نص ورابط خطاب الأمم المتحدة إلى النظام المصرى مكون من 17 صفحة بشأن قانون لجوء الأجانب الجديد الذي أقره مجلس النواب الشهر الماضي ووقعه رئيس الجمهورية ليصدر في صورته النهائية في يوم 17 ديسمبر الجاري تؤكد فيه بان القانون المصرى شديد البعد عن القانون الدولي ومخلًا بشكل صريح بالتزامات مصر القانونية بموجب قوانين اللجوء المتعددة التي صدقت عليها وباتت جزءًا من منظومتها الدستورية والقانونية وتحذر من خطورة القانون وتطالب النظام المصرى بتعديله وفق القوانين الدولية الموقعة عليها
بعث سبعة من مقرري مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة رسالة مشتركة إلى الحكومة المصرية حمل تحفظات عميقة وتعليقات مفصلة بشأن قانون لجوء الأجانب الجديد، الذي أقره مجلس النواب الشهر الماضي ووقعه رئيس الجمهورية ليصدر في صورته النهائية في يوم 17 ديسمبر الجاري. وشدد الخطاب على أن القانون إذا تم تطبيقه بشكله الحالي فإن ذلك سيعني أن أول قانون وطني مصري منظم للجوء سيكون شديد البعد عن القانون الدولي، ومخلًا بشكل صريح بالتزامات مصر القانونية بموجب قوانين اللجوء المتعددة التي صدقت عليها وباتت جزءًا من منظومتها الدستورية والقانونية.
وشارك في الخطاب -الذي جاء في 17 صفحة- كل من المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، وهو السير المصري السابق جهاد ماضي؛ والمقررة الخاصة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي حاليًا البرلمانية المصرية السابقة والأمينة العامة السابقة للمجلس المصري للأشخاص ذوي الإعاقة هبة هجرس؛ فضلاً عن كل من المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقررة الخاصة المعنية بحرية الدين أو المعتقد، والمقررة الخاصة المعني بالاتجار بالأشخاص لا سيما النساء والأطفال، إضافة إلى فريق العمل المعني بالتمييز ضد النساء والفتيات.
وكانت كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنصة اللاجئين في مصر قد قدمتا للمقررين الأمميين الخواص في 14 نوفمبر الماضي مذكرة فور بدء مجلس النواب في مناقشة المشروع المعيب، تضمنت تحليلًا مفصلًا لمواده التي يتناقض الكثير منها بشكل واضح مع الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق اللاجئين ومع التزامات مصر القانونية والدولية تجاه اللاجئين وضحايا الاتجار بالبشر وضحايا التعذيب، بالإضافة إلى انحرافه في أكثر من موضع عن معايير حقوق الإنسان المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة.
وحذر خطاب المقررين الأمميين من استحالة تطبيق القانون في صياغته الحالية بشكل يتفق مع التزامات مصر المتعلقة بالحماية الدولية للاجئين، وما يمثله ذلك من تقويض لحقوق الإنسان في مصر، وتقويض لمنظومة الحماية الممنوحة للاجئين في الوضع القائم الذي تشرف فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة على ملف اللجوء في مصر، خاصة مع غياب أية تفاصيل عن الفترة الزمنية المطلوبة للانتقال من الإطار القانوني الحالي إلى الإطار الذي ينظمه القانون الجديد، ونقل مهام تحديد صفة اللجوء وتسجيل طالبي اللجوء إلى اللجنة الدائمة التي يُنتظر أن تؤسس بموجبه.
وتتمثل أهم النقاط التي أثارت قلق الخبراء الأمميين، والتي يطالبون السلطات المصرية بتعديلها، في الآتي:
1- الحمايات والضمانات الأساسية للاجئين وطالبي اللجوء: يشدد الخطاب على أن الركيزة الأساسية للقانون الدولي للاجئين هو مبدأ حظر الإعادة القسرية أو الرد، الذي يضمن عدم إعادة أي شخص إلى أي بلد قد يواجه فيه خطرًا حقيقيًا. ويعكس خطاب المقررين الخواص قلقًا واضحًا من عدم الإشارة بشكل واضح إلى هذا المبدأ، والاكتفاء بالإشارة في المادة 13 من القانون إلى حظر تسليم اللاجئ (أي من تم إسباغ صفة اللجوء عليه) إلى بلد المنشأ أو الإقامة الدائمة. ويؤكد الخطاب على أن مبدأ حظر الرد يشمل حماية أوسع لكل من يواجه خطرًا حقيقيًا في البلد التي جاء منها، ويشمل اللاجئين وطالبي اللجوء قبل وأثناء فحص طلباتهم. ويؤكد خطاب المقررين الخواص أن النص على مبدأ حظر الرد يجب أن يكون نقطة الانطلاق في أول قانون وطني معني باللجوء وأن ينص عليه بشكل صريح في ديباجة القانون والتعريفات الأساسية.
