https://eipsseg.org/%d8%a5%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%85%d8%ad%d9%85%d9%88%d8%a%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%b3%d9%8a%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d9%8a%d8%b1%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a7%d8%b1%d9%88%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%b7%d8%a9%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9/
مناورة السيسي مخاطبة الشعب بعدم الثورة ضده حيلة احتوائية بوهم تكريس العسكرة والتوريث ونظام حكم الضرب بالجزمة الميرى فى وجدان الناس على أنه مشيئة كتبت فى لوح القدر ضد الشعب المصرى وإلا لكان قد ألغاها مثلما فرضها بدلا من مخاطبة الناس كل يوم بعدم الثورة ضده واسقاطه
إبعاد محمود السيسي: تغيير المسار وخارطة جديدة
مدى مصر
كشفت تقارير صحفية خلال شهر نوفمبر 2019م، عن قرار تم إصداره بندب محمود السيسي، نجل عبد الفتاح السيسي، والضابط في جهاز المخابرات العامة، للقيام بمهمة عمل طويلة في بعثة مصر العاملة في روسيا، وذلك بعدما أثرت زيادة نفوذه سلبًا على عبد الفتاح السيسي ونظامه، بالإضافة لعدم نجاح محمود السيسي في إدارة عدد من الملفات التي تولاها بحسب تلك التقارير
ويرى البعض خطوة استبعاد محمود السيسي حالياً، تدل على أن السيسي بعد الحراك الذي شهده الشارع المصري في 20 سبتمبر 2019م، أصبح مختلفا تماما عن السيسي خلال الفترة من 03 يوليو 2013مـ إلى 20 سبتمبر 2019م، ويرى البعض الآخر أن السيسي أيقن الخطر وأصبح ينتهج سياسة جديدة في حكمة وأصبح يتراجع في عدة ملفات كان لا يلتفت إلى أصوات المعارضين داخل المؤسسات السيادية والذين كانوا ينادونه بالتراجع عنها.
فهل هي بداية مرحلة جديدة في حكم السيسي، أم إعادة ترتيب الأولويات والأهداف؟
السيسي والمؤسسات السيادية:
اكتسب السيسي العديد من العداوات داخل المؤسسة العسكرية خلال الثمانية أعوام الماضية، فالسيسي أطاح بما يقرب من 50 قائدًا عسكريًا من داخل المجلس العسكري حتى ينفرد بالحكم وتتحول منظومة الحكم في مصر، والتي تم ترسيخها منذ عام 1954م، من قبل جمال عبد الناصر من حكم المؤسسة العسكرية بالمطلق إلى حكم الفرد العسكري.
وقام السيسي بالتنكيل بكل من حاول أن يُغير نهج سياساته، حتى ولو عن طريق الترشح ومنافسته في انتخابات الرئاسة التي أجريت في الربع الأول من عام 2018م، والتنكيل الذي لحق بكل من الفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق والعقيد أحمد قنصوة دليل على ذلك.
يضاف إلى هذا العداء الذي اكتسبه السيسي في صراعه مع جهاز المخابرات العامة والذي سيطر عليه بشكل تام في عام 2018م، بعد الإطاحة باللواء خالد فوزي من قيادة الجهاز والمئات من وكلاء جهاز المخابرات، وتولي عباس كامل ومحمود السيسي قيادة جهاز المخابرات العامة.
ومنذ اللحظات الأولى بعد 3 يوليو 2013م، عمل السيسي على تفكيك جهاز المخابرات العامة، الذي كان له استقلالية في إدارة العديد من الملفات بعيداً عن المؤسسة العسكرية، فالسيسي منذ تعيينه مديراً للمخابرات الحربية في يناير 2010م، علم مدى قوة وخطورة جهاز المخابرات العامة وتأثيره الكبير في العديد من الملفات، ولذلك قام بتفكيك هذا الجهاز حتى يصبح تحت سيطرته حتى لا يتسبب في أي تهديد له ولنظامه.
حراك 20 سبتمبر جاء بعد توقف الحراك المعارض للسيسي منذ نوفمبر 2016م، بما يعرف “بثورة الغلابة”. كان خوف السيسي من تلك التظاهرات هو استغلالها من قبل البعض داخل المؤسسة العسكرية لكي يتحصلوا على أهدافهم، ولكن بعد فشل تلك التظاهرات في الحشد سيطر السيسي على الأوضاع مرة أخرى بعد الإطاحة بـ 11 قائدا عسكريا من داخل المجلس العسكري.
