رابط التقرير
عبث جهلة العسكر بمصير الشعوب العربيةإليكم أيها السادة نموذج لفوضى جنرالات انظمة حكم العسكر فى اتخاذ القرار في العالم العربي وعبث جهلة العسكر غير المؤهلين بحياة الناس الذى كشفته صحيفة ''لوريان 21'' فى عددها الصادر اليوم الخميس 20 أكتوبر 2022
الجنرال العسكرى عبد المجيد تبون رئيس جمهورية العسكر في الجزائر قرر فجأة دون إعداد مسبق قبل أيام من بداية العام الدراسى الجديد الغاء تدريس اللغة الفرنسية فى المدارس الجزائرية المعتمدة ومعمول بها فى الجزائر منذ خمسين سنة ويتحدث بها بطلاقة معظم الجزائريون واستبدالها باللغة الانجليزية دون وجود مدرسين للغة الانجليزية لتوزيعهم على عشرين ألف مدرسة بالجزائر بغرض ابتزاز فرنسا ومساومتها على اتاوات سياسية واقتصادية ومالية والضحايا فى النهاية تلاميذ وطلاب المدارس ومستوى التعليم فى الجزائر.. واليكم نص تقرير صحيفة لوريان حرفيا المرفق الرابط الخاص بها :
'تم في سبتمبر/أيلول 2022 إدخال تدريس اللغة الانكليزية في المدارس الابتدائية الجزائرية، بعد أن طالب بذلك الرئيس عبد المجيد تبون في يوليو/تموز. وتخضع سرعة تطبيق هذا الإصلاح إلى خلفيات عديدة تجاه اللغة الفرنسية، لغة المستعمر. ولكنها أيضا تهدف إلى التعويض عن فشل تعريب التعليم.
لدى عودتهم إلى مقاعد الدراسة، وجد تلاميذ الصف الثالث ابتدائي في الجزائر جدول التوقيت مقلوباً رأساً على عقب. فإضافة إلى اللغة الفرنسية التي يبدؤون تعلّمها في هذه المرحلة من تعليمهم، سيكون على التلاميذ في هذا المستوى تعلّم لغة أجنبية ثانية، وهي الإنكليزية. قبل ذلك بشهرين، خلال العطلة الصيفية، أعلن الرئيس عبد المجيد تبون أن السلطات تعتزم إدخال اللغة الإنكليزية في المرحلة الابتدائية مع انطلاق العام الدراسي في سبتمبر/ أيلول.
بالنسبة لعامة الجزائريين، الإعلان ليس بجديد. ففي عدة مناسبات، رفع مسؤولو البلاد راية الانكليزية كحل سحري لتفادي الترتيب السيء للجامعات الجزائرية في التصنيفات الدولية، وأيضا لاستبدال الفرنسية، تلك “اللغة الميتة”. ومن الواضح أنها طريقة لاستفزاز فرنسا، بمجرّد أن يبدي أحد قادتها ملاحظة ما عن تسيير الشؤون الداخلية الجزائرية، وبالطبع لاستبدال لغة المستعمر.
من أجل “لغة عالمية”
كثيرا ما تم التطرق إلى نية استبدال لغة موليير -وهي حاليا أول لغة أجنبية في التعليم الوطني الجزائري- بلغة شكسبير في المدارس الابتدائية، دون أن يكون لذلك تابعة. لكن في 31 يوليو/تموز 2022 هذا، فاجأ عبد المجيد تبون الجميع. وقصد شرح هذا الاختيار، استشهد بمقولة الأديب الجزائري الشهير الذي يكتب بالفرنسية، كاتب ياسين، والذي وصف اللغة الفرنسية على أنها “غنيمة حرب”. وقد حسم الرئيس تبون قائلاً: “اللغة الفرنسية ’غنيمة حرب’ لكن الإنكليزية لغة العالم”. لم يقع خطاب الرئيس في آذان صماء. وبعد ساعات قليلة من ذلك، أعلن وزير التربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد عن “تنفيذ” القرار الرئاسي ابتداء من بداية العام الدراسي في سبتمبر/أيلول. لا يتم توظيف المعلّمين لهذا الشأن؟ سوف نجدهم! لا يوجد منهاج دراسي؟ سننجزه! وفي الحال، أطلقت مديريات التربية في الولايات دعوات لتوظيف أشخاص مؤهلين.
يُعد تزويد 20 ألف مدرسة بمعلمي اللغة الإنكليزية مهمة شاقة، خاصة وأنه لم يتم بعد تخصيص ميزانية لهذه المناصب. حصل اندفاع كبير، حيث قُدّم ستون ألف ملف توظيف في أيام قليلة. ولكن في الأخير، تم توظيف 5 آلاف شخص فقط كمعلمين متعاقدين، ويتعين على كل واحد منهم التكفل بأربع إلى خمس مدارس. تلقى هؤلاء المعلمون الجدد -وهم إما قليلو أو عديمو التجربة في التعليم- دورات تكوين سريعة لبضعة أسابيع، حتى يكونوا جاهزين عند الدخول المدرسي في سبتمبر/أيلول.
