذا؟ فبالتأكيد هناك طرق أفضل لإنفاق كل هذه الأموال، إذا كان يجب بالفعل إنفاقها من الأساس. لكن هذا الجواب يعكس منطقاً اقتصادياً، وليس منطقاً سياسياً فاعلاً. فكما يحدث في الدول الريعية، وبدرجة أقل في الدول التجارية الاستبدادية، فقد سعى السيسي إلى محاولة خلق حالة “إبهار” لجماهير الشعب، بهدف كسب إعجابهم، وبالتالي رضوخهم التام له. وفي هذا السياق، يُذكرنا نهج السيسي بالاستراتيجيات التي اتبعها هتلر وستالين وموسوليني، الذين سعوا لإضفاء الشرعية على حكوماتهم من خلال الحداثة ومظاهرها المتمثلة في العمارة والنقل وحتى في الفن والأدب. ففي كل هذه الحالات، كان هناك إضفاء لهالات من الدعاية لتلميع الدولة باستخدام أدوات براقة تهدف إلى وضع الدولة وحاكمها في مرتبة تعلو على المواطنين واحتياجاتهم. وفي ظل غياب الكاريزما أو الشرعية الديمقراطية، قام السيسي بتحييد المؤسسات السياسية مثل البرلمان والمجالس المحلية ووسائل الإعلام شبه المستقلة، واختار الاعتماد على العمل على صُنع حالة “إبهار” من خلال المشاريع الضخمة وشراء الأسلحة في غياب مصادر أخرى للشرعية. فهو لم يجعل “القطارات تنطلق في مواعيدها” (تعبير دعائي إيطالي يرجع لعهد موسوليني، يشير حرفياً على دوره المزعوم في ضبط حركة القطارات ومجازيا للترويج لكفاءة أداء حكومته)، سواء كان ذلك بالمعنى الحرفي للعبارة أو بالمعنى المجازي لها، حيث لم يفلح نظامه في تحقيق أي تحسن في الأحوال المعيشية للسواد الأعظم من سكان مصر البالغ عددهم 102 مليون نسمة.

تمويل حالة “الإبهار”

السؤال الثاني: (سؤال المليون دولار، أو بالأحرى سؤال مليارات الدولارات) وهو: من أين تأتي الأموال التي تُدفع ثمناً لهذا الإسراف؟ الجواب: من الداخل والخارج، بمعدل متساوٍ تقريباً، كما يُشير إلى ذلك حجم الدين المحلي وحجم الدين الخارجي. ولا يُنبئ الدين المحلي العام للنظام المصري إلا عن جزء يسير من المآسي المترتبة على توفير التمويلات اللازمة لتلك المشروعات، حيث تشبه لحد كبير عمليات النهب من حيث: التفنن، والشمول، والأنانية، والإضرار باقتصاد البلاد.

الضغط على المواطنين

لقد تم سحق الشعب المصري ما بين الدخول الراكدة والنفقات المتزايدة على الحاجات المعيشية. فمنذ عام 2019، ظلت نفقات الحكومة على الأجور والرواتب، كأكبر جهة توظيف في البلاد، ظلت ثابتة، مما يعكس واقع النمو الضئيل أو المعدوم في التوظيف العام وفي رواتب موظفي الخدمة المدنية[4]. وأدت عمليات الخصخصة أو الإغلاق للمؤسسات المملوكة للدولة، مثل مصنع الحديد الصلب التاريخي بحلوان والذي كان يُشغّل حوالي 7,000 عامل، إلى زيادة الضغط التنازلي على المعدل الإجمالي للعمالة، العامة والخاصة[5]. وقفزت البطالة ما بين 7% و 10% منذ عام 2019، لكن هذا الرقم الجيد نسبياً هو مقياس غير دقيق لأسواق العمل. حيث يتم تقييم صحة سوق العمل بشكل أكثر دقة من خلال معدل بطالة الشباب، الذي يتجاوز 25%، ومعدل مشاركة القوى العاملة – نسبة من هم في سن العمل – التي انخفضت إلى 42% في عام 2021 مقارنة بـ 49% منذ عقد من الزمان[6]. ووفقاً للبنك الدولي، فإن معدل مشاركة القوى العاملة في مصر أقل من المتوسط العالمي البالغ 59%، والمعدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البالغ 46%، ومتوسط البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل البالغ 58%[7].

وقد تسبب التضخم في تعريض عموم المصريين لمزيد من الآلام. وكان التضخم قد انخفض من 9% إلى 5% بين عامي 2019 و 2020 قبل أن يرتفع مرة أخرى إلى 8% في خريف 2021[8]، حيث يفوق ذلك معدل التضخم في الاقتصادات الناشئة هذا العام[9]، والذي بلغ 5%. وساهم نظام السيسي في خفض القوة الشرائية في البلاد من خلال القيام بإجراءات شاملة تستهدف خفض الدعم على استهلاك الوقود والمياه والطاقة والنقل والغذاء.

واستهدف خفض الدعم، حتى على الخبز أهم المواد الغذائية الضرورية – والذي كان يمثل على مدى عقود الالتزام الرمزي والفعلي للحكومة تجاه عموم الشعب المصري، وخاصة الفقراء منهم، حيث يمثل دعم الخبز، المستحَق لحوالي ثلثي المصريين، أكثر من نصف إجمالي قيمة دعم المواد الغذائية[10].

وكان قد تم تقليص حجم الرغيف لأول مرة في عام 2014، ثم مرة أخرى في أعقاب اتفاق صندوق النقد الدولي لعام 2016 في مصر، والذي اشترط إجراء إصلاحات في مجال الدعم. وانخفض حجم الرغيف وعدد الأشخاص الذين لديهم إمكانية الحصول على الخبز المدعوم مرة أخرى أثناء جائحة كورونا، وفي أوج انتشارها، في (2020-2021)، حيث لم تنفق الحكومة مخصصات الدعم في الميزانية. ومن المنتظر أن تشمل الموازنة العامة لمصر (2021-2022) تخفيضات حقيقية في النفقات على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية. في الوقت الذي لا تفي فيه اعتمادات الميزانية للتعليم والصحة بالحد الأدنى للمخصصات المنصوص عليها في الدستور[11].

وجاءت الزيادات في قيمة الرسوم الحكومية لتمثل استنزافاً إضافيا لدخل الأسرة، وكان ارتقاع الرسوم الخاصة بالتعليم “العام” هو الأمر الأكثر إثارة للجدل. فقد شهد العام الماضي ارتفاع رسوم الالتحاق بالمدارس العامة والكتب المدرسية، بالإضافة إلى زيادة القدرة الاستيعابية للفصول الدراسية بسبب تجميد توظيف المعلمين وبناء المدارس على مدى خمس سنوات؛ حيث زاد متوسط استيعاب الفصل من 44 إلى 49 طالباً (حسب البيانات الرسمية) وتحولت معظم المدارس العامة إلى نظام الفترتين[12]. (لاحظ أن متوسط استيعاب الفصل الدراسي في دولة مثل بنجلاديش، التي يبلغ نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي نصف نظيره في مصر، يبلغ  45 طالبا[13]، مقارنة بـ ٤٩ طالباً في مصر). وأدت الظروف التعليمية المتدهورة إلى اندلاع أعمال عنف من قبل الآباء والطلاب في مدارس مختلفة في بداية العام الدراسي 2021. ونية الحكومة الواضحة في هذا الأمر هي حث الآباء على نقل أطفالهم إلى المدارس الخاصة، حيث تستثمر الحكومة الأموال العامة من خلال العديد من الشراكات الناشئة بين القطاعين العام والخاص بالاشتراك مع شركات دولية من مزودي الخدمات التعليمية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد أسس الجيش مدارس نخبوية لتدريب الكوادر للالتحاق بالمراتب القيادية في الخدمة المدنية، بما في ذلك في مجالات الأمن والمخابرات[14].

وكذلك يتضح من خلال الإيرادات الضريبية أن المصريين في ظل حكم السيسي يدفعون أموالاً أكثر ويحصلون على خدمات أقل من حكومتهم، حيث من المقرر أن يرتفع إجمالي الإيرادات الضريبية في عام 2022 إلى 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 12.7% قبل عامين[15]. كما أصبحت الضرائب أكثر تنازلية بشكل مطرد (بحيث تؤثر على الفقراء بشكل أكبر) – حيث يتم تحصيل دخل ضريبي أكبر من المواطنين ذوي الدخل المنخفض مقارنة بالأثرياء – مع زيادة حصة ضريبة القيمة المضافة من إجمالي الضرائب. وفي الوقت نفسه، فإن سقف الـ 25% على الدخل الشخصي وضريبة الشركات لم يتم المساس به.