الطرف المناوئ للسيسي داخل الأجهزة السيادية بشكل عام استغل حراك 20 سبتمبر لكي يحقق عدة أهداف، كان يحاول الحصول عليها خلال السنوات الماضية، وربما التفاوض كان مرحلة أولية لتحقيق تلك الأهداف التي كان يضغط بكافة الأشكال للحصول عليها.
وجاء حراك 20 سبتمبر 2019م، بشكل جديد وفي ظروف مختلفة، وتجمعت للطرف المناوئ لعبد الفتاح السيسي عدة أوراق جديدة لم تتجمع من قبل:
الأولى: تأزم السيسي في علاقاته الدولية والإقليمية وتحديدا مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب صفقة السوخوي الذي عمل على إبرامها مع الجانب الروسي برغم تحذير الأمريكيين له، وكذلك تأزم علاقاته مع المملكة العربية السعودية، بسبب مواقفه من حرب اليمن.
الثانية: عامل التثوير الذي دعا له المقاول والفنان محمد علي وهي دعوة ليست من قبل جماعات وحركات الإسلام السياسي.
الثالثة: انتهاء فزاعة الشرعية التي يستخدمها السيسي، لإسكات أي صوت معارض داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية بوفاة الرئيس محمد مرسي.
هدف رحيل نظام السيسي من وجهة نظر البعض ليس الهدف الأساسي للطرف المناوئ للسيسي لعدة أسباب من أهمها معرفة ذلك الطرف مدى قدرة وقوة السيسي الداخلية والخارجية، التي عمل على تكوينها خلال الست سنوات الماضية ولمعرفتهم أيضاً أن السيسي ليس مبارك 2011.
من أهم الأهداف التي يحرص عليها الطرف المعارض للسيسي رجوع قواعد الحكم إلى ما قبل يوليو 2013م، بمعنى أن المؤسسة العسكرية بالمطلق شريكة في الحكم وليس فرد من أفراد المؤسسة العسكرية هو الحاكم والمسيطر، وهذه هي استراتيجية السيسي منذ اللحظة الأولى وبالفعل حول طبيعة الحكم من المؤسسة العسكرية للفرد العسكري، ولذلك يطالب الطرف المناوئ للسيسي أن يتم تعيين نائب للسيسي من داخل الجيش حتى تصبح منظومة الحكم متمثلة في الجيش وليس في فرد من أفراد المؤسسة.
كما أن الطرف المناوئ للسيسي، كان يريد تقليص أدوار أشخاص بعينهم يرون أنهم قد أصبحوا في أماكن هامة وتجاوزوا أشخاصا داخل تلك الأجهزة، وأصبحوا يديرون تلك المؤسسات.
ويرى البعض أن كلاً من اللواء عباس كامل والعميد محمود السيسي، والضابط أحمد شعبان مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة، واللواء أركان حرب مصطفي الشريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية والذي اكتسب العديد من العداوات بسبب قربه من عبد الفتاح السيسي وآخرين، ويريد البعض داخل تلك المؤسسات أن يتم تقليص أدوارهم.
مؤشرات ودلائل:
إبعاد محمود السيسي في الفترة الحالية ولو مؤقتاً ربما يأتي في ظل الإجراءات الجديدة التي يعمل عليها السيسي الآن، حيث يقوم الآن بإعادة رسم خارطة حكمه في إدارة المؤسسات السيادية الذين تم التنكيل بهم، حيث أدرك الخطر الحقيقي عليه وعلى نظامه، لذلك قام بعدة خطوات، تؤكد النهج الجديد:
1-خلال شهر نوفمبر 2019م، بات نائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، يتولى الملفات التي كان يديرها محمود السيسي داخل الجهاز، وخاصة ملف الحراك المعارض بشكل عام وتحسين صورة الدولة المصرية خارجياً. ورغم أن فهمي كان نائبا لمدير المخابرات، ومن المفترض أن يكون الرجل الثاني بالجهاز، وفقا لمهام منصبه، لكنه لم يمارس صلاحياته كاملة وبشكل عملي على أرض الواقع، بل كان اسما على ورق كنائب لمدير الجهاز، بينما كانت معظم صلاحياته في يد محمود السيسي، إلا أن دوره سيكون بارزا وفاعلا خلال الفترة المقبلة.
