الجمعة، 8 نوفمبر 2024

قل «برنامج مكافحة الجوع» ولا تقل «برنامج الدعم»

 

مدى مصر

قل «برنامج مكافحة الجوع» ولا تقل «برنامج الدعم»


كل الحديث الآن في مصر، فيما يخص الدعم، يدور حول التحول إلى الدعم النقدي. وكعادة هذه الأيام، يبدأ النقاش في «الحوار الوطني» حول التحول للدعم النقدي كبديل عن الدعم الغذائي، بناءً على دعوة من الحكومة. طبقًا للخطاب الحكومي، سيساعد التحول للدعم النقدي على حل جميع مشاكل الدعم الغذائي، على الرغم من أن الحكومة نفسها لم تطرح تصورها حتى الآن.  

لم تطرح الحكومة أي معلومات عن تكلفته المحتملة، وآليات الاستهداف، ومدى ارتباطها بمعدلات تضخم الغذاء في الاقتصاد المصري. وبالتالي يطرح خطاب التحول للدعم النقدي أسئلة أكثر مما يقدم من إجابات، حيث تغيب الرؤية والهدف من البرنامج المنشود التحول إليه.

وعلى الرغم من الإصرار الحكومي على أن تكلفة برنامج الدعم باهظة، إلا أن هذا الإصرار لا تدعمه أي من الأرقام المتاحة. ليست هناك شكوك أن الإنفاق على الدعم لم يكن السبب في عجز الموازنة في مصر، وإنما بسبب مدفوعات فوائد الدين المرتفعة. على سبيل المثال، سوف تدفع مصر هذا العام فوائد تقدر بـ1.83 تريليون جنيه.

يمثل الدعم الغذائي حاليًا 134.1 مليار جنيه، أي ما يوازي 3.5% تقريبًا من إجمالي المصروفات الحكومية البالغة 3.8 تريليون في الموازنة الحالية. ويمثل دعم المواد التموينية (كل الدعم الغذائي باستثناء الخبز) أقل من 1% من إجمالي المصروفات، ما يعني أن مجمل دعم الغذاء يمثل 7% فقط من مدفوعات الفوائد السنوية.

يعني هذا أن دعم الغذاء ككل لا يمثل حاليًا سوى أقل من 1% من الناتج المحلي. خلال السنوات العشر الأخيرة، انخفضت نسبة دعم الغذاء من 1.4% إلى أقل من 0.9% من الناتج المحلي، مع توقعات لصندوق النقد الدولي أن تستمر في الانكماش خلال السنوات الخمس القادمة لتشكل 0.6%.

كما خفّضت الحكومة، خلال السنوات العشر الماضية، أعداد المستفيدين رغم زيادة السكان. في 2014، كان عدد المستفيدين من برنامج دعم الخبز حوالي 82.2 مليون نسمة، ما يقارب 86% تقريبًا من عدد السكان، لكن هذا العدد انخفض إلى 70 مليون، بحسب الموازنة الأخيرة، أي ما يقارب 63% من السكان. على الرغم من هذا الانخفاض، إلّا أن البرنامج لا يزال يغطي نسبة كبيرة تجعل أي برنامج دعم، سلعيًا كان أو نقديًا، برنامج استهداف واسع، بكل ما تحمله برامج الاستهداف الواسعة من تحديات وصعوبات.

أحد هذه الصعوبات تتعلق بالطبع بأبواب الفساد التي يسمح بها برنامج بهذا الحجم. يحمل سؤال الفساد تصورات سابقة عن تلك البرامج: عن طوابير الخبز، وصور سرقة أكياس الدقيق المدعم وبيعها في السوق السوداء، وهي ممارسات لا تزال موجودة لكنها تقلصت بشكل كبير بسبب الإصلاحات التي أُدخلت على منظومة الدعم خلال السنوات العشر الأخيرة.

يرتبط سؤال الفساد بحوكمة المنظومة بشكل حقيقي داخليًا. إذا كانت عمليات التوريد تشهد فسادًا بالتواطؤ بين مسؤولي وزارة التموين وبين الموردين، فإن هذا يمكن حله ببساطة بحوكمة المنظومة وتفعيل رقابة الأجهزة الرقابية المختلفة عليها، وليس إنهاء كامل المنظومة التي ظلت لعقود في مكانها حتى مع الفساد.

بدأت الإصلاحات المتعلقة بالحوكمة بالفعل في 2013 مع إدخال الكارت الذكي لصرف الخبز، واستمرت التحسينات على تلك المنظومة من أجل تقليل التلاعبات من قبل المستهلكين، وعلى امتداد سلسلة الإمداد. اليوم، تحوّل الدعم العيني إلى دعم شبه نقدي بالفعل، فكل فرد له 50 جنيهًا في بطاقة التموين بالإضافة إلى خمسة أرغفة يوميًا، في كارت ذكي. الحلقة الوحيدة في التلاعب تتمثل في عدم حصول المستحق للدعم على السلع، بمعنى أنها يتم صرفها من على الكارت ولا تذهب إليه. يحدث هذا مثلًا إذا قرر صاحب الكارت أن يتركه لصاحب المخبز أو منفذ التموين ليقوم بتسجيل السلع على أنها تم صرفها دون أن يتم ذلك على أرض الواقع. لكن ليس هناك أي أرقام حكومية عن حجم هذه الظاهرة.

التحدي الأهم فيما يخص برنامج الدعم يتعلق في الحقيقة بسؤال الكفاءة.

