لست الديمقراطية رجسا من أعمال الشيطان كما يروج الطغاة. بل هى عبق الحياة الكريمة التى بدونها تتحول الى استعباد واسترقاق. والحاكم الى فرعون. وحكومته الى سجان. وحاشيته الى زبانية. والمواطنين الى اصفار عليهم السمع والطاعة. والا حق عليهم القصاص.
الأربعاء، 25 ديسمبر 2024
طائرة الركاب ألاذربيجانية المنكوبة التى سقطت في كازاخستان صباح اليوم الاربعاء
مصريون في سجون الأسد: هل يعودون بعد سقوط النظام؟
زاوية ثالثة
مصريون في سجون الأسد: هل يعودون بعد سقوط النظام؟
أحمد عبد الجواد، الذي يبلغ من العمر 33 عامًا، هو ابن المحلة الكبرى في محافظة الغربية. كان يعمل حارسًا لإحدى العقارات في مدينة جبيل اللبنانية، حيث تمكن من الحصول على إقامة سارية، وادّخر مبلغًا من المال لزيارة مصر في عطلته السنوية بهدف خطبة فتاة. لكن، في السادس من إبريل 2020، اختطفه عناصر تابعون لجماعة حزب الله اللبناني من قارعة الطريق في سيارة مجهولة واتجهوا به إلى جهة غير معلومة، لتنقطع أخباره عن أسرته تمامًا.
بعد عامين من الاختفاء، وفي عام 2022، انضم شقيقه محمد إلى إحدى مجموعات التواصل الخاصة بالمفقودين في الوطن العربي. لدهشته، تواصل معه شخص سوري عبر حساب وهمي، وأخبره أنه يعمل سجانًا في أحد مراكز الاحتجاز في قرية الحيدرية بمحافظة حمص السورية، وأن أحمد محتجز في أحد الزنازين. وفقًا لهذا الشخص، كان أحمد متهماً بسب وقذف أحد قياديي حزب الله، وكان السجان يراه يوميًا في الساعة 11 صباحًا أثناء تقديم الطعام للسجناء.
في محادثة هاتفية مع “زاوية ثالثة”، يروي محمد قائلاً: ‘طلب مني توكيل محامٍ لإنقاذ أخي قبل نقله إلى سجن صيدنايا، الذي يعتبره البعض بمثابة حكم بالإعدام. ثم أخبرني أنه سيغلق الحساب بعد هذه المحادثة. بعد أن لجأنا إلى نقيب المحامين، لم تتمكن أي جهة من مساعدتنا. بعدها تواصلت وزارة الخارجية معنا، وأكدوا أنهم سيعملون على إعادة أحمد، لكنها مسألة وقت فقط.
أثارت أنباء سقوط النظام السوري في الثامن من ديسمبر الجاري 2024، بعد سيطرة فصائل مسلحة على دمشق، أسرة أحمد التي باتت تتابع الأخبار وتفتش عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحثًا عن صورة أو مقطع فيديو يظهر خلاله ضمن السجناء المحرَرين من سجون النظام، أو ورود اسمه في الكشوفات المسربة لأسماء المعتقلين بتلك السجون، حتى وجدوا ضالتهم في مقطع فيديو، نشرته قناة العربي الجديد، يظهر هروب السجناء من سجن صيدنايا، في 8 ديسمبر الجاري، ظهر فيه وجه شقيقهم بوضوح بعد اختفاء دام أكثر من أربع سنوات، لكنه لم ينجح حتى اليوم في التواصل مع أسرته التي تناشد الحكومة المصرية بالعثور عليه وإعادته سالمًا إلى مصر.
هجرة غير نظامية
تختلف ملابسات اختفاء أحمد، عن قصة الحسيني محمد – ابن مركز دسوق في محافظة كفر الشيخ-، الذي كان في عامه الـ17، حين اتخذ قرار الهجرة إلى تركيا، بحثًا عن عمل يمكنه من الإنفاق على أسرته بعدما تدهورت الحالة الصحية لوالده الذي تورط في الديون ليزوج ابنته.
ودّع الشاب المراهق أسرته وغادر مدينته دسوق متجهًا إلى القاهرة، قاصدًا المطار ليستقل الطائرة المتجهة إلى إسطنبول، وهناك أقام رفقة عدد من المصريين، وعمل مدة شهر في تنظيف الأطباق داخل أحد الفنادق، لكنه لم يتلق مستحقاته المالية، لذا فكّر في مغادرة تركيا، والتقى مجموعة من المهاجرين غير النظاميين، كان بينهم 14 شابًا مصريًا، يخططون لدخول الأراضي السورية بغرض الهجرة غير النظامية إلى لبنان عبر الحدود، حينها تحمس “الحسيني” للفكرة لكون أبناء عمومته يعيشون ويعملون في لبنان منذ سنوات بعيدة.
في نوفمبر عام 2013، تلقت أسرة الحسيني الاتصال الأخير منه، ليبلغهم أنه في طريقه مع رفاقه ليقطعوا الحدود السورية وصولاً إلى لبنان، ثم انقطعت أخباره ولم تعد أسرته تعلم شيئًا عن مصيره، قصد والديه وزارة الخارجية للتقدم ببلاغ حول اختفاء نجلهم، واستدعى جهاز الأمن والده لجمع المعلومات، دون أن يخبره أحد عن مصير الابن، وبعد أشهر من المعاناة أدركت الأسرة أن رفاق ابنهم الـ14 مصري فُقدوا في سوريا، وتواصلت مع محامي سوري ليبحث عن ابنهم، فأبلغهم أن أولئك الشباب ألقي القبض عليهم على بعد أربعة كيلو متر من الحدود اللبنانية، وتم توزيعهم على ثلاثة سجون سوريّة (صيدنايا، وفرع فلسطين/ يعرف أيضًا بفرع 235 وهو أحد السجون التي تديرها المخابرات السورية، وسجن مطار المزة العسكري)، لكن المحامي لم يستطع تحديد مكان ابنهم بالتحديد، بحسب ما يروي والده إلى زاوية ثالثة.
11 عامًا مرت على فقدان الشباب المصريين الـ14 داخل الأراضي السورية، دون أن تتمكن أسرهم من معرفة معلومات عنهم، والتأكد من كونهم لا يزالون على قيد الحياة، وفي الوقت الذي سيطر فيه اليأس عليهم، تفاجئوا بسقوط نظام الأسد وفتح السجون السورية، فتجدد الأمل لديهم في العثور على ذويهم بين الٌمحررين، فأخذوا ينشرون صورهم على مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة بالسجون السورية والمفقودين في سوريا، وسرعان ما عثروا على اسم “الحسيني” ورقم جواز سفره، هو ورفاقه الـ 13 الآخرين، وهم (محمد عوني أبو هجم، وعلي عبد الرحمن علي، وإبراهيم حمدي أبو النجا، ومحمد عبد الغفار السيد، ومصطفى محمد عبد الباري، وخالد إبراهيم علي، ومحمد رمضان إبراهيم، وجمال محمد أحمد، وجمال محمد أحمد البدري، وحسين سعيد عبد المطلب، ورمضان علي محمد، ورمضان صالح الشحات، وحاتم فكيه عبد الجبر، وخالد المهدي محمد)، وذلك ضمن كشف بأسماء السجناء المصريين في سجن فرع فلسطين، اطلعت زاوية ثالثة على صورة منه.
وعقب فتح سجن صيدنايا عثرت أسرة مصطفى محمد عبد الباري – أحد المصريين الـ14 المختفين-، على صورة له ضمن السجناء المحررين، لكنها لم تستطع التواصل معه حتى الآن.
يقول محمد، والد الحسيني، إلى زاوية ثالثة: “نكاد نموت حزنًا على أولادنا الذين ضاع شبابهم، قصدنا مكتب وزير الخارجية السابق، سامح شكري، قبل سنوات للبحث عن معلومات عنهم، وتلقينا وعودًا بإعادتهم، لكنها لم تتحقق، وفي شهر فبراير الماضي استقبلنا وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، وأخبرنا بإعادة فتح ملف المصريين الـ14، متعهدًا بإعادتهم. كل ما نريده هو معرفة مصير أولادنا.”
تجدد الأمل
قبل أكثر من 20 عامًا قرر علي حسين (36 عامًا)، تصفية أعماله في السعودية وإعادة زوجته وأولاده إلى مصر، قبل أن يعيد افتتاح مطبعته في سوريا. في تلك الأثناء اعتاد التواصل هاتفيًا مع عائلته المقيمة بمحافظة الجيزة، إلا أنها فقدت الاتصال به منذ إبريل عام 2004. لجأت العائلة آنذاك لمسؤولين أمنيين ووزارة الخارجية المصرية، ووكلت محامٍ شهير لتولي القضية، وبحثت عنه في جميع السجون المصرية، على أمل أن يكون قد تم ترحيله إلى مصر وسجنه.
