الرابط
منظمة حقوقية لبايدن: يجب احراز تقدم في ملف حقوق الإنسان الدموي في مصر قبل الموافقة على الحضور الى مصر ولقاء الديكتاتور السيسي
القاهرة ـ «القدس العربي»: قبل أسبوعين على عقد مؤتمر المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية، نبهت هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة من أن الالتزامات الدولية الأخيرة بشأن المناخ ما زالت «بعيدة جداً» عن تلبية هدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية، فيما أثار مركز «القاهرة لدراسات حقوق الإنسان»، مسألة حقوق الإنسان، إذ دعا المركز، أمس الأربعاء، الرئيس الأمريكي جو بايدن لضمان إحراز تقدم حقيقي في ملف حقوق الإنسان في مصر، قبل أي اجتماع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي على هامش مؤتمر المناخ «كوب 27».
وفي ضوء تواتر الأخبار بشأن مشاركة بايدن المحتملة في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، حث المركز، في بيان، الإدارة الأمريكية على «ضمان إحراز تقدم حقيقي في ملف حقوق الإنسان قبل أي اجتماع مع السيسي».
وأشاد بإقرار الإدارة أن «المجتمعات المهمشة يجب أن تحظى بموقع مركزي في قلب قضية العدالة المناخية وسبل التعامل مع أزمة تغير المناخ».
وأكد أنه «لا نرى في نهاية المطاف سبيلا لإحراز أي تقدم حاسم بشأن تغير المناخ دون مشاركة حرة للمجتمع المدني».
واعتبر أن «من المؤسف أن حكومة السيسي لم تُبد اهتماماً يُذكر بمساعي ترسيخ آليات الحكم الرشيد، وضمان مشاركة الرأي العام، أو إقرار سياسات شاملة وضرورية بمشاركة مجتمعية، لمواجهة التغير المناخي».
إضافة إلى «اعتقال مجموعة من النوبيين ومناصريهم لمجرد المطالبة السلمية بحقوقهم في الأراضي، والتهجير القسري وطرد المواطنين من منازلهم في الوراق، وتدمير العديد من المساحات الخضراء، بحجة انخراط الحكومة في تنفيذ مشاريع التنمية غير المستدامة في أنحاء البلاد».
وحسب البيان، يقبع حالياً في السجون، دون تهمة بعض المهندسين المعنيين بقضايا البيئة، مثل المهندس سيف فطين، الذي تلقى تعليمه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ونشطاء مهتمين بالبيئة، مثل الناشط أحمد عبد الستار عماشة الذي تعرض للتعذيب في محبسه، فضلا عن نشطاء معنيين بملف حقوق السكن (خاصة في سيناء) والذين تم اعتقالهم تعسفياً بسبب عملهم، إضافة إلى اعتقال رجال أعمال ناجحين يعملون على تطوير مشاريع معنية بالاستدامة مثل سيف وصفوان ثابت.
وانتقد البيان حرص الحكومة على منع منظمات المجتمع المدني من المشاركة في النقاش حول السياسات البيئية وتغير المناخ، من خلال الملاحقات والمضايقات والترهيب، فضلاً عن القيود المفروضة على تسجيل الجمعيات والعمل البحثي وفرص التمويل.
واعتبر أن «قمع حرية الرأي والتعبير والعمل في مجال قضايا البيئية هو نموذج لحملة أوسع في البلاد ضد حقوق الإنسان ككل، إذ لا يزال عشرات الآلاف في السجون بتهم سياسية، فضلاً عن تجريم الحق في التظاهر والاحتجاج، وقمع وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدني، وتعرض العاملين فيهم للتهديد بشكل دائم ومتصاعد».
وتأتي رحلة بايدن المحتملة لمصر، وهي الأولى لرئيس أمريكي منذ عام 2009 «دون الدفع بحل جذري لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد»، حسب المركز، الذي أضاف أن هذه الخطوة «تعزز جهود الحكومة المصرية في تحسين صورتها وسمعتها على المستوى الدولي، ويشجع حملتها القمعية، ويقوض على نطاق أوسع، جهود الإدارة الأمريكية لمكافحة تغير المناخ وتعزيز حقوق الإنسان، كركائز أساسية للأمن القومي للولايات المتحدة الأمريكية».
استجابة شكلية
ونبه إلى أن «الحكومة المصرية عادة تبدي استجابة شكلية مؤقتة لقلق الحكومة الأمريكية حيال ملف حقوق الإنسان، لا سيما عندما يرتبط الأمر بالتلويح بإجراءات ملموسة مثل إعادة تخصيص المساعدات العسكرية الأمريكية، كما سبق وفعلت الإدارة الأمريكية لمدة عامين متتاليين».
وكرر التأكيد على مطالب المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بشأن ملف حقوق الإنسان، التي اعتبرها «شروطا مسبقة»، للمشاركة في أي اجتماعات ثنائية محتملة مع السيسي.
وتضمنت المطالب «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين وإلغاء كافة القرارات التعسفية بحظر السفر وتجميد الأصول بحق نشطاء المجتمع المدني الواردة أسماؤهم في تقرير الحكومة الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في مصر 2021، ووضع حد فوري ونهائي لملاحقة وترهيب ومقاضاة الصحافيين ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك الإغلاق النهائي والكامل للقضية 173، ورفع الحجب غير القانوني عن المواقع الإخبارية والإلكترونية في مصر».
