السبت، 16 مارس 2024

فرض لعنة حكم العسكر المشئومة الملعونة الى متى بعد ان تسببوا فى خراب مصر وشعبها

 


فرض لعنة حكم العسكر المشئومة الملعونة الى متى بعد ان تسببوا فى خراب مصر وشعبها

ـ مصر الدولة الوحيدة فى العالم التي تُحكم بشكل عسكري متواصل منذ انقلاب 1952 وسقوط الملكية، باستثناء العام الوحيد الذي تولى فيه الرئيس الراحل محمد مرسي السلطة بعد ثورة 25 يناير (2011).

- مصر معظم وزرائها ومحافظيها ومسئوليها من العسكر رغم ان الأصل أن يكونوا مدنيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والأمن.

ـ مصر الدولة الوحيدة التي ينص دستورها على أن الجيش هو حامي المدنية والديمقراطية حسب المادة 200 من دستور السيسى التي تنص على أن "القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد..". وهو وضع يكرّس الوصاية العسكرية على الحياة المدنية في مصر من خلال الدستور، وهو أمر غير موجود في أي دستور آخر فى العالم، بما في ذلك الأنظمة السلطوية.

ـ مصر هي الدولة الوحيدة التي ينصّ دستورها على أن وزير الدفاع يجب أن يكون شخصية عسكرية، حسب المادة 201 من الدستور المصري التي تنص على أن "وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها". الأصل في الوزراء أن يكونوا مدنيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والأمن، إلا إذا كان هناك استثناءات في ظروف معينة ولفترات محدودة وبضوابط قانونية ودستورية، أما في مصر فإن القاعدة هي العسكرة وليس العكس.

ـ مصر من الدول القليلة جداً التي لا يكون فيها تعيين وزير الدفاع إلا بموافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حسب نص المادة الـ 234 من الدستور المصري التي تنص على ألا يكون تعيين وزير الدفاع إلا بعد موافقة هذا المجلس. ولنتخيل السيناريو مثلاً بعد وصول شخص مدني إلى السلطة في مصر لن يكون بمقدوره، ولا من سلطاته، اختيار وزير الدفاع، إلا بعد موافقة العسكر عليه، وهو وضعٌ شاذّ وغير موجود في أي بلد باستثناء مصر.

ـ مصر من الدول القليلة جداً التي تسمح بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية حسب نص المادة الـ 204 التي تعطي صلاحيات واسعة جداً للقضاء العسكري غير موجودة في أي بلد آخر. وقد وُسِّعَت هذه الصلاحيات بعد انقلاب 3 يوليو (2013)، بشكل غير مسبوق، وذلك لضم المنشآت المدنية التي تتولّى القوات المسلحة حمايتها، كالمستشفيات والجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية، إلخ تحت الحماية العسكرية. ما يعني أنه لو حدث خلافٌ بين أي مواطن وأحد العاملين في واحدة من هذه المؤسسات او احتج او تظاهر أمامها سيتعرّض المواطن لمحاكمة عسكرية. حتى مخالفات التموين تم إسنادها مؤخرا الى الجيش لتوسيع صلاحياتة فى محاكمة المدنيين امام محاكمات عسكرية.

ـ مصر هي الدولة الوحيدة التي يتمتع فيها كبار القادة العسكريين بحصانة قانونية ودبلوماسية، بحيث لا يمكن محاكمتهم عن أية جرائم تورّطوا بها، خصوصاً ما بين عامي 2013 و2016. وهي الفترة التي شهدت أكبر عدد من المذابح المروّعة في تاريخ مصر المعاصر، مثل مذبحة "الحرس الجمهوري" في يوليو 2013 ومذبحتي ميداني رابعة العدوية والنهضة في أغسطس من العام نفسه. كذلك يتمتع هؤلاء القادة بحصانة دبلوماسية إذا سافروا خارج البلاد، حسب نص القانون رقم 161 لسنة 2018 في شأن معاملة بعض كبار قادة القوات المسلحة، الذي أصدره عبد الفتاح السيسي من أجل حماية المتورّطين في مذابح وجرائم قتل المتظاهرين خلال الفترة المذكورة.

- مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى اصدر فيها حاكمها قرارة العسكرى ''السرى'' فى شهر يوليو 2022 يقضى فيه أن يتمتع الضباط والأفراد فيها بحصانة تمنع أي جهة مدنية من مساءلتهم، ومَن يمس بهذه الحصانة يخضع للتحقيق الفوري والمساءلة أيّا مَن كان من المؤسسات المدنية، بما في ذلك أي مؤسسة رقابية أو شرطة مدنية أو أي قضاء مدني؛ إذ يتم القبض على المخالفين عن طريق الشرطة العسكرية، وقد تصل العقوبة للسجن العسكري.

- مصر الدولة الوحيدة فى العالم التى جرى فيها تعديل 6 قوانين عسكرية فى خمس دقائق من اجل تفعيل مادة عسكرة مصر رقم 200 فى دستور السيسى على أرض الواقع عمليا.

ـ مصر لا يعرف شعبها حجم ميزانية جيشها، ولا من أين تأتي هذه الميزانية، ولا كيف تُنفَق وتُصرَف. ولعل المفارقة هنا أن ميزانية الجيش وبقية مؤسسات الدولة تأتي من جيوب المواطنين من خلال الرسوم والضرائب التي يدفعونها، وتموّل أكثر من 70% من الميزانية العامة في مصر، وبالتالي من حق المواطن الطبيعي معرفة كيف تُنفق هذه الضرائب، وما إيرادات الجيش ومصروفاته، وهذا أضعف الإيمان.

ـ مصر الدولة الوحيدة التي يوجد فيها أكبر عدد من العسكريين السابقين الذين يشغلون وظائف مدنية في كل القطاعات، كالجامعات، والمعاهد القومية، والبحوث، والشركات القابضة، وجمعيات حماية المستهلك، والإذاعة والتلفزيون، إلخ. وأغلب هذه الوظائف تقدّم في شكل رشىً سياسية ومالية من أجل شراء ولاء العسكريين السابقين للنظام وضمانه، بعد حتى خروجهم من الخدمة. كذلك إن تولي هذه الوظائف لا يتم بشكل مهني محترف على أساس الكفاءة أو الخبرة، بل من خلال علاقات شخصية وزبائنية، وهو وضع غير موجود في أي دولة أخرى سوى مصر.

ـ مصر فيها أكبر عدد من المحافظين من القيادات السابقة في الجيش والشرطة (20 لواءً سابقاً من أصل 27 محافظاً، حسب آخر إحصائية عام 2019) معظمهم من الجيش، وذلك في أكبر عملية عسكرة للدولة ومحافظاتها منذ انقلاب 1952.

ـ مصر الدولة الوحيدة التي زادت فيها مرتبات ضباط الجيش والشرطة وعلاواتهم حوالى 15 مرة خلال آخر عشر سنوات. حيث عُدِّل قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 أكثر من مرة، بما يتضمن زيادته سنوياً أول يناير من كل عام بنسبة 15% لمدة سبع سنوات. من أجل استرضاء الضباط وضمان ولائهم.

- الوظيفة الأساسية للجيوش هي الدفاع عن الأمن القومي للبلاد وحماية الحدود، وليس منافسة الشركات المدنية والقطاع الخاص

ـ الجيش المصري هو الجيش الوحيد الذي يمتلك إمبراطورية اقتصادية ومالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات. ويشرف على ما يقرب من 2300 مشروع اقتصادي، بدءاً من إنتاج المواد الغذائية، كالمكرونة والخبز والأسماك، وحتى البنية التحتية كالطرق والكباري (الجسور) وإنتاج الحديد بالاضافة الى منح المخابرات العامة هرطقة تأسيس الشركات بأنواعها المختلفة. وهو وضعٌ شاذٌّ وغير موجود في أية دولة أخرى، فالوظيفة الأساسية للجيوش هي الدفاع عن الأمن القومي للبلاد وحماية الحدود، وليس منافسة الشركات المدنية والقطاع الخاص في المجالات والأنشطة الاقتصادية كافة.