وتواصل أبويه بصاحب الرقم الهاتفي الذي اتصل منه ابنهما الأكبر في المرة الأخيرة، للسؤال عن مصيره؛ فأخبرهما أنه مصاب، وحين عاودا الاتصال به زعم أنه توفى، فخيم الحزن على الأسرة، ونصبت عزاء له، رغم عدم تسلمها جثمانه أو شهادة وفاته، بحسب ما تحكي شقيقته مريم إلى زاوية ثالثة.
بعد مرور 20 عامًا عاشت خلالها العائلة مرارة فقد علي، الذي صنفته السلطات المصرية مفقودًا في سوريا، ووفاة والده حزنًا عليه وتدهور صحة والدته التي أصبحت قعيدة، تواصل مع الأسرة أحد المعتقلين السوريين المحررين من سجن صيدنايا، عقب سقوط نظام الأسد، وأبلغهم أنه التقى علي في العام 2006، بينما كان يتم ترحيلهما من سجن مطار المزة العسكري، وفي حين أُرسل هو إلى صيدنايا فإن علي تم ترحيله إلى سجن فرع فلسطين، ليتجدد الأمل في احتمالية كونه لا يزال على قيد الحياة، وإمكانية العثور عليه بين السجناء المحررين من سجون النظام.
تقول شقيقته: ” كان أخي سلفي، ملتحي، يصلي في المسجد ويهتم بالدعوة، لكنه لم يكن له نشاط سياسي قبل سفره إلى سوريا، ولم ينضم إلى الإخوان المسلمين أو جماعة إسلامية، ربما لهذا السبب تم سجنه، إذا كان أخي حيًا سيكون الآن في الـ56 من عمره، مازال لدينا أمل في عودته.”
اتهامات بالتجسس
في نهاية مارس من العام 2011، اهتز الرأي العام المصري بسبب قيام السلطات السورية، باعتقال مهندسين مصريين، هما: خالد عبداللطيف الغايش، ومحمد أبوبكر رضوان، وتعذيبهما والتحفظ عليهما في مقرات احتجاز وسجون سورية، واتهامهما بالتجسس لصالح الاحتلال الإسرائيلي. حينئذٍ انطلقت حملة تضامن واسعة معهما ووقفات احتجاجية، أسفرت عن تحركات للدبلوماسية المصرية، قبل أن تخلي عناصر أمن نظام الأسد، سبيلهما وتسمح لهما بمغادرة الأراضي السورية.
يتذكر خالد الغايش في حديثه إلى زاوية ثالثة، كيف حصل على عطلة من عمله كمهندس حاسبات في إحدى الشركات اللبنانية، في نهاية مارس من عام 2011، وأراد قضاءها في جولة سياحية بمدينتي دمشق وحلب السوريتين، وهناك شاهد تظاهرات محدودة خرجت ضد النظام السوري وحشود جماهيرية لتأييد الأسد، لكنه لم يتوقع أن تنتهي رحلته وهو في طريق العودة على نحو مأساوي، وأن تقوم عناصر أمنية بإنزاله من الحافلة المتجهة من حلب إلى لبنان، بمجرد رؤية جواز سفره المصري، وطرح الأسئلة عليه وتفتيشه بشكل ذاتي وفحص مقتنياته والصور الموجودة على الكاميرا الخاصة به، وحين شاهدوا بعض صوره في ميدان التحرير، إبان ثورة 25 يناير، قاموا بعصب عينيه وتكبيله وأخذه إلى وجهة غير معلومة.
حين أُزيلت العصابة السوداء من على عيني خالد وجد نفسه في مكان يعج بصور الرئيس السوري، بشار الأسد، ووالده حافظ الأسد – رئيس سوريا الأسبق-، وصدم برؤية العديد من الأشخاص الذين تم إلقائهم على الأرض وتركوا ينزفون دمًا وتظهر عليهم آثار التعذيب الذي تعرضوا له. حسب حديثه لم يعلم مكانه ولا سبب احتجازه، فقط اقتادوه إلى زنزانة مع ثلاثة معتقلين آخرين، وفي اليوم التالي، حققت معه جهات أمنية متهمة إياه بالجاسوسية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وسرعان ما اكتشف أنه محتجز في سجن حِمص المركزي.
يقول: “كان ضابط التحقيق يصب أسئلته حول ما أفعله في سوريا، ويسألني عما إذا كنت أزور سيناء، ويتهمني بالعمالة لتل أبيب، وينهال عليّ بالصفعات والضربات ويكيل لي الشتائم، ويهددني بالتعذيب وإرسالي إلى سجن لا يعرف أحدًا له طريق، ويقول لي إن زميلي اعترف على نفسه (يقصد محمد رضوان، المهندس المصري الذي كان يعمل في دمشق وشاهد تظاهرة خرجت بعد صلاة الجمعة فقام بالتقاط صور لها فتعرض للاعتقال والتعذيب الشديد)، لكني في الواقع لم أكن أعرفه.”
محمد رضوان – مهندس مصري حامل للجنسية الأمريكية، وكان يبلغ من العمر وقتئذٍ 32 عامًا-، كان قد تعرض للاعتقال في دمشق يوم 25 مارس من عام 2011، اشتباهًا في كونه جاسوسًا بعد ضبطه يلتقط صورًا للمتظاهرين في الجامع الأموي بالعاصمة السورية، وتحت وطأة التعذيب أجبرته السلطات السورية على الظهور على التلفزيون السوري الرسمي، والإدلاء باعترافات، مفادها أنه التقى بجماعة في القدس قدموه عبر الإنترنت إلى شخص كولومبي، وعرض عليه الكولومبي مائة جنيه مصري مقابل كل صورة يلتقطها للمتظاهرين في دمشق، إلا أن نظام الأسد أخلى سبيله في مطلع إبريل 2011.
يضيف خالد، الذي غادر محبسه في الرابع من إبريل 2011: “كنت أشعر بالخوف الشديد، وفجأة بعد انقضاء ثمانية أيام قاموا بإخلاء سبيلي، وسمحوا لي بمغادرة سوريا، وحين اجتزت الحدود اللبنانية شعرت بأنني ولدت من جديد، كنت محظوظًا لنجاتي، فما حدث لي لم يكن سوى نقطة في بحر انتهاكات سجون نظام الأسد.”
تدخلات رسمية من الخارجية
لم تكن واقعة اعتقال كلٍ من خالد الغايش ومحمد رضوان، في عام 2011، هي الوحيدة، التي تم توثيقها خلال السنوات الأخيرة، لاحتجاز مصريين في سجون النظام السوري؛ إذ أعلنت وزارة الخارجية المصرية في 18 يوليو 2012، أن ثلاثة رجال أعمال مصريين اختفوا في دمشق أثناء توجههم إلى مطار العاصمة السورية للعودة إلى القاهرة.
رجال الأعمال المصريين الثلاثة المفقودين حينئذِ هم: (رامي محمد الخولي، وابن خالته، محمد صلاح الدين، وصديقهم، أسامة أنور عبادة)، وكانوا يمتلكون مصانع ملابس جاهزة للأطفال، وقد سافروا لسوريا في 14 يوليو 2012، للإطلاع على موديلات ملابس الأطفال بحثًا عن أفكار جديدة، إلا أن ذويهم فقدوا الاتصال بهم ولم يعودوا إلى مصر في الموعد المقرر لسفرهم.
وذكر عمرو رشدي – المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وقتئذٍ-، في بيان للخارجية، أن “السفارة المصرية في دمشق أجرت اتصالات عاجلة مع وزارتي الخارجية والداخلية السوريتين، لاستيضاح مصير ثلاثة رجال أعمال مصريين اختفوا صباح الثلاثاء أثناء توجههم إلى مطار دمشق الدولي للعودة إلى القاهرة، وطلبت السفارة تكليف الجهات المختصة بسرعة التحري عن مكان تواجد المواطنين المصريين، داعيًا لتوخى الحذر الشديد عند الذهاب إلى سوريا، على ضوء استمرار تردى الأوضاع الأمنية والمعيشية في سورية واتساع دائرة العنف في البلاد.
في يوليو عام 2012، أعلن محمد الفيومي، القنصل المصري في دمشق وقتئذٍ، عن نجاح جهود السفارة المصرية في الإفراج عن 24 مصريًا كانوا محتجزين لدى السلطات السورية، مؤكدًا أنهم سيعودون إلى مصر خلال أيام. وكان مطار القاهرة الدولي، قد استقبل في الـ27 من يوليو عام 2012، 14 مصريًا، قادمين من مطار دمشق، كانوا محتجزين لدى السلطات السورية، حاولوا التسلل عبر السواحل الأردنية إلى سوريا، بغرض الهجرة غير النظامية إلى لبنان بحثًا عن فرص عمل هناك، ونجحت السفارة المصرية في تأمين الإفراج عنهم وترحيلهم على نفقة الدولة.