النقاشات حول كفاءة منظومة الدعم العيني في مصر قديمة قدم برامج التقشف الحكومية المدفوعة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي منذ التسعينيات، ولكنها تظهر للعلن بشكل كبير مع أزمات عجز الموازنة المتتالية، والتي تتطلب التقشف على حساب الإنفاق الاجتماعي، بما فيها الدعم.

على العكس من الخدمات الاجتماعية الأخرى المهمة مثل التعليم والصحة، والتي لا يحضر فيها سؤال الكفاءة بشكل كبير، يظل هذا السؤال مطروحًا بقوة فيما يخص برنامج الدعم، وهو برنامج شديد الأهمية بالنظر إلى طبيعته كبرنامج لمكافحة الجوع واسع النطاق في مصر. هذه النقطة لا بد أن تظل مركزية بالنسبة لأي نقاش حول البرنامج أو أي اقتراحات لتعديله.

تعرضت المنظومة لسنوات وسنوات من التحسين في مستويات الاستهداف. غالبًا ما يشار لذلك الاستهداف الواسع على أنه مشكلة تُضعف الكفاءة، وذلك على اعتبار أن الكفاءة هي استهداف الفقراء وفقط، أي 29.7% من السكان بحسب خط الفقر الوطني، وهو تصور لا يراعي الأبعاد المختلفة للفقر في مصر. تشير تقديرات البنك الدولي للفقر في مصر، أبريل الماضي، إلى أن 68% من السكان «فقراء» أو «معرضين للفقر».

وبالتالي لا يمكن أن تكتفي برامج الدعم العيني باستهداف الفقراء تحت خط الفقر الوطني، وهو 29.7% فحسب. بعيدًا عن قدم تلك الأرقام الزمني، وعدم معرفتنا بالبيانات الجديدة لنسب الفقر بسبب تأخر نشر بحث الدخل والإنفاق، فإن برامج الدعم الغذائي تحديدًا يجب أن تستهدف الفقراء ومن هم على حافة الفقر، حتى تكون قادرة على الاستجابة في أوقات الأزمات لصدمات التسعير السريعة، والتي تسارع بهبوط المزيد من المواطنين إلى تحت خط الفقر. مصر، على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة، لديها تاريخ طويل مع ذلك. فخلال ثماني سنوات من 2016-2024، خفضت مصر سعر عملتها في خمس مناسبات مختلفة، وارتفع متوسط معدلات التضخم خلال تلك السنوات، وبالأخص تضخم الغذاء، بشكل هائل.

لهذا فإن معادلة تكلفة الدعم، والتي تقدر بـ134 مليار في الموازنة الحالية، يجب أن يكون في القلب منها سؤال عما نشتريه بتلك التكلفة. ببساطة، نشتري كمًا ضخمًا من السعرات الحرارية الموجهة للفقراء. يعتمد المصريون على الخبز مثلًا في توفير ثلث السعرات الحرارية اليومية، وحوالي ثلث احتياجات البروتين لما يقارب من 60 مليون مصري. هذا رقم شديد الكفاءة بالمناسبة، إذا ما قورن بمستويات إنفاق المصريين على الطعام سنويًا، والتي تقارب، بحسب تقديرات «فيتش سولوشينز»، أربعة تريليونات جنيه في 2024. يعني هذا أن كامل الدعم الغذائي في مصر لا يمثل سوى أقل من 3% من الإنفاق الكلي على الغذاء سنويًا في مصر. هذه الـ3% توفر سعرات حرارية كثيفة للفقراء تعتمد حياتهم عليها.

إذا قررنا حساب متوسط التكلفة لكل فرد، فإن الدعم العيني في مصر شديد الانخفاض. فبحسب ما تدفعه الحكومة حاليًا لمنظومة الدعم الغذائي (الخبز والسلع التموينية)، فإن متوسط الدعم المقدم للمواطن سنويًا سوف يصبح حوالي 600 جنيه من دعم السلع التموينية، وما يقارب 1800 سنويًا من الخبز، أي ما يقارب 2400 جنيه سنويًا أو 200 جنيه شهريًا (أربعة دولارات تقريبًا)، وهي تكلفة شديدة الانخفاض قياسًا بقدر الفوائد المتحصلة من التغطية الواسعة للبرنامج، والتي تتمثل في منع الجوع واسع النطاق. تلك التكلفة القليلة (134 مليار جنيه، أي حوالي 2.7 مليار دولار) تسمح لملايين الفقراء سنويًا بالاستمرار في سوق العمل، والمساهمة في عمليات إنتاج القيمة في الاقتصاد. يعد ذلك بالأساس الهدف الأساسي لبرامج الدعم والمساعدات الاجتماعية سواء كانت عينية أو نقدية: توفير ما يكفي من الطعام كي يستمر الناس في العمل.

يحيلنا ذلك لسؤال حول ما يتطلبه التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، بحجة أنه يمكن الوصول لصيغ أفضل عبر الدعم النقدي، وهي حجة غير صحيحة.

الدعم النقدي، حتى يتمكن من تحقيق النتائج المرجوة منه سواء على مستوى التغذية أو مستوى التغطية لهذا الكم من السكان لحمايتهم من الجوع، يتطلب الكثير من الإنفاق والتكاليف الإدارية لتحديد الاستهداف الصحيح، وزيادة الإنفاق وكيفية قياس تلك المؤشرات، وزيادة التحويلات الموجهة للغذاء بأسعار السوق وربطها بالتضخم، وهي كلها تكاليف كبيرة جدًا، على الأرجح تتجاوز حتى تكلفة منظومة الدعم العيني الحالية.