ويعتبر فهمي أحد رجال مدير المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سلمان، وأدار سابقا ملفات مهمة جدا مع اللواء الراحل، وكان يشغل منصب مدير الشؤون الإدارية بالمخابرات، وهو أحد أعضاء المجلس القومي لمكافحة الإرهاب .
2ـ وجود تقارير تشير إلى استبعاد الضابط أحمد شعبان من داخل جهاز المخابرات العامة، وهو مدير مكتب اللواء عباس كامل مدير جهاز المخابرات العامة، وكان يدير الملف الإعلامي بشكل كامل بتفويض من اللواء عباس وبمعاونة محمود السيسي، وكان يحظى بعداوة الكثيرين داخل الأوساط المختلفة في المؤسسات السيادية بسبب تحكمه في المشهد الإعلامي بشكل كبير، وربما ما ذكره المتحدث العسكري السابق العميد محمد سمير والذي كان يدير بعض القنوات الإعلامية بعد استبعاده من داخل المؤسسة العسكرية يوضح ذلك، وذكر البعض أن أحمد شعبان تم إرساله هو الآخر للالتحاق بإحدى البعثات الدبلوماسية في الخارج، كما فعل مع محمود السيسي.
ويرى البعض أن التنكيل الذي لحق برجل الأعمال والضابط السابق بجهاز المخابرات ياسر سليم مؤخراً جاء نتيجة فلسفة السيسي الجديدة التي يتبعها داخل الأجهزة السيادية، حيث تم القبض عليه مؤخراً بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد بنكي، وبناء على بلاغات قضائية من خصومه الدائنين.
3- قام السيسي بتعيين اللواء مصطفي شوكت قائد قوات الصاعقة والذي يحظى بقبول كبير داخل الجيش المصري كقائد للحرس الجمهوري بدلاً من اللواء أركان حرب أحمد على، وتم تعيين اللواء أركان حرب أحمد على رئيساً لديوان رئيس الجمهورية، بدلاً من اللواء مصطفي الشريف والذي كان اكتسب العديد من العداوات داخل المؤسسة العسكرية بسبب قربه من عبد الفتاح السيسي.
4- وجود مؤشرات إلى احتمالية تعيين الفريق أحمد خالد قائد القوات البحرية نائباً للسيسي، والفريق أحمد خالد كان موقفة غير واضح بخصوص أحداث وحراك سبتمبر 2019م، ولم يحضر الاجتماع الذي تم قبيل سفر السيسي يوم 19 سبتمبر 2019م، إلى الولايات المتحدة، قبل دعوات التظاهر يوم الجمعة الموافق 20 سبتمبر 2019م، وربما الصورة التي تم التقاطها يوم 19 سبتمبر 2019م، في جنازة رئيس الأركان إبراهيم العرابي توضح ذلك.
لأن السيسي والقيادات التي حضرت ذلك الاجتماع ذهبوا مباشرة لحضور الجنازة بعد الانتهاء من الاجتماع. كان هذا الاجتماع بحضور عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي وقادة الأفرع الرئيسية لمناقشة تطورات الأوضاع التي تشهدها مصر وبحضور نادر لكل من وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي ورئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي والذي تم مؤخراً الاعتماد عليه في بعض الملفات مرة أخرى، والذي كان بعيدا عن المشهد تماماً بعد الإطاحة به في أكتوبر 2017م، بعد عملية الواحات البحرية، وربما يعتبر ذلك أيضاً مؤشرا على السياسة الجديدة التي يتعبها السيسي خلال تلك المرحلة برجوع رجال الحرس القديم للمشهد مرة أخرى.
5ـ قام السيسي مؤخراً بإعادة اللواء محمد رأفت الدش إلى المجلس العسكري مرة أخرى وقام بتكليفه قيادة قوات شرق القناة والذي يمكن لقائدها بأن يصبح عضوا بالمجلس العسكري. وكان الدش قائدا للجيش الثالث الميداني وتم استبعاده من قيادة الجيش الثالث الميداني في عام 2017م، وبدلاً من توليته قيادة الجبهة الموحدة، قام السيسي بتعيين اللواء الدش رئيساً لهيئة التفتيش، وهي هيئة فرعية لا تمكن قائدها لكي يصبح عضوا بالمجلس العسكري.