ولا يوجد أي نوع من الرقابة والمحاسبة على هذه الإمبراطورية المالية والاقتصادية الضخمة للجيش المصري، سواء رقابة برلمانية أو شعبية أو قضائية. ولا يعلم أحد شيئاً عن هذه الإمبراطورية، ولا توجد أية سلطة رقابية عليها، بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يراقب كل الأنشطة الاقتصادية والمالية في مصر.

الخلاصة أن العسكر في مصر يتحكّمون بشكل كامل في الحياة السياسية (برلمان وانتخابات وأحزاب ومجتمع مدني، إلخ) والإعلام (قنوات فضائية، صحف، وجرائد، ومواقع إلكترونية) الفن (تلفزيون وسينما وإبداع ونشر).

باختصار، يتحكّم العسكر في مصر في كل شيء، ويديرون كل شيء، ويسيطرون على كل شيء. لذلك، لا أمل في حدوث تغيير حقيقي في مصر من دون فهم هذه الحقائق، ومن دون تفكيك "جمهورية الضباط" بشكل حقيقي، يضمن عودتهم إلى ثكناتهم فى الصحراء والجبال ووظيفتهم الطبيعية في حماية البلاد والحفاظ على مقدّراتها.

الجمعة، 15 مارس 2024

بيان عاجل من 22 منظمة حقوقية ضد استبداد السيسى إلى رؤساء وزراء بلجيكا، ألكسندر دي كرو، واليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وإيطاليا، جيورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين،

 

رابط البيان

بيان عاجل من 22 منظمة حقوقية ضد استبداد السيسى إلى رؤساء وزراء بلجيكا، ألكسندر دي كرو، واليونان، كيرياكوس ميتسوتاكيس، وإيطاليا، جيورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين،

نحن، منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه، نتصل بكم قبل زيارتكم لفخامة الرئيس المصري، السيد عبد الفتاح السيسي، لحثكم على اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان احترام حقوق الإنسان والاستدامة الاجتماعية والبيئية والمساواة. تم دمجها في الاتفاقية الثنائية بين الاتحاد الأوروبي ومصر ، والتي تهدف مهمتكم القادمة إلى تنفيذها.

إن مخاوفنا بشأن محتوى ونطاق هذه الشراكة – المستندة إلى الشراكة التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع تونس في عام 2023 – تنبع من سجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك في مجالات مثل مراقبة الحدود وإدارة الهجرة ، التي يغطيها الاتفاق. ونشير إلى أنه من الضروري أن يعالج الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء أزمات حقوق الإنسان والمساءلة في مصر من خلال تضمين معايير واضحة للإصلاح في الشراكة القادمة ، وذلك لتعزيز سيادة القانون والحكم المسؤول والاستقرار؛ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي سيخاطر بدعم نفس السياسات غير المستدامة التي تنتهجها الحكومة المصرية والتي قوضت الحقوق السياسية والاقتصادية. 

بالإضافة إلى ذلك، هناك أدلة متزايدة على أن تعطش الاتحاد الأوروبي لأنواع الوقود مثل الغاز الطبيعي المسال (الذي تجسد في توقيع مذكرة ثلاثية مع مصر وإسرائيل في يونيو 2022)، من ناحية، ودفعه من أجل الاستعانة بمصادر خارجية للسيطرة على حدوده الخارجية إلى الدول المجاورة ومن ناحية أخرى، تقع البلدان في جذور عمليات بعيدة المدى تؤدي إلى هشاشة المجتمعات والنظم البيئية في جميع أنحاء شمال أفريقيا وخارجها. وفي حالة مصر، تم توثيق هذه التأثيرات نتيجة لصفقات الطاقة بين السلطات المصرية وشركات الاتحاد الأوروبي مثل ENI وSACE. ومثل هذه الشراكات تغذي انتهاكات حقوق الإنسان بطرق متعددة، لا سيما من خلال الاستفادة من حملة القمع التي تشنها مصر على نقابات العمال وحقوقهم، مما يؤدي إلى مزيد من الضعف والتبعية الاقتصادية مع زيادة انعدام أمن الطاقة للشعب المصري. اتُهمت السلطات المصرية مؤخرًا بتبييض سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان وزيادة الفقر من خلال التزامات سطحية بالحياد المناخي بدعم مباشر من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء من خلال سداد القروض. 

ويبدو أن الاتفاق الثنائي الذي يعتزم الاتحاد الأوروبي التوقيع عليه مع مصر يسير في هذا الاتجاه. وبدون معايير حقوق الإنسان والمساءلة، فإنه سيوفر أيضًا الشرعية لحكم السيسي الاستبدادي وغير الخاضع للمساءلة وغير المستدام ، والذي تدهورت بموجبه حالة حقوق الإنسان في مصر بشكل مطرد منذ عام 2014. 

على الرغم من هذا الوضع المقلق، اختار الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء خلال العقد الماضي زيادة التعاون الاستراتيجي مع السلطات المصرية في مجالات متعددة، بما في ذلك التعاون في مجال الشرطة والدفاع ، والدعم المالي المباشر وغير المباشر والاستثمار، ومبيعات الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة ، إنتاج الطاقة وإدارة الحدود واتفاقيات إعادة القبول . وقد ساهم ذلك في ترسيخ الحكم غير الخاضع للمساءلة والإفلات من العقاب في مصر، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة عدم المساواة الاقتصادية وانعدام الأمن الاجتماعي والهجرة. 

في الآونة الأخيرة، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقًا استراتيجيًا مع الرئيس التونسي قيس سعيد، والذي تضمن، من بين مجالات أخرى من السياسة الدولية، بندًا مثيرًا للجدل للغاية لإدارة الهجرة بين تونس والاتحاد الأوروبي على الرغم من الارتفاع الكبير في خطاب الكراهية والتحريض في عام 2023. والانتهاكات ضد المهاجرين واللاجئين من قبل السلطات التونسية. وقد تم الترحيب بالصفقة في البداية باعتبارها نجاحاً للسياسة الخارجية في أوروبا، لكنها فشلت في إحداث التأثيرات التي توقعها أنصارها، كما يتضح من الزيادة الحادة في عدد الأشخاص الذين حاولوا الوصول إلى إيطاليا عن طريق البحر في أعقاب توقيع الصفقة. وتجسد حالة تونس كيف أن الحكم الاستبدادي والنهج الأمني ​​للاتحاد الأوروبي لإدارة الهجرة ليس فقط غير فعال في تنظيم الظواهر الهيكلية بطبيعتها، بل إنها تولد عواقب مأساوية من حيث المعاناة والظلم وفقدان الأرواح التي يمكن، بل ينبغي، قد تم تحاشيه.

نحثكم على اعتماد نهج أكثر شمولية تجاه الاستدامة وأمن الطاقة والتنمية والهجرة في التفاوض على الاتفاقيات الثنائية مع مصر، من خلال الاعتراف بمركزية حقوق الإنسان والمساءلة لجميع الناس، ولا سيما الحق في التنقل وطلب اللجوء. وحقوق العمال والحقوق الاجتماعية والاقتصادية في مجال أمن الطاقة وحرية التعبير والمعلومات والحريات المدنية على نطاق أوسع. يجب أن تتضمن الشراكة الجديدة القادمة بين الاتحاد الأوروبي ومصر شروط ومعايير واضحة لحقوق الإنسان لتقييم التنفيذ والتقدم الملموس لهذه الشراكة وسيادة القانون والحكم الديمقراطي وتنفيذ حقوق الإنسان في البلاد، من أجل تعزيز الحكم المسؤول والمستدام في مصر. فى المستقبل. وهذا هو السبيل الوحيد لبناء استقرار حقيقي في البلاد ومساعدة مصر على إنهاء دائرة الأزمات المتكررة.