علي سبيل المثال، من أجل توفير سلة دعم جيدة للأكثر فقرًا في مصر، فإن ذلك يتطلب بحث حالات ما يقرب من 30 مليون مواطن على أقل التقديرات، وتصميم برامج دعم نقدي تصاعدية بحسب أسعار السلع في كل منطقة، وهي متفاوتة، وتحفيز هؤلاء لاستهلاك تلك الأنواع من الأغذية التي يُراد لبرامج الدعم النقدي أن تحول نمط الاستهلاك إليها.

كما يتطلب الدعم النقدي كذلك أن يُصمَم البرنامج تبعًا للاحتياجات المحلية، وأشكال وأنواع الفقر المختلفة. يتطلب مثلًا خبراء تغذية وموظفين لتقييم الحالات المستحقة في البداية، وكلها تمثل تكاليف إدارية كبيرة خاصة أن البرنامج كبير وليس بحجم برامج التحويلات المشروطة مثل «تكافل» و«كرامة»، وهي النماذج الوحيدة المطبقة بالفعل لبرنامج دعم نقدي واسع (وإن كان أقل حجمًا بكثير من دعم الغذاء).

ليس لدينا أرقام أو تقييم موضوعي لبرنامجي «تكافل» و«كرامة»، رغم مرور ما يقرب من تسع سنوات على بدايتهما. لم تقدم الحكومة تقييمًا ولم تدعُ أيًا من المؤسسات التنموية الدولية للقيام بتقييم شامل للبرنامجين وتأثيرهما على الفئات المستهدفة منها، ومن ثم من الصعوبة بمكان معرفة التكاليف الإدارية لهما.

لذلك، فإن السؤال الذي ينبغي أن ينطلق منه النقاش ليس ما إذا كان التحول للدعم نقدي هو الحل، بل هو كيف يمكن تطوير مستويات الكفاءة في الدعم العيني. لأنه، وبمعايير كثيرة، تعبر منظومة الدعم العيني عن مستويات جيدة جدًا من الكفاءة. بل يمكن القول أن تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية تعبر عن أفضل طريقة يمكن بها صرف الإيرادات الحكومية، بمعنى أن كل جنيه في الدعم العيني له تأثير جيد جدًا على مستويات التغذية، وعدم الشعور بالجوع، وبالتالي الإنتاجية الاقتصادية.

هناك عدد من الأساطير حول الدعم السلعي في مصر.

أول تلك الأساطير، حين يتم الحديث عن الدعم السلعي في مصر، هي أن نسب التسرب مرتفعة. لا تقدم الحكومة أرقامًا عن نسب تسرب رغيف الخبز، أو نسب التسرب السلع التموينية. المرجح أن نظام النقاط المعتمد في البطاقات التموينية خلال السنوات الأخيرة  قلّص التسرب بنسب كبيرة، إذ سُمح باستبدال الخبز بسلع أخرى. وعلى المستوى الكلي، انخفض عدد الأرغفة من 137 مليار رغيف منتج في المنظومة عام 2014 إلي ما يقارب 96 مليار رغيف، بحسب الموازنة العامة الحالية، أي ما يقارب انخفاضًا بنسبة حوالي 30٪. وإذا قررنا احتساب متوسط الانخفاض في وزن الرغيف من 130 إلى 90 جرامًا في الوقت الحالي، فإن الانخفاض الكلي في الإنتاج يصبح أكبر بكثير.

ما يدعم التصور بأن التسرب الحادث في المنظومة منخفض، نقصُ الطلب على استبدال الخبز مع زيادة أسعار السلع الأخرى، ما يشير إلى أن استهلاك الخبز في المنظومة إلي حد كبير مرتبط بمستويات التضخم في السلع الأخرى، وشديد الحساسية لتلك التغيرات. بمعنى ما، لا يوجد فائض كبير داخل المنظومة بالكامل، وبالتالي يزيد الطلب على الخبز وقت التضخم لأنه أكثر إشباعًا من بقية السلع، وكمية السعرات المتاحة فيه أكبر بكثير ومن ثم مُشبعة.

أحد الأساطير الأخرى عن تسرب الخبز مثلًا هو أن الناس تستهلكه في تغذية «البط والفراخ»، وهي ممارسة منتشرة، لكن لا يوجد أرقام رسمية تدعم الادعاء بأنها كبيرة إلى درجة تنتج التسرب الكبير في المنظومة. كما أن إعادة إستهلاك الخبز في الطعام أمر جيد في الحقيقة، لأن الخبز لا يُفقَد تمامًا وإنما يدخل في تكوين بروتين من لحوم تلك الطيور.

لا يوجد منطق من الأساس في فكرة تسرب الدعم إذا كان فلسفة الدعم الغذائي في مصر وغيرها من دول العالم هي فلسفة عمومية universalism، لأنه من المفترض بالعمومية أن تحمل في طياتها نسب تسرب. وطالما لا يوجد تقدير دقيق لنسبها، ومحاولات مختلفة على امتداد سلسلة توريد السلع لتقليل التكلفة، فإنه من المرجح أن تكون نسب التسرب قليلة. وبالمقارنة مع فوائد تلك العمومية، وهي حماية الشعب من الجوع، فإن الحديث عن التسرب لا يبدو كافيًا للقول بأن المنظومة بالكامل غير كفؤة ويجب استبدالها.