اللواء الدش كانت علاقته متوترة مع السيسي بشكل مستمر بسبب السياسة الخاطئة التي يتبعها نظام السيسي في مكافحة التمرد المسلح المتواجد في شبة جزيرة سيناء، وأيضاً بسبب العلاقة الوطيدة التي تجمعه والفريق أسامة عسكر الذي تم استبعاده هو الآخر والتنكيل به من عبد الفتاح السيسي.
كما أن تعيين اللواء الدش يدل على أنه تمت إقالة اللواء يحيى طه الحميلي من قيادة قوات شرق القناة والذي كان قائداً لها من فترة قريبة.
6- منذ الإطاحة به من قيادة المنطقة الموحدة في ديسمبر 2016م، أصبح الفريق أسامة عسكر مختفٍ تماماً عن الأنظار، وكان خروج عسكر في ديسمبر 2016 هو و11 قائدا عسكرياً، نتيجة لخلاف في وجهات النظر بين تلك القيادات وعبد الفتاح السيسي حول سياسات إدارة الدولة، ولكن مؤخراً أصبح عسكر مساعداً لوزير الدفاع للمشروعات والتنمية، وأصبح يظهر على الساحة مرة أخرى، وأصبحت الصحف الحكومية تظهر صوره بشكل غير معتاد وهو يقوم بجولات تفقدية، كما حدث بتاريخ 25 نوفمبر 2019م
السيسي بعد 20 سبتمبر 2019م، أصبح مختلف تماماً عن السيسي قبلها، فالسيسي أيقن الخطر ويقوم الآن بإعادة رسم خارطة جديدة لحكمه، وبدأ يستمع لأصوات المعارضين داخل المؤسسات السيادية، الذين يرى أنهم هم التهديد الحقيقي عليه وعلى نظامه، لذلك يقوم الآن بمحاولة إعادة رسم شكل جديد لنظام حكمه لكي يستمر لسنوات عديدة.
مناورة السيسي مخاطبة الشعب بعدم الثورة ضده حيلة احتوائية بوهم تكريس العسكرة والتوريث ونظام حكم الضرب بالجزمة الميرى فى وجدان الناس على أنه مشيئة كتبت فى لوح القدر ضد الشعب المصرى وإلا لكان قد ألغاها مثلما فرضها بدلا من مخاطبة الناس كل يوم بعدم الثورة ضده واسقاطه
إبعاد محمود السيسي: تغيير المسار وخارطة جديدة
مدى مصر
كشفت تقارير صحفية خلال شهر نوفمبر 2019م، عن قرار تم إصداره بندب محمود السيسي، نجل عبد الفتاح السيسي، والضابط في جهاز المخابرات العامة، للقيام بمهمة عمل طويلة في بعثة مصر العاملة في روسيا، وذلك بعدما أثرت زيادة نفوذه سلبًا على عبد الفتاح السيسي ونظامه، بالإضافة لعدم نجاح محمود السيسي في إدارة عدد من الملفات التي تولاها بحسب تلك التقارير
ويرى البعض خطوة استبعاد محمود السيسي حالياً، تدل على أن السيسي بعد الحراك الذي شهده الشارع المصري في 20 سبتمبر 2019م، أصبح مختلفا تماما عن السيسي خلال الفترة من 03 يوليو 2013مـ إلى 20 سبتمبر 2019م، ويرى البعض الآخر أن السيسي أيقن الخطر وأصبح ينتهج سياسة جديدة في حكمة وأصبح يتراجع في عدة ملفات كان لا يلتفت إلى أصوات المعارضين داخل المؤسسات السيادية والذين كانوا ينادونه بالتراجع عنها.
فهل هي بداية مرحلة جديدة في حكم السيسي، أم إعادة ترتيب الأولويات والأهداف؟
السيسي والمؤسسات السيادية:
اكتسب السيسي العديد من العداوات داخل المؤسسة العسكرية خلال الثمانية أعوام الماضية، فالسيسي أطاح بما يقرب من 50 قائدًا عسكريًا من داخل المجلس العسكري حتى ينفرد بالحكم وتتحول منظومة الحكم في مصر، والتي تم ترسيخها منذ عام 1954م، من قبل جمال عبد الناصر من حكم المؤسسة العسكرية بالمطلق إلى حكم الفرد العسكري.
