"عدو خفي" يلاحقه.. زوجة المعارض المصري الطنطاوي ومحاميه ينددان بما يجري له
"أريد أن أعرف من هو العدو الخفي لأحمد الطنطاوي الذي يأمر بكل هذا التنكيل ضده ومن هو فوق القانون في مصر"، هكذا تحدثت زوجة المعارض البارز، الإعلامية رشا قنديل" لموقع "الحرة"، الثلاثاء، بعد يوم من منع محاميه من زيارته في السجن.
وقال نبيه الجنادي، محامي الطنطاوي، في حديثه مع موقع "الحرة": "تم منعنا من اللقاء به في السجن رغم حصولنا على تصريح من النيابة العامة، تحت ادعاء أو زعم أن موكلنا استنفد كل زياراته، وهذا غير صحيح ومخالف للقانون".
ودين الطنطاوي، الذي كان يأمل بخوض الانتخابات أمام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، العام الماضي، بارتكاب مخالفات أثناء الحملة الانتخابية في فبراير الماضي. وحكم على النائب السابق بالبرلمان المصري بالسجن لمدة عام مع الشغل، في حكم أيدته محكمة الاستئناف.
وكان الطنطاوي اتهم السلطات بعرقلة جهوده لجمع التوكيلات اللازمة لخوض الانتخابات الرئاسية، بذرائع مختلفة من بينها أعطال كمبيوتر في مكاتب الشهر العقاري.
انتظار لأربع ساعات
بعد حصول المحامين على تصريح من النيابة العامة صباح الاثنين لزيارة الطنطاوي في محبسه وصلوا إلى سجن العاشر من رمضان، الواقع بمحافظة الشرقية شمال شرق العاصمة القاهرة، في الحادية و45 دقيقة ظهرا حيث قدموا التصريح، بالإضافة إلى بطاقات تعريف الهوية الخاصة بهم للإدارة المختصة.
"بعد ربع ساعة سلموا لنا التصريح والكارنيهات مرة أخري، وأخطرونا أنهم في انتظار التعليمات، وأنه غالبا سيتم تمكيننا من الزيارة. انتظرنا في الاستراحة حتي الساعة الثالثة والنصف عصراً حين جاء إلينا العميد محمد مسئول تأمين منطقة السجن، واعتذر لنا عن عدم تمكيننا من الزيارة تحت زعم أن أحمد قد استنفد كافة زياراته العادية والاستثنائية"، بحسب المحامي خالد علي.
وقال علي: "أوضحنا له أن قانون السجون ولائحته يميزون بين ثلاث أنواع من الزيارات، لا يجوز الخلط بينهم، وهي الزيارة العادية لمن يقضي العقوبة وعددها مرتين في الشهر، وأسرة الطنطاوي لم تحصل إلا علي زيارة واحدة عادية طوال الشهر، والزيارات الاستثنائية، في الأعياد والمناسبات القومية والدينية، وزيارة المحامين، التي يصدر لها تصريح من النائب العام، وتكون الزيارة علي انفراد بين المتهم ومحاميه، ولا يتم احتسابها من ضمن الزيارات العادية أو الاستثنائية التي تتمتع بها الأسر".
"أمر ممنهج"
يرى الحقوقي المصري معتز الفجيري في حديثه لموقع الحرة" أن هناك فجوة كبيرة في مصر بين قوانين ولوائح تنظيم السجون وتعسف وزارة الداخلية"، معتبرا أن رفض لقاء المحامين بموكليهم "أمر ممنهج يحدث كثيرا مع سجناء ومعتقلين آخرين وبشكل يومي، مما يشكل معاناة للأهالي والمحامين".
"لكن في حالة الطنطاوي بشكل خاص، فالدولة تنتهج معه أسلوبا قاسيا يكشف عن أن القضية في مجملها هدفها إبعاد خصم سياسي عن أي منافسة مستقبلا وتأديب أنصاره"، بحسب الفجيري.
ولطالما تعرضت القاهرة لانتقادات بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان، إذ تقدر منظمات حقوقية أن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين ما زالوا خلف القضبان، العديد منهم في ظروف قاسية.
وتنفي السلطات المصرية التضييق على المحبوسين، وتقول إنه لا يوجد "سجناء سياسيون"، وأن التوقيفات مرتبطة فقط بأعمال تنتهك القانون الجنائي.
ويرى أحمد باشا، رئيس تحرير صحيفة روزاليوسف السابق، في تصريحات سابقة لموقع "الحرة" أنه ليس "هناك في مصر ما يسمى بحكم سياسي بل حكم قضائي صدر خلال محاكمة علنية وفق صحيح القانون".
ويقول المحامي بالنقض أحمد راغب لموقع "الحرة" إنه بالرغم من أن هناك تصريحا من النيابة، فإنه وفقا لقانون السجون، يتم في بعض الحالات منع الزيارة عن بعض المحكوم عليهم لأسباب معينة، ومن حق المحامين حينها اللجوء للقضاء".
ويرى راغب أن قضية الطنطاوي ومناصريه عبارة عن "خلاف سياسي كان من المفترض أن يتم استيعابه سياسيا، ولا يتم تصعيده للقضاء".