علي صعيد الفساد، فهو شيء مرتبط بحوكمة المنظومة بشكل حقيقي داخليًا. فإذا كانت عمليات التوريد تشهد الكثير من الفساد بالتواطؤ بين مسؤولي وزارة التموين وبين الموردين، فإن ذلك يمكن حله ببساطة بحوكمة المنظومة وتفعيل رقابة الأجهزة الرقابية المختلفة عليها، وليس إنهاء كامل المنظومة التي ظلت لعقود تلعب دورًا محوريًا حتى مع وجود الفساد.

أحد الانتقادات التي توجه دائمًا إلى برامج الدعم السلعي هي أنها تضع سعرين للسلعة في السوق. ومن ثم، فإن تلك التشوهات السعرية تساهم في ظهور التلاعبات والأسواق السوداء لتلك السلع، وهي حالة تزداد صعوبة في الوقت الحالي نتيجة سنوات من تحسين منظومة الاستهداف في الدعم الغذائي.

كما يتم انتقاد التشوهات السعرية غالبًا بمنطق أنها تعيق عملية استغلال الموارد بالشكل الأمثل، لأن الطلب الحكومي على المحاصيل والسلع المطلوبة لبرامج الدعم الغذائي إلى جانب الاستهلاك التجاري العادي يدفع التركيب المحصولي للميل دائمًا تجاه المزيد من إنتاجها.

على سبيل المثال، وخلال العقود الأربعة الماضية، زاد إنتاج السلع الغذائية المدعومة وخاصة الحبوب، وانخفضت أسعارها مقارنة بالمجموعات السلعية الأخيرة. لكن، وبغض النظر عن أي تشوهات سعرية محتملة، كان لذلك أثر إيجابي في تحسين الأمن الغذائي في معظم دول الجنوب العالمي التي تطبق برامج لدعم السلع الأساسية، وبالأخص الحبوب.

لكن، على الرغم من الأمان الغذائي الذي حققته سياسات الدعم الغذائي، تسبب الميل إلى زراعة الحبوب بشكل أكبر من زراعة الخضروات والبقوليات وغيرها من المحاصيل المتنوعة في تبعات صحية.

هذه هي الأزمة الحقيقية في برنامج الدعم الغذائي القائم حاليًا. تعاني مصر من مشكلة زيادة استهلاك الخبز بشكل كبير، وما يترتب على ذلك من آثار صحية طويلة المدى. يعتبر البعض أن الدعم الغذائي يثبط بقدر كبير التحول لنمط غذائي أكثر تنوعًا ويشجع الفقراء بشكل كبير على الالتزام بنمط غذائي يعتمد بشكل أساسي على الحبوب والزيوت المهدرجة ضئيلة التكلفة بدلًا من النمط المتنوع للتغذية.

يبدو هذا التفسير صحيحًا إلى حد كبير في مصر. لكنه ينفي الظروف الاقتصادية الكلية وصدمات التسعير في أسعار المواد الغذائية، والتي تدفع الفقراء موضوعيًا لاستهلاك المزيد من الحبوب والزيوت والأغذية منخفضة التكلفة بشكل عام، وحتى من السوق الحر وليس فقط من برامج الدعم. في النهاية، لا تقدم برامج الدعم الغذائي كامل الاحتياجات الغذائية للفرد طوال الشهر، لكنها تساهم في جزء من الاحتياجات الغذائية، ويتبقى على هؤلاء سد حاجاتهم الغذائية الأخرى من خلال السوق. ومن ثم، فإن تخفيض الدعم التمويني مثلًا لن يقلل استهلاك الحبوب وبالأخص الخبز، لأن الطلب على تلك السلع يظل مدفوعًا بغياب البدائل الرخيصة لها وترسخها كطعام مشبع كثيف السعرات ورخيص بالنسبة لأغلب الفقراء.

يؤثر أيضًا نمط العمل والتشغيل على نوعية الغذاء التي يجبر الفقراء على استهلاكها. ففي ظل مساحة كبيرة من الاقتصاد والعمل غير الرسمي في الاقتصاد، فإن الحصول على وجبات ساخنة متنوعة غذائيًا يبدو مستحيلًا في كثير من الحالات في مصر. ومن ثم، فإن شراء السندويتشات يوميًا من على عربات الفول صباحًا، واستمرار تلك العربات في العمل ليلًا في المناطق الفقيرة وغيرها يؤشر على تلك الثقافة بشكل كبير. فلا يمكن للعمال غير الرسميين سوى استهلاك أغذية سريعة مثل الساندوتشات أو علب الكشري أثناء العمل لساعات مطولة.

يُعد هذا هو النقد الأهم والأكثر موضوعية لمنظومة الدعم السلعي في مصر. فالدعم السلعي في مصر يركز على سلة غذاء تعتمد على الكربوهيدرات الرخيصة والزيوت المهدرجة بالإضافة للسكر، وكلها سلع تؤدي كثافة استهلاكها، كما في حالة مصر، إلى مشكلات صحية طويلة المدى، ومن ثم فإن هناك حاجة فعلية لإعادة تصميم سلة الدعم الغذائي في مصر. لكن إعادة تصميم سلة الدعم الغذائي يبدو أمرًا شديد الصعوبة في سياق مصر الحالي، ليس لندرة في المحاصيل المتنوعة التي تُزرع في مصر، ولكن لأن تصميم سلة دعم متنوعة يعني أن تدفع الحكومة أموالًا أكثر في الدعم.