وفي 20 أكتوبر عام 2015، كشفت الخارجية المصرية عن مواصلتها البحث عن ثلاثة مصريين مفقودين قد اختفوا بشكل غامض في سوريا، بعدما تلقت بلاغات من أهالي المفقودين تؤكد احتجاز عدد من المصريين في سوريا أثناء عبورهم بطريق غير مشروع إلى لبنان قادمين من تركيا، وهم: (علي عبدالرحمن علي محمد البلتاجي، وحسين سعيد أبو عاصي، ومحمد عوني عبد الشفيع أبو هجم)، مؤكدة أنها وجهت البعثة القنصلية المصرية في دمشق، على الفور، بمتابعة القضية مع السلطات السورية، وتأمين عودتهم سالمين إلى أرض الوطن (وهم ضمن الـ14 مصريًا الذين ورد ذكرهم في بداية النص، ومازالت أسرهم تبحث عنهم بعد سقوط نظام الأسد).
سوريا الأسد ثقب أسود
لا تتوفر قائمة بأسماء المصريين المفقودين في سوريا، حتى اللحظة، إلا أن زاوية ثالثة في رحلة بحثها وثقت أسماء وبيانات 20 منهم. فقد اختفى قسريًا في سوريا المصري علي حسين محمد على، منذ 2004، وفُقد رمضان علي عامر، على حدود دمشق عام 2008، كما فُقد ثلاثة مصريين آخرين في سوريا منذ 2008، هم: (منير أبو صالح الشحات الدريني، وجمال محمد أحمد البدري، وحاتم فكيه عبد الجبار)، ويُرجح ذويهم كونهم كانوا من سجناء صيدنايا أو فرع فلسطين، بينما اختفى خالد المهدي محمد بركات في 2012، ويعتقد ذويه أنه كان محتجزًا في سجن المزة العسكري، وألقي القبض على كل من: (الحسيني محمد فتح الله، ومحمد عوني أبو هجم، وعلي عبد الرحمن علي، وإبراهيم حمدي أبو النجا، ومحمد عبد الغفار السيد، ومصطفى محمد عبد الباري، وخالد إبراهيم علي، ومحمد رمضان إبراهيم، وحسين سعيد عبد المطلب، رمضان علي محمد، رمضان صالح الشحات، خالد المهدي محمد)، بالقرب من الحدود السورية اللبنانية عام 2013، وظهرت أسماؤهم بين معتقلي سجن فرع فلسطين، واختفى عبد القادر علي رضوان، منذ عام 2015، ويعتقد ذويه أنه كان محتجزًا في سجن صيدنايا، وفُقد أحمد عبدالجواد علي ابراهيم في مدينة جبيل اللبنانية عام 2020، وشاهده ذويه في مقطع فيديو للمحررين من سجن صيدنايا.
ولا توجد أي إحصائيات رسمية أو غير رسمية تظهر أعداد المصريين، الذي تم احتجازهم في السجون السورية خلال السنوات الأخيرة، كما نفى محامون حقوقيون بارزون في مصر، في حديثهم إلى زاوية ثالثة، وجود معلومات لديهم تتعلق بهؤلاء السجناء المصريون، معتبرين أن سوريا في عهد عائلة الأسد كانت بمثابة الثقب الأسود من يذهب إليها لا يعود، كما تبين أن بعض الأشخاص الذين زعمت عائلاتهم، اختفائهم القسري أو اعتقالهم في مصر، اتضح لاحقًا انضمامهم إلى داعش أو تنظيم القاعدة، وغيرها من الفصائل المسلحة في سوريا.
تواصلت زاوية ثالثة، مع مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن. يؤكد في حديثه عدم وجود أرقام دقيقة لأعداد السجناء الحاملين للجنسية المصرية، الذين كانوا في السجون ومقرات الاحتجاز التابعة لنظام الأسد، قبل الإطاحة به وفتح السجون، كما لا تتوفر لدى المرصد أي معلومات عن مصيرهم بعد تحرير السجناء، مشيرًا إلى لغز اختفاء أعداد كبيرة من المعتقلين في سجون النظام السوري السابق، ومن بينهم سجناء داعش الذين لم يعثر على أثر لهم.
بحسب تقرير صادر عن اللجنة الدولية المعنية بالأشخاص المفقودين، في 13 مارس عام 2023، فإن التقديرات، التي استشهدت بها الأمم المتحدة في عام 2021، تشير إلى أن هناك أكثر من 130 ألف شخص في عداد المفقودين نتيجة الصراع الحالي في سوريا، وكانت الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد صوتت في يونيو 2023، على مسودة القرار الخاص بإنشاء مؤسسة أممية مستقلة، تعمل بشكل خاص على ملف المفقودين في سوريا.
وكان الدفاع المدني السوري المعروف باسم “الخوذ البيضاء”، قد أعلن في العاشر من ديسمبر الجاري، عن انتهاء عمليات البحث داخل سجن صيدنايا، شمالي العاصمة السورية، دون العثور على أي زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد، وعثر رجال الإنقاذ، في سجن صيدنايا، على عشرات الجثث المتفحمة والمتحللة ومبتورة الأطراف أو مقطوعة الرؤوس.
يعتقد السفير رخا أحمد حسن – مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة-، أن معظم حالات اختفاء المصريين في سوريا، منذ 2011، ترتبط بانضمامهم إلى تنظيمات مسلحة وجماعات إرهابية، مثل: داعش وتنظيم القاعدة وهيئة تحرير الشام، الذين خرجوا من مصر بحجة السياحة، ثم سافروا إليها عبر تركيا أو لبنان، وبعضهم قتل في معارك مع الجيش السوري والمليشيات الشيعية التابعة لنظام الأسد، وتم دفنهم هناك دون إجراءات رسمية، في حين ألقي القبض على أعداد غير معروفة منهم وتعرضوا للتعذيب وغير معروف مصيرهم، بينما هناك حالات فردية لمصريين تعرضوا للقبض عليهم في سوريا قبل عام 2011 أو بعدها، ووجهت لهم تهمًا أبرزها الجاسوسية لقيامهم بالتقاط صور غير مصرح بها، وأحيانًا كان يخلى سبيلهم بعد تحقيقات وضغوطات.
ويضيف عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إلى زاوية ثالثة، أنه في حالات اختفاء مواطن مصري بالخارج أو إلقاء القبض عليه، يتوجب على ذويه التوجه إلى الإدارة القنصلية بوزارة الخارجية المصرية والتقدم بمذكرة، وتتولى الإدارة التواصل مع وزارتي الخارجية والداخلية في الدولة المقيم بها المواطن، للاستعلام عنه، وفي حال كان قد ارتكب مخالفة لقانون تلك الدولة فإن القنصلية المصرية تقوم بتسوية الأمر للإفراج عنه، باستثناء حالات المتهمين بالجاسوسية أو الإرهاب، لاسيما في الدول التي تعاني من حروب أهلية، كما كان الحال في سوريا؛ إذ تتعمد سلطات تلك الدول التعتيم وعدم الكشف عن مكانه، لحين انتهاء سير التحقيقات.
ويتابع “هناك تنسيق أمني بين مصر وغيرها من الدول، فيما يتعلق بجرائم الإرهاب، وأنه يتعذر أي مصري بالخارج، مسجل على قوائم الإرهاب، العودة إلى مصر بشكل شرعي، لكون اسمه مدرجًا على قوائم ترقب الوصول في المنافذ الجوية والبرية والبحرية”.
من ناحيتها، قالت البرلمانية غادة عجمي – عضو مجلس النواب عن المصريين بالخارج-، في تصريح إلى زاوية ثالثة،إن “كفاءة وزارة الخارجية ويقظة جهاز المخابرات العامة المصرية، وكونهما على مقربة من أي مصري يقع في مشكلة خارج مصر، وأنه في حال تقدم أسرته ببلاغ باختفائه فإن الخارجية تتحرك من فورها وتقوم بإجراءاتها الدبلوماسية لمعرفة مكانه، متوقعة أن تشهد الأيام المقبلة تحركات رسمية لمساعدة الأهالي الباحثين عن ذويهم الذين تعرضوا للسجن في سوريا”.
دون جوازات سفر أو نقود
يكشف الكاتب والباحث السياسي السوري، قصي عبيدو، إلى زاوية ثالثة، أنه بعد فتح السجون وإخراج المعتقلين السوريين وبعض الموقوفين العرب، والذين تم نشر لوائح تضم أسماءهم ولائحة أخرى تضم أسماء الذين قضوا وماتوا منهم في السجون، لم يتم الحديث عن لوائح جديدة حتى الآن، ومازال البحث جاري عن أي سجون أخرى لمعرفة مصير المفقودين الذين لم يتم العثور على أسمائهم في لوائح من خرجوا ولا في لوائح الوفيات، وتم الإعلان عن مكافأة مالية لمن لديه معلومات عن أي سجون سرية وإبلاغ الجهات المختصة.
ويعتقد أن هناك أشخاص خرجوا من السجون يحملون جنسيات بعض الدول العربية ولاسيما لبنان والأردن ومصر ولكن ليس لديهم جوازات سفر وليس لديهم نقود، ولذلك سيتم ترتيب أمورهم لإجراء اتصالات مع ذويهم عبر القنوات الدبلوماسية عن طريق وزارة الخارجية السورية.