التوقيعات:

بون ديريتو أونلوس

ARCI

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

مركز المساعدة القانونية “الصوت في بلغاريا”

نكد-11.11.11

الجبهة المصرية لحقوق الإنسان (EFHR)

المنتدى المصري لحقوق الإنسان (EHRF)

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

مصر وايد لحقوق الإنسان

الحقوق الأورومتوسطية

المجلس اليوناني للاجئين (GCR)

المنتدى اليوناني للاجئين

هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية

إنتر عليا

الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان (FIDH)

المركز القانوني ليسفوس

فريق معلومات الجوال

ريكومون

الدعم القانوني للاجئين (RLS)

مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان

أون بونتي بير

اليوغا والرياضة مع اللاجئين

الخميس، 14 مارس 2024

هيومن رايتس ووتش كيف حبس السيسي نفسه في قفص الفشل

 

رابط التقرير


هيومن رايتس ووتش

كيف حبس السيسي نفسه في قفص الفشل

"يزعم البعض أن العد التنازلي للانفجار الاجتماعي و/أو السياسي بدأ بالفعل. لكن الأمر المؤكد هو أن السيسي سقى بنفسه بذور فشله". 

رجل يحمل الخبز على رأسه في شارع مزدحم قرب لافتة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من حملة "علشان تبنيها" بعد نتائج الانتخابات في القاهرة، مصر، 3 أبريل/نيسان 2018.  © 2018 رويترز/ عمرو عبدالله دلش

لا يمكن للمرء في أي محادثة مع المصريين في الأشهر الأخيرة، تجنب النقاش عن الارتفاع السريع واليومي لأسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، والتي تتغير أحيانا أثناء وجود الشخص في المتجر ذاته. في الأسابيع الأخيرة، أدت أزمة العملات الأجنبية إلى تجاوز سعر الصرف في السوق السوداء ضعف السعر الرسمي البالغ 31 جنيها للدولار الأمريكي الواحد. تتعرض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لملايين المصريين للخطر، بما فيها الحق في الغذاء والمستوى المعيشي اللائق، وذلك بسبب التضخم الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 40% في الأشهر الأخيرة. كل هذا مجرد جزء بسيط من الأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة والمطولة في مصر.

الأسوأ من ذلك، لا يبدو أن هناك مخرجا معقولا للأزمة. رغم أن الحرب بين إسرائيل و "حماس" في غزة حوّلت بعض الانتباه عن الأزمة الشديدة في مصر، إلا أن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لجأت إلى ما تتقنه: أساليب يائسة لكسب الوقت، دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، والدخول في دوامة مفرغة ومستمرة من الفشل.

كان هذا هو الحال، مثلا، عندما عمدت الحكومة، بعدما ما شعرت بتصاعد الاستياء العام بشكل واضح، إلى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية إلى ديسمبر/كانون الأول 2023 قبل الموعد المفترض في مارس/آذار 2024، رغم عدم منح أي شخصية أو مجموعة الفرصة لخوض الانتخابات بنزاهة. في يناير/كانون الثاني، وافق مجلس الشعب بسرعة على القانون الذي اقترحته الحكومة والذي يمنح الجيش، الحاكم الفعلي للبلاد، مزيدا من السلطة لمحاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية على جرائم واسعة النطاق تتعلق بالاقتصاد، وأية جرائم أخرى يراها الرئيس أنها تقوّض "متطلبات الأمن القومي"، مما يزيد من تراكم القوانين التعسفية التي تستخدمها المحاكم لمعاقبة المعارضة، وابتزاز الثروات، والضغط على أصحاب المصالح التجارية الكبرى للتخلي للجيش عن جزء من حصتهم السوقية.

على أن السيسي بدا متوترا في الآونة الأخيرة. في 30 سبتمبر/أيلول، قال السيسي حرفيا للمصريين في إطار مقارنة أجراها مع "مجاعة الصين الكبرى" التي أودت بحياة ملايين في القرن الماضي، إنه من المقبول أن يواجهوا المجاعة أو يموتوا جوعا لتحقيق رؤيته للتقدم والازدهار. وراء شعوره بالتوتر سبب واحد وهو أن فرضية حكم السيسي نفسها تتداعى أمام عينيه.

عندما وصل السيسي إلى السلطة بعد الانقلاب العسكري الذي دبّره عام 2013، أشار ضمنا في تصريحات متعددة إلى أن المصريين عليهم التخلي عن حرياتهم المدنية والسياسية، بينما تركز حكومته على تحقيق الازدهار والتنمية. تحدث السيسي دائما كما لو أن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تتعارض مع الحقوق السياسية والحريات المدنية، وأن الاحتجاجات السلمية وحرية التعبير عموما ماهي إلا مؤامرات لا تجلب سوى الفوضى.

بعد عشر سنوات من الانقلاب العسكري وتسع سنوات من رئاسته، من غير المستغرب أن رؤية السيسي المشوهة للعالم لم تتحقق قط. قمعت حكومته المعارضة السلمية بعنف وقضت على العديد من الحريات الأساسية، بطرق أسوأ بكثير من أي نظام استبدادي في تاريخ مصر الحديث؛ بينما، وفي المقابل، لم تكن وعود الازدهار والتنمية أكثر من مجرد سراب، ولم ينته الفقر تحت حكم السيسي، بل تفاقم.

من الواضح أن السيسي يُدرك عمق الأزمة الاقتصادية. لكن تصريحاته دارت في معظمها حول تبرئة نفسه من المسؤولية، وإلقاء اللوم على العوامل الخارجية، وتوبيخ المصريين على تطلعاتهم الديمقراطية وثورة 2011 التي أنهت 30 عاما من حكم الرئيس حسني مبارك الاستبدادي. انضم السيسي إلى قائمة طويلة من المستبدين الذين لا ينظرون إلى التنمية كحق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف، بل كمنفعة أو هدية من الحاكم للناس، وأخبر المصريين مرارا أن الحل هو الاستمرار في التضحية بحقوقهم والتحلي بالصبر، وإلا فإن الانتقادات والمعارضة "ستدمر البلاد".

يحدث هذا رغم أن حكومته تلقت مليارات الدولارات من الدعم السخي من كفلائه السعوديين والإماراتيين الأثرياء، وقروضا كبيرة ومساعدات فنية من "صندوق النقد الدولي" و "البنك الدولي" وغيرهما. بدلا من أن يؤدي هذا الدعم الهائل إلى إصلاحات ملموسة، أصبحت هذه القروض في الغالب عبئا على الأجيال القادمة، حيث إن مصر، وفقا لـ "بلومبرغ"، أكثر عرضة لخطر أزمات الديون من أي دولة أخرى في العالم إلى جانب أوكرانيا.

وبينما يعاني المزيد من المصريين لتأمين احتياجاتهم الأساسية، شرع السيسي في مشاريع باذخة لإشباع الغرور اعترف هو نفسه أحيانا أنها افتقرت إلى دراسات الجدوى، وأنه مع ذلك سعى إلى الدفع بها لـ "تعزيز معنويات" المصريين. تظهر دراسات عديدة كيف وسّع الجيش تحت حكم السيسي غزوه الهائل للأسواق الاستهلاكية، مستفيدا من تفاوت الفرص وغياب الإشراف المدني أو التدقيق، مما أدى إلى الفساد وإهدار الأصول العامة. كانت هذه واحدة من القضايا الرئيسية التي لم تُعالج بالقدر الكافي، بما يشمل اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي المتعثرة حاليا والذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار.

ألغت حكومة السيسي كذلك، بدعم من صندوق النقد الدولي، دعم العديد من المواد الغذائية والوقود دون اتخاذ تدابير كافية لتوسيع نطاق نظام الضمان الاجتماعي في البلاد وتخفيف الضرر. حاليا، بالكاد تغطي برامج التحويلات النقدية للمساعدات الاجتماعية ثلث الـ 60 مليون شخص الفقراء أو المهددين بالفقر من بين السكان البالغ عددهم 100 مليون نسمة. كما فقدت المساعدات النقدية بشكل متزايد قوتها الشرائية بسبب التضخم.

الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر عميقة ومتعددة الأوجه، لكنها أيضا في كثير من النواحي نتيجة مأزق سياسي أدى فيه نظام حكم مدعوم من العسكر وغير خاضع للمساءلة إلى سحق احتمالات التداول السلمي للسلطة.