وعلي الرغم من أن نسب الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضار والفاكهة في مصر مرتفعة، إلا أن هذا الاكتفاء الذاتي من محاصيل الخضار والفاكهة لا يعني حصول المواطنين عليها بقدرٍ كافٍ. فتلك المحاصيل بالأخص ترتبط بالتسعير العالمي في ظل توافر البديل المتمثل في تصدير السلع، ومن ثم فإن أسعارها المحلية أكثر تقلبًا من مكونات الغذاء الأخرى، والنفاذ إليها يصبح أكثر صعوبة في أوقات الأزمات. ومع انخفاض الإنتاجية، يقل نصيب الفرد سنويًا من الخضروات وبالأخص مع الزيادة السكانية والاتجاه لتصدير بعض أصناف الخضروات والفواكه.

يعاني أغلب سكان الحضر من الفقراء من صعوبة كبيرة في الحصول على الغذاء الصحي والمتنوع بسبب قلة دخولهم، لاسيما مع تخفيضات العملة المتتالية. تفاقُم هذا الوضع بسبب محدودية توافر الأغذية الطازجة، بسبب ظروف سوء التخزين والنقل والتسويق. في المُجمل أيضًا، وبسبب التغيرات المستمرة في طبيعة الاقتصاد في الحضر والوقت الأقل المتاح يوميًا خارج ساعات العمل، فإن سكان الحضر أكثر اعتمادًا على الأطعمة السريعة، وذلك استجابة لضغوطات مختلفة في النسق الاقتصادي، والتي تشمل العمل والوقت المحدود للطهي، ومن ثم فهم أكثر عرضة للإصابة بالسمنة وأمراض سوء التغذية الأخرى.

تظهر بيانات النشرة السنوية لحركة الإنتاج والتجارة الداخلية والخارجية لأهم السلع الزراعية انخفاضًا واضحًا في نصيب المواطن من الخضروات، إذ انخفض من 93.1 كيلو جرام سنويًا في 2016، إلى 72.5 كيلو جرام سنويًا في 2021

يدفعنا هذا للاعتقاد بأن الانتقال للدعم النقدي لن يساهم في زيادة الطلب على تنويع الغذاء، بل على العكس سوف يرفع من أسعار الحبوب والسلع الأساسية، ومن ثم تحديد النفاذ لها بشكل أكبر وبالأخص في الشرائح الأفقر من السكان. وحتى إذا كانت الحكومة تريد تصميم برامج دعم نقدي تصاعدي يعطي للأفقر دعمًا ماليًا أفضل، فإن الطلب سوف يظل متركزًا على الأغذية الرخيصة طالما ظلت رخيصة في السوق، وذلك لأن الفقراء سيستمرون في الاعتماد على الغذاء الرخيص كثيف السعرات الحرارية، لتوجيه جزءًا من أموال هذا الدعم النقدي لاستهلاك خدمات وسلع أخرى.

بدلًا من التفكير في استبدال البرنامج القائم بآخر نقدي غير واضح المعالم، هناك حاجة على المدى الطويل لتصميم سلات دعم غذائية أكثر تنوعًا، تراعي الاعتبارات الغذائية الصحية والمتطلبات المحلية للسكان في كل منطقة من مناطق مصر. يمكن أن تكون تلك السلة أكثر تكلفة في دعمها، لكن مع تقليل معدلات التغطية التي تقوم بها الحكومة في السنوات الأخيرة، يمكن أن تقل التكلفة كرقم مطلق وكنسبة من الناتج المحلي.

لا يمكن أن يتم ذلك بشكل جيد سوى بإشراك تلك المجتمعات المحلية في تصميم السلة الغذائية المدعومة، وتقليل القدر الكبير من المركزية في تصميم السلة، وعمليات التوريد والمناقصات المرتبطة بشراء تلك السلع، وما يمكن أن يتطلبه ذلك من نزع مركزية منظومة الدعم الغذائي في مصر. لن تساهم التحويلات النقدية في تنويع سلة الغذاء كما يتصور عنها، وذلك بسبب ارتفاع أسعار الغذاء وصدمات التسعير المستمرة فيه، والتي سوف تزيح الفقراء شيئًا فشيئًا ناحية السلع الأرخص من الحبوب والنشويات والزيوت المهدرجة الرخيصة، ومن ثم لن يساهم الدعم النقدي في حل مشكلة سلة الدعم السيئة في مصر.

إذا كانت الحكومة مشغولة فعلًا بالتأثيرات الصحية لبرنامج الدعم الغذائي، فعليها أن تعيد تصميم سلة الدعم، حتى ولو بشكل جزئي موجه للسكان في المناطق الأكثر فقرًا، والنساء والأطفال في تلك المناطق. يمكن البدء من خلال تطبيق وجبة مدرسية ساخنة في المناطق الأفقر في مصر، وتعميم ذلك البرنامج لاحقًا على مناطق أخرى. سوف توفر تلك الوجبة قيمة غذائية جيدة للأطفال في سن صغيرة، ويمكنها أن تقلل من التكلفة المالية والصحية للأمراض المرتبطة بسوء التغذية بالنسبة للأطفال في مصر، والتي تؤثر أيضًا على المدى الطويل في مستويات الإنتاجية.