مخاوف وانتقادات التربويين
“متسرع”، “متعجل”، “غير مدروس”: تسبب قرار تدريس اللغة الإنكليزية في الابتدائي هذه السنة في ردة فعل قوية من طرف التربويين ونقابات المعلمين والساسة. ويرى الجميع أن إدخال هذه اللغة “أمر جيّد” لكي يتسنى للجزائريين الوصول إلى العالمية. لكن الكثيرين يرون أن السرعة التي تم بها تطبيق القرار “غير طبيعية”.
يقول عالم الاجتماع الشهير والأستاذ الفخري في جامعة باريس 8 عيسى قادري، الذي له العديد من الكتب عن تاريخ التعليم في الجزائر: “المدرسة مسألة وقت طويل. يجب التخطيط على مدى عشرين أو ثلاثين سنة”. كما تلاحظ عدة نقابات للمعلمين بأنه “كان يمكن مناقشة ودراسة هذا القرار”. غير أن الحكومة لم تأخذ سوى التعليمات الرئاسية بعين الاعتبار.
أيام قليلة قبل الدخول المدرسي، طبعت وزارة التربية الجزائرية كتاباً موجّهاً إلى تلاميذ السنة الثالثة من التعليم الابتدائي، نجد فيه أساسيات اللغة الإنكليزية، والأبجدية، وحوارات تم تكييفها مع الواقع الجزائري. هذا الكتاب الذي صدر في غضون بضعة أسابيع فريد من نوعه. هل تم تحضيره مسبقا ثم تُرك في الأدراج؟ لا تجيب وزارة التربية عن السؤال.
في بعض المناطق، يضطرّ المعلمون إلى بذل جهود جمة للالتحاق بأماكن عملهم، وفي مناطق أخرى، لا تتوفر المدارس على معلمّين للغة الإنكليزية أساساً، خاصة في بعض بلديات الصحراء. سيُحرم تلاميذ هذه المناطق من اللغة الإنكليزية، تماماً كما يُحرمون الآن من دراسة اللغة الفرنسية بسبب نقص المدرسين. ويعود ذلك -وفقاً للمهنيين- إلى غياب موظفين محليين مكوَّنين، وإلى عدم وجود ظروف مادية (إسكان، منحة المنطقة، إلخ.) تسمح بتوظيف مدرسين منحدرين من مناطق أخرى من البلاد، حيث تبدو البطالة قدرا محتوما على الآلاف من حاملي الإجازة (شهادة بعد استكمال ثلاث سنوات من الجامعة) في اللغات الأجنبية، كون لمدارس الشمال والمدن الكبرى عدد كاف من المعلمين. هذا ما يخلق ما تسميه المتخصصة في اللسانيات خولة طالب الإبراهيمي “التمييز اللغوي”.
صدى سياسة التعريب
كغيره من الجامعيين والنقاد، يقارن عيسى قادري بين هذا القرار وبين سياسة التعريب خلال السبعينيات. ففي ذلك الوقت، جعلت سلطة العقيد بومدين من القطيعة مع الاستعمار عملاً مقدساً. ولتحقيق ذلك، قرّر تعريب المدرسة. من هنا كان ميلاد المدرسة الأساسية الشهيرة التي كوّنت عشرات الآلاف من الجزائريين بنتائج متفاوتة. ولأنه لم يكن هناك العدد الكافي من المعلمين الجزائريين المكوَّنين باللغة العربية، وجد النظام حلا في الطلب من سوريا والعراق وعلى الخصوص من مصر، إرسال متعاونين.
فضلاً عن كونهم مبتدئين، تم اختيار بعض هؤلاء “المعلمين” من بين سجناء الإخوان المسلمين، ممن كان النظام المصري يرغب في التخلص منهم. والأدهى من ذلك، كما يذكر المؤرخ محمد حربي الذي عمل في ديوان الرئيس أحمد بن بلة حتى انقلاب عام 1965 قبل التوجه إلى المنفى بفرنسا، هو أن السلطات الجزائرية عملت “عن قصد” على جلب مدرّسين مقرَّبين من الإخوان المسلمين، بهدف إعطاء توجه إيديولوجي للمدرسة الجزائرية. وإذا كان من الصعب تأكيد هذا الادعاء، فإن عيسى قادري مقتنع بأن العنف الذي تولّد في تسعينيات القرن الماضي يعود جزئيا إلى قرار تعريب المدرسة الجزائرية عنوة.