ويستعرض الجزء الأول من الخطاب المشاكل المتعلق بالحماية والتعريفات الأساسية، والتي تتضمن كذلك تعديلات "غير مبررة وغير مفهومة" -بنص الخطاب- في صياغة تعريف اللاجئ أو الشخص المستحق للجوء، بشكل يزيد من عبء الإثبات على طالب اللجوء، كما يستنكر مقررو الأمم المتحدة الموقعون على الخطاب التوجه العقابي لبعض مواد القانون، منها التي تجرم وتعاقب بالحبس على تقديم مساعدات إنسانية أو مسكن أو مأوى للاجئ بدون إخطار قسم الشرطة المختص - المادة 37 والتي أشرنا في بياناتنا السابقة إلى عدم دستوريتها- أو تفرق بين اللاجئ الذي دخل إلى البلاد بطريقة نظامية واللاجئ غير النظامي، في حين أن الظروف التي ينزح فيها الكثيرون، إن لم يكن أغلبية طالبي اللجوء، تجعلهم عمليًا مضطرين إلى اتباع الطرق غير النظامية لدخول البلاد وطلب الحماية. ولهذا السبب تمنع اتفاقية 1951 في المادة 31 بشكل واضح تجريم الدخول غير النظامي إلى البلاد بالنسبة للاجئين، والذين تختلف معاملتهم عن المهاجرين والزوار. ويطالب الخطاب بإزالة أي شكل من أشكال التمييز أو التجريم ضد طالبي اللجوء الذين دخلوا البلاد بشكل غير نظامي.
2- تأسيس اللجنة الدائمة وتعريف الأطر الحاكمة لعملها: ينتقد الخطاب عدم وضوح تشكيل وطريقة عمل اللجنة الدائمة التي يؤسسها القانون دون تعريف واضح لمسؤولياتها، والضمانات والأطر الحاكمة لعملها خاصة فيما يتعلق بتحديد صفة اللجوء. فالخطاب يكرر ما سبق وحذرت منه 22 من منظمات المجتمع المدني، من أن عملية التسجيل وفحص الطلبات وتحديد صفة اللاجئ هي عملية تقنية بالغة التعقيد. ولا يشير القانون في شكله الحالي إلى الأطر القانونية والإجرائية التي ستلتزم بها اللجنة الدائمة وأعضاء أمانتها الفنية من أجل الاضطلاع بهذه المهمة. كما أنه لا يحدد كيفية وتأهيل الكوادر والموارد البشرية التي ستقوم بهذه العملية. كما يعرب الخبراء الأمميون في الخطاب عن قلقهم من غياب أي إطار زمني انتقالي واضح والغياب الكامل للمعلومات المتعلقة بكيفية إدارة الملفات المفتوحة حاليًا (أي الحالات الخاضعة للفحص في المنظومة القانونية الحالية)، والموقف القانوني المتعلق بالأشخاص الذين ينتظرون البت في طلباتهم من المفوضية السامية قبل تمام التصديق على القانون من رئيس الجمهورية.
3- حماية ضحايا الإتجار بالبشر وخاصة من النساء والأطفال: يشير الخطاب إلى غياب الضمانات المتعلقة بتوفير حقوق الأشخاص الذين تعرضوا لجريمة تهريب البشر وخاصة من النساء والأطفال، وهم الأكثر عرضة للوقوع ضحايا لجريمة تهريب البشر، ويعبر عن تخوفات حقيقية من استخدام نصوص في القانون لمعاقبتهم بدلًا من التعامل معهم بوصفهم ضحايا. ويكرر مرة أخرى ما جاء في أول الخطاب من أن مبدأ حظر الرد يشمل أيضًا التزامات قانونية بموجب اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات أخرى خارج إطار القانون الدولي المعني باللجوء.