لا يمكن أن يتم هذا التنويع لسلة غذاء المصريين الفقراء من خلال التحويلات النقدية، بل يجب أن يبدأ إصلاح منظومة الدعم الحالية بنزع مركزيتها، وبناء سلاسل توريد محلية للأغذية المزروعة في كل منطقة في الريف. يمكن مثلًا في الدلتا أن يضاف الخضار بسهولة إلى منظومة الدعم، لأن إنتاجه كثيف ويمكن نقله بسهولة داخل حدود المحافظات المختلفة بدون الحاجة لمنشآت تخزين أو تبريد مكلفة. كما يمكن أن تصمم السلة حسب الاحتياجات الغذائية المطلوبة لكل أسرة، فإذا كان هناك أطفال دون السادسة، ينبغي زيادة البروتين عبر البقوليات مثلًا. ويمكن الانتقال بجزء من هذا الدعم الغذائي لوجبات مدرسية ساخنة تتم بشكل محلي في كل قرية، وتتضمن تشغيل مجموعة من الأسر في عمليات إعداد الطعام وتقديمها للأطفال حتى نهاية المرحلة الابتدائية، وغيرها من الإجراءات التي يمكن أن تتم بالتنسيق بين السياسات الغذائية والسياسات الصحية في مصر.

خلال السنوات الماضية، شهدت مصر وغيرها من دول الجنوب العالمي تبعات العديد من العوامل التي ستساهم في زيادة صدمات تسعير الغذاء في المستقبل، على رأسها التغير المناخي، والذي يؤثر على مستويات الإنتاجية ويجعلها أكثر تقلبًا في المحاصيل الرئيسية، إلى جانب الحروب والنزاعات والتوترات الجيوسياسية، والتي ظهرت بشكل جلي في الحرب الروسية الأوكرانية، والحروب التجارية والسياسات الحمائية في مجال السلع الزراعية. ومن ثم، فإن وجود الحكومة وهيئة السلع التموينية كمستورد وموفر للسلع الأساسية يعد ضروريًا لتحقيق الأمن الغذائي على المستوى الجماعي والفردي في مصر. دور الهيئة في توفير تلك السلع عبر الاستيراد لا يمكن الاستغناء عنه في الأوقات العادية ناهيك في أوقات الأزمات، ومن ثم فإن الإبقاء علي منظومة الدعم العيني، والبحث عن سبل لتطويرها وتحسين كفاءة الاستهداف فيها هو ما يجب أن يشغلنا، وليس كيف يمكن للحكومة أن تنفض عن يدها عبء توفير السلع الأساسية لما يقارب من 70 مليون مواطن مصري في ظل أزمة اقتصادية وغذائية يمكن أن نقول أنها الأعنف في تاريخ هذا البلد.

رابط التقرير

https://mada38.appspot.com/www.madamasr.com/2024/11/07/opinion/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%82%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7%D9%85%D8%AC-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%B9-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%86%D8%A7/?fbclid=IwY2xjawGbFHVleHRuA2FlbQIxMAABHXIVZ8Y0GDv-s3zddgmuG5S2FaUbQOEzbvRkW5aCRRlO3tdsUwBlUbGuxQ_aem_jlKn9K9GVLzigcW4Wyy0Og

مغاربة يلاحقون مشجعي مكابي تل أبيب الإسرائيلي في شوارع أمستردام بعد إزالتهم أعلاما فلسطينية على واجهات المباني وإطلاق هتافات مسيئة للعرب

 

على هامش احداث العنف فى أمستردام مساء امس

مغاربة يلاحقون مشجعي مكابي تل أبيب الإسرائيلي في شوارع أمستردام بعد إزالتهم أعلاما فلسطينية على واجهات المباني
 وإطلاق هتافات مسيئة للعرب


الجيش الإسرائيلي يتدخل لـ"إنقاذ" مشجعي "مكابي تل أبيب" في هولندا

رابط تقرير موقع الحرة

الجيش الإسرائيلي يتدخل لـ"إنقاذ" مشجعي "مكابي تل أبيب" في هولندا

رابط بيان متحدث الجيش الاسرائيلى

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أنه يستعد لإرسال "بعثة إنقاذ" تضم طواقم طبية، لإجلاء مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" الذين تعرضوا لاعتداءات في هولندا، عقب مباراة فريقهم ضد أياكس أمستردام في بطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم.

وأوضح بيان للجيش الإسرائيلي، أنه "في أعقاب أحداث العنف الصعبة والخطيرة ضد مواطنين إسرائيليين في أمستردام، وبتوجيهات من المستوى السياسي وبعد تقييم الوضع، يستعد جيش الدفاع بشكل فوري لإرسال بعثة إنقاذ بتنسيق مع الحكومة الهولندية".

وأضاف البيان: "ستخرج البعثة على متن طائرات شحن، وستضم طواقم طبية وإنقاذ. تقود قيادة الجبهة الداخلية عملية الإنقاذ بتعاون الأذرع والأفرع المختلفة في جيش الدفاع وقوات الأمن".

وسبقت خطوة الجيش، أوامر من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الجمعة، بإرسال طائرتين إلى هولندا لإعادة المشجعين، مضيفا في بيان أنه يتعامل "بجدية مع الحادث المروع، ويطالب الحكومة الهولندية وقوات الأمن بالتصدي بحزم وسرعة ضد مثيري الشغب، وضمان سلامة مواطنينا".

وذكر بيان ثان لمكتب رئيس الوزراء، أن وزارة الأمن الوطني حثت المواطنين الإسرائيليين في أمستردام عقب الهجمات، على البقاء في غرفهم بالفنادق التي يقيمون فيها.

وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، في منشور على موقع "إكس": "المشجعون الذين ذهبوا لمشاهدة مباراة كرة قدم، واجهوا معاداة السامية وتعرضوا للهجوم بقسوة لا يمكن تصورها، لمجرد أنهم يهوديون وإسرائيليون".

ولم تتضح بعد طبيعة الهجمات التي قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنها تمت من "أشخاص ملثمين، هتف بعضهم (الحرية لفلسطين)".

وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، أن 10 إسرائيليين أصيبوا في الاعتداءات.

شاهد الفيديوهات ... إسرائيل ترسل طائرات لإجلاء مواطنيها من هولندا بعد أحداث عنف ضد الإسرائيليين عقب انتهاء مباراة أياكس أمستردام الهولندى ومكابي تل أبيب الإسرائيلي

شاهد الفيديوهات ... إسرائيل ترسل طائرات لإجلاء مواطنيها من هولندا بعد أحداث عنف ضد الإسرائيليين عقب انتهاء مباراة أياكس أمستردام الهولندى ومكابي تل أبيب الإسرائيلي

فاز نادى أياكس أمستردام الهولندى 5-0 على مكابي تل أبيب الإسرائيلي مساء امس الخميس 7 نوفمبر على ملعب يوهان كرويف بهولندا في الدوري الأوروبي ليحتل أياكس المركز الثاني في ترتيب الدوري الأوروبي. برصيد عشر نقاط من أربع مباريات.

وعقب المباراة شهدت شوارع أمستردام فوضى وأعمال عنف وشغب استمرت حتى صباح اليوم الجمعة، حيث تعرض عشرات الإسرائيليين للاعتداءات، وتفيد التقارير بفقدان شخصين، يُعتقد أنهما ربما اختُطفا. وكان المهاجمون يرددون شعارات مؤيدة لفلسطين.

والعكس أيضاً تعرض مؤيدو فلسطين لاعتداءات من قبل اليهود، ولكن النصيب الأكبر من الهجوم كان ضد الإسرائيليين.

ووعد عمدة أمستردام بتعزيز الأمن والشرطة استجابة لطلب الجانب الإسرائيلي، فيما أرسلت إسرائيل طائرات لإجلاء مواطنيها من هولندا، إلى جانب توفير بعثة إنقاذ وفرقة طبية.

محكمة إيطالية تقضي فى جلسة يوم الاثنين الماضى 4 نوفمبر بأن مصر دولة طاغوتية استبدادية ولا يمكن اعتبارهُا دولًة "آمنة" لإعادة المهاجرين منها إليها

 

رابط التقرير

قام بنشر تغطية الجلسة مساء امس الخميس 7 نوفمبر إذاعة صوت ألمانيا

محكمة إيطالية تقضي فى جلسة يوم الاثنين الماضى 4 نوفمبر بأن مصر دولة طاغوتية استبدادية ولا يمكن اعتبارهُا دولًة "آمنة" لإعادة المهاجرين منها إليها

المحكمة الايطالية اكدت انها استندت فى قرارها على حكم المحكمة الأوروبية الذي صدر في 4 أكتوبر الماضي والذي قضى بأن الدول التي تُعتبر "آمنة" هي فقط تلك التي تكون آمنة في كامل أراضيها – وهو ما لا ينطبق على مصر

رئيس المحكمة يؤكد فى مضمون الحكم "وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" في مصر، بما في ذلك الاستخدام المنهجي للتعذيب من قبل الشرطة، والعنف ضد محامي حقوق الإنسان والصحافيين، والتمييز ضد النساء والأقليات الدينية.

المحكمة توجه بحكمها ضربة لخطط رئيسة الوزراء الايطالية للهجرة لإعادة المصريين الهاربين من مصر إليها 

أنقذ خفر  السواحل الإيطالي يوم السبت الماضي نحو 60 مهاجرا وكان من المفترض أن يتم نقلهم إلى لامبيدوزا. أغلب المهاجرين الذين تم إنقاذهم هم من الرجال البالغين ما يعني أن فرص بقائهم في إيطاليا ضئيلة. إذ وبحسب الاتفاقية الألبانية الإيطالية كان سيتم نقل جميع المهاجرين إلى ألبانيا. التى من المفترض أن يخضعوا لإجراءات لجوء مسرعة فيها، ومن ثم يتم ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية في غضون 30 يومًا على الأكثر.

هكذا يبدو الأمر من الناحية النظرية، لكن من الناحية العملية فالوضع مختلف جدا. فبعد أن نقلت سفينة "ليبرا" قبل ثلاثة أسابيع أول 16 مهاجرًا من مصر وبنغلاديش إلى ألبانيا، أمرت  محكمة إيطالية بنقلهم إلى إيطاليا فورا. والسبب هو أن قضاة المحكمة لا يرون في مصر وبنغلاديش "دول منشأ آمنة". واستندت المحكمة في قرارها إلى حكم المحكمة الأوروبية الذي صدر في 4 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي قضى بأن الدول التي تُعتبر "آمنة" هي فقط تلك التي تكون آمنة في كامل أراضيها – وهو ما لا ينطبق على مصر ولا على بنغلاديش، حسب ما أكدت المحكمة الإيطالية.

قرار المحكمة هذا لم يعجب الحكومة الإيطالية اليمينية الحالية، إذ تسعى جاهدة إلى تطبيق خطتها الرامية إلى نقل المهاجرين إلى ألبانيا. وهو ما دفع  جورجيا ميلوني إلى إصدار مرسومًا طارئًا يتم بموجبه تحويل القائمة الحالية للدول "الآمنة" إلى قانون وطني يتوجب على  المحاكم الإيطالية الالتزام به. وهنا يبقى السؤال: هل سيكون ذلك كافيًا للتغلب على حكم محكمة الاتحاد الأوروبي؟

"العقبات "متوقعة وسيتم التغلب عليها

من المعروف أن القوانين الأوروبية تتفوق على التشريعات الوطنية. بالنسبة لرئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، فإن "العقبات" كانت متوقعة وسيتم التغلب عليها، وذلك بعدما ألغت محكمة روما في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي احتجاز أول مجموعة من المهاجرين في مركز جديد في ألبانيا.