وقام السيسي بالتنكيل بكل من حاول أن يُغير نهج سياساته، حتى ولو عن طريق الترشح ومنافسته في انتخابات الرئاسة التي أجريت في الربع الأول من عام 2018م، والتنكيل الذي لحق بكل من الفريق سامي عنان والفريق أحمد شفيق والعقيد أحمد قنصوة دليل على ذلك.
يضاف إلى هذا العداء الذي اكتسبه السيسي في صراعه مع جهاز المخابرات العامة والذي سيطر عليه بشكل تام في عام 2018م، بعد الإطاحة باللواء خالد فوزي من قيادة الجهاز والمئات من وكلاء جهاز المخابرات، وتولي عباس كامل ومحمود السيسي قيادة جهاز المخابرات العامة.
ومنذ اللحظات الأولى بعد 3 يوليو 2013م، عمل السيسي على تفكيك جهاز المخابرات العامة، الذي كان له استقلالية في إدارة العديد من الملفات بعيداً عن المؤسسة العسكرية، فالسيسي منذ تعيينه مديراً للمخابرات الحربية في يناير 2010م، علم مدى قوة وخطورة جهاز المخابرات العامة وتأثيره الكبير في العديد من الملفات، ولذلك قام بتفكيك هذا الجهاز حتى يصبح تحت سيطرته حتى لا يتسبب في أي تهديد له ولنظامه.
حراك 20 سبتمبر جاء بعد توقف الحراك المعارض للسيسي منذ نوفمبر 2016م، بما يعرف “بثورة الغلابة”. كان خوف السيسي من تلك التظاهرات هو استغلالها من قبل البعض داخل المؤسسة العسكرية لكي يتحصلوا على أهدافهم، ولكن بعد فشل تلك التظاهرات في الحشد سيطر السيسي على الأوضاع مرة أخرى بعد الإطاحة بـ 11 قائدا عسكريا من داخل المجلس العسكري.
الطرف المناوئ للسيسي داخل الأجهزة السيادية بشكل عام استغل حراك 20 سبتمبر لكي يحقق عدة أهداف، كان يحاول الحصول عليها خلال السنوات الماضية، وربما التفاوض كان مرحلة أولية لتحقيق تلك الأهداف التي كان يضغط بكافة الأشكال للحصول عليها.
وجاء حراك 20 سبتمبر 2019م، بشكل جديد وفي ظروف مختلفة، وتجمعت للطرف المناوئ لعبد الفتاح السيسي عدة أوراق جديدة لم تتجمع من قبل:
الأولى: تأزم السيسي في علاقاته الدولية والإقليمية وتحديدا مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية بسبب صفقة السوخوي الذي عمل على إبرامها مع الجانب الروسي برغم تحذير الأمريكيين له، وكذلك تأزم علاقاته مع المملكة العربية السعودية، بسبب مواقفه من حرب اليمن.
الثانية: عامل التثوير الذي دعا له المقاول والفنان محمد علي وهي دعوة ليست من قبل جماعات وحركات الإسلام السياسي.
الثالثة: انتهاء فزاعة الشرعية التي يستخدمها السيسي، لإسكات أي صوت معارض داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية بوفاة الرئيس محمد مرسي.
هدف رحيل نظام السيسي من وجهة نظر البعض ليس الهدف الأساسي للطرف المناوئ للسيسي لعدة أسباب من أهمها معرفة ذلك الطرف مدى قدرة وقوة السيسي الداخلية والخارجية، التي عمل على تكوينها خلال الست سنوات الماضية ولمعرفتهم أيضاً أن السيسي ليس مبارك 2011.
من أهم الأهداف التي يحرص عليها الطرف المعارض للسيسي رجوع قواعد الحكم إلى ما قبل يوليو 2013م، بمعنى أن المؤسسة العسكرية بالمطلق شريكة في الحكم وليس فرد من أفراد المؤسسة العسكرية هو الحاكم والمسيطر، وهذه هي استراتيجية السيسي منذ اللحظة الأولى وبالفعل حول طبيعة الحكم من المؤسسة العسكرية للفرد العسكري، ولذلك يطالب الطرف المناوئ للسيسي أن يتم تعيين نائب للسيسي من داخل الجيش حتى تصبح منظومة الحكم متمثلة في الجيش وليس في فرد من أفراد المؤسسة.