مثلما كان الحال مع سياسة التعريب في السبعينيات، فإن إدخال اللغة الإنكليزية في المرحلة الابتدائية لا يخلو من دوافع ذات خلفية سياسية. فبدون أن تعلن ذلك صراحة، تُظهر السلطات الجزائرية منذ عدة أشهر رغبة في التخلص من اللغة الفرنسية. يتكلم العديد من المسؤولين الجزائريين -مثل الرئيس عبد المجيد تبون- اللغة الفرنسية بطلاقة، بل وأحيانا حتى أفضل من اللغة العربية. ولكن قصد الاستجابة إلى جزء من الرأي العام الذي يدعو إلى “إنهاء النفوذ الفرنسي”، قرّروا قطع الجسور مع لغة تذكّر بالقوة الاستعمارية القديمة.
قد يأخذ ذلك شكل تجاوز، كما حصل في 25 أوت/أغسطس 2022 في الجزائر العاصمة، عندما استقبل عبد المجيد تبون نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارة رسمية. فخلال تصريحات الرئيسين، اكتشف الصحفيون الحاضرون في صالون القصر الرئاسي بالمرادية، بمرتفعات الجزائر العاصمة، على واجهة المنصات الموضوعة للرئيسين أن السلطات الجزائرية فضلت أن تكون لغة الكتابة العربية والإنكليزية. وهي إشارة قوية تجاه فرنسا، ولكنها لم تمنع مع ذلك الرئيس الجزائري من التحدث بعد ذلك بيومين أمام الصحافيين بلغة موليير. فالإشارة ماهي في الواقع سوى خطوة رمزية. ففي 2021 مثلا، طلبت عدة دوائر وزارية من إداراتها اللامركزية ألا تراسل إلا باللغة العربية، اللغة الرسمية في الجزائر، إلى جانب الأمازيغية. وإلى ذلك الحين، كانت العديد من الإدارات تواصل التراسل باللغة الفرنسية. كما حوّلت المواقع الإلكترونية لبعض الجامعات صفحاتها الرئيسية إلى اللغة الإنكليزية، مع الاحتفاظ بالمحتوى الفرنسي.
الحصول على ترتيب أفضل للجامعات
قبل ذلك، قرّر وزير للتعليم العالي نهاية 2019 إلزام طلاب الماجستير والدكتوراه بتقديم أطروحاتهم باللغة الإنكليزية. وفي حالة تعذّر ذلك، طُلب منهم تقديم موجز باللغة الإنكليزية. فبالنسبة له كما لآخرين كُثر، لم تعد لغة فيكتور هوغو تفيد بشيء في إيجاد “مكان” للجامعات الجزائرية في الترتيبات الدولية، وتعزى نتائجها السيئة إلى غياب استعمال لغة شكسبير.
إلى حد الساعة، لا توجد سوى جامعة سيدي بلعباس (في غرب البلاد) في ترتيب شنغهاي لسنة 2022. تمكنت هذه المؤسسة من احتلال المرتبة 101 في العالم في قطاع الهندسة الحضرية، والمرتبة 201 في الهندسة الميكانيكية، والمرتبة 301 في علم المواد. ولكن ذلك لا يُعدّ سوى مجرد قطرة في البحر، في بلد يضم أكثر من 100 مؤسسة جامعية. غير أن قرار تعميم اللغة الإنكليزية في الجامعات لم يُتَّبع إلا قليلا. وبعد سنتين، لا تزال كثير من تخصصات التعليم الجامعي تُدرَّس باللغة الفرنسية، خاصة الطب، والإعلام الآلي، والفروع التقنية. وقد اعتبرت خولة طالب الإبراهيمي أن “إحداث منافسة بين اللغة الإنكليزية والفرنسية لها طابع سياسي أكثر، وهو أمر يُوظَّف بشكل منتظم، إما من قبل السلطة، أو من طرف بعض شرائح المجتمع، لصرف النظر عن قضايا أكثر أهمية لمستقبل البلاد”.
مرة أخرى هذه السنة، بعثت وزارة التعليم العالي برسالة في سبتمبر/أيلول إلى كل الجامعات الجزائرية تطالب فيها بـ“تكوين” أساتذة في الإنكليزية بهدف تعميم تدريس هذه اللغة. في الواقع، إن اللغة العربية هي لغة التدريس في المدارس الجزائرية. يتعلمها التلاميذ الصغار ابتداء من سن السادسة، حتى لو لم تكن هي لغة الأم، كونهم يتحدثون في البيت إما بالعامية الجزائرية أو بالبربرية أو -نادراً- بالفرنسية. بعد نيلهم البكالوريا، يجد العديد من الطلبة أنفسهم في فروع يتم التدريس فيها باللغة الفرنسية أساساً، مما يدفع بكثير منهم إلى ترك الدراسة أو تغيير الفرع. وهي صدمة لغوية تأسف لها اختصاصية اللسانيات خولة طالب الإبراهيمي، التي أشارت في جريدة لوفيغارو إلى أن بعض طلابها في السنة الأولى “لا يعرفون حتى كتابة الأحرف اللاتينية”، مضيفة أنه “خلال مرحلة تعليمهم، لم يكن لعدد كبير منهم أي اتصال بأية لغة أجنبية”.