وأيضا «ضمان المشاركة الفعالة والمؤثرة للمواطنين المصريين والأجانب في فعاليات مؤتمر المناخ، بما في ذلك لأغراض الاحتجاج أو المعارضة، واحترام وحماية حق السجناء في عدم التعرض للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، وضمان امتناع الحكومة المصرية عن التراجع عن التزاماتها الحقوقية بعد انتهاء المؤتمر، وإعادة اعتقال النشطاء السياسيين الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرًا».
وتستضيف مصر الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، خلال الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
«بعيدة جداً»
ونبهت هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة أمس من أن الالتزامات الدولية الأخيرة بشأن المناخ ما زالت «بعيدة جداً» عن تلبية هدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل 1.5 درجة مئوية.
وأكدت في أحدث تحليل للالتزامات الدولية التي تلقتها، أن خطط تقليص انبعاثات غازات الدفيئة من البلدان الـ193 الموقّعة على الاتفاقية «يمكن أن تضع العالم على طريق ارتفاع الحرارة بمعدل 2.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي».
خلال مؤتمر المناخ كوب 26 الأخير في عام 2021 في غلاسكو، التزم الموقعون على الاتفاقية بأن يراجعوا التزاماتهم سنوياً، بدلاً من كل خمس سنوات، بشأن مكافحة الانبعاثات والتي يُشار إليها باسم «المساهمة المحددة على المستوى الوطني».
لكن 24 دولة أرسلت مساهماتها الوطنية الجديدة أو المعدلة بحلول الموعد النهائي في 23 أيلول/ سبتمبر، في الوقت المناسب للنظر فيها في مؤتمر كوب27 المقرر عقده في الفترة من 6 إلى 18 تشرين الثاني/ نوفمبر في مدينة شرم الشيخ المصرية. وهو عدد «مخيب للآمال «وفق ما قال رئيس برنامج الأمم المتحدة للمناخ سيمون ستيل في بيان صحافي مصاحب للبيانات الجديدة.
وزاد «نحن بعيدون جداً عن مستوى خفض الانبعاثات والسرعة اللازمين لوضعنا على الطريق إلى عالم لا ترتفع حرارته بأكثر من 1.5 درجة مئوية».
وشدد على أنه «للحفاظ على قابلية تحقيق هذا الهدف (1.5 درجة مئوية)، يجب على الحكومات تعزيز خططها الآن وتنفيذها في السنوات الثماني المقبلة».
ووفق خبراء الأمم المتحدة، يجب أن تنخفض الانبعاثات العالمية بنسبة 45٪ بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات عام 2010، لتحقيق هذا الهدف الذي حُدّد استناداً إلى معدلات الحرارة في عصر ما قبل الثورة الصناعية حين بدأت البشرية تعتمد بدرجة كبيرة على مصادر الطاقة الأحفورية التي تُصدر انبعاثات لغازات الدفيئة المسؤولة عن الاحترار.
ولكن حسب آخر ملخص للمساهمات المحددة وطنياً، ستؤدي الالتزامات الحالية على العكس من ذلك إلى زيادة بنسبة 10.6٪ في الانبعاثات خلال هذه الفترة.
«زيادة الطموح»
قبل أيام قليلة من انطلاق مؤتمر «كوب27» الذي سيشهد مشاركة عشرات آلاف المندوبين و«أكثر من 90» من قيادات العالم، حسب مصر، للنظر في الخطوات اللازمة لحماية الكوكب من تبعات تغير المناخ، يدق هذا التحذير مجدداً ناقوس الخطر، بعد عام مليء بالكوارث المناخية شملت انتشاراً للجفاف أو الحرائق الضخمة أو موجات الحر أو الفيضانات في بلدان كثيرة.
وشدد ستيل على أن «مؤتمر الأطراف السابع والعشرين يشكل فرصة لقادة العالم لاستئناف الكفاح ضد تغير المناخ»، داعياً إلى «الانتقال من المفاوضات إلى التنفيذ والتحرك نحو التحولات العميقة التي يجب أن تحدث في جميع القطاعات في مواجهة حالة الطوارئ المناخية».
وحذر أحدث تقرير صادر عن خبراء المناخ التابعين للأمم المتحدة من تضاؤل المهلة المتبقية لضمان «مستقبل صالح للعيش» للبشرية.
لكن مع إصرارهم على ضرورة عدم الاستسلام، يؤكد العلماء أن أي خفض للاحترار بجزء من الدرجة يرتدي أهمية بحد ذاته، داعين الحكومات إلى الالتزام بقوة أكبر بخفض الانبعاثات.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي سيرأس «كوب 27»، الأربعاء، في بيان إن التقرير حول المساهمات المحددة وطنياً وتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ هما «تذكير في الوقت المناسب لنا جميعا، بأن زيادة الطموح والتنفيذ العاجل أمر لا غنى عنه لمعالجة أزمة المناخ لحمايتنا من التأثيرات المناخية المعاكسة الأكثر شدة والخسائر والأضرار المدمرة».