كما تأتي التصريحات بعدما أحالت محكمة أخرى في بولونيا إجراء حكوميا جديدا، يحدد قائمة الدول الآمنة للإعادة إلى الوطن، إلى  محكمة العدل الأوروبية مع طلب توضيح حول ما إذا كان ينبغي تطبيق القانون الأوروبي أم الإيطالي في مسألة الدول الآمنة.

وأثار هذا الحكم الجديد اتهامات بأن القضاء يتعدى على المجال السياسي بالـ"بروباغاندا"، في حين أكد أعضاء حكوميون أن نقل المهاجرين غير النظاميين إلى ألبانيا "سوف يستأنف، مع احترام القانون".

ضربة جديدة لسياسة ميلوني

لكن محكمة في صقلية وجهت الاثنين (الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري) ضربة جديدة لسياسة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني بشأن المهاجرين بإعلانها أن طلبات اللجوء من مصر لا يمكن تسريعها. وتم إدراج مصر على قائمة الحكومة لما يسمى بالدول "الآمنة" التي يمكن إعادة المهاجرين إليها بموجب عملية سريعة - وهي القائمة التي تم تحديثها الشهر الماضي فقط.

لكن محكمة كاتانيا قضت الاثنين بأن مصر لا يمكن اعتبارها دولة  "آمنة"، مستشهدة بحكم محكمة العدل الأوروبية من الشهر الماضي بأن مستوى الأمن في مثل هذه الدول يجب أن يكون "عاما وثابتا" حتى يتم اعتبارها آمنة. ووثق رئيس محكمة كاتانيا، ماسيمو إيشر، "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" في مصر، بما في ذلك الاستخدام المنهجي للتعذيب من قبل الشرطة، والعنف ضد محامي حقوق الإنسان والصحافيين، والتمييز ضد النساء والأقليات الدينية والمثليين جنسيا. ولهذا السبب، رفض التوقيع على أمر احتجاز طالب لجوء مصري.

بدورها قالت المحامية روزا إيمانويلا لو فارو لوكالة فرانس برس إن  محكمة كاتانيا رفضت التوقيع على أوامر احتجاز أربعة مهاجرين آخرين الاثنين، اثنان من مصر واثنان من بنغلادش. وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استشهد قاض في روما بحكم محكمة العدل الأوروبية عندما حكم ضد نقل المجموعة الأولى من المهاجرين - من بنغلاديش ومصر - إلى مركزين جديدين لمعالجة الطلبات تديرهما إيطاليا في ألبانيا. وشكل قرار القضاء الإيطالي انتكاسة للحكومة اليمينية التي جعلت من مكافحة الهجرة غير الشرعية من أولوياتها.

صراع مع القضاء

أدت أحكام المحكمة الإيطالية والقاضي في بولونيا إلى نشوء صراع  غير مسبوقبين حكومة ميلوني والقضاء. وقد وصف ممثلو الحكومة – وعلى رأسهم رئيس حزب "ليغا" ونائب رئيس الوزراء ماتيو سالفيني – القضاة بأنهم يقومون بتخريب أحكام حكومة منتخبة ديمقراطيًا بطريقة غير مقبولة.

من جانب آخر، يتحدث ممثلو جمعيات القضاة عن "محاولات ترهيب" من قبل السلطة التنفيذية. فحتى المحامون الذين يميلون إلى دعم الحكومة يرون أن المحاكم في روما وبولونيا لم تفعل شيئًا "سوى تطبيق القوانين الإيطالية والأوروبية".

من المرجح أن تكون محاولة الحكومة الإيطالية الثانية  إرسال المهاجرين إلى ألبانيا قصيرة أيضًا. فبحسب فيتتّوريو مانيس، أستاذ القانون الجنائي والإداري في جامعة بولونيا، فإن "القضاة الإيطاليين يمكنهم الاستمرار في إصدار أوامر بإعادة المهاجرين من ألبانيا إلى إيطاليا وإطلاق سراحهم حتى صدور قرار من محكمة الاتحاد الأوروبي بشأن الطلب المقدم من بولوني.

البرلمان الألماني يصادق مساء امس الخميس 7 نوفمبر على قرار بعنوان "لن يتكرر أبدا" لحماية الحياة اليهودية

رابط الفيديو

البرلمان الألماني يصادق مساء امس الخميس 7 نوفمبر على قرار بعنوان "لن يتكرر أبدا" لحماية الحياة اليهودية، بدعم من الأحزاب الحاكمة وكتلة الاتحاد المسيحي ويهدف القرار إلى مكافحة معاداة السامية ودعم أمن إسرائيل، كجزء أساسي من السياسة الخارجية الألمانية⁣

وقضى القرار، الذي وافقت عليه الحكومة قبل أيام، إلى جعل التمويل الحكومي للثقافة والعلوم يعتمد على الالتزام بتعريف مُثيرٍ للجدل لما يسمى عدم معاداة السـ ـامية.
ويقول العديد من الخبراء القانونيين وجماعات حقوق الإنسان إن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تآكل الديمقراطية.


حادثة فريدة من نوعها في العالم .. "سيارة لقتل الزوجات" في كردستان العراق

 

حادثة فريدة من نوعها في العالم .. "سيارة لقتل الزوجات" في كردستان العراق

الرابط

https://x.com/hespress/status/1854659848119464181