كما أن الطرف المناوئ للسيسي، كان يريد تقليص أدوار أشخاص بعينهم يرون أنهم قد أصبحوا في أماكن هامة وتجاوزوا أشخاصا داخل تلك الأجهزة، وأصبحوا يديرون تلك المؤسسات.
ويرى البعض أن كلاً من اللواء عباس كامل والعميد محمود السيسي، والضابط أحمد شعبان مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة، واللواء أركان حرب مصطفي الشريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية والذي اكتسب العديد من العداوات بسبب قربه من عبد الفتاح السيسي وآخرين، ويريد البعض داخل تلك المؤسسات أن يتم تقليص أدوارهم.
مؤشرات ودلائل:
إبعاد محمود السيسي في الفترة الحالية ولو مؤقتاً ربما يأتي في ظل الإجراءات الجديدة التي يعمل عليها السيسي الآن، حيث يقوم الآن بإعادة رسم خارطة حكمه في إدارة المؤسسات السيادية الذين تم التنكيل بهم، حيث أدرك الخطر الحقيقي عليه وعلى نظامه، لذلك قام بعدة خطوات، تؤكد النهج الجديد:
1-خلال شهر نوفمبر 2019م، بات نائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، يتولى الملفات التي كان يديرها محمود السيسي داخل الجهاز، وخاصة ملف الحراك المعارض بشكل عام وتحسين صورة الدولة المصرية خارجياً. ورغم أن فهمي كان نائبا لمدير المخابرات، ومن المفترض أن يكون الرجل الثاني بالجهاز، وفقا لمهام منصبه، لكنه لم يمارس صلاحياته كاملة وبشكل عملي على أرض الواقع، بل كان اسما على ورق كنائب لمدير الجهاز، بينما كانت معظم صلاحياته في يد محمود السيسي، إلا أن دوره سيكون بارزا وفاعلا خلال الفترة المقبلة.
ويعتبر فهمي أحد رجال مدير المخابرات العامة الأسبق اللواء عمر سلمان، وأدار سابقا ملفات مهمة جدا مع اللواء الراحل، وكان يشغل منصب مدير الشؤون الإدارية بالمخابرات، وهو أحد أعضاء المجلس القومي لمكافحة الإرهاب .
2ـ وجود تقارير تشير إلى استبعاد الضابط أحمد شعبان من داخل جهاز المخابرات العامة، وهو مدير مكتب اللواء عباس كامل مدير جهاز المخابرات العامة، وكان يدير الملف الإعلامي بشكل كامل بتفويض من اللواء عباس وبمعاونة محمود السيسي، وكان يحظى بعداوة الكثيرين داخل الأوساط المختلفة في المؤسسات السيادية بسبب تحكمه في المشهد الإعلامي بشكل كبير، وربما ما ذكره المتحدث العسكري السابق العميد محمد سمير والذي كان يدير بعض القنوات الإعلامية بعد استبعاده من داخل المؤسسة العسكرية يوضح ذلك، وذكر البعض أن أحمد شعبان تم إرساله هو الآخر للالتحاق بإحدى البعثات الدبلوماسية في الخارج، كما فعل مع محمود السيسي.
ويرى البعض أن التنكيل الذي لحق برجل الأعمال والضابط السابق بجهاز المخابرات ياسر سليم مؤخراً جاء نتيجة فلسفة السيسي الجديدة التي يتبعها داخل الأجهزة السيادية، حيث تم القبض عليه مؤخراً بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد بنكي، وبناء على بلاغات قضائية من خصومه الدائنين.
3- قام السيسي بتعيين اللواء مصطفي شوكت قائد قوات الصاعقة والذي يحظى بقبول كبير داخل الجيش المصري كقائد للحرس الجمهوري بدلاً من اللواء أركان حرب أحمد على، وتم تعيين اللواء أركان حرب أحمد على رئيساً لديوان رئيس الجمهورية، بدلاً من اللواء مصطفي الشريف والذي كان اكتسب العديد من العداوات داخل المؤسسة العسكرية بسبب قربه من عبد الفتاح السيسي.