ومن بين العواقب المترتبة على ركود سوق العمل وتدهور الموارد المالية للأسرة المصرية هو تصاعد الفقر. فقد تضاعف معدل الفقر في مصر تقريباً بين عامي 2000 و2018، من 16.7 إلى 32.5 في المائة. ثم انخفض بعد ذلك بشكل طفيف، على الرغم من أن ذلك كان فقط بسبب انتعاش قيمة الجنيه المصري، مما أدى إلى زيادة دخل الأسرة بالدولار، وهي العملة التي تُحسب بها معدلات الفقر عالمياً[16]، حيث يعيش حوالي 30 مليون مصري في حالة فقر، حيث يقل دخلهم عن 3.20 دولار في اليوم[17].

وفي ظل حكم السيسي، فرغم الجهود المبذولة لإضفاء الطابع الرسمي على الشركات، توسّع قطاع الأعمال غير الرسمي – الذي يعمل بمثابة إسفنجة تمتص نسبة كبيرة من العمالة، لكنه يقدم رواتب ضعيفة ومزايا أقل ويفتقر للحماية التوظيفية. وبحسب ميريت إف مبروك من معهد الشرق الأوسط، فإن حوالي 63%  من القوى العاملة في مصر يعملون في القطاع غير الرسمي، الذي يمثل حوالي 40%من الاقتصاد بشكل عام، وهو أعلى معدل للاقتصاد غير الرسمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا[18]. ويمثل هذا زيادة بنحو 5% في حصة القطاع غير الرسمي مقارنة بالسنوات الأخيرة من عهد مبارك، على الرغم من وجود  العديد من المشاريع التي يرعاها البنك الدولي ولكنها لا تهدف إلى مكافحة هذا الارتفاع في معدل الاقتصاد  غير الرسمي[19].

وتوقعت وكالة التصنيف “موديز” عواقب سلبية محتملة لتزايد ضغط الحكومة على المواطنين للحصول على الأموال، حيث ذكرت في صيف عام 2021 أنها تتوقع ارتفاعاً في احتمالية “تعرض مصر لمخاطر اجتماعية… حيث تفاقمت هذه المخاطر بسبب التكاليف الكبيرة للإصلاحات الاقتصادية التي تحملها المستهلكون في السنوات القليلة الماضية “. وأضافت وكالة موديز أن نطاق التغطية لشبكة الأمان الاجتماعي المتفق عليها كجزء من برنامج صندوق النقد الدولي لعام 2016 “لا يزال ضيقاً نسبياً”[20]. لكن الضغوط المالية على المواطنين والمحفوفة بالمخاطر السياسية قد يتم مضاعفتها بشكل أكبر. حيث لا يزال عجز الميزانية المزمن في مصر أعلى من المستوى المستدام حسب اعتبارات المقرضين الدوليين، على الرغم من انخفاضه من 12% من إجمالي الناتج المحلي في 2016 إلى 7% حالياً[21].

وبالإضافة إلى خفض الإنفاق وارتفاع الأسعار والإيرادات، كثّفت الحكومة جهودها لحصد الإيرادات من مصادر أخرى غير تقليدية. ففي صيف عام 2021، أدخلت الحكومة تشريعات تسمح لمقدمي الخدمات والمرافق المملوكة للدولة – بما في ذلك الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والطرق ومترو الأنفاق والقطارات والصحة والتعليم والإسكان – بـ “تحويل إيراداتهم المستقبلية إلى سيولة نقدية يمكن الاتجار بها وبيعها للمستثمرين.”[22] ويجادل المتحدثون الرسميون باسم الحكومة بأن ذلك م شأنه تحسين الجودة، على الرغم من أن الشركات العامة غارقة الآن في الديون[23]. ويرى المراقبون أن هذا التوريق المالي للأصول العامة سيؤدي حتماً إلى ارتفاع التكاليف التي يتحملها المصريون مقابل السلع والخدمات الحيوية.

الضغط على القطاع الخاص

تلعب الشركات المملوكة للجيش بالفعل دوراً مهماً في اقتصاد السيسي، حيث توجد حوالي 80 شركة مملوكة للجيش، تنتج بشكل أساسي سلعاً مدنية، بما في ذلك الأجهزة، والملابس، والأغذية، والمشروبات، والتبغ، والسيارات، ومعدات تكنولوجيا المعلومات، وتشارك كذلك في البيع بالتجزئة، بالإضافة لوسائل الإعلام والترفيه، والأهم من ذلك، المقاولات العامة[24]. ولكن حتى مع اتساع نشاطها كما يتضح مما سبق، فإن الشركات المملوكة للجيش تسعى الآن إلى تحقيق مزيد من العائدات من خلال مصادر جديدة. ففي فبراير 2020، ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن صندوق مصر السيادي، الذي تأسس في 2018 “لجذب الاستثمارات الخاصة لمصر وتشجيع الاستثمار المشترك في الأصول المملوكة للدولة”، سيسعى للحصول على مستثمرين أجانب ومحليين للمشاركة في 10 شركات من جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والذي يُعتبر الذراع الاقتصادي للجيش المصري[25]. وفي عام 2021، دفعت الحكومة بتشريع برلماني يقنن الإعفاءات الضريبية الموجودة بالفعل لصندوق تحيا مصر، الذي تم إنشاؤه في عام 2014 تحت رعاية السيسي بشكل مباشر – وحسبما أُعلن “لتحسين الظروف المعيشية للأسر الأولى بالرعاية”، ولكن في حقيقة الأمر ليكون بمثابة صندوق طائش يديره السيسي بلا رقيب. وتم توسيع نطاق إعفاءاته الضريبية لتشمل رسوم الدمغة وضريبة القيمة المضافة ورسوم التسجيل العقاري وغيرها. وأصبح صندوق تحيا مصر يمتلك مجموعة متنوعة من الأصول وله الحق في تأسيس الشركات أو شراء الأسهم في شركات قائمة بالفعل في كل من القطاعين العام والخاص[26].

وقد استحوذ الجيش على العديد من الشركات الخاصة المربحة، بما في ذلك مزارع الأسماك، وشركات تعدين الذهب، وشركات التنقيب عن الرمال السوداء، بحجج واهية في كثير من الأحيان[27]. ويقال إنه يحاول الآن الاستحواذ على شركة جهينة، وهي شركة ألبان وعصائر رائدة في السوق المصري. حيث قامت الأجهزة الأمنية بسجن مؤسس جهينة المُسن صفوان ثابت ووضعه في الحبس الانفرادي، قبل سجن نجله وخليفته كرئيس تنفيذي للشركة، بسبب صلات مزعومة بجماعة الإخوان المسلمين[28]، في حين أن التقارير تشير إلى أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو أن عائلة ثابت قاومت الضغوط التي مورست عليهم لتسليم أصول الشركة إلى الدولة والجيش[29].

هذه الخطوات والممارسات المختلفة تشكل ضغوطاً على القطاع الخاص تماما كما تُشكّل السياسات المالية والاقتصادية للحكومة تُشكل ضغوطاً على عامة الناس. وانعكاساً للضغوط التي يمارسها النظام على القطاع الخاص بشكل أساسي، يتراجع ترتيب مصر في مؤشر الحرية الاقتصادية الذي تصدره مؤسسة التراث الأمريكية (هيريتيج فاونديشن) حيث احتلت المركز 130 من أصل 178 دولة[30]. بالتأكيد ليس هذا هو القطاع الخاص القوي الذي تحاول الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى المساعدة في إنشائه منذ عقود[31]. حيث يؤدي استهداف القطاع الخاص، خصوصاً؛ وقطاع الأعمال العام، بشكل عام، بُغية الحصول على المزيد من الإيرادات –  بشكل مباشر إلى خفض الطلب.

ويتجلى ذلك في انخفاض واردات الخدمات وكذلك السلع الرأسمالية والوسيطة والاستهلاكية. ففي عام 2020، شكل إجمالي الواردات 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي أقل نسبة منذ عام 1973 وأكثر بقليل من نصف الواردات في عام [32]2008. ولكن على الرغم من الانخفاض الكبير في الواردات، فإن الانخفاض في الصادرات الذي تزامن مع ذلك يعني أن الميزان التجاري لمصر لم يتحسن[33]. فقد سجل عام 2020 زيادة قدرها 10 مليارات دولار في المنطقة الحمراء مقارنة بعام 2010 وزيادة (في المنطقة الحمراء) قدرها 5 مليارات دولار مقارنة بعام 2016، وذلك عندما بدأت مصر في إجراءات الإصلاح التي اشترطها صندوق النقد الدولي[34]. وهناك مؤشر آخر على تراجع الطلب وهو مؤشر مديري المشتريات، وهو مقياس قائم على استطلاع آراء رجال الأعمال بخصوص ظروف السوق. حيث تعكس النتيجة ما فوق 50 درجة حالة التفاؤل التجاري. ولكن منذ عام 2016، كان متوسط مؤشر مديري المشتريات في مصر أقل بكثير من 50 درجة، بينما كان متوسط المؤشر أعلى من نقطة التعادل[35] في الفترة من 2012 إلى 2016، باستثناء الأشهر القليلة التي سبقت وأعقبت انقلاب يوليو 2013 مباشرة.