رفض السيسي عمدا تشكيل حزب سياسي أو رئاسة أحد الأحزاب الموالية له التي تهيمن على برلمانه الخانع. بدلا من ذلك، يعتمد على العنف العاري وعلى الأجهزة العسكرية والأمنية باعتبارها أدواته الرئيسية للسيطرة، وهو في ذلك  ما انفك يسعى إلى تجنب ما يعتبره خطأ مبارك في حكم البلاد من خلال حزب سياسي  أدى إلى مأسسة  المحسوبية والأوليغارشية (حكم الأقلية). بدلا من ذلك، ركّز السيسي على تفكيك مؤسسات الدولة المستقلة وتقوية آليات التحصين ضد الانقلابات العسكرية، بينما اعتمد بشكل شبه كامل على الجيش لإدارة البلاد.

في المقابل، عزز الجيش دوره كلاعب سياسي واقتصادي بطرق مكشوفة وغير مسبوقة، بما يشمل إدخال تعديلات دستورية وقانونية تجعله الوصي الرئيسي على الحياة السياسية، وتسمح للجنرالات بمراكمة مزيد من الثروة في الشركات العسكرية البعيدة عن الرقابة. لكن هذه المعادلة  تترك المؤسسة العسكرية في موقف صعب وغير مريح حيث تتلقى جراءها حصة مُعتبرة من الغضب الشعبي الناقم على السياسات الاقتصادية الفاشلة، وكل ذلك في ظل فراغ خطير للبدائل السياسية.

تشير الأدلة المتناقلة إلى أن مستوى الاستياء الشعبي من السيسي بعد تسع سنوات في السلطة يذكرنا بما احتاج مبارك إلى 30 عاما ليراكمه. وفي هروبها إلى الأمام، لا تزال حكومة السيسي تسعى للحصول على الدعم والتأييد الخارجيين كوسيلة للبقاء.

ساعدت الأحداث الإقليمية المتفجرة حكومة السيسي عدة مرات منذ 2013 حيث فضّل كفلاؤه في الحكومات الغربية في كثير من الأحيان الحلول قصيرة النظر للتحديات الأمنية المتزايدة والهجرة عبر البحر المتوسط على حساب حقوق الإنسان والديمقراطية. في الوقت نفسه، يبقى ذلك هو الحال خلفت الصفقات الجديدة والمستمرة التي نسمع عنها، والتي قد تُنفّذ قريبا، مع "الاتحاد الأوروبي" و/أو صندوق النقد الدولي و/أو البنك الدولي، حيث لا يزال السيسي يراهن على نفس التكتيكات القديمة، باستخدام حجم مصر ونفوذها الجيوسياسي، وإن كانت ضعيفة، لإقناع العواصم الغربية بضخّ مزيد من المساعدات المالية على خلفية الأزمات والحروب الإقليمية كما هو الحال في غزة والسودان وليبيا. لكن كل هذه المساعي لا يمكن أن تمثل أكثر من مجرد تكتيكات لشراء الوقت. ينطبق هذا أيضا على صفقة الاستثمار الغامضة البالغة قيمتها 35 مليار دولار مع الإمارات، والتي احتفلت بها الحكومة في أواخر فبراير/شباط باعتبارها "انتصار". لقد ثبت أن هذا الدعم ذي الدوافع السياسية لا يؤدي إلا إلى زيادة نفوذ الحلفاء الخليجيين على الطبقة الحاكمة في مصر مع مكاسب مستدامة قليلة أو معدومة لملايين المصريين.

يزعم البعض أن العد التنازلي للانفجار الاجتماعي و/أو السياسي بدأ بالفعل. لكن الأمر المؤكد هو أن السيسي سقى بنفسه بذور فشله. فمن خلال سحقه لسيادة القانون، واستقلالية مؤسسات الدولة، والصحافة الحرة، دمر السيسي الركائز اللازمة لبناء اقتصاد قوي يقوم على المساءلة، كما دمر البيئة المواتية القادرة على جذب استثمارات قوية بدلا من الحصول بشق الأنفس على قروض غير مستدامة. من غير المرجح أيضا أن يعكس السيسي مساره لأن حكومته لم تظهر سوى قليل من القدرة على النقد الذاتي أو مراجعة النفس بهدف الإصلاح. بل على العكس، تظل حكومة السيسي رهينة تفكيرها المعوّج قد يتعاظم سريعا ككرة الثلج، فلجأت في الأغلب الأعم إلى العنف للإبقاء على الباب مغلقا، وهو ما يؤدي بدوره إلى خلق مزيد من المظالم ويجعل آفاق الإصلاح أكثر صعوبة. من نواح عديدة، حبس السيسي نفسه في قفص الفشل.

وكلما استمر السيسي في حرمان بلاده من إمكاناتها، يزاد الخطر على الاستقرار في مصر على المدى الطويل، ويرتفع الثمن الذي سيتوجب دفعه للإصلاح في المستقبل.

الأربعاء، 13 مارس 2024

المفوضية الأوروبية تتهم أعضاء البرلمان الأوروبي بتمويل الديكتاتوريين فى مصر وتونس

 

رابط تقرير صحيفة الجارديان

عاجل .. نص الفضيحة السياسية التى نشرتها اليوم الأربعاء 13 مارس صحيفة الجارديان البريطانية .. ''مرفق رابط تحقيق الصحيفة'' .. المفوضية الأوروبية تتهم أعضاء البرلمان الأوروبي بتمويل الديكتاتوريين فى مصر وتونس

 قاموا بدفع مبلغ 150 مليون يورو من تمويل الاتحاد الأوروبي ذهبت مباشرة إلى رئيس البلاد، قيس سعيد ورئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، كانت على وشك إبرام صفقة مماثلة مع مصر .. الاتفاق ينص على حصول مصر على حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو (6.3 مليار جنيه استرليني) "معظمها في شكل قروض" مقابل "التزام البلاد بالعمل بجدية أكبر فيما يتعلق بالهجرة"

اتُهمت المفوضية الأوروبية بتمويل الطغاة من قبل كبار أعضاء البرلمان الأوروبي الذين زعموا أن مبلغ 150 مليون يورو الذي قدمته لتونس العام الماضي في صفقة الهجرة والتنمية انتهى به الأمر مباشرة في يد الرئيس.

شنت مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي في لجان حقوق الإنسان والعدالة والشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي هجومًا لاذعًا على السلطة التنفيذية في بروكسل، معربين عن قلقهم بشأن التقارير التي تفيد بأن رئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، كانت على وشك إبرام صفقة مماثلة مع مصر .

وأكد وزير الهجرة اليوناني، ديميتريس كيريديس، في وقت متأخر من اليوم الأربعاء 13 مارس، أنه تم الاتفاق على إعلان مشترك بين الاتحاد الأوروبي ومصر وسيتم الكشف عنه رسميًا عندما تزور فون دير لاين وزعماء اليونان وإيطاليا وبلجيكا القاهرة يوم الأحد.

وقال لصحيفة الغارديان إن الاتفاق ينص على حصول مصر على حزمة مساعدات بقيمة 7.4 مليار يورو (6.3 مليار جنيه استرليني) "معظمها في شكل قروض" مقابل "التزام البلاد بالعمل بجدية أكبر فيما يتعلق بالهجرة"، مضيفًا: "لقد قلت، الوقت والوقت" مرة أخرى لزملائي، أننا بحاجة إلى دعم مصر التي كانت مفيدة جدًا في إدارة الهجرة ومهمة جدًا لاستقرار شمال إفريقيا والشرق الأوسط على نطاق أوسع.

وأكد كيريديس، الذي أجرى محادثات مع السفير المصري لدى اليونان يوم الأربعاء، أنه لم تكن هناك قوارب تغادر مباشرة من مصر، حتى لو ارتفع عدد المهاجرين الوافدين إلى الجزر اليونانية الجنوبية الذين يسافرون عبر ليبيا هذا العام. وقال: "مصر لا تستضيف فقط 9 ملايين لاجئ، بل كانت فعالة للغاية في السيطرة على الهجرة غير الشرعية".

واتهم أعضاء البرلمان الأوروبي المفوضية برفض الإجابة على الأسئلة المتعلقة بالصفقة مع تونس ، ويشعرون بالقلق من أنها تنظر في سلسلة من الصفقات "المخصصة" مع دول أفريقية أخرى دون النظر إلى الديمقراطية وسيادة القانون في تلك البلدان.