4- وجود مؤشرات إلى احتمالية تعيين الفريق أحمد خالد قائد القوات البحرية نائباً للسيسي، والفريق أحمد خالد كان موقفة غير واضح بخصوص أحداث وحراك سبتمبر 2019م، ولم يحضر الاجتماع الذي تم قبيل سفر السيسي يوم 19 سبتمبر 2019م، إلى الولايات المتحدة، قبل دعوات التظاهر يوم الجمعة الموافق 20 سبتمبر 2019م، وربما الصورة التي تم التقاطها يوم 19 سبتمبر 2019م، في جنازة رئيس الأركان إبراهيم العرابي توضح ذلك.
لأن السيسي والقيادات التي حضرت ذلك الاجتماع ذهبوا مباشرة لحضور الجنازة بعد الانتهاء من الاجتماع. كان هذا الاجتماع بحضور عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع الأسبق المشير محمد حسين طنطاوي وقادة الأفرع الرئيسية لمناقشة تطورات الأوضاع التي تشهدها مصر وبحضور نادر لكل من وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي ورئيس الأركان السابق الفريق محمود حجازي والذي تم مؤخراً الاعتماد عليه في بعض الملفات مرة أخرى، والذي كان بعيدا عن المشهد تماماً بعد الإطاحة به في أكتوبر 2017م، بعد عملية الواحات البحرية، وربما يعتبر ذلك أيضاً مؤشرا على السياسة الجديدة التي يتعبها السيسي خلال تلك المرحلة برجوع رجال الحرس القديم للمشهد مرة أخرى.
5ـ قام السيسي مؤخراً بإعادة اللواء محمد رأفت الدش إلى المجلس العسكري مرة أخرى وقام بتكليفه قيادة قوات شرق القناة والذي يمكن لقائدها بأن يصبح عضوا بالمجلس العسكري. وكان الدش قائدا للجيش الثالث الميداني وتم استبعاده من قيادة الجيش الثالث الميداني في عام 2017م، وبدلاً من توليته قيادة الجبهة الموحدة، قام السيسي بتعيين اللواء الدش رئيساً لهيئة التفتيش، وهي هيئة فرعية لا تمكن قائدها لكي يصبح عضوا بالمجلس العسكري.
اللواء الدش كانت علاقته متوترة مع السيسي بشكل مستمر بسبب السياسة الخاطئة التي يتبعها نظام السيسي في مكافحة التمرد المسلح المتواجد في شبة جزيرة سيناء، وأيضاً بسبب العلاقة الوطيدة التي تجمعه والفريق أسامة عسكر الذي تم استبعاده هو الآخر والتنكيل به من عبد الفتاح السيسي.
كما أن تعيين اللواء الدش يدل على أنه تمت إقالة اللواء يحيى طه الحميلي من قيادة قوات شرق القناة والذي كان قائداً لها من فترة قريبة.
6- منذ الإطاحة به من قيادة المنطقة الموحدة في ديسمبر 2016م، أصبح الفريق أسامة عسكر مختفٍ تماماً عن الأنظار، وكان خروج عسكر في ديسمبر 2016 هو و11 قائدا عسكرياً، نتيجة لخلاف في وجهات النظر بين تلك القيادات وعبد الفتاح السيسي حول سياسات إدارة الدولة، ولكن مؤخراً أصبح عسكر مساعداً لوزير الدفاع للمشروعات والتنمية، وأصبح يظهر على الساحة مرة أخرى، وأصبحت الصحف الحكومية تظهر صوره بشكل غير معتاد وهو يقوم بجولات تفقدية، كما حدث بتاريخ 25 نوفمبر 2019م
السيسي بعد 20 سبتمبر 2019م، أصبح مختلف تماماً عن السيسي قبلها، فالسيسي أيقن الخطر ويقوم الآن بإعادة رسم خارطة جديدة لحكمه، وبدأ يستمع لأصوات المعارضين داخل المؤسسات السيادية، الذين يرى أنهم هم التهديد الحقيقي عليه وعلى نظامه، لذلك يقوم الآن بمحاولة إعادة رسم شكل جديد لنظام حكمه لكي يستمر لسنوات عديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.