على خُطى النموذج اللبناني

يؤكد تحليل للباحث إسحاق ديوان للأداء الاقتصادي لمصر في عهد السيسي على الأثر السلبي العميق لتوسيع سيطرة وملكية الجيش. حيث يرى ديوان أن الاقتصاد العسكري أقل قدرة إلى حد كبير على تحقيق النمو الاقتصادي المناسب في اقتصاد تسيطر عليه المحسوبية التي سادت في ظل نظام مبارك. ويجادل ديوان بأن السبب في ذلك هو أن ضباط الجيش يحتكرون الأسواق والموارد أكثر من المحاسيب من المدنيين؛ في حين أن شركاتهم أقل كفاءة حتى من الشركات المملوكة للمحاسيب الكبار؛ مما يخيف المستثمرين من القطاع الخاص؛ بالإضافة إلى أن خوف الضباط من الاضطرابات الشعبية يدفعهم إلى جعل صنع القرار الاقتصادي والسياسي أكثر مركزية[36].

ويشير تحليل ديوان إلى أن التدهور الاقتصادي في مصر تحت حكم السيسي هو في الحقيقة بنيوي بطبيعته – وليس نتيجة تباطؤ مؤقت في التوظيف والإنتاج والطلب – وبالتالي فإنه من غير المحتمل أن تنعكس النتيجة حتى لو أصبحت البلاد نموذجاً حقيقياً لتطبيق الإجراءات الإصلاحية لصندوق النقد الدولي. وعلى الأقل من أجل تقديم دعم مفاهيمي للحجج التي يسوقها الباحث، فإن هناك أوجه تشابه ملحوظة بين الاقتصاد اللبناني المنهار بشكل كبير هذه الأيام والاقتصاد المصري المتعثر حالياً.

فقد اعتمد النموذج الاقتصادي اللبناني الذي ظهر في أعقاب الحرب الأهلية (1975-1990) على ربط العملة المحلية بالدولار؛ وعلى معدلات فائدة تتجاوز التضخم المرتفع بهدف جذب الودائع المصرفية وعمليات شراء الدين الحكومي من قِبل المواطنين بالداخل، والأجانب، والمواطنين المغتربين؛ وعلى “الهندسة المالية” التي يقوم بها البنك المركزي، الذي شارك أيضاً بشكل كبير في اقتراض العملات الأجنبية. وفي نهاية المطاف، فشل هذا النموذج في لبنان لأن الثقة بخطة بونزي هذه (تتمثل في وعود بأرباح كبيرة، بينما يتم تمويل هذه الأرباح من تدفق رؤوس الأموال) قد تم تقويضها بمجرد أن غضبت المملكة العربية السعودية، المصدر الرئيسي للأموال في لبنان، على البلاد وأوقفت المساعدات والاستثمار بها، مما أدى إلى تجفيف تدفق “الدولارات الجديدة” اللازمة للحفاظ على مخطط بونزي في البلاد. والسؤال الذي يجب طرحه هنا عن النسخة المصرية من هذا النموذج اللبناني هو ما إذا كان بإمكان لمصر أن تنجو من مصير لبنان، باعتبارها “أكبر من أن تفشل”[37] (كما يقول البعض).

ومن الواضح أن مصر تعتمد في سداد خدمة الدين على “الدولارات الجديدة” تماما مثل لبنان. إن مثل هذه الاعتمادية، والتي تفوق الإيرادات المحلية نفسها، هي التي دفعت السيسي لممارسة المزيد من الضغوط المالية على الشعب. فمصر في حاجة إلى الوصول لمستوى عجز مقبول في الميزانية، وتوازن في الميزان التجاري، ورصيد من العملات الأجنبية، ومعدلات تضخم تسمح بمواصلة جذب العملات الأجنبية ومنع أقساط تأمين المخاطر من رفع تكلفة تلك الأموال المقترضة وصولا لمستويات غير مستدامة. وبالنظر إلى أن خدمة الديون تستهلك بالفعل حوالي 36% من الميزانية السنوية وتفوق إجمالي الإيرادات الحكومية، فإن أي زيادة كبيرة في أسعار الفائدة  في مصر، التي هي بالفعل من بين الأعلى في العالم، ستمثل تهديدا لقدرة اقتصادها على الصمود، بغض النظر عن كونها عميلاً نموذجياً لصندوق النقد الدولي.

والحقيقة أنه سيظل اقتراض الأموال في مصر بهذا الشكل، لعدم وجود مصادر أخرى كافية للتمويل الخارجي ولأن الاقتصاد المصري بعيد كل البعد عن تحقيق فوائض أو حتى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي. وباستثناء قطاعي الهيدروكربونات (النفط والغاز) والعقارات، فإن مصر تجذب القليل نسبياً من الاستثمار الأجنبي المباشر؛ وحتى بالنسبة لهذين القطاعين الرائدين، فإنهما يشهدان تراجعاً في ظل حكم السيسي. فقد انخفضت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر – كحصة من إجمالي الناتج المحلي –  من أكثر من 8% في (2005-2006) إلى أقل من 2% منذ انقلاب [38]2013. وبحلول عام 2020، كان الاستثمار الأجنبي المباشر – كحصة من الناتج المحلي الإجمالي – أقل من نصف ما كان عليه في عام [39]1979.

ومن بين مصادر العملات الأجنبية الأخرى، باستثناء القروض، فإن تحويلات العمالة المصرية بالخارج  (خاصة في دول الخليج) إلى مصر قد حازت على حصة متزايدة باستمرار. حيث تبلغ قيمة التحويلات المالية للعمالة المصرية بالخارج الآن 30 مليار دولار سنوياً، وتمثل أكثر من إجمالي المصادر الثلاثة الرئيسية الأخرى للعملة الأجنبية منذ فترة طويلة: عائدات قناة السويس، وصادرات النفط والغاز، والسياحة. وهذا في الحقيقة يُعتبر نعمة ونقمة في آن واحد. فهذه التحويلات نفسها تستخدم بشكل كبير في شراء السلع الاستهلاكية (من قِبل متلقيها)، لذلك فقد تساهم في النمو الاقتصادي والاستثمار، ولكن بشكل غير مباشر فقط. في حين أن التحويلات التي تمر عبر القنوات المالية الرسمية توفر رأس المال للائتمان، حيث أصبحت البنوك المصرية، مثلها في ذلك مثل البنوك اللبنانية، تعتمد بشكل كبير على الحكومة كعميل رئيسي لها. وانخفضت حصة القطاع الخاص المصري من الائتمان من 55% في عام 2001 إلى 34% في عام 2016 إلى 27% في عام 2020، بينما بلغ المتوسط العالمي 59% العام الماضي[40]. وتوفر الودائع البنكية الناتجة عن التحويلات ائتماناً للحكومة يفوق كثيرا ما توفره لعملاء القطاع الخاص.

مشكلة ديون السيسي

إن مصر السيسي، التي تشبه إلى حد كبير مصر في عهد الخديوي إسماعيل في الستينيات من القرن التاسع عشر، ستكون مجبرة أكثر من أي وقت مضى على الاعتماد على الائتمان الأجنبي للاستمرار في نهج الإسراف في الإنفاق. فمصر، بالإضافة إلى المغرب،  تعد من أكبر الدول اقتراضاً من الخارج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ففي عام 2021، بلغ الدين الخارجي لمصر 137 مليار دولار، أي ما يقرب من ضعف ما كان عليه عندما قرر صندوق النقد الدولي في عام 2016[41]  تمديد قرضه البالغ 12 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات. وبلغ إجمالي الدين القومي، الذي يشمل الاقتراض المحلي والخارجي، نحو 370 مليار دولار، حيث تضاعف أربع مرات منذ عام 2010، مع زيادة بنسبة تزيد عن 100%  بين عامي 2017 و 2020. ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الدين إلى 557 مليار دولار بحلول عام [42]2026. وقد بلغ نصيب الفرد من الدين 3,238 دولاراً في عام 2020 مقارنة بـ 2,032 دولاراً في عام 2010. وفي عام 2021، احتلت مصر المرتبة 158 بين 189 دولة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي والمرتبة الـ 100 في نصيب الفرد من الديون[43]. وتبلغ نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر حالياً 91.6%، مقارنة بـ 87.1% في عام 2013، عندما قاد السيسي الجيش للاستيلاء على السلطة في البلاد[44].