"يبدو أننا نقوم بتمويل الطغاة في جميع أنحاء المنطقة. وهذه ليست أوروبا التي نريد رؤيتها. وقال عضو البرلمان الأوروبي الفرنسي منير ساتوري، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، إن هذا ليس المكان الذي ينبغي أن يتبوأه الاتحاد الأوروبي في العالم.

وفي مؤتمر صحفي في ستراسبورغ، ادعى أن الأموال - التي تم التعهد بها لتونس العام الماضي كجزء من اتفاق أوسع يهدف إلى الحد من زيادة الهجرة إلى إيطاليا وتهريب البشر - قد تم تحويلها، قائلا إنه كان من المفترض أن يتم تحويل مبلغ الـ 150 مليون يورو إلى تونس. تم استثمارها بشكل مباشر في مشروع متفق عليه مع الاتحاد الأوروبي ولكن بدلا من ذلك تم "نقلها إلى الرئيس مباشرة".

وقال زملاؤه من أعضاء البرلمان الأوروبي إنه كان هناك “تحول استبدادي” في تونس في عهد رئيسها قيس سعيد، لكن المفوضين مضوا قدما في الصفقة على أي حال.

وقال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي إن أعضاء البرلمان الأوروبي يحق لهم التعبير عن آرائهم، لكن من الأفضل بناء شراكات لتحسين الديمقراطية وحقوق الإنسان بدلاً من "قطع العلاقات" ورؤية الوضع يتدهور.

وقال المتحدث: "ما يمكنني قوله هو أننا مقتنعون تمامًا بضرورة العمل مع الدول المجاورة لنا، مع الأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض". "نحن نعرف الانتقادات المتعلقة بحقوق الإنسان في تلك البلدان، ومن الواضح أن هذه قضية وأن هذه هي القضايا التي نتناولها مع تلك البلدان".

وأضاف المتحدث أن هناك "آليات محددة لمناقشة حقوق الإنسان مع دول المنطقة، بما في ذلك مصر"

وقالت عضو البرلمان الأوروبي الدنماركي كارين ملكيور، منسقة لجنة العدالة، إن مخاوف البرلمانيين بشأن صفقة تونس "يتم تجاهلها باستمرار" وأن المفوضين رفضوا الإجابة على أسئلتهم أو أخذ مخاوفهم على محمل الجد.

وتساءل: “كيف يمكننا الاستمرار في مذكرة التفاهم، وكيف يمكننا تقديم دعم الميزانية دون شروط لتونس، في حين أن الأمور تسير من سيء إلى أسوأ؟” قالت.

“إن التوقيع على اتفاق مع الرئيس سعيد، الذي يواصل قمع المعارضة والديمقراطية في تونس – ليست هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يتصرف بها الاتحاد الأوروبي. هذه ليست الطريقة التي ينبغي لفريق أوروبا أن يتعامل بها مع سياستنا الخارجية».

وهاجم رئيس لجنة حقوق الإنسان، أودو بولمان، ما وصفه بصفقة "الصمت" التي تم التعجيل بها.

"يجب على اللجنة أن تشرح سبب وجود الكثير من الإلحاح في اتفاق الصيف الماضي - لماذا، سرًا، بسرعة كبيرة قبل عيد الميلاد، [قالت] إنها كانت "شديدة الإلحاح" وأعطت المال فقط ... دون أي شيء نقاش حاسم"، مضيفًا أن هذا سؤال موجه إلى مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، وفون دير لاين.

وقال مايكل غاهلر، عضو البرلمان الأوروبي عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الألماني والذي منعته السلطات المحلية من زيارة تونس العام الماضي ، إنه لا ينبغي التخلي عن الشعب التونسي في مواجهة “حكم سعيد الاستبدادي” والتدهور الاقتصادي.

وقال: "هذا يتطلب منا التأكد من أن أموال دافعي الضرائب الأوروبيين تعود بالنفع حقاً على الشعب التونسي والمجتمع المدني... ولماذا يجب أن يكون واضحاً أن التمويل الأوروبي لتونس يحتاج إلى أن يكون مشروطاً بشكل مناسب لتحقيق هذه الغاية".

تم التعبير عن هذه المخاوف هذا الأسبوع مع اقتراب انتهاء ولاية البرلمان الأوروبي لمدة خمس سنوات قبل الانتخابات في يونيو، مع حرص أعضاء البرلمان الأوروبي على وضع خطوط حمراء لأي صفقات مستقبلية تعتزم السلطة التنفيذية في بروكسل القيام بها.

وقالت سارة بريستياني، مديرة المناصرة في المنظمة غير الحكومية الأورومتوسطية للحقوق، إنها تشعر بالقلق من أن الاتحاد الأوروبي على وشك ارتكاب خطأ "استراتيجي وسياسي" مماثل مع القاهرة، حيث تعهد بمبالغ ضخمة من المال دون وضع شروط تنطوي على رقابة مالية كافية أو ضمانات بشأن حقوق الإنسان. . وقالت: "سيكون خطأ، خاصة إذا تم تكرار [صفقة تونس] مع مصر".

وقال ساتوري، وهو أيضاً المقرر الخاص للبرلمان في مصر: "نحن بحاجة إلى ضمان اتباع الإجراءات الديمقراطية قبل صرف الأموال. هذه ليست الأموال الخاصة للمفوض فارهيلي. هذه أموال أوروبية”.

الخميس، 7 مارس 2024

منظمة هيومن رايتس ووتش: قوانين مصرية جديدة تُرسِّخ سلطة الجيش على المدنيين

 

رابط التقرير



تشديد مخالب نظام حكم العسكر فى مصر

منظمة هيومن رايتس ووتش: قوانين مصرية جديدة تُرسِّخ سلطة الجيش على المدنيين

توسيع صلاحيات الادعاء وسلطات أخرى في مواجهة الأزمة الاقتصادية


 قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المصرية أصدرت أوائل فبراير/شباط 2024 تشريعا جديدا يرسخ ويوسع صلاحيات الجيش، الواسعة أصلا، على الحياة المدنية بشكل يقوّض الحقوق. يمنح القانون الجديد الجيش سلطة جديدة واسعة لممارسة وظائف معينة بدلا من الشرطة والقضاء المدني والسلطات المدنية الأخرى كليا أو جزئيا، ويوسع نطاق اختصاص المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.

في 22 يناير/كانون الثاني، قدمت الحكومة قانونا جديدا وتعديلات على قانون سارٍ إلى مجلس النواب، الذي وافق عليها سريعا دون نقاش أو تعديل يُذكران في جلسة عامة واحدة في 28 يناير/كانون الثاني. يتضمن التشريع "قانون رقم 3 لسنة 2024 بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة" الذي نُشر في الجريدة الرسمية في 4 فبراير/شباط. كما وافق مجلس النواب على تعديلات عديدة على "قانون القضاء العسكري" رقم 25 لسنة 1966 يُتوقع نشرها في "الجريدة الرسمية" قريبا.

قال عمرو مجدي، باحث أول في شؤون مصر في هيومن رايتس ووتش: "ترسيخ سيطرة الجيش على الحياة المدنية هو استراتيجية لاحتواء السخط المتزايد على إخفاقات الحكومة المصرية الذريعة في دعم الحقوق الاقتصادية والسياسية الأساسية وضمانها. لن تُحَل الأزمة المالية في مصر بمحاكمة المزيد من المصريين في محاكمات عسكرية واضحة الجور وحبسهم".

يكلف القانون رقم 3 القوات المسلحة بـ "معاونة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري" و"ما يدخل في حكمها". ويمنح القانون العسكريين المشاركين في هذه العمليات الصلاحيات القضائية التي تتمتع بها الشرطة في الاعتقال والضبط. ينص القانون أيضا على أن جميع الجرائم المرتكبة ضد المرافق العامة والمباني العامة "الحيوية" أو فيما يتعلق بها يجب ملاحقتها أمام المحاكم العسكرية.