بينما قال الجنادي، الذي حاول لقاء الطنطاوي، الاثنين، مع علي، إن "زيارة المحامين مختلفة عن الزيارات الأهلية"، فضلا عن أن أسرته أصلا لم تزره إلا مرة واحدة فقط بعد حبسه مباشرة".
"الزيارة تكون مسجلة ومراقبة"
وتمت الزيارة الوحيدة للطنطاوي في العاشر من يونيو الماضي وقامت بها زوجته قنديل، ومن حينها لا تعلم أسرته أو محاموه شيئا عنه، بحسب الجنادي.
وقالت قنديل لموقع "الحرة" إن لكل المسجونين الحق في الزيارة مرتين في الشهر لكن بالنسبة لنا لا يحق لنا زيارته إلا مرة واحدة في الشهر، وحتى تلك تنفذ بتعليمات شديدة، وفي حضور عدد من الضباط والمسؤولين داخل السجن".
وأضافت أن "إدارة السجن رفضت تنفيذ إذن النيابة بحصول زيارة قانونية لأحمد، وهذا مخالف لما يرد،سواء في لائحة السجون أو حقوقه القانونية المنصوص عليها، وبالتالي فإن محامييه يجدون صعوبة في إتمام إجراءات النقض، وهو حق التقاضي الأخير المكفول لأحمد الطنطاوي في قضية المحررات العرفية أو "التوكيلات الشعبية".
وتضيف: "كما أن ذلك أدى إلى عدم معرفتنا ما إذا كان سالما وما ظروف محبسه وهل يتعرض للتنكيل أو حتى بما يرقى إلى التعذيب".
وتابعت: "ما نعرفه أن الزيارة تكون مسجلة ومراقبة، وما نعرفه أن أحمد قدم بعض الطلبات التي تشي بأنه قد تكون في محبسه أنوار مضاءة 24 ساعة باليوم، وبالتالي لا يتمكن من النوم بشكل جيد، ولم يتمكن من الإفصاح عما إذا كان يسمح له بالتريض وما هي مدة التريض، وما إذا كان ذلك يحدث أسبوعيا"، مضيفة: "لا أظن على الإطلاق أنه يتمتع بذات الحقوق التي يتمتع بها المساجين الآخرون في قضايا مشابهة".
ونصت المادة 39 من قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 وتعديلاته علي أن: "يُرخّص لمحامي المسجون في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة، ومن قاضي التحقيق في القضايا التي يندب لتحقيقها سواء أكانت المقابلة بدعوة من المسجون أم بناءً على طلب المحامى".
وقال الجنادي لموقع "الحرة": "لا نعلم شيئا عن ظروف محبسه وما إذا كان يتعرض لمضايقات لأنه لم يتم السماح لنا بزيارته، لكن بشكل عام، فإن فصل المحامي عن موكله والامتناع عن تنفيذ قرار النيابة العامة مخالف للقانون وانتهاك واضح وصريح في حالة أحمد الطنطاوي".
وعبرت قنديل في حديثها مع موقع "الحرة" عن قلقها الشديد "على سلامة الطنطاوي وعلى ظروف محبسه، وعما إذا كان يتعرض لما قد يرقى للتنكيل والتعذيب النفسي والعقلي"، مطالبة بزيارة استثنائية للاطمئنان عليه وتمكين محاميه من زيارته.
وفي 31 مايو الماضي، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء سجن الطنطاوي ودعت إلى إطلاق سراحه فورا.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان مارتا هورتادو في بيان "نشعر بقلق بالغ إزاء القرار الذي أصدرته محكمة استئناف القاهرة في 27 مايو بتأييد حكم السجن لمدة عام مع الشغل ضد النائب السابق في البرلمان الذي كان يرغب في الترشح للرئاسة أحمد الطنطاوي و22 من أنصاره".
وأضافت "ندعو السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري عن الطنطاوي وجميع المحتجزين الآخرين بدون موجب بسبب ممارستهم لحقوقهم الأساسية، خصوصا حرية الرأي والتعبير والانتظام".
الطنطاوي أدين بارتكاب مخالفات أثناء الحملة الانتخابية في فبراير الماضي
"من هو العدو الخفي؟"
وشددت قنديل على أن "زيارة المحامين لا تحسب ضمن الزيارات العائلية أو الاستثنائية، ومن ثم فإن التحجج بمن تم الرجوع إليهم بأخذ الإذن لمحامي الطنطاوي لا علاقة له من قريب أو بعيد بالحقيقة ولا الواقع ولا القانون ولا سيادته ولا بلائحة السجون".
وطالبت قنديل بمعرفة من سمته بـ"العدو الخفي لأحمد الطنطاوي الذي يأمر بكل هذا التنكيل ضده".
وقالت إن "الطنطاوي في محكمة الاستئناف اختصم رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والهيئة العليا للانتخابات والأمن الوطني ونيابة أمن الدولة، ومن ثمّ، فأنا أريد أن أعرف أي من هذه الجهات تنكل بزوجي ولها القرار في عدم إنفاذ القانون، ومن هو فوق القانون في مصر".
وبالنسبة للمرحلة المقبلة، قال المحامي نبيه الجنادي:"نحن نجهز لمرحلة النقض ونعد حاليا أسباب النقض لإيداعه في المحكمة، وسننتظر تحديد جلسة، وسنقدم استشكالا على تنفيذ الحكم".