ولكن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي – المرتفعة بطبيعة الحال – تقل فعلياً عن الرقم الحقيقي، حيث تبتكر الحكومة المصرية، مثلها في ذلك مثل لبنان، عمليات محاسبية إبداعية تقوم بموجبها بتحويل الدين العام إلى دفاتر لكيانات أخرى مملوكة للدولة. حيث يُنسب 54% فقط من الدين الخارجي لمصر رسمياً إلى الحكومة حالياً، بينما هناك 25% أخرى مستحقة على البنك المركزي و 23 مليار دولار أخرى على بنوك مملوكة للدولة ومؤسسات أخرى. وفي عام 2010، تجاوزت الحصة الرسمية للحكومة من الدين الخارجي 90%. ولكن حتى استناداً إلى حجم الدين الخارجي للحكومة الذي يتم خفض قيمته حالياً بشكل كبير، فقد تضاعف هذا الدين على أساس نصيب الفرد خلال العقد المنتهي في عام 2021.

لقد أصبحت مصر أكبر عميل لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين، حيث حصلت على 20 مليار دولار من خلال ثلاثة قروض رئيسية منذ عام 2016، وهو ما يتجاوز بكثير حصة صندوق النقد الدولي، وبالتالي فإنه يتم فرض رسوم إضافية على أسعار الفائدة. كما يتم دعم مصر من خلال ائتمان بمليارات الدولارات: من البنك الدولي (600 مليون دولار)، وبنك التنمية الأفريقي (300 مليون دولار)، ومجموعة من الدول المقرضة الأخرى (بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف)[45]، حيث تبلغ حصة ألمانيا وحدها مبلغ 2.8 مليار دولار من القروض التي قدمتها لمصر والتي لم يتم تسديدها بعد[46].

ولإشباع شهيتها الشرهة للاستدانة تُضطر الحكومة إلى الاعتماد بشكل أكبر على المقرضين الأجانب من القطاع الخاص. ففي ديسمبر 2021، قيّمت مجلة الإيكونوميست البريطانية الاقتصاد المصري باعتباره ثالث أكثر الاقتصادات عرضة لارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم، بعد الأرجنتين وسريلانكا[47]. ويتم كذلك شراء نسبة كبيرة ومتنامية من الديون “المحلية” الصادرة بالجنيه المصري من الخارج: ففي نهاية عام 2020، كان الأجانب يمتلكون ما قيمته 21 مليار دولار من أذون الخزانة والسندات المقوَّمة بالجنيه المصري، أي نحو 10% من الإجمالي[48]. وفي عام 2021، كان غير المصريين يمتلكون 26 مليار دولار من أذون الخزانة القابلة للسداد بالدولار ولكنها غير مدرجة في إجمالي الدين الخارجي[49]. ومن المحتمل أن يكون عامل الجذب (الخطير) للمقرضين هو أسعار الفائدة التي تُعتبر من بين الأعلى على مستوى العالم. حيث تأتي أسعار الفائدة في مصر، والتي تزيد عن 12% سنوياً، على رأس قائمة بلومبرج للفوائد التي تدفعها 50 دولة من دول الاقتصاديات الناشئة[50]. وحتى الآن كان هناك كثير من المقرضين الراغبين في الإقراض (مع استثناء ملحوظ لربيع 2020، عندما انتشر الذعر بينهم بسبب المخاوف من أن جائحة كورونا قد تدخل مصر في حالة إعسار؛ حيث سحبوا في غضون أسابيع 18 مليار دولار، أو حوالي 60% من الأموال التي استثمروها في أذون الخزانة المصرية).

ويستهلك سداد فوائد١ض الديون المحلية والأجنبية الآن أكثر من ثلث ميزانية مصر، أي أكثر من ضعف المبلغ في عام [51]2009. ويعتمد البنك المركزي على قروضه بالعملة الأجنبية لدعم سعر الصرف وبالتالي جذب التدفقات الائتمانية الخارجية. وهذا السلوك أيضاً يشبه الممارسات التي يقوم بها مصرف لبنان. وأحد مظاهر المحاسبية الإبداعية في مصر هو عرض احتياطيات العملات الأجنبية التي يحتفظ بها البنك المركزي، والتي يُزعم حالياً أنها تتجاوز 40 مليار دولار. ولكن الحقيقة أن أكثر من نصف هذا المبلغ مستحق لسداد القروض قصيرة الأجل، مما يشير إلى أن غطاء الواردات الحقيقي للبلاد هو نصف مدة الأشهر الثمانية المزعوم تغطيتها، أي أربعة أشهر فقط – وحتى تغطية ثمانية أشهر تُعتبر أقل من المستويات التي يوصى بها.

وباختصار، فإن الاقتصاد المصري يشهد  انحداراً يشبه في ذلك التدهور الاقتصادي الذي أدى إلى كارثة لبنان. فقد  أدى الحفاظ على سعر صرف مبالغ فيه للسيطرة على التضخم، إلى جانب أسعار الفائدة العالمية التي تؤدي إلى تحويل الجزء الأكبر من الائتمان المحلي إلى الحكومة، مما نتج عنه تآكل القطاع الخاص في كلا البلدين. وأدت سياسات السيسي أيضاً إلى التدني في: نسبة الطلب المحلي، نسب فرص العمل المتوفرة، ونسبة صادرات السلع والخدمات. ورفعت الحكومة من معدل الاعتماد على التدفقات الوافدة لرأس المال، والتي تشكل التحويلات المالية نسبة كبيرة منها. لكن هذه التحويلات تنجذب أيضاً إلى أسعار الفائدة المرتفعة، تماما كما حدث في لبنان، لذا فهي أيضاً عرضة للاضطرابات المفاجئة.

أكبر من أن تفشل؟

لكن مصر ليست لبنان، بالنظر لأحد الجوانب الحاسمة في ذلك: حيث يُنظر إلى مصر على نطاق واسع على أنها أكبر من أن يُسمح لها بالفشل، في حين أن لبنان أصغر من أن تضمن الحصول على الدعم الخارجي المناسب. وتنعكس الأهمية الجيوستراتيجية لمصر بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا وروسيا، وحتى للصين بشكل متزايد، في النسبة الأعلى التي تحصل عليها من الائتمان الخارجي المقدم من المؤسسات العامة متعددة الأطراف والوطنية، مقارنة بما كان عليه الحال في لبنان، والذي كان أكثر اعتماداً على تدفقات رأس المال الخاص.

ومن واقع إدراكه الجيد للمزايا الجيوسياسية لمصر، فقد ركز نظام السيسي على استخدام سياسة التلويح بالجزرة والتهديد بالعصي تجاه داعميه الأجانب أكثر من التركيز على تصحيح أوجه القصور في اقتصاد البلاد. فبالنسبة للجزرة الذي يقدمها نظام السيسي فتأتي في شكل خدمات دبلوماسية يوفرها لهذه الدول، كما كان الحال في أحداث فلسطين وإسرائيل أو الوضع في ليبيا، وحتى في مناطق أبعد من ذلك، في اليمن وسوريا، بالإضافة إلى تنويع مشتريات الأسلحة، مما يكاد يجعل الجيش المصري تحت قيادة السيسي بمثابة أمم متحدة حقيقية بالنسبة لتنوع المعدات العسكرية. وتتمثل أكبر عصا في يد السيسي في التهديد الواضح من حين لآخر بإغراق أوروبا بالمهاجرين غير الشرعيين. وقد رفع السيسي هذا الرهان مؤخراً من خلال الزعم بأن مصر تستضيف ستة ملايين لاجئ، داعياً إلى دعم مالي إضافي من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به وغيرها من الدول[52].