يحتوي هذا القانون على أحكام أوسع وأكثر تعسفا من سابقه، القانون رقم 136 لسنة 2014، الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بمرسوم في أكتوبر/تشرين الأول 2014. استخدمت حكومته قانون 2014 لمحاكمة آلاف المدنيين، وبينهم عشرات الأطفال، في المحاكم العسكرية، غالبا في محاكمات جماعية تنتهي بأحكام السجن القاسية أو الإعدام. في مثال يعكس الطبيعة الفوضوية والمنتهِكة للمحاكمات الجماعية التي لا يتم فيها التحقق من الوثائق الأساسية، وفي كثير من الأحيان لا تُثبت المسؤولية الجنائية الفردية، أدت إحدى القضايا البارزة عام 2016 إلى الحكم بالسجن المؤبد على مدعى عليه عمره ثلاث سنوات، وبعدما أثار سخطا عارما، قال متحدث باسم الجيش لاحقا إن الحكم صدر عن طريق الخطأ.

ورد في القانون 2014 إنه سيطبق لعامين فقط، وبررت الحكومة ذلك قائلة إن المحاكمات العسكرية كانت ضرورية للتصدي لموجات الهجمات العنيفة على المنشآت الحكومية خلال تلك الفترة. لكن عام 2016، مُدِّد القانون خمس سنوات إضافية، ثم في أكتوبر/تشرين الأول 2021 أصبحت أحكام القانون دائمة.

يمنح عنصر جديد مهم في القانون الجديد العسكريين سلطة البحث وتفتيش الأماكن، أو اعتقال الأشخاص، أو مصادرة المواد لمواجهة "الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية".

تهدف الصلاحيات الجديدة إلى "[حفظ] المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه أو مقتضيات الأمن القومي، والتي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني". قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه الصياغة الفضفاضة غير المسبوقة تفسح المجال أمام المزيد من التدخل العسكري في الحكم المدني والحياة اليومية، ما يمنح الرئيس ولواءاته الحرية في تحديد التهديدات للأمن القومي.

كما يمنح القانون الجديد وزير الدفاع صلاحية تحديد أعداد العسكريين ومواقعهم ومهامهم وتوزيعهم بحسب مقتضيات "طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية". يمكن استخدام هذا النص لنشر عسكريين بشكل دائم في المرافق الحكومية المدنية، ما قد يقوض استقلالها أو يؤدي إلى قمع تعسفي من قبل القوات العسكرية ضد التجمعات السلمية قرب هذه المرافق.

"السلع والمنتجات التموينية" التي يقول القانون إنها من المفترض أن يحميها الجيش تشمل منتجات غذائية وغير غذائية وأشكال من الوقود التي تدعمها الحكومة للمواطنين ذوي الدخل المنخفض. وتشمل تلك المنتجات عادة مواد مثل الخبز، والأرز، والعدس، والسكر، والدقيق، والفول، وزيت الطهي؛ والضروريات المنزلية، مثل الصابون ومنظفات الغسيل؛ والوقود، مثل أسطوانات غاز البوتان المستخدمة في المنزل. تشرف وزارة التموين والتجارة الداخلية على توريد وشراء هذه المنتجات وأسعارها المدعومة، في حين أن التحقيق واحتجاز المسؤولين عن مخالفات السوق يقع عادة تحت سلطة "مديرية التموين والتجارة" التابعة لشرطة وزارة الداخلية.

قال أعضاء في مجلس النواب ومسؤولون حكوميون وتقارير وسائل إعلام موالية للحكومة إن صياغة القانون الجديدة المتعلقة بالتموين والسلع تهدف إلى منح الجيش صلاحية التدخل للسيطرة على الأسواق بوجه "التلاعب"، ما يشير إلى أنه يمكن استخدام القانون لاستهداف المتورطين في ما تعتبره السلطات جرائم اقتصادية، مثل الاحتكار، أو المتاجرة بالعملة الأجنبية في "السوق السوداء".

تواجه مصر أزمة مالية متفاقمة وارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الغذائية بالإضافة إلى الانكماش الاقتصادي المستمر منذ سنوات عدة. ردت حكومة الرئيس السيسي باستمرار على المعارضة والانتقادات من خلال مضايقة وسجن منتقدي خياراتها السياسية والاقتصادية التي أدت إلى اتساع الفقر والديون الخارجية غير المسبوقة، وكذلك الذين انتقدوا التوسع الكبير في مشروعات الشركات العسكرية العملاقة وغير الشفافة. في الأسابيع الأخيرة، انتشرت فيديوهات عدة في وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مواطنين يشكون عجزهم عن تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والسلع مع ارتفاع الأسعار شبه اليومي، وأزمة النقد الأجنبي التي أدت إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري بشكل كبير.

تشمل تعديلات قانون القضاء العسكري إضافة الجرائم المرتكبة ضد "المرافق العامة والحيوية والممتلكات العامة، وما في حكمها، التي تتمتع بحماية القوات المسلحة" إلى اختصاصات المحاكم العسكرية، وأدخلت تعديلات أخرى محاكم استئناف عسكرية جديدة للجنايات، في مجاراة للتغيير الذي أُجري في يناير/كانون الثاني على هيكلية المحاكم المدنية. سابقا، كانت الطعون في قضايا الجنايات أمام المحاكم العسكرية تذهب مباشرة إلى محكمة النقض العسكرية، وهي النظير العسكري لمحكمة النقض في نظام القضاء المدني.

رغم أن زيادة فرص الاستئناف القانوني يمكن أن تكون تغييرا إيجابيا، إلا أنها لا تغير الطبيعة التعسفية الموثقة جيدا للمحاكم العسكرية، وافتقارها إلى الاستقلال، وعدم قدرتها على احترام الحق في محاكمة عادلة. قالت هيومن رايتس ووتش إن الدافع يبدو زيادة قدرة القضاء العسكري على ليحل محل المحاكم المدنية بدلا من حصر ولايته بالعسكريين. أدخلت التعديلات كيانا جديدا داخل وزارة الدفاع للإشراف على المحاكم العسكرية، لكنها لم تغير طبيعة القضاة العسكريين كضباط عاملين في الجيش يخضعون لقوانين وزارة الدفاع التي تنظم القضايا المتعلقة بالتسلسل الهرمي، والترقية، والانضباط، والعمل العام.

قال رئيس مجلس النواب حنفي جبالي ومسؤولون آخرون إن وزارة الدفاع أدخلت التعديلات للوفاء بواجباتها الدستورية، ما يسلط الضوء على حقيقة أن التعديلات الدستورية والقوانين المختلفة في السنوات الأخيرة وسعت قدرة الجيش على التدخل في الحياة السياسية. تشمل هذه، مثلا، تعديل المادة 200 من الدستور، في العام 2019، والذي أعطى الجيش واجب "صون الدستور والديمقراطية والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها، ومكتسبات الشعب وحقوق وحريات الأفراد". في تحليل تلك التعديلات، قالت هيومن رايتس ووتش حينها إنها ستوسع بشكل كبير سلطة الجيش.

منذ أن قاد الرئيس السيسي، حين كان وزيرا للدفاع، الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013 ضد الرئيس الراحل محمد مرسي، مستغلا الاستياء الشعبي من إدارة مرسي لتبرير إقالته بالقوة، برز الجيش بشكل متزايد كالمؤسسة المهيمنة في الدولة. كما وسّع دوره الاقتصادي بشكل كبير، حيث دشن مشاريع ضخمة في قطاعات تجارية واسعة.

تعارض هيومن رايتس ووتش بشدة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في جميع الظروف، لأن إجراءاتها كثيرا ما تقوض بشدة الحقوق في الإجراءات القانونية الواجبة، ولأنها تُستخدم  من قبل الحكومات الاستبدادية لمعاقبة المعارضة السلمية. أعربت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة" عن قلقها بشأن المحاكمات العسكرية للمدنيين في مصر منذ العام 2002، رغم أنها كانت حينها على نطاق أصغر بكثير.