يقول: “لقد التقينا بأشخاص جائوا من لبنان للبحث عن موقوفين لهم في السجون السورية وبحثوا عنهم في المشافي العامة والتقوا بهم بالفعل، لذلك من الممكن أن يكون هناك أشخاص من مصر موجودين في المشافي العامة، لفحصهم وعلاجهم قبل عودتهم سالمين إلى وطنهم.”
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه أي بيانات عن وزارة الخارجية المصرية أو أي مؤسسة رسمية بشأن المصريين المختفين في سوريا، وعدم توفر قائمة بأسماءهم، أو أي إحصائيات رسمية أو غير رسمية تظهر أعداد المصريين، الذي تم احتجازهم في السجون السورية خلال السنوات الأخيرة، فإن عشرات الأسر المصرية، لا تزال تحيا في عذاب يومي لعدم معرفتها بمصير ذويها المختفين منذ سنوات، وتستمر في البحث عنهم في لقطات الأخبار، وعلى صفحات المفقودين في سوريا، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مناشدين وزارة الخارجية المصرية بالنظر إلى معاناتهم، والعمل على إعادة الأحياء من أولئك المفقودين، والكشف عن أسماء المتوفيين منهم.
قالت مصادر وسائل الاعلام من كازاخستان إن من المرجح مقتل 42 شخصا في تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية. وذكرت التقارير أن 25 شخصا نجوا من الحادث.
قالت مصادر وسائل الاعلام من كازاخستان إن من المرجح مقتل 42 شخصا في تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية.
وذكرت التقارير أن 25 شخصا نجوا من الحادث.
فرض النظام المصري قيودًا جديدة على الألبان المدعمة، مقتصرة على 8 حالات مثل وفاة الأم أو مرضها الخطير، ما يحرم ملايين الأطفال. مع ارتفاع الفقر إلى 32.5% وأسعار الألبان بنسبة 250%، تواجه الأسر خطر سوء التغذية، وسط جدل برلماني عقيم وارتفاع تكاليف المعيشة.
زاوية ثالثة
تقليص دعم حليب الأطفال يضع الأسر في أزمة
فرض النظام المصري قيودًا جديدة على الألبان المدعمة، مقتصرة على 8 حالات مثل وفاة الأم أو مرضها الخطير، ما يحرم ملايين الأطفال. مع ارتفاع الفقر إلى 32.5% وأسعار الألبان بنسبة 250%، تواجه الأسر خطر سوء التغذية، وسط جدل برلماني عقيم وارتفاع تكاليف المعيشة.
تظل أزمة ألبان الأطفال في مصر إحدى القضايا الصحية والاقتصادية الهامة التي تتطلب تدخلات شاملة ومستدامة من الحكومة والقطاع الخاص
داخل غرفتها بمنزل عائلة زوجها بإحدى قرى محافظة سوهاج (قرية ناحية عامر بمركز المراغة محافظة سوهاج)، جنوب مصر، قضت عفاف أكثر من ثلاث ساعات متواصلة في محاولة تهدئة طفلها صاحب الثلاثة أشهر، الذي انفطر بالبكاء جوعًا؛ فقبل ساعات انتهت آخر علبة لبن (إيجي 1) المدعمة التي تصرفها وزارة الصحة المصرية للأم، التي لم تتمكن بسبب مرض السكري المزمن من إرضاع ابنها بشكل طبيعي، ولم تسمح لها ظروف أسرتها في الوقت ذاته من شراء ألبان إضافية، نظرًا لارتفاع أسعارها بشكل كبير جدًا وعدم قدرة الأسرة ماليًا على توفير ثمنها.
أيام طويلة تقضيها عفاف وطفلها في معاناة مستمرة، بانتظار بداية الشهر، لتتمكن من صرف دفعة جديدة من اللبن. تقول في حديثها معنا: “عادة ألجأ للأعشاب مثل. اليانسون والكراوية، لإشباع رضيعي بشكل مؤقت، لحين تدبير سعر علبة لبن إضافية، يبحث زوجي في الصيدليات عن أرخص الأنواع، ولا ننظر لقيمته الغذائية، ليست لدينا هذه الرفاهية، الغرض هو إشباع الطفل بأقل سعر. زوجي يعمل بائعًا بأحد المحلات ويتقاضى أجرًا لا يتجاوز 2500 جنيهًا، ولدي طفلة، لا تكفي أموال زوجي حتى نصف الشهر بعد خصم المواصلات ونفقات الكهرباء والمياه.”
عفاف واحدة من آلاف الأمهات اللائي يعتمدن على اللبن المدعم، الذي تصرفه وزارة الصحة شهريًا، لسد حاجة أطفالهن الرضع، وفي ضوء ارتفاع أسعار الألبان الصناعية، وعدم توافرها في الصيدليات والمتاجر في كثير من الأحيان، خاصة مع استمرار أزمة الدواء المرتبطة بأزمات الاستيراد وعدم توافر العملة الأجنبية، تبدو مهمة توفير علبة لبن للرضيع، خارج المنظومة الرسمية أمر صعب، ويستحيل على الأسر الفقيرة.
بالرغم من ذلك، قررت الحكومة المصرية، في الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري، فرض قيود جديدة تستهدف تقليص الدعم عن منظومة صرف الألبان، وقصر المستحقين على فئات محددة للغاية، انحصرت في ثمان حالات فقط (موت الأم، أو إصابتها بمرض خطير مثل الفشل الكلوي أو الكبدي، أو أمراض تحتاج لتدخل إشعاعي مثل السرطان، أو ثبوت إصابة الأم بنوبات صرع، أو حجزها بالعناية المركزة مدة لا تقل عن ثلاثة أيام، أو ولادة طفلين توأم فأكثر ويصرف لواحد منهم فقط، أو إصابة الأم بمرض نقص المناعة المكتسب، أو تعرض الأم لمرض نفسي أو عقلي)، ما يعني خروج ملايين المستحقات خارج المنظومة، وإلغاء الدعم عنهن بشكل كامل.
وتوفر وزارة الصحة ألبان الأطفال بسعر خمسة جنيهات للعبوة الواحدة، مع حصة تصل إلى ست عبوات شهريًا لكل طفل، لكنها تشترط إجراء فحص طبي للأم من خلال لجان التقييم الموجودة في الوحدات الصحية، لتحديد الأسباب الصحية التي قد تمنع الرضاعة الطبيعية وضرورة استخدام ألبان بديلة مشابهة للبن الأم.
ويستبعد القرار الجديد حالات كانت مُستحقة لصرف ألبان صناعية لأطفالها بموجب قرار وزاري سابق، مثل. حالات ضعف إدرار لبن الأم أو توقف الأم عن الرضاعة الطبيعية، كما يتجاهل حالات أخرى تعاني فيها الأمهات من مشاكل صحية لا تندرج ضمن الشروط المحددة، ما يؤثر في النهاية على صحة الأمهات والأطفال.
ومن المفترض أن تتم ميكنة وحوكمة صرف الألبان الصناعية شبيهة لبن الأم والألبان العلاجية، التي تتضمن تسجيل المستحقين إلكترونيًا على قاعدة بيانات مركزية وفقًا للمعايير والشروط الجديدة، وتسجيل وتتبع سلاسل الإمداد للألبان ومتابعة المخزون والمنصرف، ويشير بيان صادر عن مجلس الوزراء إلى أنه تم ميكنة 251 لجنة فحص وتقييم في 21 محافظة، كما تم ميكنة 1131 منفذًا في 21 محافظة، وجار استكمال ميكنة باقي المنافذ بعدد 140 منفذًا تابعة للتأمين الصحي الشامل في ست محافظات.
من جهته، يفسر وزير الصحة خالد عبد الغفار، القرار بأنه محاولة من الحكومة لدعم “الرضاعة الطبيعية”، فضلًا عن توفير النفقات. وبحسب الوزير “تتحمل الحكومة سنويًا تكلفة توفير، 18 مليون و600 ألف عبوة من الألبان الصناعية الشبيهة بلبن الأم في المتوسط، فيما تبلغ الاحتياجات السنوية من الألبان العلاجية 750 ألف عبوة في المتوسط، في حين أن 10% فقط من الفئات التي تتلقى الدعم الحالي على الألبان تستحق، لذلك يتوجب رفع الدعم المقدم عن الـ90% المتبقية.”
إلى جانب ذلك يوضح الوزير أن “منظومة ميكنة صرف الألبان بديلة لبن الأم والألبان العلاجية تتضمن: حوكمة المنظومة وعدالة التوزيع، وضمان حصول المستحقين على الألبان بسهولة ويسر ومتابعة سلاسل الإمداد وضمان التوافر في أماكن الصرف، ومنع الممارسات السلبية حيث أثبتت المتابعة قيام بعض الأمهات بصرف اللبن لنفس الطفل من أكثر من مركز ووحدة رعاية أساسية في محافظات مختلفة كما تبين استمرار الصرف لعدد يزيد عن 200 طفل بعد وفاتهم.”