لقد أصبحت مصر السيسي دولة متسوّلة، بعيدة كل البعد عن الماضي القريب نسبياً للبلاد، ناهيك عن وضعها إبان عهد عبد الناصر، عندما كانت تلعب دوراً أكثر استقلالية وحسماً في المنطقة وخارجها. أما فيما يخص السؤال حول ما إذا كان هذا النموذج مستداماً بشكله الحالي أم لا، فهو في الحقيقة سؤال مفتوح الإجابة. فالتهديد الأساسي باحتمالية استمراره هو حالة التبعية والركود للاقتصاد، حيث يعتمد أكثر من أي وقت مضى على الدعم الأجنبي بشكل متزايد. لقد أثبت الحال الذي وصل إليه اقتصاد لبنان بالفعل المخاطر المترتبة على مثل هذا النموذج. وفي الحالة اللبنانية، قررت دول العالم المعنية بالأمر أن دعم 6.7 مليون مواطن لبناني لا يستحق التكلفة، مقارنة بالمكاسب الجيوستراتيجية الهامشية المتواضعة التي قد تتحقق هناك. ولكن من الواضح أن الحفاظ على 102 مليون مواطن في مصر، والذي ينمو سنوياً بمقدار مليوني نسمة، سيتطلب التزامات أكبر بكثير من الحالة اللبنانية. ومن المشكوك فيه ما إذا كان “أصدقاء” مصر سيستمرون في رؤية هذه الالتزامات بأنها جديرة بالاهتمام لأسباب غير اقتصادية في المستقبل غير المنظور. وفي اللحظة التي سيبدو فيها “أصدقاء” مصر مترددين في تقديم الدعم لها، فإن المستثمرين من القطاع الخاص في الائتمان المصري سوف يندفعون بحثاً عن مخرج للهروب، كما فعلوا في مصر في ربيع عام 2020، وفي لبنان من قبل.

لقد كانت عواقب انهيار الثقة في لبنان مدمّرة، لكنها لن تكاد تُذكر إذا تكررت هذه المأساة على النطاق المصري. لذلك، فمن الأفضل أن يتخذ داعمو مصر خطوات تصحيحية للأوضاع في البلاد قبل حدوث ذلك، بدلاً من استمرارهم في الانغماس في دعم خديوي مصر المعاصر''.

بعد دفن أحزاب المعارضة المصرية بتواطؤ رؤسائها وقياداتها فى مقابر الجنرال السيسي.. السيسى نجح فى مسح نضال أحزاب المعارضة المصرية باستيكة وجعلها ألعوبة فى خدمة ماربة الاستبدادية الشخصية بعد ان فشل قبلة طغاة سابقين فى ترويضها


رابط الموضوع فى حالة اجتياز حجب السلطات

بعد دفن أحزاب المعارضة المصرية بتواطؤ رؤسائها وقياداتها فى مقابر الجنرال السيسي..

السيسى نجح فى مسح نضال أحزاب المعارضة المصرية باستيكة وجعلها ألعوبة فى خدمة ماربة الاستبدادية الشخصية بعد ان فشل قبلة طغاة سابقين فى ترويضها


الكاتب الصحفى أنور الهواري يكتب: شماتة الأموات في الأموات

قررت حقبةُ ما بعد 30 يونيو 2013م أن تصل بمنسوب الديمقراطية إلى نقطة الصفر ونجحت في ذلك. وبالتوازي مع ذلك، قررت أن يكون منسوب المعارضة عند نقطة الصفر ونجحت في ذلك كذلك. استغرقت هذه العملية ما يقرب من ست سنوات من منتصف 2013م إلى منتصف 2019م.

فعلى مدى اثنين وسبعين شهرًا تم -بنجاح- مسح المعارضة من جذورها، سواء معارضة دينية أو مدنية، وسواء كرتونية مستأنسة أو فعلية حقيقية، وسواء يمينية أو يسارية، بما في ذلك المعارضة التي درجت الأجهزة الأمنية على تصنيعها ورعايتها وكفالتها من الباطن حسب رؤية كل جهاز وحسبته ومصالحه، يستوي في ذلك المعارضات القديمة التي تعود إلى القرن العشرين أو المعارضات التي استجدت مع الحراك الاحتجاجي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.

عجزت كل أنواع المعارضة عن مواجهة هذا الاجتثاث بما ينطوي عليه من استئصال كامل، فانطقأت فاعليتها بصورة كاملة، ولم يتبق منها غير اللافتات والأسماء والعناوين التي أصبحت بمثابة شواهد فوق قبور تضم أعظم ورفات كيانات معارضة طالما ملأت السياسة المصرية صخبا وضجيجا.

هذا العجز مستمر، وسوف يستمر، طالما بقيت ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو مطمئنة مستقرة، وهي بالفعل مطمئنة مستقرة سواء بدواعي القوة الخشنة التي تلجأ إليها لقمع كل مبادرة يلوح منها بصيص المعارضة، أو بدواعي ما توفره من أمان واستقرار وانتظام عمل المرافق والمؤسسات وبسط النظام وفرض القانون، أو بدواعي ما تنجزه من مشروعات تستفيد منها قطاعات متزايدة من قوى الانتفاع ومن جموع المواطنين، حتى لو كان تنفيذ هذه المشاريع يتم بدون شفافية ولا مساءلة ولا محاسبة، وسواء كانت تتم بديون أجنبية واستدانة غير مسبوقة في تاريخ المالية العامة المصرية، وفضلا عن ذلك كله، فإن ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو سوف تظل مطمئنة مستقرة طالما بقي الإقليم من حولها مضطربا بين جكومات عاجزة ومعارضات ضالة سواء في الشق الآسيوي من العالم  العربي أو في الشق الأفريقي منه.

ففي مثل هذا السياق المحلي والإقليمي تبدو ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو ضرورة وجودية سوف تستمر موجودة ما بقيت دواعيها، وسوف تستمر طالما بقيت الديكتاتورية بما تنطوي عليه من جبر وقهر أحفظ لتماسك الدول والمجتمعات من الديمقراطية المستجدة الناشئة بما تنطوي عليه من اختيارات يغلب عليها التجريب، وبما تنطوي عليه من حريات لا تجد من يحسن استخدامها ولا من يوظفها في خدمة المصالح العامة بتدرج ورشد ونضج وعقل.

**********

نجحت ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو 2013م في أن تقلب تاريخ المعارضة المصرية في القرن الحادي والعشرين من النقيض إلى النقيض، من ذروة الازدهار في السنوات العشر الأولى والتي توجت بثورة 25 يناير 2011م، إلى الاضمحلال التدريجي في العشرية الثانية فلا تكاد تسمع للمعارضة صوتا ولا همسا.

وبدل أن تتوقف المعارضة مع نفسها، وتدرس لماذا وكيف حصل ما حصل لها من الهزيمة، وكيف ومتى يمكن الخروج منها، بدلا من ذلك ذهبت تنساق لمزاج الهزيمة وما يصاحبه من تأزمات نفسية وضلالات ذهنية تصور الواقع على غير ما هو عليه، وتضل عن دراسة الأسباب والنتائج، وتنكر مسؤوليتها عما لحق بها، وتتمادى في الضلال النفسي والذهني وتبحث عمن تلقي عليه باللائمة وتحمله مسؤولية إخفاقها وعجزها وفشلها.

عقلية الهزيمة -التي لم تكن متوقعة- امتلأت بالمرارة والحزازات والضغائن والأحقاد بصورة أعمت البصائر قبل الأبصار، ومن ثم وقع العقل تحت ضغط أسوأ أنواع الانفعالات العصبية التي فقد أصحابها القدرة على التحكم فيها، مثلما فقدوا القدرة على التفكير بمعزل عن تأثيرها وتضليلها، فذهبوا يصنعون عداوات لا لزوم لها، وذهبوا يهدرون طاقاتهم في معارك لا طائل منها، وذهبوا يسرعون الخُطى على طريق الاضمحلال، سواء كان اضمحلالا مؤقتا أو كان اضمحلالا دائما.

**********

من السابق لأوانه حسم ما إذا كان اضمحلال المعارضة مؤقتا بوجود ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو 2013م أو أنه اضحلال نهائي مستمر بعدها .

وبكل يقين، فإن الديكتاتورية إذا كانت قد نجحت في استئصال المعارضة إلا أنها لم تنجح ولن تنجح في استئصال دواعي الغضب في نفوس قطاعات واسعة من الشعب، هو -بسطوة القمع- غضب صامت وكامن وعاجز، ولكن دوام الحال من الحال، وفي أجل قريب أو بعيد، سوف تتوفر لهذا الغضب الصامت الكامن العاجز العوامل ليكون غضبا ناطقا ظاهرا قادرا، وساعتها ربما تجدد المعارضات التي اضمحلت وجودها من جديد، وربما تنشأ معارضات جديدة تحمل صفات المستقبل، وربما يحوي المشهد المقبل خليطا من القديم والجديد .

ولكن إلى أن يحدث ذلك في أجل غير معلوم، فسوف يظل رفات المعارضة المضمحلة ينتج أسوأ الظواهر المرضية السقيمة البائسة التعيسة ومنها تلك الظاهرة الصاخبة: شماتة الأموات سياسيا – وأغلبهم من المعارضة الدينية وبعض المعارضة الثورية- فيمن يتوفاهم الموت من خصومهم السياسيين .

