تفاقم أزمة تلوث مياه النيل
تابع المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بقلق بالغ تصاعد الإصابات بأعراض مرضية خطيرة بين أهالي قرية أبو الريش والنجوع المحيطة بها، فقد تسببت هذه الأزمة في نقل العشرات من المواطنين، بينهم أطفال وكبار سن، إلى المستشفيات في حالة حرجة، حيث ظهرت عليهم أعراض مثل القيء الشديد والنزلات المعوية، وقدم المركز عددا من التوصيات في هذا الشأن.
جاء ذلك مع استمرار تفاقم أزمة تلوث مياه النيل في محافظة أسوان، وهو ما يمثل كارثة صحية وإنسانية تتفاقم مع استمرار الحكومة في تجاهل الحلول الحقيقية ورفضها التعامل بجدية مع أسباب المشكلة.
في سبتمبر الماضي، تزايدت حالات الإصابة بشكل مقلق في أكثر من نجع داخل قرية أبو الريش، نتيجة تلوث مياه الشرب المستمرة بمياه الصرف الصحي والصناعي التي يتم تصريفها في مصرف السيل، والذي يصب مباشرة في نهر النيل بالقرب من مأخذ المياه الرئيسي الذي يغذي القرية، ورغم المناشدات المتكررة من الأهالي، لم تتخذ الحكومة أي إجراءات فعالة لحل هذه الأزمة، ما يهدد حياة الآلاف من المواطنين ويضعهم أمام خطر داهم، بحسب المحامي مصطفى الحسن، مدير مركز هشام مبارك للقانون.
وقال وزير الصحة والسكان خالد عبدالغفار، في تصريحات السبت 21 سبتمبر 2024، إنه تم رصد بعض حالات النزلات المعوية الحادة في محافظة أسوان معظمها في منطقتين فقط، اتضح أن معظمها مصابة بنزلات معوية حادة، قد تنتج من تلوث في الطعام أو الشراب.
كما نفت شركة كيما للصناعات الكيماوية تسببها في تلويث مياه الشرب في أسوان وحدوث بعض الإصابات، قائلة إنها تتبع البرامج اللازمة للمعالجات للصرف الصناعي، والذي يتم توجيهه إلى محطة العلاقي للصرف الصحي، والتابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسوان.
تأتي هذه التصريحات والبيانات متناقضة مع حكم محكمة القضاء الإداري بأسوان، في الدعويين 1685 لسنة 4 ق، و4652 لسنة 4 ق، بتاريخ 28 فبراير 2021، ألزم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تصريف مخلفات الصرف الصحي والصناعي في مخر السيل بأسوان، بما في ذلك نهر النيل.
كان أهالي قرية أبو الريش نظموا وقفة احتجاجية يوم السبت للمطالبة بإجراء إصلاحات عاجلة على مرشح المياه المتدهور، ومد مأخذ المياه المغذي للمرشح إلى منطقة آمنة في منتصف النيل بعيدًا عن مصادر التلوث، وربط شبكة مياه الشرب بمحطات نظيفة مثل محطة “جبل شيشة” أو “فريال”، كما طالبوا بإدراج قريتهم في المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتحديث شبكة مياه الشرب وإدراج مشروع الصرف الصحي الذي طال انتظاره.
ورغم تحرك وفد حكومي وأمني إلى موقع الاحتجاج للتفاوض مع الأهالي، فإن هذه التحركات لم تتجاوز مرحلة الوعود بالتواصل مع الجهات المختصة، في ظل استمرار الأزمة دون حلول ملموسة على الأرض، بحسب الحسن.
الأمر الأكثر خطورة هو استمرار الحكومة في تجاهلها للأحكام القضائية المتعلقة بالأزمة، فقد سبق أن أصدرت محكمة القضاء الإداري بأسوان في الدعويين رقمي 1685 و4652 لسنة 4 ق، حكمًا يلزم الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تصريف مخلفات الصرف الصحي والصناعي في مصرف السيل، ووقف أسباب التلوث الفوري وإزالتها، إلا أن الحكومة تقدمت بطعن على الحكم، ما يعكس تجاهلاً واضحاً لحقوق المواطنين واستمراراً في تعريض حياتهم للخطر.
ورغم مرور سنوات على هذه القضية، فإن الحكومة لم تتخذ أي خطوات جادة لتنفيذ الحكم، حيث تمثل هذه المماطلة خرقاً صارخاً للدستور المصري والقوانين المنظمة لحماية نهر النيل، خصوصًا القانون رقم 48 لسنة 1982، ووثيقة حماية النيل التي تم توقيعها في 23 أبريل 2015.
⬅️ المخاطر الصحية والبيئية
تشير التقارير إلى أن مخلفات الصرف الصحي والصناعي التي يتم تصريفها في نهر النيل تحتوي على مواد سامة تسبب أمراضًا خطيرة مثل الفشل الكلوي وأمراض الجهاز الهضمي، وهو ما يفسر ارتفاع معدلات الإصابات بالأمراض الخطيرة بين أهالي أسوان. وقد أكدت المحكمة خلال حكمها التاريخي في فبراير 2021، بعد معاينة ميدانية لمصرف السيل، أن التلوث الناجم عن هذه المخلفات يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق المواطنين في الحصول على مياه شرب نظيفة وآمنة