وتعد مخصصات دعم ألبان الأطفال منخفضة في موازنة الدولة مقارنة بعدد المواليد الذين يحتاجون للألبان الصناعية البديلة للبن الأم أو الألبان العلاجية سنويًا، إذ تبلغ قيمة دعم الأدوية وألبان الأطفال خمسة مليارات جنيه في موازنة العام المالي 2024/2025، مقارنة بمليار و88 مليون جنيه للعام المالي 2023/2024، ورغم الزيادة النسبية، تظل هذه المخصصات محدودة، حيث يبلغ عدد المواليد في مصر سنويًا نحو مليون و400 ألف مولود يحتاج 20% منهم للألبان الصناعية .
وتعقيبًا على القرار، تقول عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إيرين سعيد، إلى زاوية ثالثة، إن القرار يحرم شريحة كبيرة من الفئات المستحقة للدعم، ويحرم الأطفال الرضع من حقوقهم الأساسية في الحصول على تغذية سليمة.”
تؤكد النائبة أن هناك العديد من الحالات الصحية التي تحول بين الأم والرضاعة الطبيعية، تجَاهَلها القرار، منها اضطرابات هرمونية مثل. نقص هرمون البرولاكتين ومشاكل الغدة الدرقية وتكيس المبايض، إضافة إلى جراحات الثدي السابقة التي تعيق إنتاج الحليب، مشيرة إلى وجود أمراض مزمنة مثل. السكري غير المسيطر عليه وفقر الدم الشديد، واستخدام بعض الأدوية التي تمنع إنتاج الحليب، مؤكدة أن التوتر النفسي والاكتئاب بعد الولادة قد يؤثران أيضًا على إفراز الحليب، فضلاً عن مشاكل الولادة المبكرة وسوء تغذية الأم.
وكانت إيرين قد تقدمت بطلب إحاطة عاجل لمناقشة القرار داخل مجلس النواب، تساءلت خلاله: “هل عجزت وزارة الصحة عن توفير الألبان المدعمة؟ وهل تستطيع الأسر تحمل تكاليف الألبان في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة؟”، وقالت إن “القرار أربك الكثيرين ودفع العاملين بالوحدات الصحية للامتناع عن فحص السيدات، أو صرف من صَدر لهم قرار مسبق بالصرف؟”، داعية إلى مناقشة هذا القرار داخل لجنة الصحة بمجلس النواب لضمان حماية حقوق الأطفال والأسر المصرية.
أطفال مهددون
تصف أمهات تحدثن إلى زاوية ثالثة من عدة محافظات، قرار الحكومة بأنه “حكم على الأطفال بالموت جوعًا”، خاصة أن الظروف الاقتصادية التي تُعايشها معظم الأسر في مصر لا تسمح بشراء ألبان صناعية للرُضّع. في قرية طهواي بمركز أشمون محافظة المنوفية، تعيش نوره القبيصي – أم لرضيع يبلغ من العمر أربعة أشهر-، تعتمد كليًة على ألبان الأطفال الصناعية التي تحصل عليها من الوحدة الصحية القريبة.
تقول في حديثها معنا: “ابني وُلد مبكرًا، ومع ضعف لبني الطبيعي ثم انقطاعه بسبب إصابتي بفقر الدم (الأنيميا)، مثّل اللبن الصناعي الحل الوحيد لإنقاذ حياته، تقدمت بطلب للوحدة الصحية وبالفعل أذهب كل شهر للحصول على الحصة المدعومة (ست علب من نوع إيجي 1)، ومع ذلك، أحيانًا لا تكفي، لذلك أضطر لشراء علبة من الصيدلية، كانت بنحو 200 جنيه ثم زاد سعرها مؤخرًا إلى نحو 300 جنيه، وهذا يمثل عبء كبير علينا.”
تشعر السيدة الثلاثينية بالخوف والصدمة نتيجة الأخبار التي تشير إلى احتمال رفع الدعم عن ألبان الأطفال. تقول: “إذا حدث ذلك، فلن أتمكن من توفير الحليب لابني، نحن بالكاد نجد قوت يومنا، زوجي يعمل بالأجر اليومي، ونحن غارقون في الديون، إذا رُفع الدعم، فهذا يعني أنهم يحكمون على أطفالنا بالموت.”
تؤكد معاناة الأمهات في قريتها، وتضيف: “هناك العديد من الأمهات في القرية يواجهن المشكلة نفسها، معظمنا يعيش في فقر ولا نملك أي بديل، أرجو من المسؤولين أن يفكروا في أطفالنا قبل اتخاذ مثل هذا القرار”.
في مدينة الأقصر بقرية العديسات القبلية بمركز الطود، تكافح فاطمة – أم لطفل حديث الولادة-، لتوفير قوت يومها من خلال بيع الخضراوات في السوق، تعيش في ظروف معيشية قاسية وتعتمد بشكل أساسي على اللبن المدعوم الذي توفره الوحدة الصحية لتغذية طفلها. تقول: “الحياة صعبة جدًا، واللبن المدعوم من الوحدة الصحية يعينني في تغذية ابني. عندما سمعت أن الوزارة قد ترفع الدعم عن اللبن، شعرت أن الحياة تغلق أبوابها في وجهي.”
وتشرح فاطمة معاناتها اليومية في ظل التكاليف الباهظة للحياة: “علبة اللبن في الصيدلية تكلف 270 جنيهًا على الأقل، بينما دخلي لا يكفي لتغطية مصاريف البيت، وابني يحتاج إلى اللبن يوميًا، وإذا اضطررت لشرائه بالسعر هذا، لن أتمكن من توفير المال لنعيش”، وتؤكد أن الألبان الصناعية ليست رفاهية أو خيارًا إضافيًا، بل ضرورة لا غنى عنها لبعض الأمهات اللاتي لا يستطعن الرضاعة الطبيعية لأسباب صحية أو ظروف خاصة.
تضيف: “ليست كل أم تستطيع أن ترضع طفلها طبيعيًا، أحيانًا المرض أو الظروف تجبرنا على اللجوء إلى اللبن الصناعي، ورفع الدعم سيكون حكمًا بالموت على الأطفال مثل ابني.”
وفقًا لأحدث البيانات المتاحة، بلغت نسبة الفقر في مصر 29.7% خلال العام المالي 2019/2020، وهي الفترة التي سبقت تخفيض البنك المركزي لقيمة الجنيه مقابل الدولار أربع مرات، ومع تزايد الأزمات الاقتصادية، أشار البنك الدولي إلى أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 32.5% في عام 2022، ويحدد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أحدث تقاريره خط الفقر عند 857 جنيهًا شهريًا، أي ما يعادل عشرة آلاف و279 جنيهًا سنويًا، أما خط الفقر المدقع فقد بلغ 550 جنيهًا شهريًا وستة آلاف و 604 جنيه سنويًا، ما يعكس الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي تواجه الأسر المصرية. ولم يعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تحديثات حول إحصائيات الفقر في مصر خلال 2024 بعد، لكن تقديرات خبراء الاقتصاد تشير إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز 1400 جنيه شهريًا للفرد نتيجة التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة مقارنة بآخر تقديرات في 2020، بحسب بيانات شركة كابيتال للاستشارات المالية.
في سياق متصل، تقول سعاد إبراهيم – أم لثلاثة أطفال، من مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة-، إنها تواجه تحديات كبيرة لتوفير احتياجات أسرتها، إذ يعمل زوجها كفلاح بسيط، ودخله الشهري بالكاد يغطي المصاريف الأساسية.
مع ولادة طفلها الأخير، تضاعفت الأعباء، إذ وُلد بوزن منخفض، ونصحها الطبيب باستخدام اللبن الصناعي لتحسين حالته الصحية، وبالتالي بدأت تحصل على اللبن المدعوم من الوحدة الصحية، لكنه لا يكفي احتياجاته طوال الشهر، ما يضطرها لشراء عبوات إضافية من السوق.
وتلفت سعاد في حديثها معنا إلى الارتفاع الحاد في أسعار اللبن الصناعي: “سعر العلبة في السوق أصبح جنونيًا، ونلجأ إلى الاستدانة لتوفير احتياجات الطفل، إذا تم رفع الدعم عن اللبن الصناعي، سنواجه أزمة كبيرة ولن نتمكن من تغطية هذه التكاليف. نحن نعيش في ظل ارتفاع أسعار كل شيء، والأطفال ليس لهم ذنب في هذا، نطلب من الحكومة أن تعيد النظر في أي قرار يمس الدعم، لأن هذا يتعلق بمستقبل أطفالنا.”
في حي عين شمس بالقاهرة، تحمل سلمى عبء تربية طفليها بمفردها بعد وفاة زوجها، تقول: “ابنتي الصغيرة عمرها شهران، وأنا لا أستطيع إرضاعها طبيعيًا بسبب مشكلات صحية، اللبن الصناعي هو الخيار الوحيد لإطعامها.”
وتضيف: “الدعم الحكومي لا يغطي احتياجات طفلها: “نحصل على ثلاث علب مدعومة شهريًا، لكنها لا تكفي، أضطر لشراء علب إضافية من السوق بسعر مرتفع جدًا. قبل أيام أخبرتني جارتي التي تعمل بالوحدة الصحية أنه سيتم وقف صرف لبن رضيعتي وفق القرار الجديد، أين نذهب؟ “نحن لا نطلب الكثير، فقط الحد الأدنى من الرعاية لأطفالنا، إذا كانت الحكومة تفكر في تقليل الدعم، فعليها توفير بدائل حقيقية للأسر الأكثر احتياجًا.”