4- ضمانات المحاكمة العادلة وسهولة النفاذ إلى القضاء: يلفت الخطاب النظر إلى أن القانون الجديد منح اللاجئين الحق في التظلم أمام القضاء الإداري ضد قرارات الإبعاد من البلاد، ولكنه أهمل النص بشكل صريح على حقهم القانوني في التواجد في البلاد بشكل قانوني أثناء نظر التظلم؛ فالنص بشكله الحالي قد يُفسَّر على أن السلطات التنفيذية ملزمة بالإبعاد الفوري، وهو ما يفرغ نصوص الاستئناف أو الحق في التظلم من معناها تمامًا.
5- الاستبعاد والحرمان من صفة اللاجئ والنهج العقابي المبالغ فيه: يؤكد الخطاب على خطورة التوسع المبالغ فيه في نصوص الاستبعاد كما جاءت في القانون بشكله الحالي، ويستهجن التعريفات التي وصفها بـ"الفضفاضة والمتناقضة مع قانون اللاجئين الدولي" كما وردت في المادة الثامنة من القانون. ويشدد الخطاب على أن إقحام أسباب واعتبارات "مبهمة وشديدة التوسع" للاستبعاد والحرمان من صفة اللاجئ، مثل "تهديد الأمن القومي والنظام العام" التي لا يحاول القانون أن يعرفها، والربط بين قانون الكيانات الإرهابية المصري وأسباب الاستبعاد المحتملة، كل هذا يحمل في طياته خطورة أن يفسر ويستخدم القانون ضد أشخاص مستحقين للحماية بل وضد الأشخاص الذين صممت من أجلهم أصلًا الحماية القانونية الممنوحة للاجئين.
فالقانون الدولي، واتفاقية 1951 التي ينبني عليها وعلى تعريفاتها قانون لجوء الأجانب الجديد، قد عرفت بشكل حصري ثلاثة أسس عريضة للاستبعاد تشمل فقط ارتكاب جرائم "غير سياسية" في بلد المنشأ أو الإقامة. وبإضافة الجرائم السياسية أو نصوص يمكن أن تفسر على هذا النحو إلى قائمة أسباب الاستبعاد، يصبح القانون في شكله الحالي تهديدًا محتملًا للاجئين المستحقين للحماية، ويفتح الباب للتفسيرات والأهواء والانحيازات السياسية للأفراد القائمين على عملية تحديد صفة اللاجئ لمنح الحماية أو سحبها على أسس من تلك الانحيازات.
ويحذر الخطاب من أن التوسع في أسباب الحرمان ثم الاستبعاد (أو نزع صفة اللجوء)، مع ضعف أو غياب آليات التظلم والاستئناف داخل اللجنة، مع النص على الإبعاد من البلاد بشكل تلقائي في مواد أخرى، كلها تجعل الضمانات القليلة الموجودة ضد الطرد أو الرد بلا معنى أو تأثير حقيقي.
وقدم الخبراء الأمميون الحكومة المصرية بمجموعة من التوصيات من ضمنها: منح المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عضوية أو "مقعدًا" في اللجنة الدائمة إلى جانب الهيئات الأخرى الممثلة للحكومة المصرية بحكم منصبها، وتعديل تعريف اللاجئ في المادة الأولى بحيث يتطابق مع النص الأصلي كما جاء في اتفاقيتي 1951 و1969 دون إضافة تعديلات لغوية غير واضحة المعنى تسمح بإساءة الاستخدام، والنص على آليات أكثر وضوحًا للتظلم واستئناف قرارات اللجنة الدائمة فيما يتعلق بتحديد صفة اللاجئ؛ إضافة إلى عدة توصيات أخرى بتعديلات تفصيلية على عدد من المواد الأخرى وتوصيات يمكن ترجمتها إلى نصوص عملية في اللائحة التنفيذية.
رابط خطاب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى النظام المصرى مكون من عدد 17 صفحة بشأن قانون لجوء الأجانب الجديد، الذي أقره مجلس النواب الشهر الماضي ووقعه رئيس الجمهورية ليصدر في صورته النهائية في يوم 17 ديسمبر الجاري يؤكد فيه بان قانون لجوء الأجانب المصرى شديد البعد عن القانون الدولي، ومخلًا بشكل صريح بالتزامات مصر القانونية بموجب قوانين اللجوء المتعددة التي صدقت عليها وباتت جزءًا من منظومتها الدستورية والقانونية.
الرابط
https://spcommreports.ohchr.org/TMResultsBase/DownLoadPublicCommunicationFile?gId=29577