لست أتكلم هنا من منظور الأخلاق، فأخلاق الجميع محل احترام وتقدير، لكن النقاش هنا يتركز على السياسة، فهذا الشماتة هي سلوك سياسي بالدرجة الأولى، وهي مظهر من مظاهر الصراع، وربما يكون الأداة الأخيرة في يد الأطراف الأضعف، وربما يكون الأداة الوحيدة لتنفيس ما في الأنفس من قهر، وربما يكون الأداة الوحيدة للتعبير عما أدرك العقول من ضلال في التفكير، وربما تكون آخر ما تملكه قوى الاضمحلال من مشاريع وأفكار تكشف ما أدرك هذه القوى من تكسير وصل إلى حدود التكسيح وربما الشلل الكامل .

*********

الشماتة التي تُبديها بعض الأصوات الشبابية من قوى الثورة يفسرها حداثة التجربة ونقص الخبرة وصدمة التجربة المباغتة بين النجاح المباغت للثورة ثم الارتداد العنيف عليها، وأغلب هؤلاء شباب كانوا فوق العشرين ودون الثلاثين، ولم يزاولوا العمل العام إلا قبيل 2011م أو معها أو بعدها. الارتجاج النفسي والذهني هنا مبرر ومفهوم وله شرح وتفسير، فقد تم رفعهم في السماء أيام 25 يناير مع ألقاب يحبونها مثل الثوار والنشطاء إلى آخره، ثم بعد 30 يونيو تم تجريدهم من كل فضيلة ونُسبت إليهم كل نقيصة وعن قصد وعمد خُططت ومُولت ونُفذت حملات إعلامية ضخمة لتشويههم ونزع كل غطاء وطني أو أخلاقي أو إنساني عنهم .

ويظل هؤلاء الشباب -من قوى الثورة- رغم قلة عددهم ورغم نقص خبرتهم ورغم أنهم لم يعمروا في السياسة أطول من برهة قصيرة خاطفة، رغم ذلك كله فإنهم كانوا ومازالوا الهاجس الأكبر في دماغ ديكتاتورية ما بعد 30 يونيو، فهي تريد أن تطمئن إلى أن مثل هذه النوعية من الشباب -الذين كانوا طليعة الاحتجاج في سنوات ما قبل ثورة 25 يناير- قد اختفت بذورها وتم اقتلاعها من جذورها، وأنهم كظاهرة ثورية لن ينبتوا من جديد أبدا .

***********

الشماتة التي تُبديها القوى القديمة لا تقتصر على الإسلاميين وحدهم، لكن الإسلاميين هم القوة الغالبة فيها، ثم هم يجعلون منها حربا بين الحق والباطل، وليست مجرد مشاعر سلبية تتشفى فيمن قد مات، ولذلك -من الناحية الفعلية- تُنسب لهم وحدهم، وليس في ذلك تجنيا عليهم ولا مجافاة للموضوعية في الكتابة أو الشهادة، فهم لا يمارسون الشماتة كمجرد التعبير عن الارتياح السلبي لموت هذا الخصم أو ذاك، ولكن هم يستغلونها لحظة حرب يمارسون فيها كل أشكال الانتقام التى تجرد من قد مات من كل خلق ومن كل فضية وتنزع عنه رداء الستر والتوقير والاحترام.  فالشماتة -عند الإسلاميين- هي استباحة كاملة لكل حرمات من قد مات، استباحة لسمعته وشرفه وكرامته ولكل ما أمرت الأديان والأعراف والأخلاق بحفظه وصيانته 

هذه الشماتة من الإسلاميين في موت خصومهم لا يسهل تبريرها، إذ الإسلاميون مروا بتجارب كثيرة بين صعود وهبوط وبين تقدم وتراجع وبين عافية ومحنة على مدى يقرب من قرن من الزمن، والطبيعي أن تكون هذه التجارب قد زودتهم وزانتهم  بالحكمة والبصيرة ليحسنوا التعامل مع ما تسمح به الأيام أو ما تكشف عنه الأيام من عسر ومحنة. صحيح أن الإسلاميين مروا في السنوات العشر بأعنف المحن، فمن ذروة الذروة إلى قاع القاع، ومن قمة المجد إلى قاع الإنحدار، أخذوا كل شيء في غفلة من الزمن ثم فقدوا كل شيء في الغفلة ذاتها، فلم يأخذ الزمن فرصته ليرمش بعينيه، في لحظة خاطفة تزاوج الحلم والكابوس، وفي لحظة واحدة كانت قدم في القصور والقدم الثانية في زنازين السجون، في لحظة واحدة صعدوا سابع سماء لتنخسف بهم سابع أرض. هنا -كذلك- الارتجاج العصبي والذهني والنفسي وارد تماما، خاصة أنهم تعرضوا لحملات غير مسبوقة من الاتهام والتجني والتشويه والاستئصال الكامل ليس في مصر وحدها ولكن في عدد كبير من الدول العربية .

***********

الشماتة ليست هي الخطر الأكبر في سلوك الإسلاميين، الخطر الأكبر هو ما تكشف عنه هذه الشماتة من عقليتهم السياسية، وأقصد بالعقلية السياسية قراءتهم غير الواقعية لما يمرون به من تجارب، وخاصة تجربة الصعود السريع ثم السقوط السريع، الاستحواذ الكامل على كل شيء ثم الفقد السريع لكل شيء، الارتفاع إلى سابع سماء ثم الانخساف تحت سابع أرض .

عقلية الإسلاميين السياسية هي مركب ذهني – نفسي متصلب، ينسب كل ضرر وقع بهم إلى غيرهم، ولا ينسبونه إلى أنفسهم، ما يقع بهم من ضرر هو مؤامرة من الآخرين .

هذه العقلية تنكر أن يكون ما أصابها هو من نتاج ما تتبناه من تصورات للواقع، وهو نتاج لما ينبني على هذه التصورات من قرارات، وهو نتاج لما ينبني على هذه القرارات من سياسات عملية في الواقع، ونتاج لاصطدام هذه السياسات -المبنية على تصورات وقرارات خاظئة- بالواقع الذي يتصورونه كما يرغبون وليس كما هو على وجه الحقيقة .

من هذه السلسة تنشأ محنة الإسلاميين: تصورات للواقع غير مطابقة للواقع، ثم قرارات مبنية على تصورات خاطئة، ثم سياسات مبنية على قرارات خاطئة، ثم اصطدام ذلك كله -في نهاية المطاف- بالواقع كما هو وكما خلقه الله وليس كما يتصورونه وهم قابعون في الخلايا التربوية التي هي ليست أكثر من كهوف ومعازل عن الواقع وليست منه في شيء .

***********

عقلية الإسلاميين -كمركب ذهني ونفسي- تتشكل في معازل أشبه ما تكون بالكهوف عبارة عن خلايا تحمل كل واحدة منها اسم “الأسرة” مكونة من خمسة أفراد يجتمعون بانتظام، بصورة دورية، وبصورة سرية غير معلنة، وعليهم مرشد يحمل لقب نقيب الأسرة، يحفظون آيات من الذكر الحكيم وبعض الحديث الشريف ويقرأون بعض الفصول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ينسجون من ذلك كله عالما متخيلا، عالما كله خيال محض، يقوم على توهم أنهم -في معزلهم هذا- يمثلون الإيمان، وهم امتداد نضالي للمؤمنين الأولين الذين حملوا أمانة الدين الجديد وصمدوا بها في وجه المشركين في مكة والكفار في جزيرة العرب والعالم .

في داخل هذه العقلية، عقلية الخلية الضيقة، أو عقلية الكهف السري المنعزل، تتشكل البنية الذهنية – النفسية لأجيال من الإسلاميين يحملون تصورات غير مطابقة للواقع عن ذواتهم الفردية والجماعية ثم عن زمانهم ومكانهم ثم عن الدين ذاته ثم عن السياسة ذاتها ثم عن التاريخ الإنساني منذ كان، هذا العقلية – كمركب ذهني – نفسي – تنتج لأصحابها ما يرغبونه ويحبونه ويتمنونه ويشتهونه من واقع وأفكار وعوالم وسرديات تسعدهم وتمنحهم الرضا واليقين، وليس مهما إذا كانت خاطئة، فالخطأ عندهم غير وارد وحل محله اليقين المطلق.. فهم يعيشون باليقين المحض الذي لا شك فيه أنهم على صواب، وأن تنظيمهم خير تنظيم، وقيادتهم محل ثقة، وجماعتهم خير جماعة، وطريقهم هو الطريق الوحيد الذي لا بديل عنه ولا شك فيه من قريب ولا من بعيد .