بمراجعة خمس صيدليات تم التواصل معهم هاتفيًا فضًلا عن سبعة مواقع إلكترونية لصيدليات ومتاجر إلكترونية تبيع ألبان الأطفال إلى جانب سؤال عشرة أمهات من محافظات مختلفة عن أسعار الألبان، رصدت زاوية ثالثة ارتفاعات ملحوظة في أسعار ألبان الأطفال في الآونة الأخيرة. على سبيل المثال، ارتفع سعر عبوة حليب الأطفال “هيرو بيبي” من 224 جنيهًا إلى 454 جنيهًا، بزيادة قدرها 102%، وعبوة “بيدياميل” من 181 جنيهًا إلى 349 جنيهًا، بزيادة 92%، و”بيبيلاك” بتركيزاته الثلاثة من 185 جنيهًا إلى 300 جنيه، بزيادة 62%، و”بدياشور” من 262 جنيهًا إلى 422 جنيهًا، بزيادة 61%، و”سويسلاك” من 230 جنيهًا إلى 274 جنيهًا، بزيادة 19%، وعبر بعض متاجر الصيدليات الكبرى، يتوفر حليب الأطفال “نان اوبتيبرو” المرحلة 1 (0 – ستة أشهر) بوزن 800 جرام بسعر 545 جنيهًا، وحليب الأطفال “س -26 جولد” المرحلة 1 بوزن 900 جرام بسعر 619 جنيهًا.
لماذا اتخذت الحكومة هذا القرار؟
يقول المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، في حديثه مع زاوية ثالثة إن وزير الصحة عرض أمام وسائل الإعلام بيانًا، أوضح فيه أسباب اتخاذ الحكومة لهذه الخطوات، مشيرًا إلى أن الهدف هو القضاء على الفساد في توزيع الألبان، وتشجيع الرضاعة الطبيعية وفق تعليمات منظمة الصحة العالمية، مبينًا أن مصر تنفق ما يقارب مليار دولار سنويًا على ألبان الأطفال، لكن ما ورد في تصريحات الوزير يمكن الرد عليه بسهولة.
بحسب فؤاد، الحديث عن الفساد في توزيع الألبان ليس جديدًا، إذ يعد مشكلة ممتدة منذ نحو 20- 30 عامًا، ويضيف: “نحن نتحدث عن ألبان الأطفال التي تجدها في أماكن مثل المقاهي ومصانع الحلوى التي تعمل بطرق غير قانونية، فإذا كان هناك فساد في التوزيع، لماذا لم يتم القضاء عليه حتى الآن؟ الحكومة تدّعي أنها اعتمدت على الرقمنة والميكنة، والتي من المفترض أن تمنع هذه الممارسات، ومع ذلك، نرى أن الفساد مستمر، وما زلنا نسمع عن وجود فواتير وهمية، فلماذا لم تحل الرقمنة هذه المشكلة؟”
ويتابع: “من ناحية أخرى، القرار بإلغاء اختبار “لبن السكر” الذي كانت الأمهات تخضع له لتحديد احتياجهن للألبان الصناعية غير مفهوم، هذا الاختبار كان يضمن توجيه الألبان إلى من يحتاجها فعليًا، مثلًا، إذا كانت الأم تعمل لساعات طويلة كممرضة أو في مهن تتطلب وقتًا كبيرًا، كان يتم صرف الألبان لها، أما الآن، فقد ألغت الحكومة هذا الحق تمامًا.”
وينوه مدير المركز المصري للحق في الدواء إلى أن الحكومة أشارت إلى أن الألبان ستُخصص فقط لحالات محددة مثل. الأمهات المصابات بأمراض خطيرة كالأورام أو الفشل الكبدي والكلوي، أو الأمهات المتوفيات، لكن الواقع أن مثل هذه الحالات نادرة، والأغلب أن الأمهات في حاجة إلى هذه الألبان بسبب ظروف العمل أو ضعف إدرار الحليب، متسائلًا: “لماذا لم يتم الإبقاء على الاختبار وتحديد المستحقين بدقة؟”
ويوضح أن مصر تسجل حوالي مليون و600 ألف مولود سنويًا، ولا توجد أرقام دقيقة تحدد عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى الألبان الصناعية، لكن وفق خبراء جمعيات الأطفال فإن النسبة تتراوح بين 15-20% فقط، أي أن عدد المستحقين ليس كبيرًا، إذا كانت الحكومة تهدف إلى تقليل الإنفاق، كان يمكنها توفير الألبان فقط للمرحلة الأولى من عمر الطفل، خاصة للأمهات العاملات اللواتي يساهمن في خدمة المجتمع، لكن يبدو أن الهدف الحقيقي من هذه الإجراءات هو تقليل الإنفاق الصحي تنفيذًا لتعليمات صندوق النقد الدولي.
يرى “فؤاد” هذا الاتجاه واضحًا من خلال زيادة رسوم الخدمات الصحية، مثل رفع أسعار تذاكر الكشف بالمستشفيات، وتحديد صرف دواء واحد فقط للمريض، وزيادة أسعار التأمين الصحي. “الآن، امتد الأمر إلى تقليل الدعم المخصص للرضاعة الصناعية، تحت مبررات مثل مكافحة الفساد.”
بحسب مدير المركز المصري للحق في الدواء، شهدت أسعار إحدى أنواع حليب الأطفال المستوردة زيادة حادة بنسبة 250% في غضون عام واحد، إذ تجاوزت بعض الأسعار حاجز الـ 900 جنيه، ولذلك يطالب الحكومة بأن تكون أكثر شفافية في قراراتها، وأن تضع حلولًا عملية مثل. الرقمنة والميكنة لضمان وصول الدعم لمستحقيه، بدلًا عن فرض أعباء جديدة على الأسر المصرية، يجب أن تكون مصلحة المواطن هي الأولوية، لا تقليل النفقات على حساب حقوقه الأساسية.
ويكفل الدستور المصري في مادته رقم (80) حق الطفل في الحصول على غذاء مناسب، وتنص على أنه “يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجباري مجاني، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية.”
أزمة لبن الأطفال: عرض مستمر
تواجه السوق المصرية أزمة نقص في حجم المعروض من لبن الأطفال بنسبة تتراوح بين 25-30% خلال العام الجاري 2024، وذلك نتيجة لتغيير الشركة الأجنبية التي كانت تسيطر على الحصة السوقية الأكبر لهذا المنتج، بسبب تعثر وكيلها الحالي في مصر، ووفقًا لمسؤولين تحدثوا لوسائل إعلام أجنبية، فإن هذه الأزمة مؤقتة، وأنه سيتم زيادة حجم المعروض في الفترة المقبلة، مع استبعاد افتعال الأزمة لصالح الشركات المحلية المنتجة للبن الأطفال.
وفي أبريل الماضي قال رئيس شعبة الأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، علي عوف، لـ(CNN) إن هناك نقصا في حجم المعروض من لبن الأطفال في السوق المصرية، مرجعًا السبب إلى تغيير الشركة الأجنبية الموردة للبن الأطفال الأكثر مبيعًا والمعروف باسم “بيبيلاك” لموزعها في مصر بعد التعثر المالي للوكيل الحالي، مما أدى إلى فجوة في حجم المعروض.
هذا التغيير أدى، بحسب عوف، إلى فجوة في حجم المعروض في السوق المصرية، لكن ربما تنفرج الأزمة خلال الأيام المقبلة بعد أن بدأ الوكيل الجديد في استيراد شحنات جديدة، في حين تحاول الشركات المنافسة زيادة حجم وارداتها لتغطية الفجوة الحالية، في الواقع، طرحت إحدى الشركات الخاصة شحنة جديدة من لبن الأطفال في السوق مؤخرًا.
وبيبلاك هي أحد خطوط الإنتاج التابعة لشركة دانون العالمية، وأنتجت أول منتج في مصر “بيبي لاك” في عام 1960، وأنشأت مصنعها في مصر عام 2006، وتنتج (زبادي دانون، دانيت، أكتيفيا، ودانجو) وتغذية الحياة المبكرة (بيبيلاك وأبتاميل).
ويقول عوف إن مصر تشهد معدل استهلاك مرتفع جدًا من لبن الأطفال، ويصل متوسط الاستهلاك السنوي إلى 50 مليون علبة، مضيفًا أن سوق ألبان الأطفال في مصر ينقسم بالتساوي تقريبًا بين وزارة الصحة وشركات القطاع الخاص، إذ تقوم وزارة الصحة بتوزيع 25 مليون علبة سنويًا على الأسر المستحقة، بسعر منخفض جدًا يصل إلى خمسة جنيهات للعلبة، رغم أن تكلفة إنتاجها تتجاوز 150 جنيهًا بينما تستورد أربع شركات كبرى 25 مليون علبة أخرى لتوزيعها بأسعار حرة تصل إلى أكثر من 300 جنيه للعلبة.