قالت "اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب"، في تفسيرها لـ "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، إن المحاكم العسكرية " يجب ألا يكون لها في أي ظرف من الظروف ولاية قضائية على المدنيين"، وقالت إنه حتى عندما تتبع المحاكم العسكرية المبادئ التوجيهية لضمانات المحاكمة العادلة - كما ينبغي لها دائما - فإن "غرضها الوحيد" يجب أن يكون "الجرائم ذات الطبيعة العسكرية البحتة التي يرتكبها العسكريون".

قال مجدي: "بدلا إعادة النظر في السياسات السياسية والاقتصادية التي قوّضت حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية لملايين المصريين، عززت حكومة الرئيس السيسي السلطة السياسية والاقتصادية للجيش. ينبغي ألا يُزج بالقوات المسلحة لمواجهة آمال شعوبها في تأمين الكرامة والخبز والحرية".

استمرار دسائس ومكائد حرامى السنغال

 


استمرار دسائس ومكائد حرامى السنغال

أعلن المدعو ماكي سال رئيس جمهورية السنغال الذى تنتهى فترة رئاسته الثانية والأخيرة يوم 2 أبريل المقبل. تحديد يوم 25 مارس الجاري موعدا لاجراء الانتخابات الرئاسية للراغبين فى خوضها. كما صدق على قانون مشبوه بالعفو عن المتهمين فى جرائم العنف خلال الفترة من عام 2021 لعام 2024 وبينهم مرشح رئاسى سابق تابع الية والعديد من ضباط وأفراد الشرطة ومعظمهم فى السجون لإتاحة الفرصة لتابعة لدخول الانتخابات الرئاسية وفرض الحماية لضباط الشرطة المتهمين من مجرمىى الحرب واعادتهم الى مناصبهم قبل الانتخابات. كما قرر حل حكومتة الرئاسية وتعيين وزير الداخلية الجزار رئيسا لحكومتة الرئاسية الجديدة.
وكانت اعلى محكمة دستورية فى السنغال قد قضت مساء الخميس 22 فبراير ببطلان تمديد ماكي سال رئيس الجمهورية الحكم لنفسة وانتقدت البرلمان الذى خضع الى رئيس جمهورية السنغال ووافق على فرمان تمديد الحكم لنفسه سنة على طريقة الجنرال العسكري المصري عبدالفتاح السيسي الذى قام بتمديد الحكم لنفسة عامين ثم رشح نفسة لفترة ولاية ثالثة بالمخالفة للدستور ومنع بذلك التداول السلمى للسلطة.
وكان برلمان رئيس السنغال الذى اصطنعه من الخدم والحشم والاتباع قد وافق على فرمان رئيس السنغال الذى تنتهى فترة ولايتة يوم 2 أبريل المقبل ووافق على مشروع قانون جائر أصدره بتمديد الحكم لنفسة حوالى سنة وتأجيل الانتخابات الرئاسية التى كانت مقررة يوم 25 فبراير الجارى مع تزايد السخط الشعبي ضد حرامى السنغال.
واندلعت المظاهرات الشعبية العارمة الغاضبة ضد فرمان حرامى السنغال فى أنحاء السنغال والعاصمة داكار للمطالبة بإلغاء فرمان رئيس جمهورية السنغال وبرلمان السنغال. وتم اعتقال آلاف المتظاهرين. حتى قضت اعلى محكمة دستورية فى السنغال ببطلان تمديد رئيس الجمهورية الحكم لنفسة وانتقدت البرلمان الذى خضع الى رئيس جمهورية السنغال ووافق على تمديد الحكم لنفسه

الأربعاء، 6 مارس 2024

صدمة التعويم الثالث وأثرها على العدالة الاجتماعية ... بيان صحفى صادر اليوم الأربعاء 6 مارس عن منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشحصية

 


صدمة التعويم الثالث وأثرها على العدالة الاجتماعية
بيان صحفى صادر اليوم الأربعاء 6 مارس عن منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشحصية

ما الذي حدث اليوم؟
  في خطوة متوقعة، قرر البنك المركزي المصري السماح لسعر صرف الجنيه بالتحرك اليوم، وانخفض السعر في أولى ساعات التداول في البنوك ليسجل الدولار في بعضها أكثر من خمسين جنيهًا خلال اليوم، ما يمثل زيادة بأكثر من 60% في قيمة الدولار أمام الجنيه في يوم واحد. كما قرر البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بواقع 6% (600 نقطة أساس)، وتعد هذه أكبر زيادة لأسعار الفائدة خلال اجتماع واحد في التاريخ النقدي للبلاد. وكان تخفيض الجنيه شرطًا مسبقًا لبرامج صندوق النقد مع مصر في عام 2022 وكذلك في العام الحالي. ومن المتوقع الآن الإعلان عن البرنامج الجديد للاقتراض من الصندوق.
 بحسب بيان المركزي فإن رفع الفائدة بهذه النسبة الكبيرة جاء لتحقيق "التقييد النقدي من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم"، لكن المركزي لا يتوقع أن يصل معدل زيادة أسعار المستهلكين (التضخم) إلى مستهدفاته الحالية التي تتراوح بين 7% و9% قبل نهاية 2024. 
 تأتي هذه الخطوة تلبية لمطالب صندوق النقد الدولي بمرونة سعر الصرف، والتي يعتبر الصندوق غيابها سببًا مباشرًا في الأزمة الاقتصادية، رغم أن الحكومة المصرية أجرت منذ مارس 2022 وحتى يومنا هذا أكثر من 3 تخفيضات كبيرة في قيمة الجنيه المصري.
 في المجمل تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار خلال السنتين الأخيرتين (مارس 2022 – مارس 2024) من 16 جنيه إلى 50 جنيه للدولار الواحد. أما بالرجوع لما قبل اتفاقية صندوق النقد السابقة فقد انخفضت قيمة العملة خلال 6 سنوات من 8.85 جنيه للدولار في مارس 2016 إلى ما يزيد على 50 جنيهًا للدولار في مارس 2024. 
على الجانب الأخر من تلك المعادلة المحاسبية ارتفع الدولار أمام الجنيه منذ 2016 وحتى اليوم بقيمة تقارب 462% تقريبًا، بمتوسط زيادة سنوية خلال تلك الفترة يعادل 57% سنويًا.
 أعلن أكبر بنكين حكوميين في مصر (الأهلي ومصر) عن شهادات ادخار جديدة لثلاث سنوات بعائد متناقص يبدأ بمعدل 30% في أول سنة. كانت تلك أيضًا خطوة متوقعة مع تخفيض سعر الصرف من أجل جذب السيولة الناتجة عن تدفقات الدولار من القطاع العائلي، أو بمعنى أصح تشجيع القطاع العائلي على الادخار بالجنيه ومنع هروب الودائع من البنوك نحو الأصول الأخرى كالذهب والدولار.
ما الذي يمكن توقعه بعد هذه الخطوة؟
  ستزيد الضغوط التضخمية وخاصة في السلع الاستهلاكية مع قرب حلول شهر رمضان. ويمكن لمسار التضخم أن ينحسر لاحقًا مع تأقلم عمليات التسعير في السوق على سعر مستقر للدولار.
  إنهاء الفجوة الكبيرة مع السوق السوداء يمكن أن يساعد نظريًا في عملية التخلص من فوضى التسعير، لكن ذلك يتطلب توفير الدولار في البنوك بإجراءات سهلة بالنسبة للمستوردين، والمسافرين على الأقل، وتقليل القيود الأخرى للحصول على الدولار مثل رفع حد الدفع للبطاقات الائتمانية من داخل وخارج البلاد.
تؤكد التجربة المصرية أن زيادات أسعار الفائدة لا تعمل بكفاءة لمحاصرة التضخم، حيث ترفع من تكلفة رأس المال التشغيلي في كثير من القطاعات الإنتاجية، وترفع من تكلفة الفرصة البديلة نتيجة ارتفاع الفوائد البنكية عن معدلات الأرباح السائدة في السوق للمنتجين. كما أن تخفيض الجنيه سيولد موجة تضخمية جديدة تضاف إلى وضع صعب بالفعل، بالذات من خلال الارتفاعات المتوقعة في أسعار الطاقة وغيرها. 
للتضخم المتوقع آثار إضافية على مستويات المعيشة ومعدلات الفقر في مصر. ففي أعقاب تخفيض عام 2016، زاد عدد الفقراء بحوالي خمسة ملايين شخص، بحسب مسح الدخل والإنفاق 2019/2020 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وتوقعت الباحثتان هبة الليثي ودينا أرمانيوس في ورقة بحثية نُشرت في يونيو 2023، ارتفاع نسبة الفقر من 29.7% في 2020 إلى 38% في 2023 في إطار سيناريو يقدر التضخم بنحو 23%. وكان متوسط التضخم السنوي للعام قد وصل إلى 35% مما يعني أن الرقم المتوقع يزيد عن ذلك. ربع المصريين على حافة الفقر بالفعل، وبالتالي فإن المزيد من التضخم يعني المزيد من الفقراء. 
رفع أسعار الفائدة بهذه القوة ستكون له آثار سلبية كبيرة على ميزانية الدولة وحجم العجز وقيمة مدفوعات الفوائد المرتفعة بالفعل، والتي سيؤدي ارتفاعها إلى المزيد من الإزاحة وتقليل البراح المالي المتاح للإنفاق على الحماية الاجتماعية وعلى الصحة والتعليم، وهي أوجه إنفاق متقلصة بالفعل، وتتطلب تلك التطورات الجديدة زيادتها من أجل استيعاب جزء من الآثار الاجتماعية للتضخم على الفئات الأكثر هشاشة. 
كما أن تخفيض الجنيه سيرفع من قيمة الدين الخارجي مقومًا بالجنيه، مما سيرفع بشكل أوتوماتيكي قيمة الدين العام. وكان وزير المالية قد صرح أن كل زيادة في سعر الدولار أمام العملة المحلية بجنيه واحد تزيد العبء على الموازنة ب 110 مليار جنيه. أي أن زيادة سعر الدولار عشرين جنيهًا إضافية فوق 30 جنيه للدولار، ستزيد العبء برقم هائل. تمثل تلك التكلفة مجموع المبالغ المطلوب سدادها للوفاء بمستحقات الديون الخارجية مقومة بالجنيه. كما سترتفع تكلفة تمويل الدين المحلي مع رفع أسعار الفائدة الحالي.
بالتالي سوف تمثل أسعار الفائدة المرتفعة تكلفة إضافية لمستحقات الفوائد خلال الموازنة الحالية والقادمة، والجدير بالذكر أن تقديرات مدفوعات الفوائد في مشروع موازنة العام المالي الجاري تقارب 37% من إجمالي المصروفات في الموازنة بما يقارب 1.12 تريليون جنيه سنويًا. بل إن السبع شهور الأولى من العام المالي الجاري قد شهدت ارتفاع الفوائد إلى 962.86 مليار جنيه، وهو ما يوازي 55% من المصروفات. وهو رقم مرشح للزيادة بشدة في الخمس شهور المتبقية. 
رفع أسعار الفائدة هو إجراء انكماشي من ناحيتين: فهو يقلص الاستهلاك الذي يعد أحد محركات النمو الرئيسية، ويقلص الشهية للاقتراض من أجل الاستثمار، وبالتالي له آثار سلبية على النمو الاقتصادي.
نجاح تلك الخطوة في إنهاء وجود السوق السوداء يقتضي التخلص من الطلب المتراكم على الدولار في البنوك، سواء بالنسبة للبضائع المحتجزة أو الطلب المتراكم على الدولار للأغراض المختلفة، بتوفير السيولة.
هل كان من الممكن إجراء تخفيض أقل للعملة من المستوى الحالي، خاصة مع التدفقات الدولارية المتوقعة من صفقات بيع الأصول مثل رأس الحكمة، ومستهدفات الحكومة لعملية بيع الأصول في الوقت الحالي؟
الإجابة هي أنه كان من الممكن أن يكون التخفيض بوتيرة أقل أو على مدى زمني أطول يسمح للجنيه بالحركة، لكن يبدو أن المركزي اختار أن ينهي معركته مع السوق السوداء بشكل أسرع منعًا للمضاربات التي كان من المتوقع أن تستمر. ولهذا أثمان أخرى.
من أجل السيطرة على تضخم أسعار المستهلكين المرتبط بتراجع سعر الصرف في أسرع وقت ممكن، يجب أن تلجأ الحكومة لعدد من السياسات غير النقدية التي تهدف لوضع الاقتصاد على المسار الصحيح في المدى الطويل ومنها:
1. سياسة منضبطة للمالية العامة تقلل من الاقتراض محليًّا، حيث أن توسع الحكومة في الدين المحلي وارتفاع الفوائد على ذلك الدين، هي أحد أسباب زيادة المعروض النقدي في مصر وزيادة التضخم.
2.   تقليل الاعتماد على الاقتراض الخارجي من أجل تمويل المشروعات الكبرى، بل والتوقف عن استهداف هذا المسار القائم على مشروعات إنشائية كبرى ممولة بقروض بالعملة الصعبة، بقدر الإمكان وبحساب الأولويات، لما له من آثار كارثية تتمثل في مدفوعات الديون التي تخلق ضغوطًا كبيرة على ميزان المدفوعات وتقود لتخفيضات متتالية في سعر الصرف.
3. يجب أن تشمل الإجراءات المصاحبة للتخفيض، استخدام التدفقات من صفقات بيع الأصول، وخاصة صفقة رأس الحكمة، بحكمة في معالجة عجز صافي الأصول الأجنبية في البنوك المصرية.
4.   يمكن للحكومة أن تقلل نسبيًّا من أثر تراجع أسعار الصرف على التضخم المستورد من خلال فرض قوائم واضحة للسلع الأساسية والوسيطة، يمكن للبنوك من خلالها التفكير في عمولات مختلفة لتدبير العملة الصعبة على كل قائمة من قوائم السلع. على سبيل المثال، من أجل الحفاظ على معدلات تضخم أقل في أسعار الغذاء يمكن أن تدخل السلع الغذائية بعمولات تدبير أقل من 5%، والسلع الوسيطة بعمولة تدبير أعلى، والسلع النهائية والاستهلاكية غير الضرورية بعمولات تدبير أعلى وهكذا. سوف يوفر ذلك قدرة على خفض فاتورة الاستيراد بشكل أكثر انتقائية، وبالتالي التأثير بشكل أقل على التضخم الناتج عن شح السلع وفوضى التسعير في السوق بشكل عام.
5.   إذا لم يكن هناك مفر من زيادة أسعار الفائدة على الجنيه من أجل وقف دولرة محتملة للاقتصاد مع زيادة أسعار الصرف، في فإنه يجب أن تبقى معدلات الفائدة مدعومة لأجل زمني معين على عدد من الأنشطة الهامة للإنتاج مثل الصناعة والزراعة. يمكن أن توفر تلك القروض المدعومة هامشًا للسيطرة على التضخم نتيجة انخفاض تكلفة رأس المال العامل في تلك الشركات، وفي نفس السياق على تلك القروض أن تدار بواسطة شفافية أكبر لمنع استغلالها بشكل سيء.
6.   يجب تعديل أولويات الحكومة في التقشف لتشمل التقشف الاستثماري المتعلق بمشروعات البنية التحتية، والتي يمكن تأجيلها بدلًا من التقشف في الإنفاق الاجتماعي على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وهناك أهمية كبرى لتوحيد الموازنة العامة (بمعنى شمول الموازنة العامة لكافة أوجه الإنفاق العام كما يقتضي القانون)، لتحديد الأولويات بشكل سليم.
7. تعد زيادة الإنفاق على الدعم الغذائي والحماية الاجتماعية ضرورة في الوقت الحالي لتعويض الفئات الأفقر عن التضخم في الأسعار المتحقق بالفعل والمتوقع، ولتحييد الأثر طويل الأمد لأزمات التغذية. 
8. الاستمرار في سياسة تحديث الحد الأدنى للأجر مع تطورات التضخم، مع اتخاذ إجراءات عاجلة لتوسيع تنفيذه بالنسبة للعاملين المؤقتين في الحكومة وعمال قطاع الأعمال العام وفي القطاع الخاص.

رابط البيان