***********

هذه العقلية، بهذه المواصفات، اندفعت بعد 25 يناير 2011م، دون احتراس، ودون حذر، ودون شك، ودون أدنى تقليب للأمور على كل وجوهها، اندفعت -تحت إغواء فراغ السلطة – إلى الوقوع في كل الفخاخ، وهم يتصورون أن التاريخ قد دانت مقاليده بين أيديهم، ولم يراودهم الشك أن التاريخ هو سلطان المكر وملك الدهاء .

كان العقل الطبيعي  يقتضي أن يقضموا ما يستطيعون مضغه، ثم يمضغوا ما يستطيعون بلعه، ثم يبلعوا ما يستطيعون هضمه، ثم يهضمون ما تستطيعه معدتهم، ثم ما يستطيعون تصريفه دون مضاعفات تضر بهم .

لكن عقل الخلية، أو عقل الكهف، قادهم في سياق ينتقلون فيه من تصورات خاطئة إلى قرارات خاطئة إلى سياسات خاطئة ثم إلى أكبر وأضخم صدام -في تاريخهم- مع الواقع الصحيح الذي لم يكونوا يعرفونه على حقيقته .

كان العقل الطبيعي يقتضي التريث وليس الاندفاع إلى أبعد حدود الاندفاع  بحيث تتم إدارة عملية انتقال هادئ منظم تدريجي :

– من وضع كانوا فيه ممنوعين من الاعتراف القانوني منذ صدامهم الأول مع الملك فاروق 1948م ثم صدامهم الثاني مع ثورة 23 يوليو في أزمة مارس 1954م .

– كانت الخطوة الأولى إذن الحصول على اعتراف قانوني بشرعيتهم داخل نظام الحكم .

– ثم تكون الخطوة الثانية تأهيل النفس وتدريبها على الحياة الطبيعية العلنية فوق الأرض بعد عقود من العمل السري تحت الأرض .

ثم تكون الخطوة الثالثة توسيع نصيب المشاركة السياسية في البرلمان والنقابات دون السعي للغلبة والاستحواذ .

ثم تكون الخطوة الرابعة تأجيل إغراء الترشح للرئاسة تأجيلا كاملا والاكتفاء بتأييد هذا أو ذاك 

ثم تكون الخطوة الخامسة تطبيعا هادئا للعلاقات مع عموم الشعب بكل نسيجه القومي .

ثم تكون الخطوة السادسة بتجديد الأفكار وتطوير التنظيم في اتجاه الحرية والديمقراطية .

ثم تكون الخطوة السابعة تذويب الشكوك المتبادلة مع الدولة وأجهزتها .

ثم تكون الخطوة الثامنة علاج مخاوف شركاء الوطن .

ثم تكون الخطوة التاسعة الخروج الآمن كهوف التنظيم إلى رحابة الوطن .

ثم تكون الخطوة الأخير تمصير المنظومة كلها والدخول في صميم الإطار الوطني .

***********

لم تسلك عقليةُ الخلية أو عقلية الكهف المنعزل ما يقتضيه العقل الطبيعي .

– ذهبت تكرر الأخطاء القديمة بحذافيرها، منحت نفسها للعسكريين حتى يتخلصوا من خصومهم ثم يستديرون للتخلص منها بسهولة ويُسر .

هذه العقلية لم تمارس ما يمارسه العقلاء من شك حين منحهم من أداروا الفترة الانتقالية بعد 11 فبراير 2011م من مزايا، فلم يساورهم الشك في: لماذا يُقبل ترشحهم ويُرفض ترشح اللواء عمر سليمان؟ ولماذا يُعلن فوزهم وليس فوز الفريق أحمد شفيق؟

***********

بكل يقين، الإسلاميون في محنة يتمزق لها قلب كل ذي ضمير حي.

وبكل يقين كذلك، هذه المحنة هم صانعوها وليس أحد سواهم .

وبكل يقين ثالثا، وهم -دون غيرهم- المسؤولون عن محنتهم، وعليهم يقع اللوم، ما بين قيادة اختارت الاندفاع في قلب المجهول، وما بين قواعد اندفعت وراء القيادة، بموجب ما لها عليهم من حق البيعة وواجب الطاعة، وهما معا: البيعة والطاعة فكر سياسي قديم لا يصلح لهذا العصر، لأنه لا يأتي بغير الكوارث على من بايع وبويع وعلى من أمر وعلى من أطاع .

**********

بإختصار شديد: شماتة الأموات سياسيا فيمن يتوفاهم الموت هي عنوان سياسي على ما هو أخطر :

وهو الاضمحلال التام والذي قد يكون مؤقتا وربما يكون دائما.

الجمعة، 14 يناير 2022

"ارحل يا سيسي" يتصدر ترند مصر بعد تعهده بالاستجابة


"ارحل يا سيسي" يتصدر ترند مصر بعد تعهده بالاستجابة
تصدر هاشتاغ "ارحل يا سيسي" قائمة الترند في موقع التواصل "تويتر" في مصر، ليل الخميس، عقب ساعات من تصريحات رئيس النظام في مصر بأنه على استعداد للرحيل الفوري من منصبه إذا كانت هناك رغبة شعبية في ذلك.
وقال السيسي خلال "منتدى شباب العالم": "أنا دايما بقول أنا مستعد في كل سنة أعمل انتخابات في مصر بشرط واحد. إن ثمن تكاليف الانتخابات ادفعوها انتوا -يقصد المجتمع الدولي- والناس لو قالت لأ هسيبهم وأمشي".
وأضاف السيسي: "مش هو ده المعيار ولا إيه، إرادة الناس في مصر هي المعيار. الناس في مصر مش عايزاني أو مش عايزانا نمشي علطول ويجي حد تاني".
ولم تمض ساعات كثيرة حتى وتصدر وسم "ارحل يا سيسي" في مصر.



تسجيلات سرية حصرية تنفرد بنشرها بى بى سى تكشف آخر لحظات بن علي في رئاسة تونس


فى يوم ذكرى سقوط الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وفراره من البلاد
تسجيلات سرية حصرية تنفرد بنشرها بى بى سى تكشف آخر لحظات بن علي في رئاسة تونس
تسجيلات حصرية لم تسمع من قبل، للرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، بي بي سي  نيوز عربي تكشف عن سجل المحادثات الهاتفية التي أسدلت الستار على ثلاثة وعشرين عاما من حكم الديكتاتور، وأشعلت فتيل ثورات اجتاحت الشرق الأوسط.
 التسجيلات، التي هي محل جدل قوي من طرف البعض، تشير، على ما يبدو، إلى أنه بينما كانت الاحتجاجات تعصف بدولته البوليسية التي كان يُخشى جانبها، كان أقرب مساعدي الرئيس يناشدونه الفرار من البلاد ناجيا بجلده من غضب الشعب.

إدانة أممية لأوضاع احتجاز المرشح الرئاسي المصري السابق عبد المنعم أبو الفتوح بالتزامن مع تدهور حالته الصحية


إدانة أممية لأوضاع احتجاز المرشح الرئاسي المصري السابق عبد المنعم أبو الفتوح بالتزامن مع تدهور حالته الصحية 

خبر صحفي / ترجمة وتحرير منظمة : كوميتي فور جستس  / جنيف: 13 يناير/كانون الثاني 2022  


أعرب خبراء أمميون عن قلقهم البالغ بشأن الحالة الصحية التي تهدد حياة المرشح الرئاسي المصري السابق، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، نتيجة ظروف اعتقاله. 

– اعتقال بدون أمر قضائي وإدراج على قوائم الإرهاب: 

وأوضح الخبراء في مذكرتهم التي أرسلت للسلطات المصرية في 12 نوفمبر 2021، ولم يتم الرد عليها حتى الآن، أن “أبو الفتوح” من مواليد 15 أكتوبر 1951، وهو رئيس حزب “مصر القوية”، ومرشح رئاسي سابق، والأمين العام السابق لاتحاد الأطباء العرب، وقُبض عليه في مناسبات مختلفة بسبب أنشطته. 

وأضاف الخبراء أنه قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2018، أعرب مرارًا عن آرائه حول الوضع في مصر منتقدًا الحكومة، كما أجرى ثلاث مقابلات إعلامية دعا فيها إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وانتقد أجواء الخوف التي كانت في رأيه تحيط بالعملية الانتخابية.  

وأشار الخبراء الأمميون إلى أنه في 14 فبراير 2018، في حوالي الساعة 8 مساءً، قُبض على “أبو الفتوح” مع ستة من أعضاء المكتب السياسي لحزب مصر القوية، من مكتبه في منزله في القاهرة الجديدة، على ما يُزعم دون أمر قضائي، خلال اجتماع للحزب، ليمثل أمام نيابة أمن الدولة العليا في 15 فبراير 2018 في القضية رقم 440 لسنة 2018. وفي 19 فبراير 2018، أمرت محكمة جنايات القاهرة بإدراجه في قائمة الإرهاب لمدة خمس سنوات، ما ترتب عليه تداعيات عدة من بينها حظر السفر وتجميد الأصول. 