ويعزي عصام عبد الحميد – وكيل نقابة صيادلة مصر- الأزمة بالأساس إلى عدم توافر الدولار منذ فترة. يقول في حديثه إلى زاوية ثالثة إن غالبية الألبان الخاصة بالأطفال في مصر مستوردة، وحتى فترة قريبة كان هناك أربع شركات تقوم بعمليات الاستيراد، لكن الحكومة بدأت الانتباه للموضوع خلال السنوات الماضية مع الزيادات الكبيرة في أسعار الألبان وعدم توافرها، مثلا زادت بعض الأصناف من 50 جنيهًا إلى 200 جنيهًا بشكل تدريجي متأثرة بالتغيرات الكبيرة بسوق الصرف.
ويرى أن خروج إحدى الشركات الأربعة أو زيادة شركة، لا يؤثر بشكل كبير على سوق الدواء والألبان بشكل كبير، خاصة أن الشركة المصرية لتجارة الأدوية بدأت بتوفير ألبان مثل “البيبلاك”، وتم توفيره بمنافذ البيع، لكن الأزمة الحقيقية في ارتفاع أسعار الألبان ترتبط بارتفاع أسعار النقد الأجنبي، على حد تقديره.
ويضيف وكيل الصيادلة: “من يضع أسعار الألبان هي الشركات المستوردة من الخارج لذلك يتأثر السوق مباشرة بتغير سعر الدولار”. ويوضح أن قرار وزارة الصحة الأخير يرتبط بالأساس بتشديد الرقابة بشكل أكبر على صرف الألبان، من خلال وضع مجموعة من الضوابط قد تكون شكليًا متشددة لكن الهدف منها قصر صرف الألبان للمستحقين، ومن الطبيعي أن تحدث أزمة كون كمية الألبان التي يتم صرفها من خلال منافذ وزارة الصحة كانت تساعد المواطنين بالحصول على اللبن بأسعار تتوافق مع ظروفهم الاقتصادية لكن الموضوع اليوم بات مختلفًا، ولن يتمكنوا من ذلك.
وبسؤاله عن البدائل أمام الحكومة، لتوفير الألبان وعدم التضييق على الفئات الأشد احتياجًا، يقول وكيل نقابة الصيادلة، إنه “تم اقتراح إنشاء مصنع محلي للألبان على الحكومة منذ عشر سنوات من جانب النقابة، وكانت المشكلة إن المصنع كان يفترض أن يبيع نحو 50-60 مليون عبوة سنويًا لتغطية التكاليف، فضلًا عن تصدير جزء للدول الأوروبية، لكن المشكلة أنه لا توجد مراعي في مصر تسمح بخروج ألبان بدون مشكلات.
هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق لمصر أن واجهت أزمة مماثلة قبل سبع سنوات، تزامنت مع زيادة أسعار لبن الأطفال في السوق، في ذلك الوقت، تدخل جهاز الخدمة الوطنية التابع للجيش المصري لاستيراد كميات كبيرة من لبن الأطفال من الخارج، وتم طرحه في السوق بأسعار مخفضة تصل إلى 50% من السعر الأصلي، كما استحوذ الجهاز على شركة “لاكتو مصر”، وهي الشركة الوحيدة المنتجة للبن الأطفال محليًا، وعمل على مضاعفة حجم إنتاجها لتلبية احتياجات وزارة الصحة من هذا المنتج.
وفقًا لبيان رسمي صادر عن رئاسة الجمهورية في أبريل عام 2022، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، شركة “لاكتو مصر”، والتي تمتلك أكبر مصنع لإنتاج لبن الأطفال محليًا، بتطوير طاقتها الإنتاجية المحلية من لبن الأطفال، لتغطية الاحتياجات المحلية وسد فجوة الاستيراد، وفي عام 2023 شهدت مصر أزمة جديدة بسبب نقص المعروض من ألبان الأطفال، إذ ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق بسبب تعثر الشركات الموزعة، ما أدى إلى انقطاع بعض العلامات التجارية الشهيرة من السوق لفترة.
وفي نوفمبر الماضي، ذكر بيان صادر عن وزارة الصحة أن شركة “لاكتو مصر” المتخصصة في إنتاج حليب الأطفال والمواد الغذائية، ستركز على التوسع في إنتاج ألبان الأطفال في مرحلتيه الأولى والثانية، في خطوة تهدف إلى تأمين كافة احتياجات الأطفال من الألبان الصناعية، كما ستعمل الحكومة جذب الاستثمارات الأجنبية والتعاون مع القطاع الخاص من أجل التوسع في صناعة المنتجات الغذائية الخاصة بالأطفال، بحسب البيان.
الرابط
نجاة 25 شخصا ونقل 22 مصابين منهم باصابات جسية للمستشفى فى كارثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية التى كانت متجهة من باكو إلى جروزني في روسيا تحمل 67 شخصا عندما تحطمت قرب أكتاو في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء
إن بي سي نيوز
عاجل متابعة اخبارية
نجاة 25 شخصا ونقل 22 مصابين منهم باصابات جسية للمستشفى فى كارثة تحطم طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية التى كانت متجهة من باكو إلى جروزني في روسيا تحمل 67 شخصا عندما تحطمت قرب أكتاو في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء
قالت وزارة الطوارئ الكازاخستانية في منشور على تليجرام إن طائرة الخطوط الجوية الأذربيجانية التي تحطمت بالقرب من مدينة أكتاو في جنوب غرب كازاخستان كان على متنها 62 راكبا وخمسة من أفراد الطاقم. وأضافت أن هناك "25 ناجيا، تم نقل 22 منهم إلى المستشفى".
وذكرت وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية أن الركاب هم: 37 مواطنا أذربيجانيا، و16 روسيا، و6 مواطنين كازاخستانيين، و3 مواطنين قرغيزيين، نقلا عن وزارة النقل الكازاخستانية.
وقالت الخدمة الصحفية لمطار جروزني لوكالة الأنباء الروسية الرسمية تاس إن الطائرة كانت في طريقها من باكو عاصمة أذربيجان إلى جروزني في منطقة الشيشان الروسية ولكن تم تحويل مسارها إلى مدينة ماخاتشكالا الروسية على بعد حوالي 100 ميل شرق جروزني بسبب الضباب.
أعرب الزعيم الشيشاني رمضان قديروف عن تعازيه لأسر الركاب المتوفين في منشور على حسابه على تيليجرام صباح الأربعاء.
وذكرت الخطوط الجوية الأذربيجانية في بيان نشرته على تطبيق تيليجرام أن طائرة إمبراير 190 هبطت اضطراريا على بعد حوالي 1.8 ميل من مدينة أكتاو.
وخلص تحقيق أولي إلى أن الطائرة اصطدمت بالطيور وتم تحويل مسارها إلى أكتاو بسبب حالة طوارئ على متنها، بحسب بيان أصدرته هيئة الطيران الروسية على تطبيق تيليجرام.
وقالت الخطوط الجوية الأذربيجانية في بيان صدر على تيليجرام إن التحقيق مستمر وسيتم تقديم معلومات إضافية بشأن الحادث.
اندلع حريق في موقع التحطم لكن تم "إخماده بالكامل"، بحسب قناة تيليجرام الرسمية لوزارة الطوارئ في كازاخستان.
وصل 52 رجل إنقاذ و11 وحدة من المعدات إلى موقع التحطم، وفقًا لمنشور على تيليجرام لوزارة حالات الطوارئ في كازاخستان.
تشريح سقوط حكم العسكر فى سوريا
مركز مالكولم كير كارنيغي للشرق الأوسط
تشريح سقوط حكم العسكر فى سوريا
لماذا لم تتحرّك القوات المسلحة الموالية لبشار الأسد لانقاذة ومواصلة محاربة اللشعب، على عكس نظيرتها في كلٍّ من مصر وليبيا والجزائر والسودان؟
رافق سيلٌ من التعليق التحليلي الصائب والمعلومات المفيدة سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد، لتفسير أسباب وكيفية انهيار نظامه بهذه السرعة. ولكن لم يظهر حتى الآن جوابٌ كافٍ على السؤال الوجيه والبالغ الصلة الذي طرحه الإعلامي والمحلّل السوري حسن حسن على منصة "إكس": "بقي ما يحتاج إلى تفسير. احتفظ الأسد بقوات موالية للدفاع عن دمشق ولو لبعض الوقت، من دون شك. قبل دمشق، كان واضحًا أن النظام غير قادر على القتال في أغلب البلاد. بعد دمشق، اتّضح أن ثمة قرارًا بعدم القيام بذلك. هذا لم ينكشف بعد".
تابع حسن: "كانت لدى الأسد القوات الأكثر تدريبًا وولاءً لخوض القتال، ولكن لم تحصل معركة من أجل العاصمة". كذلك، ظهر منذ تلك اللحظة أن الوحدات الموالية لم تكن لديها الإرادة للقتال في معقل الأسد في المناطق العلوية على الساحل السوري.
لماذا إذًا تخلّى الجيش عن الأسد بهذا الشكل الكامل والذي لا عودة عنه؟ أشار محلّلون، من بينهم غريغوري ووترز ومحسن مصطفى، إلى عوامل متعدّدة قوّضت التماسك والجاهزية العسكريَّين في السنوات القليلة الماضية، بما فيها نقل بضع عشرات الآلاف من الجنود والضباط العاملين إلى الاحتياط، وتآكل مستوى المعيشة لدى أفراد الخدمة الفعلية والاحتياط على حدٍّ سواء، والفساد الشائع الذي أدّى إلى سرقة الرواتب وتدهور التموين والغذاء، فكان لا بدّ من أن يؤدّي كل ذلك إلى تنفير العلويين، الذين يشكّلون السواد الأعظم من عديد القوات المسلحة النظامية. وعلى القدر نفسه من الأهمية، من الواضح أن عوامل إضافية قوّضت المعنويات: انتقال العقيدة القتالية بحيث باتت المراتب العليا تقود من الخلف، وصدمة الإدراك بأن مثل المساعدة العسكرية الخارجية التي أنقذت النظام في السابق - من روسيا وإيران وحزب الله - لن تأتي هذه المرة.
لا شكّ أن هذه كانت فعلاً عوامل حاسمة ساهمت في الانهيارات المتسارعة للجيش السوري، ولكنها لا تفسّر كليًا تخلّي قيادته العليا عن محاولاتها الأولى لإعادة تجميع ونشر قواتها على خطوطٍ أمامية قابلة للدفاع عسكريًا، ولجوئها إلى وضعية هامدة تمامًا. سوف تكشف الأيام المقبلة رؤى أوضح بكثير من داخل النظام، وخصوصًا من الجيش، لكن يمكن بانتظار ذلك استنباط بعض العبر المفيدة من تجربة المسارات السياسية العسكرية في دول سلطوية عربية أخرى أثناء مرور أنظمة حكمها بأزمات وتحولات انتقالية.
أدّت عوامل عدّة دورًا في تحديد نمط تمزّق العقد السلطوي في كلٍّ من مصر وليبيا في العام 2011، وفي الجزائر والسودان في العام 2019، ولقد شاركت سورية في أحد هذه العوامل على الأقل في نهايات حكم الأسد. فيلاحَظ أن عشية اندلاع الانتفاضات الشعبية في كلٍّ من الدول العربية الأخرى، كانت القيادة العسكرية تعتبر أن رئيس الجمهورية يقوّض التفاهمات الجوهرية أو يهدّد المصالح الحيوية، ولهذا السبب علّقت دورها المعهود بصفتها الركيزة الأساسية للنظام السلطوي وضامن بقائه.
لم يؤدِّ التخوّف من نشوب انتفاضة شعبية إلى ضرب إسفين بين الأسد والجيش في العامَين 2012-2011، ولكن يبدو أن استعداده لترك كل حاضنة اجتماعية سياسية دعمت نظامه في السابق تواجه مصيرًا مقيتًا قد أزال جانبًا رئيسًا من الإرث الذي خلّفه والده حافظ الأسد إبان فترة حكمه بين العامَين 1970 و2000. فقد شملت تلك الحاضنات طبقة مزارعين كبيرة أهلكها التشريد وفقدان الدعم الحكومي خلال الحرب الأهلية، وطبقة رجال أعمال تعرّضت مرارًا إلى انتزاع الإتاوات والاستيلاء القسري على أملاكها. والأمر البالغ الأهمية هو أن بشار الأسد خرق تفاهمًا ضمنيًا بينه وبين المجتمع العلوي الذي ضحّى بعشرات آلاف الأرواح من أجله، وذلك عبر سماحه بالتدهور المستمر في الظروف المعيشية وفي القيمة الشرائية لرواتب القطاع العام - بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية - بسبب تكرار دورات تخفيض قيمة العملة الوطنية والتضخم المصاحب لها.
لكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير ربما كانت رؤية كبار قادة الجيش أن الرئيس لم يعد بإمكانه تأمين الدعم العسكري أو المالي الأجنبي في لحظةٍ هي الأشد خطورةً، حتى لو لم يكن له ضلعٌ في الأسباب المباشرة لذلك المأزق: أي انشغال روسيا في الحرب الأوكرانية، وتآكل الرادع الاستراتيجي الإيراني، وخسائر حزب الله العسكرية في لبنان. فتظهر الحالات العربية الأربع الأخرى أن فقدان رئيس الجمهورية الفعلي أو المُحتمَل القدرةَ على تأمين الدعم الخارجي - أو حماية الجيش من العقوبات الأجنبية - أدّى دورًا محوريًا في قرار الدفاع أو التخلّي عنه.
في هذا الجانب، على الأقل، يبدو أن سورية لم تختلف عن نموذج نظرائها من الدول السلطوية العربية المدعومة من الجيش. ولكن ثمة فارق جوهري ميّزها. فمع الأخذ ببعض الفروقات، كانت القوات المسلحة، وما زالت، طرفًا سياسيًا مركزيًا ومحورَ السلطة الفعلية في كلٍّ من مصر وليبيا والجزائر والسودان، قبل وبعد انتفاضاتها على حدٍّ سواء. وتتمتّع هذه الجيوش بهامشٍ واسع من الاستقلالية الاجتماعية والمؤسسية: أي أنها مستقلة عن جميع المكوّنات أو الائتلافات الاجتماعية الواضحة المعالم وعن مؤسسات الدولة الأخرى، بما فيها رئاسة الجمهورية، أكان ذلك فعليًا فقط أم رسميًا، كما هو الحال في مصر بعد التعديل الدستوري الهام في العام 2019.
تختلف سورية عن ذلك. فمن جهة، وعلى الرغم من عسكرة المجتمع والسياسة، ودور الجيش الواضح كركيزة للنظام على مدى عقود، افتقر الجيش الى الاستقلالية السياسية التي تمتّع بها نظراؤه العرب. ومن المفارقات أن التداخل الوثيق بين هيكلية القيادة العسكرية الرسمية وبين شبكات السيطرة غير الرسمية الموازية التابعة للأسد داخل الجيش هو ما جعل الرئيس يحافظ على تماسك الجيش وضمان بقائه خلال الحرب الأهلية بنفس مقدار ما قام به الجيش في الحفاظ على سلطته. لكن إغفاله هذه الوظيفة في السنوات الأخيرة، وسط تركيزه على عصر المداخيل من اقتصادٍ لم يتوقف عن الانكماش، ساهم في ضعضعة تماسك الجيش وإبطال أسباب دفاعه عن الرئيس مجدّدًا.
أما من الجهة الأخرى، فقد افتقر الجيش السوري أيضًا إلى الاستقلالية الاجتماعية. إن الإصرار على ضمان بقاء النظام من خلال التركيز المفرط على تطويع العلويين في صفوف الجيش أدّى في النهاية إلى تعرّض المؤسسة العسكرية إلى نفس الرياح التي هبّت بالمجتمع الذي تحدّر منه عناصرها. ولقد مثّل الجيش في حدّ ذاته جزءًا هامًّا من القطاع العام، ما جعله أداةً لا غنى عنها في يد الرئيس، وبالتالي فإن فشل الأسد في حماية الجيش من حالة الإفقار التي تعرّض إليها باقي القطاع العام انقلب عليه في نهاية المطاف.
تتيح هذه القراءة للعلاقة العسكرية المدنية السورية استنتاجًا أخيرًا لا يخلو من التفاؤل، وهو أن ما حصل في دمشق ليس تكرارًا للمشهد المصري في العام 2011 حين سهّلت القوات المسلحة إزاحة الرئيس الأسبق حسني مبارك من الحكم لكي تحفظ هيكلية النظام وتحمي موقعها فيه في آن، أم حين قام الجيشان الجزائري والسوداني بالأمر نفسه في بلدَيهما في العام 2019. ولعلّ العشرات من كبار قادة الجيش السوري الذين بقوا في دمشق في اليوم الأخير من حكم الأسد قد أبلغوه رفضهم القتال من أجله ونصحوه بالتنحّي، ولكنهم لم يعتادوا الاستقلالية السياسية ولا يتمتّعون بالاستقلالية الاجتماعية اللتَين من دونهما لن يستطيعوا إجهاض انتقال سورية السياسي ولا الاستحواذ على السلطة.
يزيد صايغ
متابعة اخبارية بفيديو اوضح لكارثة تحطم طائرة ركاب اذربيجانية سقطت في كازاخستان صباح اليوم الأربعاء بتوقيت القاهرة
قالت وزارة الطوارئ الكازاخستانية إن التقارير الأولية تشير إلى احتمال وجود ناجين بعد اشتعال النيران في الطائرة التي كانت تقل 67 شخصا وتحطمها صباح اليوم الأربعاء.
تحطمت الطائرة التابعة للخطوط الجوية الأذربيجانية، صباح اليوم الأربعاء، في مدينة أكتاو في كازاخستان.
اشتعلت النيران في طائرة الرحلة 8432 المتجهة من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى غروزني في روسيا أثناء هبوطها، لكن السلطات المحلية قالت إن الحريق قيد السيطرة.