وتابع الخبراء بقولهم إنه في 20 فبراير 2020، أي قبل اثني عشر يومًا من انتهاء الحد الأقصى لمدة عامين للاحتجاز السابق للمحاكمة، تم وضع اسم “أبو الفتوح” في قضية جديدة رقم 1781 لعام 2019.  

 – أوضاع احتجاز غاية في السوء: 

وحول أوضاع احتجازه، قال الخبراء إنه بحسب التقارير فإن د. أبو الفتوح محتجز في عزلة منذ بداية اعتقاله، في زنزانة 3x2 متر وفي عنبر منفصل عن جميع الزنازين الأخرى. والوقت الذي يقضيه في التريض لمدة 90 دقيقة يوميًا، ومقيد بشدة داخل نفس الجناح دون وصول كافٍ لأشعة الشمس أو الهواء النقي، وليس بإمكانه الوصول إلى مكتبة السجن أو المسجد أو أي مساحة خارجية ولا يمكنه الاتصال إلا بالحراس، كما تم حرمانه من الكتب والصحف والمجلات والتلفزيون والراديو، ويمكنه الحصول على زيارة واحدة لمدة 20 دقيقة من وراء حاجز زجاجي شهريًا فقط من أفراد الأسرة المباشرين (منذ بداية عام 2020، فرد واحد فقط من أفراد الأسرة لكل زيارة)، بينما يُسمح بالاتصالات الكتابية مع العائلة مرة واحدة في الأسبوع، يجب أن تتم الموافقة على كل خطاب أولاً من قبل سلطات السجن قبل التسليم، واتصالاته بمحاميه مقيدة بشدة ومراقبتها باستمرار، ولم يُسمح لهما مطلقًا بأي لقاء خاص معًا، بما في ذلك أثناء جلسات تجديد الحجز.  

– إهمال صحي وتدهور حالته البدنية والنفسية: 

ولفت الخبراء إلى أن “أبو الفتوح” يعاني من عدة نوبات من أمراض القلب الإقفارية (نوبات الذبحة الصدرية)، حيث اقتصرت الاستجابة الطبية دائمًا على تزويده بأقراص النترات تحت اللسان. وفي 24 يوليو 2021، في حوالي منتصف الليل، عانى “أبو الفتوح” من أعراض شديدة ما يشير إلى احتمالية الإصابة بنوبة قلبية قاتلة (ألم شديد في الصدر، وضيق في التنفس، وإغماء، وآلام في الذراع والرقبة، وإرهاق)، وحاول حارس السجن الحصول على مساعدة طبية عبر اللاسلكي، لكن ورد أنه لم يتلق أي رد. 

وأضاف الخبراء أن “أبو الفتوح” يعاني حاليًا من نوبة ذبحة صدرية في المتوسط ​​كل عشرة أيام تتطلب فحصًا عاجلاً للقلب والأوعية الدموية ومراقبة دقيقة في بيئة طبية مناسبة لا يمكن إجراؤها في مكان احتجازه الحالي، كما أنه يعاني من مرض متقدم في البروستاتا، ما يتطلب جراحة عاجلة، مع تداعيات متعددة، بما في ذلك التهابات المسالك البولية، والمغص البولي المؤلم للغاية، وعدم القدرة على التحكم في التبول، وكذلك حصوات الكلى والمثانة، واقترحت عائلته مرارًا وتكرارًا تغطية جميع نفقات أي خدمة طبية مطلوبة، ولكن دون جدوى حتى الآن. 

– انتهاك للحق في الحياة والتعذيب: 

وأعرب الخبراء عن قلقهم البالغ بشأن الحالة الصحية المبلغ عنها للدكتور “أبو الفتوح”، والنقص المبلغ عنه حتى الآن في الرعاية الطبية الملائمة والمناسبة، والتي بدونها من المحتمل أن تتدهور حالته بسرعة، ما يزيد من خطر تعرضه لعواقب وخيمة للغاية أو حتى مميتة، وأنه في حالة ثبوت تلك الادعاءات فقد ترقى بالتالي إلى انتهاكات للحق في الحياة، علاوة على أن وضعه في الحبس الانفرادي المطول قد يرقى إلى مستوى التعذيب. 

كما شدد الخبراء على أن عملية إدراج الأسماء على قائمة الإرهاب في مصر هي موضع قلق مستمر للإجراءات الخاصة، حيث يظل تعيين أو إدراج فرد ما عملية مبهمة وسرية للغاية، كما أبرزته الحقائق الخاصة في هذه الحالة، وكذلك إساءة استخدام مستمرة لتشريعات مكافحة الإرهاب والأمن القومي لتجريم الأنشطة المشروعة للمعارضة السياسية والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من المواطنين بما في ذلك المحامون والصحفيون والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في البلاد، كان له تأثير مخيف وسيظل يحدث على المجتمع المدني على نطاق أوسع. ابو

– مطالب أممية من السلطات المصرية: 

وطالب الخبراء من السلطات المصرية تقديم معلومات محدثة ومفصلة عن الحالة الراهنة للسلامة البدنية والعقلية للدكتور “أبو الفتوح”، وتوضيح التدابير التي تم اتخاذها، أو المزمع اتخاذها، لحماية حياته والحفاظ على سلامته ورفاهيته، بما في ذلك الحصول في الوقت المناسب على الرعاية الطبية المناسبة، حسب الاقتضاء. 

كما دعا الخبراء مصر لتوضيح ما إذا كان اعتقال الدكتور “أبو الفتوح”، في ضوء وضعه الصحي المبلغ عنه، يمتثل لالتزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، ولا سيما الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتوضيح مدى توافقها مع حقه في الحرية والأمن، والحق في المحاكمة العادلة، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات. 

بالصور والفيديوهات .. تفاصيل | إختطاف الداخلية لشاب مصري من داخل طائرة سودانية من مطار الأقصر .. اعتقال معارض سياسي أثناء هبوط رحلته اضطرارياً بمطار الأقصر

رابط البيان
رابط الفيديو
بالصور والفيديوهات .. تفاصيل | إختطاف الداخلية لشاب مصري من داخل طائرة سودانية من مطار الأقصر
اعتقال معارض سياسي أثناء هبوط رحلته اضطرارياً بمطار الأقصر

رابط الفيديو
وثقت منظمة نحن نسجل اختطاف السلطات المصرية للمواطن المصري (حسام منوفي محمود سلام) بعد هبوط اضطراري لطائرة شركة بدر للطيران السودانية في مطار الأقصر.

كان المهندس حسام سلام قد تعرض للتوقيف الأمني من قبل السلطات السودانية داخل مطار الخرطوم يوم الأربعاء 12 يناير 2022، قبل أن يُسمح له باستئناف رحلته إلى دولة تركيا عبر رحلة شركة بدر للطيران، والتي تحمل رقم J4690 المتوجهة من الخرطوم إلى إسطنبول.

أثناء رحلة الطائرة، أبلغ كابتن الرحلة الركاب بوجود مشكلة فنية تستلزم هبوط الطائرة اضطرارياً بمطار الأقصر في جمهورية مصر العربية نتيجة صدور إنذار “خاطئ” من نظام الكشف عن الدخان في كبينة البضائع، حسب بيان بدر للطيران.

ووفق شهادت حصلت عليها منظمة نحن نسجل من ركاب على متن الطائرة، فإنهم لم يسمعوا صوت إنذارات في الطائرة تدفعها للهبوط الاضطراري، وأنه عند نزول الركاب في مطار الأقصر، اطلع موظفو أمن المطار على وثائق سفر الركاب المصريين، ليعتقلوا إثر ذلك المهندس حسام سلام والذي يحمل رقم باسبور رقم A25198975 واقتادوه إلى مكتب الأمن الوطني في المطار.

وقد انقطع التواصل مع المهندس حسام سلام منذ توقيفه في المطار والتحقيق معه من قِبل جهاز الأمن الوطني.

يذكر أن سلام من مواليد محافظة المنوفية، ويسكن بحي الدقي بمحافظة الجيزة.

تدين منظمة نحن نسجل استهداف السلطات المصرية للمعارضين السياسين، كما تحمل وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني سلامة المواطن حسام سلام، وتطالب بالكشف عن مكانه والإفراج الفوري عنه.

منظمة نحن نسجل

الخميس 13 يناير 2022

رابط البيان